مكان خروج الدجال
يخرج الدجال من جهة المشرق ، من خراسان ، من يهودية أصبهان ، ثم يسير في الأرض ، فلا يترك بلداً إلا دخله ، إلا مكة والمدينة ، فلا يستطيع دخولهما ، لأن الملائكة تحرسهما .
[ خراسان ] : بلاد واسعة في جهة المشرق ، وتشتمل على عدة بلدان ، منها : نيسابور ـ وهراة ـ ومرو ـ وبلخ ـ وما يتخلل ذلك من المدن دون نهر جيحون .
[ أصبهان ] : قال ياقوت : مدينة أصبهان بالموضع المعروف بـ ( جي ) ، وهو الآن يُعرف بـ ( شهرستان ) ، وبـ ( المدينة ) ، فلما سار بختنصر وأخذ بيت المقدس وسبى أهلها ، حمل معه يهودها ، وأنزلها أصبهان ، فبنوا لهم في طرف مدينة جي محلة ، ونزلوها ، وسميت اليهودية ... فمدينة أصبهان اليوم هي اليهودية .
ففي حديث فاطمة بنت قيس السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال : ( ألا إنه في بحر الشام ، أو بحر اليمن ، لا بل من قِبَل المشرق ما هو ، من قِبَل المشرق ما هو [ وأومأ بيده إلى المشرق ] ) صحيح مسلم .
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الدجال يخرج من أرض بالمشرق ، يقال لها : خراسان ) جامع الترمذي .
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج الدجال من يهودية أصبهان ، معه سبعون ألفاً من اليهود ) الفتح الرباني ترتيب مسند أحمد .
قال ابن حجر : [ وأما من أين يخرج ؟ فمن قبل المشرق جزماً ] .
وقال ابن كثير : [ فيكون بدء ظهوره من أصبهان ، من حارة يقال لها : اليهودية ] .
الدجال لا يدخل مكة والمدينة
حُرم على الدجال دخول مكة والمدينة حين يخرج في آخر الزمان ، لورود الأحاديث الصحيحة بذلك ، وأما ما سوى ذلك من البلدان ، فإن الدجال سيدخلها واحداً بعد الآخر .
جاء في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن الدجال قال : [ فأخرج ، فأسير في الأرض ، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة وطيبة ، فهما محرمتان علي كلتاهما ، كلما أردت أن أدخل واحدة ـ أو واحداً ـ منهما ، استقبلني ملك بيده السيف صلتاً يصدني عنها ، وإن على كل نقبٍ منها ملائكة يحرسونها ] .
وثبت أيضاً أن الدجال لا يدخل أربعة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الطور ، والمسجد الأقصى .
روى الإمام أحمد عن جُنادة بن أبي أُمية الأزدي ، قال : ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا : حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الدجال ... ( فذكر الحديث ، وقال : ) وإنه يمكث في الأرض أربعين صباحاً ، يبلغ فيها كل منهل ، ولا يقرب أربعة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الطور ، ومسجد الأقصى ) .
وأما ما ورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً ، جعداً ، قططاً ، أعور عين اليمنى ، واضعاً يديه على منكبي رجل ، يطوف بالبيت ، فسأل عنه ؟ فقالوا : إنه المسيح الدجال .
فيُجاب عنه بأن منع الدجال من دخول مكة والمدينة إنما يكون عند خروجه في آخر الزمان . والله أعلم .
أتباع الدجال
أكثر أتباع الدجال من اليهود والعجم والترك ، وأخلاط من الناس ، غالبهم الأعراب والنساء .
روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة ) .
وفي رواية للإمام أحمد : ( سبعون ألفاً عليهم التيجان ) .
وجاء في حديث أبي بكر السابق : ( يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المُطرقة ) .
قال ابن كثير : [ والظاهر ـ والله أعلم ـ أن المراد هؤلاء الترك أنصار الدجال ] .
قلت ـ والكلام للكاتب ـ : وكذلك بعض الأعاجم ، كما جاء وصفهم في حديث أبي هريرة : ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزاً وكرمان من الأعاجم ، حمر الوجوه ، فطس الأنوف ، صغار الأعين ، كأن وجوههم المجان المُطرقة ، نعالهم الشعر ) .
وأما كون أكثر أتباعه من الأعراب ، فلأن الجهل غالب عليهم ، ولما جاء في حديث أبي أُمامة الطويل قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن فتنته ـ أي الدجال ـ أن يقول للإعرابي : أرأيت إن بعثتُ لك أباك وأمك ، أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه ، فيقولان : يا بني ! اتبعه ، فإنه ربك ) سنن ابن ماجه .
وأما النساء ، فحالهن أشد من حال الأعراب ، لسرعة تأثرهن ، وغلبة الجهل عليهن ، ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ينزل الدجال في هذه السبخة بمرقناة ، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء ، حتى إن الرجل يرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطاً ، مخافة أن تخرج إليه ) مسند أحمد .
[ مرقناة ] : واد بالمدينة يأتي من الطائف ، ويمر بطرف القدوم في أصل قبور الشهداء بأحد .