[align=center]
بين الإغراق في المدح والذم تموت الحقيقة موتاً لاحياة لها من بعده الي يوم يبعثون!!
يسمع السامع أن زيدا ملك كريم , ثم يسمع عنه أنه شيطان رجيم , فيخرج منه صفر اليدين , لايعلم أين مكانه من هذين الطرفين !!
يسمع الآخر عن كتاب كذا أنه لم يصنف مثله , وأنه يبتاع بوزنه ذهبا , ويسمع آخر ينفض يده ويقول : حقه أن يحرق , وأن تبول عليه جاريه!!
نسمع عن دوله ما أنها خلافة راشده لاشبيه لها الا عهد الفاروق , ونسمع منديا آخر أنها دولة ضرار لادولة إسلام!!
نسمع عن جماعة او طائفة أنها الفرقة الناجية والطائفة المنصورة , وهناك آخر يقول : إنها من كلاب أهل النار!!
كذا أحكامنا فإما أن نقيم من 100 أو من الصفر , ليس لدينا تقديرا لبحر حسنات وسيئات , وليس لدينا قدرة أن نعطي الدرجة من 20 أو 40 أو 80 مثلا , بل إما نبلغ به الثريا أو نلصقه بالثرى.
إننا بحاجه لمراجعه أدبيات نقدنا وتقييمنا للآخرين , ثم لنستشعر أولا أننا سنوقف على كل كلمة لفظناها ليقال لنا ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ), وسيهتف بنا ( ستكتب شهادتهم ويسؤلون).
علينا أن نكون أكبر عمقا وتقديرا لحجم الآخر حتى نؤدي ماله وماعليه , وكفانا استخفافا بعقول الناس أن نكيل التبجيل والتقديس على شخص يعرف الناس أنه لاشئ .
كل كاتب لدينا فهو أكبر الكتاب , وكل شاعر أشعر الشعراء , وكل مؤلف أعلم العلماء , وكل خطيب رئيس الأمة , وكل فقيه إمام الدين , فأين الفاضل والمفضول , وأين الرئيس والمرؤوس ؟ وكيف يكون زيد اليوم أفضل من عمرو , وغدا عمرو أفضل من زيد ,وأين ملكة التمييز ومنهج العدل الذي وهبنا الله إياه لنميز بين درجات الناس ومنازلهم ( ولايجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)
إن الحقيقة بين الكاذب والكاذب كالجبل بين الجاذب والجاذب , كلاهما ينتهي به الآمر الى الانقطاع.
أيها الأحبة : إنكم لاتستطيعون أن تكونوا رجالا عادلين في أحكامكم وآرائكم , إلا إذا أصلحتم نفوسكم أولا , وتعلمتم كيف تستطيعون أن تتجردوا من أهوائكم وأغراضكم قبل أن تتناولوا غيركم.
أيها الأحبة : إن عجزتم عن أن تكونوا عادلين , فكونوا راحمين , فارحموا أنفسكم واعفوها من الدخول في مآزق أنتم عاجزون عنها , وارحمونا فقد ضاقت صدورنا بهذه المتناقضات , وسئمت نفوسنا تلك المبالغات.
د. العتيبي
( وهذه أول ماسطرته يراعتي على متصفحكم , فتقبلوه بقبول حسن , وأنبتوه نباتا حسنا بتفاعلكم.)
[/align]