SAARY
03-03-2006, 08:01 AM
الدروس المستفادة من التصحيح الأخير للسوق
عبد الحميد العمري - - - 03/02/1427هـ
كيف يقرأ المستثمرون وتحديداً صغارهم ما حدث خلال الأسبوع الماضي لاستثماراتهم في سوقهم المحلية؟ كيف ينظرون إلى نحو 314 مليار ريال ذهبت أدراج الرياح من إجمالي القيمة السوقية التي تعكس في جزءٍ منها قيم محافظهم الاستثمارية بما تمتلكه من أسهم الشركات المدرجة في السوق؟ هل اتضح لهم حقيقةً الفرق الكبير بين الاستثمار في الشركات ذات العوائد والمضاربة العشوائية في الشركات غير ذات العوائد؟ هل ما حدث درسٌ جديد ومهم يجب الاستفادة من نتائجه المكلفة؟ هناك الكثير من الحقائق المرتبطة بمستويات الوعي الاستثماري الذي يقف على أرضيته عموم المستثمرين في السوق، والتي تصبُّ كعاملٍ رئيس في التأثير على مقدمات أو مسببات التصحيح الذي تعرّضت له السوق المحلية. الكشف عن هذه الحقائق ومن ثم استيعابها جيداً من لدن أي مستثمر خطوةٌ يجب أن يقوم بها، ذلك أن من شأنه أن يصحح أيضاً من سياسته أو استراتيجيته الاستثمارية إن وجدت؛ فكما أظهرته نتائج بعض الأبحاث والدراسات التي أُجريت على سوقنا المحلية، وُجد طغيان سلوك المضاربات العشوائية على حساب السلوك الاستثماري المتزن والمستند إلى استراتيجيةٍ واعية، والمعلوم أن اتساع رقعة مثل تلك الأساليب العشوائية يعني في حقيقته تعاظم الأخطار ليس فقط على السوق، بل حتى على مصالح ومدخرات قاطني السوق من مستثمرين ومضاربين على حدٍ سواء! وإن كان فيما يخص المضاربين أشد فتكاً وإضراراً.
كانت الأرقام والمؤشرات تشير حتى نهاية الأسبوع ما قبل الماضي إلى أن شركات المضاربة نمت أسعارها بضعف ما تضخمت به خلال عام 2005 بأكمله! بالتأكيد إنها ليست توقعات رشيدة التي كانت تدفع بها إلى القفز لأعلى بصورتها تلك من الارتفاعات المجنونة والخارجة عن المعقول، بل على العكس تماماً لم تتعد كونها ضرْب من المضاربة العشوائية الخطيرة. تصحيحات الأسواق المالية في أي اقتصادٍ كان سمة من سمات أسواق المال، الاختلاف فقط تجده في مقدمات تلك التصحيحات! الدروس والعبر تستخرج من تلك المقدمات، فما مقدمات ما حدث في سوقنا من تصحيحٍ بلغت تكلفته 314 مليار ريال؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال الجوهري المهم يجب الإشارة إلى الوضع الاقتصادي المتين للاقتصاد السعودي، الذي أظهر مع نهاية 2005 نتائج أداءٍ قياسية على مستوى جميع قطاعاته، ووصل حجمه إلى 1.2 تريليون ريال، محققاً نمواً في ناتجه المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية بأكثر من 6.5 في المائة. وقد تأتى هذا الأداء القياسي للاقتصاد السعودي من النشاط الحقيقي الذي أبداه تحديداً القطاع الخاص، الذي نما بالأسعار الحقيقية بنحو 6.7 في المائة خلال نفس الفترة. وامتد زخم هذا الأداء ليشمل كلا من الصناعات التحويلية غير البترولية بنموٍ حقيقي فاق الـ 8.4 في المائة، وقطاع الاتصالات والنقل والتخزين الذي حقق نمواً حقيقياً وصل إلى 9.9 في المائة، وقطاع الكهرباء والغاز والماء بنموٍ حقيقي بلغ 4.9 في المائة، وقطاع التشييد والبناء بنموٍ حقيقي وصل إلى 6.0 في المائة، وقطاع تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق بنمو قارب الـ 6.2 في المائة. وعلى صعيد الميزانية الحكومية فقد اخترق إجمالي الإيرادات الحكومية خلال عام 2005 سقف الـ 555 مليار ريال ليصل إلى أعلى مستوى له على امتداد تاريخ ميزانيات الحكومة السابقة، وبزيادة فاقت الـ 162 مليار ريال عن عام 2004. وقابل هذا النماء القياسي في الإيرادات الحكومية سخاء إنفاقي مقنن نحو تلبية المتطلبات الأساسية للاقتصاد الوطني، فاق الـ 341 مليار ريال بنمو تجاوز 19.6 في المائة مقارنةً بالمصروفات الحكومية في عام 2004. أما في جانب التجارة الخارجية فقد حقق الميزان التجاري السعودي فائضاً خلال عام 2005 بلغ 460.3 مليار ريال؛ بزيادة فاقت الـ 45.1 في المائة عن مستواه في العام السابق. كما حقق الحساب الجاري لميزان المدفوعات فائضاً فاق 326.5 مليار ريال، بزيادةٍ نسبية عن فائض العام السابق بلغت 67.7 في المائة. إذاً الوضع الاقتصادي متين بدلالة الأرقام والحقائق السابقة، وعليه فلا خوف أبداً على اقتصادنا وسوقنا المالية في المستقبل بإذن الله!
الآن الإجابة؛ كانت مقدمات ما حدث تشير بجلاء إلى طغيان دافع التعاملات بهدف المضاربة العشوائية على حساب التعامل من منطلقاتٍ استثمارية راسخة! أفضى بدوره إلى فصل منطلقات اتخاذ القرارات الاستثمارية في السوق عن حقيقة المراكز المالية المسجلة في قوائم وميزانيات الشركات المساهمة، وهذا خطأٌ قاتل ومدمر على المدى البعيد! هل تتخيل أن بعض شركات المضاربة قد نما سعرها خلال 35 يوماً فقط من بداية العام الحالي بنحو 220 في المائة، مقابل 32 في المائة خلال العام الماضي بأكمله؟! ومما يزيد من حجم الصدمة أن تلك الشركة حسب ما توضحه قوائمها المالية خاسرة لأكثر من خمس سنوات مضت! أو شركةً أخرى من نادي المضاربات العشوائية، التي نما سعرها الفترة السابقة نفسها من بداية العام بنحو 290 في المائة، مقابل 40 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وقسْ مثل هذا وأسوأ على بقية أعضاء نادي المضاربات التي لا تسمن ولا تُغني من جوع. التصحيح الذي حدث في السوق هو تصحيحٌ حقيقي لاختلالات توجهات الشراء والبيع المتجذرة في ذهنية غالبية المستثمرين والمضاربين في السوق، أما السوق المالية السعودية فمازالت محتفظة بقوتها ومتانتها القائمة على أداء الشركات القوية وذات العوائد المنتسبة إليها، مازالت قوياً ومتيناً بكم المحفزات الاقتصادية الكثيرة من حوله في داخل الاقتصاد السعودي، والنتيجة المؤكدة -من وجهة نظري- أن السوق المالية ستنطلق مجدداً فيما تبقى من العام الحالي بقوة العاملين السابقين : أداء الشركات القيادية، والمحفزات الاقتصادية الكلية داخل الاقتصاد. هذا مبعث اطمئنان أساسي وحقيقي لمستقبل السوق، ومستقبل الثروات والمدخرات المتوافرة في المحافظ الاستثمارية العائدة للمستثمرين في السوق.
الدرس الذي يجب الاعتناء بنتائجه من لدن أولئك المستثمرين، أن قرارتهم الاستثمارية يجب أن تُبنى على أسسٍ متينة من الدراسة والبحث والتقصّي في القوائم المالية للشركات المساهمة، بما يعني أن عليهم بناء وتصميم استراتيجياتٍ استثمارية تأخذ بعين الاعتبار العاملين السابقين أعلاه، وتحديداً العامل الأول ممثلاً في أداء الشركات القيادية وذات العوائد، وأن يحذروا من المغامرة والمجازفة غير المحسوبة العواقب المتمثلة في المضاربات العشوائية، وها قد رأت أعينهم حقيقةً لا مجازاً من القول منتهى طرق المضاربة العشوائية! وقد يكون من المجدي جداً لمن أراد خوض تجربة الاستثمار بنفسه دون الاعتماد على غيره، أن يسترشد بالاستراتيجيات الاستثمارية المتبعة في الصناديق الاستثمارية المحلية، التي أثبتت كفاءتها خلال السنوات القليلة الماضية. كما أن وضع استراتيجيات استثمارية كفؤة كتلك المتبعة من قبل إدارات الصناديق الاستثمارية من شأنها أيضاً أن توفر الحماية للسوق المالية السعودية بأكملها. فحسب ما هو متوافر حول تلك الاستراتيجيات الاستثمارية للصناديق الاستثمارية؛ يمكن أن يقوم المستثمر بتوزيع محفظته الاستثمارية على النحو الآتي: من 10 في المائة إلى 20 في المائة للقطاع المالي من السوق، ومن 30 في المائة إلى 40 في المائة للقطاع الصناعي من السوق، ومن 5 في المائة إلى 10 في المائة للقطاع الأسمنتي من السوق، ومن 15 في المائة إلى 25 في المائة لقطاع الاتصالات، وما تبقى يوزعه بدراية ووعي على بقية قطاعات السوق حسب الشركات المساهمة ذات العوائد الفعلية من نشاطها الأساسي.
