يمكن لمجموعة من البرمجيين العرب والمسلمين وجملة من الباحثين في العلوم الاجتماعية، أن يبلوروا مشروعاً يؤذن بحدوث حركة تصحيحية واعية ناضجة، تفلح في توجيه بوصلة البرمجة وفق محددات خريطتهم الثقافية، بمنطلقاتها ومسلماتها ومنهجها ونَفِسها. بشرط توافر القناعة الأكيدة بأهمية ووجوب القيام بمثل هذه الحركة التصحيحية داخل البرمجة، مع بذل جهد علمي بحثي مقنن، وفق خطوات منهجيةٍ محكمة، وخطة عملية مدروسة وممرحلة. وهنا يمكننا تسجيل بعض الاقتراحات العملية للبدء بمثل هذا المشروع الكبير من خلال النقاط التالية:
- تبني المنهج العلمي في حقل البرمجة ورفض المنهج النفعي -البرغماتي- أساساً منهجياً، والعمل على تأسيس منهجية علمية في القياس والتجربة والتقييم وما إلى ذلك.
- دعوة أبرز البرمجيين العرب/المسلمين مع جملة من المتخصصين والمهتمين في بعض الفروع المعرفية مثل المتخصصين في العلوم الشرعية وعلوم النفس والاجتماع والتربية، والفلسفة، إلى ندوة تستهدف بلورة مشروع حركة التصحيح. ويمكن أن يطلب من البعض المشاركة في كتابة أوراق بحثية، تكون معيناً على استفزاز إبداع الموجودين في الندوة، وحافزاً لهم على إنضاج الرؤى والأفكار وتطويرها. وعلى هذا الأساس يمكن الإعلان عن تأسيس حركة التصحيح من خلال مؤسسة يتفق على بنيتها وأهدافها وبرامجها وهيكلها، وتعليق برامج التدريب، ريثما يتم الانتهاء من الإطار المنهجي والفكري للحركة التصحيحية للبرمجة، بناءً على خطة علمية وبرنامج زمني محدد.
- توضيح كيفية الانتساب والاشتراك والعضوية بحركة التصحيح بالنسبة للبرمجيين العرب/المسلمين من المدربين والأكاديميين والباحثين والكتّاب وغيرهم، والاستمرار في عقد الندوات البحثية، ووضع خطة عملية لإنتاج مواد وحقائب تدريبية جديدة تتناغم مع فلسفة الحركة (التصحيحية).
- بحث الأمور المتعلقة بالارتباطات الرسمية مع المنظمات والمؤسسات المهتمة بالبرمجة داخل الوطن العربي وخارجه.
وأخيراً آمل أن تسهم هذه المحاولة في التنبيه إلى أهمية تدعيم حركة النقد الثقافي الحضاري، من خلال تكثيف المحاولات الجادة في سبيل رسم الإطار النظري والمفاهيمي والإجرائي لها، ذلك أننا نؤمن بأنها وسيلة -ضمن وسائل أخرى- تمكّن من بلورة الحقول المعرفية، ومفردات التحضر في بوتقة المركّّب الحضاري الإسلامي المنبثق أساساً من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
الدكتور عبدالله البريدي