(اجمل احساس)
01-22-2006, 10:20 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركااته
الحمد لله رب العالمين, وبعد:
المعاملة التي يعاملها الوالدان لأولادهم ذكوراً أو إناثاً, يجب أن تكون طيبة, وهذا هو هدي الإسلام دون غيره من الأديان, حفظاً لكرامتهم, وصيانة لحقوقهم, قال _تبارك وتعالى_: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً"(1).
والمعاملة السيئة للأولاد, بلاء كبير وشر مستطير, لن يجني فيه الوالدان أو أحدهما, إلا المعيشة النكرة, والفرقة المقيتة والعقوق المتبادل والسباب المتلاطم والإثم الكبير, قال أبو مسعود البدري:(كنت أضرب غلاماً لي بالسوط, فسمعت صوتاً من خلفي: اعلم أبا مسعود, فلم أفهم الصوت من الغضب, قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود, اعلم أبا مسعود, قال:
فألقيت السوط من يدي, فقال: اعلم أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام, قال: فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً) وفي لفظ: ( ... فالتفت فإذا هو رسول الله _صلى الله عليه وسلم_, فقلت: يا رسول الله هو حر لوجه الله _تعالى_, فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار, أو لمستك النار) أخرجه مسلم(2).
وهذا في ضرب المملوك فكيف بضرب الولد ؟!
وفرق بين الإساءة إلى الأولاد بالضرب وإيقاع الأذية بهم أو منعهم حقوقهم أو التنكيل بهم بالألفاظ, وبين تأديبهم فالتأديب مجاله غير ذلك بل هو من الرحمة لهم, والتربية الحسنة, ويكون ذلك برفق ولين وتلطف فالولد المعوج لا ينبغي أن يُرحم بل تأديبه رحمة له.
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين, واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين, وفرقوا بينهم في المضاجع" خرجه أبو داود (3) وهو صحيح(4).
والعرب تقول: الضرب للولد مثل السماء للزرع (5).
وأما العدل بين الأولاد ذكوراً وإناثاً في العطية فواجب, فعن النعمان بن بشير قال: أعطاني أبي عطية ... فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: أعطيتَ سائر ولدك مثل هذا, قال: لا, قال: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" خرجه البخاري (6), وخرجه مسلم (7) بلفظ (قال: أله إخوة: قال نعم, قال: أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته, قال: لا, قال فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق).
ومتى فرق الوالدان أو أحدهما في العطية, وقعوا في الإثم؛ لأن تفضيل بعضهم على بعض في العطية, يوغر صدور بعضهم على بعض, ويزرع بينهم العداوة والبغضاء.
وليس الذكر كالأنثى, فما صلح للبنات, وأعطي كل واحدة منهن شيئاً لا يجب إعطاء مثله للذكور, كالذهب واللباس الخاص بالمرأة وتوابعها مما لا يصلح للذكور. وهكذا ما صلح للذكور كالكرة والدراجة والسيارة وأعطي كل واحد منهم شيء لا يجب إعطاء مثله أو عوضه للإناث.
ويستثنى من ذلك المعوق أو المريض أو الفقير, أو من قام على خدمة والديه, أو أحدهما, والبقية تركوه واشتغلوا بأمورهم, أو من تفرغ لعلم ولم يعمل, ونحو ذلك من أصحاب الحاجات الضرورية فيجوز للوالدين أو أحدهما تخصيصه بشيء دون البقية لسد حاجته تلك.
ويجوز لوالديه أو أحدهما أن يصرف عطيته عن بعض أولاده إذا كان مبتدعاً, أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه كما لو أنفقها في المحرمات كالدخان والمخدرات والمسكرات أو ما يعين على أعمال الخنا والحرام والفواحش.
ومتى أراد أن يعطيهم مالاً أو لباساً أو مشروبات أو مأكولات أو كماليات من ضرورات وخلافها, هدية أو تشجيعاً أعطاهم بالسوية الذكر والأنثى سواء, الذكر له مئة والأنثى لهما مئة, وهكذا.
وأما العدل بين الأولاد ذكوراً وإناثاً في المحبة والميل والقلب, فلا يجب ويجوز للوالدين أو أحدهما محبة بعض الأولاد أكثر من بعض, ما لم يصاحبها ظلم وتجاوز أو بخس لحقوق الإخوة أو الأخوات؛ لأن المحبة شيء جبلي يقذفه الله في قلوب عباده لمن يشاء, وليس من مقدور الإنسان أن يعدل بينهم في ذلك, فـ"لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا" (8). غير أن العدل بينهم في ذلك مشروع ومنقول عن السلف, وليس للوالدين أو أحدهما المبالغة في إظهار هذه المحبة, خشية ملء صدور الآخرين هماً إلا لعلة, كما لو كان أحدهم صاحب طاعة, أو محافظاً على الصلاة, أو باراً بوالديه, أو صاحب أدب, فلهما أن يثنيا عليه خيراً تشجيعاً له.
وقد رخص بعض السلف تفضيل الصغير والمريض ونحوهما, عند استقبالهما بالبشاشة والترحيب شفقة عليهما, ومواساة لهما (9).
وبالله التوفيق, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
_______________________
الحمد لله رب العالمين, وبعد:
المعاملة التي يعاملها الوالدان لأولادهم ذكوراً أو إناثاً, يجب أن تكون طيبة, وهذا هو هدي الإسلام دون غيره من الأديان, حفظاً لكرامتهم, وصيانة لحقوقهم, قال _تبارك وتعالى_: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً"(1).
والمعاملة السيئة للأولاد, بلاء كبير وشر مستطير, لن يجني فيه الوالدان أو أحدهما, إلا المعيشة النكرة, والفرقة المقيتة والعقوق المتبادل والسباب المتلاطم والإثم الكبير, قال أبو مسعود البدري:(كنت أضرب غلاماً لي بالسوط, فسمعت صوتاً من خلفي: اعلم أبا مسعود, فلم أفهم الصوت من الغضب, قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود, اعلم أبا مسعود, قال:
فألقيت السوط من يدي, فقال: اعلم أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام, قال: فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً) وفي لفظ: ( ... فالتفت فإذا هو رسول الله _صلى الله عليه وسلم_, فقلت: يا رسول الله هو حر لوجه الله _تعالى_, فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار, أو لمستك النار) أخرجه مسلم(2).
وهذا في ضرب المملوك فكيف بضرب الولد ؟!
وفرق بين الإساءة إلى الأولاد بالضرب وإيقاع الأذية بهم أو منعهم حقوقهم أو التنكيل بهم بالألفاظ, وبين تأديبهم فالتأديب مجاله غير ذلك بل هو من الرحمة لهم, والتربية الحسنة, ويكون ذلك برفق ولين وتلطف فالولد المعوج لا ينبغي أن يُرحم بل تأديبه رحمة له.
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين, واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين, وفرقوا بينهم في المضاجع" خرجه أبو داود (3) وهو صحيح(4).
والعرب تقول: الضرب للولد مثل السماء للزرع (5).
وأما العدل بين الأولاد ذكوراً وإناثاً في العطية فواجب, فعن النعمان بن بشير قال: أعطاني أبي عطية ... فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: أعطيتَ سائر ولدك مثل هذا, قال: لا, قال: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" خرجه البخاري (6), وخرجه مسلم (7) بلفظ (قال: أله إخوة: قال نعم, قال: أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته, قال: لا, قال فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق).
ومتى فرق الوالدان أو أحدهما في العطية, وقعوا في الإثم؛ لأن تفضيل بعضهم على بعض في العطية, يوغر صدور بعضهم على بعض, ويزرع بينهم العداوة والبغضاء.
وليس الذكر كالأنثى, فما صلح للبنات, وأعطي كل واحدة منهن شيئاً لا يجب إعطاء مثله للذكور, كالذهب واللباس الخاص بالمرأة وتوابعها مما لا يصلح للذكور. وهكذا ما صلح للذكور كالكرة والدراجة والسيارة وأعطي كل واحد منهم شيء لا يجب إعطاء مثله أو عوضه للإناث.
ويستثنى من ذلك المعوق أو المريض أو الفقير, أو من قام على خدمة والديه, أو أحدهما, والبقية تركوه واشتغلوا بأمورهم, أو من تفرغ لعلم ولم يعمل, ونحو ذلك من أصحاب الحاجات الضرورية فيجوز للوالدين أو أحدهما تخصيصه بشيء دون البقية لسد حاجته تلك.
ويجوز لوالديه أو أحدهما أن يصرف عطيته عن بعض أولاده إذا كان مبتدعاً, أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه كما لو أنفقها في المحرمات كالدخان والمخدرات والمسكرات أو ما يعين على أعمال الخنا والحرام والفواحش.
ومتى أراد أن يعطيهم مالاً أو لباساً أو مشروبات أو مأكولات أو كماليات من ضرورات وخلافها, هدية أو تشجيعاً أعطاهم بالسوية الذكر والأنثى سواء, الذكر له مئة والأنثى لهما مئة, وهكذا.
وأما العدل بين الأولاد ذكوراً وإناثاً في المحبة والميل والقلب, فلا يجب ويجوز للوالدين أو أحدهما محبة بعض الأولاد أكثر من بعض, ما لم يصاحبها ظلم وتجاوز أو بخس لحقوق الإخوة أو الأخوات؛ لأن المحبة شيء جبلي يقذفه الله في قلوب عباده لمن يشاء, وليس من مقدور الإنسان أن يعدل بينهم في ذلك, فـ"لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا" (8). غير أن العدل بينهم في ذلك مشروع ومنقول عن السلف, وليس للوالدين أو أحدهما المبالغة في إظهار هذه المحبة, خشية ملء صدور الآخرين هماً إلا لعلة, كما لو كان أحدهم صاحب طاعة, أو محافظاً على الصلاة, أو باراً بوالديه, أو صاحب أدب, فلهما أن يثنيا عليه خيراً تشجيعاً له.
وقد رخص بعض السلف تفضيل الصغير والمريض ونحوهما, عند استقبالهما بالبشاشة والترحيب شفقة عليهما, ومواساة لهما (9).
وبالله التوفيق, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
_______________________