كثيرٌ من التحذيرات سبقت "عملية التصحيح" خاصةً في الجانب المتعلق بوجود فجوة كبيرة في الوعي الاستثماري لدى المستثمرين، ومؤشرات اتساعها خلال الفترة الماضية التي خلقت بالتأكيد أجواءً غير مأمونة العواقب، تجاوز ضررها الشديد مدخرات المستثمرين بما تمثله من ثقلٍ مهم في تأمين استقرارهم المالي والاجتماعي والمستقبلي، لتمتد آثارها المدمرة إلى الاستقرار الاقتصادي الكلي للبلاد، مهددة بويلاتٍ اقتصادية غير محمودة العواقب. وبعيداً عن الأخطار المحيقة التي تجرّها خلفها هذه "الفجوة" في الوعي الاستثماري، ممثلةً في المؤثرات السلبية التي تصل بتأثيرها وقوتها في مثل هذه الحالات إلى مستوى التحكّم الخاطئ بالسوق واتجاهاتها، سمحت باحتلال الشائعات المجهولة المصادر موقعاً "خطيراً" يتدخل في صناعة قرارات السوق الاستثمارية، بل توجيهها في كثيرٍ من الأحيان –بصورة غير مشروعة- نحو خدمة أغراض وأهداف مُصدري تلك الشائعات! الذين سخّروا جميع الوسائل المتاحة لديهم في خدمة تلك المخالفات الصريحة لنظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، ممثلةً في وسائل الاتصالات الحديثة، إضافةً إلى منتديات الإنترنت التي وفّرت بيئةً خصبة لبث وترويج مثل تلك الشائعات. مقتضى فهمنا جميعاً للدرس الأخير، يجب أن يصحح أيضاً من هذا الخلل، وأن نعمل معاً على سدّه بكل الوسائل المتاحة. فهل سنرى ذلك في المستقبل القريب؟عضو جمعية الاقتصاد السعودية
عبد الحميد العمري - - - 03/02/1427هـ
كيف يقرأ المستثمرون وتحديداً صغارهم ما حدث خلال الأسبوع الماضي لاستثماراتهم في سوقهم المحلية؟ كيف ينظرون إلى نحو 314 مليار ريال ذهبت أدراج الرياح من إجمالي القيمة السوقية التي تعكس في جزءٍ منها قيم محافظهم الاستثمارية بما تمتلكه من أسهم الشركات المدرجة في السوق؟ هل اتضح لهم حقيقةً الفرق الكبير بين الاستثمار في الشركات ذات العوائد والمضاربة العشوائية في الشركات غير ذات العوائد؟ هل ما حدث درسٌ جديد ومهم يجب الاستفادة من نتائجه المكلفة؟ هناك الكثير من الحقائق المرتبطة بمستويات الوعي الاستثماري الذي يقف على أرضيته عموم المستثمرين في السوق، والتي تصبُّ كعاملٍ رئيس في التأثير على مقدمات أو مسببات التصحيح الذي تعرّضت له السوق المحلية. الكشف عن هذه الحقائق ومن ثم استيعابها جيداً من لدن أي مستثمر خطوةٌ يجب أن يقوم بها، ذلك أن من شأنه أن يصحح أيضاً من سياسته أو استراتيجيته الاستثمارية إن وجدت؛ فكما أظهرته نتائج بعض الأبحاث والدراسات التي أُجريت على سوقنا المحلية، وُجد طغيان سلوك المضاربات العشوائية على حساب السلوك الاستثماري المتزن والمستند إلى استراتيجيةٍ واعية، والمعلوم أن اتساع رقعة مثل تلك الأساليب العشوائية يعني في حقيقته تعاظم الأخطار ليس فقط على السوق، بل حتى على مصالح ومدخرات قاطني السوق من مستثمرين ومضاربين على حدٍ سواء! وإن كان فيما يخص المضاربين أشد فتكاً وإضراراً.
