العودة   منتديات عتيبه > الأقسام الخاصة بالقبيلة > منتدى الجزيرة العربية التاريخي

منتدى الجزيرة العربية التاريخي خاص بتاريخ وأشعار قبائل الجزيرة العربية من بادية وحاضرة

إضافة رد
كاتب الموضوع ރسلايـل المجـدރ مشاركات 19 المشاهدات 7085  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
قديم 08-12-2008, 07:32 AM   #1
معلومات العضو

عضو ادارة

رقم العضوية : 4152
تاريخ التسجيل: Jul 2006
مجموع المشاركات : 6,081
الإقامة : على شداد ابوي وجدي
قوة التقييم : 31
ރسلايـل المجـدރ is on a distinguished road
حركـة الإخوان (نجـد) من البـدايـة إلى النهـايـة

[align=center]حركة الاخوان ( نجد ) من البدايه الي النهايه[/align]

[align=right]أنا أعلم جيدا بأن الموضوع قد يكون طويلا ومملا ,,, ولكنه لن يكون كذلك لمن يهتم بتاريخ هذه الحركه أو من يريد أن يكتسب معلومات قيمه عنها.

وأحببت أيضا أن يكون هذا الموضوع مرجعا للأخوه في هذا المنتدى.

ولهذا أحببت أن أنقل اليكم هذا البحث الدقيق جدا لحركة الأخوان.

[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

الإخوان في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود (1328 ـ 1349هـ) = (1910 ـ 1930م)

[mark=00CC99]تمهيد [/mark]

شغلت حركة الإخوان المؤرخين والمحللين السياسيين، داخل شبه الجزيرة العربية وخارجها، مدى عقدين من الزمن؛ كما كان للحكومة البريطانية والشريف حسين، كذلك، رؤية خاصة لهذه الحركة وأبعادها السياسية. وقد تناقضت الآراء في الحكم عليها وعلى ما حققته، وهل كان أفضل للملك عبدالعزيز إعداد هذه القوة، التي أفادته عسكرياً، وإن سببت له متاعب سياسية، أو أن الاستغناء عنها كان الأفضل؟ وعلى كل، فإن حركة الإخوان، بما لها وما عليها، تُعدّ جزءاً من تاريخ الملك عبدالعزيز آل سعود، وتأسيس المملكة العربية السعودية.

وقد عرِفت شبه الجزيرة العربية، على مدى عقدين من الزمان، حركة الإخوان، ظاهرة دينية وقوة سياسية عسكرية، كان لها دلالتها وخطرها. وقد وصفها الملك عبدالعزيز، بقوله: "إن حركة الإخوان، هي أنقى حركة دينية معاصرة". ولا شك أن الملك عبدالعزيز، استعان بهذه القوة الدينية العسكرية في حروبه لتوطيد حكمه، وتوحيد قبائل شبه الجزيرة، وبسط الأمن على أرجائها. فأدت الحركة دورها بكفاءة وصدق وإخلاص. ولكن، عندما عجزت حركة الإخوان عن استيعاب متغيرات العصر، ومتطلبات المرحلة الجديدة، التي من أهمها استعانة الملك عبدالعزيز بوسائل الحضارة الحديثة، والاستفادة من تقنيتها، حدث الصِّدام بين الحركة والملك عبدالعزيز، مما أدى إلى المواجهة الحربية، وإلى هزيمة الإخوان، والقضاء على حركتهم، في معركة السّبَلَة، في 19 شوال 1347هـ الموافق 30 مارس 1929م.


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=00CC99]حركة الإخوان وتأسيس الهُجَر[/mark]

[mark=0099FF]1- نشأة الحركة[/mark]

من طبائع البدو وتركيبتهم النفسية، أنهم متقلبون يصعب الاعتماد عليهم من الناحية السياسية، خاصة في وقت الحروب والمعارك. فطبيعة البدوي تجعله يقدم مصلحته الخاصة قبل كل شيء. لذلك، فأهم ما يعنيه من الحرب، هو ما تحققه له من غنيمة أو نفع ذاتي، قبل المبدأ أو الهدف أو الغاية. لذا، فالبدوي لا يرى منكراً في الانسحاب من المعركة، إذا رأى أنها تسير على غير مصلحته؛ وقد لا يرى غضاضة في الانضمام إلى الخصم، إن كان هذا الانضمام يُحقق له فائدة أكبر. وإلى هذا المعنى، أشار الرّحالة اللبناني "أمين الريحاني"، الذي كان صديقاً للملك عبدالعزيز، وحين وصف البدو في زمنه قائلاً: "البدو سيف في يد الأمير اليوم، وخنجر في ظهره غداً. مجاهدون إذا قيل غنائم، متمارضون إذا قيل الجهاد. وكذلك كانوا عند ظهور عبدالعزيز وفي حروبه الأولى وغزواته. وكانوا يحاربون ما زالوا آمنين على أموالهم وأنفسهم، ويفرون شاردين عند أول خطر يلوح. لذلك كان ابن سعود يقدمهم في القتال ويدعمهم بالحضر، يحمي ظهورهم ليأمن انقلابهم وتقهقرهم. فهم إذ ذاك أشداء ثابتون في النضال. وبكلمة أخرى هم شجعان إذا كان لهم ظهر. وإلاّ فالفالتة لنا والفرار علينا. جاء في أمثال العرب: البدوي إذا رأى الخير تدلى وإذا رأى الشر تعلى. ولكن البدوي وحده يدافع عن نفسه وبعيره (وقبيلته) حتى الموت وإن كان خصمه قبيلة بأسرها. أما البدوي في الجيش فقد كان مشكل ابن سعود الأكبر" ; .

وكان للملك عبدالعزيز في مجريات الأحداث، التي وقعت لأسلافه عظة وعبرة، في كيفية التعامل مع القبائل البدوية. فقد عانى حكام آل سعود، من قبل، من تقلب ولاءات تلك القبائل. وأدرك الملك عبدالعزيز، أنه لن يستطيع أن يستثمر قوة البدو الهائلة، ما لم يحدث تغيراً في طباعهم وسلوكهم، يستفيد منه بتحويل سلبياتهم إلى إيجابيات. فأعمل فكره في تحويلهم من حياة السّلب والنّهب وعدم الاستقرار، إلى لون من الحياة المستقرة. حياة تنقلهم من مسلك البداوة المنفلت الحر، إلى مسلك التّحضر المقيد. ولن يحدث هذا التحول، ما لم يستقر البدو في حياة متوطنة وآمنة.

بدأت الفكرة تأخذ واقع التنفيذ فيما سُمي "الهُجَر"، وهي مستوطنات أُعدت لسكن البدو. واشتق اسمها من الهجرة، التي تعني ترك الوطن، الذي بيد الكفار، والانتقال إلى دار الإسلام. فذلك ما فعله النّبي، عليه الصلاة والسلام، والمسلمون الأوائل، في هجرتهم من مكة إلى المدينة. فاستغل الملك عبدالعزيز فكرة التوطين، بإعطائها عُمقاً دينياً، يستثير من خلاله العاطفة الدينية في نفوس هؤلاء البدو.

كانت البادية وطناً لهؤلاء البدو، ولكنه وطنٌ يخلو من حياة تعين على التّدين، فضلاً عن الجهل بأمور الدين والشرع، إذ لا تعليم ولا مساجد ولا وعّاظ ولا دعاة. وتغلب على وسائل العيش فيها طرق السلب والنهب. لذلك، فالهجرة من البادية المُعِينة على البُعد من الدين، تُعدُّ هجرة إلى الله والتوحيد. وهي، كذلك، هجرة مدنية. فمن بيوت الشّعر، إلى بيوت من لبن وحجر، ومن الفقر والغزو إلى أرض تعطي صاحبها الخير، إذا أعمل فيها المحراث، ومن الخوف وتوجس الأعداء إلى طمأنينة وسلام، لمن يظل عاملاً مفيداً لنفسه وبلاده.

والداعي إلى الهجرة، إذن، أمران؛ ديني: يهدف إلى تعليم البدو أمر دينهم، ودنيوي:يؤدي إلى نفعهم بأرض يحرثونها فيملكونها. ولكن، لم يكن سهلاً أن يألف البدوي حياة الاستقرار والزراعة.

باشر الملك عبدالعزيز مشروعه الإصلاحي الكبير بالوسائل الدينية، أولاً. فكان يرسل الدعاة والوعاظ (المطاوعة) إلى البادية، ليعلموا أهلها أُسُس الدين الإسلامي، وما فرضه الله عليهم من العبادات والفرائض. ويزيّنوا لهم هجر ما هم فيه إلى إيمان خالص يستشعرونه، وبيت مستقر يأوون إليه، وأرض خَيّرة يحرثونها.

وقد عمد الملك عبدالعزيز، في تنفيذ مشروعه، إلى شيء من القوة المدنية. فكان السيف يتقدم الداعي الديني "المطّوع"، في بعض الأحايين، أو يتبعه كما تقضي الأحوال. فتجاوز التطور في البدو حدّه الديني، "فصاروا يهجرون ما هم فيه ليس إلى الله والتوحيد فقط، بل إلى الشريعة والنظام، وطاعة الحكام، واحترام حياة الأنام" .

ولعل هذا النزوح من البادية إلى "الهُجَر"، كان أقرب ما يكون إلى اتخاذ موقف إيماني جديد؛ فهي هجرة عقلية أساساً. "فالهُجَر" لم تكن مشروعاً زراعياً فحسب، بل بناءً فكرياً نفسياً عسكرياً عقائدياً، وَجَدَ في تلك المستوطنات ما يدعمه ويقويه ويُنمّيه. فمن هذه الهُجَر، ومن رجال البادية هؤلاء، تَشكل ما عُرف بـ "جيش الإخوان"، وكان كل مقاتل يتدبر أمر عتاده وركوبه، فرسه أو بعيره، ويحمل سيفه وخنجره، وقليل منهم من كان يملك بندقية.

فبهؤلاء المقاتلين، ومعهم جيش الجهاد (رجال الحاضرة)، نجح الملك عبدالعزيز في إخضاع كل القبائل، التي استمرت تقاتل بالأسلوب البدوي. وهزم القوات العثمانية النظامية، وكذلك جيش الشريف حسين، على الرغم من مدافعه وطائراته وخبرائه. كما اقتنعت بريطانيا بتجنب قوات الملك عبدالعزيز، التي يشكل الإخوان عمودها. ولذلك، كان الملك عبدالعزيز مزهواً، وهو يقول: "إن ورائي ما لا يقل عن "أربعمائة ألف مقاتل، إن بكيت بكوا، وإن فرحت فرحوا. وإن أمرت نزلوا على إرادتي وأمري. وإن نهيت انتهوا. وهؤلاء هم جنود التوحيد، إخوان من أطاع الله ".

وقد كانت هتافات الإخوان: خيّال التوحيد .. أهل التوحيد .. أخو من أطاع الله.

هبت هبوب الجنة .. وين أنت يا باغيها ..
يا ويل عدو الشريعة منا .. إياك نعبد وإياك نستعين ..

وقد تحدث الريحاني عن تقسيمات الجند أو المجاهدين، في الهُجَر، مبيناً طبيعتها الدينية والعسكرية، "فهناك الجهاد، والجهاد مَثْنَى، والنفير. فالذين يلبون الدعوة للجهاد هم دائماً مسلحون، وعندهم مطايا وشيء من الذخيرة، أي هم القوة الدائمة. والجهاد مَثْنَى، هو أن يجيء كل مجاهد بآخر يردفه على ذلوله (بعيره) أي الاحتياطي المباشر، ويكون عدد قوة المجاهدين ضعف عدد الجهاد غير مَثْنى. أمّا القسم الثالث، النفير، فهم الذين يبقون في أيام الحرب في الهُجَر، ليداوموا أعمال التجارة والزراعة ،غير المقاتلين، ولا يُدْعَون للحرب إلاّ إذا اضطر صاحب البلاد إلى الاستنفار العام" ، أي يمثلون التعبئة العامة.

وكان الهجرة أو المعسكر كله، مهما بلغ حجمه، منضبطاً، إذ يوجد في كل مسجد كشف بأسماء المصلين فيه، أي مجموع الذكور البالغين في المنطقة المحيطة به. وإذا عرفنا أن هذا الكشف يُراجع خمس مرات في اليوم لإثبات الحضور والغياب، أدركنا أيضاً أن الملك عبدالعزيز، اكتشف أسرع وسيلة لاستدعاء الاحتياطي .

وقد أشار الريحاني إلى أن الدعوة إلى الجهاد والجهاد مَثْنى، من حق الإمام وحده. أمّا الاستنفار العام، الذي لا يكون إلاّ للدفاع عن الوطن، فهو حق العلماء، عندما يكتب السلطان إليهم معلناً حاجة البلاد إلى الدفاع، فيبادرون إلى استنفار الناس أجمعين، البدو الحضر والمهاجرين .

وعندما تحدث الملك عبدالعزيز عن الهُجَر وفكرة إنشائها، كان حديثه مركزاً على شرح طبيعتها التطوعية أو الفدائية. فقد وصف الإخوان قائلاً: "يجيئوننا في السلم، فنعطيهم كل ما يحتاجون إليه من كسوة ورزق ومال، ولكنهم في أيام الحرب، لا يطلبون منّا شيئاً. في أيام الحرب يتزنر (أي يتحزّم) الواحد منهم ببيت الخرطوش، ويبادر إلى البندق، ثم يركب الذلول (البعير أو الناقة) إلى الحرب ومعه شيء من المال والتمر" .


[mark=0099FF]2- تأسيس الهُجَر[/mark]

أُسست في عام 1330هـ/1912م، أول هجرة لعرب مطير، الذين يقودهم فيصل بن سلطان الدّويش، في موقع يُسمى "الأرطاوية"، قرب الزلفي، وهي تُعد أكبر الهُجَر، وأهمها منزلة. ثم تبعت الأرطاوية هُجَر لعدة قبائل تؤسس كل سنة، فهجرة "الغطغط"، بالقرب من الرياض، لقبيلة عتيبة بزعامة سلطان بن بجاد بن حُميْد، وهُجَرة "دخنة" لقبيلة حرب، و"الصَّرَّار" لقبيلة العجمان بقيادة ضيدان بن حثلين. وازداد عدد الهُجَر حتى بلغ أكثر من سبعين هُجَرة، عُرف سُكّانها بالإخوان. وقد نال سبب التسمية اهتماماً كبيراً من المؤرخين والدارسين لحركة الإخوان، خَلُصَ أكثرهم إلى الدلالة الدينية المرتبطة بالمصطلح، في قوله تعالى:وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .

لم يخلُ تأسيس الهُجَر من خلق بعض المشاكل للملك عبدالعزيز. فهؤلاء البدو، الذين انسلخوا عن حياة البداوة، وباعوا جمالهم، وتحولوا إلى الإقامة في الهُجَر، لم يكن لهم من عمل يشغلهم أيام السّلم سوى الصلاة والذكر والعبادة. وكانوا يربطون رؤوسهم بالعِصَابة البيضاء التي تميزهم عن غيرهم من الناس، أي من غير الإخوان.

ولكن الملك عبدالعزيز نجح في حلّ هذه المشكلة، حين استعان بالعلماء، الذين بحثوا في التاريخ، وأخبار السلف، فسلّحوا بها الدعاة (المطاوعة) المتوجهين إلى الهُجَر. فمضى المطاوعة هؤلاء يحاربون البطالة والكسل، ويعلِّمون "إخوان الهُجَر" أن الزراعة والتجارة والصناعة لا تنافي الدين، وأن المؤمن الغني القوي خير من المؤمن الفقير الضعيف.

وقد أفلح الدّعاة والوُعّاظ في تحبيب العمل والكسب إلى الإخوان. فشرعوا يزرعون الأرض حول الهُجَر ويتاجرون. فنشأت بعض هذه القرى سريعاً وصارت تباري جاراتها القديمة في الزراعة والتجارة. "على أن الزراعة والتجارة لم تُضْعف في أبناء هذه الهُجَر، من الإخوان، روح القتال، بل علمتهم فوق شجاعتهم شجاعة جديدة لا تعرف الخوف، ولا تهاب الموت. وما الشجاعة هذه إلاّ وليدة الإيمان الجديد الحي القوي. فإن إخوان مطير في الأرطاوية مثلاً، وإخوان حرب في دخنة، وإخوان عتيبة في الغطغط، لأشد جيوش ابن سعود بأساً، وأبسلهم نضالاً وأسبقهم إلى الاستشهاد" .

وأخيراً نجح الملك عبدالعزيز في إعداد جيش قوي من المجاهدين، يُحركهم صدق العقيدة، ورياح الجنة، بعد أن كانت تحركهم الأطماع والرغبة في السّلب والنّهب. وقد وصفهم الملك عبدالعزيز في هذه المرحلة أصدق وصف حين قال: "القليل عندنا يقوم مقام الكثير عند غيرنا ... كنا نمشي ثلاثة أيام من دون طعام. يأخذ الواحد منا تمرة من حين إلى حين يرطب بها فمه ... نعم كانت الحاضرة أثبت قدماً وأشد بأساً من البادية. أمّا الآن، فالبادية المتحضرون أهل الهُجَر هم في القتال أثبت من الحاضرة، وأسبق إلى الاستشهاد" .


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=00CC99]الخلاف بين الإخوان والملك عبدالعزيز[/mark]

[mark=0099FF]1- بداية الخلاف [/mark]

على الرغم من بسالة الإخوان وشجاعتهم وصبرهم، إلاّ أنهم أورثوا الدولة مُشْكلاً مُعقّداً كاد يُفسد المشروع الإصلاحي العظيم. فقد طغى الإخوان وتجبروا، وأخذوا يحاربون من لم يتحضر من البدو فيكفِّرون، وينهبون، ويقتلون. "أنت يا بدوي مشرك، والمشرك حلال الدم والمال. أنت يا أبا العقال من الكفار، أنا أخو من طاع (أطاع) الله، وأنت أخو من طاع (أطاع) الشيطان".

كما أصبح كل "أخٍ" متعصب بالعصابة البيضاء يستطيع أن يسطو على غيره فيُعيّر، ويشتم، ويسفك الدماء. وقد انتشرت من جراء ذلك الفوضى في البلاد، وكاد يُقْطع حبل الأمن والسلام، وضج الناس منهم.

عقد الملك عبدالعزيز، في سنة 1337هـ/1919م، مؤتمراً، في الرياض، للنظر في هذه الأمور، حضره كبار الرؤساء والعلماء، وقرروا بعد البحث ما يأتي:


أ- الكفر لا يُطلق على بادية المسلمين الثابتين على دينهم.

ب- لا تفاوت بين لابس العقال ولابس العمامة، إذا كان معتقدهما واحداً.

ج- لا فرق بين الحضر الأولين والمهاجرين الآخرين.

د- لا فرق بين ذبيحة البدوي، الذي في ولاية المسلمين، ودربه دربهم، ومعتقده معتقدهم، وبين ذبيحة الحضر الأولين والمهاجرين.

هـ- لا حق للمهاجرين أن يعتدوا على الناس، الذين لم يهاجروا كأن يضربوهم، أو يتهددوهم، أو يلزموهم الهجرة.

و- لا حق لأحد أن يهجر أحداً، بدوياً كان أو حضرياً، بغير أمر واضح، وكفر صريح، ومن دون أذن من ولي الأمر أو الحاكم الشرعي.


وقد ضُمِنّت هذه القرارات منشوراً صدر عن الملك عبدالعزيز والعلماء، في شأن مخالفة الإخوان للشرع .

[mark=0099FF]2- المواجهة[/mark]

عقب انتصار الإخوان على جيش الشريف حسين، في معركة تربة ، في 25 شعبان 1337هـ/ 25 مايو 1919م، وجد الإخوان أنفسهم محط الأنظار وفي دائرة الضوء. فالظروف السياسية التي أدّت إلى تلك الأحداث، والمواجهة العسكرية التي أسفرت عنها، دفعت بحركة الإخوان إلى الساحة الدّولية. فقد كان البريطانيون ينظرون إلى حركة الإخوان، أول أمرها، على أنها ظاهرة دينية داخلية، لا تهدد المجتمع الدولي أو المصالح البريطانية، على الرغم من سمعتها المرعبة في النفوس. ولكن عقب انتصار الإخوان العسكري على قوات الشريف حسين النظامية، واجه العالم الخارجي خطراً عسكرياً وعقائدياً حقيقياً .

وبينما الملك عبدالعزيز يسعى جاهداً للإبقاء على خياراته السياسية والعسكرية مفتوحة، في مختلف المجالات والأصعدة، كان الإخوان يدفعون بالأحداث إلى مجاري الأزمات والتصعيد. فوقفوا موقفاً معادياً من حاكم الكويت، انتهى بمنع الإخوان جميع المسلمين من التعامل بالبيع والشراء مع الكويت أو حتى زيارتها إلى أن تثوب إلى رشدها، وتتخلى عن تراخيها في الأمور الدينية والأخلاقية، وترجع إلى المسار الإسلامي الصحيح .

وبعد معركة تربة، ضد شريف مكة، في 25 شعبان 1337هـ/ 25 مايو 1919م، ومعركة الجهراء ، ضد سالم بن مبارك الصباح، في 26 محرم 1339هـ/10 أكتوبر 1920م، خاض الإخوان معركتهم الأخيرة ضد ابن رشيد، في حائل، في 1340هـ/ 1921م، وأصبح لهم شأن عسكري، ووزن سياسي.

وبدأ الإخوان في الثورة العسكرية، فقادوا حملات، عقب سقوط حائل، 1340هـ/1921م، أدّت إلى فتح كل من الجوف ووادي السّرحان، في الشمال. وبعد أن سيطر الإخوان على الأطراف الشمالية لشبه الجزيرة، بدأوا يتطلعون إلى السيطرة على فلسطين وسورية. وكذلك، لم يترك الإخوان حدود شرق الأردن تنعم بالهدوء، فأغاروا على المدن القريبة من عمّان، وقتلوا من قاومهم، بلا هوادة أو رحمة، وطاردهم البريطانيون بالطائرات، وقتلوا عدداً كبيراً منهم.

وقد أدّت الهجمات، التي قادها الإخوان على جيرانهم في الشمال، إلى اتفاق إنجليزي ـ نجدي، في شـأن الحدود بين نجـد والعراق، عُقد في مؤتمر "العُقير"، في 12 ربيع الثاني 1341هـ/ 2 ديسمبر 1922م. وكان هذا الاتفاق مُقيداً لحركة الإخوان، وعلى حساب طموحاتهم.

بدأ التوتر يزداد بين الإخوان والملك عبدالعزيز، عندما غاب عن الإخوان البُعد السياسي، الذي كان يرمي إليه الملك، من اتفاقية العُقير مع البريطانيين. فقد رأى الإخوان فيها ضرباً من موالاة الكفار، على حين كان الملك عبدالعزيز يسعى، من طريقها، إلى تحييد الإنجليز، في صراعه مع الشريف حسين، في الحجاز. فكان أن ترأس الملك عبدالعزيز، في أواخر عام 1342هـ/ يونيه 1924، مؤتمراً، في الرياض، حضره علماء نجد، ورؤساء القبائل والقرى، وزعماء الإخوان. وكان محور المؤتمر شكوى الإخوان، من أن الشريف حسين منعهم من أداء فريضة الحج.

وفي هذا المؤتمر، تحدث زعماء الأخوان، وفي مقدمتهم سلطان بن بجاد المُلقب بسلطان الدين، وقالوا: إنهم كانوا على استعداد للذهاب إلى مكة، لأداء الفريضة، بالقوة إن استدعى الأمر ذلك. وطالب الإخوان الملك عبدالعزيز بقيادتهم، لمواجهة الشريف حسين وجهاده. وبذلك حصل الملك عبدالعزيز على فتوى شرعية، لشن الحرب على الشريف حسين، لضمان حرية أداء فريضة الحج. وهكذا، صدر، عن مؤتمر الرياض، قرار بغزو الحجاز.

فصدرت الأوامر إلى قوات الإخوان، المتمركزة، بالفعل، في تربة والخرمة بالاستعداد. كما صدرت الأوامر إلى قائديها الشريف خالد بن منصور بن لؤي، وسلطان بن بجاد، بالتحرك نحو الطائف. وزُوِّدت القوات بأمر الهجوم على الطائف، عقب انتهاء موسم حج عام 1342هـ.

وفي صفر 1343هـ/ سبتمبر من عام 1924م، هاجمت قوات الإخوان، بقيادة الشريف خالد بن لؤي، بعض القرى الصغيرة، حول مدينة الطائف . وقُدِّر عدد المقاتلين بنحو ثلاثة آلاف مقاتل. فدمروا القوات الهاشمية، التي كانت تفوقهم عدداً وعتاداً وتدريباً، وهرب قادتها تَارِكين المدينة وسُكانها، لمواجهة مصيرهم.

وعلى كل، فقد استولى الإخوان على الطائف، وفعلوا ما يفعله، عادة، الجند المنتصرون، حين يستبيحون البلدة، فيقتلون وينهبون. فاضطر أهلها إلى الفرار منها. وقد بلغت أنباء مذبحة الطائف أسماع الملك عبدالعزيز، وهو ما يزال في الرياض، فأصدر أوامره، من الفور، بإيقاف أعمال العنف.

وإن كان الإخوان قد ارتكبوا أعمالاً من العنف في الطائف، إلاّ أنها كانت كافية لسقوط مكة والمدينة، بعد شهر من ذلك، من دون إراقة للدماء. فقد سبقت صور العنف والبطش الإخواني، المبالغ في روايتها، إلى أهل الحجاز، الذين باتوا يأملون في التسليم، حفاظاً على أرواحهم. وبعد أن أذن الملك عبدالعزيز لقائديه بالتقدم نحو مكة، التي خرج منها الشريف حسين وأخلاها، دخل أربعة آلاف من الإخوان مكة، محرمين خاشعين، ولكنهم يحملون السلاح، في 18 من ربيع الأول عام 1343هـ/ 18 أكتوبر 1924م. ولم يواجهوا أي مقاومة، ولم يطلقوا رصاصة واحدة، ولم يسلبوا أو ينهبوا، ولكنهم هدموا القِباب.

وهكذا، أدّى سقوط الطائف ومكة ـ بجهد الإخوان ـ إلى تحديد مصير الحجاز، وإنهاء حكم الأسرة الهاشمية، في شبه الجزيرة العربية .

وعندما أحكم الإخوان سيطرتهم على مكة، كان الملك عبدالعزيز وقوّاته في طريقهم من الرياض إلى الحجاز، لم يبلغوا بعد منتصف الطريق.

وخلال هذه الفترة، كان القائدان، الشريف خالد بن لؤي وسلطان بن بجاد، قد حسما الأمر، في مكة، مع القناصل الأجانب في جدة، ومع أعيان الحجاز وممثلي الدول الكبرى، قبل وصول الملك عبدالعزيز إلى الحجاز.

استسلمت المدينة المنورة، في 19 جمادى الأولى 1344هـ/ 5 ديسمبر 1925م، بعد حصار دام عشرة أشهر. واستسلمت جدة، بعد ذلك بشهر، عقب حصار دام عاماً كاملاً. ولكن، لم يكن للإخوان دور عسكري في استسلام هاتين المدينتين، بل منعوا من دخولهما. وعندما بدأ الإخوان يسببون حرجاً للملك عبدالعزيز، كان أفضل قرار يتخذه هو أن يعيدهم إلى نجد، معززين مُكَرّمين، معهم غنائم الحرب.


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=0099FF]3- تصاعد الأحداث [/mark]

كان الإخوان يريدون مواصلة المسيرة الدينية الظافرة، وقد أحسوا أنهم عنصرٌ غير مرغوب وجوده في الحجاز، وأنهم عمليا منعوا من دخول المدينة المنورة وجدة، وأن علماء نجد الوهابيين أخذوا مكانهم، وأنهم ـ أي الإخوان ـ لم يعد لهم مكان في مجتمع الحجاز المتحضر.

وفي عام 1343هـ/ 1925م، أعلن فيصل الدّويش ومجموعة من الإخوان، الخطوط العريضة لخلافهم مع الملك عبدالعزيز. كان ذلك خلال أول احتفال لهم بأواخر شهر رمضان في مكة المكرمة، وقد حضر الاجتماع الشريف خالد بن لؤي، وبعض كبار قادة الإخوان البارزين.

وبدأ تطرفهم الديني يُسَببُ حرجاً للملك عبدالعزيز. مثال ذلك، أنهم عارضوا أبواق المحمل المصري، لأن عزف الموسيقى في المشاعر المقدسة، في أيام الحج، حرام. فهجموا على المحمل، مما حدا بحراس المحمل أن يدافعوا عن أنفسهم، ويفتحوا عليهم النار، وذلك في موسم حج عام 1344هـ/1926م. وأدّى الحادث إلى توتر في العلاقات بين مصر والملك عبدالعزيز، قطعت على أثره، العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مدة عشر سنوات.

وهكذا، أُعيد الإخوان إلى نجد مُستائين من الملك عبدالعزيز، ومن البريطانيين الكفار، ومن أهل الحجاز (الكفار) أيضاً، ومن (كفار) العراق والأردن. رجعوا إلى قواعدهم، في نجد، يحملون في أنفسهم قنابل موقوته تستعد للانفجار. فقد شعروا أنهم، تحت قيادة فيصل الدّويش وسلطان بن بجاد، حققوا للملك عبدالعزيز حلمه في فتح الحجاز، وأنه بسيوفهم وصل إلى ما هو فيه، من مجد واستقرار.

وأحس قادة الإخوان الثلاثة: فيصل الدّويش، وسلطان بن بجاد، وضيدان بن حثلين، أن ظلماً وحيفاً حاقا بهم. وكان الدّويش قد تحول إلى أسطورة، بين الإخوان والقبائل الرعوية، الرحل والمستقرة. وكذلك، كان ابن بجاد، يٌعد بطلاً يخشاه الناس، كما يخشون أتباعه من الإخوان. وقد عُرف ابن بجاد بين اتباعه مسلماً مخلصاً، وأميناً لمبادئ الدعوة الإصلاحية للشيخ محمد بن عبدالوهاب. وبالمثل، كان ابن حثلين لا يُخفي عدم ارتياحه من الملك عبدالعزيز، الذي قمع قبيلته العجمان، في الأحساء.

كانوا ثلاثتهم يعارضون الملك عبدالعزيز، ويتخذون لتلك المعارضة سبباً ظاهراً، هو أنه أدخل الاختراعات الحديثة والبدع إلى البلاد، وأنه حرّم الغزو، الداخلي والخارجي.

وفي نهاية عام 1344هـ/ 1926م أصبحت مطالب الإخوان أكثر تحديداً. ففي المؤتمر، الذي عُقِد في الأرطاوية، وحضره زعماء الإخوان، من مطير وعتيبة والعجمان، حصروا خلافهم مع الملك عبدالعزيز في الآتي :


أ- عدم قبولهم إرسال الملك عبدالعزيز ولده الأمير سعود إلى مصر، التي يحتلها الإنجليز النصارى، ويسكنها مسلمون كفار. وكان قد سافر إليها لتطبيب عينيه، ولتحسين العلاقات المتوترة معها.

ب- عدم قبولهم إرسال الملك عبدالعزيز ولده الأمير فيصل، إلى لندن، في مهمة سياسية، بلد الشِّرك.

ج- رفضهم استخدام السّيارات والبرق (التلغرافات) والهواتف (التليفونات). ورأوا أنها بدع نصرانية، من عمل الشيطان.

د- رفض مبدأ المكوس (الضرائب)، التي يأخذها الملك عبدالعزيز من التجار والجمارك، في الحجاز ونجد.

هـ- الاحتجاج على سماح الملك عبدالعزيز لعشائر شرق الأردن، بالرعي في أراضي المسلمين (شبه الجزيرة العربية).

و- الاحتجاج على منع المتاجرة مع الكويت؛ لأن أهل الكويت إن كانوا كفاراً حوربوا، وإن كانوا مسلمين فلماذا المقاطعة ؟


وكان المخاطب بإظهار هذه المخالفات هُمْ السُّذج من أتباعهم، يوغرون بها صدورهم على الملك. وتعاهد الزعماء على أن يكونوا يداً واحدة في محاربة الكفر. فانتشروا يبثون دعاويهم بين الناس.

ورداً على انتقادات الإخوان ومطالبهم، التي طرحوها، عاد الملك عبدالعزيز من الحجاز إلى نجد، ليعقد اجتماعاً، في الرياض، مع زعماء الإخوان ورؤساء القبائل. وقد حضر هذا المؤتمر نحو ثلاثة آلاف شخص ، وفي ذلك الاجتماع، الذي جرى في 25 رجب 1345هـ/ آخر يناير عام 1927، أكد الملك عبدالعزيز من جديد ولاءه للشريعة، وأنه لم ينحرف عن مبادئها، وكرر أنه لا يزال قائدهم، الذي يعرفونه. وانتهى الاجتماع بإصدار فتوى من علماء نجد، ردّوا فيها على اعتراضات الإخوان، التي أثاروها، وكانت ترمي، في حقيقة الأمر، إلى إثارة الرأي العام، باسم الدين، ضد الملك عبدالعزيز.


