[align=center]مرحبا بأبي سعد أسعده الله في الدارين .. أمين .
ابارك لك دخول الشهر الكريم ، وأسأل الله تعالى لنا ولكم القبول فيه وسائر المسلمين والمسلمات
أخي الكريم تقول رعاك الله :
قرأت ما سطره قلمك في هذا المنتدى الطيب أهله وكنت أظن أن الإجابة ستكون محددة .. ولكن الأمر اختلف .
قلت : لم تبين وفقك الله الاختلاف .. انما بينت ماظهر لك انها ملحوظات .
وكان كلامي – بارك الله فيك – منقط . بأولا ، وثانيا ، وثالثا أذن هو محدد .
فأولا ذكرت فيه الاية الكريمة .
وثانيا: وذكرت مجمل تفسير الآية من خلال كلام المفسرين ، ولو شئت لأرجعت كل كلمة الى قائلها من علماء التفسير ، وقواميس اللغة ، وبينت تصرفي في عبارة بعض المفسرين او اللغويين لمصلحة صياغة الجملة .
وثالثا ، وذكرت سبب ختم الآية بالعلو والكبرياء .
ومن هنا بطل كون كلامي غير محدد . نعم كان بامكاني ان اذكر فقط ( ثالثا) واكتفي به ، لكن احببت ان يكون الجواب فيه تفصيل أكثر من المسئول عنه ،وهذا ليس بدعا من الامر بل لي سلف في هذا .
فنبينا عليه الصلاة والسلام كان يسأل احيانا ويجيب جوابا فيه زيادة بيان ،والسنة تزخر بالإجابات النبوية التي هي أوسع من المسئول عنه .
وعلماءنا الأجلاء كانوا يقتدون بهذا الهدي فاذا سئلوا عن مسألة اجابوا بجواب موسع اقتداء بالنبي. لاسيما اذا كان السائل طالب علم أو كان الجواب مكتوبا . اما ان كان السائل جاهلا . فيجيبون بقولهم يجوز ، او لا يجوز ، او بنعم ، اولا . او افعل ، او لا تفعل . اما ان كان السائل طالب علم او كان الجواب مكتوبا فثم التفصيل .
تقول: بارك الله فيك :
لدي ملاحظات سوف أضعها في نقاط و لعلك تتقبلها بصدر رحب فنحن نجتمع لنفيد ونستفيد يامفيد
1- تسميتك للآية الكريمة بأنها آية '' تأديب النساء'' تسمية خاطئة و آمل الإنتباه لهذا خاصة وانك لم تورد مرجعا واحد يبين وجهت نظرك عن التسمية علما ان التسميات لأي الذكر الحكيم ليست مشاعة لمن اراد ان يسمي بل هي محكومة بقول الله وقول رسوله ( فآية الكرسي لا يمكن تسميتها بسورة النوم مثلاً لمجرد ذكر النوم فيها) لأن هذه التسميات هي تسميات تأصيلية و ليست معزولة قط عن السياق القرآني والسياق التفسيري ولاشك ان من يعرف اسماء الايات في القرآن يدرك ان الاية التي اوردتها هي اية"القوامة"وليست "اية تأديب النساء" كما زعمت )
قلت :
أولا : نتقبل جميع ملاحظات الإخوان بكل صدر رحب ، واكثر رحابة اذا كان المقصود النقاش الخلي من الجدال العقيم .
ثانيا : لا اعلم ان في هذه الاية نص من الشرع بقصرها تسميتها على "آية القوامة" ، او حتى تسميتها بهذا الاسم ، فكون الاية يطلق عليها اسم آية القوامه ، فلأن الله ذكر فيها ان الرجال قوامون على النساء ، وكونها يطلق عليها آية تأديب النساء فلكون الله بين فيها درجات تأديب المرأة الناشز .
ولم اجد في كلام المتقدمين من اهل التفسير ، ولا فقهاء المذاهب الأربعة ، ولا حتى ما وقفت عليه من كتب علوم القرآن ، ولا شروحات الاحاديث التي اطلعت عليها وهو تزهو عن ستين كتاب ، لم اجد من اطلق عليها اسم "اية القوامه" ، انما هو مصطلح حادث قال به بعض المتأخرين ، فلست ملزما ان أقول به .
هذا قد وجدت بعض المفسرين يذكر مقصود الاية وانه تأديب النساء ، فسميت الاية بمقصودها، بغية إعمال الأذهان ، والأمر في هذا واسع ، لا يحتمل التضيق .
