السعار
02-05-2006, 02:45 PM
اليكم هذا الحوار مع الاستاذ عبدالله بن بجاد العتيبي وقد نقلته كماهو بدون تعديل ارجو الاطلاع..
أميرة القحطاني من دبي: يشبه الى حد كبير نسمة الهواء الهادئة اللطيفة التي لايمكن أن تزعجك أو تضايقك.. راق في تعامله.. متواضع الى حد الخجل. اشرف على الخط الديني في الحور العين وبسبب هذا الإشراف تعرض لهجمة شرسة اتهم خلالها بأنه ساهم في الاساءه لبلده السعودية وللمتدينين بشكل عام. بدأ حياته كمتدين متشدد ثم انفتح على نفسه وعلى العالم وبدأ ينظر للأمور بمنظار أوضح واكبر.. تتسم كتاباته بالاتزان والحياد. انه الأستاذ / عبد الله بن بجاد العتيبي الذي شرفني وأسعدني كثيراً باستضافته.
* قبل كل شيء أتمنى أن تتحدث عن عبد الله الطفل وعن "مصدة" الأم.
- في داخل كلٍ منّا طفل يتهادى حتى النهاية، فينا من يئد الطفل ويئد معه دهشته وأسئلته، وفينا من يحافظ عليه، كنت ولا زلت أحاول أن أحافظ على دهشة ذلك الطفل وتساؤلاته المتكررة. لم تكن ليلة العاشر من شهر الله المحرّم لعام 1391 للهجرة ليلة عادية، لقد كانت أهمّ ليلة في التاريخ الحديث والقديم –بالنسبة لي بالطبع- ذلك أنها الليلة التي سمعت صرختي الأولى ورأت إطلالتي الأولى. تلك الصرخة التي أعلنت عن ولادة "عبدالله" الذي سار في درب الحياة الشائك ثلاثون عاما إلى اليوم ولا زال يغذّ السير مثله مثل باقي الكائنات إلى أهداف يرسمها وآفاق يرتادها. لا أذكر من أيام الطفولة الأولى شيئا كثيرا لكن سنوات الطفولة العابثة لا زالت تمدني بشيء من روح البراءة يلطّف ما ثار حولي بعده من عواصف الحياة. أذكر الطفل الذي يلعب مع أترابه لعبة "الغميمة" حيث يغمض أحدنا عينيه فيقوم الآخر بوضع عدد من كوم التراب الصغيرة بيده في أماكن متفرقة، ومهمة الآخر هي البحث عنها واحدة واحدة بعد فتح عينيه، وكنّا نلعب كذلك بـ"الدنينة" أو "الدنّانة" كما ننطقها في قريتي، حيث تؤخذ عجلة لإحدى الدرّاجات المعطّلة توضع في طرف قضيب حديدي ويقودها الطفل كأنه يقود أبهى السيارات!
وكنّا نلعب "صلبة" فنهرب جميعا من شخص أو شخصين ثم يلاحقوننا ومن أمسكوه وضعوه في سجن محدّد ولحقوا بالآخرين وعلى اصحابه أن ينقذوه عبر لمسه. وأذكر أيام الدراسة الاولى في الصفّ الأول الابتدائي حين كنّا نستيقظ باكرا ونتحلّق على "الكانون" و هو عبارة عن حفرة في الأرض يوضع فيها "برميل" كبير يملأ ثلثاه بالتراب حتى يبقى ثلثه الأعلى ثم يوقد الحطب فيه حتى يصبح جمرا فيوضع طحين "البرّ البلدي" على جانبي الكانون على شكل أقراص صغيرة، تخلط بعد إخراجها من الكانون مع السمن البلدي والسكر ثم نجلس نأكلها مع حليب الماعز الطازج، وقد كنت آكل منها فلا أكاد أشبع فإذا ذهبت إلى المدرسة كنت بحاجة لدورة المياه إلا أنّ المعلّم الذكيّ جدا كان يظن أن الطفل ذو الست سنوات يحسن الخداع بمثل هذه الأعذار ليترك الفصل، فكان يستخدم ألمعيته وذكاءه في منعي من الخروج، مما كان يضطرني أحيانا للاستغناء بالفصل عن دورة المياه فأجهش بالبكاء وتنهمر الدموع التي لا تمسحها إلا والدتي التي أهرب راكضا إليها من الفصل فتتلقاني بالدش الدافئ والدعوات الحارّة الساخطة على المعلّم النجيب.
في الصفّ الثاني كان أستاذنا "عبدالله الصالح" شديدا علينا و"يتفنّن" في قرص آذاننا وأثدائنا مستخدما قلم الرصاص، وربما حلا له -من باب التجديد- أن يضع قلم الرصاص بين أصابعنا ويضغطها عليه ثم يدير القلم مبتهجا على صرخاتنا وبكائنا!. في الصفّ الثالث الابتدائي كان أستاذنا "سالم بن عكّاش" ولا أذكر أنه ضربني ولا مرة واحدة، ربما لأنني كنت "شاطرا" لا بمعنى السارق بل بمعنى المميز في دراسته، وربما لأنه كان أرقى من المدرسين الساديين المنتشرين حينها كوباء. وإن نسيت شيئا من تلك الأيام فلا أنسى يوم إعلان نتائج امتحان السنة الثالثة الابتدائية وكيف كنّا في الصباح الباكر في فناء المدرسة وأنا متوتر جدا، أخشى أن أرسب فإذا بالأستاذ سالم يخرج بكامل هيبته يقرأ الأسماء ويقول: سأبدأ بالطالب الذي أخذ الترتيب الأول ثم الثاني وهكذا. وكانت المفاجأة أنه بدأ باسمي أولا ثم بابن قريتي وقبيلتي "فهد بن زايد" فخرجنا بشهادتينا نركض إلى بيوتنا جذلين.
كما أذكر حفلا أقيم في المدرسة برعاية مديرها "فهد بن بدا" وقد سلّمت الجائزة الأولى في ذلك الحفل لي، وكانت عبارة عن طقم مكوّن من قلمين "باركر"، إلا أن الجائزة الثانية كانت لصديقي "فهد بن زايد" وأعطوه تشكيلة ألوان "مائية" ذات رأسين، فانغضت أنا من ذلك فما معنى قلمين تافهين أمام تشكيلة ألوان زاهية!، فعرضت عليه عند خروجنا أن نتبادل الجوائز فوافق فأخذت التشكيلة إلى منزلنا مغتبطا بربحي للصفقة!.
كنّا دائما ما نخرج إلى الهضاب المجاورة لقريتنا لتناول الغداء مع "جماعتنا" المقربين، وكنّا نخرج فيما يقارب السبع إلى العشر عوائل بأطفالها ورجالها ونسائها وكنّا نلهو كثيرا في تلك الهضاب، أذكر منها "السمنا" و "أمّ نبطه" و "الباضتين" التي هي "البيضيتن"، وكانت تلك الرحلات تعني لي ما تعنيه "ديزني لاند" لأطفال اليوم!.
كم مرة كنّا ننثر التراب على الصخور الملساء حتى نتزلج عليها بكراتين صغيرة نلتقطها من هنا وهناك فنفرح فرحا لا يعرفه المتزلجون في دافوس.
ماذا بعد، يبدو أنني أطلت حتى أمللت.
* لحظة التحول من رجل متدين لدرجة التشدد إلى رجل منفتح يأخذ ويعطي ويتحدث مع الأخر بنفسية حرة تميل إلى المرح. متى حدث هذا بالضبط؟ ولا اقصد هنا الوقت ولكن اقصد الشعور.. شعور الرغبة بالتحول؟ وكيف استقبلت هذا الشعور بسعادة أم بخوف؟
- بكل صدق لا يوجد شيء في حياتي اسمه "لحظة التحوّل"، هناك تحوّل نعم، ولكنه جاء تدريجيا على مدى سنوات ولم يكن وليد لحظة يتيمة. أما عن شعور الرغبة بالتحوّل فقد كنت أسميه يوم كنت متشددا، الازدياد في العلم، و "البحث عن الحق"، مستظلا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها"، وكنت على مستوى الجماعة المتشددة الصغيرة التي أعيش داخلها أصنّف "متميعا" آخذ دائما بالأسهل، والأسهل هنا نسبي، فأكثر المتشددين تساهلا أكثر تشددا من أكثر المتساهلين تشددا، هل هي فلسفة؟ لا أدري، ربما.
واحسب أن المحرك الأساس للتحول الذي عشته، هو أنني كنت دائما شغوفا بـ"المعرفة" شغوفا بقراءة كل ما يقع تحت يدي من كتب أو مقالات أو غيرها، حتى أنني في فترة التشدد قرأت في كتاب "شمس المعارف" المشهور في السحر والشعوذة مع أن تعلّم السحر كفر في اعتقادي حينها، ولكنني كنت دائما واثقا من إيماني بديني وعقيدتي، وأن العلم مهما كان نوعه هو زيادة في رصيد المرء، وكنت أستدل أحيانا بقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه "كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني"، وقول الشاعر:
عرفت الشرّ لا للشرّ لكن لتوقيه
ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
والحقيقة أنني سعيد بكل تحوّل في حياتي، مبتهج بكل تطوّر في عقلي، مسرور بكل زيادة في معرفتي، وأتمنى أن أظل هكذا دائما، فالماء حين يركد يأسن ولكنه حين يجري يطيب ويعذب.
* ما هي الكتب التي ساهمت في تغيير تفكيرك؟ وهل للسجن دور في ذلك؟
- "السجن" مرحلة هامة جدا في حياة أي إنسان يمرّ به، إنه يمنحك فرصة للتأمل والتفكير بعيدا عن حماس الشباب وصخب الأيديولوجيا، ويمنحك أيضا –وهو ما كنت أردده على أصحابي داخل السجن- يمنحك "دنيا مصغّرة" فيها الخير وفيها الشر، فيها العدل وفيها الظلم، فيها السرور وفيها الحزن، وفيها بين كل ثنائية مما سبق مساحات شاسعة من التباين والتداخل، ثم إنني أحسب أن سجن عام يمنح خبرة عشرة أعوام للرجل الواعي، نعم لقد كان السجن مؤثرا في تغيري لا بالمعنى السلبي بل بالمعنى الإيجابي، فقد منحني خبرة ومنحني "زيادة في الاطلاع" حيث كان جلّ وقتي في السجن منصرفا للحفظ والقراءة ورفع رصيدي من المعرفة، فقد حفظت فيه القرآن وعددا من المتون العلمية كعمدة الأحكام والواسطية والأجرومية وملحة الإعراب وشيئا من بلوغ المرام واللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان وغيرها.
أما الكتب التي ساهمت في تغيير فكري، فلا أذكر كتابا واحدا بذاته، لكنني أقرّ بالفضل لكتاب "الموافقات" للشاطبي فقد كان كتابا نقلني من مرحلة في التفكير إلى مرحلة أخرى، نقلني من مرحلة الإغراق في جزئيات العلم إلى التحليق في كليّاته.
* بعد التحول كيف واجهت المحيط سواء كان العائلة أو المجتمع خصوصا وانك تعيش في مجتمع يقدس المتدين؟ وهل كانت هناك مضايقات؟
- كما قلت سابقا أنا لم أتحوّل بين عشيّة وضحاها، بل تحوّلت في فترة زمنية طويلة نسبيا، وكنت في كل خطوة أخطوها أنشر قناعتي عند كل من حولي وأناقشهم عليها وأحاول إقناعهم بها وبالتالي كان أمر التطوّر يمرّ على المقربين منّي تحت الشمس ويرونه خطوة خطوة، اما المضايقات فلا أكاد أذكر منها شيئا سوى بعض المناقشات الساخنة مع بعض رفقاء الأمس وبعض الصدود من بعضهم الذي ربما وصل –أحيانا- حدّ "الهجر" وعدم ردّ السلام.
* ما يسمى اليوم بالإرهاب له وجهان الوجه الأول (قتل الأبرياء، بث الخوف في النفوس، تخريب الممتلكات) والوجه الأخر (محاربة أمريكا الداعمة لإسرائيل والمسيطرة على العالم بالقوة ومحاربة حلفائها من حكام الدول العربية والإسلامية والعودة بالعالم الإسلامي إلى عصر الخلافة الإسلامية). عندما يكتب بن بجاد مقالة عن هذا الموضوع هل ينظر للوجهين معاً أم إن الوجه الأول هو الذي يكون طاغيا على المقال؟
- في كل شيء أحبّ دائما أن أقرأ المشهد كاملا قبل أن أتخذ موقفا منه، وكتاباتي ومقالاتي حول الإرهاب تثبت أنني أحاول أخذ المشهد بشكل كامل، بل إنني لشدة صراحتي في قول ما أعتقده صحيحا قد منعت من الكتابة مرتين مرة قبل الحادي عشر من سبتمبر ومرة بعده.
من المهم عند قراءة ظاهرة كبرى كظاهرة الإرهاب أن نقرأها بشكل كامل وصريح، فالنقص في القراءة يضعف المعالجة، والمجاملة فيها تزيد الإرهاب قوّة بدلا من أن تضعفه، وحين كتبت عن أسباب الإرهاب كتبت عن أسبابه الدينية في الخطاب التقليدي والخطاب الصحوي، وكتبت عن أسبابه الاقتصادية وأسبابه التعليمية وأسبابه الاجتماعية وأسبابه السياسية داخليا وعالميا، وتحدثت عن أفكار الإرهاب كما تحدثت عن "البيئة التي تخلقه".
* الإنسان بفطرته ليس مجرماً ولا يميل إلى القتل ولكن ودون تحفظ نجد إن كثيراً واشدد على كلمة كثير من الخليجيين نساء ورجال يتعاطفون ويميلون إلى ابن لادن وهو رجل امتهن المواجهة الدموية والقتل مع الطرف الآخر بالرغم من أن هؤلاء ليسوا متدينين بل مسلمين عاديين.
- نعم، في مرحلة من المراحل هذا الكلام صحيح، لكنني أحسب أن الأمر قد تغيّر الآن، وبدأ كثير من الناس يعرفون حقيقة بن لادن وحقيقة "القاعدة" وبدأوا يرون بأعينهم ما يجره على الإسلام والمسلمين من ويلات وخسائر وفساد في الأرض، ثمّ إن غالب ذلك التعاطف الذي كان مع بن لادن والقاعدة كان منطلقا من المثل الذي يقول "لا حبا لعلي ولكن بغضا لمعاوية"، فقد كان الناس يعبرون بذلك التعاطف عن بغض سياسة الإدارة الأمريكية أكثر مما يعبرون عن حب بن لادن فضلا عن التضامن معه والميل إليه.
* هناك من يقول بان الفئة التي تحب ابن لادن لا تحبه لأفعاله ولكنها تحبه نكاية في أمريكا وكرها لها ويقال إن هذا هو بداية التعاطف.
- هذا صحيح في الغالب، لكن يوجد من يحب بن لادن لأنه يتفق معه في أفكاره ويخالفه في "التوقيت" أو "يجبن" و "يخاف" من الالتحاق به.
* لكل شيء دافع حتى المجرم القاتل لو دخلت إلى داخله العميق أو راجعت سيرته الذاتية ستجد إن لديه دافع لارتكاب جريمة. اقصد إننا نحن البشر بتصرفاتنا ندفع بعضنا البعض للوقوع في المحظور.. ربما تكون الحالة السياسة وربما الدين ربما المجتمع ربما العائلة.. هناك دائما سبب. لماذا لا يجد ابن بجاد وغيره من الكتاب السعوديين للجماعات المسلحة العذر في ما يفعلون؟ اقصد أنكم تشنون عليهم حرب ولا تحاولون البحث عن جذور المرض لعلاجه. - ليس صحيحا – على الأقل بالنسبة لي- فأنا لا أشنّ حربا عمياء ضد الإرهاب، بل أحسب أنني أكتب بكل صدق وصراحة وموضوعية، نعم أنا ضدّه على طول الخط وأشنّ عليه حربا ولكنها حرب مبصرة، تتبين مواطن الخلل وتشير إلى مواضع الداء، وقد نبشت في جذوره حتى مللت!
* وهل كانت هناك نتيجة لهذه الحرب المبصرة؟ اليس الحوار معهم يا أستاذ عبد الله أفضل من مهاجمتهم؟ ولا اقصد أن تحاورهم انت ولكن أن تحثون الحكومه على محاورتهم.
- نعم كانت لهذه الحرب المبصرة نتائج رائعة في المساحة التي تستطيع الحراك فيها وهي المساحة الثقافية، أما تنفيذ الحرب على الإرهاب على الأرض ومتابعة أسبابه وجذوره في المجال الديني والسياسي والاقتصادي والتعليمي فتلك مهمة المؤسسات الرسمية.
المعركة مع الإرهابيين ليست خلافا في بعض الجزئيات لكنها معركة وجود أو عدم، معركة منعهم من اختطاف الإسلام، إنهم حتى لا يؤمنون بالحوار حول موقفهم لأنهم يعتبرون مواقفهم ورؤاهم وأقوالهم وحيا منزلا من سابع السموات، وأن يكون الحوار إيجابيا مع هؤلاء فذلك من سابع المستحيلات، لكنني مع الحوار مع من لم يحمل السلاح ولم يقترف جريمة لأن المجرم مكانه القضاء ليحكم عليه لا ليحاوره، أما من لم يتورط في العنف من الإرهابيين إلا ربع فنعم أنا مع نقاشهم علنا وبأية وسيلة لصدهم عن أن يتطوروا سلبيا باتجاه الإرهاب الكامل والعنف الأعمى.
* أنت تسلم بان ابومصعب الزرقاوي واقع حقيقي وانه يقوم بالتفجيرات في العراق وقلت في إحدى المقالات بان الزرقاوي والمقرن وجهان لعمله واحده. ما الذي يثبت بأن الزرقاوي موجود أصلا وإذا كان موجوداً ما الذي يثبت أنه يقف خلف التفجيرات في العراق؟ ألا توجد جهات أخرى لها مصلحه في زعزعة الاستقرار في العراق وخلق توتر وخصوصا بين السنة والشيعة؟ اقصد لماذا يأخذ معظم الكتاب الخليجيين الأمور كما يراد لهم أن يأخذوها ويكتبوا عنها وكأنها حقيقة خالية من الشك؟
- أما أنه موجود فهذا ما لايحتاج لإثبات، وأصعب الأشياء توضيح الواضحات كما كان يقول الأصمعي، وإنكار الزرقاوي "دفع بالصدر" كما كان يقول الإمام الذهبي عمّن أنكر "مجنون ليلى"، أما أنه يقف خلف "بعض" التفجيرات في العراق فهذا لا شك فيه أيضا وبياناته المسموعة والمكتوبة كلها تشير لهذا وتنظيمه والمنخرطين فيه كلهم يؤكدون هذا، وأنا قلت بأنه يقف خلف "بعض" التفجيرات في العراق لأؤكد أن ثمّة جماعات مقاومة عراقية وطنية أو طائفية أو حزبية أو عرقية لا علاقة لها بالزرقاوي، وأما أن بعض الدول تتدخل في الشأن العراقي الداخلي وتدعم بعض الجماعات العنفية فهذا أيضا صحيح وعليه أدلة منشورة واعترافات مسجلة.
أما أن معظم الكتّاب الخليجيين يأخذون الأمور كما يراد لهم، فما أدري من هذا المضمر في بنائك للمجهول بقولك "يراد لهم" فمن هو هذا المريد؟ ثم إنني أرفض أن "معظم" الكتاب الخليجيين يكتبون ما "يراد لهم" أن يكتبوه بل إن معظمهم يكتب قناعته ورؤيته وللآخرين الحق في مخالفته.
* أولا أنا أؤمن بالرأي والرأي الآخر وبحرية التعبير واحترم الكاتب الخليجي والعربي بشكل عام ولا اقصد هنا الإساءة لأحد هذا للتوضيح فقط. دعني اطرح عليك السؤال بشكل آخر: عندما يكون هناك تفجير يذهب ضحيته شيعه أو سنه يتهم فيه الإرهابيين وطبعا يقصد بالإرهابيين " المسلمين " فتجد المقالات تنتقد وتشجب هؤلاء الإرهابيين.. ومنذ فتره كانت للرئيس الأمريكي كلمة مفادها أن الإرهابيين يقومون بالتخريب في العراق ووجودهم خطر على أمريكا وإسرائيل وعلية يجب الاستمرار في احتلال العراق. هل تستطيع الجزم بأنه لا توجد لأمريكا ولا للموساد يد في هذه التفجيرات؟ وهم المشار إليهم في هذا السؤال. وفي الجزء الخاص بالزرقاوي : اقصد إن ابن لادن والظواهري يخرجون علينا بين فتره وأخرى من خلال الشاشات نسمعهم ونشاهدهم بينما الزرقاوي شبه خيال. وأخيرا من أين أتيت بقناعة إن الكّتاب الخليجيين يكتبون بقناعاتهم؟ السنا في الوطن العربي نفتقد لحرية الرأي وبالتالي نفقد المصداقية في التعبير عن قناعاتنا؟ واقصد الكتّاب. الم تمنع لك مقالتين يا أستاذ عبد الله؟ ثم ألا يوجد من يكتب لجمع المال فقط؟ أنا قلت معظم الكتاب واقصد ذلك وطبعا هناك كتاب قله يتمتعون بالنزاهة ويعملون على إيصال قناعاتهم بصدق واعتقد بأنك واحد منهم وهذه ليست مجاملة.
- إذا كان بوش يرى أن وجود الإرهابيين خطر على أمريكا وإسرائيل –وهذا صحيح- فكيف يقوم الموساد والأمريكان بتنفيذ التفجيرات أو المساعدة عليها!
وإن كان المقصود بذلك تفسير يبنى على "نظرية المؤامرة" البالية، فإن ذلك التفسير قد بني على شفا جرف هار من النظريات المتخلفة المستوردة قسرا من حقبة الستينات وما جاورها وزمن تفشي القومية العربية والماركسية وهو تفسير يعيق تقدمنا ونهوضنا لأنه يصيبنا بعشى في الرؤية لا يكاد يوجد له شفاء إذا استحكم.
هذا فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال، أما الشق الآخر والمتعلق بالكتاب الخليجيين، فأقول: إن كنّا نفتقد حريّة الرأي وهذا صحيح إلى حد كبير فليس معنى ذلك أن الكتّاب لا مصداقية لهم في التعبير عن قناعاتهم، فالبعض يعبّر عن قناعاته بوضوح ويكون جزاؤه المنع مرارا وتكرارا والنماذج كثيرة، والبعض يكتب من قناعته ما يمكن أن ينشر ويعبر عن الباقي في منابر أخرى، وكم من كاتب "لا يقول كل قناعته، لكنه لا يقول إلا ما هو مقتنع به"، ثم إن وجد كتّاب مأجورون يتحدثون ويكتبون بالمال كهاتف العملة فهم في رأيي قلة حتى اليوم.
* أنا لا أتكلم عن نظرية المؤامرة أنا أتحدث عن شيء محدد وهو إن إثارة الفتن بين السنة والشيعة والأكراد وغيرهم بدس المتفجرات بينهم يؤدي إلى تفتيت العراق وهذا شيء يهم إسرائيل قبل أمريكا. أما بالنسبة لأمريكا فوجود الإرهابيين مهم جدا بالنسبة لها فبوش قالها صراحة لن اخرج ما دام هناك إرهابيين، إذا هناك مصلحه لأمريكا في الموضوع وكما هو معروف أمريكا لم تدخل العراق وتخسر ما خسرت لتخرج ولابد من تبرير أمام الرأي العام لبقائها وهذا سبب وجيه لذلك إذا هناك من يحرك الإرهاب غير الدول المجاورة للعراق وقد اختلف معك في هذا ولكني في النهاية احترم رأيك واقدره. "إن الكتابة في صحيفة لا تحمل الكاتب كل ما يكتب فيها، كما أن الخروج في قناة لا يعني الإقرار بكل ما يعرض على شاشتها" هذا جزء من مقاله لك نشرت في جريدة الاتحاد الإماراتية تدافع فيها عن نفسك اثر الهجوم الشرس الذي تعرضت له منذ بداية الإعلان عن المسلسل. أنا لست مع من هاجمك ولكنني كمشاهده عادية للمسلسل دارت في ذهني بعض الأسئلة: لماذا شاركت في مسلسل فيه الكثير من السلبيات؟ هل كنت مجبرا على ذلك مثلا؟
- في مثل هذه الأعمال لا مجال للحديث عن "إجبار" ولا "إرغام"، لكنني شاركت بحكم عملي "مستشارا" في قناة مرموقة كالإم بي سي، وقد كنت أؤدي واجبا مهنيا كما أنني مقتنع بفكرة محاربة الإرهاب من خلال الدراما، ولذلك وافقت على المشاركة في هذا العمل عن طريق مراجعة الخط الديني فيه، أما السلبيات التي تتحدثين عنها فسلي عنها من كان مسئولا عنها.
*هل ترى أن المسلسل فعلا أساء للسعوديين كما قال البعض؟
- لا أحسب أنه أساء للسعوديين بالمعنى الذي يطرحه البعض، وما أنا متأكد منه أنه حتى لو وجدت الإساءة فهي بالتأكيد غير مقصودة لا من كتّاب المسلسل ولا من مخرجه الأستاذ نجدة أنزور.
*عملية إقناع رجل عادي يعيش حياه عادية بالدخول إلى المنطقة الخطرة منطقة الجماعات المسلحة ومواجهة الموت كانت غير مقنعة خصوصا انه بدا في المسلسل كرجل غبي - واعذرني على هذا التعبير – ينقاد بسهولة ويسير وراء رجل متعصب يذهب به إلى منطقة منقطعة ومهجورة ليقنعه بكلام نسمعه ونقرأه في كل مكان.
- لا أدري من أين أخذت أن ذلك الشاب العادي كان غبيا!، ثم إنه لم ينقد بسهولة كما تقولين بل ناقش وجادل، ولم يكن متأثرا بذلك الرجل المتعصب فقط بل كان يقرأ من قبل إصدارات القاعدة في الإنترنت ولكن هذا الرجل استطاع استغلاله وتوجيهه لما يريد.
- لماذا تم اختيار شاب متعلم فقط لطرح كيفية دخوله إلى القاعدة؟ أين الرجل الجاهل والرجل البدوي البسيط والرجل صاحب السوابق ألا يدخل هؤلاء إلى المجموعات المسلحة خصوصا أن لديهم أسبابهم القوية وهم أسهل صيدا من المتعلمين؟
- صيد التنظيمات المسلّحة ليس من شريحة واحدة، بل من شرائح متعددة، هذه واحدة، والثانية أن المعالجة الدرامية في المسلسل لم تكن تستطيع تغطية كامل المشهد، ففي التجنيد كان بالإمكان الاتيان بمتعلم ورجل بادية ورجل حاضرة وتاجر ومزارع وصاحب سوابق ونحو ذلك، وفي أماكن التجنيد كان بالإمكان الاتيان بالمسجد والفصل المدرسي والمركز الصيفي والأنشطة اللاصفية في المدارس والمكتبات الملحقة بالمساجد وغير ذلك، لكن ذلك لم يكن متاحا في المسلسل، بل كان الاكتفاء ببعض ذلك، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
* تم اختيارك للإشراف على مسلسلين تدور أحداثهما حول الإرهاب ( الحور العين والطريق الوعر) لماذا أنت بالذات؟
- لا أدري، بالإمكان إحالة السؤال إلى منتجي المسلسلين.
* قمت بتأليف حلقة سلطة الجماهير في طاش ما طاش إلى جانب حلقة أخرى هل تفكر بتقديم تجربة التحول التي مررت بها إلى ماده يستطيع الآخرون الاستفادة منها.
- حتى الآن لا أفكر في ذلك، وإن كنت أفكر في إصدار التجربة في كتاب يحكيها بتفاصيلها أرجو أن أتفرغ له قريبا.
*أجد هجوماً من البعض على قلم ابن بجاد في الانترنت. هل تشعر بالإحباط أحيانا أو بالندم لدخولك عالم الصحافة والإعلام؟
- لا هذه ولا تلك، ولكنني آسف على بعض المتمسحين بالدين من الإرهابيين إلا ربع من أشباح الإنترنت، آسف عليهم لأنهم يحطمون كل أخلاقيات الإسلام من أجل مهاجمة كاتب واحد مثلي، حين يرتكبون المحرمات الشرعية الصريحة مثل "الكذب" و"التزوير" و"البهتان" من أجل أن يشفوا غيظهم من شخصي ومن كتاباتي، ولا يعلم هؤلاء أن الله يزيدني كلما كذبوا ويرفعني كلما زوّروا ويعزّني كلما بهتوا، وتلك –والمنة لله- نعمُ أرجو الله أن يعينني على شكرها.
بدأت إجاباتك جميلة وانتهت جميلة و"الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. الأستاذ / عبد الله بن بجاد العتيبي.. كلمة شكر لن تفيك حقك.. تحياتي وتمنياتي لك بالتوفيق وبحياة هانئة مستقره في بلدك الثاني دبي.
أميرة القحطاني من دبي: يشبه الى حد كبير نسمة الهواء الهادئة اللطيفة التي لايمكن أن تزعجك أو تضايقك.. راق في تعامله.. متواضع الى حد الخجل. اشرف على الخط الديني في الحور العين وبسبب هذا الإشراف تعرض لهجمة شرسة اتهم خلالها بأنه ساهم في الاساءه لبلده السعودية وللمتدينين بشكل عام. بدأ حياته كمتدين متشدد ثم انفتح على نفسه وعلى العالم وبدأ ينظر للأمور بمنظار أوضح واكبر.. تتسم كتاباته بالاتزان والحياد. انه الأستاذ / عبد الله بن بجاد العتيبي الذي شرفني وأسعدني كثيراً باستضافته.
* قبل كل شيء أتمنى أن تتحدث عن عبد الله الطفل وعن "مصدة" الأم.
- في داخل كلٍ منّا طفل يتهادى حتى النهاية، فينا من يئد الطفل ويئد معه دهشته وأسئلته، وفينا من يحافظ عليه، كنت ولا زلت أحاول أن أحافظ على دهشة ذلك الطفل وتساؤلاته المتكررة. لم تكن ليلة العاشر من شهر الله المحرّم لعام 1391 للهجرة ليلة عادية، لقد كانت أهمّ ليلة في التاريخ الحديث والقديم –بالنسبة لي بالطبع- ذلك أنها الليلة التي سمعت صرختي الأولى ورأت إطلالتي الأولى. تلك الصرخة التي أعلنت عن ولادة "عبدالله" الذي سار في درب الحياة الشائك ثلاثون عاما إلى اليوم ولا زال يغذّ السير مثله مثل باقي الكائنات إلى أهداف يرسمها وآفاق يرتادها. لا أذكر من أيام الطفولة الأولى شيئا كثيرا لكن سنوات الطفولة العابثة لا زالت تمدني بشيء من روح البراءة يلطّف ما ثار حولي بعده من عواصف الحياة. أذكر الطفل الذي يلعب مع أترابه لعبة "الغميمة" حيث يغمض أحدنا عينيه فيقوم الآخر بوضع عدد من كوم التراب الصغيرة بيده في أماكن متفرقة، ومهمة الآخر هي البحث عنها واحدة واحدة بعد فتح عينيه، وكنّا نلعب كذلك بـ"الدنينة" أو "الدنّانة" كما ننطقها في قريتي، حيث تؤخذ عجلة لإحدى الدرّاجات المعطّلة توضع في طرف قضيب حديدي ويقودها الطفل كأنه يقود أبهى السيارات!
وكنّا نلعب "صلبة" فنهرب جميعا من شخص أو شخصين ثم يلاحقوننا ومن أمسكوه وضعوه في سجن محدّد ولحقوا بالآخرين وعلى اصحابه أن ينقذوه عبر لمسه. وأذكر أيام الدراسة الاولى في الصفّ الأول الابتدائي حين كنّا نستيقظ باكرا ونتحلّق على "الكانون" و هو عبارة عن حفرة في الأرض يوضع فيها "برميل" كبير يملأ ثلثاه بالتراب حتى يبقى ثلثه الأعلى ثم يوقد الحطب فيه حتى يصبح جمرا فيوضع طحين "البرّ البلدي" على جانبي الكانون على شكل أقراص صغيرة، تخلط بعد إخراجها من الكانون مع السمن البلدي والسكر ثم نجلس نأكلها مع حليب الماعز الطازج، وقد كنت آكل منها فلا أكاد أشبع فإذا ذهبت إلى المدرسة كنت بحاجة لدورة المياه إلا أنّ المعلّم الذكيّ جدا كان يظن أن الطفل ذو الست سنوات يحسن الخداع بمثل هذه الأعذار ليترك الفصل، فكان يستخدم ألمعيته وذكاءه في منعي من الخروج، مما كان يضطرني أحيانا للاستغناء بالفصل عن دورة المياه فأجهش بالبكاء وتنهمر الدموع التي لا تمسحها إلا والدتي التي أهرب راكضا إليها من الفصل فتتلقاني بالدش الدافئ والدعوات الحارّة الساخطة على المعلّم النجيب.
في الصفّ الثاني كان أستاذنا "عبدالله الصالح" شديدا علينا و"يتفنّن" في قرص آذاننا وأثدائنا مستخدما قلم الرصاص، وربما حلا له -من باب التجديد- أن يضع قلم الرصاص بين أصابعنا ويضغطها عليه ثم يدير القلم مبتهجا على صرخاتنا وبكائنا!. في الصفّ الثالث الابتدائي كان أستاذنا "سالم بن عكّاش" ولا أذكر أنه ضربني ولا مرة واحدة، ربما لأنني كنت "شاطرا" لا بمعنى السارق بل بمعنى المميز في دراسته، وربما لأنه كان أرقى من المدرسين الساديين المنتشرين حينها كوباء. وإن نسيت شيئا من تلك الأيام فلا أنسى يوم إعلان نتائج امتحان السنة الثالثة الابتدائية وكيف كنّا في الصباح الباكر في فناء المدرسة وأنا متوتر جدا، أخشى أن أرسب فإذا بالأستاذ سالم يخرج بكامل هيبته يقرأ الأسماء ويقول: سأبدأ بالطالب الذي أخذ الترتيب الأول ثم الثاني وهكذا. وكانت المفاجأة أنه بدأ باسمي أولا ثم بابن قريتي وقبيلتي "فهد بن زايد" فخرجنا بشهادتينا نركض إلى بيوتنا جذلين.
كما أذكر حفلا أقيم في المدرسة برعاية مديرها "فهد بن بدا" وقد سلّمت الجائزة الأولى في ذلك الحفل لي، وكانت عبارة عن طقم مكوّن من قلمين "باركر"، إلا أن الجائزة الثانية كانت لصديقي "فهد بن زايد" وأعطوه تشكيلة ألوان "مائية" ذات رأسين، فانغضت أنا من ذلك فما معنى قلمين تافهين أمام تشكيلة ألوان زاهية!، فعرضت عليه عند خروجنا أن نتبادل الجوائز فوافق فأخذت التشكيلة إلى منزلنا مغتبطا بربحي للصفقة!.
كنّا دائما ما نخرج إلى الهضاب المجاورة لقريتنا لتناول الغداء مع "جماعتنا" المقربين، وكنّا نخرج فيما يقارب السبع إلى العشر عوائل بأطفالها ورجالها ونسائها وكنّا نلهو كثيرا في تلك الهضاب، أذكر منها "السمنا" و "أمّ نبطه" و "الباضتين" التي هي "البيضيتن"، وكانت تلك الرحلات تعني لي ما تعنيه "ديزني لاند" لأطفال اليوم!.
كم مرة كنّا ننثر التراب على الصخور الملساء حتى نتزلج عليها بكراتين صغيرة نلتقطها من هنا وهناك فنفرح فرحا لا يعرفه المتزلجون في دافوس.
ماذا بعد، يبدو أنني أطلت حتى أمللت.
* لحظة التحول من رجل متدين لدرجة التشدد إلى رجل منفتح يأخذ ويعطي ويتحدث مع الأخر بنفسية حرة تميل إلى المرح. متى حدث هذا بالضبط؟ ولا اقصد هنا الوقت ولكن اقصد الشعور.. شعور الرغبة بالتحول؟ وكيف استقبلت هذا الشعور بسعادة أم بخوف؟
- بكل صدق لا يوجد شيء في حياتي اسمه "لحظة التحوّل"، هناك تحوّل نعم، ولكنه جاء تدريجيا على مدى سنوات ولم يكن وليد لحظة يتيمة. أما عن شعور الرغبة بالتحوّل فقد كنت أسميه يوم كنت متشددا، الازدياد في العلم، و "البحث عن الحق"، مستظلا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها"، وكنت على مستوى الجماعة المتشددة الصغيرة التي أعيش داخلها أصنّف "متميعا" آخذ دائما بالأسهل، والأسهل هنا نسبي، فأكثر المتشددين تساهلا أكثر تشددا من أكثر المتساهلين تشددا، هل هي فلسفة؟ لا أدري، ربما.
واحسب أن المحرك الأساس للتحول الذي عشته، هو أنني كنت دائما شغوفا بـ"المعرفة" شغوفا بقراءة كل ما يقع تحت يدي من كتب أو مقالات أو غيرها، حتى أنني في فترة التشدد قرأت في كتاب "شمس المعارف" المشهور في السحر والشعوذة مع أن تعلّم السحر كفر في اعتقادي حينها، ولكنني كنت دائما واثقا من إيماني بديني وعقيدتي، وأن العلم مهما كان نوعه هو زيادة في رصيد المرء، وكنت أستدل أحيانا بقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه "كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني"، وقول الشاعر:
عرفت الشرّ لا للشرّ لكن لتوقيه
ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
والحقيقة أنني سعيد بكل تحوّل في حياتي، مبتهج بكل تطوّر في عقلي، مسرور بكل زيادة في معرفتي، وأتمنى أن أظل هكذا دائما، فالماء حين يركد يأسن ولكنه حين يجري يطيب ويعذب.
* ما هي الكتب التي ساهمت في تغيير تفكيرك؟ وهل للسجن دور في ذلك؟
- "السجن" مرحلة هامة جدا في حياة أي إنسان يمرّ به، إنه يمنحك فرصة للتأمل والتفكير بعيدا عن حماس الشباب وصخب الأيديولوجيا، ويمنحك أيضا –وهو ما كنت أردده على أصحابي داخل السجن- يمنحك "دنيا مصغّرة" فيها الخير وفيها الشر، فيها العدل وفيها الظلم، فيها السرور وفيها الحزن، وفيها بين كل ثنائية مما سبق مساحات شاسعة من التباين والتداخل، ثم إنني أحسب أن سجن عام يمنح خبرة عشرة أعوام للرجل الواعي، نعم لقد كان السجن مؤثرا في تغيري لا بالمعنى السلبي بل بالمعنى الإيجابي، فقد منحني خبرة ومنحني "زيادة في الاطلاع" حيث كان جلّ وقتي في السجن منصرفا للحفظ والقراءة ورفع رصيدي من المعرفة، فقد حفظت فيه القرآن وعددا من المتون العلمية كعمدة الأحكام والواسطية والأجرومية وملحة الإعراب وشيئا من بلوغ المرام واللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان وغيرها.
أما الكتب التي ساهمت في تغيير فكري، فلا أذكر كتابا واحدا بذاته، لكنني أقرّ بالفضل لكتاب "الموافقات" للشاطبي فقد كان كتابا نقلني من مرحلة في التفكير إلى مرحلة أخرى، نقلني من مرحلة الإغراق في جزئيات العلم إلى التحليق في كليّاته.
* بعد التحول كيف واجهت المحيط سواء كان العائلة أو المجتمع خصوصا وانك تعيش في مجتمع يقدس المتدين؟ وهل كانت هناك مضايقات؟
- كما قلت سابقا أنا لم أتحوّل بين عشيّة وضحاها، بل تحوّلت في فترة زمنية طويلة نسبيا، وكنت في كل خطوة أخطوها أنشر قناعتي عند كل من حولي وأناقشهم عليها وأحاول إقناعهم بها وبالتالي كان أمر التطوّر يمرّ على المقربين منّي تحت الشمس ويرونه خطوة خطوة، اما المضايقات فلا أكاد أذكر منها شيئا سوى بعض المناقشات الساخنة مع بعض رفقاء الأمس وبعض الصدود من بعضهم الذي ربما وصل –أحيانا- حدّ "الهجر" وعدم ردّ السلام.
* ما يسمى اليوم بالإرهاب له وجهان الوجه الأول (قتل الأبرياء، بث الخوف في النفوس، تخريب الممتلكات) والوجه الأخر (محاربة أمريكا الداعمة لإسرائيل والمسيطرة على العالم بالقوة ومحاربة حلفائها من حكام الدول العربية والإسلامية والعودة بالعالم الإسلامي إلى عصر الخلافة الإسلامية). عندما يكتب بن بجاد مقالة عن هذا الموضوع هل ينظر للوجهين معاً أم إن الوجه الأول هو الذي يكون طاغيا على المقال؟
- في كل شيء أحبّ دائما أن أقرأ المشهد كاملا قبل أن أتخذ موقفا منه، وكتاباتي ومقالاتي حول الإرهاب تثبت أنني أحاول أخذ المشهد بشكل كامل، بل إنني لشدة صراحتي في قول ما أعتقده صحيحا قد منعت من الكتابة مرتين مرة قبل الحادي عشر من سبتمبر ومرة بعده.
من المهم عند قراءة ظاهرة كبرى كظاهرة الإرهاب أن نقرأها بشكل كامل وصريح، فالنقص في القراءة يضعف المعالجة، والمجاملة فيها تزيد الإرهاب قوّة بدلا من أن تضعفه، وحين كتبت عن أسباب الإرهاب كتبت عن أسبابه الدينية في الخطاب التقليدي والخطاب الصحوي، وكتبت عن أسبابه الاقتصادية وأسبابه التعليمية وأسبابه الاجتماعية وأسبابه السياسية داخليا وعالميا، وتحدثت عن أفكار الإرهاب كما تحدثت عن "البيئة التي تخلقه".
* الإنسان بفطرته ليس مجرماً ولا يميل إلى القتل ولكن ودون تحفظ نجد إن كثيراً واشدد على كلمة كثير من الخليجيين نساء ورجال يتعاطفون ويميلون إلى ابن لادن وهو رجل امتهن المواجهة الدموية والقتل مع الطرف الآخر بالرغم من أن هؤلاء ليسوا متدينين بل مسلمين عاديين.
- نعم، في مرحلة من المراحل هذا الكلام صحيح، لكنني أحسب أن الأمر قد تغيّر الآن، وبدأ كثير من الناس يعرفون حقيقة بن لادن وحقيقة "القاعدة" وبدأوا يرون بأعينهم ما يجره على الإسلام والمسلمين من ويلات وخسائر وفساد في الأرض، ثمّ إن غالب ذلك التعاطف الذي كان مع بن لادن والقاعدة كان منطلقا من المثل الذي يقول "لا حبا لعلي ولكن بغضا لمعاوية"، فقد كان الناس يعبرون بذلك التعاطف عن بغض سياسة الإدارة الأمريكية أكثر مما يعبرون عن حب بن لادن فضلا عن التضامن معه والميل إليه.
* هناك من يقول بان الفئة التي تحب ابن لادن لا تحبه لأفعاله ولكنها تحبه نكاية في أمريكا وكرها لها ويقال إن هذا هو بداية التعاطف.
- هذا صحيح في الغالب، لكن يوجد من يحب بن لادن لأنه يتفق معه في أفكاره ويخالفه في "التوقيت" أو "يجبن" و "يخاف" من الالتحاق به.
* لكل شيء دافع حتى المجرم القاتل لو دخلت إلى داخله العميق أو راجعت سيرته الذاتية ستجد إن لديه دافع لارتكاب جريمة. اقصد إننا نحن البشر بتصرفاتنا ندفع بعضنا البعض للوقوع في المحظور.. ربما تكون الحالة السياسة وربما الدين ربما المجتمع ربما العائلة.. هناك دائما سبب. لماذا لا يجد ابن بجاد وغيره من الكتاب السعوديين للجماعات المسلحة العذر في ما يفعلون؟ اقصد أنكم تشنون عليهم حرب ولا تحاولون البحث عن جذور المرض لعلاجه. - ليس صحيحا – على الأقل بالنسبة لي- فأنا لا أشنّ حربا عمياء ضد الإرهاب، بل أحسب أنني أكتب بكل صدق وصراحة وموضوعية، نعم أنا ضدّه على طول الخط وأشنّ عليه حربا ولكنها حرب مبصرة، تتبين مواطن الخلل وتشير إلى مواضع الداء، وقد نبشت في جذوره حتى مللت!
* وهل كانت هناك نتيجة لهذه الحرب المبصرة؟ اليس الحوار معهم يا أستاذ عبد الله أفضل من مهاجمتهم؟ ولا اقصد أن تحاورهم انت ولكن أن تحثون الحكومه على محاورتهم.
- نعم كانت لهذه الحرب المبصرة نتائج رائعة في المساحة التي تستطيع الحراك فيها وهي المساحة الثقافية، أما تنفيذ الحرب على الإرهاب على الأرض ومتابعة أسبابه وجذوره في المجال الديني والسياسي والاقتصادي والتعليمي فتلك مهمة المؤسسات الرسمية.
المعركة مع الإرهابيين ليست خلافا في بعض الجزئيات لكنها معركة وجود أو عدم، معركة منعهم من اختطاف الإسلام، إنهم حتى لا يؤمنون بالحوار حول موقفهم لأنهم يعتبرون مواقفهم ورؤاهم وأقوالهم وحيا منزلا من سابع السموات، وأن يكون الحوار إيجابيا مع هؤلاء فذلك من سابع المستحيلات، لكنني مع الحوار مع من لم يحمل السلاح ولم يقترف جريمة لأن المجرم مكانه القضاء ليحكم عليه لا ليحاوره، أما من لم يتورط في العنف من الإرهابيين إلا ربع فنعم أنا مع نقاشهم علنا وبأية وسيلة لصدهم عن أن يتطوروا سلبيا باتجاه الإرهاب الكامل والعنف الأعمى.
* أنت تسلم بان ابومصعب الزرقاوي واقع حقيقي وانه يقوم بالتفجيرات في العراق وقلت في إحدى المقالات بان الزرقاوي والمقرن وجهان لعمله واحده. ما الذي يثبت بأن الزرقاوي موجود أصلا وإذا كان موجوداً ما الذي يثبت أنه يقف خلف التفجيرات في العراق؟ ألا توجد جهات أخرى لها مصلحه في زعزعة الاستقرار في العراق وخلق توتر وخصوصا بين السنة والشيعة؟ اقصد لماذا يأخذ معظم الكتاب الخليجيين الأمور كما يراد لهم أن يأخذوها ويكتبوا عنها وكأنها حقيقة خالية من الشك؟
- أما أنه موجود فهذا ما لايحتاج لإثبات، وأصعب الأشياء توضيح الواضحات كما كان يقول الأصمعي، وإنكار الزرقاوي "دفع بالصدر" كما كان يقول الإمام الذهبي عمّن أنكر "مجنون ليلى"، أما أنه يقف خلف "بعض" التفجيرات في العراق فهذا لا شك فيه أيضا وبياناته المسموعة والمكتوبة كلها تشير لهذا وتنظيمه والمنخرطين فيه كلهم يؤكدون هذا، وأنا قلت بأنه يقف خلف "بعض" التفجيرات في العراق لأؤكد أن ثمّة جماعات مقاومة عراقية وطنية أو طائفية أو حزبية أو عرقية لا علاقة لها بالزرقاوي، وأما أن بعض الدول تتدخل في الشأن العراقي الداخلي وتدعم بعض الجماعات العنفية فهذا أيضا صحيح وعليه أدلة منشورة واعترافات مسجلة.
أما أن معظم الكتّاب الخليجيين يأخذون الأمور كما يراد لهم، فما أدري من هذا المضمر في بنائك للمجهول بقولك "يراد لهم" فمن هو هذا المريد؟ ثم إنني أرفض أن "معظم" الكتاب الخليجيين يكتبون ما "يراد لهم" أن يكتبوه بل إن معظمهم يكتب قناعته ورؤيته وللآخرين الحق في مخالفته.
* أولا أنا أؤمن بالرأي والرأي الآخر وبحرية التعبير واحترم الكاتب الخليجي والعربي بشكل عام ولا اقصد هنا الإساءة لأحد هذا للتوضيح فقط. دعني اطرح عليك السؤال بشكل آخر: عندما يكون هناك تفجير يذهب ضحيته شيعه أو سنه يتهم فيه الإرهابيين وطبعا يقصد بالإرهابيين " المسلمين " فتجد المقالات تنتقد وتشجب هؤلاء الإرهابيين.. ومنذ فتره كانت للرئيس الأمريكي كلمة مفادها أن الإرهابيين يقومون بالتخريب في العراق ووجودهم خطر على أمريكا وإسرائيل وعلية يجب الاستمرار في احتلال العراق. هل تستطيع الجزم بأنه لا توجد لأمريكا ولا للموساد يد في هذه التفجيرات؟ وهم المشار إليهم في هذا السؤال. وفي الجزء الخاص بالزرقاوي : اقصد إن ابن لادن والظواهري يخرجون علينا بين فتره وأخرى من خلال الشاشات نسمعهم ونشاهدهم بينما الزرقاوي شبه خيال. وأخيرا من أين أتيت بقناعة إن الكّتاب الخليجيين يكتبون بقناعاتهم؟ السنا في الوطن العربي نفتقد لحرية الرأي وبالتالي نفقد المصداقية في التعبير عن قناعاتنا؟ واقصد الكتّاب. الم تمنع لك مقالتين يا أستاذ عبد الله؟ ثم ألا يوجد من يكتب لجمع المال فقط؟ أنا قلت معظم الكتاب واقصد ذلك وطبعا هناك كتاب قله يتمتعون بالنزاهة ويعملون على إيصال قناعاتهم بصدق واعتقد بأنك واحد منهم وهذه ليست مجاملة.
- إذا كان بوش يرى أن وجود الإرهابيين خطر على أمريكا وإسرائيل –وهذا صحيح- فكيف يقوم الموساد والأمريكان بتنفيذ التفجيرات أو المساعدة عليها!
وإن كان المقصود بذلك تفسير يبنى على "نظرية المؤامرة" البالية، فإن ذلك التفسير قد بني على شفا جرف هار من النظريات المتخلفة المستوردة قسرا من حقبة الستينات وما جاورها وزمن تفشي القومية العربية والماركسية وهو تفسير يعيق تقدمنا ونهوضنا لأنه يصيبنا بعشى في الرؤية لا يكاد يوجد له شفاء إذا استحكم.
هذا فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال، أما الشق الآخر والمتعلق بالكتاب الخليجيين، فأقول: إن كنّا نفتقد حريّة الرأي وهذا صحيح إلى حد كبير فليس معنى ذلك أن الكتّاب لا مصداقية لهم في التعبير عن قناعاتهم، فالبعض يعبّر عن قناعاته بوضوح ويكون جزاؤه المنع مرارا وتكرارا والنماذج كثيرة، والبعض يكتب من قناعته ما يمكن أن ينشر ويعبر عن الباقي في منابر أخرى، وكم من كاتب "لا يقول كل قناعته، لكنه لا يقول إلا ما هو مقتنع به"، ثم إن وجد كتّاب مأجورون يتحدثون ويكتبون بالمال كهاتف العملة فهم في رأيي قلة حتى اليوم.
* أنا لا أتكلم عن نظرية المؤامرة أنا أتحدث عن شيء محدد وهو إن إثارة الفتن بين السنة والشيعة والأكراد وغيرهم بدس المتفجرات بينهم يؤدي إلى تفتيت العراق وهذا شيء يهم إسرائيل قبل أمريكا. أما بالنسبة لأمريكا فوجود الإرهابيين مهم جدا بالنسبة لها فبوش قالها صراحة لن اخرج ما دام هناك إرهابيين، إذا هناك مصلحه لأمريكا في الموضوع وكما هو معروف أمريكا لم تدخل العراق وتخسر ما خسرت لتخرج ولابد من تبرير أمام الرأي العام لبقائها وهذا سبب وجيه لذلك إذا هناك من يحرك الإرهاب غير الدول المجاورة للعراق وقد اختلف معك في هذا ولكني في النهاية احترم رأيك واقدره. "إن الكتابة في صحيفة لا تحمل الكاتب كل ما يكتب فيها، كما أن الخروج في قناة لا يعني الإقرار بكل ما يعرض على شاشتها" هذا جزء من مقاله لك نشرت في جريدة الاتحاد الإماراتية تدافع فيها عن نفسك اثر الهجوم الشرس الذي تعرضت له منذ بداية الإعلان عن المسلسل. أنا لست مع من هاجمك ولكنني كمشاهده عادية للمسلسل دارت في ذهني بعض الأسئلة: لماذا شاركت في مسلسل فيه الكثير من السلبيات؟ هل كنت مجبرا على ذلك مثلا؟
- في مثل هذه الأعمال لا مجال للحديث عن "إجبار" ولا "إرغام"، لكنني شاركت بحكم عملي "مستشارا" في قناة مرموقة كالإم بي سي، وقد كنت أؤدي واجبا مهنيا كما أنني مقتنع بفكرة محاربة الإرهاب من خلال الدراما، ولذلك وافقت على المشاركة في هذا العمل عن طريق مراجعة الخط الديني فيه، أما السلبيات التي تتحدثين عنها فسلي عنها من كان مسئولا عنها.
*هل ترى أن المسلسل فعلا أساء للسعوديين كما قال البعض؟
- لا أحسب أنه أساء للسعوديين بالمعنى الذي يطرحه البعض، وما أنا متأكد منه أنه حتى لو وجدت الإساءة فهي بالتأكيد غير مقصودة لا من كتّاب المسلسل ولا من مخرجه الأستاذ نجدة أنزور.
*عملية إقناع رجل عادي يعيش حياه عادية بالدخول إلى المنطقة الخطرة منطقة الجماعات المسلحة ومواجهة الموت كانت غير مقنعة خصوصا انه بدا في المسلسل كرجل غبي - واعذرني على هذا التعبير – ينقاد بسهولة ويسير وراء رجل متعصب يذهب به إلى منطقة منقطعة ومهجورة ليقنعه بكلام نسمعه ونقرأه في كل مكان.
- لا أدري من أين أخذت أن ذلك الشاب العادي كان غبيا!، ثم إنه لم ينقد بسهولة كما تقولين بل ناقش وجادل، ولم يكن متأثرا بذلك الرجل المتعصب فقط بل كان يقرأ من قبل إصدارات القاعدة في الإنترنت ولكن هذا الرجل استطاع استغلاله وتوجيهه لما يريد.
- لماذا تم اختيار شاب متعلم فقط لطرح كيفية دخوله إلى القاعدة؟ أين الرجل الجاهل والرجل البدوي البسيط والرجل صاحب السوابق ألا يدخل هؤلاء إلى المجموعات المسلحة خصوصا أن لديهم أسبابهم القوية وهم أسهل صيدا من المتعلمين؟
- صيد التنظيمات المسلّحة ليس من شريحة واحدة، بل من شرائح متعددة، هذه واحدة، والثانية أن المعالجة الدرامية في المسلسل لم تكن تستطيع تغطية كامل المشهد، ففي التجنيد كان بالإمكان الاتيان بمتعلم ورجل بادية ورجل حاضرة وتاجر ومزارع وصاحب سوابق ونحو ذلك، وفي أماكن التجنيد كان بالإمكان الاتيان بالمسجد والفصل المدرسي والمركز الصيفي والأنشطة اللاصفية في المدارس والمكتبات الملحقة بالمساجد وغير ذلك، لكن ذلك لم يكن متاحا في المسلسل، بل كان الاكتفاء ببعض ذلك، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
* تم اختيارك للإشراف على مسلسلين تدور أحداثهما حول الإرهاب ( الحور العين والطريق الوعر) لماذا أنت بالذات؟
- لا أدري، بالإمكان إحالة السؤال إلى منتجي المسلسلين.
* قمت بتأليف حلقة سلطة الجماهير في طاش ما طاش إلى جانب حلقة أخرى هل تفكر بتقديم تجربة التحول التي مررت بها إلى ماده يستطيع الآخرون الاستفادة منها.
- حتى الآن لا أفكر في ذلك، وإن كنت أفكر في إصدار التجربة في كتاب يحكيها بتفاصيلها أرجو أن أتفرغ له قريبا.
*أجد هجوماً من البعض على قلم ابن بجاد في الانترنت. هل تشعر بالإحباط أحيانا أو بالندم لدخولك عالم الصحافة والإعلام؟
- لا هذه ولا تلك، ولكنني آسف على بعض المتمسحين بالدين من الإرهابيين إلا ربع من أشباح الإنترنت، آسف عليهم لأنهم يحطمون كل أخلاقيات الإسلام من أجل مهاجمة كاتب واحد مثلي، حين يرتكبون المحرمات الشرعية الصريحة مثل "الكذب" و"التزوير" و"البهتان" من أجل أن يشفوا غيظهم من شخصي ومن كتاباتي، ولا يعلم هؤلاء أن الله يزيدني كلما كذبوا ويرفعني كلما زوّروا ويعزّني كلما بهتوا، وتلك –والمنة لله- نعمُ أرجو الله أن يعينني على شكرها.
بدأت إجاباتك جميلة وانتهت جميلة و"الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. الأستاذ / عبد الله بن بجاد العتيبي.. كلمة شكر لن تفيك حقك.. تحياتي وتمنياتي لك بالتوفيق وبحياة هانئة مستقره في بلدك الثاني دبي.