وفيما يلي بعض ما جاء في الفتوى، التي أصدرها خمسة عشر من العلماء:

"أمّا مسألة البرق (التلغراف اللاسلكي)، فهو أمر حادث في آخر هذا الزمان. ولا نعلم حقيقته، ولا رأينا فيه كلاماً لأحد من أهل العلم، فتوقفنا في مسألته، ولا نقول على الله ورسوله بغير علم، والجزم بالإباحة والتحريم يحتاج إلى الوقوف على حقيقته. وأمّا مسجد حمزة وأبي رشيد، فأفتينا الإمام ـ وفقه الله ـ بهدمهما من الفور. وأمّا القوانين، فإن كان موجوداً منها شيء، في الحجاز، فيزال فوراً. ولا يُحْكم إلاّ بالشرع المُطَهَّر. وأمّا دخول الحاج المصري بالسلاح والقوة في بلد الله الحرام، فأفتينا الإمام بمنعهم من الدخول، بالسلاح، بالقوة، ومن إظهارهم الشِّرك وجميع المنكرات. وأمّا المحمل، فأفْتَيْنا بمنعه من دخول المسجد الحرام، ومن تمكين أحد أن يتمسح به أو يُقَبّله ...." .

نفّذ الملك عبدالعزيز التوصيات، التي أصدرها العلماء في الفتوى. فحرّم استعمال الراديو والتلغراف، في أجزاء محددة، في المملكة، مع أن العلماء لم يحرّموا استعمالها، بصورة قاطعة.

وكان الملك عبدالعزيز يأمل إزالة توتر الإخوان واعتراضهم على سياسته، أو على الأقل، تأجيل المواجهة معهم حتى حين.

وعقب انتهاء الاجتماع، تعاهد الإخوان، مرة أخرى، على نصرة الملك عبدالعزيز، وبايعوه قائداً وإماماً.

ولكن الأحداث عادت إلى سيرتها الأولى. فَعَقِبَ انفضاض المؤتمر، رجع الإخوان إلى مسلكهم الأول، وواصلوا غزو القبائل على حدود العراق. وكانت قبائل من شمر قد هربت بعد غزو حائل، من نجد إلى العراق، ثم انضمت إليها جماعات من الإخوان النجديين، وأُطلق على هذه المجموعة "الإخوان اللاجئون". وكانت هذه المجموعة شوكة في ظهر الملك عبدالعزيز، نتيجة لغزواتهم المتصلة ضد القبائل على الحدود العراقية.

ولمّا وجد الإخوان أنفسهم في فراغ من الجهاد والحرب، بدأوا يتطلعون إلى العراق كأقرب الأهداف المشروعة، التي تستحق الغزو. وسبب ذلك، أنّ قبائل العراق، في نظرهم، "كافرة"، والإخوان المساعدون لها (اللاجئون) خونة. وعندما بدأت غزوات الإخوان تأخذ طابع العنف، قررت حكومة العراق إنشاء مركز للشرطة، عند آبار "بُصَيّه" ،على حدودها مع نجد، لمنع الغزو على جانبيّ الحدود. ولكن الملك عبدالعزيز رأى أن إقامة هذا المركز وأمثاله، مخالف للمادة الثالثة من بروتوكول العقير، التي تنص على أن: "تتعهد الحكومتان النجدية والعراقية، كل من قبلها، ألاّ تستخدم الآبار الموجودة على أطراف الحدود لأي غرض حربي، كوضع قلاع عليها، وألاّ تعبيء جنداً في أطرافها". وسعى الملك للتفاوض مع البريطانيين، أصحاب الانتداب على العراق، حول إزالة هذه المخافر. ورأى الإخوان في إقامة تلك المخافر عملاً استفزازياً جديداً، من قِبل البريطانيين. وكان ذلك مبرراً كافياً للهجوم عليها. وقرر البريطانيون مطاردة المُعتدين، داخل أراضي نجد، فاحتج الملك عبدالعزيز على ذلك، كما أنه عاتب الإخوان على قيامهم بالغزو من دون إذن منه، وإن كان منطق الأحداث يجعل هذا الغزو، يُحقق للملك عبدالعزيز المعادلة المتوازنة في تجنب المواجهة المباشرة مع البريطانيين ، الذين كانوا يأملون في كفه أذى الإخوان عنهم.

وبينما الإخوان يركزون هجومهم، بصفة أساسية، على "الكفار"، كانوا يتهمون الملك عبدالعزيز بأنه باع نفسه للنصارى الإنجليز، وأنه تحالف معهم، ضد التزامه مع الأخوان على نشر الإسلام ومحاربة الكافرين. وحتى يتجنب الملك عبدالعزيز تصعيد الأحداث، وافق على الاجتماع إلى رؤساء الإخوان الثلاثة، في مدينة بريدة. ولكن عندما حان موعد اللقاء، تخوّف الطرفان من لقاء بعضهم بعضاً؛ فقد كان كل جانب يتشكك في الآخر. وتم الاتفاق على تأجيل الاجتماع، حتى يتمكن الملك عبدالعزيز من التباحث مع البريطانيين، في شأن خلافاتهم مع الإخوان. وبعد فشل المفاوضات، التي جرت بين الملك عبدالعزيز والسير جلبرت كلايتون، في جدة، تزايد تهديد الإخوان، بما أحرج موقف الملك عبدالعزيز. وأصبح مقتنعاً أن الدافع الرئيسي وراء تصرفات قادة الإخوان الثلاثة لم يكن غيرتهم على الدين، وإنما تطلعاتهم الشخصية إلى السلطة، وإرضاء شهوتهم للغزو. وكان يُقدر أنهم قد اتفقوا، فيما بينهم، على اقتسام الأسلاب بعد التخلص منه: يصبح فيصل الدّويش حاكماً لنجد، ويتولى سلطان بن بجاد حكم الحجاز، ويصبح ضيدان بن حثلين حاكماً للأحساء. وهذا التوزيع كان متوافقاً مع توزيع القبائل، ونفوذ كل شيخ من الشيوخ في المنطقة التي تخصه. ومع ذلك، وعلى الرغم من ازدياد الموقف حرجاً في نجد، لم يعد إليها الملك عبدالعزيز، من الحجاز، إلاّ في شهر جمادى الأولى من عام 1347هـ/ نوفمبر 1928م. وفي ذلك التاريخ، ساد التمرد العام بين الإخوان. فقد بدأوا يمارسون الغزو على هواهم، مما أدّى إلى شل حركة الملك عبدالعزيز في اتخاذ أي إجراء، داخلي أو خارجي. ولم يكن بوسعه الاعتراف أنّ الإخوان إنما يغزون من دون إذن أو تصريح منه، لأن ذلك سيكون اعترافاً صريحاً منه بعدم قدرته على السيطرة عليهم. ومع ذلك، لم يستكن الملك عبدالعزيز للهجمات الشرسة القاسية، التي كان الإخوان يشنونها على القبائل، تلك القبائل التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها. ولم يرض عن الانتهاكات الصارخة، التي قام بها الإخوان، للاتفاقات التي أبرمها مع الحكومة البريطانية .

وكان منطقياً أن ينفد صبر الملك عبدالعزيز عند هذا الحد من تصرفات الإخوان، خاصة بعد أن استجاب لمطلبهم، وحرّم استعمال الراديو، واللاسلكي والسيارات، واختراعات أخرى حديثه، في الرياض. ومن الواضح أن أياً من تلك الاستجابات لم تكن لتُرضي الإخوان. كما أدرك الملك عبدالعزيز أن قادة الإخوان يتمتعون بشعبية بين كثير من رعاياه، نظراً لنجاح كل من فيصل الدّويش وابن بجاد في الحملة التي قاما بها بين القبائل. فأذاعا أنهما يمثلان مصالح الإسلام الشرعية، وأنهما يدافعان عن قضية الدين، في حين أن الملك عبدالعزيز بعد أن استولى، بفضل شجاعتهم، على الحجاز، باع نفسه للإنجليز وللنصارى.

ومما لا شك فيه، أن مواجهة الإخوان أصبحت أمراً لا مفر منه. ومع ذلك، كان الملك عبدالعزيز يأمل، عندما يحين موعد هذه المواجهة، أن يحظى بمساندة أكبر عدد من رعاياه، وأن تكون قضيته واضحة لهم، تماماً.


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=00CC99]مؤتمر أعيان الرياض (الجمعية العمومية)[/mark]

كان رد الملك عبدالعزيز على اتهامات الإخوان ومطالبهم، الدعوة إلى عقد اجتماع يحضره العلماء وزعماء القبائل، رؤساء القرى والحواضر . وأُطلق على هذا الاجتماع اسم "الجمعية العمومية"، كما يُشار إليه، كذلك، باسم "مؤتمر أعيان الرياض". وقد بدأ المؤتمر، في 22 من جمادى الأولى عام 1347هـ/ 5 نوفمبر عام 1928م ، في الرياض، وسط جو من الشكِّ وعدم الطمأنينة. وانتهى بعد ذلك بعدة أيام، بتقوية قبضة الملك عبدالعزيز على زمام الأمور، إلى حدٍّ كبير.

[mark=0099FF]1- وقائع المؤتمر[/mark]

تلبية لنداء الاجتماع، وصل إلى الرياض آلاف من أهل القرى والحضر، والعلماء ومشايخ القبائل، والإخوان من الهُجَر. وتخلف عن الحضور زعيما الإخوان، سلطان بن بجاد وضيدان بن حثلين، أمّا فيصل الدّويش فأناب عنه ابنه عزيز(عبدالعزيز).

ولم تكن إتاحة الفرصة لكل من وصلوا إلى الرياض، لحضور المؤتمر أو التحدث فيه، أمراً ميسوراً، نظراً لكثرة عددهم. لذلك، أعدَّ القائمون على أمر المؤتمر قائمة تضم حوالي ثمانمائة مندوب، عُرضت على الملك، للموافقة عليها. وفي ضوء وصف تجهيزات المؤتمر ومحاضر الاجتماعات، التي نشرتها جريدة "أم القرى" ، يتضح أن وقتاً طويلاً، وجهداً كبيراً، أنفقا في التخطيط للمؤتمر. وحُددت شرفة كبيرة من شرفات القصر لتكون مكاناً للاجتماعات. وبعد أن وافق الملك عبدالعزيز على القائمة، التي قُدمت إليه، أمر بتوجيه الدعوة إلى كل عضو على حده. وتحدد موعد الاجتماع الساعة السابعة من صباح 22 جمادى الأولى عام 1347هـ/ 5 نوفمبر 1928م. وقد خُصِّصت غرف انتظار خاصة لكل جماعة من الجماعات. وروعي، في ذلك، وضع الحضر في قاعة واحدة، والزعماء الدينيين في قاعة أخرى، والإخوان في قاعة ثالثة. وقبل نصف ساعة فقط من بدء أعمال المؤتمر، جلس الملك عبدالعزيز في المكان المخصص له، يحيط به أفراد عائلته. ثم استدعى بعد ذلك المندوبين، طبقاً لمنازلهم. وبدأ العلماء، أولاً، بشغل الصف الأمامي من ناحيتي اليسار واليمين . وبعد أن جلس العلماء في أماكنهم، أُمر بإدخال الحضر والقرويين، الذين جلس بعضهم خلف العلماء، وبعض آخر في الخلف وعلى جانبي الشرفة. ثم أُمر بعد ذلك بإدخال الإخوان ورجال القبائل. وجلس الإخوان ورجال القبائل حسب الهجرة والقبيلة، صفاً بعد صف في مواجهة الملك. وقد استغرقت عملية الجلوس نحو خمس عشرة دقيقة تقريباً.

نهض الملك عبدالعزيز، بعد تقديم القهوة، وخاطب المؤتمر، مستعرضاً كفاحه، وكيف نصره الله بعون منه، ومعه أربعون من أصدقائه المقربين. ثم عرض على الاجتماع، أن يتنازل عن الحكم؛ لمن يختارونه من آل سعود. ولكنه أوضح للمؤتمر أنه لا يفعل ذلك خوفاً من أحدٍ منهم، أو جماعة، وإنما لأنه لا يريد أن يحكم أناساً لا يريدونه حاكماً لهم. وأشار إلى أفراد الأسرة المالكة الذين يحضرون الاجتماع، وطلب إلى المجتمعين أن يختاروا واحداً منهم لتولي الحكم، وأنه سوف يوافق على قرارهم . ولكن المندوبين رفضوا العرض رفضاً قاطعاً، وهم يصيحون "لن نرضى بغيرك بديلاً يحكمنا". وبعد ذلك مباشرة، وفيما يشبه الأداء المنظم، طلب الملك عبدالعزيز من الحاضرين أن يقولوا ما يريدون. ووعد بألا يُعاقب أحداً على ما سيقوله .

وعلى الرغم من أن المؤتمر كان قد عُقد من الناحية الشكلية، لمناقشة الأخطار، التي ترتبت على انتهاك البريطانيين لبروتوكولات العقير، وانتهاكهم لسيادة نجد من طريق الغارات الجوية، التي قاموا بها على القبائل، فإن كل من شهد المؤتمر كان يعرف أن موضوعه هو حسم الصراع بين الإخوان والملك عبدالعزيز.

[mark=FF0033]وتحدث[/mark] ممثلو العلماء في البداية . وأقسموا أنهم لم يكتشفوا قط أي فتور في غَيْرة الملك عبدالعزيز على الدين، أو إخلاصه لنشر الإسلام. وأردف العلماء قائلين: إن كان الملك قد ارتكب بعض الأخطاء، فذاك شيء طبيعي، لأن محمداً ـ هو الوحيد المعصوم من الخطأ. إن الأخطاء، التي ربما يكون الملك عبدالعزيز قد ارتكبها، لا تتيح لشعبه أن يدير له ظهره، أو أن يدير هو ظهره لشعبه. واختتم العلماء حديثهم قائلين: إنهم لم يشهدوا بما قالوه خوفاً من الملك، بل إحقاقاً للحق، لأنهم بوصفهم علماء يتعين عليهم إرشاد الناس وتوجيههم.

ثم تكلم بعد ذلك أعضاء من الإخوان . وكان المتكلمون الرئيسيون يمثلون نواباً عن فيصل الدّويش نيابة عن قبيلة مطير، وتكلم عن مشايخ قبيلة حرب كل من البحيماح، وعبد المحسن الِفرْم والطويي وابن بخيت. كما تحدث ابن ربيعان ممثلاً لقبيلة عتيبة، وابن عمار وابن حشر ممثلين لقبيلة قحطان. وأقروا كلهم بمساعدة الملك عبدالعزيز لهم، واعترفوا بقيادته واحترامه لضعافهم ومُسِنِّيهم، كما نسبوا إليه فضل بناء مساجد لهم في الهُجَر، وإرسال الدعاة لتعليمهم الدين الصحيح. لم يشكّوا أبداً في ذلك كله، ولكن، على الملك عبدالعزيز ألاّ ينسى أنهم تخلوا عن حياتهم الرعوية الترحالية، وهَجَروا قبائلهم، وثرواتهم، في بعض الأحيان، تلبية لندائه لهم باتباع الدين الصحيح، وأن يجاهدوا في سبيل الله، وأن سيوفهم ودماءهم هي التي جلبت له النصر . وكان من أهم المواجهات، التي دارت في المؤتمر، ما أوضحه قادة الإخوان من أنهم يريدون أن يستوضحوا بعض النقاط، قبل أن يتبعوا الملك عبدالعزيز، مرة أخرى، دون قيد أو شرط. والسبب في ذلك، أنهم يخشون غضب الله، أكثر من خشيتهم للملك عبدالعزيز.

وأثار الإخوان بعض الأسئلة، التي طرحوها على العلماء من قبل فردوا عليها؛ واقتنع بعض الإخوان بتلك الردود، ولكن بعضاً منهم لم يقتنع. وأصرّوا على طرح الأسئلة التالية على الملك عبدالعزيز، وعلى العلماء مجتمعين.


وأقسموا على أن يتبعوا ما يُفْتي به العلماء:

أ- مسألة البرق (التلغراف أوالأتيال). فهي من وجهة نظرهم نوع من الشعوذة والسِّحر. ولمّا كان الإسلام يحرِّم السحر، فهل يمكن للمسلم الحقيقي أن يستعمل التلغراف من دون أن يضر بالدين؟

ب- مسألة حض القرآن على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هل كان الملك عبدالعزيز يوفد الدعاة الدينيين إلى المناطق، التي كانوا يفتحونها لهداية أهلها، الذين كانوا يزعمون أنهم مسلمون، إلى الدين الصحيح؟لقد كانوا يخشون أن الملك عبدالعزيز قد بات متساهلاً في تلك المسألة.

ج- مسألة المخافر التي أنشأها البريطانيون في المناطق الحدودية بين نجد والعراق. لقد نفد صبر الإخوان في هذا الصدد. هل يعتقد الملك عبدالعزيز أن دينه أعطاه الحق لترسيم الحدود في المناطق التي كانت مملوكة لهم ولأجدادهم على مر الأجيال؟ وبعد أن التزم الملك عبدالعزيز بمثل تلك الحدود مع النصارى، كيف يسمح لهم بخرق المعاهدة، التي أبرمها معهم، وهي معاهدة تحظر إنشاء المخافر في مناطق الآبار؟إن مسألة المخافر لا يمكن السكوت عليها، أكثر من ذلك. وهم على استعداد لقبول حكمه في هذا الموضوع،

ولكن بالشروط التالية:

(1) أن يحصلوا من العلماء على حكم مؤسَّسْ على الشريعة، مفاده: إذا سكت الإخوان على ذلك الأمر، وترتب عليه إضرار بالدين أو المسلمين، فإنهم سيكونون أبرياء من الملامة أمام الله.

(2) أن يضمن لهم الملك عبدالعزيز، شخصياً، أنه لن يسمح بحدوث أي ضرر لهم، أو لدينهم أو لبلدهم، نتيجة لإنشاء تلك المخافر. وأردفوا قائلين: "إنه إذا لم يستطع ذلك، فإننا نقسم بالله إننا لن نسمح بقيام تلك المخافر طالما استمرت دقات قلوبنا، أو بقيت الحياة في واحد منا، لأننا نفضل أن نموت وأن نقتل جميعاً على أن نرى خطراً يُهدد ديننا وبلدنا ونسكت عليه".


د- مسألة منع الناس عن الجهاد. لِم فعل الملك عبدالعزيز ذلك؟ ولِم أوقف نشر كلمة الله؟

وبعد انتهاء المندوبين من إلقاء خطبهم، طلب الملك عبدالعزيز سماع المزيد من الآراء والانتقادات؛ ولكن أحداً لم يقل شيئاً، فنادى مرة ثانية وثالثة. ورد عليه المتحدثون بأنهم قد أفرغوا صدورهم من جميع التساؤلات. ثم أخذ الملك عبدالعزيز، بعد ذلك، في الرد على تلك التساؤلات. فطلب من العلماء ـ فيما يتعلق بمسألة البرق "التلغراف" والاختراعات الحديثة الأخرى ـ أن يتحدثوا في هذا الموضوع. فقرأ العلماء نصاً من فتوى سبق إعدادها من قبل، وتعبر عن رأيهم في ذلك الشأن، ومفادها أنهم لم يجدوا سبباً شرعياً للمنع في القرآن أو السنة، أو عند علماء الإسلام السابقين. ولذلك، ما لم يُقدم المُعارض لاستخدام هذه المخترعات دليلاً شرعياً على ما يقول، فإنهم لا يرون حرجاً في استعمال التلغراف والاختراعات الحديثة. وفيما يتعلق بالمسلمين المنحرفين عن الدين الصحيح، كرر الملك عبدالعزيز على أسماع المؤتمر أنه أرسل دعاة إلى كل مدينة وبلدة، بل إِنه أرسل مؤخراً دعاة إلى قبيلة في شمال الحجاز هي بني مالك. وقال للحاضرين: إذا كان مشايخ القبائل لا يؤدون ما عليهم في هذا الصدد، فإنه يتعين عليهم إبلاغه بذلك، وسوف يتصرف بناء على التوصيات التي سيرسلونها إليه. وعن مسألة المخافر، أبلغ المؤتمر أن تلك المخافر إنما أنشئت بسبب الغزوات، التي كان الإخوان يقومون بها. فقد كان البريطانيون يتهمون فيصل الدّويش بقتل رجال الشرطة. "أنا، الملك عبدالعزيز، لم أفعل ذلك، والبريطانيون يقولون إنهم أقاموا تلك المخافر خوفاً منكم" .

ورد الإخوان أنهم بريئون من أفعال فيصل الدّويش، وهم على استعداد لِقتاله بشرطين:

(1) أن يُدمر الملك عبدالعزيز المخافر، التي أُنشئت مؤخراً، والتي يرى الإخوان وجودها مسألة حياة أو موت، بالنسبة لهم.

(2) أن يعد البريطانيون بألا يحولوا بين الإخوان وأولئك الذين يرى الإخوان ضرورة معاقبتهم، من أمثال يوسف السعدون الزعيم العراقي.


وأردف الإخوان قائلين: إن المخافر تجرى تقويتها كل يوم، "ونحن نصارحك أن ديننا وحياتنا في خطر، وأن البريطانيين هم الذين بدأوا بالشر".

وعند هذه المرحلة، أدلى العلماء برأيهم في مسألة المخافر، ووقفوا إلى جانب الإخوان. وأبلغوا الملك عبدالعزيز أن المخافر تشكل خطراً على العرب والمسلمين، خاصة أهل نجد، ولا بد أن يفعل كل ما في وسعه لإزالة تلك المخافر. وأن الجهد الموجه لإزالة تلك المخافر لا يدخل في حكم الجهاد، وإنما هو دفاع عن الدين.


وصاح الإخوان ابتهاجاً برأي العلماء قائلين: "هل سمعتم ما يقولون. نستحلفك بالله أن تقول لنا رأيك في تلك المخافر؟ ورد عليهم الملك قائلاً: أنا أقول إن ما قاله العلماء صحيح، وأقسم إنني سوف أبت في الموضوع. وفيما يتعلق بمسألة الجهاد، فأنا أريد التحدث عنها في مكان آخر وعلى انفراد. ثم طلب إليهم أن يختاروا من بينهم خمسين شخصاً يمثلونهم ليجتمعوا معه، ويقول لهم رأيه في موضوع الجهاد، وأنهم سيتوصلون إلى بعض القرارات لإنهاء الموضوع. وفي ختام المؤتمر قال الملك عبدالعزيز للحاضرين: "أقول لكم جميعاً، كباراً وصغاراً، إن حياتنا لن تكتمل إلاّ بالسلام، الذي يضمن لنا حقوقنا الكاملة في الدفاع عن حقوقنا وتحقيقها. فإما الانتصار وإما الاحتضار دفاعاً عن مقدساتنا وأمتنا؛ وأنا أقطع على نفسي عهداً بذلك أمام الله " .

وانتهى المؤتمر بأن وقف الأمير سعود، الابن الأكبر للملك، يقدم لوالده الحاضرين من الضيوف، ليُقسم كل منهم قسم الولاء والطاعة من جديد. وبعد تناول العشاء، اجتمع الملك بممثلي الوفود الخمسين شخصاً، من الساعة الثانية مساءً حتى الساعة السادسة ، ولم تذع محاضر هذا الاجتماع، ولا المحاضر التي تلت ذلك عن موضوع الجهاد، سوى القول إن المجموعة، التي اجتمعت مع الملك عبدالعزيز، توصلت إلى قرارات جماعية تناولت موضوع الجهاد.

وانتهى المؤتمر بحصول الملك عبدالعزيز على تأييد كل من العلماء والإخوان له، في مواجهة تمرد القائدين، فيصل الدّويش وابن بجاد.


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=0099FF]2- الإخوان بعد مؤتمر الرياض[/mark]

عقب مؤتمر الرياض، الذي كان نصراً مبيناً للملك عبدالعزيز على زعماء الإخوان الثلاثة، وحَرِصَ أكثر الإخوان والعلماء والجماعات ذات التوجه الديني، على التزام الحياد في الصراع الدائر بين زعماء الإخوان والملك عبدالعزيز.

تجاهل زعماء الإخوان ما جرى في المؤتمر، وأذاعوا في القرى والهُجَر أنهم قائمون بأمر الشريعة والدين، التي يهدمها الملك عبدالعزيز.

وقد أرسل فيصل الدّويش إلى الأمير سعود بن عبدالعزيز رسالة، عقب مؤتمر الرياض، تدل على أن المؤتمر لم يحقق الراحة النفسية الدينية الجهادية، التي كان الإخوان يأملون فيها. وأن هويّتهم الدينية مازالت معرضة للخطر، حين منعوا من الغزو والجهاد. يقول الدّويش في رسالته:

"لقد منعتني أيضاً من غزو البدو. وعليه فنحن لسنا مسلمين نحارب الكفار، ولا عرب وبدو يغزو بعضنا بعضاً، ونعيش على ما يحصل عليه بعضنا من البعض الآخر. لقد باعدت بيننا وبين اهتماماتنا الدينية واهتماماتنا الدنيوية. صحيح أنك لم تفشل في أن تفعل كل ما في وسعك من أجلي ومن أجل أهلي وناسي، ولكن إلى أين تذهب بقية قبائلي. إنهم سيموتون، وكيف لنا أن نرضى عن ذلك. لقد كان من عادتك في الماضي أن تصفح عن كل واحد منا يرتكب خطيئة من الخطايا، ولكنك الآن تعاملنا بالسيف وتتغاضى عن النصارى، وعن دينهم وقلاعهم، التي أنشأوها من أجل تدميرك" .

لم تنجح الجهود المتكررة، التي بذلها الملك عبدالعزيز، لحل الخلافات مع القادة المتمردين، خاصة ابن بجاد والدّويش. ويرجع السبب في ذلك، إلى حدٍّ كبير، إلى الحقيقة التي مفادها أن كل واحد من الزعماء الثلاثة المتمردين، كانت دوافعه الأساسية مختلفة عن الاثنين الآخرين. ومما لا شك فيه، أن ابن بجاد كان مسلماً أميناً مخلصاً، يشعر بالقلق البالغ إزاء اتجاه البلاد نحو التحديث، والاتجاه نحو التعاون الوثيق مع النصارى

لم تنجح سلسلة الرسائل المتبادلة بين زعماء التمرد والملك عبدالعزيز في نزع فتيل الأزمة، ولا المحاولات العديدة لترتيب اجتماعات تلتقي الأطراف فيها وجهاً لوجه. وفي الوقت نفسه، استمرت غارات الإخوان، وزادت حدّتها.

ترك سلطان بن بجاد قريته الغطغط، لقربها من الرياض، وانضم إلى فيصل الدّويش في الأرطاوية. وأغار ضيدان بن حثلين على عرب العراق وبادية الكويت والزبير. وضج العراق من اختلال الأمن على حدوده مع نجد.

وبينما كان الملك عبدالعزيز ينشد تسوية من طريق المفاوضات ـ تكون أقل كلفة مالية، وتحافظ على العلاقات القبلية من خطر الصراع على السلطة ـ اكتشف أن الفرصة تفلت من بين يديه، لتختفي نهائياً عندما غزا الإخوان، في شهر رجب 1347هـ/ ديسمبر 1928م (أي بعد أقل من شهر على مؤتمر الرياض)، قافلة النجديين العزّل في الجميمة، فضلاً عن غزوهم أيضاً بعض أتباع قبيلة شّمر، التي كانت كلها من رعايا الملك عبدالعزيز. وقد ذبح الإخوان تجار القافلة، ولم يعد بوسع الإخوان أن يزعموا أنهم كانوا يهاجمون الكفار؛ وفي المقابل، لم يطق الملك عبدالعزيز أن يقف مكتوف الأيدي أمام تحدي زعامته وسلطته، حين تُشنّ هجمات، لا يطولها العقاب، على رعاياه .

لم يمضِ ستون يوماً على مؤتمر الرياض، حتى أفصح سلطان بن بجاد ـ في يناير 1929 ـ عن نيته في شن حرب مقدّسة ضد العراق، في تحدٍّ صارخ لكل من الملك عبدالعزيز ومؤيديه في مؤتمر الرياض. وتحرك مع قواته في اتجاه العراق، حيث انضم إلى عناصر فيصل الدّويش من إخوان مطير، وعناصر ابن حثلين من قبائل العجمان، التي كانت تشن غزوات متقطعة على قبائل المنتفق الرعوية.

وقد دفعت تلك الإغارات العراقيين إلى اتخاذ إجراءات تأديبية قاسية. وبمساعدة القوات الجوية البريطانية، بدأ العراقيون يقصفون الغزاة من رجال القبائل. وكانوا في بعض الأحيان يتعقبونهم إلى نجد، ويقصفون مخيماتهم وموارد مياههم. وكانت إحدى هجماتهم على قبيلة مطير في "اللصافة"، حيث أصيب عدد كبير من النساء والأطفال. فاضطر الملك إلى تقديم احتجاج شديد اللهجة إلى الحكومة البريطانية. ثم واصل محاولاته للتفاوض مع زعماء الإخوان، لكنهم كانوا يزدادون تعنتاً. وكثيراً ما رفضوا حتى المجيء إليه في الرياض. ولم يكن من غير المعتاد، أن ترى أعداد كبيرة من الإخوان المسلحين يدخلون إلى الرياض ويخرجون منها، معلنين بصراحة عن قوتهم، وعدم احترامهم للسلطة المركزية.


[mark=0099FF]3- اتساع فجوة الخلاف بين الملك عبدالعزيز والإخوان[/mark]

تصاعدت قوة الإخوان أكثر فأكثر، وازداد نفوذهم في الحياة اليومية. ويُروى أنهم جلدوا علناً رئيس الديوان الملكي، بسبب الشكِّ في أنه لم يؤد الصلاة مع الجماعة. وكانت جماعات منهم تجوب الشوارع وتتصرف بوصفها شرطة دينية، عينت نفسها لتعاقب كل شخص لا يتبع تعاليمها الصارمة. أمّا هم فقد تحلُّوا بأقصى ما يمكن من العزوف عن الحياة الدنيا؛ فَحَرّموا على أنفسهم كل متعة مهما كانت ضئيلة. وكانوا يصرّون على ارتداء الملابس الخشنة؛ ويعتبرون الناعم من الثياب بذخاً محرّماً. وكانوا لا يبيحون أي نوع من أنواع الحلي. وقد ذهب كثيرُّ منهم أبعد من ذلك، ورأى وجوب إزالة الخيوط الذهبية المنسوجة في عباءاتهم. وكان من المألوف أن يمسكوا بمن يظهر وشارباه غير محفوفين، أو ثوبه أطول مما هو معتاد، فيقصوا الزائد من شعره أو ثوبه. ولم يسلم الملك عبدالعزيز نفسه من موقف مثل هذا. فقد ورد أنه زار مرة فيصل الدّويش في الأرطاوية، فحياه مضيفوه بقولهم إن ثوبه كان أطول مما ينبغي، فقصوا ما زاد عن الحدّ المعتاد، والملك مرتدياً ثوبه .

وفي اليوم الثاني عشر من شهر رمضان 1347هـ/ فبراير1929م، والملك يتأهب للتوجه إلى الحجاز لأداء الحج، وردت الأنباء بأن قبيلتين من أعظم قبائل الإخوان، عتيبة ومطير، اجتمعتا في شمال القصيم، استعداداً لشن هجوم شامل على الأراضي العراقية؛ فأدرك عدم جدوى محاولاته إقناعهم بالطرق السّلمية، وأن الحركة التي أنشأها لنشر السلام والاستقرار في مملكته صارت أداة للعنف والفوضى. وقد أصبح واضحاً، كل الوضوح، أن القوة يجب أن تواجه بالقوة. فبدأ جلالته يستعد للحرب، وقلبه مثقل بالألم.

واستمر الموقف على تدهوره، وانتقل الملك عبدالعزيز إلى القصيم لمواجهة هذه الأزمة من ناحية، ولإعداد نفسه وتجهيزها لمواجهة عسكرية سافرة معهم، من ناحية أخرى. واتخذ لنفسه جنوداً من الحضر وسكان القرى، الذين كان عدد منهم يتحرق إلى مقاتلة الإخوان، ليس انتقاماُ لإخوانهم الحضر، الذين قاسوا من غزوات الإخوان فحسب، وإنما لضمان أمن مستقبلهم وسلامته.

