السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كثر الجدل حول رؤية الرجل للمرأة ما يجوز منه وما لا يجوز، فبعضهم يحرم النظر إلى المرأة مطلقاً، وبعضهم يفصّل في ذلك، والبعض يقول: إن النظر المحرم هو المشاهدة الحية في التلفاز أو الشارع، أما الصور الفوتوغرافية فلا شيء فيها إذا أمن الفتنة على نفسه؛ لأن القاعدة في ذلك الفتنة والشهوة، أما إذا لم تكن فتنة ولا شهوة فلا بأس، كما أنه لا دليل على حرمة النظر في الصور –هكذا يقولون-.
ونريد من فضيلتكم تبيين الحكم بالتفصيل عن حكم مشاهدة مثل هذه الصور سواء حية أو مصورة، خاصة في القنوات والإنترنت والمجلات، كما أرجو من فضيلتكم توضيح الأمر إذا كان النظر لمجرد حب الاستطلاع ليس إلا، وكذلك ما حكم مشاهدة الصور الكاريكاتورية –المرسومة باليد- خاصة الصور النسائية سواء عارية أم غير ذلك؟
وفقكم الله وسدد خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
يحرم على الرجل تعمد النظر إلى المرأة الأجنبية أو إلى صورتها سواء كانت الصورة تعرض حية على الشاشات من خلال محطات التلفزيون أو القنوات أو الإنترنت أو غير ذلك، أو كانت الصور ثابتة في المجلات والجرائد والإنترنت والصور (الفوتوغرافية) وغيرها، ويدخل في ذلك الصور المرسومة باليد؛ لقوله –تعالى-:"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم..." [النور:30]؛ ولأن ذلك النظر يسبب الفتنة ويجر إلى الفاحشة.
وقد بدأ الله –سبحانه وتعالى- في الآية السابقة بالأمر بغض البصر قبل الأمر بحفظ الفرج؛ لأن مبدأ الفاحشة من قِبل البصر فإن النظر المحرم من دواعي الزنى، وقد نهى الله عن مقاربة الزنى ومخالطة أسبابه ودواعيه فقال –تعالى-:"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً..." [الإسراء:32].
والنظر المحرم كذلك من خطوات الشيطان، وقد نهى الله عن اتباع خطوات الشيطان فقال –تعالى-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" [النور:21].
والواجب على المسلم أن يغض بصره بقدر ما يستطيع؛ للآية السابقة "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم"؛ ولما ثبت في الصحيحين البخاري (2465) ومسلم (2121) مرفوعاً "إياكم والجلوس على الطرقات فإن أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها: غض البصر وكف الأذى" وفي الحديث الآخر "يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة" رواه أحمد (22991) وأبو داود (2149) والترمذي (2777) بسند حسن، ويستثنى من تحريم النظر إلى الأجنبية ما رُخص فيه كنظر الفجأة ونظر الخاطب إلى مخطوبته، وما دعت الضرورة إليه مثل العلاج الطبي إذا تعذر من يقوم به من النساء، أو في حالة الإنقاذ من غرق أو حريق أو نحو ذلك.
وقد اُبتلي بعض الناس بتعمد تتبع صور النساء في الإنترنت وغيرها، ولا شك أن النظر إلى تلك الصور وسيلة إلى التلذذ بها ومعرفة ذات الصورة وجمالها وهو يسبب الفتنة بها.
فالحاجة ماسة إلى تذكيرهم بتقوى الله –عز وجل- وجهاد النفس في ترك تلك المعصية وحفظ أبصارهم، فإن حفظ البصر هو أصل حفظ الفرج، وحبس البصر أيسر من دوام الحسرات كما ذكره ابن القيم في كتابه: (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) الذي بين فيه آثار المعاصي وعقوباتها المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة، وهو جدير بالقراءة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.