"
تغيب عن ذاكرة 14 شخصاً نجوا من الموت بأعجوبة شجاعة أحد الوافدين وهو ينقذهم من الغرق الواحد تلو الآخر، بعد أن طمرتهم المياه داخل سياراتهم في أحد الشوارع المنكوبة التي تضررت نتيجة للأمطار والسيول التي شهدتها جدة أول من أمس.
البطل الباكستاني الذي لم تحدد معلومات اسمه، نتيجة لتخليه عن ملابسه التي يرتديها، (إذ كانت تحمل كل بياناته)، لينقذ عدداً من الأشخاص من الموت المحقق، ما زال غير معروف ترتيبه في أرقام المتوفين، البالغ عددهم حتى أمس 77 شخصاً، إلا أنه ضرب أروع أمثلة البطولة، لينقذ الغارقين في مياه الأمطار والسيول.
الحادثة التي شهدها كيلو 11 في طريق مكة القديم، روى تفاصيلها بعض الناجين ممن أنقذهم الوافد الباكستاني، وشهد تفاصيلها مركز صحي الهجرة بجوار بلدية أم السلم، وهي كانت نموذجاً لعدد من الحوادث المشابهة، التي ذهب ضحيتها عدد من الأبرياء، بعد أن غمرت مياه الأمطار والسيول سياراتهم بالكامل، إلا أن الموقف البطولي وسيناريو الحدث الذي نفذه المتوفى الباكستاني (الذي حددت الكشوفات الطبية عمره بـ 27 عاماً) قد لا يتكرر في الحوادث الأخرى، التي شهدتها بعض شوارع جدة، خصوصاً في طريق الحرمين، والمواقع المحاذية له شرقاً. وتصف إحدى الممرضات الحال النفسية، التي انتابت منقذي الوافد الباكستاني، الذي غرق في المياه بعد إنقاذه 14 شخصاً بالسيئة، «بعد تأكدهم حين إجراء الفحوصات الطبية بأنه فارق الحياة، من أجل إنقاذ أرواح الآخرين».
إلى ذلك، لم يكن يدور في حسبان العريس منصور العتيبي بأنه سيقضي مع عروسه صباحه بعد كم ليلة من الزواج فوق سطح بناية منزله الذي يسكنه، وذلك بعد أن فوجئ سكان مجمع فلل أم الخير بحي النخيل بدخول مياه الأمطار إلى الغرف وامتلائها بها، ما دعا ساكنيها للفرار إلى «الأسطح» و«البلكونات».
وقال منصور العتيبي الذي تزوج حديثاً لـ«الحياة»: «بعد تسرب مياه الأمطار إلى داخل المنزل شعرت بحدوث تماس كهربائي ورائحة أسلاك ما دعاني إلى إقفال «طبلون» الكهرباء الخاص منعاً لحدوث أية حرائق متوقعة». ولفت إلى أنه بحث عن مكان آمن ليحمي عروسه من اجتياح المياه واستعراض ما يمكن أن يفعله أمامها، ليصبح في موقف محرج أمامها، بعد أن أبلغه العاملون في الدفاع المدني بحماية أنفسهم والتصرف إلى حين وصول إحدى فرقها بعد ساعات من تلقي البلاغ.
وأوضح انه تم إنقاذ 3 أشخاص بواسطة «الطراد المائي»، فيما أخلي سكان 60 فلة في المجمع وإنقاذ المحتجزين ممن حاصرتهم المياه، لافتاً إلى أن مياه الأمطار اختلطت بمياه الصرف الصحي «المجاري» ما سبب انتشار روائح كريهة، إضافة إلى حدوث طفح المجاري في الشارع.
))الحياة((