كانت الأرقام والمؤشرات تشير حتى نهاية الأسبوع ما قبل الماضي إلى أن شركات المضاربة نمت أسعارها بضعف ما تضخمت به خلال عام 2005 بأكمله! بالتأكيد إنها ليست توقعات رشيدة التي كانت تدفع بها إلى القفز لأعلى بصورتها تلك من الارتفاعات المجنونة والخارجة عن المعقول، بل على العكس تماماً لم تتعد كونها ضرْب من المضاربة العشوائية الخطيرة. تصحيحات الأسواق المالية في أي اقتصادٍ كان سمة من سمات أسواق المال، الاختلاف فقط تجده في مقدمات تلك التصحيحات! الدروس والعبر تستخرج من تلك المقدمات، فما مقدمات ما حدث في سوقنا من تصحيحٍ بلغت تكلفته 314 مليار ريال؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال الجوهري المهم يجب الإشارة إلى الوضع الاقتصادي المتين للاقتصاد السعودي، الذي أظهر مع نهاية 2005 نتائج أداءٍ قياسية على مستوى جميع قطاعاته، ووصل حجمه إلى 1.2 تريليون ريال، محققاً نمواً في ناتجه المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية بأكثر من 6.5 في المائة. وقد تأتى هذا الأداء القياسي للاقتصاد السعودي من النشاط الحقيقي الذي أبداه تحديداً القطاع الخاص، الذي نما بالأسعار الحقيقية بنحو 6.7 في المائة خلال نفس الفترة. وامتد زخم هذا الأداء ليشمل كلا من الصناعات التحويلية غير البترولية بنموٍ حقيقي فاق الـ 8.4 في المائة، وقطاع الاتصالات والنقل والتخزين الذي حقق نمواً حقيقياً وصل إلى 9.9 في المائة، وقطاع الكهرباء والغاز والماء بنموٍ حقيقي بلغ 4.9 في المائة، وقطاع التشييد والبناء بنموٍ حقيقي وصل إلى 6.0 في المائة، وقطاع تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق بنمو قارب الـ 6.2 في المائة. وعلى صعيد الميزانية الحكومية فقد اخترق إجمالي الإيرادات الحكومية خلال عام 2005 سقف الـ 555 مليار ريال ليصل إلى أعلى مستوى له على امتداد تاريخ ميزانيات الحكومة السابقة، وبزيادة فاقت الـ 162 مليار ريال عن عام 2004. وقابل هذا النماء القياسي في الإيرادات الحكومية سخاء إنفاقي مقنن نحو تلبية المتطلبات الأساسية للاقتصاد الوطني، فاق الـ 341 مليار ريال بنمو تجاوز 19.6 في المائة مقارنةً بالمصروفات الحكومية في عام 2004. أما في جانب التجارة الخارجية فقد حقق الميزان التجاري السعودي فائضاً خلال عام 2005 بلغ 460.3 مليار ريال؛ بزيادة فاقت الـ 45.1 في المائة عن مستواه في العام السابق. كما حقق الحساب الجاري لميزان المدفوعات فائضاً فاق 326.5 مليار ريال، بزيادةٍ نسبية عن فائض العام السابق بلغت 67.7 في المائة. إذاً الوضع الاقتصادي متين بدلالة الأرقام والحقائق السابقة، وعليه فلا خوف أبداً على اقتصادنا وسوقنا المالية في المستقبل بإذن الله!
الآن الإجابة؛ كانت مقدمات ما حدث تشير بجلاء إلى طغيان دافع التعاملات بهدف المضاربة العشوائية على حساب التعامل من منطلقاتٍ استثمارية راسخة! أفضى بدوره إلى فصل منطلقات اتخاذ القرارات الاستثمارية في السوق عن حقيقة المراكز المالية المسجلة في قوائم وميزانيات الشركات المساهمة، وهذا خطأٌ قاتل ومدمر على المدى البعيد! هل تتخيل أن بعض شركات المضاربة قد نما سعرها خلال 35 يوماً فقط من بداية العام الحالي بنحو 220 في المائة، مقابل 32 في المائة خلال العام الماضي بأكمله؟! ومما يزيد من حجم الصدمة أن تلك الشركة حسب ما توضحه قوائمها المالية خاسرة لأكثر من خمس سنوات مضت! أو شركةً أخرى من نادي المضاربات العشوائية، التي نما سعرها الفترة السابقة نفسها من بداية العام بنحو 290 في المائة، مقابل 40 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وقسْ مثل هذا وأسوأ على بقية أعضاء نادي المضاربات التي لا تسمن ولا تُغني من جوع. التصحيح الذي حدث في السوق هو تصحيحٌ حقيقي لاختلالات توجهات الشراء والبيع المتجذرة في ذهنية غالبية المستثمرين والمضاربين في السوق، أما السوق المالية السعودية فمازالت محتفظة بقوتها ومتانتها القائمة على أداء الشركات القوية وذات العوائد المنتسبة إليها، مازالت قوياً ومتيناً بكم المحفزات الاقتصادية الكثيرة من حوله في داخل الاقتصاد السعودي، والنتيجة المؤكدة -من وجهة نظري- أن السوق المالية ستنطلق مجدداً فيما تبقى من العام الحالي بقوة العاملين السابقين : أداء الشركات القيادية، والمحفزات الاقتصادية الكلية داخل الاقتصاد. هذا مبعث اطمئنان أساسي وحقيقي لمستقبل السوق، ومستقبل الثروات والمدخرات المتوافرة في المحافظ الاستثمارية العائدة للمستثمرين في السوق.
الدرس الذي يجب الاعتناء بنتائجه من لدن أولئك المستثمرين، أن قرارتهم الاستثمارية يجب أن تُبنى على أسسٍ متينة من الدراسة والبحث والتقصّي في القوائم المالية للشركات المساهمة، بما يعني أن عليهم بناء وتصميم استراتيجياتٍ استثمارية تأخذ بعين الاعتبار العاملين السابقين أعلاه، وتحديداً العامل الأول ممثلاً في أداء الشركات القيادية وذات العوائد، وأن يحذروا من المغامرة والمجازفة غير المحسوبة العواقب المتمثلة في المضاربات العشوائية، وها قد رأت أعينهم حقيقةً لا مجازاً من القول منتهى طرق المضاربة العشوائية! وقد يكون من المجدي جداً لمن أراد خوض تجربة الاستثمار بنفسه دون الاعتماد على غيره، أن يسترشد بالاستراتيجيات الاستثمارية المتبعة في الصناديق الاستثمارية المحلية، التي أثبتت كفاءتها خلال السنوات القليلة الماضية. كما أن وضع استراتيجيات استثمارية كفؤة كتلك المتبعة من قبل إدارات الصناديق الاستثمارية من شأنها أيضاً أن توفر الحماية للسوق المالية السعودية بأكملها. فحسب ما هو متوافر حول تلك الاستراتيجيات الاستثمارية للصناديق الاستثمارية؛ يمكن أن يقوم المستثمر بتوزيع محفظته الاستثمارية على النحو الآتي: من 10 في المائة إلى 20 في المائة للقطاع المالي من السوق، ومن 30 في المائة إلى 40 في المائة للقطاع الصناعي من السوق، ومن 5 في المائة إلى 10 في المائة للقطاع الأسمنتي من السوق، ومن 15 في المائة إلى 25 في المائة لقطاع الاتصالات، وما تبقى يوزعه بدراية ووعي على بقية قطاعات السوق حسب الشركات المساهمة ذات العوائد الفعلية من نشاطها الأساسي.
كثيرٌ من التحذيرات سبقت "عملية التصحيح" خاصةً في الجانب المتعلق بوجود فجوة كبيرة في الوعي الاستثماري لدى المستثمرين، ومؤشرات اتساعها خلال الفترة الماضية التي خلقت بالتأكيد أجواءً غير مأمونة العواقب، تجاوز ضررها الشديد مدخرات المستثمرين بما تمثله من ثقلٍ مهم في تأمين استقرارهم المالي والاجتماعي والمستقبلي، لتمتد آثارها المدمرة إلى الاستقرار الاقتصادي الكلي للبلاد، مهددة بويلاتٍ اقتصادية غير محمودة العواقب. وبعيداً عن الأخطار المحيقة التي تجرّها خلفها هذه "الفجوة" في الوعي الاستثماري، ممثلةً في المؤثرات السلبية التي تصل بتأثيرها وقوتها في مثل هذه الحالات إلى مستوى التحكّم الخاطئ بالسوق واتجاهاتها، سمحت باحتلال الشائعات المجهولة المصادر موقعاً "خطيراً" يتدخل في صناعة قرارات السوق الاستثمارية، بل توجيهها في كثيرٍ من الأحيان –بصورة غير مشروعة- نحو خدمة أغراض وأهداف مُصدري تلك الشائعات! الذين سخّروا جميع الوسائل المتاحة لديهم في خدمة تلك المخالفات الصريحة لنظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، ممثلةً في وسائل الاتصالات الحديثة، إضافةً إلى منتديات الإنترنت التي وفّرت بيئةً خصبة لبث وترويج مثل تلك الشائعات. مقتضى فهمنا جميعاً للدرس الأخير، يجب أن يصحح أيضاً من هذا الخلل، وأن نعمل معاً على سدّه بكل الوسائل المتاحة. فهل سنرى ذلك في المستقبل القريب؟عضو جمعية الاقتصاد السعودية