عرض مشاركة واحدة
قديم 04-24-2009, 10:59 PM   #9
معلومات العضو
مُهــرة عتيبــة

مشرفة منتدى إنجازات أبناء قبيلة عتيبة

الصورة الرمزية مُهــرة عتيبــة
رقم العضوية : 14720
تاريخ التسجيل: Sep 2008
مجموع المشاركات : 1,887
قوة التقييم : 21
مُهــرة عتيبــة will become famous soon enoughمُهــرة عتيبــة will become famous soon enough

مـــــا تبقــــى!!



كأنها تنكر عليَّ إزعاجها في هذا الوقت الباكر..
أهرب من عيون الصخب واستتر في ثنايا صلاتي ودعائي، وما أن انتهي حتى أسمع صوت صافرة مسخن الماء عالياً، إنه يخبرني وكل من يسمعه بأن الماء جاهز لإعداد الشاي، أقفز إليه وأطفئ الموقد تحته لأوقف الصفير وأعيد الهدوء إلى قلبي الذي تعالت دقاته وتسارعت، وأهرب مرة أخرى من الضجيج في رشفات هادئة حرصت ألا تسمعها أذن كوب الشاي الساخن، وبعد تناول طعام الإفطار ارتدي ثيابي بسرعة، واتجه إلى الباب فأفتحه بهدوء خوفاً من أن أوقظ مفاصله النائمة، ومع كل هذا الحرص تستيقظ، وتنادي بصريرها وتذكرني بحاجتها إلى بعض الزيت، وأقفل الباب بسرعة واتجه إلى السيارة ويدار المحرك فيهدر بصوت عالٍ يخبرني أنه لم يدفأ بعد من برد المساء الطويل، وأصل إلى مكتبي، وأمد يدي إلى جيبي وأخرج مفتاح المكتب، وما إن فتحته حتى يحييني الحاسوب بأناته الطويلة يشاركه ضوء المكتب بصفيرة الخافت..
كل هذه أصوات ظننت أني قد اعتدت عليها، ولكن الحقيقة أني مازلت أشتاق إلى ذلك الصديق القديم الذي ضاع في المدينة شيئاً فشيئاُ، لم ألق هذا الصديق منذ زمن بعيد، عجيب ذلك الصديق العزيز، كان يهوى العزف وصياغة الألحان، يعزف ويغني بدون وتر ولا مزمار، وتأخذ ألحانه بمجامع القلوب وتسحر أغانيه الألباب، هرب هذا الصديق حينما حاصرته جيوش الأجهزة الكهربائية بصفيرها، وصريرها، وهمهمتها، وأصواتها النشاز المزعجة.
هذا الصديق هو"الصمت" الذي يحلو للبعض أن يسميه الهــــدوء أو السكـــون ولطالما أعان هذا الصديق على الفكر الصافي والتأملات الجميلة المبهجة، وحينما أجبرت ضوضاء المدينة طبلة الأذن على الاهتزاز في كل وقت تعكر الفكر، وهربت التأملات، ياليتهم اخترعوا برادة للطعام تعمل بلا صوت، أو بصوت كأنه تغريد العصفور تحمله نسمات الربيع الباردة، ياليتهم جعلوا صوت محرك السيارة كأنه صوت قطرات المطر، ليتهم صنعوا مصابيح بصوت كأنه خرير الماء، أو بصوت ضحكات أوراق الشجر حينما يدغدغها نسيم الفجر، هل سوف يطول انتظاري للُقييك يا صديقي الغائب؟!
أم عسى أن يكون الوصال قريباٌ حينما يرق قلب الحاسد والعاذل، فيوقف تدفق الكهرباء عن المدينة بضجيجها وصخب آلاتها المؤثرة على السمع والبصر.......
فتتسلل أنت إليها...كي أراك واستمع لألحانك الندية في لحظةٍ قصيرة هي أغلى عندي من ألف ليلة وليلة في صخب المدينة....



.................................................. ....
كـــم أعشق الصمت..





التوقيع : مُهــرة عتيبــة







مُهــرة عتيبــة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس