[align=center]
قصة الحبيبي.. والدعيمي
الراوي عبد الله ابن خميس في ديوانه (من احاديث السمر)
صديقان حميمان.. الأول كان يسكن الخرج من منطقة اليمامة، والثاني كان يسكن عمان.. وكان الحبيبي يزور صديقه في عمان كل عام، ويلقى منه الحفاوة والإكرام، ويمكث عنده فترة كلها استذكار للماضي ومنادمة وملاطفة.. ففرق الموت بينهما مات الحبيبي، وكان له ابن على نصيب كبير من الجمال، عاش في نعمة أبيه، وشب مترفا متنعما.. وقد أوصاه أبوه قبل موته أن يبر بصديقه الدعيمي، وأن يبقى الصلة التي كانت بينه وبينه مستمرة، وأن يزوره كل عام، ويقدم له من الهدايا والتحف ما كان أبوه يقدمه له.. ففعل الابن.. ولما قدم على الدعيمي لأول مرة أكرمه وبالغ في اكرامه، وأنزله في جناح من داره، وعهد إلى بعض خدمه بتعهده وخدمته..
ولقد وقعت عين ابنة الدعيمي على هذا الشاب الوسيم ماجد الحبيبي، فشغفها حبا، وجعلت تراقب حركاته وسكناته ولم تزدد إلا غراما وهياما.. وفي ليلة مضى هزيعها الأول جاءته متسللة وارتمت في حضنه، فلم يشعر إلا وهذه الظبية الفاتنة والفتنة السافرة ملتصقة به، وكانت من الجمال والفتنة على نصيب كبير.. فبادلها حبا بحب، وغراما بغرام، وولها بوله.. غير أنه لم يكشف لها ثوبا، ولم يدخل معها في ريبة باتفاق بينهما.. وهكذا استمر الوضع ليال.. ولكن الشاب خشى الفضيحة وقدر الموقف وما فيه من حرج مع والد الفتاة الذي أدخله بيته، وبسط له في الاكرام، ثم هو أيضا صديق والده، وهذه أيضا لها مدلوها ومعناها.. فاستأذن الشيخ وسافر إلى بلاده دون أن تعلم الفتاة.. فأصابها الفزع، وبرح بها الوجد، وبقيت طريحة الفراش، إلا أن الشاب حينما وصل بلاده بعث إلى الفتاة برسالة شعرية مع صديق له يدعى «طوقا»، وأعلمه بأن يقف خلف الدار تجاه نافذة تطل منها الفتاة دائما، وحينما تراه فيلوح لها بالرسالة، وسوف تبعث من يأخذها.. وفعلا طبق طوق ما أمره به ماجد، فأرسلت الفتاة خادما لأخذ الخطاب، وبعد أن عاد به وقع في يد والد الفتاة فقرأه، ولم يجد به ريبة تخدش عفة الفتاة، أو تغمز كرامة الشيخ، فقال للخادم: أعطه سيدتك ولا تعلم أنني قد اطلعت عليه، وإذا أخذت رده لتسلمه لمندوب ماجد فأعطنيه اطلع عليه قبل أن تسلمه.. فأخذت الفتاة الرسالة وقرأتها ورددتها، وأذالت ساخن الدمع على مالاقته وما تلاقيه.. فأعدت الرد شعرا باكيا مثل شعر ماجد أو يفوقه، وناولته الخادم فعاد به بعد مدة، واطلع والد الفتاة عليه، فرق الشيخ لهذا الالف العف، وهذا الوجد المتمكن، فأعطى الخادم الرسالة، وقال: سلمها لمندوب ماجد «طوق»، وقل له يتصل بي.. ولما سلمها إليه أخبره برغبة الشيخ، وفعلا اتصل به فأعطاه رسالة لماجد، مضمونها أن يتوجه حالا ليزوجه الفتاة، وحينما عاد الرسول ووقعت الرسالة في يد ماجد بادر بالسفر.. فقدم على الدعيمي، وفي يومه ذلك عقد له النكاح على الفتاة، ودخل بها، وفي الصباح وجدا جثتين هامدتين متلاصقتين..
وهكذا يفعل الحب ما يفعل،
ويفتك العشق ببنيه،
فهو حاكم غير عادل،
وسلطان غير راحم..
فإن كنت ذا لب فلا تقربنه..
فغير بعيد أن يصيبك حده..
[align=center]أما قصيدة ماجد التي بعث بها إلى الفتاة، فهي: [/align]
ياطوق ياقازي على كور ضامر
تبوج الفيافي ناحلات خدايمه
لاسرتها ياطوق عشر كوامل
وطالعت من قصر الدعيمي غلايمه
سلم على قصر الدعيمي ومن به
أجاويد ماداسوا بنا قط لايمه
سلم عدد ماهل وبل من السما
أو مالبعى القمري بليل ورايمه
ترى حبهم ياطوق كالنقر بالصفا
ونقر الصفا مهيب تمحى رسايمه
نقر الصفا لوهبت الريح ما انجلى
ولوجا الحيا ما خرب الما علايمه
وأما قصيدة الفتاة، فهي:
ياطوق وان جيت الحبيبي ماجد
وهو بالمعادي بينات وسايمه
من هاب ورد الما صدر منه ما ارتوى
ولو كان بالما شارعات كظايمه
ومن كثر التصديد عمن يوده
على غير بغض مخطر ما يلايمه
ومن ظل يرجى بالعسى باب بالعسى
تلهيه غارات الصبا عن ولايمه
عشقته وأنا اللي كل شيخ يقول لي
لاواهيني بالعمر من هي تلايمه
وملايمي ولد الحبيبي جنة
ولا جنة الدنيا لحى بدايمه
كم ليلة بتنا ولا بات بيننا
حذا الخيط محتى بالايدي نظايمه
ريحه على جيبي وطارئه في فمي
وروياه توقظني ولو كنت نايمه
اقوم وانا اطهر من حمامات مكة
والا فرط تلوى بالايدي حزايمه
المصدر: كما اسلفت (من أحاديث السمر)
[/align]