وقد تبادل زعماء المتمردين الثلاثة الرسائل مع الملك عبدالعزيز، قبل إعلان الحرب عليهم، على أمل التوصل إلى تسوية من طريق التفاوض. واستمرت تلك الجهود إلى ما قبل الليلة السابقة لمعركة السّبَلَة، المعركة الفاصلة.

ظل الإخوان حتى اللحظات الأخيرة من عمر حركتهم، يأملون في الاستمرار قوة عسكرية دينية، تحت قيادة الملك عبدالعزيز. يواصلون فتوحاتهم وينشرون العقيدة الصحيحة. كما كان الملك عبدالعزيز يُدرك أهميتهم ودورهم، وأنهم قوته وسنده، وأنهم صادقون فيما أدوه من خدمات جليلة مقدّرة، خلال مسيرته العسكرية والسياسية. ولكن وجد الملك عبدالعزيز نفسه مواجهاً بضرورة الاختيار الصعب: وهو ردع زعماء الإخوان، وإحباط تمردهم.


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=00CC99]القضاء على حركة الإخوان[/mark]

خـرج الملك عبدالعـزيز على رأس قوة من الرياض في 22 رمضان 1347هـ/ 5 مارس 1929م، وقصد مدينة بريدة. فأقام بها، حتى لحقه ابنه الأمير سعود ببقية القوات. وعند وصول الأمير سعود إلى النبقية، من قرى القصيم، خرج إليه والده الملك عبدالعزيز من بريدة، وتجمعت لديه حشود من حضر نجد، ومن بوادي حرب وقحطان وسبيع من الإخوان، وقسم من عتيبة. وارتحل الملك مع قواته إلى الزلفي، لمقابلة قوات الإخوان. وكانت قوات الإخوان التابعة لكل من ابن بجاد وفيصل الدّويش، قد تحركت بدورها صوب الأرطاوية، وبلغ قوامها أربعة آلف مقاتل. وبقي ضيدان بن حثلين ومعه العُجْمان في الأحساء، متمردين من ناحية الشكل ولكنهم لم يبذلوا جُهْداً للمشاركة في مواجهة عسكرية مكشوفة. وتمركزت قوات الفريقين على بعد عدة أميال من بعضها بعضاً، في ساحة منبسطة لا يعترضها سوى ارتفاعات طفيفة في سطح الأرض، في منطقة تُسمى "روضة السّبَلَة"، تقع بين عاصمة الإخوان في الأرطاوية، وبلدة الزلفي إلى الشرق منها.

وبدأت الفرقتان المتعارضتان تستقران، كلٌّ في معسكره، ولم يكن هناك إيحاء بقرب وقوع أي اشتباك. وبدأت مفاوضات بين الطرفين. وفي البداية، أرسل الملك عبدالعزيز شيخاً وقوراً، هو الشيخ عبدالله العنقري، أحد علماء نجد البارزين، إلى معسكر الإخوان، لمحاولة إقناعهم بالرضوخ للتحكيم، القائم على الشريعة. وباءت هذه المحاولة بالفشل. ثم أرسل سلطان بن بجاد مساعده الشيخ ماجد بن خثيلة، ومعه رسالة إلى الملك عبدالعزيز. وانتهت هذه المحاولة، كذلك، إلى الفشل .

وبعد أن فشلت محاولات الشيخ العنقري وابن خثيلة، حضر فيصل الدّويش نفسه إلى معسكر الملك عبدالعزيز. وتزعم بعض الروايات، أن فيصل الدّويش وعد الملك عبدالعزيز، أنه سوف يرسل إليه رد الإخوان المتمردين على مطالبه في تلك الليلة، ولكن لم يصل أي رد. وقد أوردت جريدة أم القرى الواقعة، على النحو الآتي: "وآخر الأمر قدم إلى جلالته فيصل الدّويش، ليفاوض جلالته بالعفو والصفح عن المجرمين. فأعطاه جلالته أماناً على رقابهم وأموالهم، وأن يحكم الشريعة في أعمالهم، فسار الدّويش على أن يرسل الجواب من ليلته فلم يرسل" . وهناك بعض الروايات تقول: إن الدّويش لم يقسم على الولاء للملك عبدالعزيز فحسب، وإنما وعد بمحاولة إقناع ابن بجاد بالتخلي عن التمرد. وأنه إذا لم ينجح في ذلك، فسوف يعود مسالماً إلى الأرطاوية.


[mark=0099FF]1- معركة السّبَلَة[/mark]

أصبحت المواجهة حتمية بين الفريقين، ففي صباح 19 شوال 1347هـ/ 30 مارس 1929م شنّ الملك عبدالعزيز هجومه على قوات الإخوان ، وكانت تلك القوات تفوق قواته بنسبة لا تقل عن ثلاثة أضعاف. وقد وصفت جريدة "أم القرى" المعركة، على النحو التالي:
"ولما وصل إلى جلالته إعراضهم، نادى على فرسه فأُسرجت، وتقلد بندقيته، وشدّ على وسطه محزمه، وسار تحف به كواكب الفرسان.

لقد كان للمعركة منظر عجب، فقد جعل الجند صفاً واحداً على طول ثلاثة أميال أو أكثر، وراياتهم تخفق بين الجموع. واستلم جلالته قيادة القلب. وجعل على خيالة الميسرة أكبر إِخوته سمو الأمير محمد بن عبدالرحمن، وعلى خيالة الميمنة أكبر أنجاله سمو الأمير سعود، وقاد الفرسان عبد المحسن الفرم من شيوخ حرب.

وكان الإخوان قد اتخذوا لهم معاقل ومعاصم اعتصموا بها، فلما اقترب الجمعان وابتدأت المعركة بين المشاة، سار أنجال جلالته وأنجال إِخوته، وأبناء عمومته في مقدمة الخيل وأقدموا إقداما المستميت، حتى كسروا خيل الإخوان وقطعوا ظهور المشاة، وما هي إلاّ نصف ساعة حتى ارتد الإخوان على أدبارهم، وتعقبتهم القوات، فمن ألقى سلاحه سلم؛ ولم يمض إلاّ ساعة حتى كانت المعركة قد انتهت بفشل الإخوان، وانخذالهم وانكسارهم.

وبعد أن انتهت هذه المعركة الفاصلة، عاد جلالته، على فرسه، وهو يحمد الله ويشكره على تأييده ونصره، ثم أخذ ينظر في أمر الجند، وتسريحه، وتدبيره." .

لم تستغرق المرحلة الحاسمة من المعركة سوى نصف ساعة، فقط، اتضح بعدها، أن الإخوان عاجزون عن تحقيق النصر، وقد استسلم بعضهم. وبعد ذلك بساعة واحدة، انتهى القتال وتفرقت جموع الإخوان.

وهرب فيصل الدّويش، من ميدان القتال، بعد أن جُرح جرحاً بليغاً. وتمكن، بمساعدة رفاقه، الوصول إلى الأرطاوية، وهو ينزف دماً.

ثم رجع به رفاقه، ثانية، إلى الملك عبدالعزيز، يحيط به أولاده ونساؤه يبكين ويشفعن فيه عند الملك، ويطلبن العفو والسماح . ووعد الملك عبدالعزيز بالإبقاء على حياتهم، شرط أن يخضعوا لحكم الشرع، وأخذ عليه العهد بالطاعة. ونظراً لأن إصابة فيصل الدّويش كانت بالغة، فأمر طبيبه الدكتور مدحت شيخ الأرض بمداواته، وسمح له الملك عبدالعزيز بالعودة إلى الأرطاوية، على أن يسلم نفسه إلى الرياض، عندما يشفى.

أمّا سلطان بن بجاد، فقد هرب إلى الغطغط. وأرسل الملك عبدالعزيز كتاباً إليه يطلب فيه، تسليم نفسه وجميع من معه، إمّا في الرياض أو في شقراء، بدلاً من معسكر الملك عبدالعزيز، خشية أن يتعرض لغضب القوات عليه. وأرسل الملك عبدالعزيز أخاه عبدالله بن عبدالرحمن (وقيل ابنه سعود) إلى تلك الهجرة، فدكها ودمرها عن بكرة أبيها. واستسلم سلطان بن بجاد في شقراء، فأمر الملك عبدالعزيز بسجنه في الرياض. ثم نقل بعد ذلك إلى سجن الأحساء، الذي قبع به حتى توفي عام 1353هـ/1934م .

أما ضيدان بن حثلين، الذي لم يشارك مشاركة فعالة في التمرد، واحتفظ بقواته في الأحساء، فقد ظل بعيداً عن الصدام المباشر مع الملك عبدالعزيز. ولكن الملك عبدالعزيز أمر عبدالله بن جلوي أمير الأحساء بتأديب العجمان.


[mark=0099FF]2- ما بعد السّبَلَة[/mark]

بعد أن انتهت معركة السّبَلَة، رأى الملك عبدالعزيز عدم مطاردة المتمردين ، على أمل أن يعودوا إلى رشدهم، خلال الفترة التي عاد فيها إلى الحجاز، لأداء فريضة الحج في عام 1347هـ/1929م . وكان يأمل أن يتدبروا، كذلك، خلال تلك الفترة، أخطاءهم ويتعرّفوا بها. ونظراً إلى عدم استكمال النصر، واجتثات مشكلة التمرد من جذورها، اضطر الملك عبدالعزيز لأن يعود، من الفور، لإخماد تمرد آخر. وفي هذه المرة، دفع بكل جهوده وقدراته العسكرية إلى المعركة.

[mark=FF0033]أ- مقتل ضيدان بن حثلين[/mark]

وقع حادث يخص قبيلة العجمان، أدى إلى إضرام النار في منطقة الأحساء بكاملها. كما وحّد عناصر الإخوان، من البدو، في مواجهة الملك عبدالعزيز. ومهما يكن من أمر، فإن ما حدث، كان بمثابة عامل مساعد للتمرّد الجديد، فضلاً عن أنه وسّع مجال المشاركين في التمرد وزاد من أعدادهم.

والذي حدث، أنّ أمير الأحساء عبدالله بن جلوي، طلب ضيدان بن حثلين للمثول عنده في الأحساء، ولكنه رفض. فأرسل ابن جلوي ابنه فهداً، وبصحبته نايف بن حثلين الملقب بأبي الكلاب (ابن عم ضيدان بن حثلين، ولم يكن مشاركاً مع العجمان في التمرد) وقواتهما، لأسر ضيدان بن حثلين، الذي كان قد استقر في هجرته في الصَّرَّار. وكانت قوات فهد بن عبد الله تتكون، في معظمها، من الحضر، من أهل الهفوف، في حين كانت قوات نايف بن حثلين من قبيلة العجمان، بطبيعة الحال. وقبل أن يصل فهد إلى الصَّرَّار عسكر بقواته في العوينة، على مسافة أربع ساعات من الصَّرَّار، وأرسل مذكرة إلى ضيدان يقول فيها: إنه يريد أن يتحدث معه في أمر غزو بعض المتمردين في المنطقة. ودعا ضيدان فهداً إلى دخول الهجرة، ولكن فهداً رفض الدعوة، وطلب إلى ضيدان أن يقابله في المعسكر. وذهب ضيدان إلى معسكر فهد خلافاً لنصيحة مستشاريه. وهناك أُسر وقُيد بالسلاسل والأغلال. وعندما لم يعد ضيدان إلى هجرته في تلك الليلة حتى المساء، ثار العجمان على كل من فهد ونايف. وشهدت المعركة التي دارت على أثر ذلك، فشل فهد وقواته. وفي تقدير سيئ من فهد بن جلوي، أمر أحد رجاله أن يجهز على ضيدان بن حثلين، فقتله فوراً. وعندما شاهد نايف بن حثلين رجلاً من أسرته وقبيلته يقتل ظلماً، وخلافاً للتقاليد العربية التي تحكم الضيافة، انقلب على فهد وانضم إلى العُجمان مرة ثانية، وتولى القيادة التي خلت بعد اغتيال ضيدان. وتوالت الأحداث حيث قُتل فهد هو الآخر على يد العجمان، وكان ذلك في 19 ذي القعدة 1347هـ/ 30 أبريل 1929م. وقتل العجمان عدداً كبيراً من قوات فهد بن جلوي، واستولوا على كل المؤن والخيول لديها. وخشي العجمان من بطش أمير الأحساء عبدالله بن جلوي ثأراً لمقتل ابنه، ففـروا إلى الشمال، فنزلـوا في الوفـراء، قـرب الكويت. وتـولى قيادتهم نايف بن حثلين (أبو الكلاب)، وانضموا إلى إخوان مطير، الذين تجمعوا في الوفراء أيضاً .

وتوافدت، إلى تلك القوات، حشود أخرى من مطير، من طلاب الكسب والغنائم، يقودهم جاسر بن لامي. وكذلك، لحقت بهم جماعة من عتيبة ومن عنزة، وانضم إليهم فرحان بن مشهور من الرولة، الذي كان موجوداً بالجهراء. وأخيراً، انضمت إليهم فلول معركة السبلة .

ولمّا ضاقت الوفراء بتلك القوات، انطلق العجمان، ومن معهم، لمهاجمة الجبيل، واتخاذها مركزاً لتحركاتهم. وهم في الطريق إلى الجبيل، اعترضتهم قبيلة العوازم، ولم يلبوا طلب نايف بن حثلين في الانضمام إليهم، فهاجموا العوازم في 17محرم 1348هـ/ 26 يونيه 1929م، على ماء "رضى"، ووقعت خسائر جسيمة في صفوف الإخوان، بعد أن ثبت لهم العوازم. وكان فيصل الدّويش قد شفي من جراحه، ونسي عهده، الذي قطعه على نفسه للملك عبدالعزيز، فانطلق في 12 محرم 1348هـ/ 21 يونيه 1929م، إلى تلك الحشود، واشتد به ساعد نايف أبي الكلاب، بعد هزيمته في وقعة رضى.

عندما علم الملك عبدالعزيز، وهو في الحجاز، بمقتل ضيدان والطريقة التي اغتيل بها، تأكد أن تمرداً سوف ينشأ على إثر ذلك. وقرر الملك عبدالعزيز وضع حد فاصل لتمرد الإخوان ولحشودهم، التي استعدت للحرب، مستخدماً كل ما لديه من قوة عسكرية، فضلاً عن الوسائل الآلية الحديثة المتاحة له. وحصل على وعد وتأييد دبلوماسي من بريطانيا وغيرها، بعد أن كتب إلى سفرائه وممثليه بالخارج، يخبرهم بحقيقة هؤلاء العصاة، ليكونوا على علم، عندما يُسألون من الدول، التي يعملون بها، عن حقيقة الموقف.

واستطاع الملك عبدالعزيز، قبل مغادرته الحجاز، أن يحصل من البريطانيين، من طريق التفاوض، على وَعْدٍ بأنهم لن يسمحوا لأي من الدول الثلاث التي يحكمونها (الكويت، والأردن، والعراق) بأن تعاون الإخوان، أو تساندهم، أو تؤويهم. وإذا ما سُمح للإخوان بعبور الحدود والبقاء في أي من الدول الثلاث، باعتبارها ملجأ، سيكون من حق الملك عبدالعزيز مطاردتهم وتتبعهم داخلها. واشترط البريطانيون على الملك عبدالعزيز شرطاً خاصاً، هو ألاّ يقتل أياً من الإخوان الذين قد يلجأون إليهم، إذا أعادوهم إلى الملك عبدالعزيز. وقَبِل الملك عبدالعزيز بذلك الشرط، غير أنه استدرك أنّ المتمردين، بغض النظر عن حياتهم التي سيُبقى عليها، فإنهم سيحاكمون طبقاً للشرع .


[mark=FF0033]ب- مؤتمر الدوادمي والشَّعَراء [/mark]

توجه الملك عبدالعزيز من الحجاز في طريقه إلى الرياض، بعد أن أوفد إلى مشايخ قبائل عتيبة الموالية له، مراسلين يطلبون إليهم، ومعهم أعيان القبائل الأخرى، الحضور لاجتماع معه، في بلدة الدوادمي، التي عرج عليها في صفر 1348هـ/ يوليه 1929م. كان الجزء المتمرد من قبيلة عتيبة ما يزال في السّبَلَة. وكان جزء منهم لم يتم إخضاعهم بعد، بينما الجزء الذي لم يكن في حالة تمرد نشطة، لم يكن قد صالح نفسه بعد مع الهزيمة؛ وكان هناك فريق من الهاربين بعد المعركة، ولم يكن العفو قد صدر عنهم بعد. وعندما وصل الملك عبدالعزيز إلى الدوادمي نُصبت خيمة كبيرة لهذه المناسبة، التقى فيها نحو ألفان من قبيلة عتيبة. وفي الاجتماع، كشف الملك عبدالعزيز عن خططه للهجوم على العُجمان، وطلب المساندة، التي إن لم تكن إيجابية فلتكن سلبية، على أقل تقدير. كان العتبان موزعين على أكثر المناطق حساسية، فقد كانوا موجودين في أقصى الجزء الشرقي من الحجاز، وفي الجزء الغربي من نجد.

وفي حديثه إلى المجتمعين ، أبلغهم أن بينهم ثلاث مجموعات، الأولى مخلصة لدينها، وموالية له. الثانية انتهازية. أما الثالثة، وهي أصغر المجموعات الثلاث، فتشتمل على نواة المتمردين. ثم أوضح لهم أنه، بعد معركة السّبَلَة، وجد نفسه في حرج: فإما أن يفوته الحج، (وهو أمرٌ يُعد من عدم الحكمة بوصفه إماماً)، ويبقى في نجد لتأديب المتمردين، أو أن يعود إلى الحجاز. فقرر الذهاب إلى الحجاز، لأداء الحج.

وقد شعر الملك عبدالعزيز أن مسألة تمييز المتمردين، الذين كانت لهم ثارات وأحقاد، عن أولئك المتمردين المضللين أمرُ صعب. وعلى كلٍ، كان العُجمان قد رفعوا لواء التمرد والعصيان، كما سبق ذكره، وكان الملك عبدالعزيز قد خطط "للهجوم عليهم عند طلوع هلال ربيع الأول 1348هـ /7 أغسطس 1929م. وقال إِنه لن يوافق على تخلف أي رجل، على قيد الحياة، من أولئك الذين اشتركوا في معركة السّبَلَة وقاتلوا المتمردين فيها. "إن من يحارب إلى جانبنا ينتمي إلينا، ومن سيتخلف عن القتال من دون سبب شرعي سوف يُقتل، أو تسحب منه أسلحته وحصانه ". ثم عفا الملك، بعد ذلك، عن أولئك المتمردين من قبيلة عتيبة، الذين حضروا الاجتماع. واستجابة لرجائهم، وسّع الملك عفوه، ليشمل الغائبين، كذلك، بشرط:


(1) إذا كان من بينهم مجرمٌ بالقول أو الفعل، فسوف تبذل الجهود لإصلاحه؛ وإذا رفض، فسوف يُحاكم ويُقاضى طبقاً للشرع.

(2) الدولة لها الحق في معاقبة المجرمين، الذين ينهبون المسافرين ويداهمونهم ويقطعون الطرق.

(3) كلُ من يتخلف عن الجهاد، من دون عُذر شرعي، سوف يلقى جزاءه قبل التوجه للعدو.


وبعد انتهاء مؤتمر الدوادمي، واصل الملك عبدالعزيز رحلته إلى الرياض، آملاً أن يكون قد نجح أخيراً في كسب قبيلة عتيبة إلى جانبه. ولكن العتبان تمردوا مرة ثانية، واضطروه إلى إخضاعهم، هذه المرة، بشدة وفاعلية. فقد توغلت جماعة من عتيبة ومن بني عبدالله من مطير في نجد، وقطعوا الطريق، واعتدوا على الناس الآمنين، يقودهم مُقْعِد الدُّهينة من النفعة من عتيبة. واعتدوا على عمال الزكاة، ونشروا الفوضى، في عالية نجد. وكان ذلك في ربيع الثاني 1348هـ/ سبتمبر 1929م.

وإزاء هذا العصيان من عتيبة، انتدب الملك عبدالعزيز أحد رجاله الأشداء، ليغير على عتيبة على ماء "ركية سعدية" قرب القويعية، فقضى على شوكتهم ونكل بهم. وأرسل قوة أخرى من الرياض يقودها خالد بن محمد، وقوة من الحجاز، وثالثة يقودها الشريف خالد بن لؤي، واشتبكت هذه القوات مع العصاة، وانتهى الأمر، بفرار رئيس التمرد مُقْعِد الدُّهينة إلى العراق .

ونتيجة لتمرد قبيلة عتيبة الجديد، طلب الملك عبدالعزيز عقد مؤتمر في بلدة الشَّعَراء، في عالية نجد، بين الرياض ومكة. وكان ذلك في غرة جمادى الأولى 1348هـ/ 5 أكتوبر 1929م. وفي هذا المؤتمر، التقى الملك مشايخ القبائل الأخرى، فضلاً عن التقائه، كذلك، القطاعات الموالية من قبيلة عتيبة. وكرر الملك عبدالعزيز، أمام الحاضرين، كيف أنه عفا عن عتيبة عدة مرات، ولكنها كانت تعود للتمرد، بعد أن تتعهد بالولاء. وأعرب عن مرئياته، فيما يجب عمله. ثم طلب إلى المندوبين أن ينصرفوا إلى حال سبيلهم، وأن يتفكروا فيما قاله، ويتشاوروا مع أهليهم، وأن يعودوا في اليوم التالي بعد أن يتخذوا قرارهم.

وشهد صباح اليوم التالي مناقشة، استمرت أربع ساعات، اتخذت خلالها القرارات التالية:


(1) ضرورة إنزال الهزيمة بكل من تمرد من قبيلة عتيبة، وفرع بني عبدالله من مطير، حتى لا يستطيع الاشتراك في عمل غير شرعي مرة أخرى.

(2) يُجرد كل من شارك في التمرد، ولا يزال حيّاً، من أسلحة ومعدات الحرب، ويُحاكم طبقاً للشرع.

(3) يُجرد من اتهموا بمساندة المتمردين، ولم يقاتلوا إلى جانب الإمام، من الجمال والخيل، التي يركبونها، ومن بنادقهم.

(4) يوافق الإمام، على أن يحتفظ المقاتلون بما استولوا عليه من المتمردين، حتى يتمكنوا من تقوية أنفسهم.

(5) يُرسل أمير، وبصحبته قوات، إلى شقراء معقل المتمردين، لإصلاح ذلك الفساد، طبقاً للشرع وللمصلحة العامة.

(6) يُخلى كل هجرة من الهُجَر، التي خضعت للتمرد، ويوزع سكانها بين القبائل ولا يُسمح لأيٍّ منهم بالتجمع في مكان واحد.

(7) تُرسل قوة بحجم لواء، لتنفيذ هذه القرارات، أثناء وجود الملك في الشعراء، وخلال مدة لا تزيد على عشرة أيام.

(8) تجتمع كل الفصائل، بعد تنفيذ كل هذه المراسيم، في منطقة الحدود، التي احتشد فيها العُجمان المتمردون، ومعهم آل الدّويش .

وقبل الذهاب إلى الشعراء، عمد الملك عبدالعزيز إلى تقوية الحاميات في الأحساء والقطيف وحائل، تحسباً لأي طاريء. وأمر قواته، الذين جاءوا من المدن والهُجَر، بالتجمع في مكان محدد، لانتظار عودته من "الشعراء"، وعندها سوف يبلغهم بموعد التحرك. وقال إن التحرك لن يتأخر عن غرة شهر جمادى الثانية 1348هـ، الذي كان يوافق 4 نوفمبر 1929م .
[/align]

التوقيع : ރسلايـل المجـدރ
لا تطاول في قصير الشبر شبـرك=ولاتنازل عن شيمـك ولا تراجـع
ولا تواضع للوضيع يضيع قـدرك=ما انت مجبور على بعض التواضع
ރسلايـل المجـدރ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-2008, 07:33 AM   #2
معلومات العضو
ރسلايـل المجـدރ

عضو ادارة

رقم العضوية : 4152
تاريخ التسجيل: Jul 2006
مجموع المشاركات : 6,081
الإقامة : على شداد ابوي وجدي
قوة التقييم : 31
ރسلايـل المجـدރ is on a distinguished road

[align=right]

[mark=FF0033]ج- التحرك للقضاء على فتنة الدّويش[/mark]

عاد الملك عبدالعزيز من الشعراء، فاستكمل عدة الحرب، وعهد إلى أكبر أنجاله الأمير سعود، بإدارة الأمور مدة غيابه. ثم تحركت قواته في اتجاه الشمال، لتقف في مكان يُسَمَى الخَفْس، على بعد 115 كم من الرياض. وفي المكان، كان شقيقه، الأمير محمد بن عبدالرحمن، في انتظاره؛ وخَيّم الملك وحاشيته لقضاء الليل، ثم اتجهوا بعد ذلك إلى الشَّوْكي، الذي يبعد 80 كم عن الخفس، في 28 جمادى الآخرة 1348هـ/1 ديسمبر 1929م.

أدرك فيصل الدّويش، الذي كان يواصل غاراته من الشمال على نجد، أنه يواجه جيشاً لا قِبل له به، فأرسل إلى الشوكي وفداً برئاسة الحُمَيْدي بن مفلوح، ومعه رسالة، يطلب الصفح والأمان. وفي هذه الرسالة، ألقى على ابنه، عُزيز "عبدالعزيز" الدّويش، باللائمة في الموقف الحرج، الذي وجد نفسه فيه.

وكان ابنه عزيّز قد قُتل على يد أمير حائل عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي، في معركة أم رضمة في 5 ربيع الثاني 1348هـ/ 11 سبتمبر 1929م .

استقبل الملك عبدالعزيز الوفد، وبعد مفاوضات استمرت يوماً واحداً، أرسل إلى فيصل الدّويش رداً أبلغه فيه أن دوافعه لطلب الصلح، لا تخرج عن واحدٍ من الدوافع التالية، أو كلها مجتمعة:


(1) أنه يطلب العفو، بعد أُوصدت كل الأبواب في وجهه. وأن الملك يفهم حقيقة وضعه ويرثي له؛ إذ لم يعد أمامه من وسيلة أخرى يتلاعب بها، سوى أن يأتي مهرولاً يطلب العفو.

(2) أنه بارع ومخادع، وسوف يقول للناس فيما بعد أنه يفعل ما يشاء، وأن بوسعه العودة إلى صف الملك عبدالعزيز، وطلب ما يريده.

(3) أنه يريد أن يكسب إلى جانبه أولئك الذين طلب مساعدتهم؛ كما يريد أن يُعلن لمن لم يساعده أنه سوف يتصالح مع الملك عبدالعزيز.

(4) ربما كان من الأفضل ألاّ تصل إليه رسالة الدّويش، ولا الوفد الذي أرسله؛ ولكن طالما حضر الوفد، فإن الملك يضمن له ولمن معه أن تشملهم حمايته، ولن يُهدر دمه .

عندما تسلم فيصل الدّويش رد الملك، كتب يقول: " من فيصل بن سلطان الدّويش إلى جانب الإمام المكرم عبدالعزيز عبدالرحمن الفيصل سلمه الله تعالى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام. بعد ذلك خطك وصل، وما عرفت كان معلوم من جميع الأمور. ولكنا حنا إلى ها الحين (الآن)، ما طاب خاطرنا منك والظن فيك يا بو تركي غير ما ذكرت لنا. وهذا واصلك سلطان بن مهيلب، ونبيك (نريد منك) إن شاء الله تؤمنا أمان ما فيه تفتيش. وباقي الجواب من رأسه أبلغ. هذا ما لزم تعريفه مع إبلاغ السلام العيال والمشايخ. ومن هنانا (عندنا) الإخوان يسلمون والسلام" .
4 رجب 1348.


أما "ملحق الخير"، الذي اعتاد أهل الجزيرة إرفاقه بالرسالة، وهو ـ كما يُقال ـ أهم دائماً من الرسالة ذاتها، فقد جاء فيه:

"بقي بالخاطر سلمك الله. تذكر في خطك أن الدروب مسدودة علينا وأنه ما بقى لنا حيلة وإنَّا مضطرين إليك. هنا سلمك الله بخلاف ذلك بحول الله وقوته. ولولا غلاك ورفقتك كان كل أمر نبيه (نريده) مدركينه، وكل يجذبنا وأي طريق نبيه (نريده) نضربه (نسلكه) ما لنا معارض. ولكن مثل ما قلت، وغلاك ورفقتك ولا ودنا بمدخل الكفر. ويكون عندك معلوم ويتقرر في عقلك ولا تشكك أني لولا بغضي للكفار ولا ودي (لا أريد) أدخل حدر (تحت) ولايتهم، كان ما كريت (استأجرت) لك جميع مركوب، ولكن ماودي (ما أرغب) في ذلك وادرإني (واَعْلم أني) في ذلك صادق، ومعنى خطك (خطابك) اللي جاني منك في وفي أركايبي. وأنت تخبرني ماني (ما أنا) راعي مكر ولا تلواسات. اليوم أدخل على الله لا تحدنا على الكفر. وحسبنا الله ونعم الوكيل، والله خير كافي ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم" .

وقطع الدّويش على نفسه عهداً بالسفر، قريباً، إلى الملك عبدالعزيز، ليعلن طاعته وولاءه له. ولم يرد الملك عبدالعزيز على الرسالة، فقد كان ينتظر مجيء الدّويش، الذي لم يحضر. وهناك رسائل أخرى جرى تبادلها بين الملك عبدالعزيز وفيصل الدّويش، ولكنها لم تؤد إلى شيء. ولم يكن ثمة احتمال لأي حل من الحلول الوسط.

تقدم الملك عبدالعزيز بحشوده من الشوكي، قاطعاً رمال الدهناء والصمان، ونزل في الثمامي، جنوبي حفر الباطن، ليواجه الإخوان، من أتباع الدّويش، المقيمين في (الدبدبة). ووافاه هناك وفد آخر، مرسلٌ من الدّويش، يحمل رسالتين .


ومن تلك الرسالة المؤرخة في 6 رجب 1348هـ: "والله لو حنا (لو أننا) مشتهين حجى (طريق) غير حجى الإسلام، إن كل باب مفتح لنا، مثل ما انفتح لناس غيرنا من قومك خاصة (يقصد أبناء عم الملك من حفدة سعود بن فيصل الذين اتصلوا بالأشراف)، ولكن يا عبدالعزيز اتق الله في المسلمين، ولا تردهم للكفر بعدما ذاقوا طعم الإسلام، وحنا نبي (نريد) من الله ثم منك يا بو تركي إنك تدفن ما فات بيننا وبين أهل نجد من الدماء، والأموال ترى ما عندنا زايد، الزيادة عندكم" .

ولمّا علم أتباع الدّويش أن الملك عبدالعزيز تحرك بقواته مصمماً على سحقهم، تفرقوا عن الدّويش، فاستضعفه بعض شيوخ القبائل مثل ابن طوالة وابن سويط، فاتفقوا مع عبد المحسن (محسن) الفِرم (من شيوخ حرب الموالين للملك عبدالعزيز)، على مهاجمة معسكر الدّويش. فغزوه في 28 رجب 1348هـ/ 30 ديسمبر 1929م، فنهبوا المعسكر ودخلوا خيمة فيصل الدّويش، ووجدوا بها رسائل وأوراق تدين الدّويش. ومنها مسودة رسالة إلى الملك فيصل بن الحسين ملك العراق، والأخرى إلى الكابتن جون باجوت جلوب John Bagot Glubb "جلوب باشا" (المفتش الإداري للبادية الجنوبية في العراق). وأمّا الدّويش نفسه فقد دخل إلى العراق ثم اضطره البريطانيون إلى الرحيل عنها، إلى الجهراء، ثم إلى الكويت .

وكان أتباع الدّويش قد لجأوا إلى العراق طلباً للنجاة، كتب الملك عبدالعزيز إلى المندوب السامي البريطاني، في العراق، يطلب منه طردهم وعدم إيوائهم حسب الاتفاق، الذي جرى بينه وبين البريطانيين.

رفض البريطانيون الجهود، التي بذلها الإخوان، من أجل إرسال نسائهم وأطفالهم إلى الكويت، للجوء إليها. وأجبر البريطانيون أمير الكويت، أن يبر بوعده في عدم مساعدة المتمردين. وباءت بالفشل الجهود، التي بذلها فيصل الدّويش، نفسه، من أجل الالتقاء بأمير الكويت. وبعد إنزال الهزيمة بعتيبة في غربي نجد، ورفض البريطانيين طلب الدّويش بتوفير الحماية لنساء المتمردين وأطفالهم في الكويت، أثناء قيامه هو والإخوان بمهاجمة نجد، أو حماية النساء والأطفال من قصف البريطانيين لهم بالقنابل، أصبح من الواضح تماماً أن التمرد حان أجل إخماده. وبدأت الطائرات البريطانية تطارد الإخوان لإخراجهم من الكويت، فور دخولهم إليها، طلباً للحماية، بينما كانت قوات الملك عبدالعزيز تقترب، يوماً بعد آخر، من المثلث القريب من الحدود الكويتية، الذي حشر الإخوان أنفسهم فيه. وبعد أن رفض البريطانيون مساعدة الإخوان، بأي شكل من الأشكال، سمح الدّويش للمتمردين من الإخوان، الذين رغبوا في طلب العفو من الملك عبدالعزيز، أن ينصرفوا عنه، ويذهب كل منهم إلى حال سبيله. وانتهز الكثيرون منهم تلك الفرصة، وطلبوا العفو، وحصلوا عليه. وأدرك فيصل الدّويش فوات الأوان بالنسبة له. ولم يكن أمامه سوى الحرب أو الفرار !


[mark=0099FF]3- نهاية التمرد واستسلام قادته[/mark]

ومع مطلع جمادى الأولى 1348هـ/ أكتوبر 1929م، وكانت البقية الباقية من الإخوان قد غادرت الكويت. ويوماً بعد يوم بدأ يتزايد عدد المتمردين من الإخوان، ممن كانوا يتركون جانب الدّويش لينضموا إلى صفوف الملك عبدالعزيز، ويطلبون العفو. في حين غادر آخرون منهم الكويت، على شكل خليط من البشر، بلا زعامة. ونظراً إلى نقص إمدادات الماء والغذاء، لدى الإخوان أنفسهم، فإنهم لم يتمكنوا من رعاية إبلهم ودوابهم، التي نفقت المئات منها بسبب العطش. وعندما اقترب جيش الملك عبدالعزيز، كان البريطانيون قد أرسلوا طائراتهم وعرباتهم المدرعة لاستطلاع الإخوان، ووضعهم تحت الملاحظة المستمرة، لعرقلة هروبهم إلى العراق أو الأردن، وقد كانا تحت الإدارة البريطانية. وفي شعبان 1348هـ/ يناير 1930م، استسلم نايف بن حثلين لطابور مدرع تابع للقوات الملكية البريطانية المدرعة، بعد أن اقتنع أن ليس هناك أمـل في الهرب أو القتال. وفي 8 شعبان/10 يناير، استسلم للقوات البريطانية، كذلك، كلٌّ من فيصل الدّويش وجاسر بن لامي، الزعيمان البارزان الآخران للتمرد. وفي غياب الزّعامة العسكرية والدينية، تلاشى تمرد الإخوان. وبدأ البريطانيون يواجهون مشكلة الإخوان في الأسر، وإعداد قائمة بالغنائم والمسلوبات والمنهوبات، التي لا تزال في حوزتهم، وكان لا بد من إعادة تلك المنهوبات لأصحابها الأصليين.

كان البريطانيون قد عاهدوا الملك عبدالعزيز، من قبل، على أنهم سيسلمون إليه المتمردين، شرط أن يُبقي على حياتهم، ويعاملهم معاملة إنسانية. وبعد أن أصبح الإخوان في قبضة البريطانيين، حاولوا أن يحنثوا في وعدهم.

أصدرت وزارة الخارجية البريطانية تعليمات للعقيد هيوفنست بيسكو، المقيم السياسي البريطاني في الخليج، أن يصحب كلاًّ من العقيد هارولد ديكسون H. R. P. Dickson، الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، والكوماندر بيرنت، معاون قائد الطيران البريطاني في العراق، لمقابلة الملك عبدالعزيز ـ الذي كان في مخيمه بخَبَاري وَضْحَا قرب الكويت ـ ومناقشته في مصير المتمردين، الذين أصبحوا في أيدي البريطانيين. وفي 20 شعبان 1348هـ/ 22 يناير 1930م، وصل البريطانيون الثلاثة إلى معسكر الملك عبدالعزيز، ودارت المفاوضات، التي استمرت أسبوعاً، وكانت النتيجة تسليم المتمردين بالشروط التالية:


أ- وجوب الإبقاء على حياة زعماء الإخوان المتمردين، فيصل الدّويش، جاسر بن لامي، ونايف بن حثلين، هم وأقاربهم.

ب- ألاّ يكون العقاب مفرطاً أو مبالغاً فيه، أو مستثيراً للمشاعر العربية، أو متعارضاً مع التقاليد البريطانية.

ج- ضرورة اتخاذ إجراءات فعّاله للقضاء على كل احتمال، قد يؤدي إلى معاناة الكويت أو العراق، مستقبلاً، من جراء غارات الإخوان .

وكانت قد صدرت للعقيد بيسكو، قبل تقديم تلك الشروط، تعليمات بمحاولة إقناع الملك عبدالعزيز بالموافقة على نفي زعماء الإخوان إلى قبرص أو إلى أي مستعمرة بريطانية أخرى، ولكنه أصرّ على تسليمهم إليه.

وقد نُقل كلٌّ من الدّويش وابن حثلين وابن لامي، بالطائرة، إلى البصرة، ومنها نقلوا إلى البارجة لوبن (Lupin)، التابعة للبحرية البريطانية، التي كانت ترسو في ميناء شط العرب. أمّا بقية المتمردين من العجمان ومطير، فقد صدرت إليهم تعليمات من القوات البريطانية، بالتجمع على مسافة خمسة عشر ميلاً من الحدود الكويتية في منطقة صفوان، حيث تولت حراستهم العربات المدرعة التابعة للقوات الجوية الملكية، إلى أن يتم تسليمهم للملك عبدالعزيز . وما أن تأكد العقيد بيسكو من وصول الزعماء الثلاثة إلى متن البارجة، حتى طار على متن إحدى طائرات القوات الجوية الملكية البريطانية من الكويت، قاصداً معسكر الملك عبدالعزيز، الذي وافق بعد شيء من النقاش، على تسليم المتمردين إليه، على أساس الشروط الثلاثة، التي سبق الاتفاق عليها. وفي صباح 28 شعبان 1348هـ/ 30 يناير 1930م، نُقل المتمردون إلى أحد المهابط الجوية بالقرب من خَبَاري وَضْحَا، في إحدى الطائرات الحربية البريطانية. وكان بصحبتهم العقيد البريطاني ديكسون. ويروي حافظ وهبه مقابلة الدّويش والملك عبدالعزيز، وردود الدّويش، على الأسئلة التي وجهها له الملك عبدالعزيز قائلاً :

"
يعلم الله، يا عبدالعزيز، انك لم تقصر معنا، وقد فعلت كل ما يبيض وجهك، وقد قابلنا معونتك بالإساءة، لقد فررنا من وجهك إلى الكفار. فحملونا إليك في طيارة من طيارتهم، ويكفي ما أشعر به من الهون والصّغار، أمام الإخوان، بعد ما كنت عزيزاً محترماً. قاتل الله الشيطان! لقد أغرانا وزين لنا سوء أعمالنا. فأوصلنا إلى ما أصبحنا فيه الآن! " .

وفي 2 رمضان 1348هـ/ 2 فبراير 1930م، أُودع فيصل الدّويش، ونايف بن حثلين، وجاسر بن لامي، رؤساء التمرد الثلاثة الرئيسيين، السجن، في الرياض، ثم حملوا إلى سجن الأحساء، لينضموا إلى رفيقهم، سلطان بن بجاد. وأبقى الملك عبدالعزيز على حياتهم، براً بوعده، الذي قطعه على نفسه. وقد أصاب ذلك التصرف بعض المراقبين البريطانيين بكثير من الدهشة، خاصة أن هؤلاء المراقبين كانوا يظنون أن الملك عبدالعزيز سوف يحنث في وعده .

وقد مات فيصل الدّويش، في سجن الأحساء، في عام 1350هـ/1931م. ومات الثلاثة الباقون في عام 1353هـ/1934م.

أمّا بقية فلول الإخوان من العجمان ومطير، فقد تجمعوا على حدود نجد، بنسائهم وأطفالهم ومواشيهم وأبلهم. وتلقتهم سرية من جند الملك عبدالعزيز، وأُدخلوا إلى بعض الخيام، ثم شملهم الملك بعفوه، ووزعوا على الهُجَر. ويقال، إن فتنة الإخوان كلفت الخزينة السعودية أربعين ألف جنيه، قبيل ظهور النفط .


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=00CC99]حركة الإخوان في نظر المؤرخين وكتاباتهم[/mark]

تباينت الآراء الصادرة عن المؤلفين والمؤرخين، حول حركة الإخوان، وطبيعتها، السياسية والعسكرية.

فمنهم من يرى أنها كانت حركة متشنّجة متطرفة، تسعى للغزو والسلب والنهب، رافعة شعار الدين، مفتقدة التنظيم لأسس بناء الجيوش الحديثة؛ بينما يرى آخرون أنها حركة دينية جهادية فريدة في هدفها وتوجهها. وعلى الرغم من التناقض في الحكم عليها بين مؤيد ومعارض، فإن أحداً لم ينكر دورها ومساندتها للملك عبدالعزيز، في تأسيس حكمه وإرساء دعائمه. وفي إيجاز نورد أهم الآراء والحكام، الصادرة عن عددٍ من الكُتّاب والرّحالة والقادة ـ عرب وأجانب ـ ممَّن عاصروا حركة الإخوان، وشهدوا عن قرب نشأتها وتطورها، ثم اندحارها وهزيمتها، أو من درسوا فكرها ووقفوا على تنظيمها.


[mark=0099FF]1- أمين الريحاني[/mark]

يُعد أمين الريحاني من أوائل الكتاب وأشهرهم، الذين كتبوا عن الملك عبدالعزيز. فقد أصدر مُؤَلَفين يتناولان حياته في نجد، حين كان ملازماً له في مرحلة من أهم مراحل بناء الدولة السعودية. كان عنوان كتابه الأول: "تاريخ نجد الحديث وملحقاته"، ثم عُدل العنوان في الطبعات التالية إلى: "تاريخ نجد الحديث: سيرة الملك عبدالعزيز عبدالرحمن آل فيصل آل سعود، ملك الحجاز ونجد وملحقاتها". أمّا كتابه الثاني، وعنوانه: "ملوك العرب"، فهو عمل موسوعي، يقع في مجلدين، جاء معظم جزئه الثاني خاصاً بالملك عبدالعزيز.

ويعالج الريحاني القضايا التالية عن الإخوان:


[mark=FF0033]أ- تساءل عن حركة الإخوان، وتنظيمهم وفكرهم:[/mark]

"من هم الإخوان؟ من هم أولئك الوهابيون، الذين يردد الناس في كل قطر من الأقطار اسمهم مستعيذين بالله؟ وقلّ من يعرف حقيقة حالهم، ويُدرك سر اشتهارهم. أَهُم رسل الهول والموت، أم رسل دين، لا يعرف غير الله والكتاب والسنة، دين النبي محمد والصحابة؟ أقول نعم، جواباً على السؤالين" .

[mark=FF0033]ب- رصد طبيعة التحول الاجتماعي والنفسي، الذي أحدثته حركة الإخوان في نفوس أولئك البدو:[/mark]

"الإخوان هم الفئة المحاربة، الفئة المتعصبة، الفئة المدّينه جديداً في الوهابية. الإخوان هم جنود عبدالعزيز بن سعود، الذين كانوا بالأمس من العرب الرحل، من البدو الجاهلين، فديّنوا أي دانوا بدين التوحيد، فصاروا مسلمين. وهم في غلوهم، يعتقدون أن من كان خارجاً عن مذهبهم ليس بمسلم، فيشيرون إلى ذلك في سلامهم بعضهم على بعض. السلام عليكم يا لاخوان حيا الله المسلمين. وإذا سلم عليهم سني أو شيعي، فلا يردون السلام".

"وها أن الإخوان في هذا الزمان يحملون البنادق والبيارق باسم الله، فيحملون أو كانوا يحملون على كل من لا يُدّين من العرب، وكأنيّ بهم لا يرون خيراً في حياة لا إكراه فيها على التوحيد، فينادي الأخ منهم ممتشقاً حسامه أو رافعاً بندقيته:

أنا خيّال التوحيد، أخو من طاع الله، بيّن رأسك يا عدو الله! إنهم، من هذا القبيل، مثل رجال البروتستانت الأولين، الذين حاربوا "شارلس"، ملك الإنجليز. والسلطان عبدالعزيز أشبه برجل تلك الثورة الكبير، كرمويل .


[mark=FF0033]ج- تناول جهادهم، وحماستهم، وصلابتهم، وبطولتهم، وصدق عقيدتهم:[/mark]

"فكانوا رسل الهول ورسل الموت، في كل مكان، سُمعت فيه هتافاتهم المشهورة: هبت هبوب الجنة، أين أنت يا باغيها؟ فلا الحجاز ينساهم، ولا الكويت يذكرهم بالخير، ولا العراق يحسن بهم الظن، ولا الجوف ولا الجبل ولا القصيم يُكْبر في ساعة الوغى سواهم؛ ويردد خوفاً وإعجاباً غير اسمهم. الإخوان، زرعوا الهول في كل مكان. الإخوان يحاربون مستبسلين مستشهدين. روى الناس الموالون منهم، والمعادون، أخبار الشجاعة والبطولة، التي اشتهروا بها. قالوا: إِنهم شياطين الدين. وقالوا: إنهم أبطال المسلمين. وما كانت البطولة بغير الإيمان الحي، والثبات في الجهاد. لولا ذلك، ما كان الإخوان، وما كان مُلْك ابن سعود. هبت هبوب الجنة، أين أنت يا باغيها؟ وكل يبغيها. لذلك يحاربون، وقلما ينهزمون. الجنة أمامكم والنار وراءكم. فمن منهم يتقهقر، ومن منهم يولي مدبراً؟ هم شوكة ابن سعود أيام الحرب، وهم أيام السِّلم الشوك في غصن الدين. يحملون سلم التوحيد بالعرض، ويزعجون، أحياناً، حتى سلطانهم العزيز. حَدِّثْتُ كثيرين منهم، فما وجدت وراء اللسان غير قلب فيه أَتون من الإيمان، فلا يهاب صاحبه الموت ولا يخاف غير الله. ولكنك تسألني: أمن روح هناك فيها شيء من الحنان؟ أم من عقل فيه ذرة من البرهان" .

[mark=FF0033]هـ- الحديث عن فئات الإخوان الأكثر تسامحاً [/mark]

"على أن هناك فريقاً آخر منهم، قد مرّ على تدينهم أو تدين آبائهم حقب من الزمان، فلطّف فيهم صورة الإيمان. هؤلاء يُسَلِّمون على غير الموحدين، ومنهم من يدخن سراً ويغني إذ سار في الفلاة، ولا يلوم ابن سعود على تساهله مع الكفار الإنجليز". "وهناك فريق ثالث أكثرهم من جبل شمر، ديّنوا بعد سقوط حائل أو قبله، إما خوفاً وإما ارتزاقاً. فهم يتساهلون تساهل السني، و"لكن الأخ" الجديد يقول: إنهم مدغلون (منافقون).

[mark=FF0033]و- تقسيم الإخوان إلى أنماط ثلاثة[/mark]

"المطاوعة ، والعلماء، والمتعلمون المبتدئون. أمّا المطاوعة فهم في كل نجد يُعرفون من قيافتهم النسكية، بل من خلق أطمارهم. أمّا العمامة البيضاء الشبيهة بالضمادة، فإن هي إلاّ نصف ذراع من الخام يلفه المطوع فوق الغطرة (الغترة) على رأسه ويشكر الله. ثم يحمل عصا من الشوحط إذا كان كبيراً، وألاّ فقضيباً من الخيرزان، ويجوب البلاد في سبيل التوحيد.

المطاوعة يعلِّمون الناس الدين، والعلماء يعلمون المطاوعة، وكلهم يوم الجهاد "خيال التوحيد أخو من طاع الله". وكلهم في أيام السلم فلاسفة في التقشف والقناعة، في الشدة والصبر، في التفقر والتقوى. ترى الأخ، في الطريق، حافياً لا يحمل غير عصاه، ينفخ الهواء في أطماره فيكشف عراه، وقد يكون مشى يومين أو ثلاثة من دون أن يذوق الخبز والتمر، فتسأله بعد السلام: "وتسايف أنت" (كيف أنت)؟ فيجيبك بصوت عريض، وقلب وطيد كأنه يمثل دوراً في رواية: بخير ونعمة والحمد لله! إنما هذه فضيلة الإخوان، بل فضيلة النجديين الكبرى. فهم على فقرهم، وسوء حالهم في الدنيا، قانعون راضون، وقلّما تسمع كلمة فيها شيء من اليأس أو الشكوى" .


[mark=FF0033]ز- صلة الإخوان بالملك عبدالعزيز[/mark]

تناول الريحاني طبيعة العلاقة بين الإخوان والملك عبدالعزيز، وكيف أنّ الملك ـ أول أمره ـ قبلهم على ما هم عليه، واستطاع أن يستخرج أفضل ما فيهم. "والسلطان عبدالعزيز إمامهم في كل شيء. فهو يعرف الشجاع فيهم، والتقي، والصبور، والعاقل والمجنون. ويُحسن سياسة الجميع، فيستخدمهم في سبيل الله، وملك ابن سعود. أجل، إن عنده لكلٍّ من الإخوان وظيفة ومقاماً: المعتدل للخدمة، والمتساهل للتجارة والسياسة، والمجنون للقتال. أمّا أمر الصنف الأخير، إخوان نوّار، فقد يستفحل عليه في بعض الأحيان، وقد يعجز عن ضبطهم دائماً، لأن المسافات في نجد بعيدة والمواصلات كلها أولية. الإخوان قوة هائلة ينقصها نظام وإدارة، وألاّ فتتفلت من يد سيدها، وتكون عليه، وعلى سواه، وخيمة العاقبة" . ويورد الريحاني خطاباً للملك عبدالعزيز يدلل به، كيف كان يُخاطب الإخوان خطاباً يعرف أقدارهم، خيرها وشرها، لذلك يُحْسِنُ سياستهم. يقول: "كنت في عاصمة نجد يوم أُطلق سراحهم. فأُحضروا أمام السلطان، فخاطبهم قائلاً: لا تظنوا يا إخوان أن لكم قيمة كبيرة عندنا. لا تظنوا أنكم ساعدتمونا، وأننا نحتاج إليكم. قيمتكم يا إخوان في طاعة الله، ثم طاعتنا. فإذا تجاوزتم، ذلك، كنتم من المغضوب عليهم. أي بالله، ولا تنسوا أن ما من رجل منكم إلاّ وذبحنا أباه أو أخاه أو ابن عمه. وما ملكناكم إلاّ بالسيف. ترى الصحيح. والسيف لا يزال بيدنا، إذا كنتم يا إخوان لا ترعون حقوق الناس. لا والله، لا قيمة لكم عندنا في تجاوزكم. أنتم عندنا مثل التراب ... أمّا إذا اعدلتم وعقلتم فحقكم، بشرع الله، خذوه من هذا الخشم ـ وضرب بالسبابة أنفه ـ وحقي آخذه منكم دائماً بإذن الله ... أنتم ما دخلتم في طاعتنا رغبة، بل قهراً. وإني والله أعمل بكم السيف، إذا تجاوزتم حدود الله" .

[mark=0099FF]2- هارولد ديكسون[/mark]

أصدر هارولد ديكسون، كتاباً بعنوان: "الكويت وجيرانها"، تحدث في أحد فصوله عن حركة الإخوان، متناولاً القضايا الآتية:

[mark=FF0033]أ- نشأة الحركة[/mark]

"نشأت (حركة الإخوان )، على حد علمي، على يد الشيخ المتدين الموقر عبدالكريم المغربي، الذي كان، في وقت من الأوقات، كبير علماء المرحوم فالح باشا السعدون، شيخ اتحاد المنتفق. ثم أصبح بعد ذلك عالماً مع مزعال (مزعل) باشا السّعدون، والد إبراهيم بك السعدون الحالي. وبعد أن ترك الشيخ عبدالكريم المغربي الخدمة مع مزاعل (مزعل) باشا، رحل إلى نجد، التي أخفى نفسه فيها على شكل مصلح ومعلّم ديني، في مدينة الأرطاوية الصغيرة، التي كانت في ذلك الوقت عُشَّاً صغيراً من أعشاش الوهابية. وهناك قصة تقول: إن الشيخ عبدالكريم المغربي عاد، في العام 1899، عن طريق نجد وأنه قد زار الأرطاوية عن طريق عودته. وبدلاً من الترحاب، الذي ينتظره من صديقه القديم مزعل، طرده ووسمه بأنه كافر Infidel، ومشرك Polytheist" .

ويحتفظ مكتب السجلات العامة البريطاني، بتقرير كتبه ديكسون في 2 سبتمبر 1929م، عندما كان يشغل منصب الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، يقول فيه:

"حركة الإخوان ـ تأسست، من ناحية أخرى، على يد ابن سعود لتخوض له معاركه وتنتصر فيها باسم الدّين. والإخوان، بحكم أنهم كانوا من البدو، لا يمكن الاعتماد عليهم مطلقاً، ونظراً لأنهم كانوا إخواناً وتستعر داخلهم جذوة "الدين"، فقد أصبحوا بحق لا يُقهرون. ويمكن تشبيههم "بمدرعات" كرمويل أو قوات العاصفة الألمانية ".


[mark=FF0033]ب- صلة الملك عبدالعزيز بحركة الإخوان[/mark]

أمّا فيما يتعلق بإبلاغ الملك عبدالعزيز ديكسون، أنه لا علاقة له بإنشاء حركة الإخوان، كتب ديكسون نفسه في مطلع العام 1920، إلى المفوض المدني في بغداد، يقول: إن ابن سعود كان قد قال له: "أنا الإخوان". كما كتب ديكسون في البرقية نفسها يقول:

"في زيارتي الأخيرة، التي قمت بها إلى الأحساء، للقاء ابن سعود، (من 29 يناير إلى 20 فبراير)، بذلت جهداً عظيماً عَلَّني أكتشف أكبر قدر ممكن من المعلومات عن حركة "الإخوان". وقد اكتشفت أن هذه المسألة مَهَمّةٌ صعبة، ذلك أن الشكوك كانت تحوم من حولي في جميع الأماكن، التي حاولت أن أتحرى فيها هذه المسألة. وقد اتضح لي، أن الناس قد لُمِّح لهم، من قِبل شخص أو آخر من أهل السُّلطة، بألا يصرحوا إلاّ بالنزر اليسير. وأنا لا يسعني إلاّ أن أتوصل إلى نتيجة مفادها أن ابن سعود نفسه كان وراء الأمر بكامله. وأنا أرى أن ابن سعود كان قد أصدر تعليمات عامة، بعدم التحدث كثيراً عن الحركة الجديدة أمام الأغراب .. فلم يكن ابن سعود يود أن يعرف الغرباء، أنه هو الذي يقف وراء هذا الأمر برمته، وأنه هو الذي يقوي الحركة ويوجهها لخدمة أغراضه الخاصة" .


[mark=FF0033]ج- تقويم ديكسون لحركة الإخوان[/mark]

حاول ديكسون أن يكون موضوعياً، في تقويمه للإخوان وحركتهم، على الرغم من نظرته، التي كانت ضدهم بطبيعة الحال.

"على الرغم من كثرة ما كُتب عن قسوة الإخوان ورعبهم، لا بد أن أسجل الرأي الذي يقول: إن كل ذلك كانت تجري المبالغة فيه بحذق وعناية، خدمة لأهداف سياسية في ذلك الوقت. كنت أُكِن للإخوان دوماً إعجاباً حاقداً، ويحتمل أن يكون السبب في ذلك، هو أن هناك سحراً عجيباً يحيط بهؤلاء الرجال الصادقين، المؤمنين بالله حقاً، الذين يخرجون، على هدى أنوارهم لتنظيف الدين من المفاسد. وأنا أعترف هنا، بأني ما أن تعرفت على أحد هؤلاء الإخوان، حتى اكتشفت أن الفرق بينهم وبين الأنواع الطيبة الأخرى، من العرب البدو في الأماكن الأخرى، يسيرٌ جداً. وإذا ما أردنا أن ندرس هؤلاء الناس دراسة حقيقية، نجد أن الإخوان كانوا (مغرمين) متيمين بنسائهم، وأطفالهم، وإبلهم، وخيولهم مثل العرب البدو الآخرين، في حين أن سيداتهم الجميلات كانت لهن نفس السّمات، التي تسُر الخاطر، والتي تشيع بين شقيقاتهن في أنحاء الجزيرة العربية" .


[mark=0099FF]3- جون فيلبي John Philby[/mark]

[mark=FF0033]أ- تأسيس الحركة[/mark]

يورد فيلبي في أحد تقاريره، عام 1918، عن حركة الإخوان، ما يأتي: "عندما شرع عبدالعزيز في مهمة التوحيد، التي واجهته، لا بد أنه تأثر بالنموذجين، اللذين سادا في وسط جزيرة العرب. فقد كانت قوة محمد بن رشيد تعزى إلى تلك الخصائص الغريبة التي أوصلت الشمْر (قبيلة شمْر) إلى ما هم عليه ـ قبيلة بدوية في مدينة بدوية ـ في حين وصل سلفه الأكبر سعود بن سعود (يقصد الملك عبدالعزيز بن سعود) بجيوشه الغازية إلى أقصى بقاع جزيرة العرب، بفضل مزجه الحكيم بين الدين والسياسة، وهو الأمر الذي حفظ عليه سلطته"

[mark=FF0033]ب- خصائص حركة الإخوان [/mark]

ويرى فيلبي أن الملك عبدالعزيز، وإنّ خالف النموذجين السابقين عليه، إلاّ أنه مزج بينهما في حركة الإخوان، التي تتمثل خصائصها الرئيسية فيما يلي:
اقتصارها على البدو من أتباع المذهب الحنبلي، الذي كان السواد الأعظم منهم يتبعونه من الناحية الاسمية فقط، أو هؤلاء الذين أصبح يُطلق عليهم فيما بعد اتباع التعاليم الوهابية، التي كانت موزعة حقيقة في ولائهم لابن سعود، بين هذه التعاليم نفسها وأحكام القانون العرفي غير المدون، الذي كان ينظم حياتهم؛ فأهل نجد الذين يسود بينهم رأي عام متشدد في أمور الدين، أقوياء ومنظمون تنظيماً جيداً، ومن المُناسب تماماً أن يكونوا وهابيين مخلصين، ومن ثمّ، فهم ليسوا في حاجة إلى أي شكل من أشكال الاهتمام الخاص" .


[mark=FF0033]ج- هدف الملك عبدالعزيز من إنشاء حركة الإخوان[/mark]

يخلص فيلبي إلى أن هدف الملك عبدالعزيز "من إنشاء حركة الإخوان وتقويتها، هو زيادة قوته العسكرية، باستخدام عدد أكبر من رعاياه، حتى يمكن له تعويض الضعف الذي يَكْمُن في الدولة البدوية، وفي الجيش البدوي، والاقتصار في موارده، عن طريق إحلال الأمل في ثواب الآخرة، محل الاعتبارات الارتزاقية" . ومع أنّ هذا الرأي عليه تحفظ شديد، وقد لا يمثل حقيقة موقف الملك عبدالعزيز، إلاّ أنه وجهة نظر جديرة بالتأمل والاعتبار.

[mark=0099FF]4- جون س . حبيب[/mark]

قدّم جون حبيب دراسة تاريخية لحركة الإخوان، تُظهر أن الحركة نشأت في نجد حوالي عام 1910م، ووصلت إلى ذروتها في العشرينات من القرن الحالي، واندحرت مع مطلع الثلاثينيات. وهي حركة استطاعت أن تحوّل عدداً من القبائل الرعوية، التي تجهل مبادئ الإسلام، ولم تألف سيطرة السلطة المركزية، إلى قوة شبه عسكرية، متشددة دينياً، لعبت دوراً حاسماً في إنشاء المملكة العربية السعودية . وأهمية دراسة جون حبيب، أنها تجيب عن عدد من الأسئلة المحورية، مثل: من هم الإخوان؟ وكيف نشأت حركتهم؟ وما أسباب نشأتها؟ وما الدور الذي لعبه الإخوان، في توحيد الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية تحت قيادة الملك عبدالعزيز؟

[mark=FF0033]أ- رصد المحاذير الناجمة عن تأسيس حركة الإخوان[/mark]

من خلال رؤيته لأصول الحركة وتطورها، باعتبارها أداة عسكرية ـ سياسية، في يد الملك عبدالعزيز، ناقش جون حبيب طبيعة أفكار الحركة، وانتهى إلى أنها ليست كما أُشيع عنها، وأن الاتهامات الملصقة بها، من العنف والغطرسة والدّموية، كان مبالغاً فيها. يقول: "إن تنوع الأفكار الخاطئة عن الإخوان وتباينها، وحدتها والمبالغة فيها، لا يدعم سوى بساطة واقع هذه الحركة، إذا قارنا جانب البساطة هذا بالجانب الأسطوري والخرافي للحركة. الإخوان لم يكونوا أعضاء في المذهب الإسلامي الجديد، ولا أتباعاً للمدرسة الجديدة. فقد كانوا ينظرون إلى أنفسهم ـ وهذا هو ما ينبغي أن يكون معروفاً عنهم في ضوء معتقداتهم وممارساتهم الحقيقية ـ بوصفهم أتباعاً للمذهب الحنبلي، في ضوء تنقية محمد بن عبدالوهاب لهذا المذهب وتفسيره له. والإخوان بوصفهم متشددين لم يُدْخِلوا ممارسات دينية جديدة، ولا طقوساً جديدة، كما لم يُدْخِلوا أيضاً تحريمات أو إِباحات جديدة. على الرغم من أن المعايير المحددة للسلوك العام والخاص، التي التزموا بها وفرضوها، والتي من قبيل الفتوى الخاصة بالتدخين، هي أصلاً من عندياتهم" (أي من أفكارهم واجتهادهم).

[mark=FF0033]ب- من هم الإخوان؟[/mark]

يخلُص جون حبيب إلى أن الإخوان: "هم أولئك البدو، الذين تخلوا عن حياتهم الرعوية، وهاجروا إلى الهُجَر، وعاشوا فيها حياة التزموا فيها بتعاليم الإسلام وممارساته. والطريقتان اللتان أمكن بهما إقناع هؤلاء البدو بالتخلي عن حياتهم الرعوية، هما:

أولاً:
أفراد بعينهم استلهموا الروح الدينية الجديدة، التي أشعل جذوتها فيهم الدعاة الدينيون الوهابيون أنصار ابن سعود، والذين بدأوا يعيشون حياة الجماعة، بعد أن وعدهم ابن سعود بدعمه المادي لهم.

ثانياً:
أمّا القبائل، التي لم تكن على استعداد للتخلي عن حياتها الرعوية، فقد أقنعهم ابن سعود بالطريقة التالية:

"... كان يرسل إلى الشيخ ويخبره بلغة فظة أن قبيلته لا دين لها وأنهم جميعاً "جُهْل" ثم يأمر الشيخ بالحضور إلى مدرسة "العلماء" المحلية ، التي كانت ملحقة بالمسجد الكبير في الرياض، وفي هذه المدرسة كان يجرى تفقيه شيخ القبيلة في الدين. وفي الوقت نفسه كان يتم إيفاد ستة من العلماء، من قبيلة الدّويش (مطير)، في حراسة بعض الإخوان المتشددين بحق، إلى القبيلة نفسها. كان هؤلاء العلماء يعقدون جلسات يومية يفقهون الناس من خلالها في الإسلام، وفي بساطته الأصلية...".

"... وعندما يصبح شيخ القبيلة متفقهاً في الدين بما فيه الكفاية، يدعونه إلى أن يبني له بيتاً في الرياض، ويبقى فيها ليداوم حضوره مع الإمام. وهذا بدوره كان أيضاً جزءاً من خطة السيطرة....." .


[mark=FF0033]ج- تميز حركة الإخوان[/mark]

وينتهي جون حبيب، عقب دراسته لمجتمعات الإخوان وحركتهم، إلى أن التزامهم المُنظّم هو الذي جعلهم مؤسسة تكاد تكون فريدة في شبه الجزيرة العربية. "وقد تميزت تلك المؤسسة بولع البدو العرب بالعمل المستقل، وميلهم إلى التنظيم المفكك (أي غير الملتزم). وقد أدّى كل من الانتشار السريع لحركة الإخوان، وزيادة عدد الهُجَر، إلى مواجهة ابن سعود بمشكلة سرعان ما بدأت تتضح أكثر وأكثر: فلما كان اقتناع الإخوان الديني مفروضاً عليهم، ولمّا كانوا دوماً واقعين تحت تأثير الحفز المستمر تقريباً من العلماء والمطوعين، ولمّا كان الدين شغلهم الشاغل في غياب المصالح الأخرى أو اللهو، فقد بدأوا يشكلون تهديداً لا لسلطة ابن سعود وقوته فحسب، وإنما للمجتمع الإسلامي، بالمعنى الأوسع لذلك المصطلح" .

[mark=FF0033]د- الصراع بين الإخوان والملك عبدالعزيز[/mark]

أدرك جون حبيب حقيقة الصراع الخفي، ثم المُعلن بعد ذلك، بين الملك عبدالعزيز والإخوان، بعد أن اشتدت شوكتهم، وأصبحت السيطرة عليهم تحتاج إلى مجهود وصبر وتكتيك، خاصة بعد انتصارهم في تربة والطائف على قوات الشريف حسين. "فما أن وصلت أنباء مذبحة تربة إلى الطائف، حتى أُصيب سكانها بالرعب والخوف. وبدأ أفراد الأسرة المالكة والأعيان والتجار، الذين كانوا قد ذهبوا إلى المنتجع الصيفي في الطائف، يعودون إلى مكة من جديد. وطالب المسؤولون البريطانيون، الذين كانوا يشعرون بالتزام أدبي نحو الشريف حسين، بالتدخل العسكري؛ وطالب القناصل الأجانب البريطانيون بفرض عقوبات عسكرية، اقتصادية، ومالية على ابن سعود، بل إن الحكومة البريطانية نفسها في حالة من الجنون المؤقت، الذي لم تستطع معه أن تهتدي إلى ما يجب أن تفعله، بدأت أولاً بإصدار قرارات تُهدد بها ابن سعود، ثم راحت تغير تلك القرارات، بعد ذلك، سعياً منها إلى عدم تكدير موقفها معه".

"وفي كل الأحوال، لم تعد القضية قضية ابن سعود وإنما قضية الإخوان. وأصبحت المسألة الأساسية تتركز على مقدار الضغط، الذي يمكن أن يمارسه ابن سعود على الإخوان، حتى يتمكن من السيطرة عليهم، وبفرض أن ابن سعود كان على استعداد لذلك، فما هو مدى استجابة الإخوان لنصيحته لهم بعدم المضي قدماً في الغزو. وإذا ما نحينا ذلك جانباً، نجد أن الحكومة البريطانية كانت مضطرة إلى مراجعة الموقف برمته، وإعادة تقييم المشكلة في ضوء التزاماتها قبل الطرفين، وفي ضوء مصالحها الخاصة في المنطقة" .


[mark=0066FF]5- محمد جلال كشك[/mark]

[mark=FF0033]أ- رؤية الدراسة للحركة [/mark]

إنّ أهم ما تقدمه دراسة كشك عن حركة الإخوان، أنها صدرت عن رؤية نقدية منهجية أحاطت بأكثر الدراسات أو الآراء السابقة، خاصة التي كتبها المستشرقون حول الحركة. فتطرق كشك إلى أراء فيلبي، وأمين الريحاني، وجلوب باشا، ومحمد المانع، وحافظ وهبة، وغيرهم. فحلل أفكارهم ونتائجهم، ثُمّ عرض فكرته الخاصة عن الإخوان. يقول: "كما كانت فكرة الإخوان من عبقرية عبدالعزيز وحده، فإن تصفيتهم كانت مهمة مستحيلة إلاّ على عبدالعزيز .. أو كما قيل "من يُحَضّر الجان يعرف كيف يصرفه". وكما كانت الظاهرة محيرة، وفوق قدرة التفسير بالمنطق العادي ... فإن انشقاق الحركة، وتمردها، ثم انهيارها السريع، عسير على الفهم، يفوق القدرة على التفسير، إذا ما استعان بالمنطق الجاري، والروايات التي تستظرف الأخبار، أو تتجنب المواجهة الموضوعية، أو محاولة البحث عن أسباب في نقص خلقي، أو سوء نية في أحد الطرفين أو هما معاً .. مع أن قناعتنا هي أنه ما من طرف في القضية يستحق الإدانة بمسؤولية ما حدث! أو تسيء الحقيقة إليه .. بل كل مضى إلى مصيره المحتوم، وكل لعب الدور الذي يفترض فيه أن يلعبه، ويتوقع منه

[mark=FF0033]ب- الإخوان والملك عبدالعزيز[/mark]

يرى محمد جلال كشك "أن قوات الإخوان تمثل لوناً من جيوش التحرير والجهاد، وأن كل الجيوش، التي كانت لها مهمة سياسية من خلال تربية عقائدية، لا بد عقب النصر من دخولها في مواجهة مع القيادة المدنية، فإمّا أن يتولى العسكر السلطة، ويصبح الجيش هو الطريق إلى الحُكم، أو تُصفي القيادة السياسية، العسكر المنتصر! حدث ذلك في الصين، وفي إسرائيل، وفي جيش التحرير الجزائري، وفي روسيا .. وقبل ذلك في المملكة العربية السعودية.

وفي كل الثورات، فإن الخلاف يبدأ عندما يصل الخط البياني إلى نقطة الذروة، عندها يحدث الانشقاق، ويبدأ الانفراج، الذي يظل يتسع بانحداره من القمة إلى القاعدة، حتى يتحول إلى صدع" .

ويرى محمد جلال كشك، أن مرد الخلاف بين الإخوان والملك عبدالعزيز، أن الإخوان اختاروا مواصلة الثورة، بحكم تربيتهم وعقيدتهم وتكوينهم كمؤسسة عسكرية، حتى ولو كان الثمن تعريض الدولة السعودية الناشئة للخطر.

بينما اختار الملك عبدالعزيز بناء الدولة، والمجتمع الإسلامي، في بلد واحد، ليكون نموذجاً وحافزاً، لتجدد الثورة وانتشارها، عندما تأتي اللحظة المناسبة. ومن ثم كان عليه أن يعترف بالحدود، والكيانات، والسيادات، لأنه لا يملك القدرة على إزالتها، ولأن استمرار الثورة، يعرض "حصن الإسلام" للخطر، بل للزوال ! ويرى محمد جلال كشك أن خلاف الملك عبدالعزيز مع الإخوان ليس أمراً جديداً، بل هو الخلاف المشهود في جميع الثورات، ومرده إلى أيهما أجدى: الثورة الدائمة .. أم بناء دولة الثورة؟! ولا أستطيع أن أتذكر حالة واحدة انتصر فيها تيار الثورة الدائمة .. وبقيت الثورة أو الدولة ..! "فإذا شئنا أن نجلس في مقاعد القضاة، فيمكننا القول إن رأي الإخوان كان يعني ضياع الدولة والثورة معاً .. أمّا موقف عبدالعزيز فكان المتفق مع كل الخيارات التي سبقته، وإن كانت التطورات حالت دون تنفيذ ما أراده" .


[mark=FF0033]ج- متى بدأ الخلاف بين الإخوان والملك عبدالعزيز[/mark]

وفي تحديده لأسباب هذا الخلاف، يرى محمد جلال كشك أنّ الخلاف بدأ تحت أسوار جدة، فمنذ أن دخل "الإخوان" الحجاز تفجّر التناقض، وبدأت الأزمة، "فطالما ظلوا شرق الحجاز، لم يكن هناك فارق أساسي في أسلوب الحياة بينهم وبين "المشركين"، ولكن في الحجاز، تتجمع شتى الحضارات والثقافات والتقاليد من مختلف المجتمعات الإسلامية، فبدأ التنافر على الفور بين البدو المسلمين المتطهرين، الذين يريدون الإسلام في أكثر صوره تجريداً، ويرون في أبسط الطقوس مظهراً من مظاهر الوثنية، وبين المجتمع الحجازي المدني، الشديد الاهتمام بالطقوس، مع ما يبدو من عدم اهتمام أو حتى لا مبالاة أو عدم تقدير لعظمة المكان الذي يعيشون فيه.
"وقد اضطر ابن سعود للتدخل أكثر من مرة ليمنع الإخوان من التعبير ـ بأساليبهم ـ عن سخطهم على أهل مكة. واستطاع الحكم السعودي أن يطمئن المكيين والحجازيين، بل والمسلمين عموماً، بتدخله للحد من تشدد الإخوان، ولكن على حساب علاقته مع هؤلاء، بل استطاع الحجازيون، بخبرة أهل المدن، أن يدقوا إسفيناً بين الثورة والدولة، ابتداء من طلبهم التسليم لأمير سعودي، وليس لقائد إخواني، معلنين بذلك ثقتهم وقبولهم للدولة وشكهم في الثورة أو رفضهم لها" .


[mark=FF0033]د- أسباب تصاعد الخلاف[/mark]

ويرى محمد جلال كشك أن من أسباب تصاعد الخلاف بين الإخوان والملك عبدالعزيز، رفض الإخوان لمنطق السلطة والالتزام بحدود الدولة وقوانينها ونظمها. وأنّ الخلاف في جوهره، هو رفض الإخوان أن تقوم دولة عصرية بسيوف المؤمنين. "بقدر ما كان الشّعار الإخواني صحيحاً من الناحية النظرية، كان يبدو مضحكاً وغريباً من الناحية العملية، كذلك كان مسلك دولة عبدالعزيز، فهي من ناحية تبدوا ابتعاداً عن حرفية النصوص، ومن ناحية أخرى تبدو التطبيق الوحيد الممكن للمحافظة على دولة منتمية لهذه النصوص .. وهكذا اتفق النقيضان واصطدما في الوقت نفسه. فعلى سبيل المثال، اتفق الإخوان وعبدالعزيز على استنكار المكوس أو الضرائب والجمارك من الناحية النظرية. وهذه الضرائب ظاهرة حديثة، قد تكون لها ضرورياتها، بل ومن الممكن تَلَمُس فتوى بمشروعيتها، وهو ما أخذت به الدولة، ولكن لا سبيل إلى إنكار قوة حجة الذين رأوا فيها مخالفة لنظرية وقيم المجتمع الإسلامي، القائم على حرية العمل، حرية التملك، حرية التجارة .. فما دام المالك أو التاجر يؤدي الزكاة أو حق المال، وما دام المستهلك يؤدي حق المجتمع، وهو العمل للقادر عليه، فليس للسلطة أن تتدخل بينهما بالمكوس .. والتحكم في الأسعار مرفوض أيضاً أو قل مكروه، أو غريب عن الفكر الإسلامي، والنظام الإسلامي، والدولة السعودية لم تحاول فلسفة الأمر، أو الزعم بإسلاميته، بل أوردته تحت باب الضرورات التي تبيح المحظورات، وفعلاً بعد أن تفجّر النفط، ألغت الدولة المكوس والضرائب" .

[mark=FF0033]هـ- أسباب انهيار الحركة[/mark]

ولعل من أمتع وأعمق ما تقدمه دراسة كشك، نظرته الموضوعية لأسباب انهيار حركة الإخوان، وتصفيتها، يقول:

"ويمكن القول، بأن الإنجليز أرادوا ثورة الإخوان، وساعدوا على تأزمها وانفجارها. وجرها إلى المصير، الذي انتهت إليه، ولكنهم، بالطبع، لم يخترعوها. فكما قلنا، لا الإنجليز ولا أية قوة، مهما كان تفوقها أو نفوذها، تستطيع اختراع ثورة، أو تفجير ثورة في بلد ليست حبلى بها بالفعل، فالعقيم لا تجهض، أو لا حاجة لإجهاضها. فما كانت بريطانيا بالتي تطمئن على مستعمراتها وعملائها، إذا ما ظل عبدالعزيز يقود تلك الحركة، سواء قادها للجهاد المباشر بعد فتح الحجاز، أو اعتمد أسلوب تصدير الثورة، بالأفكار والدعاة والمتطوعين مع تطوير الحركة وأفكارها داخل السعودية. ولذلك، كان لا بد من المواجهة. وقد لجأ الإنجليز لأسلوبهم المفضل، وهو تفجير القوة المضادة من داخلها. فلما كشفهم عبدالعزيز، وتمكن من سحق مقاومة المتمردين، في المواجهة العسكرية، التي لم تكن أبداً بحجم أو شراسة ما كان يفترض في هذا الصدام. وأيضاً، بالمواجهة العقائدية، التي سحبت قواعد الإخوان من حول الدّويش، التي رأت الطريق الخاطئ الذي يسير إليه المتمردون، فعادت إلى طاعة الملك، ولو بتحفظاتها. وقد رأينا غلبة العناصر غير الإخوانية بجيش الدّويش، في المواجهة الثانية بعد السّبَلَة. عندها وجدت بريطانيا أن الهدف الرئيسي قد تحقق، وهو تفجير قنبلة الإخوان داخل نجد وليس خارجها. وتخلصت، بذلك، من سيفهم المعلق فوق إمبراطوريتها، في جزيرة العرب وما حولها. وأنه لا سبيل إلاّ عبدالعزيز، الذي خرج أقوى من الناحية العسكرية داخل الجزيرة" .
[/align]

[mark=333333][align=center]ــــــــــــــــــــــــ[/align][/mark]

ރسلايـل المجـدރ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-2008, 07:40 AM   #3
معلومات العضو
ރسلايـل المجـدރ

عضو ادارة

رقم العضوية : 4152
تاريخ التسجيل: Jul 2006
مجموع المشاركات : 6,081
الإقامة : على شداد ابوي وجدي
قوة التقييم : 31
ރسلايـل المجـدރ is on a distinguished road

[align=right][mark=00CC99]موجز البحث وخاتمته[/mark]

لا يُنكر أن من إنجازات الملك عبدالعزيز السياسية، لتوحيد شبه الجزيرة العربية، استثمار الطاقات النفسية والبدنية الهائلة لدى القبائل البدوية. وكانت الخطوة العملية لهذا الاستثمار، هي نقلهم من حياة البداوة إلى التحضر.

خرجت الفكرة إلى حيز التنفيذ، بتأسيس مستوطنات لإقامة البدو، عُرفت بـ "الهُجر". يجري فيها تعليمهم أمور دينهم، وحرفة الزراعة لكسب معاشهم، بدلاً من الغزو والسّلب والنهب.

في عام 1330هـ/ 1912م، تأسست "الأرطاوية أولى هذه الهجر، وعُرف سكانها بـ "الإخوان"، وهو المصطلح، الذي أُطلق على البدو سكان الهجر.

من هؤلاء البدو، سكان الهجر، تكونت النواة الأولى لجيش من المجاهدين، يُحركهم صِدْقُ العقيدة، وقوة الإيمان؛ جيش غير نظامي يتكفل بسلاحه ومعاشه، وهو جاهز عند الطلب. وهكذا ظهر "الإخوان" قوة عسكرية.

استثمر الملك عبدالعزيز هذا الجيش غير النظامي، ودفع به خلال مسيرته لتوحيد شبه الجزيرة العربية، وإخضاع قبائلها المتناحرة. ومضى الإخوان في معاركهم الظافرة، حتى اكتمل النصر بفتح الحجاز، وزوال حكم الأشراف عنه.

وعندما أحس الإخوان بقوتهم العسكرية، واعتماد الدولة عليهم، أخذ نفوذهم يزداد مستمدين قوتهم من تعصب ديني يرفض كل تحديث وتمدن، باسم البدعة والضلال، بل يعدون كل من ليس منهم، أو مؤمناً بأفكارهم، كافراً حلال دمه وماله. أدى موقف الإخوان المتشدد إلى المواجهة بينهم وبين الملك عبدالعزيز، عندما خرجوا على سلطان الدولة وشرعيتها، وعمدوا إلى إيقاف التطور العصري اللازم لمسيرة الدولة. فرفضوا استخدام الهاتف واللاسلكي والسّيارة والطائرة، وعدوا ذلك من أعمال السِّحر والسَّحرة، ورجسٌ تجب محاربته شرعاً. وتحول التشدد إلى تمرد، قاده ثلاثة من زعمائهم هم: فيصل الدّويش، وسلطان بن بجاد، وضيدان بن حثلين.

وفي عام 1347هـ/ 1928م عندما بلغ عصيان الإخوان مداه، دعى الملك عبدالعزيز إلى مؤتمر عام عُرف "بالجمعية العمومية"، انعقد في الرياض. وفي هذا المؤتمر واجه الملك عبدالعزيز الإخوان بسوء تصرفاتهم، وانتهى المؤتمر بتأييد العلماء للملك عبدالعزيز، ومن ثم جدد المؤتمر البيعة للملك عبدالعزيز إماماً وقائداً.

لم يلتزم زعماء الإخوان بمقررات مؤتمر الرياض، ومضوا في مسلكهم المناوئ لسياسية الدولة، والمتمثل في مهاجمة حدود العراق، والقبائل التي تقيم على أطراف الحدود، فضلاً عن مهاجمة مخافر الشرطة العراقية والاعتداء عليها، ومهاجمة القوافل وترويع الآمنين. ونشر الذعر وعدم الأمان، مما قلل هيبة الدولة، وأظهرها بمظهر العجز والضعف.

بلغت الأحوال حداً من التردي، أدرك معه الملك عبدالعزيز أن مواجهة الإخوان بالحسم والردع، أصبحت أمراً لابدّ منه. خاصة وأن نقض زعمائهم لتعهداتهم، أضحى سمة غالبة لكل مواثيقهم، التي أبرموها معه.

في 19 شوال 1347هـ، قاد الملك عبدالعزيز هجوماً على تجمعات الإخوان في روضة السّبَلَة، وقضى عليهم وفرق شملهم، في معركة عُرفت باسم "السّبَلَة".

لم تستأصل معركة السّبَلَة جذور تمرد الإخوان، ولم تقضِ على حركتهم تماماً، وعاودوا التمرد مرة أخرى، بعد أن أعادوا تشكيل جموعهم.

عقد الملك عبدالعزيز في صفر 1348هـ، مؤتمراً في الدوادمي وآخر في الشعراء، ثم وجه جيوشه إلى معركة فاصلة وحاسمة هذه المرة، ومضى يطارد الدّويش وجماعة الإخوان.

أدرك الدّويش أنه يواجه جيشاً لا قبل له به، فأرسل يطلب العفو والأمان من الملك عبدالعزيز، ولكن الملك عبدالعزيز تجاهل طلب الدّويش، وتوجه إلى الشوكي، عابراً صحراء الدّهناء والصمان، لقتال قوات الإخوان المتجمعة في سهل "الدبدبة".

لجأ الدّويش واتباعه إلى حدود العراق والكويت طلباً للنجاة. فكتب الملك عبدالعزيز إلى المندوب البريطاني في الكويت يستنجزه وعده بعدم حماية الدّويش، حسب الاتفاق الموقع بينهما.

عاهد البريطانيون الملك عبدالعزيز على تسليم المتمردين إليه، شرط الإبقاء على حياتهم. وبالفعل في 28 شعبان 1348هـ نُقل المتمردون إلى أحد المهابط الجوية، بالقرب من خَبَاري وَضْحَا ـ التي كان الملك معسكر بها ـ تقلهم إحدى الطائرات الحربية البريطانية.

وفي 2 رمضان 1348هـ، أُودع زعماء الإخوان الثلاثة السجن؛ وقد أبقى الملك عبدالعزيز على حياتهم براً بوعده.

وبذلك أُسدل الستار على حركة الإخوان، التي دامت عقدين من الزمان. وكان يمكن لها أن تزدهر وتنمو على أُسس سليمة، من العقيدة والالتزام؛ وأن تتطور وتتقدم رافعة راية العلم والإسلام. ولكن عدداً من الأسباب، من أهمها الإيغال في الدين بغير رفق، إضافة إلى الجهل وضيق الأفق بمتطلبات العصر، وضرورة الأخذ بأسباب التقدم والرقي، أديا إلى خروج الحركة عن خطها الصحيح. كما أن زعماء الإخوان كانت لهم أطماعهم السياسية، التي استغلوا من أجل تحقيقها، العاطفة الدينية، البسيطة النقية، لأتباعهم. فضلاً عن أنّ وقوفهم ضد تيار التقدم والعلم، لم يكن أمراً مقبولاً.

إن النظرة إلى هذا الحدث ببعد أعمق، ورؤية أشمل، تكشف عن حقيقة أكبر وأهمية أعظم من أنه انتصار عسكري على تمرد أو عصيان. ذلك أن هؤلاء الإخوان هم رفقاء السلاح، وجيش التوحيد، ومن حملوا مع الملك عبدالعزيز المسؤولية حتى استقام أمر الدولة، واستتب الأمن في أرجاء شبه الجزيرة العربية. إذن، كانت لهم ـ بكل المقاييس ـ دالة على الملك وعلى تأسيس مُلكه.

وهكذا، فإن حركة الإخوان، التي بدأت نقية طاهرة مجاهدة، انتهت، عندما انحرفت عن وجهتها الصحيحة، إلى ضرب من السّلب والنهب والخروج على شرعية الدولة وسلطانها؛ وكل ذلك كان عاملاً حاسماً في ردع الملك عبدالعزيز لزعمائها، ووضع حدِّ لعصيانهم وتمردهم.

إن قرار الملك عبدالعزيز بالتصدي لحركة الإخوان والقضاء عليها، لم يكن قراراً عسكرياً فحسب، بل عمل إستراتيجي لإرساء دعائم الدولة السعودية الحديثة. فالملك عبدالعزيز نفسه، هو الذي أنشأ هذا التنظيم ورعاه، وأعده قوة تجاهد في سبيل الله، وترفع راية التوحيد، وهو ما قامت عليه الدولة السعودية، منذ أن تعاهد، الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب على نصرة الدّين، وتمكّنا بالقرآن والسيف، من إعادة الناس، في وسط شبه الجزيرة العربية، إلى جادة الصواب، إلى حقيقة الإسلام وجوهر التوحيد، وتأسيس الدولة السعودية الأولى. وقد أبلت الحركة بلاءً حسناً، في الحروب التي شاركت فيها نُصْرةً للملك عبدالعزيز، وكان يسعها الاستمرار، لولا تطرفها، ومحاولة جرّ الملك وراءها في هذا التطرف، حين طالبته بمعاداة الشرق والغرب، وعدم إدخال وسائل الحياة الحديثة إلى البلاد. وبدأت تتدخل في شؤون الحكم، اعتماداً على قوّتها ونفوذها، واعتقاداً منها، أن الملك عبدالعزيز، لن يجرؤ على معارضتها. هنا، كان القرار الصعب: إمّا الدفاع عن كيان دولة عصرية، ذات مقومات ومبادئ وأهداف، أو الخضوع للأهواء والرغبات. فاختار القائد الخيار الأول.

وتظهر حنكة الملك عبدالعزيز، وبعد نظره، عندما فضّل خيار المواجهة مع الإخوان، والقضاء عليهم، لأنه أدرك أن طريقهم أصبح غير طريقه. فهم ماضون في الثورة، مطالبون بها، بينما كانت المرحلة تحتاج إلى بناء الدولة، بمعنى أن استمرار الثورة، ممثلاً في الجناح المتطرف للإخوان، كان يعني القضاء على الثورة والدولة معاً.


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=00CC99]الملاحق[/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (1)[/mark]

[mark=FF0033]معارك الإخوان[/mark]

اشترك الإخوان في عدد من المعارك إلى جانب الملك عبدالعزيز، وكانوا عنصراً فعالاً في تحقيق النصر، لمِا اشتهروا به من الشجاعة والإقدام، طلباً للشّهادة والفوز بالجنة. كما خاضوا معركتين ضد الملك عبدالعزيز، عندما وقع الخلاف بينهم وبينه. فتحولوا من سيف في يده، إلى سيف مُسْلطٍ عليه. وفي إيجاز، يورد هذا الملحق أهم المعارك التي شارك فيها الإخوان، سواء إلى جانب الملك عبدالعزيز، أو ضده:

أولاً: معارك خاضها الإخوان، إلى جانب قوات الملك عبدالعزيز، وهي:

1- تربة.
2- الطائف والهدا.
3- الجهراء.


ثانياً: معارك خاضها الإخوان ضد الملك عبدالعزيز، وهي:

1- السّبَلَة.
2- أم رَضَمَة.


تابع: الملحق الرقم (1)

معركة تربة

[mark=FFFF33]1- ميدان المعركة[/mark]

تقع مدينة تربة إلى الجنوب الشرقي من الطائف، على تقاطع خطي الطول 39َ/41ْ شرقاً والعرض 12َ/21ْ شمالاً، على جانب وادي تربة المشهور من جهة الشمال. ويحد الميدان، الذي دارت فيه المعركة من الجنوب، وادي تربة الكبير؛ ومن الشمال أرض منبسطة بها عدد من التلال الصغيرة؛ ومن الشرق تلال الثغر، فأرض فسيحة منبسطة بها بعض التلال؛ ومن الغرب أرض منبسطة. ومن المعلوم، أن تربة والخرمة خضعتا للحكومة السعودية في الدولة الأولى، وأن أغلبية أهلها يؤيدون الدعوة الإصلاحية للشيخ محمد بن عبدالوهاب. وقد خاض أهلها معارك كثيرة إلى جانب آل سعود.

وتبعد الخرمة مسافة خمسين ميلاً من جبل حَضَن، إلى الشرق. كما تبعد تربة مسافة خمسة وسبعين ميلاً عن جبل حَضَن إلى الجنوب. ويُعد جبل حَضَن، في موروث شبه جزيرة العرب، هو الحد الفاصل بين نجد والحجاز. فقد جاء في الأثر: من رأى حضناً فقد أنجد.

وترتفع الخرمة، الكائنة في وادي سبيع، ثلاثة آلاف وخمسمائة قدم عن مستوى سطح البحر؛ وأغلب سكانها من قبيلة سبيع ، وقسم منهم من الأشراف. وتكمن أهمية الخرمة في وقوعها على طريق التجارة بين نجد والحجاز، وتُعدّ محطة تجارية لتجار الوشم والقصيم.

من هذه الوجهة إذن، تكون البلدتان في نجد. ولكن أصحاب السّيادة فيهما من أشراف الحجاز. فادعى الشريف حسين رعايتهم. ومن الوجهة الأخرى، فإن سكانهما من بدو وحضر، وفيهم الأشراف، تمذهبوا في الزمن الماضي بالمذهب الوهابي، ولهذا السبب أيضاً يدعي ابن سعود أنهم من رعاياه. وكلهم، بدو وحضر، لا يتجاوزون الخمسة والعشرين ألف نفس.

وأمّا تربة فسكانها من عرب البقوم، وفيها، مثل الخرمة، عدد من الأشراف يملكون أكثر أراضيها، وكلهم، بدو وحضر وعبيد، من اتباع ابن سعود، منذ أيام الدولة السعودية الأولى. بيد أن قسماً منهم انضم إلى جيش الحجاز، في الحرب العالمية الأولى، ثم انقلب على الشريف حسين، لأسباب دينية ومالية. فأضمر الشريف حسين في نفسه تأديبهم، ولكن لم يتمكن من ذلك، إلاّ بعد أن انتهت الحرب.

ومع أن تربة قرية لا يتجاوز عدد سكانها الثلاثة آلاف، فهي ذات أهمية لأنها في الطريق إلى الطائف. وهي باب الطائف من الوجهة النجدية، وحصن الطائف من الوجهة الحجازية. ويتبع تربة "سهل شرقي" إلى الشمال الشرقي من البقوم. وحول هاتين القبيلتين، سبيع والبقوم، وقراهما، تسرح وتمرح قبيلة عتيبة الكبيرة.


[mark=FFFF33]2- أسباب المعركة[/mark]

كان أمير الخرمة الشريف خالد بن منصور من بني لؤي، من أقارب الشريف حسين؛ ولكنه من المتصلبين في الوهابية، لذلك لم تصفُ الصلات بين الشريفين. فقد حدث بينهما خلاف في عام 1336هـ، جعل الشريف حسين يعتقل خالد بن منصور، فاشتعل في صدره الثأر. ولكنه غطاه لحين برماد النسيان، وراح يساعد الأمير عبدالله بن الشريف حسين في حصار المدينة.

وفي المدينة حدث خلاف آخر بين خالد بن منصور والأمير عبدالله، وتكررت الإساءة لخالدٍ. وعندما احتج غضب الأمير عبدالله وصفعه.

وهناك أسباب أخرى تُعزى للخلاف بين الشريف خالد بن لؤي والشريف حسين، شريف مكة. من ذلك ما يروى أن الأشراف كانوا مجتمعين في المدينة المنورة بعد فتحها، في منزل الشريف حسين لبحث أمور تتعلق بهم، وتوزيع المال الذي غنموه بعد فتح المدينة. وبينما هم كذلك أمر الشريف حُسين ابنه عبدالله بتوزيع المال على الأمراء والأشراف الحاضرين. فأخذ يغرف لكل واحد من الحاضرين غرفتين بيديه. وعندما وصل الدور للشريف خالد بن لؤي، غرف له عبدالله غرفة واحدة بيد واحدة. وكان خالد كلّما نظر إلى الأمير عبدالله، عبس عبدالله في وجهه. ويروى أنه عند قدوم الأشراف من مكة إلى المدينة، حدثت مشكلة بين خالد بن لؤي وأحد أمراء الجيش، ويدعى (فاجر بن شليويح العتيبي) من رؤساء عتيبة، ومن المقربين للأمير عبدالله بن الحسين، الأمر الذي أدى بـ (فاجر) أن يلطم الشريف خالد بن لؤي، على مشهد من الأمير عبدالله. فطالب خالدٌ بحقه، فأمر عبدالله بحبس "فاجر" لمدة ثلاثة أيام، ولكنه أطلقه في المساء. فغضب الشريف خالد، فزجره الأمير عبدالله قائلاً: هذا حقك، ولو فكرت في الاعتداء لسجنتك. فغضب خالد غضباً شديداً؛ ثم زاد الخلافٌ سعة عندما دفع عبدالله إلى خالدٍ غرفة واحدة من المال. وعندما احتج خالد، قال له عبدالله "خذها أو دعها، فليس لك غيرها" .

فاحتدّ الشريف خالد ورمى المال في وجه الأمير عبدالله، وخرج في تلك الليلة، وقصد الشريف حسين، في منزله وشكى له حاله. واستأذن في الذهاب إلى مكة، ولكن فرسه لا تستطيع السير ليلاً، لأنها مريضة، وهو لا يرغب أن يبيت في المدينة تلك الليلة، لذلك يرجو أن يعطيه الشريف حسين فرساً من خيوله الخاصة.

ورغبة من الشريف حسين في استرضاء خالد بن لؤي، أعطاه فرسه الخاص وأمر له بعطاء من المال. فشكره خالد، ثم ودعه مُعلناً ذهابه إلى مكة.

رجع الشريف خالد بن لؤي من المدينة، وقد اجتمعت عدة عوامل تدفعه إلى الخروج عن طاعة الشريف حسين، وتحمله على الانضواء تحت راية الملك عبدالعزيز. وتبعه أهل الخرمة في الخروج عن طاعة شريف الحجاز. وقد حاول الشريف حسين إخضاع خالد بن لؤي بالقوة، ووجه إليه عدة حملات عسكرية، بقيادة الشريف شاكر بن زيد، كان نصيبها الفشل .

وعندما علم الشريف حسين بتمرد خالد بن لؤي، أرسل إليه ليمثل أمامه. فرفض خالد مقابلة الشريف، فأرسل له مرة أخرى، فرفض ثانية. فعزله الشريف عن الإمارة وعين بدلاً عنه أحد القضاة. فبدأت المشادة والتوتر بينهما، وهدد الشريف بضرب "الخرمة" وما حولها، والقبض على خالد، لكن خالداً استعد لقتاله.


[mark=FFFF33] 3- الموقف العام[/mark]

أرسل الشريف حسين قوة عسكرية كبيرة، بقيادة الشريف حمود بن زيد، للقبض على خالد بن لؤي.

وعندما وصلت الأخبار إلى الخرمة، استعد خالد بن لؤي للقتال، وشكلّ قوة من أهل "الخرمة"، وكتب إلى الملك عبدالعزيز يخبره بالأمر. فأرسل الملك عبدالعزيز خطاباً إلى الأمير عبدالله بن الحسين، في 10 شعبان 1337هـ، جاء فيه: "قد تحقق عندي خلاف ما أخبرتني به سابقاً من أنك عائد إلى مكة المكرمة، والظاهر أنك قادم على تربة والخرمة، وهذا مخالف لما أبديتموه للعالم الإسلامي، والعربي خصوصاً.

واعلم ـ رعاك الله ـ أن أهل نجد لا يقعدون عن نصرة إخوانهم، وأن الحياة في سبيل الدفاع عنهم ليست بشيء. وأن عاقبة الغي وخيمة، وأنصحك أن تعود بقواتك إلى "عُشَيْرَة"، وأنا أرسل إليك أحد أولادي أو إخواني، للتفاوض معكم وحسم الخلاف" .

