[align=center]
عبدالله الفيصل
شـــــــــــــــــاعر أعطى للشجن نبــــــره!
عبدالله الجفري لا أكتب - هنا - عن الشاعر الرقيق الأمير "عبدالله الفيصل" رحمه الله، لأول مرة.. فقد كنت في كل مرة أجلس فيها إليه، أحس أنني أكتب سطراً ملفتاً عن: التجربة في الحياة.. وعن "بوح" الوجدان في حداء القلب!
وهذا الشاعر المميز.. قد حظي بالتفاتات عربية وعالمية، من خلال تقييم النقاد العرب لشعره، وامتزاج شعره بالموسيقى العربية: تلحيناً لبعض قصائده.. ومن خلال الاهتمام بشعره في أوروبا بحصوله على: (وسام باريس)، وعلى الدكتوراة الفخرية من الأكاديمية العالمية للثقافة والفنون بتايبيه، وترجمة شعره إلى اللغات
العالمية: الإنجليزية والفرنسية والروسية
والشاعر "عبدالله الفيصل": كلما صاغ قصيدة جديدة، كان يحس ان الفرح يشكل خطوط صدره، في اللحظة الحميمية المشعة وجداً وشجناً وبوحاً.. وهو بدون الشعر، لم يكن يجد للحياة صدى ولا ذكرى ولا نكهة ولا ملامح لصيقة بوجدانه!
إن "الشعر" في كيان "عبدالله الفيصل" يعبر عن:
الثقة لديه نحو مكونات الحياة: الحب، الأمل، الموت!!
=========
وفي ديوانه (مشاعري): نجد تلك المكونات التي بدأت مع تفجر موهبته الشعرية، وتبلورت في ديوانه الأول: (وحي الحرمان)، وتعمقت في معاني هذا الديوان النبطي:
- يا طول حرماني.. عيوني تراعيك
وعن ما تريد الروح.. تقصر يديني!
إن الشاعر يتألم منذ اطلع "وحي الحرمان"، وحتى تلألأ في "حديث قلب"، وإلى ان استقر في (مشاعره).. لأنه أراد التعبير عن الحب وتجسيده بألوان قوس قزح!
ورؤيته للحياة.. كانت تنطلق من شطط الناس في مادياتها، حتى ابتعدوا عن جوهرهم، وفقدوا القدرة على التعبير عن الحب ومظالمه!
- وكان يقول لي، كلما تقدمت للسلام عليه:
- أنت ما زلت تكتب؟! إذن، فأبدأ كتابتك بنداء: "يا حبيبي" وسوف تواصل الكتابة بعد ذلك بلا ملل!
- وفي كل مرة اسأله: فقط.. يا حبيبي؟!
- ويجيبني: الناس يحتاجون إلى الحب.. إنهم في حاجة إلى من يذكرهم بعواطفهم التي ضاعت منهم في زحمة الماديات وغربة الروح!!
=====
-إن (التطبع) في شعر الأمير "عبدالله الفيصل" ينحاز إلى الرومانسية، والتحليق في أجواء الشفافية والعاطفة المتقدة.. ممزوجاً ذلك كله بفلسفة "الحرمان" التي طلع بها الشاعر في قصائده الأكثر وبالرمز الذي كان ينشر به قصائده باسم: محروم!
ولكن "الحرمان" في بلورة العاطفة وجلوتها، لم يكن محدوداً في الماديات.. بل كان مترفعاً وحافلاً بمعاني المعاني!
ويذكرنا الشاعر "عبدالله الفيصل" في انبعاثه الإنساني - الشعري.. بالشاعر الفرنسي "ايلوار" الذي وضع رؤية الحياة ونجوى الحب في قالب الذكرى، وصاغ هذه الصورة في قصيدة عن الفنان المشبع بحس الحياة والنابض بعنف الموت والمسترسل في دفء الحب:
لا خير في حب به النفس: تنداس
أصونها، وأرضى الحياة العصيبة
اعتضت عن حلو الرجا منك.. بالياس
هذا نصيبي.. يوم كل ونصيبه!
إنه "دائم الحب لم يزل" مثل قلبه الخفاق.. يتحدث عن الفقر النفسي والعاطفي، ويصفه بأنه: الكارثة والأكثر قسوة وايلاماً من الفقر المادي!
وقد تشكلت (مشاعر) الأمير الشاعر "عبدالله الفيصل" من هذا الحرمان.. وفيه عاش حياته يمنح الحب للآخرين دوماً ويقول:
- لكن نهايتي مع الحب أو نهايته معي: مؤسفة.. وهذا سبب من أسباب تكويني كشاعر!!
ان تصير شيئاً:
يذكرني الأمير "عبدالله الفيصل" في شعره كمضمون.. بعبارة الشاعر الإسلامي الكبير "إقبال"
القائلة:
- "ليس منتهى غاية الذات ان ترى شيئاً.. بل ان تصير شيئاً"!
بمعنى: ان تستشرف الحقيقة الروحية.. الحقيقة الميتافيزيقية.. المواقف الثابتة!
العشق روح، والنسيان مادة.
نحن الذين ننكر ما نشعر به أحياناً - في طبيعة العصر المادي - لأننا نخاف استمرارية أي شيء فينا ولنا، لئلا نلتزم به.. فالالتزام: كلمة قناعة والكلمة: معنى، والمعنى: ينبض بالروح.. بالإيمان!
فهل تسمحون لي الآن ان أحزن قليلاً من أجل غياب عاطفة الإنسان؟!
وهل تسمحون لي الآن ان أحزن قليلاً من أجل غياب لحظة الصدق في التلقي لبوح شاعر؟! لقد تموهت الكلمة الصادقة.. ولكنها لم تغب، ولن تغيب!
ونتلفت إلى الشعر: أين هو الشعر.. لماذا الشعر؟!
الآن الشعر يكاد ان يسقط!!
الآن "حبة الفاليوم" أصبحت بديلاً عن بيت شعر.. كما قال شاعر جلس يشكو تحول الزمان إلى نثر رديء؟!
=========
- ذات صباح قبل عدة سنوات، ولم يكن المرض يسكن جسده: أقبلت على شاعرنا الأمير "عبدالله الفيصل" في مجلسه الصباحي.. استروح من أحاديثه نداوة الكلمة الشاعرة، وأتزود من حواره باحساس مشترك يجمعنا.. يجمع كل عاشق للكلمة في سرحة الروح عندما تتحدث عن المعاني.
- سألت الشاعر عبدالله الفيصل: إنني أتساءل مع كثيرين أحبوك شاعراً: إلى متى الحرمان في شعرك.. الا يجددك الحب؟!
- أجابني وهو يردد بيتاً من شعره، فقال:
وكم طافت عليَّ ظلال شك
اقضَّت مضجعي واستعبدتني
ولابد ان يملأني الشجن حينذاك.. فقلت:
- ان الغبطة ذاتها.. قد أصبحت صدفة في حياة الإنسان!
إذن.. لقد عشنا مع الشاعر الذي جعل للشجن نبرة وللخفقة نداء يهمس.. مع الشاعر الذي كان - وما تعب - يفتش عن الإنسان الذي تصدقه الأحاسيس ويصدقها!
نحن هنا.. كل واحد منا وكل واحدة: لن يكونا وحدهما، ولكننا جميعاً مع ذلك السر الذي نكتمه أحياناً (عل يوماً نعود للوصل فيه).. كما يقول شاعرنا الكبير!
===
أغالط فيك سمعي:
- والسؤال الذي يطرح نفسه بحق:
- ترى.. ما هي الأسئلة التي يمكن ان توجهها (المرأة) إلى شاعر رومانسي، قد اصطبغ أكثر شعره بلون الحزن الأرجواني، وحفلت صوره الشعرية بالبوح عن الحرمان والحب والعاطفة النبيلة المشبوبة في الإنسان؟!
إن الأمير "عبدالله الفيصل" هو بلا شك يمثل تاريخاً طويلاً في تجربة الحياة والعمل، وفي هذا الاحساس الذي غزله شعراً غنائياً مموسقاً برغم نبرة الحزن التي تشيع في أكثر صوره.[/align]