من الطبيعي أن يحب ذلك الشاب تلك الفتاة فمن الصعب أن تردد تلك الكلمات فلان لفلانة
و فلانة لفلان و بعد سنين الطفولة والدراسة الجميلة وبعد أن أنهى الشاب دراسته
الجامعية شجعه ذلك على التقدم لخطبة فتاة أحلامه و لما يتحلى به الشاب من صفات و
أخلاق كانت الموافقة من طرف أهلها مباشرة و بعد أيام الخطبة أتى ذلك اليوم
الحلم ...اليوم الذي اجتمع كل المهنئين فيه وبعد حفل جميل اتجه بعده الزوجان إلى قفص
الزوجية الذي طالما انتظراه بفارق الصبر وبعد شهر العسل أيام تمضي وكل يوم يمر
تزداد المحبة بين الزوجين ويزداد التعلق لدرجة لا توصف . الرجل لا يغادر بيته إلا لعمله
أو للضرورة كذلك بالنسبة للفتاة ... كيف يستطيعان الذهاب و الافتراق و إحداهما لا
يستطيع العيش بنصف قلب؟!! الكل لاحظ ذلك التعلق العجيب ... كل منهما يتحدث عن
الآخر و كأنه رمز للرومانسية .. الفتاة عندما تتحدث معه هاتفيا تنسى كل شئ وكأنه
سحر خطف قلبها و بالنسبة للرجل كان تقريبا مثل ذلك أن لم يكن أكثر . كانا كثيرا ما
يتعانقان فإذا أراد أن يقول لزوجته أحبك ترد عليه قبل أن ينطقها و أنا أكثر ... حقيقة كانا مثالاَ رائعا َ للحياة الزوجية .
و في ذلك اليوم المشؤوم وبينما كان الرجل يقود سيارته اتصل بزوجته وسألها : هل
أحظر معي شيئا َ ؟؟ فأجابته : لا حبيبي لقد أعددت لك الأكلة التي تحبها تعال بسرعة قبل
أن تبرد .. فما كان منه إلا الاستجابة و بعد دقائق وصل وبعد تناول الطعام جلس يشاهد
التلفاز فتأتي زوجته قليلا َ فيتبادلان أطراف الحديث ثم بدأ الزوج بإسماع زوجته تلك
الكلمات الحانية وما هي إلا ثوان فإذا بعناق طويل وبكلمات جميلة كأنهما عاشقان قد طال
بهما الفراق وما هي إلا ساعة حتى غطا في نوم عميق ......
في صباح اليوم التالي استيقظ الزوج من نومه فإذا بزوجته الحبيبة متوسدة ذراعه ..
يسحب يده برفق حتى لا يوقظ محبوبته .. فيرتدي ملابس عمله ويرى زوجته كالملاك
نائمة نوم العصافير .. لم يتحمل المنظر فسقطت دمعة من عينيه على خدها المبتسم ..
لكنه تفاجأ بأنها لم تحس بها !!! وضع يده على خدها وكالصاعقة يجد خدها الناعم
كالثلج .. يمسك رأسها بيده ويضرب خدها برفق : أرجوك استيقظي يا حبيبتي ..
أرجوووك يا أميرتي ....... لكن لا إجابة..! لا حركة ..! تتجمع الدموع في عيون الزوج
ولكنه لا يريد أن يفكر بالأمر ... هل تركتني حبيبتي ؟! .. هل تركتني أميرتي ؟!.. لم
يستطع المقاومة بكى بشدة وحضن حبيبته بقوة لا تتركيني لوحدي .. خذيني معك ..
أرجوووووووكي لكن لا فائدة ... ذهبت من غير رجعة وبعد ساعات من العناق يرن جرس
الهاتف فإذا بالمتصل أخيه .. يخبره عن القصة .. يأتي بسرعة ومعه سيارة الإسعاف و
بعد أطول يوم مر على هذا الزوج أتى يوم الفراق .. أنزلت الزوجة في تلك الحفرة ورفض
الزوج أن يكون معها لعلمه بأنه لا يستطيع مفارقتها وبعد أن دفنت إلى مثواها الأخير
تماسك الزوج إلى أن وصل إلى حد لا يعلم بها إلا الله فقد دخل في غيبوبة استمرت ثلاثة
أسابيع .. خرج منها رافضا َ لكل معاني الحياة وهذه السنة الرابعة تنقضي على موت
معشوقته وهو لا يزال رافضا َ رفضا َ قاطا َ كل محاولات أهله للزواج ويقول دائما َ
لأهله : ذلك منزلها ..... ولن يشاركني فيه غيرها !!!!