مطرالثبيتي
11-07-2016, 03:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع / الدولة العباسية
(العباسيون والعلويون) تقدم أن من الأحزاب التي قامت في أمر الخلافة بعد موت النبي (الحزب الهاشمي) القائل بحصر الخلافة في بني هاشم، وما لبث هذا الحزب حتى أنقسم إلى حزبين عظيمين: " العباسيين" نسبة إلى العباس عم الرسول . "والعلويين" نسبة إلى علي ابن عمه وصهره ، ثم عرف أهل هذا الحزب بالشيعة أيضاً ، وحجة العباسيين ان عم الرسول أقرب اليه من ابن عمه وحجة العلويين أن النبي لما أظهر دعوته لأهله وعد بالخلافة لمن وازره في دعوته فلم يلب دعوته ان ذاك غير علي ، والعلويين يرفضون الخلفاء الثلاثة الذين تقدموا علياً ويعتبرونهم متعدين على حقوقه في الخلافة ويعتقدون أن الامام علياً وان لم يكن الخليفة ظاهراً فهو الخليفة باطناً منذ وفاة النبي ويعتبرون هذه الخلافة الباطنية في ذريته من بعده (راجع كتابنا تاريخ السودان في الكلام على الإسلام)
وكان لما عجز العلويون عن جعل الخلافة فيهم عن طريق السياسة والقوة لقتل من خرج من أئمتهم ومشايعة أكثر المسلمين لبني أمية ، أخذوا يسعون سراً لاعادة الخلافة إليهم ،وقد كان لعلي كثير من الولد إلا أن الذين تطلعوا للخلافة وتعصبت لهم الشيعة ودعوا لهم في الجهات الثلاثة وهم : الحسن والحسين أبنا علي من فاطمة بنت الرسول وأخوهما محمد بن الحنفية * وكان الشيعة قد سخطوا من الحسن لخلعه نفسه وتسليم الامر لمعاوية . فكتبوا إلى الحسين بالدعاء فامتنع ووعدهم إلى موت معاوية . فغدر به بعض دعاة يزيد كما مر . فمضى الشيعة ان ذاك إلى أخيه محمد بن الحنفية وبايعوه ومن هؤلاء فرقة الكيسانية نسبة إلى زعيمها كيسان واكثرهم في خراسان والعراق .
ويرى الكيسانيون أن الأمر بعد محمد بن الحنفية لابنه أبي هاشم عبد الله ، فاتفق ان أبا هاشم مر في بعض أسفاره بنزل محمد بن علي بن عبدالله بن عباس (عم النبي) بالحميمة من أعمال البلقاء على يوم من الشوبك فنزل عليه وأدركه المرض عنده فمات وأوصى له بالأمر * وكان قد أعلم حزبه بالعراق وخراسان ان الأمر صائر إلى محمد بن علي العباسي فلما مات قصد الشيعة محمد بن علي هذا فبايعوه سراً وتوفي محمد بن علي سنة 124ه 742م فعهد بالإمامة لابنه إبراهيم فقبض عليه مروان الثاني آخر خلفاء بني أمية في الحميمة وسجنه في حران فمات هناك .
وكان قد أوصى بالإمامة إلى أخيه ابي العباس محمد الملقب بالسفاح فبايعه أهل الكوفة في 12 ربيع الأول سنة 132ه يناير سنة 750م ونصره أبو مسلم الخراساني بجيش فاستولى على بلاد خراسان وفارس باسمه ، وأرسل السفاح عمه عبد الله بن علي لمحاربة مروان الثاني فالتقى به على نهر الزاب أحد فروع دجلة فانهزم مروان وتبعه جيوش العباسيين إلى الشام فمصر فلحقوه بقرية أبي صير في مديرية بني سويف وقتلوه وأتخذ السفاح مدينة الانبار قرب الكوفة داراً للخلافة ومات فيها سنة 136ه 753م فولى الخلافة بعهد منه أخوه " أبو جعفر المنصور" .
وكان لما اختل أمر بني أمية اجتمع أهل البيت بالمدينة وبايعوا بالخلافة سراً لمحمد بن عبد الله بن حسن المثنى بن حسن السبط بن علي بن أبي طالب ، وحضر مبايعته أبو جعفر المنصور هذا فكان من جملة المبايعين ، فلما آل اليه أمر الخلافة بعد أخيه السفاح خرج عليه محمد بن عبدالله المذكور في المدينة وبعث عماله في الجهات فكتب إليه المنصور يعرض عليه الأمان وينصحه بالرجوع عن الدعوة ويكون لديه معززاً مكرماً هو وشيعته ، فأجابه " وأنا أعرض عليك من الأمان مثل الذي اعطيتني فقد تعلم أن أبانا علياً (عم) كان الوصي والامام فكيف ورثتموه دوننا ونحن أحيا ..."
فرد عليه المنصور رداً جميلاً بين فيه فضل بني العباس على الإسلام وكرر له النصح بالرجوع عن الدعوة ، ولما لم يمتثل أرسل عليه جيشاً فقتله سنة 145ه .
والمنصور شيخ العباسيين وأعظم خلفائهم والمؤسس الحقيقي لدولتهم ، وهو الذي اختط مدينة بغداد وجعلها عاصمة ملكه وما زال أبناؤه بها حتى أضحت أزهى وأفخم مدينة في العالم * وكان المنصور أول خليفة أمر كتاب العرب بنقل الكتب الأجنبية إلى العربية ككتاب كليلة ودمنة لابن المقفع وهو من أنفس الكتب العربية وأبلغها .
ووسائل أرسططاليس في المنطق وأصول أقليدس في الفنون الرياضية وغيرها .
الهندية : سيلان وسومطرة وجاوة إلى الصين وطفق العرب يقطنون تلك النواحي ودخل كثير من الهنود في دين الإسلام منذ القرن التاسع للمسيح .
وامتدت القوافل العربية براً إلى بلاد التتر وجنوب سيبيريا واتجهت سراياهم غرباً إلى بلاد السودان فأخذت دولهم تتأسس منذ القرن العاشر للمسيح في سنار ودارفور ووداي وكانم وبرنو وغانه وغيرها .
ونزلوا من بوغاز المندب على سواحل أفريقيا الشرقية والصومال وزنجبار ومد كسكر وسكنوها وأسسوا فيها المماليك الإسلامية ، ولا يزال بعضها قائماً إلى اليوم وبلغ رقي الدولة العباسية أقصاه في عصر هرون الرشيد (سنة 170:193 – 786:809) وعصر ابنه عبدالله المأمون (سنة 198:218ه – 813:833م) فان في عهدهما بلغ العرب أقصى مبلغ من الحضارة وتمتعوا بأعظم أسباب النعيم والرفاه .
ثم أخذت الدولة العباسية تنحط رويداً والنكبات تتوالى عليها حتى زالت .
(القرامطة) وكان من أهم نكباتها ظهور القرامطة وذلك أنه في سنة 278ه 891م ظهر في ضواحي الكوفة داعية من الشيعة الباطنية الإسماعيلية يدعى قرمط أصله من أنباط العراق ادعى انه روحانية الأنبياء السابقين واختار من أتباعه 12 رجلاً وأرسلهم لينذروا بشريعته ، ولما شاع خبره أمر حاكم الكوفة بسجنه فشفقت عليه جارية الحارس وفتحت له باب السجن فنجا ودخل البادية فاجتمع عليه الأعراب ثم اختفى ولم يعلم مكانه ، فقال تلاميذه أنه عرج إلى السماء ومعه ثلاثة ملائكة وتفرقوا بين عرب البادية يعظمون بدين إمامهم ويحزبون العرب على العباسيين وينددون عليهم لبذخهم واسرافهم فحاربوا جيوش الخليفة وانتصروا عليها .
ثم قطعوا طريق الحج إلى مكة وفي سنة 317ه هاجموا مكة والحجاج فيها فقتلوا نحو خمسين ألفاً ونهبوا الكعبة واقتلعوا منها الحجر الأسود وأخذوه إلى الكوفة ثم الى الاحساء وملأوا بئر زمزم دماً ، وفي سنة 339ه أعادوا الحجر الأسود إلى مكة وأذنوا للمسلمين بالحج ، ولما مات رؤساؤهم فترت غيرتهم الدينية وتفرقوا بتوالي الأيام بعد أن أقلقوا بغزواتهم مصر والعراق وجزيرة العرب والشام .
أختار الموضوع وكتبه
الأستاذ / مطر بن خلف بن مساعد الثبيتي
المرجع / تاريخ سينا
لنعوم بك شقير
حرر في 07/02/1438ه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع / الدولة العباسية
(العباسيون والعلويون) تقدم أن من الأحزاب التي قامت في أمر الخلافة بعد موت النبي (الحزب الهاشمي) القائل بحصر الخلافة في بني هاشم، وما لبث هذا الحزب حتى أنقسم إلى حزبين عظيمين: " العباسيين" نسبة إلى العباس عم الرسول . "والعلويين" نسبة إلى علي ابن عمه وصهره ، ثم عرف أهل هذا الحزب بالشيعة أيضاً ، وحجة العباسيين ان عم الرسول أقرب اليه من ابن عمه وحجة العلويين أن النبي لما أظهر دعوته لأهله وعد بالخلافة لمن وازره في دعوته فلم يلب دعوته ان ذاك غير علي ، والعلويين يرفضون الخلفاء الثلاثة الذين تقدموا علياً ويعتبرونهم متعدين على حقوقه في الخلافة ويعتقدون أن الامام علياً وان لم يكن الخليفة ظاهراً فهو الخليفة باطناً منذ وفاة النبي ويعتبرون هذه الخلافة الباطنية في ذريته من بعده (راجع كتابنا تاريخ السودان في الكلام على الإسلام)
وكان لما عجز العلويون عن جعل الخلافة فيهم عن طريق السياسة والقوة لقتل من خرج من أئمتهم ومشايعة أكثر المسلمين لبني أمية ، أخذوا يسعون سراً لاعادة الخلافة إليهم ،وقد كان لعلي كثير من الولد إلا أن الذين تطلعوا للخلافة وتعصبت لهم الشيعة ودعوا لهم في الجهات الثلاثة وهم : الحسن والحسين أبنا علي من فاطمة بنت الرسول وأخوهما محمد بن الحنفية * وكان الشيعة قد سخطوا من الحسن لخلعه نفسه وتسليم الامر لمعاوية . فكتبوا إلى الحسين بالدعاء فامتنع ووعدهم إلى موت معاوية . فغدر به بعض دعاة يزيد كما مر . فمضى الشيعة ان ذاك إلى أخيه محمد بن الحنفية وبايعوه ومن هؤلاء فرقة الكيسانية نسبة إلى زعيمها كيسان واكثرهم في خراسان والعراق .
ويرى الكيسانيون أن الأمر بعد محمد بن الحنفية لابنه أبي هاشم عبد الله ، فاتفق ان أبا هاشم مر في بعض أسفاره بنزل محمد بن علي بن عبدالله بن عباس (عم النبي) بالحميمة من أعمال البلقاء على يوم من الشوبك فنزل عليه وأدركه المرض عنده فمات وأوصى له بالأمر * وكان قد أعلم حزبه بالعراق وخراسان ان الأمر صائر إلى محمد بن علي العباسي فلما مات قصد الشيعة محمد بن علي هذا فبايعوه سراً وتوفي محمد بن علي سنة 124ه 742م فعهد بالإمامة لابنه إبراهيم فقبض عليه مروان الثاني آخر خلفاء بني أمية في الحميمة وسجنه في حران فمات هناك .
وكان قد أوصى بالإمامة إلى أخيه ابي العباس محمد الملقب بالسفاح فبايعه أهل الكوفة في 12 ربيع الأول سنة 132ه يناير سنة 750م ونصره أبو مسلم الخراساني بجيش فاستولى على بلاد خراسان وفارس باسمه ، وأرسل السفاح عمه عبد الله بن علي لمحاربة مروان الثاني فالتقى به على نهر الزاب أحد فروع دجلة فانهزم مروان وتبعه جيوش العباسيين إلى الشام فمصر فلحقوه بقرية أبي صير في مديرية بني سويف وقتلوه وأتخذ السفاح مدينة الانبار قرب الكوفة داراً للخلافة ومات فيها سنة 136ه 753م فولى الخلافة بعهد منه أخوه " أبو جعفر المنصور" .