واما قياسها على تسمية أية الكرسي، فهو قياس مع الفارق ، فأية الكرسي ، سماها به النبي صلى الله عليه وسلم ففي سنن الترمذي و مستدرك الحاكم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : "سيدة آي القرآن آية الكرسي" .قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد
ولعلك وفقك الله توقفنا على كلام للنبي عليه الصلاة والسلام أو للصحابة رضوان الله عليهم او للتابعين أو اتباعهم من المتقدمين قصر تسمية آية القوامة ، او اية تأديب النساء على اسم اية " القوامة " دون غيره . فإن لم توقفنا فهو مصطلح حادث مأخوذ من لفظ الآية ، كما أخذت تأديب النساء من مقصودها ولا مشاحة في ذلك .
قال : في تفسير اللباب ، لابن عادل : "فصل في دلالة الآية على تأديب النساء" .
وذكر غير واحد من علماء التفسير "دلالة الآية على تأديب النساء" فيروون عن ابن عباس رضي الله قوله : ( قوامون ، أي مسلطون على تأديب النساء في الحق ) راجع في هذا تفسير البحر المحيط ، وتفسير الخازن ، والكشف والبيان ، وزاد المسير .
فتخطئتي تسميتي للآية بما دلت عليه ، يمكن أن أصفها بالخطأ، لاسيما والسئوال منصب على الشطر الاخير من الاية ، الذي ذكر الله فيه التأديب على النشوز . وانما ذكرت الاية بكاملها من باب التبيين .
تقول وفقك الله :
و إذا عدنا للمعاجم اللغوية لوجدنا الآتي : قام الرجل على المرأة أي "مانها" بمعنى احتمل مؤونتها ( كما جاء في تهذيب لسان العرب لابن منظور) و قولنا: "قوّام أهل بيته" أي الذي يقيم شأنهم ( أنظر مختار الصحاح). "القيم سائس الأمر" (المعجم الوسيط). قوامون جمع قوام أي المتكفل بالأمر، والقوي على القيام بالأمر ...(المنجد في اللغة والإعلام 1997م). و بالتالي أخي الكريم لا مجال لتحوير الآيات عن مسارها و تفسيرها بحسن الأهواء...
قلت :
ليس في كلامي بارك الله فيك ما يناقض ماذكره علماء اللغة ، لكنني أجملته في عبارات هي: ( فهم قوامون على النساء بالمصالح والتدبير والتأديب ) فهل ترى فيها ما يناقض كلام العرب ؟ ثم هذا هو كلام المفسرين :
قال الإمام البغوي رحمه الله : "قوله تعالى: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } أي: مسلّطون على تأديبهن، والقوّام والقيم بمعنى واحد، والقوام أبلغ وهو القائم بالمصالح والتدبير والتأديب "2/207 ونقله عنه غير واحد من المفسرين .
ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله حول هذه الاية : أي: الرجل قَيّم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجَّت ... الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة؛ ولهذَا كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك المُلْك الأعظم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لن يُفلِح قومٌ وَلَّوا أمْرَهُم امرأة" رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك.
{ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } أي: من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهنَّ في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قَيّما عليها، كما قال تعالى: ( وللرجال عليهن درجة ). 2/292
ويقول الإمام القرطبي رحمه الله : والمعنى " أن يقوم بتدبيرها وتأديبها وإمساكها في بيتها ومنعها من البروز، وأن عليها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية، وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة والعقل والقوة في أمر الجهاد والميراث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ". 5/168
فأي تحوير للآيات عن مسارها يا أبا سعد – أصلحك الله - وأي تفسير لها بحسن الأهواء كما تقول عني . هداني الله وإياك .
وأي سماء تقلني وأي ارض تضلني إن أنا قلت في كتاب الله بغير علم وبصيره .
تقــول وفقك الله
-2- أتفهم حماسك و اهتمامك أخي الكريم و حبك للإفادة في هذا المنتدى و هو ما يفسر وضعك للسؤال بعد أسلوب تساؤلي بغية محاكاة الرسول صلى الله عليه وسلم في أسلوبه ...و نحن هنا لسنا في مكان الصحابة و لست أنت في مكان الرسول ....أعلم أن هذه الطريقة ستشد انتباه قرائك و قد تجعلهم يقتنعون بأن كلامك ينبع من معرفة و علم شرعي تأصيلي و لكن المنتدى كما تعلم ينعم بأعضاء يقرأون و يطلعون و كذلك بعدد كبير من القراء الذين هم أعلم مني و منك و يدركون أن الأخطاء في تسمية الآيات أو تحوير مسار السياق لن يشفع له سواء أوضع المرء نفسه في مقام النبي أم مقام سواه....( على طريقة أتدرون ما كذا ....؟ أتعلمون ما كذا...الخ..مع إننا لسنا الصحابة رضي الله عنهم و أنت لست بالنبي عليه السلام ) فعلينا أيها الحبيب أن نراعي أمانة الكلمة و مكانة العلم و أهميته و أن نضع من التواضع ديدناً بدلا من الإستعلاء و فرض الرأي من علٍ دون قراءة كافية...
قلت :
أنا لست في مكان الرسول وانتم لستم في مكان الصحابة ، ولكن قال الله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) فالواجب علينا جميعا ان نقتدي بهدية وهدي اصحابه الكرام في التعلم والاهتداء والتعليم والتربية والأخلاق والشمائل ، ومن لم يستطع فليحاول فمن لم يقتد بالنبي عليه الصلاة والسلام في حياته ولا صحابته الكرام ، ولم يحاول ، فليس امامه الى الاقتداء بالشياطين وأتباعهم فاليحذر .
وأنا يا عزيزي لا افرض رأيي على احد ، انما اقول ما اعتقده واراعي امانة الكلمة كما ذكرت ، ثم القادر على النظر ينظر اين يكون الصواب ، واعتقد اني حينما اطالع اكثر من ستين كتابا لأهل العلم المتقدمين في مسالة مثل هذه مابين تفسير وعلوم قرأن وشروح احاديث وكتب في اللغة وكتب لعلماء محققين ، فيأتي رجل فاضل مثلك يخطئني ، اعتقد انه اولى بمزيد من المطالعة .
تقول بارك الله فيك :
-3-بقيت قضية مهمة و هي في قولك إن الله فضل الرجال على النساء ...بسبب كذا و كذا....أريد أن أتحدث عن هذا التفضيل و بشيء من الإيجاز ..فمن ناحية عبارة ' بما فضل بعضهم على بعض' جاءت من الفضل ( بمعناه المادي أي الزيادة في القوة و المال) و إذا شئت فعد للآية سابقتها ( حيث قال الله و لا تتمنوا الفضل ) بمعنى لا تتمنوا تلك الزيادة المادية .... و ليس من باب ' و لا تتمنوا الفضيلة'...فالفضل بمعناه الفضائلي لا يمكن أن يكون بغير التقوى...و التقوى محلها القلب و ليست مرتبطة بجنس أو عرق....و لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى...
قلت :
أولا: لا اعرف اية في كتاب الله تعالى يقول الله فيها ( ولا تتمنوا الفضل ) ، ولكن أعرف قوله تبارك وتعالى :( ولا تنسوا الفضل بينكم ) وهذا في شان العشرة بين الزوجين ولا علاقة لها في بحثنا .
لكن لعلك تقصد قوله تعالى : (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ..) ، ولم نطرق لهذه الاية .
ثانيا : لم اتطرق لمسألة التقوى وهي خارجة عن محل البحث ، لكنني اشرت الى أسباب تفضيل الرجال على النساء وهي امور منها ما يتعلق بالدين ومنها ما يتعلق بالدنيا ، وبكل ما ذكرت قال اهل التفسير، ولم آت بشيء من عندي ، ولو شئت لأوقفتك على كلامهم في كل كلمة قلتها في هذا الباب ، ولكن اخشى الاطالة في امر ظاهر بين ، وان وصفتها أنت بقضية مهمة !
تقول بارك الله فيك :
أرجو و أتمنى عليك و أنت تأتي لهذا المنتدى أن تأتي مناقشاً و محاوراً لا مقرراً فالمجيء بإسم مستعار و مطالبة الجماهير من القراء أو الأعضاء بمجرد الإنصات لتقريرك ( بصرف النظر عن الأخطاء الفادحة التي فيه) هو نوع من التعالي البغيض الذي لا يوجد في طالب العلم الصغير ناهيك عن المعلم و الفقيه...
قلت :
قلي بربك ياأبا سعد : اين مطالبتي للجماهير والقراء والأعضاء بمجرد الإنصات لتقريري ! (واذا قلتم فاعدلوا ) .
انا اقول: كلاما لو لم اعتقد صوابه لما قلته ، فمن شاء فليأخذه ومن شاء فاليناقشه نقاشا مبينا،وقد أشرت إلى هذا في بعض ردودي على بعض المداخلين . فراجعه ان شئت .
وأما عن الأخطاء الفادحة كما زعمت فإن كانت !! فهي منقولة عن ائمة التفسير رحمهم الله كالطبري ، القرطبي ، والبغوي ، وابن كثير ، والشوكاني ، وغيرهم ، الذين كنت اطالع تفاسيرهم عند الكلام على هذه الاية ، ولعل فيك البركة فتنبري للرد عليهم وتبين فوادحهم !!
وختاما :: القاريء لملحوظاتك يلمس فيها شيئا من الحدة ، والتحامل والتجهيل .. ويلمس فيها همزي بالتعالي !!.. فلا ادري ما سبب في ذلك ؟
مع انه يمكنك ايصال ماتريد بأسلوب ارقى من هذا .
وفقنا الله وإياك لهداه وجعل عملنا في رضاه
دمت بحفظ رب جبرائيل وميكال
اخوك : مفيد بن ابي مفيد
[/align]