فأجاب الأمير عبدالله على خطاب الملك عبدالعزيز، في 23 شعبان عام 1337هـ، قائلاً: "من عبدالله ابن أمير المؤمنين الحسين بن علي، إلى حضرة أمير نجد ورئيس عشائرها، عبدالعزيز بن سعود، دامت كرامته.

وصلني خط الجناب الموقر، المؤرخ في 10 شعبان، فتلوته وفهمته، فلم أجد فيه ما استغربته واستعذبته. تقول إني بينما أكتب إليك مسالماً أجر الأطواب على المسلمين، وأن مظهري هذا أثار ثائر الناس علينا. وأنك، دامت مدتك، خرجت فزعاً إلى أن يأتيك مني الجواب. وإليك به وهو ينطق بلسان صاحب الشوكة والدي وحكومته.


أولاً:
أظن أن صاحب الشوكة، سيد الجميع، يرحب بكل من يطلب كتاب الله وسنة رسوله، ويحيي ما أحيا الكتاب والسُنة، ويميت ما أماته الكتاب والسنة، لأن هذا دأبه، ودأب أجداده منه إلى صفوة الخلق عليهم سلام الله.

ثانياً:
لا أذكر أن أحداً منا وقعّ على كتاب ذكر فيه أنك أو أحد آل مقرن من الخوارج. أو أنكم لستم من ملة الرسول.

ثالثاً:
كل من شق عصا الطاعة من رعايا صاحب الشوكة، وعاث في الأرض فساداً يستحق التأديب شرعاً، شخصاً واحداً كان أو ألف شخص.

رابعاً:
اعلم وتيقن أن نيتنا نحوك ونحو أهل نجد، نية خير وسلام.

خامساً:
تأمرني بالرجوع إلى ديرتي من أرض هي لأبي وجدي. ومتى كنت تمنع الناس عن ديرتهم؟ جزيت خيراً. ولكن هل تذكر أن رجلاً من قريش، ثم من بني عبد مناف، ثم من بني هاشم، جَدّه الرسول وعلي بن أبي طالب، يقعقع بالشنان ويروّع بمثل هذه الأقاويل؟

سادساً:
تقول إني لو التمس رجلاً في نجد يرجح الحياة على الموت في سبيل الله، لم أجده. فكان الأوفق لهم، إذن، أن يأتوا ويجاهدوا الأتراك معنا عن بيت الله ومسجد رسوله، حتى ينال الشهادة منهم من كتب له. ثم بعد ذلك ترددون يمنا النظر.

سابعاً:
أخبرتك في كتابي، بفتح المدينة المنورة، بأنني متوجه إلى الوطن لتأديب العصاة، وسألتك هل أنت على عهدي بك، أو تغيرت نياتك؟ فجاءتني نجاجيبك بجواب منك فيه الميل إلى التقرب والمسالمة، فرجوت خيراً وعززته بالجواب الثاني، فجاء ثاني كتبك لي، ومثله لوالدي ولأخي، ملؤها المودة المؤكدة باليمين، وكل ذلك محفوظ. فما حملك الآن على تغيير لهجتك؟ أمن أجل أننا نؤدب رعايانا، ونصلح ما فسد في قبائلنا؟

ثامناً:
إن كنت تنوي الخير للمسلمين، كما زعمت، فاردد الذين أمرتهم ببيع مواشيهم، وبنيت لهم الدور (يريد الهجر)، وأخل أنت مكانك الذي وصلت إليه، وانحر (عد إلى) ديرتك، ولك عليّ ألاّ أمس أحداً من أهل نجد بسوء.

إني مرسل إليك كتابي هذا مع أحد نجاجيبك، وهو القسماني، وأبقيت الآخر ليأتيك بخطاب صاحب الشوكة، والدي، والسلام" . في 23 شعبان 1337 القائد العام للجيوش الشرقية الهاشمية
الختم الأمير

عندما تأكد الملك عبدالعزيز من عزم الشريف حسين على مهاجمة "الخرمة"، وقتال خالد بن لؤي والإخوان، أرسل قوة من الرياض قوامها خمسمائة مقاتل من الإخوان من أهل الغطغط، لتعزيز قوات خالد بن لؤي في الخرمة.


[mark=FF6699]أ- المعركة الأولى (حَوْقَان) (*)[/mark]

[mark=FFFF33]1- سير المعركة[/mark]

تقدمت قوات شريف الحجاز، بقيادة الشريف حمود بن زيد، باتجاه الخرمة. وخرج الشريف خالد بن لؤي لمواجهتهم، ومعه من قوة الإخوان. وتقابلت القوتان صباح 25 شعبان 1336هـ في موضع يُسمى "حَوْقَان"، شمال الخرمة. وبدأ القتال عنيفاً، واستمر من الصباح حتى صلاة العصر.

[mark=FFFF33]2- نتيجة المعركة[/mark]

انهزم جيش الشريف حمود، هزيمة نكراء، على الرغم من عدد قواته البالغة ألف مقاتل، وعاد إلى مكة. وانتصر الشريف خالد بن لؤي، بقوة الإخوان، وغنموا ثلاثين بعيراً محملة بالأسلحة والذخائر، وبعض الأمتعة والنقود. وكان عدد قوت الشريف خالد ألفاً ومائة وستين مقاتلاً، عادوا إلى الخرمة.

[mark=FF6699]ب- المعركة الثانية (جِبَار)[/mark]

[mark=FFFF33]1- سير المعركة[/mark]

ـ خرج الشريف حمود، مرة أخرى، في قوة أكبر من الأولى، مزودة بالرشاشات والمدافع، وكانت الإمدادات تصله من الشريف حسين، من مكة، وابنه عبدالله، من المدينة.

ـ وعندما علم خالد بن لؤي، بخروج الشريف حمود وخط سيره، استعد لملاقاته في قوة أكبر. والتقت القوتان في موضع يُسمى (جِبَار) إلى الغرب من الموضع السابق، (حَوْقَان). ودارت المعركة من الصباح حتى الظهر.


[mark=FFFF33]2- نتيجة المعركة[/mark]

ـ انتصرت قوات خالد بن لؤي والإخوان، وكان عددهم (1400) مقاتل، وعادوا إلى الخرمة. ـ عاد الشريف حمود بن زيد وقواته، البالغة (1200) مقاتل نظامي، منهزمين، إلى مركز القيادة في "عشيرة".

[mark=FF6699]ج- المعركة الثالثة (أَبَارْ الحِنُو)[/mark]

[mark=FFFF33]1- سير المعركة[/mark]

ـ علم الشريف الحسين بن علي بهزيمة الشريف حمود، للمرة الثانية، أمام خالد بن لؤي، الأمر الذي هزّ عرشه، وبات يهدد مملكته.

ـ أصدر الشريف أوامره بتشكيل قوة متعددة، قوامها ألف جندي نظامي، معهم أربعة مدافع، وستة رشاشات وخمسة آلاف رجل، من قبائل عتيبة، وهُذيل، وبني سعد، وبني سفيان، وغيرهم. وأمّر عليهم الشريف "شاكر بن زيد"، الذي خرج بهم إلى "الخرمة"، لملاقاة قوات خالد بن لؤي والإخوان.

ـ واستعد "خالد بن لؤي"، فشكل قوة قوامها ألف وخمسمائة وخمسون مقاتلاً، من أهل "الخرمة". من قبيلة سبيع ثمانمائة وخمسون مقاتلاً، ومن أهل "الرين" مئتا مقاتل، ومن أهل "الغطغط خمسمائة مقاتل". وخرج بهم، بعد أن عرف مخطط عدوه ووجهته.

ـ تقابلت القوتان في منطقة (الحنُو)، وكانت قوات خالد قد سبقت واحتلت آبار (الحنُو).

ـ بدأت المعركة في صباح يوم "عرفة" 9 ذي الحجة عام 1336هـ، وكان القتال عنيفاً، يشتد ساعة بعد أخرى.

ـ وانتهت المعركة بين صلاتي الظهر والعصر، من اليوم نفسه.


[mark=FFFF33]2- نتيجة المعركة[/mark]

ـ سقط من جيش الشريف شاكر عددٌ من القتلى، وجرح أكثر من ثلاثمائة، بينما فرّ أبناء القبائل الباقية، لعدم قدرتهم على القتال.

ـ انسحب الجند النظاميون منهزمين، تاركين وراءهم رشاشاتهم الستة، والجمال المحملة بالمؤن والزاد.

ـ أمّا قوات الشريف خالد بن لؤي، فقد قتل منها ثلاثة، وجرح سبعة عشر، ورجع الآخرون يحملون الغنائم، فرحين بالنصر.


تابع: الملحق الرقم (1)

معركة أم رضَمَة(*)

[mark=FFFF33]1- الموقع[/mark]

تقع أم رضَمَة في تقاطع خطي، الطول 43َ/44ْ شرقاً والعرض 40َ/28ْ شمالاً، في منطقة الهذاليل، وجنوب مدينة الشعبة بخمسة وعشرين كم، (وتبعد الشعبة عن القيصومة بمائة وخمسين كم إلى الشمال الغربي)، ويقع إلى غربها شعيب المسعري. وهي مورد ماء تابع لمنطقة عرعر شمال المملكة، في منطقة خالية بها بعض التلال والشّعاب.

وأقرب المدن لأم رضَمَة الشّعبة، وتبعد عنها حوالي (73) كم، جنوباً، وبلدة لينة الواقعة إلى الغرب منها، وتبعد عنها حوالي (121) كم.

أما شعيب المسعري فيقع في منتصف الطريق بين أم رضَمَة ولينة. وهو الموقع الذي قُتل فيه (عزيز) عبدالعزيز بن فيصل الدّويش.


[mark=FFFF33]2- أسباب المعركة[/mark]

بعد أن قضى الملك عبدالعزيز على فتنة الدّويش، في السّبَلَة، عام 1347هـ، توجه إلى الحجاز ليكمل ما بدأه من أعمال، لاسيما في المشاعر المقدسة، لتيسير السبل لحجاج بيت الله الحرام.

وما أن وصل الملك عبدالعزيز الحجاز، حتى نقض فيصل الدّويش العهد، وجدّد الفتنة. فخرج من الأرطاوية، بعد أن برأت جراحه من معركة السّبَلَة. واستقر بين الكويت والحدود العراقية ـ السعودية.

وكان الدّويش قد كتب إلى العجمان يدعوهم إليه، فاستجابوا له بقيادة زعيمهم، ضيدان بن حثلين، الذي خرج على الملك عبدالعزيز، بعد معركة انتصر فيها على عبدالله بن جلوي، أمير الأحساء.

اجتمع العجمان، ومن معهم من مطير، حول الدّويش. وعاثوا في الأرض فساداً، فقتلوا الأبرياء، وسلبوا المارة، وقطعوا الطُرق.

ولم تقتصر الفتنة على الدّويش وابن حثلين، بل شارك فيها جزء من قبيلة عتيبة، برئاسة "مقعد الدهينة"، الذي تحرك بمن معه حتى نزل في بلاد العوازم في منطقة الأحساء. ولما رأى الدهينة أنه لا طاقة له بقوات الملك عبدالعزيز، ذهب إلى العراق وأقام هناك .


[mark=FFFF33]3- الموقف العام[/mark]

رجع الملك عبدالعزيز من الحجاز إلى الرياض، وسلك كافة السبل لإنهاء التمرد، من دون الدخول في حرب وقتال.

ولكنه أدرك أخيراً ضرورة أخذ المتمردين بالقوة، هذه المرة، لأن نقض العهد، ونقض البيعة، توجب القتال شرعاً.

فبعث الملك عبدالعزيز بالرجال والسلاح والمال إلى أمرائه، في الأحساء والقصيم، والقطيف، وحائل. وأمرهم بملاحقة الفتنة والقضاء عليها، في كل مكان.

وأمر ابن أخيه، الأمير خالد بن محمد بن عبدالرحمن الفيصل، ومعه كتيبة من المقاتلين، بالمسير إلى مقعد الدهينة وأتباعه. كما أمر الشيخ عمر بن ربيعان، شيخ الروقة من عتيبة، بمساعدة الأمير خالد، على إنجاز تلك المهمة.

وخرج الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي، أمير حائل، من حائل ومعه الأسلم من شمر في قوة عظيمة . وعندما وصل موضع (أم رضَمَة)، وجد عبدالعزيز بن فيصل الدّويش ومعه سبعمائة وعشرون من بني عبدالله من مطير، وجماعة فرحان بن مشهور من الرّولة. فاشتبك الطرفان في معركة كبيرة، كان النصر فيها حليف ابن مساعد. وكان ذلك في 5 ربيع الثاني 1348هـ/ 11 سبتمبر 1929م.


[mark=FFFF33]4- خسائر الطرفين[/mark]

ـ بلغت خسائر قوات الملك عبدالعزيز ثلاثة عشر قتيلاً، وسبعين جريحاً. ـ وبلغت خسائر الدّويش سبعمائة وعشرين قتيلاً، كان منهم قائدهم عبدالعزيز الدّويش "عزيز، ولم يَنْجُ أحد.

ـ وغنمت قوات الملك عبدالعزيز، كل الأسلحة والذخائر والمؤن والإبل وغيرها، مما كان مع قوات عزيّز، وهي أصلاً أموال منهوبة من قرى (لِيْنَة).


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=0099FF]المحلق رقم (2)[/mark]

فتوى علماء نجد، في شأن تعصُب الإخوان ومخالفتهم الشرع

من عبدالله بن عبداللطيف، وحسن بن حسين، وسعد بن حمد بن عتيق، وعمر بن محمد بن سليم، وعبدالله بن عبدالعزيز العنقري، وسليمان بن سحمان، ومحمد بن عبداللطيف، وعبدالله بن بليهد، وعبدالرحمن بن سالم

ـ إلى كافة الإخوة، من أهل الهُجَر وغيرهم، وفقنا الله وإياهم لما يحبه ويرضاه، وجعلنا وإياهم من حزبه وأوليائه. آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد ذلك: تفهمون ما منّ الله به علينا وعليكم، من نعمة الإسلام، وتجديد هذه الدعوة. والذي علينا وعليكم شكر الله، واتِّباع أوامره، واجتناب نواهيه. ولا يخفاكم ما جرى من الاختلاف، وكثرة الشُّبه، وهي على ثلاثة أمور.


الأول:
وهو الأكثر، طلب الخير، والاجتهاد، ووقوع الناس في أمور تخل في دينهم ودنياهم، لأنهم يأتون ذلك محبة للدين، بغير دليل.
والثاني:
أنه لا بدّ في بعض الإخوان المتقدمين شدة وتعصب، بغير دليل. فلما تبين له الأمر، وسأل طلبة العلم، وتحقق عنده أن تعصبه خطأ، ورجع عن أمره الأول، استنكر منه إخوانه، وصار بينه وبينهم اختلاف، بغير سؤال، ولا تبيُّن حقيقة ما عنده.
والأمر الثالث:
أن هناك أناساً، من الذين يدّعون طلب العلم، من الحضر، وهم جهال، يُدخلون على بعض الإخوان أموراً مشتبهة. أحد منهم يريد الحق، وهو مخطئه. وأحد قصده يُعرَف بالأمور المخالفة. فلما تحقق ذلك، عند ولاة الأمور وعند العلماء، أحبوا اجتماع المسلمين مع علمائهم وولاة أمورهم. (فلمَا حضر أسمع الحاضر بنفسه) ، والغائب نبلغه بهذا الكتاب. فقد سأَلَنا الإمام عبدالعزيز، بحضرتهم، عن أمور،

الأول:
هل يُطلق الكفر على بادية المسلمين، الثابتين على دينهم، القائمين بأمور الله ونواهيه، أم لا؟

والثاني:
هل في لابس العقال، ولابس العمامة، فرق تفاوت، إذا كان معتقدهم واحداً، أم لا؟

والثالث:
هل في الحضر الأولين، وفي المهاجرين الآخرين فرق، أم لا؟

والرابع:
هل في ذبيحة البدوي، الذي في ولاية المسلمين، ودربه دربهم، ومعتقده معتقدهم، وفي ذبيحة الحضر الأولين والمهاجرين، فرق حلال أو حرام، أم لا؟

والخامس:
هل للمهاجرين أمر أو رخصة، فيعتدوا على الناس، الذين لم يهاجروا، يضربونهم، أو يتهددونهم، أو يؤدبونهم، أو يلزمونهم بالهجرة، أم لا؟

وهل لأحد أن يهجر أحداً، بدوياً أو حضرياً، بغير أمر واضح، إما كفر صريح، أو شيء من الأعمال، التي يجب هجره عليها، بغير إذن وليّ الأمر أو الحاكم الشرعي؟ فأجبناه، بحضور الحاضر من المسلمين،

أن كل هذه الأمور مخالفة للشرع، ولا أمرتْ بها الشريعة. وأن الذي يفعلها يُنهى عنها، فإن تاب وأقر بخطئه، فيُعفى عنه. وإن استمر على أمره وعاند، فيجب عليه التأديب الظاهر، بين المسلمين. وأن جميع ما يأمر به، أو يَنهى عنه، أو يُعادي أو يُصادق، على غير ما أمرت به الولاية، ولا حكم به الحاكم الشرعي، أن الذي يفعله مخالف للشريعة، وطريقته غير طريقة المسلمين. وهذا الذي ندين الله به، ونُشهد الله عليه، نرجو الله أن يوفقنا وإياكم للخير. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

1337هـ = (1919م) - (ختم)
- حسن بن حسين
- سعد بن حمد بن عتيق
- عمر بن محمد بن سليم
- عبدالله عبدالعزيز العنقري
- سليمان بن سحمان
- محمد بن عبداللطيف
- عبدالله بن بليهد
- عبدالرحمن بن سالم
- عبدالله بن عبداللطيف


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (3)[/mark]

مناصحة الملك عبدالعزيز لفيصل الدّويش

من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، إلى جناب الأخ المكرم الأفخم، فيصل الدّويش ـ سلمه الله تعالى ـ آمين. بعد مزيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، خطك وصل، وما عرفت، كان معلوماً، خصوصاً امتثالكم لأمر الله، أنتم والشيخ. هذا أمر من عنوان سعادتكم، ولا، والله، نرى فيه حقاً غير ذلك، وليس هناك من أحد، يدعي أنه مطيع الله، إلاّ الذي تظهر عليه إشارات الحق والخير، بتقديم العلم وأهله. وأنت، يا أخي، لا تهتم لأحد في هذا الأمر. الأول: يكون عندك معلوماً، أن صاحب الحق منصور ـ إن شاء الله ـ وما قمت به تريد به النجاة عند ربك، وامتثال أمر علماء المسلمين. الثاني: اذكر وصاياي لك دائماً، كلمّا قابلتك. واعرف أن من أحبك في دين الله، تراه ما ينصحك إلاّ بقوله قدّم الشريعة، واسأل أهل العلم وعاضدْهم، وانصحْ أهل الجهل وادقمهم (أي: اردعهم وعاقبهم). وترى هؤلاء الناس، الذين يقومون تبع كل ناعق، ترى فيهم أمرَين، الأول: حروة (أي: توقُّع) أن الله يسلط بعضهم على بعض، في حياتهم، لأن هذي من عادة الله، يكفي المسلمين الشر، ويرده على أهله. والثاني: حجة يوم القيامة على من ساعدهم، ويتبرأ بعضهم من بعض. ولا يقطع عقلك، يا فيصل، يا أخي، أن على الإسلام وأهله، أضر من أهل الجهل والبدع، إذا صاروا في قلب المجتمع. أما من قبلي أنا، فصحيح أنك أخي، وتعرف مقامك عندي. ولكن ذلك يحتمل ديناً ودنيا. لكن إذا أردت أن تعرف قلبي وقالبي، وما أنا عليه، وما أنا فاعله، فمثل ما عرفتك، سابقاً ولاحقاً، فأنا خادم لأهل العلم، والله بحوله وقوّته ـ إن شاء الله ـ لأُمضي ما قالوا، وأحب من أحبوا، وأبغض من أبغضوا، وأمضي أمرهم على نفسي وعيالي ومن أحب. وأنت ـ إن شاء الله ـ اغدُ (أي: صِرْ) مثل ما قال راعي المثل، إذا كان الذي بيني وبين الله عامراً، فعسى الذي بيني وبين العالمين خراب. أيضاً يكون عندك معلوم، إذا كان الله معك، فمن تخاف؟ فإذا كان عليك، فمن ترجو، أيضاً؟ اعرف وصية أهل الخير بعضهم لبعض، والاقتداء بقول الرسول ـ من اتخذ رضى الله بسخط الناس، رضي الله عليه، وأرضى عليه الناس. ومن اتخذ رضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس. اتق وجهه، يكفك الوجوه. فأما من جهة ما ذكرت، فنحن جاعلوه على ال بال. نصايح المشايخ واصلتكم، وخطنا واصلكم، وأهل الهُجَر عرّفناهم. ومن طرف الربع (القوم)، الذين ظهروا من كم، ما جاءونا. لكن يذكر لنا ابن أخي ابن نهير، أنهم في مبايض يدورون (أي: يبحثون) لهم بيوتاً. وأنا عرفت أهل مبايض من رأسي، وكتبت لهم خط، أنهم ما يستلفونهم (أي: يستقبلونهم)، لا هم، ولا غيرهم. ومن قبل العزيز، فحنا مخلينه في بريدة مريضاً، وقايل يبي (أي يريد) يجي (أي: يأتي) لنا. ولكن تعرف ما يخلي (أي: يترك) طبعه. أما من قبل الربع، الذين هم عندنا، فكثروا الهرج على الناس، ويقولون ما قيل، كذباً علينا. ونحن نشهد الله على حب ولاية المسلمين وعلمائهم، وجواب من هذا كثير، أتلى (أي: آخِر) ما جوني وقالوا: حنّا (أي: نحن) مير نبي (أي: نريد) المشايخ يقومون علينا الحجة، إن مكذوب علينا. ونبيهم (أي: نريدهم) يرضون علينا. وجمعت المشايخ لأجل أتحرّى (أي: استقصي) الذي بخواطرهم. ولما جمعتهم وقلت هؤلاء هذا جوابهم، لعلكم تتكلمون معهم، لأنك تعرف طبعي. ولما ذكرت ذلك للمشايخ، تأثروا وقالوا لا يأتونا، ولا يكلمونا، نحن، من فضل الله، ما عندنا رأي يخالف رأي المشايخ الذين عندهم، فمن رضوا عنه رضينا عنه، ومن غضبوا عليه غضبنا عليه. هذي مقالة المشايخ. هذا ما لزم تعريفه، بلِّغ السلام الشيخ والعيال، ومنا سيدي الوالد، والإخوان، والعيال يسلّمون، ودمتم محروسين.

16/ شوال/ 1339هـ = (1921)


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (4)[/mark]

فتوى العلماء في بعض القضايا، التي أثارها الإخوان

من محمد بن عبداللطيف، وسعد بن حمد بن عتيق، وسليمان بن سحمان، وعبدالله بن عبدالعزيز العنقري، وعمر بن محمد بن سليم، وصالح بن عبدالعزيز، وعبدالله بن حسن، وعبدالعزيز بن عبداللطيف، وعمر بن عبداللطيف، ومحمد بن إبراهيم، ومحمد بن عبدالله، وعبدالله بن زاحم، ومحمد بن عثمان الشاوي، وعبدالعزيز بن محمد الشثري

ـ إلى من يراه، من إخواننا المسلمين، سلك الله بنا وبهم صراطه المستقيم، وجنّبنا وإياهم طريق أهل الجحيم. آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد ورد على الإمام ـ سلمه الله ـ سؤال من بعض الإخوان عن مسائل، وطلب منّا الجواب عنها، فأجبناه بما نرى.

ـ أما مسألة البرقي، فهو أمر حادث، في آخر هذا الزمان، ولا نعلم حقيقته، ولا رأينا كلاماً عنه من أحد من أهل العلم. فتوقفنا في مسألته، ولا نقول على الله ورسوله، بغير علم. والجزم بالإباحة أو التحريم، يحتاج إلى الوقوف على حقيقته.

ـ وأما مسجد "حمزة" و"أبو رشيد" فأفتينا الإمام ـ وفّقه الله ـ أنهما يهدمان، على الفور. ـ وأما القوانين، فإن كان موجود منها شيء في الحجاز، فيُزال فوراً، ولا يُحكم إلاّ بالشّرع المُطهّر.

ـ وأما دخول الحاج المصري بالسلاح والقوة، في بلد الله الحرام، فأفتينا الإمام بمنعهم من الدخول بالسلاح والقوة، ومن إظهار جميع المنكرات.

ـ وأما المحمل، فأفتينا بمنعه من دخول المسجد الحرام، ومن تمكين أحد أن يتمسح به أو يقبّله. وما يفعله أهله من الملاهي والمنكرات يُمنعون منها. وأما منعه عن مكة، بالكلية، فإن أمكن بلا مفسدة تعيّن، وإلاّ فاحتمال أخف المفسدتين، لدفع أعلاهما، ثابت، شرعاً.

ـ وأما المكوس، فأفتينا الإمام، بأنها من المحرمات الظاهرة. فإن تَرَكَها، فهو الواجب عليه. وإن امتنع، فلا يجوز شق عصا المسلمين، والخروج عن طاعته، من أجْلها.

ـ وأما الجهاد، فهو موكول إلى نظر الإمام. وعليه أن يراعي الأصح (أي الصحيح) للإسلام والمسلمين، على حسب ما تقتضيه الشريعة الغراء. نسأل الله لنا وله، ولكافة المسلمين، التوفيق والهداية. وصلى الله على نبينا، محمد، وآله وصحبه وسلم.

3/ رمضان/1345هـ = (مارس 1927م) - (أختام)
- محمد بن عبداللطيف
- سعد بن حمد بن عتيق
- سليمان بن ناصر بن سحمان
- عبدالله بن عبدالعزيز العنقري
- عمر بن محمد بن سليم
- صالح بن عبدالعزيز
- عبدالله بن حسن
- عبدالعزيز بن عبداللطيف
- عمر بن عبداللطيف
- محمد بن إبراهيم
- محمد بن عبدالله
- عبدالله بن زاحم
- محمد بن عثمان الشاوي
- عبدالعزيز بن محمد الشثري


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (5)[/mark]

خطاب جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود، في مؤتمر الرياض

"أيها الإخوان.

تعلمون عظم المِنّة، التي منّ الله بها علينا بدين الإسلام؛ إذ جمعنا به بعد الفُرقة، وأعزنا به بعد الذلة. واذكروا قوله ـ سبحانه ـ: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ. إن شفقتي عليكم وعلى ما مَنّ الله به علينا، وخوفي من تحذيره ـ سبحانه ـ بقوله:إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، كل هذا دعاني لأن أجمعكم في هذا المكان، لتتذكروا، أولاً، ما أَنعم الله به علينا، فنرى ما يجب عمله لشكران هذه النّعمة؛ وثانياً، لأمر بدا في نفسي، وهو أنني خشيت أن يكون في صدر أحد شيء يشكوه، مني أو من أحد نوابي وأمرائي، بإساءة كانت عليه أو بمنعه حقاً من حقوقه، فأردت أن أعرف ذلك منكم، لأخرج أمام الله بمعذرة من ذلك، وأكون قد أديت ما عليّ من واجب؛ وثالثاً، لأسألكم عما في خواطركم، وما لديكم من الآراء، مما ترونه يصلحكم في أمر دينكم ودنياكم".

"إن القوة لله وحده. وكلكم يذكر، أنني يوم خرجت عليكم، كنتم فِرقاً وأحزاباً، يقتل بعضكم بعضاً، وينهب بعضكم بعضاً، وجميع من ولاه الله أمركم، من عربي أو أجنبي، كانوا يدسّون لكم الدسائس، لتفريق كلمتكم، وإنقاص قوّتكم، لذهاب أمركم. ويوم خرجت، كنت محل الضعف، وليس لي من عضد ومساعد إلاّ الله، وحده، ولا أملك من القوة غير أربعين رجلاً، تعلمونهم. ولا أريد أن أقص عليكم ما منّ الله به عليّ من فتوح، ولا ما فعلت من أعمال معكم، كانت لخيركم؛ لأن تاريخ ذلك منقوش في صدر كل واحد منكم، وأنتم تعلمونها جميعها، وكما قيل (السّيرة تبيّن السّريرة). إنني لم أجمعكم، اليوم، في هذا المكان، خوفاً أو رهباً من أحد منكم، فقد كنت وحدي من قبْل، وليس لي مساعد إلاّ الله، فما باليت بالجموع، والله هو الذي نصرني؛ وإنما جمعتكم، كما قلت لكم، خوفاً من ربي، ومخافة من نفسي أن يصيبها زهوٌ أو استكبارٌ. جمعتكم، هنا، في هذا المكان، لأمر واحد، ولا أجيز لأحد أن يتكلم، هنا، في غيره، ذلك هو النظر في أمر شخصي وحدي. فينبغي أن تجتنبوا، في هذا المجلس، الشذوذ عن هذا الموضوع. ولا أبيح لأحد أن يخاصم، في هذا المجلس، أحداً في رأيه، ولو أخطأ؛ فالجميع أحرار في ما يتكلمون به في هذا الموضوع. أما الأشياء الخارجة عن هذا، فسأعيّن لكم اجتماعات، خاصة وعامة، في غير هذا الاجتماع العلني، ننظر فيها بجميع الشؤون، التي ينبغي النظر فيها من سائر شؤوننا".

"أريد منكم أن تنظروا، أولاً، فيمن يتولى أمركم غيري، وهؤلاء أفراد العائلة أمامكم، فاختاروا واحداً منهم. ومن اتفقتم عليه، فأنا أقره وأساعده. وأحب أن تكونوا على يقين بأنني لم أقل هذا القول استخباراً أو استمزاجاً، لأنني ـ ولله الحمد ـ لا أرى لأحد منكم منِّة عليّ في مقامي هذا، بل المنّة لله وحده. ولست في شيء من مواقف الضعف، حتى أترك الأمر لمنازع بقوة، سواء كان المنازع ضعيفاً أو قوياً، وسواء كنت في كُثْر أو قُلّ. وما يحملني على هذا القول، في هذا الموقف، الذي لا فضل لأحد في وقوفي فيه، إلاّ لله وحده، الذي نصرني وأيدني ـ إلاّ أمران، الأول: محبة لراحتي في ديني ودنياي؛ والثاني: أني أعوذ بالله، أن أتولى قوماً، وهم لي كارهون. فإن أجبتموني إلى هذا، فذلك مطلبي، ولكم أمان الله، أنه من يتكلم في هذا، فهو آمن، ولا أعاتبه، لا عاجلاً ولا آجلاً. فإن قبِلتم طلبي هذا، فالحمد لله. وإن كنتم لا تزالون مصرين على ما كلمتموني به، على إثر دعوتي لكم، فإني أبرأ إلى الله، أن أخالف أمر الشرع في اتباع ما تجمعون عليه، مما يؤيد شرع الله (أصوات: كلنا مصرون على آرائنا، ولا نريد بك بديلاً). فإذا لم يحصل ذاك منكم، (فعليكم) أن تبحثوا في أمر آخر، ذلك هو شخصي وأعمالي. فمن كان له عليّ، أنا عبدالعزيز، شكوى، أو حق، أو انتقاد في أمر دين أو دنيا، فليبينه. ولكل من أراد الكلام عهد الله وميثاقه وأمانه، أنه حر في كل نقد يبينه، وأنه لا مسؤولية عليه، وإني لا أبيح إنساناً من العلماء، ولا من غيرهم، أن يكتم شيئاً من النقد في صدره، وكل من كان عنده شيء فليبينه، ولكم عليّ أن كل نقد تذكرونه، فما كان واقعاً، أقررت به وبينت سببه، وأحلت حكمه للشرع يحكم فيه؛ وما كان غير بيّن، وهو عندكم من قبيل الظنون، فلكم عليّ عهد الله وميثاقه، أنني أبينه، ولا أكتم عليكم منه شيئاً. وأما الذي تظنونه مما لم يقع، فأنا أنفيه لكم وأحكِّم في كل ما تقدم شرع الله، فما أثبتَه أثبتُّه وما نفاه نفيته".

"لذلك، فأنتم، أيها الجماعة، أبدوا ما بدا لكم، وتكلموا بما سمعتموه، وبما يقوله الناس من نقد وليّ أمركم، أو من نقد موظفيه المسؤول عنهم. وأنتم، أيها العلماء، اذكروا أن الله سيوقفكم، يوم العرض، وستسألون عمّا سُئلتم عنه اليوم، وعمّا ائتمنكم عليه المسلمون. فأبدوا الحق في كل ما تسألون عنه، ولا تبالوا بكبير ولا صغير؛ وبينوا ما أوجب الله للرعية على الراعي، وما أوجب للراعي على الرعية، في أمر الدين والدنيا، وما تجب فيه طاعة وليّ الأمر، وما تجب فيه معصيته. وإياكم وكتمان ما في صدوركم، في أمر من الأمور التي تسألون عنها. فمن كتم ما في صدره، فالله حسبه، يوم القيامة. ولكل من تكلم بالحق منكم، فله عهد الله وميثاقه، أنني لا أعاتبه، وأكون "ممنوناً" منه، وأني أنفذ قوله، الذي يجمع عليه العلماء. والقول الذي يقع الخلاف بينكم فيه أنتم ـ العلماء ـ فإني أعمل فيه عمل السلف الصالح، إذ أقبل منه ما كان أقرب إلى الدليل، من كتاب الله وسُنَّة رسوله، أو قول لأحد العلماء الأعلام، المعتمد عليهم عند أهل السُّنة والجماعة. إياكم، أيها العلماء، أن تكتموا شيئاً من الحق، تبتغون بذلك مرضاة وجهي. فمن كتم أمراً، يعتقد أنه يُخالف الشرع، فعليه من الله اللعنة. أظهروا الحق وبينوه، وتكلموا بما عندكم".


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (6)[/mark]

موجز خطاب العلماء، في مؤتمر الرياض

"إننا نبرأ إلى الله، أن نكتم ما ظهر لنا من الحق، أو أن تأخذنا في الله لومه لائم؛ وحاشا لله، فما علمنا، منذ ولاك الله أمرنا، أننا نصحناك في أمر من الأمور، وخالفتنا فيه. ونبرأ إلى الله، أن نكون قد رأينا في عملك عملاً، يخالف الشرع، وسكتنا عنه، اللهم إلاّ أن يكون في بعض أمور، يجب علينا أن ننصحك فقط، ولا يجوز لنا الخروج عليك من أجْلها. كما أنه لا يجوز للرعية الخروج عليك فيها؛ ذلك لأنه ما معصوم إلاّ محمد ـ فهو المعصوم من الخطأ والذنوب. أما الأمر الذي يوجب مخالفتك، أو يوجب حض الرعية على مخالفتك فيه، فيأبى الله، ووالله، إننا ما رأينا ما يوجبه فيك، وسكتنا عنه، ولا علمنا من سيرتك وأعمالك، إلاّ حرصك على إقامة شعائر الإسلام، واتِّباع ما أمر الله به ورسوله في أعمالك".

[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (7)[/mark]

خطاب أعضاء الإخوان في مؤتمر الرياض

"يا عبدالعزيز، ما يخفاك أننا كنا، في الأول، بادية، نعمل جميع الأعمال المخالفة للشرع والسمت والشرف. وكنا نَعْمَه في طغياننا، فلمّا منّ الله علينا بهدايتنا للرجوع إلى هذا الدين، كان بفضل الله، ثم بسعي آبائك وأجدادك، في أول الأمر. وفي الأيام الأخيرة، كانت هدايتنا بفضل الله، ثم بمساعيك. فلقد تركنا عشائرنا وأموالنا، وهاجرنا، لوجه الله، ولا نبتغي إلاّ مرضاته. وأوقفنا أموالنا وأنفسنا للجهاد في سبيل الله، لا نريد بذلك عرضاً من أعراض الدنيا، وما نريد إلاّ أن تكون كلمة الله هي العليا، ودينه الظاهر، وأن يكون رأسنا، في هذا الأمر، أنت، ثم أحد أولادك وأحفادك. وأعمالنا ما تخفى عليك، ونبرأ إلى الله، أن نعتدي في القول عليك، وما نقول إلاّ جزاك الله عنا خير الجزاء. لقد علمتنا ما يجب علينا في ديننا، فأعنتنا على هجرتنا، وبنيت لنا المساجد، وقدمت لنا العلماء، وأشركتنا في بيت المال، ورحمت ضعيفنا، ووقرت كبيرنا. ونبرأ إلى الله، أن ننازعك الأمر، أو أن نترك مَنْ ينازعك، ما أقمت فينا الصلاة، وما زلت لم تفعل كفراً بواحاً معنا، من الله عليه برهان. وإننا نسمع ونطيع، ما دمت فينا كذلك. ولو ضربت الظهر، وأخذت المال، نبرأ إلى الله أن نركن إليك، لدنيا لديك. كما نبرأ إليه ـ إن شاء الله ـ أن نكون ممن قال فيهم:فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُون. فأنت ـ جزاك الله عنا خيراً ـ لم تقصر علينا في شيء؛ فهؤلاء طلبة العلم، الذين أقمتهم فينا، نسألهم ما يعرض لنا في أمر ديننا. وما قصروا فيه، رجعنا لأكابر علمائنا الأعلام، فاستفتيناهم وأجابونا، وامتثلنا أمر الله. أما وقد ألححت علينا في القول، فإن كان هناك إشكال لدينا، ففي بعض أمور، نسردها أمامك وأمام العلماء، لأن لبعض الناس في بعضها شبهاً، ولبعضها في نفوس الناس من أمرها الشيء الكثي ر؛ ونحن نعرضها على مسامع الجميع، إذا سمحت بذكرها". (فقال جلالة الملك: كل ما بدا لكم، في أمر أعمالي، فلا تكتموا منه شيئاً، وقولوه).

فقالوا: "أولاً، مسألتان، واحدة منهما، سأل عنها بعض الإخوان، وأُجيب عنها، وقنع بها. وبعضهم لا يزال يذكرها، ولا بدّ من سماع قول العلماء فيها، لينتهي مشكلها، على وجه صريح؛ تلك هي مسألة "الأتيال" (أي: البرق واللاسلكي). فإنه يُقال إنها سحر، ولا يخفى حكم السحر والسحرة، في الإسلام. وأما المسألة الثانية، فهي من الواجبات. ونخشى أنك إن لم تقم بها، كما يجب، نخاف أن يسلط الله علينا أعداءنا، بسبب تركنا لها، وهي المرادة بقوله ـ تعالى ـ:وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور. تلك هي تعليم الدين على وجهه الصحيح. فإنا رأيناك، في الأطراف التي توليتها، قد منعت أهلها من السرق والنهب، وأخذت منهم الزكاة. ولكنا، لم نعلم أنك أرسلت إليهم من يعلمهم أمر دينهم؛ ونحن نخشى من سخط الله عليك، وعلى علمائنا، إن كان في هذا الأمر تهاون.

هذا أولاً. وثانياً، هنا أمر عِفْنا (أي: زهدنا) فيه الأموال والأرواح والبنين. وليس لنا من مقصد فيه، إلاّ مخافة أن يلحقنا في ديننا منه حرج، ولا يمكن أن نأمن على أوطاننا منه، ولا تستقيم لنا حياة بوجوده أو وجود أمثاله. وفيه كل الخطر على أوطاننا، بل الخطر منه على رأسك أنت بنفسك، يا عبدالعزيز. ونحن نتمنى أن يقبض الله أرواحنا، ولا نرى فيك أو في عائلتك ما يسوؤنا. وأنت وحدك المقصود في ذلك، من دون سائر الناس. إننا نحن ـ الرعية ـ إذا أصاب هذه البلاد ضرر، فالطيب في دينه، يأوي إلى الكهوف والجبال. والخائب يكون كما كان في السابق. ذلك هو الأمر الذي أمرضنا من زمن، ووضع في أكبادنا غصة (أي: بلاء وهمّاً)، ولا نستطيع الصبر عليه. وهو أمر يستوي في التأثر منه، يا عبدالعزيز، الكبير والصغير، والأمير والوضيع، حتى النساء في خدورهن، وفي جميع الناس تأثر منه، حمية دينية وطنية، تلك هي القصور، القصور، التي بناها أعداؤنا في أوطان هي أوطاننا ومراتعنا، فماذا يريدون منها غير الاعتداء علينا؟

إنك تعلم، أن البادية كلها باديتنا نحن ـ أهل نجد ـ وتذكر احتجاجنا عليك، يوم جعلت لهم حدوداً في البادية، بغير حق. وهل يجوّز لك دينك وضع مثل تلك الحدود لهم في بلادنا؟ فأجبتنا، إذ ذاك، أن تحديد الحدود، ليس معناه تمليكاً لهم، وإنما الحدود لأجل بعض المنازعات، التي قد تقع بين البادية، وإننا أحرار في مراعينا، حيث نشاء من هذه البادية. وأخبرتنا أنه بناء على معاهدتك معهم، في العقير، أنهم لا يبنون في تلك الأراضي أبنية، ولا يعملون معسكرات، لا على الآبار، ولا على المياه. فالصبر على هذه، لا يقنعنا فيه غير أمرين: أولاً: أن نحكّم الشريعة في أننا إذا سكتنا وتركنا هذه المسألة، فليس علينا حرج من قِبل الله، ولو كان في سكوتنا ضرر على الإسلام والمسلمين؛ والثاني: أن تُقسم لنا أنت بالله، إنه لا يوجد علينا من هذه القصور ضرر، لا في ديننا، ولا في أوطاننا، لا في العاجل ولا في الآجل. وبغير ذلك ـ فلا والله ـ ما نتركها قائمة، وفينا عرق ينبض، أو في أحد منا نسمة في حياة، فكوننا نموت أو نقتل على بكرة أبينا، هو أفضل بكثير من أن نرى الخطر على ديننا وأوطاننا، ونرضى به. هذا أمر لا يمكن، يا عبدالعزيز، أن نتحول عنه.

وهناك مسألة في خواطرنا، غير هذه. ونحب أن نبديها لك، لتبرأ ذمتنا منها. إننا لا نريد أن نعترض في أمر من أمورك السياسية، ونحن واثقون بالله، ثم بك، في هذا الأمر. وعلى كل حال، علينا السمع والطاعة لك، في الأمر الذي نبديه، ذلك هو منع الناس من الجهاد، وعدم السّماح به لتكون كلمة الله هي العليا، ودينه هو الظاهر. فهذه مسألة نذكرك بها، لنعلم أنه لو تلفت (أي: هلكت) النفوس، ونفدت الأموال، فليس ذلك بشيء، بجانب الله ، من الجزاء للمجاهدين في سبيله. وعلى كل حال، فنحن نسمع ونطيع لك في ما تأمرنا به في هذا. وأما مسألة القصور، فوالله، ما يرضى ببقائها ويقرها إلاّ إنسان (يقر محرمه على الفساد). يا عبدالعزيز، أدبك (أي: تأديبك) وقتلك لنا، وغضبك كله، أهون من غضب الله. وأن تهتك محارمنا، ونحن ننظر، فاتق الله في أمرنا وأمرك، ومحارمنا ومحارمك، واتق الله في أوطاننا. هذا الذي عندنا، أبديناه، ولم نُخْفِ في صدورنا شيئاً
[/align]


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

ރسلايـل المجـدރ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-2008, 07:42 AM   #4
معلومات العضو
ރسلايـل المجـدރ

عضو ادارة

رقم العضوية : 4152
تاريخ التسجيل: Jul 2006
مجموع المشاركات : 6,081
الإقامة : على شداد ابوي وجدي
قوة التقييم : 31
ރسلايـل المجـدރ is on a distinguished road

[align=right]
[mark=0099FF]الملحق الرقم (8)[/mark]

أسماء الأعضاء، الذين حضروا مؤتمر الرياض

العلماء

الشيخ محمد بن عبداللطيف، الشيخ سعد بن عتيق قاضي الرياض، الشيخ عبدالله بن بليهد قاضي حايل، الشيخ عبدالله العنقري قاضي سدير، الشيخ عمر بن سليم من علماء بريدة، الشيخ صالح بن عبدالعزيز القاضي الثاني في الرياض، الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف، الشيخ عمر بن عبداللطيف خطيب جامع الرياض، الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف قاضي عروا، الشيخ عبدالعزيز ابن عبداللطيف، الشيخ عبدالله بن حسن، الشيخ محمد بن الشيخ عبدالله بن عبداللطيف.

الشيخ إبراهيم بن عبداللطيف قاضي الوشم، الشيخ عبدالرحمن بن سالم قاضي الخرج، الشيخ عبدالعزيز بن عتيق قاضي الأفلاج، الشيخ عبدالله بن فيصل قاضي الشعيب والمحمل، الشيخ عبدالله السياري قاضي العرض، الشيخ عبدالله بن زاحم قاضي الداهنة، الشيخ عبدالعزيز الشثري قاضي الرين، الشيخ مبارك بن باز قاضي الحريق والحلوة، الشيخ محمد الشاولي قاضي سنام، الشيخ فالح بن عثمان قاضي الزلفي، الشيخ سعد بن سعود آل مفلح قاضي الوادي، الشيخ حمد بن مزيد قاضي قبه، الشيخ عمر خليفة قاضي الثامرية، الشيخ عبدالرحمن بن عودان قاضي عسيلة، الشيخ عبدالله بن حسن قاضي الصَّرَّار، الشيخ على بن زيدان آل غيلان قاضي الفروني، الشيخ فيصل بن مبارك قاضي قرية، محمد البينر مطوع أهل مليح، صالح بن سلوم مطوع أهل الضيناء، عبد المحسن الحقيل مطوع جراب، إبراهيم السياري مطوع أهل عرجا، علي بن داود مطوع قرية الثانية، وايل بن يحي مطوع أهل البرود، أحمد بن زكريا مطوع أهل (الأصل غير واضح)، عبدالله بن عمار مطوع أهل الأرطاوي، عبدالله الصمت مطوع أهل الحفيرة.


وفد عنيزة

عبدالعزيز بن عبدالله السليم أمير أهل عنيزة، إبراهيم الزامل السليم، محمد العلي الزامل السليم، محمد السليمان الشبيلي، ناصر المحمد الشبيلي، فهد العبدالله البسام.

وفد بريدة

فهد العلي الرشودى، إبراهيم العلي الرشودي، عبدالله العبدالعزيز آل مشيقح، صالح المطوع، عبدالرحمن الرواف، أحمد المديفر، سليمان بن جربوع. فهد العقيلي أمير المذنب، عساف الحسين أمير الرس، سليمان بن سويل أمير البكيرية، سليمان بن سلطان أمير الخبراء.

وفد شقرا

عبدالرحمن البواردي أمير شقرا، عبدالرحمن العنقري أمير ثرمدا، عثمان بن راشد أمير القصب، إبراهيم الخراشي أمير أشيقر، إبراهيم بن دايل أمير مرات، عبدالعزيز بن زامل أمير وثيثيا.

وفود باقي حواضر المدن

عبد المحسن بن عسكر أمير المجمعة، محمد بن ماضي أمير الروضة، حماد بن سويد أمير جلاجل، عبدالله بن ضويحي أمير العودة، محمد بن سيف أمير العطار، عبدالله بن سعد الديري أمير الغاط، عبدالرحمن بن عطا الله أمير الزلفي، عبدالكريم بن حسين أمير حوطة سدير، حمد الجربا أمير ثادق، سليمان بن عبيد أمير التويم، صالح بن ماضي أمير حرمة، عبدالرحمن بن معمر أمير سدوس، حمد بن حسن أمير ملهم، علي بن حمد المبارك أمير حريملاء، عبدالعزيز بن خريف أمير رغبه، عبدالله بن محمد أمير البير، مطرب بن مطرب أمير القرينة، عبدالرحمن بن علي أمير الصفرة، إبراهيم بن إبراهيم أمير الجنوبية، عبدالرحمن بن يحيى أمير الحصون، عبدالله بن فايز أمير تمير، سعود المدبل أمير ضرما، عبدالله بن فهيد أمير المزاحمية، ناصر بن سليمان أمير الدلم، سعد بن عفيصان أمير السلمية، عبدالله بن فواز أمير اليمامة، إبراهيم بن كليفيخ، وفواز بن محمد أميري الحوطة، علي بن خريف أمير الحلوه، عبدالله بن فايز أمير الصفرة الثانية، تركي بن رشيد الهزاني أمير الحريق، عبدالله بن مبارك أمير الأفلاج، سليمان بن جبرين أمير القويعية، عبدالله بن عيسى أمير نعجان، عبدالله بن فرهود أمير علقة، سعد بن عجلان أمير البرة، محمد بن جريس أمير روضة الأفلاج، عبدالرحمن بن مهنا أمير القويع، عبدالعزيز بن إبراهيم أمير نعام، سيف بن وهق أمير الرويضة، عبدالعزيز العريفي أمير مزعل، عبدالله بن نادر أمير السليل، محمد بن مرضي أمير البديع، محمد بن تميم أمير السيح، محمد بن داود أمير العطيان، عبدالله بن مسعود أمير الشعراء، عبدالله بن زامل أمير الدوادمي.

الهُجَر من قبائل عتيبة

هجرة الداهنة: أميرها عمر بن ربيعان، ومن رؤسائها نايف وخالد الحلاج، وماجد البراق، وبدر بن علوش، والشقبري بن الزحاف.
هجرة الحفيرة: أميرها مناحي الهيضل، ومن رؤسائها سلطان بن حشر، وصلال بن مناص الهيضل.
هجرة اللبيب: أميرها عبد المحسن بن بدر الهيضل، ومن رؤسائها صلال بن بدر، وعمر أبو رقبة.
هجرة امصد: أميرها خالد بن جامع، ومن رؤسائها مترك بن جامع.
هجرة سنام: أميرها سلطان أبو العلاء، ومن رؤسائها هزاع بن مغيرق. هجرة الرويضة: أميرها جمل المهري.
هجرة عسيلة: أميرها غازي التوم، ومن رؤسائها ضيف الله التوم، ودخيل الله بن وسمي.
هجرة ساجر: أميرها ذعار بن ربيعان، ومن رؤسائها نايف بن تركي، وضيف الله بن تركي، وتركي ابن فيحان.
هجرة عروه: حشر بن مقعد بن حميد.
هجرة الروضة: أميرها ماجد بن ضاوي بن فهيد، ومن رؤسائها فيحان بن فهيد.
هجرة حميان: أميرها بدر بن عكيل، ومن رؤسائها مناص بن عكيل.
هجرة كبشان: أميرها سلطان أبو خشيم، ومن رؤسائها جاعد بن بجاد أبو خشيم.
هجرة المكلات: أميرها ماجد أبو خشيم.
هجرة الصوح: أميرها سلطان الغربي.
هجرة عرجا: أميرها قطيم الحبيل، ومن رؤسائها طلق بن جازع، وعبدالله الوتير.


هجر قحطان

هجرة الرين العليا: أميرها هذال بن سعيدان، ومن رؤسائها حزام بن مسفر، وعشق بن مسفر، وقبلان حويري وعبدالعزيز بن لبده، وفيصل بن لبده.
هجرة الرين السفلى: أميرها سلطان بن سفران، ومن رؤسائها خليل بن عمر، وسعد بن جليغم، وتركي بن صليم، وبداح العجاج.
هجرة الهياثم: أميرها فيصل بن حشر، ومن رؤسائها خالد بن فيصل، وفاهد بن مريحا، وفيصل بن مجدل.
هجرة الحصاة السفلى: أميرها فنيس بن حويل. هجرة الحصاة العليا: أميرها سعد بن جلبان.
هجرة الجفير: أميرها ناصر بن سدحان.
هجرة المنيصف: أميرها هلال بن عبود. هجرة لبن: أميرها رجى بن ناصر.


هجر سبيع

هجرة الحسى: أميرها فدغوش بن شويه، ومن رؤسائها وليد بن شويه، وغنيم بن فهاد، ومطلق السييفي.
هجرة الضبيعة: أميرها علي بن هديهد، ومن رؤسائها ثنيان بن هديهد، وفالح بن غيدا.
هجرة الخضر: أميرها الضويري بن جفران، ومن رؤسائها سبيع ضرمان أبو اثنين، وضيدان أبو اثنين.


هجر السهول

هجرة المشاش: أميرها مناحي بن جلعود. هجرة الرويضة: أميرها عبدالله بن مظهور.
هجرة البدع: أميرها صوار بن معدل.


هجر حرب

هجرة آقبه: أميرها عبد المحسن العزم، ومن رؤسائها نافع بن فضليه. هجرة دخنة: أميرها عايد البهيمه، ومن رؤسائها ذعار بن بتلا، وبدر المشدق، وعيد بن عفرا.
هجرة القواره: أميرها علي بن هديب، ومن رؤسائها فالح بن هديب، وعيد بن مخلف.
هجرة الخشيبي: أميرها عبيد الزغيبي، ومن رؤسائها عبدالله الزغيبي، وغانم الزغيبي.
هجرة ضيده: أميرها حثول بن هديب.
هجرة خصيبة: أميرها ذعار بن حماد، ومن رؤسائها سلطان بن حماد.
هجرة كحيلة: أميرها نايف بن ناحل، ومن رؤسائها شاكر بن صلف. هجرة أبو مغير: أميرها سعد بن ربيق.
هجرة النحيتية: أميرها دبيان بن غادن.
هجرة ثادق: أميرها بجاد بن غميض، ومن رؤسائها متعب بن غميض، وبجاد بن حويان.
هجرة القرين: أميرها عبدالمنعم بن ناقي، ومن رؤسائها عبدالله بن ناقي، وصلاح بن ناقي.
هجرة البرود: أميرها نايف بن مضيان، ومن رؤسائها فيحان بن مضيان، وتلاب بن صميعر.
هجرة البعايث: أميرها رباح بن مطلق، ومن رؤسائها مخيمر بن مطلق. هجرة المحلاني: أميرها رشيد بن رشيد.
هجرة الفوارة: أميرها حجاب بن نحيت، ومن رؤسائها ضيف الله بن نحيت، وزيد بن نحيت، وحمود أبو العون، وسميح البشري.
هجرة قطن: أميرها شديد الديري. هجرة الدليمية: أميرها زين بن جديع، ومن رؤسائها دعيع بن جديع، وضحوي بن جديع.
هجرة بقيعة: أميرها مشعان البشري.
هجرة الشبيكية: أميرها هندي الذويبي، ومن رؤسائها فيحان الذويبي، ومحمد بن ناهس الذويبي، ونايف بن ناهس الذويبي.
هجرة الذيبية: أميرها طعيميس بن مريخان، ومن رؤسائها ناصر بن مريخان.
هجرة الفيضة: أميرها عقيل الزهيري، ومن رؤسائها حمود الزهيري. هجرة البدع: أميرها جاوان البلحي.


هجر عنزا

هجرة خيبر: أميرها محمد بن فرحان الأيدا، ومن رؤسائها هزاع بن هايس الأيدا، وهزاع بن محمد الأيدا.
هجرة الفيضة: أميرها جريبيع بن سويلم، ومن رؤسائها ناصر بن سويلم. هجرة بيضا نثيل: أميرها خلف العواجي.
هجرة الشعيبية (1): أميرها شارع بن مجلاد. هجرة الشملي: أميرها عبد المحسن بن شامان.
هجرة الشعيبية (2): أميرها فرحان بن مشهور.
هجرة البلازية: أميرها عبدالرحمن بن معيتق.


هجر شمر

هجرة الأجفر: نائب أميرها عياد بن نهير، ومعه من رؤسائها حمدان بن جدي، وسلطان بن عايش.
هجرة الصفرا: أميرها مغيلث بن جار الله.
هجرة أم القلبان: أميرها غضبان بن رمال.
هجرة جبة: أميرها عدوان بن رمال، ومن رؤسائها مرعيد بن رمال.
هجرة الحفير: أميرها كاتب النماس.
هجرة التيم: أميرها فريح الحمزي.
هجرة الخبة: أميرها فريح الهربيد.
هجرة الصنينا: أميرها سعدون بن عباس.
هجرة النعي: أميرها عبدالكريم الزيد.
هجرة العضيم: أميرها جذيل بن الفيصم، ومن رؤسائها عضيب بن الفيصم، وشبيب بن الفيصم.
هجرة المكحول: أميرها مرزوق العديم.
هجرة الصهوة: أميرها منزل بن هايل.
هجرة الشفيق: أميرها ضافي بن معرف.
هجرة القصير: أميرها حواس بن خمسان، ومن رؤسائها مقبل بن خمسان. هجرة الفيضة: أميرها جادي بن فنيدل، ومن رؤسائها ختلان بن فنديل، وسلطان بن فنيدل.
هجرة العقله: أميرها حواس بن طوالة، ومن رؤسائها شمر بن محمد بن ضاري بن طوالة، ومشل بن سالم بن طوالة.


هجر مطير

هجرة الأرطاوية: أميرها عبدالعزيز الدّويش، ومن رؤسائها نايف بن مزيد، وفيصل بن شبلان، ومحمد بن بدر، وهزاع بن بدر، ومسير بن مزيد.
هجرة القرية السفلى: أميرها هايف الفغم، ومن رؤسائها سعود بن كريدي الفغم، وبندر بن ضيدان الفغم.
هجرة القرية العليا: أميرها تريحيب بن شقير، ومن رؤسائها فلاح بن شقير، وفيصل بن نايف بن شقير، وحزام بن زريبان، وماجد الأصقة، وغصاب بن منديل.
هجرة الفروتي: أميرها مشاري بن بصيص، ومن رؤسائها قاعد بن بصيص، وماجد بن خشمان، وتركي بن بصيص، وخالد بن بصيص.
هجرة التامرية: أميرها يعقوب الحميداني، ومن رؤسائها محمد بن مليح الحميداني، وبجاد بن كنعان الحميداني، وذعار بن يعقوب الحميداني.
هجرة الحسو: أميرها جميعان بن ضاوي.
هجرة بوضا: أميرها مطلق الهفتا.
هجرة أم حزم: أميرها عوض المقهوي.
هجرة اللصافة: أميرها جاسر بن لامي.
هجرة مليح: أميرها علوش بن سُقيان، ومن رؤسائها غازي بن سُقيان. هجرة الأثلة: أميرها حويل بن سمحان، ومن رؤسائها مذكر بن سمحان. هجرة وضاخ: منيف بن قطيم.
هجرة مبايض: أميرها طامي الكريفة.


هجر الظفير

هجرة الشعيبي: أميرها عجمي بن سويط، ومن رؤسائها هزاع بن عقاب بن سويط، وعبدالله بن عقوب بن سويط، وحمدان بن ضويحي، وكذلك عدد غير قليل من رؤساء قبيلة الظفير.
هجر هثيم هجرة نبوان: أميرها دليم بن براق، ومن رؤسائها ذعار بن عمير.
هجرة الروض: أميرها غازي بن هادي.
هجرة العماير: أميرها شاكر بن قعبوب.


هجر العجمان

هجرة الصَّرَّار: منهم حزام بن حثلين.
هجرة الكهفة: أميرها فهاد بن حثلين.
هجرة الونان: أميرها سالم بن وذين.
هجرة حنيذ: أميرها منصور بن شافي.
هجرة بخا: أميرها محمد بن حصة.
هجرة الزغين: أميرها خالد المتلقم.
هجرة عريعرة: أميرها مانع بن جمعة.
هجرة العيينة: أميرها نايف بن حثلين.
هجرة غنوة: أميرها محمد بن عصيدان.
هجرة القرادى: أميرها خالد بن حثلين.
هجرة الصحاف: أميرها فهد بن بجاش.
هجرة أم ربيعة: أميرها ملهي بن قضعان.
هجرة البرة: أميرها مطلق بن زنيفر.
هجرة قطنانة: أميرها محمد بن ظبيه.


هجر بني خالد

هجرة الدفى: أميرها فارس الحسن، ومن رؤسائها شبيب الحسن.
هجرة جلمودة: أميرها قران بن عجران، ومن رؤساء بني خالد بن حربي بن عكل، وحزام بن ثنيان، وفلاح بن كليب.


هجر بني هاجر

هجرة عيندار: أميرها محمد بن ناصر بن خليفة، ومن رؤسائها عبدالله بن محمد بن خليفة، ومحمد بن مبارك بن خليفة.
هجرة يكرب: أميرها شافي بن شافي، ومن رؤسائها مذكر بن شافي، وحمود بن شافي.
هجرة فودة: أميرها محمد بن طعزة، ومن رؤسائها شايع بن سودة.
هجرة صلاصل:أميرها علي بن عابد، ومن رؤسائها حمد بن عابد.


هجر آل مرة

هجرة يبرين: أميرها حمد المرضف، ومن رؤسائها صالح المرضف.
هجرة السكك: أميرها حمد بن حنزاب، ومن رؤسائها فاضل بن فاضل. هجرة نباك: أميرها سعود بن نقاوان.
هجرة البدوع: أميرها راشد بن نديلة، ومن رؤساء آل مرة لاهوم بن شريم، وصالح أبو ليلة، ومتعب الصعاف.


هجر العوازم

هجرة عتيق: أميرها فلاح بن جامع.
هجرة ثاج: أميرها مساعد الملعبي.


هجر الدواسر

هجرة الحمر: أميرها هذال بن وقيان.
هجرة مشيرفة: أميرها مناجي بن حفيظ.
هجرة الوسيطا: أميرها محمد بن وقيان، ومن أمراء الدواسر شيبان بن قويد، وصقر بن درعان، ومحماس بن سويلمه.
هجرة الخرمة: الشريف عبدالله بن ناصر، ونايف بن هملان، وماجد بن جروه، وصلال بن هملان.


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (9)[/mark]

خطاب جلالة الملك عبدالعزيز عقب انتصاره على الإخوان، في معركة السّبَلَة

"إخواني.
أوصيكم ونفسي بتقوى الله. إن هذه (بياض في الأصل)فلقد سرنا منها ما نرجوه من (بياض في الأصل)لبلادنا بعدها. وعلينا في هذا الموقف، أن نشكر الله، أولاً، على نعمائه، وأن نعتبر بعاقبة من طغى وبغى، وأن نسأل الله العافية. إنكم تقدرون، ولا شك، نعمة الله علينا بالإسلام، ثم نعمته بقمع شر أولئك البغاة وذلهم. لذلك، كان من الواجب أن نفكر في الأمر، الذي يصلح حالنا، بعد هذا. وأقترح، من أجل ذلك، أربعة أمور؛ فما وافق الشرع منها، فاقبلوه؛ وما خالفه منها فانبذوه. أقترح:

"أولاً: إن جميع ما يتعلق بالدين، من فتوى وتحليل وتحريم وأمر ونهي، لا يعمل شيء من هذا بالرأي، وإنما مرده لكتاب الله وسُنة رسوله؛ تسألون عنه علماءكم، فما أفتوكم به، وأمروكم به، فاتّبعوه، وما نهوكم عنه، فاجتنبوه".

"ثانياً: إن الولاية لها عليكم حق السمع والطاعة، في دقيق الأمور وجليلها، والنصح في الباطن والظاهر. وأن لا يكون لكم تصرف بغير أمر ولايتكم، مما تقضي به الشريعة".

"ثالثاً: أن تمنعوا وتمتنعوا من اجتماع الأفراد والجماعات، لعقد أي أمر من الأمور، الدينية والدنيوية، من دون الولاية؛ لأن هذا هو الباب، الذي دخل عليكم الفساد منه، بتزويق الجاهلين الغلاة المفسدين".

"رابعاً: أن تحترموا المسلمين، ومَن في ذمة المسلمين، في أعراضهم وأنفسهم وأموالهم، كما أوجب ذلك الله عليكم". "هذه أمور أربعة، ولا أرى استقامة لأموركم، بدونها. ولا تسد أبواب الشرور الداخلية عنكم، إلاّ بالمحافظة عليها. وإنّي أسأل علماء الدين، هل ما قلته حق أو باطل، وموافق للشرع أو مخالف له؟".


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (10)[/mark]

وقائع اجتماع مؤتمر الدوادمي وخطاب جلالة الملك عبدالعزيز فيه وردود الحاضرين

"إنني قد واعدتكم هذا المكان، للاجتماع فيه، وأنا أعلم أنكم ثلاثة أقسام: أما قسم، فإني موقن إخلاصه ونصحه لدينه وولايته، وليس عندي فيه شك، ولا شبهة. وأما قسم، فأعلم أنه تبع لكل ناعق. وأما قسم، وهو الأقل الأصغر ـ والحمد لله ـ فهو الذي في قلبه ريب، من البُغاة ومن اشترك معهم، من الذين قدر الله عليهم ما قدر. وكنت قد استعجلت السفر للحج، بعد السّبَلَة، قبل أن أتفقد أحوالكم، وأميز الخبيث منكم من الطيب. لأن وقت الحج قد أدركني، وكان في ذلك خيرة. إذ كان من الصعب معرفة الحقيقة، بعد خروج أولئك البغاة من تلك الكسيرة. إذ عم الجميع الخوف والذل، وأظهروا الطاعة، فمن العسير التمييز بين الصادق في دعواه والمضمر للشر. ولكن من العادات، التي عودنيها ربي، أن يحفني، على الدوام، بألطافه، ويفضح أهل الشر، الذين يضمرون السوء لدينهم وولايتهم ووطنهم؛ فكانت فكرة العجمان، ومن التفّ حولهم من المفسدين، سبباً لظهور أهل الزيغ بزيغهم، ونكلمهم بما يفيد رضاءهم عن أولئك المرتدين الفجرة؛ وبذلك، تميز أهل الحق عن أهل الباطل، وظهروا عياناً لجماعة المسلمين". "إن اعتصامي بالله، وسيري على الطريقة المحمدية، واقتدائي بعلماء المسلمين، تدعوني ـ إن شاء الله تعالى ـ لعدم الجموح بالنفس. لذلك، أقدم لكم، قبْل كلامي، ما أفتى به علماء المسلمين، بشأن أولئك البغاة، وما كتبوه من النصائح والإرشادات، ليتبين الحق من الباطل، وليحيا من يحيا عن بينة ويهلك من يهلك عن بينة". ثم أمر جلالته بتلاوة ما أفتى به علماء نجد الأعلام، بشأن الذين خرجوا عن الطاعة من أولئك البغاة، والنصائح والإرشادات، التي كتبت للجميع. فسمعها الجميع منصتين، خاشعين، باكين، مستغفرين. فلما أتم القارئ ما بدأ به، عاد جلالته إلى الكلام فقال: "يا أهل نجد، ولا أريد بأهل نجد، في هذا الخطاب، أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، بل أريد من كان من أولئك البغاة، أو رأى رأيهم. تفهمون أننا ـ ولله الحمد ـ سادتكم. وأبناء سادتكم. ملكنا بالله، ثم بكلمة التوحيد والسيف. فرحمنا الصغير، ووقرنا الكبير، وواسيناكم بأنفسنا. وأصبحتم أعزاء بعد الذلة، وأغنياء بعد الفقر. كل ذلك بأسباب الله، ثم بأسبابنا. فبعد أن نلتم من أسباب العز والظفر ما نلتم، غرتكم أنفسكم، ونفخ الشيطان في أنوفكم، وظننتم أنكم صرتم فوق الناس، فأخذتم تفتاتون في الأمر، على غير علم، ولا هدى، تحرمون وتحللون. مددتم ألسنتكم وأيديكم إلى ما ليس لكم به علم، ولا حق، حتى ظهر الفساد، واستفحل الأمر. ورأيت أن الواجب، يقضي بإيقاف المغرور عند حدّه. فقدمت، لذلك، النصائح والمرشدين. فلم يجدِ ذلك نفعاً، حتى قدر الله للسيف، فحكم حكمه، يوم السّبَلَة، ذلك اليوم، الذي رجوت أن يكون الحاسم للشر، فيرجع صاحب العقل إلى رشده. وقد حصل ـ ولله الحمد ـ ما تمنيت، فهدى الله من هدى منكم، وعرف الأمر، وقامت الحجة على المخالف". "والآن، يا أهل نجد، إن هذا الملك، الذي ولاني الله أمره، لكم مصالحه؛ تأكلون خيراته، وأنا أُثقل بهمه ونكباته. فإن أجهدتم أنفسكم في صلاح دينكم وملككم، فهذا من حظكم، بتوفيق الله لكم. فإن أبيتم إلاّ أن تكونوا عوناً لأعدائكم في إفساد أمركم، فأنا بريء من فسادكم، وسترون عملي فيكم. وأعتقد أنكم لم تنسوا أمري فيكم، يوم خرجت عليكم بأربعين راكباً، وعبدالعزيز بن رشيد في جموعه وجنوده، من خاصته ومنكم، ومن ورائه الترك، يمدونه بالجنود والمدافع والأموال، ثم كانت حكومة الحجاز، تناصره وتساعده؛ ومساعدي منكم قليل، وذلك القليل كان يساعدني بقلبه، دون فعله، فأعانني الله، وقبلت الراعي، وملكت الرعية، فهل لأحد منكم في ذلك مِنّهّ؟ كلاّ، ثم كلاّ، إن المنّة لله وحده. هل منكم أحد، إلاّ الأقل، لم تلعب في رقاب آبائه وأجداده، سيوفي وسيوف آبائي وأجدادي، من قبْل؟ كل ذلك لعنادكم، من قبْل ومن بعد، عن الخضوع للشريعة ودين الحق. أفترون، بعد هذا كله، ترك شرذمة قليلة، تبطل الشريعة وتفتات على دين الله، تقطع السُبل، وتفرق بين جماعة المسلمين؟ لا والله ـ إن شاء الله ـ". "يا أهل نجد، لقد عاهدت الله على ثلاث: "أولاً: في الدعوة لكلمة التوحيد، وتحكيم الشريعة، في الدقيق والجليل". "والثاني: في الأخذ على يد السفيه، وتحكيم السيف فيه". "والثالث: الإحسان للمحسن، والإساءة للمسيء". "يا أهل نجد، أريد منكم ثلاثاً: أنه من كان له حق عندي، في أمر دينه أو دنياه، فليبده لي (الأصل غير واضح) من كتم ظلامته في (الأصل غير واضح) ولكم عهد لله وميثاق، أن من كانت له ظلامة لأنصفنه فيها، ولو كانت عليّ أو على أحد من أولادي وأقاربي". فأجاب الجميع: والله ما لنا شيء نطالب به، ولا نرى منك غير الإحسان والنصح. ثم واصل جلالته الكلام، فقال: "وثانياً: آمُركم جميعاً، يا رؤساء القبائل والعشائر، من المحسوبين عليّ، أن تعاهدوا الله، ثم تعاهدوا إخوانكم من أهل نجد، فتشركوهم معكم في جميع الإحسان، الذي تنالونه مني، وأن تجزعوا لهم من أي عمل يعمل فيهم، بغير حكم الشرع". "وثالثاً: أريد أن تعاهدوني جميعاً، وبالأخص جماعتي، الذين كانوا معي، من قبْل ومن بعد، وكذلك من وثقتم، من الذين كانوا مع المخالفين في السابق، ورجعوا لأمر دينهم ـ أن تعاهدوني جميعاً على النصح لجماعتكم المخالفين في السابق. فمن أطاع وأناب، فقد أعطيتكم له الأمان على ماله ودمه، وعن جميع من يكره. ومن أبى، فعليكم أن تجاهدوه، حتى يثخنه الله، ولا يبقى له اسم. واعلموا أنني عازم ـ إن شاء الله تعالى ـ على استئصال شأفة البقية الباقية من البغاة المرتدين، فلول العجمان، وفلول من تبعهم، ولا بدّ من المسير إليهم. وسآمُر بالمسير إليهم متى هلّ هلال ربيع الأول، ولا أقبَل من إنسان، حضر وقعة السّبَلَة مع البغاة، أن يتخلف عن المسير إليهم. فمن جاهد وسار معنا، فهو منّا، ونحن منه. ومن تخلف، بغير عذر شرعي، فإما أن تقتلوه وتريحوا المسلمين منه، وإما أن تأخذوا قوّته من سلاح وجيش وخيل". فلما انتهى جلالة الملك من كلامه إلى هذا، استأذنه من ذكرنا أسماءهم، من كبار القوم، في الكلام، فأذن لهم. فقالوا: "إننا قد تكلمنا فيما بيننا. وإن كل أمر يغيظك، يغيظنا. وقد تعاهدنا وتعاقدنا على أمر، إن أجزتنا عليه، أنفذناه؛ لأن ذلك من النصح لديننا ولولايتنا، ومكافأة لمعروفك معنا، وذلك بأنا سنقوم بنصح من كان مغتراً من جماعتنا. فمن أطاعنا، أحببناه وسلمناه، وكان له ما لنا، وعليه ما علينا؛ ومن أبى، قاتلناه، ولو كان من أولادنا أو إخواننا. ونحن نُعاهد الله، ثم نعاهدك على ذلك". وبعد أن قام الرؤساء، وبايعوا إمامهم على ذلك، طلبوا أن يكتب ما تقرر في ذلك المجلس، في كتاب، ينشر على الناس كافة. فلما دُعِيَ الكاتب ليكتب، قام بعض الرؤساء، الذين كانوا من قبْل مع البغاة، فقالوا: "إذا أذن لنا الإمام بالكلام تكلمنا". فأذن لهم، فقالوا: "لقد خصصت إخواننا بالقول من دوننا، وهذا لهم الحق فيه، وهم يستحقون منك التخصيص. ونحن قد حضرنا هذا المجلس، فنحب أن تبين لنا مطلوبك منا". فأجاب جلالته: "إن مطلبي منكم، هو مثل مطلبي من غيركم، كما بينته في كلامي وسمعتموه. فإن كان عندكم شيء أنتم، فأبدوه". فقالوا: "أما نحن، فقد أخطأنا وأذنبنا. والآن، نستغفر الله، ونتوب إليه، ونشهد الله على خطئنا. وإذا خالفنا ما أنتم عليه، وما قررتموه، من معتقد أو جهاد أو سمع وطاعة، فقد خرجنا نكثاً، وحلت لكم دماؤنا وأموالنا. وإنا نعاهدك على ما عاهد عليه إخواننا. ولنا مطلب، إذا أذنت" (الأصل غير واضح). فقال: "قولوه" (الأصل غير واضح). فقالوا: "إنا نطلب العفو والأمان، عن محسننا ومسيئنا، والغائب منا والحاضر. نريد الأمان على الرقاب والأموال والحبس والنكال. وأن يسمح خاطرك عن جميع ما وقع منا، من قبل" فقال: "نعم، إنني ممض لكم بعض ما طلبتم. ويستحيل أن أجيزكم على غيره. أما الضعيف والمتابع، فلن أُوقع به نكالاً. أما الرؤساء، فلا بد من تحكيم أمر الشرع فيهم". فقالوا: "إنهم خدامك، وتحت يديك". فتقدم الرؤساء الصادقون، وقالوا: "يا طويل العمر، إنهم خدامك. ولا لهم راحم، إلاّ الله، ثم أنت. ونرجو من الله، ثم منك، أن تسمح (وتجعلها خَضَرا عليها جلالها )". فأطرق جلالته قليلاً، ثم قال: "قد أجبناكم، وأعطيناكم الأمن والعفو التام". ثم قام الرؤساء المقربون، فقالوا: يا طويل العمر، لا تحسب أن كلامنا فيهم محبة لهم، أو شفقة عليهم. لا، والله، ليس لنا قصد، إلاّ أنه ما زاد الله عبداً يعفو، إلاّ عزاً. ونريد لك الخير. والثاني، زيادة حجة عليهم. وإننا نعاهدك أننا عيونك عليهم، ومتى رأينا مخالفاً، ولو بكلام فقط، بغير فعل، فسنسعى في ذهابه وتنكيله". فقال: "بارك الله فيكم. وهذا الواجب عليكم. وأحسن ما فعلتموه أنكم أعنتمونا على العفو، ونفعتم قبيلتكم". ثم تقدم الكاتب، وكتب القرار الآتي: "بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والعاقبة للمتقين. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد، فقد حضر عند الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، شيخ عتيبة عمر بن عبدالرحمن بن ربيعان، وجمع معه من كبار الروقة، ومن كبار برقا: جهجاه بن بجاد، وسلطان أبا العلا وخالد بن جامع، ومناحي الهيضل، ومعهم كبار برقا. وتكلم الإمام معهم في ما يصلح لأمر دينهم، ودنياهم وطلب من كل إنسان له مظلمة، أن يبديها، وأنه ينصفه، ولو من نفسه وأقاربه المقربين. فأجابوا أنه لا يوجد عندهم مظلمة، يشكون منها. ثم طلب منهم أن يبينوا ما بأنفسهم، مما يرونه يزيل وحشة بعض عامة عتيبة، من الذين حصل منهم بعض المفاسد في السابق. فطلبوا العفو عما فات إلى هلال صفر سنة 1348، للحاضرين في المجلس والغائبين. فأعطاهم الإمام على ذلك، على شرط أن جميع النقايص المنهوبة والرقاب المقتولة، عقب الأمان، الذي أعطي بعد حادث السّبَلَة، تؤدّى على الوجه المشروع. وقد قبل الحاضرون ذلك، وامتثلوا الأمر بالسمع والطاعة، في الكره والرضا، والتزموا القيام بما أوجب الله للراعي على الرعية. وقالوا إنه من أطاعنا، فهو أخونا، ونحن إخوانه؛ ومن عصانا، قاتلناه وعاديناه، باللسان والسنان. وقد اشترط عليهم الإمام أن على عتيبة جميعاً من روقه وبرقة، إنه إذا أجرم مجرم في وسط أي فريق منهم (الأصل غير واضح). وأما قطاع الطرق، من أهل السلب والنهب والقتل والمفتاتين بغزو، أو شيء من الأمور، التي لا تجيزها الشريعة، وهو من حقوق الولاية، أن تقوموا عليهم وتحاربوهم. فإن سمعوا وأطاعوا، فتدفعونه، وما وصلت يده إليه، ومن ساعده على ذلك، للولاية، لتحكم فيه الشريعة المحمدية. فإن أبى وأصر على العصيان، أن تقتلوه بمقدرتكم، وتستعينوا عليه أمراء المسلمين. فمن قام بهذا الأمر وساعدكم، فقد وفّى بعهده، والولاية تساعده بكل ما يلزم؛ ومن تخلف من المعاهدين عن ذلك، فقد نكث عهده، وبرئت منه ذمة المسلمين. وليخبر الحاضر بذلك الغائب، فمن قبِل وتاب ورجع، فله الأمان على ما ذكرنا؛ ومن تأخر عن الحضور، وأبى الاتفاق مع جماعة المسلمين، وامتنع عن القدوم لوليّ أمره ومعاهدته، فقد خرج من الذمة. ونحن نأمركم بجهاده وقتاله. والمقصود من هؤلاء هم الرؤساء وأمراء القب ائل. وأما العامة فمن قدم إلينا، فالله يحييه؛ ومن تخلف، فلا لزوم لنا به. بقي أ مران، الأول: أمر الجهاد، فإن من تخلف عن ال جهاد، بعد أمر وليّ الأمر، بغير عذر شرعي، فإن على المسلمين مجاهدته، قبل أن يجاهدوا العدو؛ والأمر الثاني: أنه لا يجوز لأمير أن يطالبنا بمصروف لأحد من الناس، لا يقوم مع الأمير بما تأمر به الولاية، من جهاد وغيره. وأما أعطياتنا للضعفاء المستحقين، فهذا نظره راجع إلينا. وكل أمير يخالف ما في هذه الورقة، فقد نكث على نفسه، وخان العهد، وبرئت منه الذمة. وعلى هذا، عاهد الحاضرون الإمام عبدالعزيز، وأن كل إنسان لا يعاهد على هذا، ولا يقوم، فالجميع يعدونه عدواً، يقتلونه، ويستعينون الله عليه. هذا ما حصل عليه الاتفاق. والله المسؤول، المرجو الإجابة، أن يصلح الراعي والرعية، ويتم شملهم على كلمة التوحيد". شهد بذلك: الشيخ محمد بن عبداللطيف؛ والشيخ عمر بن عبداللطيف؛ وعبدالله بن عبدالوهاب بن زاحم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه، وسلم.

[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (11)[/mark]

وقائع مؤتمر مدينة الشعراء وخطاب جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود فيه

"إن هذه الساعة، هي الساعة التي يجب علينا أن نقوم بشكر الله. وإن أكثر ما يخيفني، أيام الفتح والنصر والتأييد، أن نقصِّر في واجب شكرنا لله ـ تعالى ـ. ولقد كان من فضل الله عليّ أنني كلما اشتدت علينا المحن، عظم رجائي بالله. وكلمّا فرج الله عنا الكروب، ازداد خوفي من تقصيرنا في شكر الله، أن يبدل الله نقمته بنعمته. وأهم ما ينبغي علينا، في مثل هذه المواقف، أن ننظر عظم منن الله علينا، فنقوم بما يجب إزاء هذه النعم. فهذا اليوم، هو محل الخوف الحقيقي من تغيير الله على المسلمين. فبعد شكر الله، يجب على المسلمين أن يفكروا في العمل، الذي يمحو الله بسببه سائر الفتن ودواعيها، حتى نعيش في أمن وراحة، في ديننا وأوطاننا".

"لقد أكثر الناس الطعن في الدهينة والخضري، ومن التفّ حولهما من الأشقياء، الذين قدموا من أقاصي الحدود، لإشعال الفتنة داخل نجد. أما أنا، فأقول جازى الله الدهينة ومن معه، في جهنم. ولكن، لم يحسن إلينا أحد، كما أحسن إلينا الدهينة ومن معه. ولقد كنت موقناً أن أولئك الذين امتنعوا عن حكم الشريعة فيهم، يوم السّبَلَة، وصمدوا لقتال المسلمين، يستحيل على أشرارهم أن تطمئن قلوبهم للسكون والاطمئنان، حتى يثخنوا إثخاناً. ولقد كان يشتغل مني الفكر في أمرهم، وأعلم ما انطوت عليه قلوبهم من الغيظ على المسلمين، وتربص الدوائر فيهم. ولمّا مررت بكم في الدوادمي، وشفعتم فيهم(يقصد شفاعة عمر بن ربيعان) ، لم تكن لتحملني نفسي على التنكيل بهم، لظنون لدي فيهم. وتركت الأمر، وقلت عسى الله أن يهدي قلوبهم، فأعطيتهم الأُعطيات، وأكرمتهم، ووصلت لهم جميع حقوقهم، ومنعت عنهم كل عدوان. ثم لما وصلت الرياض، جاؤوا تائبين، طائعين، فكررت لهم العفو، وأجزلت لهم العطاء، وعاهدوني على السمع والطاعة. ولكنهم كانوا، مع ذلك، يضمرون الغدر، ويسعون بالمكر، حتى جاء الدهينة ومن معه، (والدهينة مَنْ تعلمون. والله، لا خر ولا حر) فلما صاح بهم إلى الفتنة، لبوا إليه مسرعين. وعند ذلك، انجلى الشك، ووضح اليقين (وزان المضراب)، ولم يبق لأحد حجة في التخلف. فكان ما كان من نعم الله وفضله وتأييده. وقد أتيتكم، الساعة، حتى أسمعَ رأيكم في التدابير، التي ترون، بعد أن أثخن الله أعداءه، للقضاء على أهل الفساد، بحيث لا تقوم لهم قائمة، بعد اليوم ـ بحول الله وقوته ـ وتذكروا أن أولئك المفسدين، لم تردعهم موعظة، ولم يحجزهم إسلام، ولم يمنعهم عهد، ولم يفد فيهم عطاء، ولم يؤلف قلوبهم معروف. خرجوا عن الطاعة، وفارقوا الجماعة، وظاهروا المارقين من الإسلام والمسلمين. فخفروا ذمة المسلمين، وأفسدوا في الأرض، وقطعوا السابلة، وأخافوا الآمن، وقتلوا البريء. ولا نريد أن نشهد في بلادنا، بعد هذا اليوم ـ بحول الله وقوّته ـ مثل هذا الحدث، ولا مثل هذه النزاعات الشيطانية. ولينصرف كل واحد منكم إلى جماعته، ليستشيرهم في ما يرون، وأتوني، غداً، في هذا المكان، لتعلنوا آراءكم على ملأ من الناس. وإن شاء الله تعالى ـ لن أنصرف من مقامي هذا، وأترك في دماغ مفسد أملاً في الرجوع إلى الفتنة ـ بحول الله وقوّته ـ إني لا أريد من أحد أن يبدي لي، في ما ذكرت، رأياً، في هذه الساعة؛ وإنما أطلب منكم، أن تنصرفو ا، الآن، لترجعوا إلى هذا المكان، صباح الغد، بآرائكم في الأمر".


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (12)[/mark]

رسالة فيصل الدّويش، المؤرخة 9 جمادى الآخرة عام 1348هـ، ورد جلالة الملك عبدالعزيز عليها

من فيصل بن سلطان الدّويش، إلى جناب الإمام المكرّم الأجل الأمجد المحترم، عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل ـ سلمه الله وأبقاه. آمين ـ.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، على الدوام. مع السؤال عن أحوالكم، أحوالنا ـ من فضل الله ـ جميلة. بعد ذلك ـ أدام الله وجودك ـ من طرف دربنا، هالي ضربنا ما نحسب إنا نضربه (أي: نسلكه)، لكن الأَقدام عليها أحكام، وندري أن كل أسبابه ها الرّجال؛ إلّي الله دبّر عليه، ويجرى. قد يخصوك في حقيقة الأمر أهل الأرطاوية ابن مزيد وربعه. واليوم والله ما ندرى وش نتعذر به منك، إلاّ نطلب من الله ثم منك العفو والمسامحة والعوضة (أي: يعوض) بالذي غدا (أي: صار). القصد، طوّل الله عمرك، حنا زابنين (أي: نحن في رحمه الله ثم في حماك) الله ثم زابنينك عن الكفر، لا تحدنا عليه (أي: تدفعنا إليه)، هذا ما لزم تعريفه مع إبلاغ السلام العيال والمشايخ، ومن عندنا الإخوان يسلمون وباقي الجواب من رأس الطارش (حامل الخطاب إليك) أبلغ.
حرر 9 جماد ثاني سنة 1348
فيصل بن سلطان الدّويش


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=0099FF]الملحق الرقم (13)[/mark]

تسلسل الأحداث الواردة في البحث

- التاريخ
- الحدث

1912
تأسيس هجرة الأرطاوية، أول الهجر.

1919
مؤتمر الرياض للنظر في شكوى الإخوان من بعض المخالفات الدينية.

25 مايو 1919
معركة تربة.

10 أكتوبر 1920
معركة الجهراء .

1921
سقوط حائل .

2 ديسمبر 1922
مؤتمر العقير .

يونيه 1924
مؤتمر الرياض للنظر في شكوى الإخوان من أن الشريف حسين منعهم من الحج .

سبتمبر 1924
سقوط الطائف.

18 أكتوبر 1924
دخول الإخوان مكة المكرمة .

5 ديسمبر 1925
استسلام المدينة المنورة .

1926
هجوم الإخوان على المحمل المصري في مكة .

1926
مؤتمر الأرطاوية الذي حضره زعماء الإخوان الثلاثة .

يناير 1927
اجتماع الرياض بين الملك عبدالعزيز و زعماء الإخوان .

نوفمبر 1928
رجوع الملك عبدالعزيز من الحجاز إلى نجد .

5 نوفمبر 1928
مؤتمر أعيان الرياض .

ديسمبر 1928
هجوم الإخوان على قافلة التجار النجديين في الجميمة .

يناير 1929
إفصاح سلطان بن بجاد عن نيته في غزو العراق .

فبراير 1929
تجمع عتيبة ومطير ، في شمال القصيم لشن هجوم على العراق .

5 مارس 1929
خروج الملك عبدالعزيز من الرياض إلى بريدة استعدادا لقتال الإخوان .

30 مارس 1929
معركة السّبَلَة .

30 أبريل 1929
مقتل ضيدان بن حثلين .

26 يونيه 1929
وقعة "رضى" التي هزم فيها العوازم الإخوان من العجمان .

يوليه 1929
مؤتمر الدوامي .

أغسطس 1929
تحديد موعد الهجوم على العجمان .

سبتمبر 1929
اعتداءت مقعد الدُّهينة على عمال الزكاة في نجد .

5 أكتوبر 1929
مؤتمر الشعراء .

1 ديسمبر 1929
تحرك الملك عبدالعزيز من الخفس إلى الشوكي .

سبتمبر 1929
مقتل "عزيز" عبدالعزيز بن فيصل الدويش في أم رضمة .

نوفمبر 1929
رسالة فيصل الدويش إلى الملك عبدالعزيز معتذرا بعد مقتل ابنه " عزيز" في أم رضمة .

30 ديسمبر 1929
هجوم محسن الفرم على معسكر الدويش في الكويت .

10 يناير 1930
استسلام فيصل الدويش وجاسر بن لامي للقوات البريطانية .

22 يناير 1930
اجتماع خباري وضحا.

30 يناير 1930
نقل الدويش وجاسر بن لامي ونايف بن حثلين من الكويت إلى نجد .

فبراير 1930
إيداع المتمردين الثلاثة الدويش وابن حثلين وجاسر بن لامي السجن بالرياض.

1931
وفاة فيصل الدويش في الأحساء.

1934
وفاة سلطان بن بجاد .


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ [/mark]

[mark=00CC99]قائمة المصادر والمراجع[/mark]

[mark=0099FF]أولاً: المراجع[/mark]

أحمد عبدالغفور عطار، "صقر الجزيرة"، 7 أجزاء بيروت، ط 4، 1397هـ/ 1997م.

أمين الريحاني، تاريخ نجد الحديث وسيرة عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل آل سعود، ملك الحجاز ونجد وملحقاتها، بيروت، ط8 ، د.ت ، وصدرت طبعته الأولى عام 1928.

أمين الريحاني، "ملوك العرب"، دار الجيل، بيروت، ط 8، ج 2، د. ت، وصدرت طبعته الأولى عام 1929.

جون س. حبيب، "الإخوان السعوديون في عقدين"، ترجمة صبري محمد حسن، دار المريخ للنشر، الرياض، ط1، 1419هـ/ 1998م.

حافظ وهبة، "جزيرة العرب في القرن العشرين"، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط 3، 1956.

خيرالدين الزركلي، "شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز"، 4 أجزاء، دار العلم للملايين، بيروت، ط7، 1997.

عبدالعزيز بن عبد المحسن التويجري، "لسراة الليل هتف الصباح"، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، ط 1، 1997.

عبدالله الصالح العثيمين، "معارك الملك عبدالعزيز المشهورة لتوحيد البلاد"، مطابع العبيكان، الرياض، ط 1، 1419هـ/ 1998م.

عمر بن غرامه العمودي، "المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع الملك عبدالعزيز الحربية"، دار الطاوي للنشر والتوزيع، الرياض، ط 1، 1406هـ/ 1985م. سعود بن هذلول، "تاريخ ملوك آل سعود"، ط 2، الجزءان الأول والثاني، الرياض، 1402هـ/ 1982م.

محمد جلال كشك، "السعوديون والحل الإسلامي"، شركة مودي جرافيك، لندن، 1981.

محمد بن عبدالله العبدالقادر الأنصاري الأحسائي، "تاريخ الأحساء"، شركة الرياض للنشر، الرياض،1960.

محمد المانع، "توحيد المملكة العربية السعودية"، ترجمة د. عبدالله الصالح العثيمين، ط 1، مطابع المطوع، الدمام، 1402هـ/ 1982م.


[mark=0099FF]ثانياً: الصُحف[/mark]

جريدة أم القرى، مكة المكرمة، الأعداد:

الرقم 126، الصادر في 9 ذي القعدة 1345هـ.
الرقم 208، الصادر في 6 رجب 1347هـ.
الرقم 224، الصادر في 2 ذي القعدة 1347هـ.
الرقم 239، الصادر في 14 صفر 1348هـ.
الرقم 252، الصادر في 15 جمادى الأول 1348هـ.
الرقم 294، الصادر في 29 صفر 13هـ.


[mark=333333]ــــــــــــــــــــــــ[/mark]

مع تحياتي للجميع[/align]

ރسلايـل المجـدރ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-15-2008, 12:02 AM   #5
معلومات العضو
الدماسي 2007
الصورة الرمزية الدماسي 2007
رقم العضوية : 4493
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مجموع المشاركات : 735
قوة التقييم : 20
الدماسي 2007 is on a distinguished road

التاريخ من مصادره

بأنواعها

مجهود جبار تشكر عليه ياسلايل المجد

مجهود طيب

التاريخ بحقه وحقيقه

التوقيع : الدماسي 2007
الدماسي 2007 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-15-2008, 05:38 PM   #6
معلومات العضو
ރسلايـل المجـدރ

عضو ادارة

رقم العضوية : 4152
تاريخ التسجيل: Jul 2006
مجموع المشاركات : 6,081
الإقامة : على شداد ابوي وجدي
قوة التقييم : 31
ރسلايـل المجـدރ is on a distinguished road

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدماسي 2007 مشاهدة المشاركة
التاريخ من مصادره

بأنواعها

مجهود جبار تشكر عليه ياسلايل المجد

مجهود طيب

التاريخ بحقه وحقيقه

ياهلا وغلا بالدماسي2007
ރسلايـل المجـدރ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-15-2008, 06:32 AM   #7
معلومات العضو
ابوعبيد
عضو مشارك

رقم العضوية : 2163
تاريخ التسجيل: Nov 2005
مجموع المشاركات : 89
قوة التقييم : 20
ابوعبيد is on a distinguished road

سلايل المجد الله يعطيك العافيه

والتاريخ دائماً يكتبه الطرف المنتصر .

التوقيع : ابوعبيد
في نجد نرعى مانعلق عاني = بسيوف هندٍ ماضي ٍبرهانها
ابوعبيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-15-2008, 05:39 PM   #8
معلومات العضو
ރسلايـل المجـدރ

عضو ادارة

رقم العضوية : 4152
تاريخ التسجيل: Jul 2006
مجموع المشاركات : 6,081
الإقامة : على شداد ابوي وجدي
قوة التقييم : 31
ރسلايـل المجـدރ is on a distinguished road

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوعبيد مشاهدة المشاركة
سلايل المجد الله يعطيك العافيه

والتاريخ دائماً يكتبه الطرف المنتصر .
التاريـخ يكتب نفسـه وياهلا وغلا بمروركـ ابو عبيد
ރسلايـل المجـدރ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-04-2008, 04:21 AM   #9
معلومات العضو
ظافر
عضو مشارك

رقم العضوية : 9714
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مجموع المشاركات : 77
قوة التقييم : 18
ظافر is on a distinguished road

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ރسلايـل المجـدރ مشاهدة المشاركة

مجاهدون إذا قيل غنائم، متمارضون إذا قيل الجهاد
اين الغنائم في معركة تربه المشهوره !!

الا فوهة المدفع والرشاش .



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ރسلايـل المجـدރ مشاهدة المشاركة

كان ابن سعود يقدمهم في القتال ويدعمهم بالحضر، يحمي ظهورهم ليأمن

انقلابهم وتقهقرهم. فهم إذ ذاك أشداء ثابتون في النضال. وبكلمة أخرى هم

شجعان إذا كان لهم ظهر.

كذب وافتراء والعياذ بالله

الباديه شجعان وهم ليس لهم سند ولا ظهر الا سيوفهم واسنة رماحهم

الامير مسلط بن محمد بن ربيعان رحمه الله

كسر جيش بن سعود ومعه الحاضره وما لايحصى من الباديه

ولم يسانده احد .



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ރسلايـل المجـدރ مشاهدة المشاركة

البدوي إذا رأى الخير تدلى وإذا رأى الشر تعلى
نعم نعم وسمعنا ايضاً المثل المشهور بـ (( جزاء سنمار ))




المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ރسلايـل المجـدރ مشاهدة المشاركة

أولاً: معارك خاضها الإخوان، إلى جانب قوات الملك

عبدالعزيز، وهي:

1- تربة.

2- الطائف والهدا.
معركة تربه والطائف والهدا كل هذه المعارك خاضها الاخوان لوحدهم

ولم يكن بجانبهم اي قوه اخرى .




في الختام

يا سلايل المجد اما ترى ان كاتب هذا الكلام يتحامل ضد الباديه ككل

لأرضاء اولياء نعمته اليس كذلك ؟
ظافر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-15-2008, 05:51 PM   #10
معلومات العضو
تراحيب العتيبي
عضو جديد

رقم العضوية : 14325
تاريخ التسجيل: Aug 2008
مجموع المشاركات : 1
قوة التقييم : 0
تراحيب العتيبي is on a distinguished road

وعنما قامت ثورة الإخوان بقيادة سلطان الدين بن بجاد شيخ برقا و فيصل الدويش شيخ مطير كان لأبي ماجد عمر بن ربيعان موقفا عظيما مع الملك عبدالعزيز يعبر عن الإيمان الصادق في قلب هذا الرجل الباسل ولولا الله ثم وقوف ابي ماجد في صف الملك عبدالعزيز لألت الأمور الى مأل سيء جدا

يقول الرحاله الأمريكي كوربر شوك :[ . ولو لم يقرر عمر بن ربيعان أن يتخذ جانب الملك في تلك اللحظة الحرجة وبالتالي نيل عرفانه الدائم بالجميل , لانتهى السعوديون على الأرجح الى مأل سيء العاقبة.]

فقط حبيت اضيف ما قاله الراحله عن الامير عمر بن ربيعان حيث كان له دور بارز في اخماد حركة الاخوان مالم يكون دوره رحمه الله هو الابرز

تراحيب العتيبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع




Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والتعليقات على الأخبار والردود المطروحة لا تعبّر عن رأي ( منتديات قبيلة عتيبه ) بل تعبّر عن رأي كاتبها