وكان لما اختل أمر بني أمية اجتمع أهل البيت بالمدينة وبايعوا بالخلافة سراً لمحمد بن عبد الله بن حسن المثنى بن حسن السبط بن علي بن أبي طالب ، وحضر مبايعته أبو جعفر المنصور هذا فكان من جملة المبايعين ، فلما آل اليه أمر الخلافة بعد أخيه السفاح خرج عليه محمد بن عبدالله المذكور في المدينة وبعث عماله في الجهات فكتب إليه المنصور يعرض عليه الأمان وينصحه بالرجوع عن الدعوة ويكون لديه معززاً مكرماً هو وشيعته ، فأجابه " وأنا أعرض عليك من الأمان مثل الذي اعطيتني فقد تعلم أن أبانا علياً (عم) كان الوصي والامام فكيف ورثتموه دوننا ونحن أحيا ..."
فرد عليه المنصور رداً جميلاً بين فيه فضل بني العباس على الإسلام وكرر له النصح بالرجوع عن الدعوة ، ولما لم يمتثل أرسل عليه جيشاً فقتله سنة 145ه .
والمنصور شيخ العباسيين وأعظم خلفائهم والمؤسس الحقيقي لدولتهم ، وهو الذي اختط مدينة بغداد وجعلها عاصمة ملكه وما زال أبناؤه بها حتى أضحت أزهى وأفخم مدينة في العالم * وكان المنصور أول خليفة أمر كتاب العرب بنقل الكتب الأجنبية إلى العربية ككتاب كليلة ودمنة لابن المقفع وهو من أنفس الكتب العربية وأبلغها .
ووسائل أرسططاليس في المنطق وأصول أقليدس في الفنون الرياضية وغيرها .
الهندية : سيلان وسومطرة وجاوة إلى الصين وطفق العرب يقطنون تلك النواحي ودخل كثير من الهنود في دين الإسلام منذ القرن التاسع للمسيح .
وامتدت القوافل العربية براً إلى بلاد التتر وجنوب سيبيريا واتجهت سراياهم غرباً إلى بلاد السودان فأخذت دولهم تتأسس منذ القرن العاشر للمسيح في سنار ودارفور ووداي وكانم وبرنو وغانه وغيرها .
ونزلوا من بوغاز المندب على سواحل أفريقيا الشرقية والصومال وزنجبار ومد كسكر وسكنوها وأسسوا فيها المماليك الإسلامية ، ولا يزال بعضها قائماً إلى اليوم وبلغ رقي الدولة العباسية أقصاه في عصر هرون الرشيد (سنة 170:193 – 786:809) وعصر ابنه عبدالله المأمون (سنة 198:218ه – 813:833م) فان في عهدهما بلغ العرب أقصى مبلغ من الحضارة وتمتعوا بأعظم أسباب النعيم والرفاه .
ثم أخذت الدولة العباسية تنحط رويداً والنكبات تتوالى عليها حتى زالت .
(القرامطة) وكان من أهم نكباتها ظهور القرامطة وذلك أنه في سنة 278ه 891م ظهر في ضواحي الكوفة داعية من الشيعة الباطنية الإسماعيلية يدعى قرمط أصله من أنباط العراق ادعى انه روحانية الأنبياء السابقين واختار من أتباعه 12 رجلاً وأرسلهم لينذروا بشريعته ، ولما شاع خبره أمر حاكم الكوفة بسجنه فشفقت عليه جارية الحارس وفتحت له باب السجن فنجا ودخل البادية فاجتمع عليه الأعراب ثم اختفى ولم يعلم مكانه ، فقال تلاميذه أنه عرج إلى السماء ومعه ثلاثة ملائكة وتفرقوا بين عرب البادية يعظمون بدين إمامهم ويحزبون العرب على العباسيين وينددون عليهم لبذخهم واسرافهم فحاربوا جيوش الخليفة وانتصروا عليها .
ثم قطعوا طريق الحج إلى مكة وفي سنة 317ه هاجموا مكة والحجاج فيها فقتلوا نحو خمسين ألفاً ونهبوا الكعبة واقتلعوا منها الحجر الأسود وأخذوه إلى الكوفة ثم الى الاحساء وملأوا بئر زمزم دماً ، وفي سنة 339ه أعادوا الحجر الأسود إلى مكة وأذنوا للمسلمين بالحج ، ولما مات رؤساؤهم فترت غيرتهم الدينية وتفرقوا بتوالي الأيام بعد أن أقلقوا بغزواتهم مصر والعراق وجزيرة العرب والشام .
أختار الموضوع وكتبه
الأستاذ / مطر بن خلف بن مساعد الثبيتي
المرجع / تاريخ سينا
لنعوم بك شقير
حرر في 07/02/1438ه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته