عبدالله عابد
02-29-2016, 05:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بدء الخلق
أعلم رحمنا الله وإياك أن الله عزّ وجلّ هو رب كل شيء ومعنى ذلك أن الله خالق كل شيء ومالك كل شيء ومدبر شئون خلقه وملكة بأمره قال تعالى "الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل" وقال تعالى "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير" وقال تعالى "ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين" وقال تعالى "يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون" قال النبي (ص) "كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض" اهـ وعن أبي رزين قال قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه قال "كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء" اهـ قال يزيد بن هارون "العماء أي ليس معه شيء" اهـ وقال الأصمعي "العماء السحاب الأبيض" اهـ قلت "والقول قول الإمام يزيد لأن السحاب شيء وكل شيء ماعدا الله مخلوق فأين كان ربنا قبل أن يخلق السحاب الأبيض لابدّ أنا صائرون إلى قول يزيد وهو أنه كان وليس معه شيء" فأول ما خلق الله عزّ وجل العرش والماء والماء بحر يعوم في الفضاء لا يعلم حدّه إلّا الله عزّ وجلّ ثم خلق القلم واللوح المحفوظ فكتب مقادير الخلائق إلى أن تقوم الساعة فالقلم أول المخلوقات المرتبطة بهذا الكون الذي نعيش فيه وهذا معنى قول النبي (ص) "أول ما خلق الله القلم" اهـ ثم خلق الأرض وسوّاها سبعة أراضين في يومين بعضها تحت بعض وخلق السماء سقفاً واحداً من دخان قال تعالى "أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسوّاها" وخلق الشمس ثم دحا الأرض قال تعالى "وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها" فدحي الأرض بعد إخراج الضحى وإخراج الضحى كناية عن خلق الشمس فمادت الأرض فخلق الله الجبال وألقاها على الأرض لتكون أوتاداً للأرض فلا تميد بأهلها فاستقرت الأرض قال تعالى "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم .. الآية وقال تعالى "والجبال أوتادا" ثم خلق فيها الرياح والماء والنباتات ثم خلق الخراب وسائر الآفات ثم خلق العمران وسائر المرغوبات ثم خلق الدواب وبثّها في الأرض فلما خلق ما في الأرض جميعاً استوى إلى السماء وهي دخان فجعلها سميكة صلبة وسوّاها سبع سماوات بعضها فوق بعض قال تعالى "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم" وقال تعالى "ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها" فاليومين خصّصا لتسوية السماء إلى سبع سماوات فقط وأما خلق السماء فقد تقدم قبل ذلك وزيّن السماء الدنيا بالنجوم والكواكب وجعلها علامات يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وجعل منها رجوماً لشياطين الجن قال تعالى "وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم" وقد ذكر الله تزيين السماء الدنيا بالمصابيح بعد ذكره لتسوية السماء إلى سبع وأما القمر فلا أعلم أخلق مع الشمس أم خلق مع النجوم والكواكب وخلق الملائكة من نور فجعل منهم عمّاراً للسماوات وحملة العرش وجعل منهم في الأرض كل له عملٌ يقوم به فمن أشراف الملائكة جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فلما فرغ من ذلك استوى على العرش فانتهى من خلق السماوات والأرض وما فيها وما بينها في ستّة أيام بدأ ذلك يوم السبت وانتهى منه يوم الخميس والأيام الستّ مخصّصة لخلق السماوات والأرض وما بينها وما فيها وأما بقيّة المخلوقات فغير داخلة في ذلك وخلق الله الجنّة وخلق خزنتها من الملائكة رئيسهم ملك اسمه رضوان وخلق النار وخلق خزنتها من الملائكة رئيسهم ملك اسمه مالك والدليل على أن خلق جبرائيل قبل خلق الجنة والنار ما جاء في الحديث أن الله تعالى لما خلق الجنة والنار أراها جبرائيل عليه السلام وخلق الجن من مازج النار وإبليس أبو الجن أو واحدٌ منهم والراجح أنه أبوهم قال تعالى "أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا" قال الإمام الزهري "إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس وآدم من الإنس وهو أبوهم وإبليس من الجن وهو أبوهم" اهـ وقد روي عن ابن عباس أنه قال بأن الجن من الملائكة فإن صحّ عنه ذلك فهو لاشك مما أخذه عن من أسلم من أهل الكتاب لأنه كان يترخص في ذلك ولا يرخّص في الأخذ عن من أقام على كفره من أهل الكتاب عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (ص) "خلقت الملائكة من نور وخلقت الجان من مارج النار وخلق آدم مما وصف لكم" أي من طين فميّز النبي (ص) بين الملائكة والجن فدلّ على أن الجن خلق مستقل عن الملائكة فلعل الإمام ابن عباس (ض) لم يبلغه حديث عائشة (ض) فروى عن أهل الكتاب من باب الرخصة في ذلك ويزعم بعض المفسرين أن القول بأن الجن من الملائكة هو قول جمهور الصحابة وهذه الدعوى عارية من الصحة لأن مدعي هذا القول نقل ذلك من رواية السدي الكبير وغالب أهل الحديث حكموا بضعفه بل اتهمه بالكذب كل من السعدي وابن أبي سليم وابن سليمان ولا يحتج برواية مسلم عنه لأن مسلم لم يبلغه طعن من جرحه والجرح مقدم على التعديل خصوصا إذا كان جرحا مفسرا كما هو حال السدي ثم أن السدي رواه عن ثلاثة من الصحابة هم ابن عباس وابن مسعود ومرة الهمداني ثم قال "وغيرهم" فأين قول الجمهور هنا وحديث النبي (ص) قطع الطريق على من يقول بأن الجن من الملائكة ولا يقدم على أحاديث النبي (ص) الصحيحة شيء من الأخبار وإن صحت فكيف وهي لم تصح أصلا وكان اسم إبليس عزازيل وقيل الحارث وكان في غاية الحُسن والجمال وضمه الله إلى الملائكة فهو يعبد الله معهم في الملكوت الأعلى حتى عصى ربه فمسخه الله شيطاناً رجيماً قبيحاً وسمّاه إبليس فلما لعنه الله ومسخه رنّ عدو الله والرنّ هو الصياح الشديد من شدّة الحزن لأنه لم يكن يريد أن يقع له ذلك ثم خلق آدم عليه السلام من طين في أخر ساعة من يوم الجمعة بين العصر والمغرب والذي يظهر أنها ليست الجمعة التي تلت يوم الخميس الذي هو أخر الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض بل بعد الأيام الستة بمدة الله أعلم بها كما أن خروجه منها عليه السلام لم يتم في نفس الجمعة التي أدخل فيها الجنة بل بعد مدة الله أعلم بها هذا والله أعلم وأحكم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين.
[/justify]
بدء الخلق
أعلم رحمنا الله وإياك أن الله عزّ وجلّ هو رب كل شيء ومعنى ذلك أن الله خالق كل شيء ومالك كل شيء ومدبر شئون خلقه وملكة بأمره قال تعالى "الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل" وقال تعالى "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير" وقال تعالى "ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين" وقال تعالى "يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون" قال النبي (ص) "كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض" اهـ وعن أبي رزين قال قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه قال "كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء" اهـ قال يزيد بن هارون "العماء أي ليس معه شيء" اهـ وقال الأصمعي "العماء السحاب الأبيض" اهـ قلت "والقول قول الإمام يزيد لأن السحاب شيء وكل شيء ماعدا الله مخلوق فأين كان ربنا قبل أن يخلق السحاب الأبيض لابدّ أنا صائرون إلى قول يزيد وهو أنه كان وليس معه شيء" فأول ما خلق الله عزّ وجل العرش والماء والماء بحر يعوم في الفضاء لا يعلم حدّه إلّا الله عزّ وجلّ ثم خلق القلم واللوح المحفوظ فكتب مقادير الخلائق إلى أن تقوم الساعة فالقلم أول المخلوقات المرتبطة بهذا الكون الذي نعيش فيه وهذا معنى قول النبي (ص) "أول ما خلق الله القلم" اهـ ثم خلق الأرض وسوّاها سبعة أراضين في يومين بعضها تحت بعض وخلق السماء سقفاً واحداً من دخان قال تعالى "أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسوّاها" وخلق الشمس ثم دحا الأرض قال تعالى "وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها" فدحي الأرض بعد إخراج الضحى وإخراج الضحى كناية عن خلق الشمس فمادت الأرض فخلق الله الجبال وألقاها على الأرض لتكون أوتاداً للأرض فلا تميد بأهلها فاستقرت الأرض قال تعالى "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم .. الآية وقال تعالى "والجبال أوتادا" ثم خلق فيها الرياح والماء والنباتات ثم خلق الخراب وسائر الآفات ثم خلق العمران وسائر المرغوبات ثم خلق الدواب وبثّها في الأرض فلما خلق ما في الأرض جميعاً استوى إلى السماء وهي دخان فجعلها سميكة صلبة وسوّاها سبع سماوات بعضها فوق بعض قال تعالى "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم" وقال تعالى "ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها" فاليومين خصّصا لتسوية السماء إلى سبع سماوات فقط وأما خلق السماء فقد تقدم قبل ذلك وزيّن السماء الدنيا بالنجوم والكواكب وجعلها علامات يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وجعل منها رجوماً لشياطين الجن قال تعالى "وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم" وقد ذكر الله تزيين السماء الدنيا بالمصابيح بعد ذكره لتسوية السماء إلى سبع وأما القمر فلا أعلم أخلق مع الشمس أم خلق مع النجوم والكواكب وخلق الملائكة من نور فجعل منهم عمّاراً للسماوات وحملة العرش وجعل منهم في الأرض كل له عملٌ يقوم به فمن أشراف الملائكة جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فلما فرغ من ذلك استوى على العرش فانتهى من خلق السماوات والأرض وما فيها وما بينها في ستّة أيام بدأ ذلك يوم السبت وانتهى منه يوم الخميس والأيام الستّ مخصّصة لخلق السماوات والأرض وما بينها وما فيها وأما بقيّة المخلوقات فغير داخلة في ذلك وخلق الله الجنّة وخلق خزنتها من الملائكة رئيسهم ملك اسمه رضوان وخلق النار وخلق خزنتها من الملائكة رئيسهم ملك اسمه مالك والدليل على أن خلق جبرائيل قبل خلق الجنة والنار ما جاء في الحديث أن الله تعالى لما خلق الجنة والنار أراها جبرائيل عليه السلام وخلق الجن من مازج النار وإبليس أبو الجن أو واحدٌ منهم والراجح أنه أبوهم قال تعالى "أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا" قال الإمام الزهري "إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس وآدم من الإنس وهو أبوهم وإبليس من الجن وهو أبوهم" اهـ وقد روي عن ابن عباس أنه قال بأن الجن من الملائكة فإن صحّ عنه ذلك فهو لاشك مما أخذه عن من أسلم من أهل الكتاب لأنه كان يترخص في ذلك ولا يرخّص في الأخذ عن من أقام على كفره من أهل الكتاب عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (ص) "خلقت الملائكة من نور وخلقت الجان من مارج النار وخلق آدم مما وصف لكم" أي من طين فميّز النبي (ص) بين الملائكة والجن فدلّ على أن الجن خلق مستقل عن الملائكة فلعل الإمام ابن عباس (ض) لم يبلغه حديث عائشة (ض) فروى عن أهل الكتاب من باب الرخصة في ذلك ويزعم بعض المفسرين أن القول بأن الجن من الملائكة هو قول جمهور الصحابة وهذه الدعوى عارية من الصحة لأن مدعي هذا القول نقل ذلك من رواية السدي الكبير وغالب أهل الحديث حكموا بضعفه بل اتهمه بالكذب كل من السعدي وابن أبي سليم وابن سليمان ولا يحتج برواية مسلم عنه لأن مسلم لم يبلغه طعن من جرحه والجرح مقدم على التعديل خصوصا إذا كان جرحا مفسرا كما هو حال السدي ثم أن السدي رواه عن ثلاثة من الصحابة هم ابن عباس وابن مسعود ومرة الهمداني ثم قال "وغيرهم" فأين قول الجمهور هنا وحديث النبي (ص) قطع الطريق على من يقول بأن الجن من الملائكة ولا يقدم على أحاديث النبي (ص) الصحيحة شيء من الأخبار وإن صحت فكيف وهي لم تصح أصلا وكان اسم إبليس عزازيل وقيل الحارث وكان في غاية الحُسن والجمال وضمه الله إلى الملائكة فهو يعبد الله معهم في الملكوت الأعلى حتى عصى ربه فمسخه الله شيطاناً رجيماً قبيحاً وسمّاه إبليس فلما لعنه الله ومسخه رنّ عدو الله والرنّ هو الصياح الشديد من شدّة الحزن لأنه لم يكن يريد أن يقع له ذلك ثم خلق آدم عليه السلام من طين في أخر ساعة من يوم الجمعة بين العصر والمغرب والذي يظهر أنها ليست الجمعة التي تلت يوم الخميس الذي هو أخر الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض بل بعد الأيام الستة بمدة الله أعلم بها كما أن خروجه منها عليه السلام لم يتم في نفس الجمعة التي أدخل فيها الجنة بل بعد مدة الله أعلم بها هذا والله أعلم وأحكم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين.
[/justify]