بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- هلال وسليم في أفريقيا :
من بطون قيس الكبيرة هلال وهم من هوازن وهم كبني سليم شعبة من ذلك القسم الرئيسي من قيس المعروف بعكرمة ، وقد أنفصل بنو هلال عن أصولهم في الأزمان الأولى كفزارة .
ويؤرخ برسيفال لهلال بن عامر فيقول إنه كان حياً سنة 414م ، وكانت مساكنهم في القرن السابع مع أقربائهم بني سليم قرب الطائف في السهل الذي يقع شرق الجبل الفاصل بين تهامة ونجد وبعد الإسلام رحلت قبائل منهم إلى سوريا ، ويظهر أن صحراء العرب إنما سميت بذلك نسبة لهم كما يقول المؤرخ الألماني دختي ، ويذهب هذا المؤرخ إلى أن هلالا هذا هو بطل خرافي ظهر في قلب نجد ويلصق به دائما كل ما يتعلق بالخرافة ، وفي القرن العاشر حين أصبح الفاطميون سادة شمال إفريقيا ونشروا نفوذهم على مصر والشام في سنة 381هـ - سنة 991م حين تم لهم هذا دع الخليفة الفاطمي العزيز سنة 365- 386هـ ، 675- 996م قبائل هلال وسليم إلى النزول بمصر فهبطوها وأنزلهم الصعيد .
نزل من هلال أثبج ورياح وزغبة ومعقل ، وجشم وقرة وكان بعض من سليم نزل قبلا سنة 109م وما بعدها وسكنوا الحوف الشرقي في شرقية بلبيس كما ذكرنا آنفاً . وقد اندمجوا جميعاً حتى كانت سنة 437هـ 1045م ، بدأت قوة الفاطميين في الأضمحلال وثار عليهم المعز بن باديس زعيم بربر صنهاجة ، حينئذ أرسل الخليفة المستنصر أبو تميم سنة 444هـ - 1049م إلى بني هلال وسليم يمنحهم أرض المغرب أرض المعز بن باديس ذلك العبد الآبق ، نحن الآن إزاء هجرة العرب من مصر إلى المغرب في طول شمال افريقية فقد ذهبوا كالجراد المنتشر تحت رياسة بني هلال وكانت فزارة في برقة فاتحدت معهم وسار الجميع صوب تونس وقد فصل ابن خلدون القبائل التي صحبت هلالا من غطفان وقبائل أخرى من قيس وكيفية مقاومة المعز لهم ، لكن هذه المقاومة لم تفلح ، فتوغل بنو هلال وسليم في تونس وطرابلس وقد تصاهروا مع القبائل البربرية وامتزجوا بهم على طول السنين وقلت حروبهم معهم بل اضمحلت تماماً .
وقد ظهرت في الحروب الأولى شخصية أبي زيد الهلالي ذلك البطل المغوار وصاحب الشهرة الذائعة بين فلاحي مصر والسودان ، وقد امتزجت صنهاجة وكتامة بالقبائل العربية وعلى الأخص اليمنية منهم وتحولوا على مر السنين إلى ما يسميه الأفرنج الآن ( المورز) ويعنون بهم المغاربة ، وقد أجلى الموحدون كثيراً من هلال وصنهاجة إلى الأندلس ، ومنذ أيام ابن خلدون سنة 808هـ - 1405م إلى أيام لاون الأفريقي سنة 960هـ - 1552م كانوا في المغرب والجنوب وكان قلاوون قد استعان بهم في فتح دنقلة كما كانوا على عهد ابن خلدون لهم بقية بالصعيد .
ويصف المقريزي كثرتهم شرق عيذاب ويذهب لين بول في كتابه عادات مصر : أن الجعافرة في الصعيد بطن من هلال أعتماداً على ابن خلدون ، كما ذهب فريق منهم للسودان .
أما سليم فقد ترك معظمهم مصر في الهجرة الكبرى سنة 444هـ - 1051م لكن بقى فريق منهم كان في غاية القوة في القرن الثالث عشر في البحيرة والفيوم ومصر العليا وقد امتزجت سليم بالهوارة حتى أصبح من الصعب التمييز بينهما على رأي ابن خلدون ، وقد فصل ليون الأفريقي القبائل العربية في الشمال الأفريقي ما بين النيل والمحيط الأطلسي سنة 960هـ - 1552م وقال إن هلالا وسليما كانتا على عهده في غاية القوة خصوصا في الجزائر وطرابلس وقد عد المدني في كتابه بطونهم وأفخاذهم الموجودة الآن فيها ،
نسوق للقارئ القبائل فقط :
1- قبائل أثبح ، دريد ، كرفه ، عمور ، الضحاك وعياد ، لطيف
2- قبائل جوشم ، عاصم ، مقدم ، جوشم
3- قبائل رياح / مرداس ، علي ، عامر ، سعيد
4- زغبة / مالك ، يزيد ، حصين ، عامر ، عروة
5- قبائل معقل وعدى / صقيل ، محمد
من سليم :-
1- ذباب / أولاد أحمد ، بنو يزيد ، صبحة ، حمادنة ، خارجة ، أولا شاوس ، سليمان ، النوائل ، أولاد سنان .
2- قبائل هيب / سالم ، بنو لبيد ، شماخ
3- قبائل زغب / زغب
4- قبائل عوف / مرداس ، علاق
قبائل مندمجة في سليم ، ناصرة ، قرة ، عزة
وفي ما سب من أفخاذ سليم التي هاجرت من طرابلس إلى مصر من بداية القرن الحادي عشر الهجري إلى قبيل الوقت الحاضر .
2- وتنقسم سليم إلى فخذين كبيرين ، الكعوب وأبو الليل ، والكعوب فكانت مساكنهم ما بين قصر سرت شرقا وحدود تونس غرباً ، وبعضها أخذ طريقه إلى تونس واستوطن بها وهي أربع قبائل كبيرة ، الرفلة ، وأولاد سليمان ، وطرهونة ، والمحاميد ، من الأخيرة فريق في تونس ، كما أن فيها فريقا من الكعوب بنفس الاسم وهي قبائل صغيرة اندمجت في القبائل الكبيرة واندمج بعضها في ملك الساحل .
أما أبو الليل فهؤلاء المسمون الآن بالسعادي نسبة إلى امرأة تسمي سعدى من زناتة بنت عظيم من عظمائهم ، أخذت في حرب باديس وتزوج بها زعيم سليم إذ ذاك أبو الليل ، وهؤلاء يسكنون بين قصر سرت غرباً وعقبة السلوم شرقا ، وتنقسم أولاد سعدى إلى ثلاث قبائل ، براغيث وعقاقرة وسلالمة ، أما السلالمة أو بنو سلام فهم ثلاث قبائل تسكن الآن جميعا في مصر وهم الهنادي وبني عونة والجبالية ، وقد نزلوا القطر المصري من طرابلس في أواخر القرن الثاني عشر الهجري .
والعقاقرة أو بني عقار قبيلتان ، أولاد على أكبر القبائل العربية في مصر ومقرهم مديرية البحيرة وقد جاءوا بعد بني سلام في أواخر القرن الثاني عشر الهجري ، قم الحرابي وهؤلاء خمس بطون البراعصة بالفيوم والعبيدات بالجبل الأخضر والدرسة والحاسة وأولاد فايد فريق منهم في مصر وآخر في طرابلس والبراغيث خمس قبائل ، العرفاء أولاد عريف بطرابلس ، والفوائد في مصر والرماح أغلبها بمصر ، والعبيد بطرابلس ، والجبارنه أولاد جبريل وهم ثلاث بطون العواقير في طرابلس والجوازي في مصر والمغاربة في طرابلس ومن المغاربة عرب عبد الله بن وافي حاصب الوقائع مع المماليك وكان مقره في التيتلية من ضواحي منفلوط كما اسلفنا ، وقد قتل ابن موافي سنة 1105هـ ، والعواقير جميعاً بطرابلس وكان بينهم وبين الجوازي عداء مستحكم ، فكانوا يشنون الغارة بعضهم على بعض حتى كانت سنة 1864هـ ذهب الجوازي لقتالهم ثم صالحوهم على أن يغزوا جميعاً مصر فكانت ثورتهم التيى طاردتها الحكومة فذهبوا بزعامة عمر بك المصري لغزو دارفور فأوقع بهم ملك الفنج وقتلهم تقتيلاً وأسر زعيمهم وأرسله مع هدية عظيمة لسعيد باشا متشفعاً فعفا عنه سعيد باشا وأقطعه أرضا واسعه في غرب مديرية المنيا ولا يزال مقر القبيلة الرسمي هناك .
تلك هي أهم قبائل سليم التي سكنت مصر وأول مجئ هذه القبائل كان في أوئل القرن الثاني عشر الهجري ، فالمغاربة عرب أبن وافي وطرهونة عرب أبي كريم ، والمحارب وبنو سلام وأولاد علي من العقاقرة وفدت على مصر بالتتابع وبقى باقي قبائل سليم في الجبل الأخضر حتى حرب الطليان الأخيرة حيث تفرقوا شذر مذر .
والجبل الأخضر اسم طابق مسماه ، إذ كيف توجهت وقع بصرك على مروج خضر كالزمرد وغاب أشب ملتف عظيم السرح فينان الدوح ، يسير الراكب مساوف طوالا بالايام لا بالساعات وهو في ظل الشجر ويروى عن سيدنا عمرو بن العاص أنه لما فتح مصر ومنها سار إلى برقة وطرابلس وفتحهما لم يعجبه مكان الجبل الأخضر وقال لولا أموالي بالحجاز ما اخترت مكانا للإقامة إلا الجبل الأخضر ، طوله من الشرق إلى الغرب 12 يوماً بالجبال يسير كل يوم من ست إلى سبع ساعات ، فلما توجت رغبة الطليان إلى استعمار هذا الجبل أجلوا عنه جميع قبائل العرب التي تسكنه وأخذوا أرضهم غصباً وأودعوهم في مكان لا ماء فيه ولا كلأ .
المرجع / قبائل العرب في مصر
للسيد أحمد لطفي
مع تحيات الأستاذ / مطر الثبيتي
وشهركم مبارك