مطرالثبيتي
01-18-2016, 04:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجال ونساء حول الرسول (صلى الله عليه وسلم)
جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه
ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخو علي بن أبي طالب ، وهو أكبر منه بعشر سنين ، أسلم جعفر مع السابقين وهاجر إلى الحبشة فاراً بدينه من بطش صناديد قريش الذين ما لبثوا أن أرسلوا على أثرهم رسولين إلى النجاشي يحملان من أبداع الهدايا وأنفس الحلي لعلهما يحملان النجاشي على طرد هؤلاء المؤمنين من بلاده .
فهل نجحت تلك السفارة ؟
كلا ورب الكعبة وما كان لها أن تنجح والله ناصر دينه ومظهر رسوله ، ومعلى كتابه
كان النجاشي ملكا عادلاً ، تتحدث بعدله الدنيا آنذاك ، فعندما قدم عليه المسلمون المستضعفون ، أنزلهم خير منزل وأمنهم على أنفسهم ودينهم وعندما أوفدت إليه قريش عمرو بن العاص ، عمارة بن الوليد ليحملاه على رد هؤلاء المستضعفين إلى قومهم كان عدله هو سيد الموقف
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى النجاشي ثمانين رجلاً : أنا وجعفر ، وأبو موسى ، وعبد الله بن عرفطة ، وعثمان مظعون ، وبعثت قريش عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد بهدية فقدما على النجاشي فلما دخلا سجدا له وابتدراه ، فقعد واحد عن يمينه والآخر عن شماله ، فقالا : إن نفراً من قومنا نزلوا بأرضك فرغبوا عن ملتنا .
قال : وأين هم ؟
قالوا : بأرضك فأرسل في طلبهم .
فقال جعفر : أنا خطيبكم فاتبعوه .
فدخل فسلم .
فقالوا : مالك لا تسجد للملك ؟!
قال : إنا لا نسجد إلا لله
قالوا : ولم ذاك ؟
قال : إن الله أرسل فينا رسولا وأمرنا ألا نسجد إلا لله ، وأمرنا بالصلاة والزكاة
فقال عمرو : إنهم يخالفونك في ابن مريم وأمه .
قال : ما تقولون في ابن مريم وأمه ؟
قال جعفر : نقول كما قال الله : روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول التي لم يمسها بشر
قال : فرفع النجاشي عوداً من الأرض وقال : يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان ما تريدون ، ما يسوؤني هذا : أشهد أنه رسول الله ، وأنه الذي بشر به عيسى في الإنجيل ، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته فأكون أنا الذي أحمل نعليه وأوضئه .
وقال : أنزلوا حيث شئتم وأمر بهدية الآخرين فردت عليهما
ونزل المسلمون بخير دار عند خير جار وعاشوا آمنين على دينهم وعلى أرض الحبشة عاش جعفر سنين مع زوجته أسماء بنت عميس التي رزقه الله منها محمد ، وعبد الله ، وعوف .
ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر ، بعد الفتح تلقاه جعفر فالتزمه النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بين عينيه وقال : (ما أدري بأيهما أنا أفرح : بقدوم جعفر أم بفتح خيبر) .
وكأن النبي قد عدل قدوم جعفر بهذا الفتح العظيم وتلك ورب الكعبة منقبة عظيمة لهذا المجاهد العظيم الذي ادخر له التاريخ دوراً بارزاً من أدوار عظماء الإسلام .
وكان النبي يحب جعفر حبا عظيما ، وكان يقول له : (أشبه خلقك خلقي ، وأشبه خُلقك خُلقي ، فأنت مني ومن شجرتي ) .
وبين يدي غزوة مؤتة وعندما دوى نداء الجهاد حي على الفلاح أسرع جعفر وقد امتلأ شوقاً إلى الجهاد ملبيا النداء ، جنديا في الصف المسلم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أعد له مكانا رفيعا بين أمراء تلك الغزوة فقال : (عليكم زيد فإن أصيب فجعفر) .
كانت جموع الروم تموج كالبحر الخضم ، وكان القتال ضاريا قاسيا وسقط الأمير الأول صريعا ووقعت الراية من يمينه رضى الله عنه ولكنها لم تسقط إلا في يمين جعفر الذي قبضها وصاح الله أكبر وشق صفوف الروم كالأسد الهصور يقاتل بلا هوادة .
أدرك أعداء الله أنهم أمام فارس من طراز خاص ، فحرصوا على قتله حرصهم على النصر فأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم ، وأدرك البطل أنها الجنة ولكن أني له أن يترك لأعداء الله من متاعه نفعا فنزل عن فرسه وعقرها – فكان أول من عقر في الإسلام وقاتل أشد القتال حتى قطعت يمينه فأمسك الراية بشماله وهبت عليه نسمات الجنة فصاح :
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها على إذا لاقيتها ضرابها
ثم قطعت شماله فاحتضن الراية بعضدية ، حتى لا تسقط فيتهاوى الجيش المسلم ، فأجهز عليه أعداء الله فسقط شهيداً وبورك من شهيد .
لقد علم جعفر عليه أن كل الناس تموت فاختار أن يموت موتة شريفة وتعليه بقدر ما تحط من قدر قاتليه .
حزن النبي صلى الله عليه وسلم لموت جعفر كثيراً وسارع إلى منزله فدخل فدعا بني جعفر فجعل يشمهم وفاضت عيناه فقالت له أسماء :
يا رسول الله أبلغك عن جعفر شئ ؟
قال : ( نعم قتل اليوم )
كان جعفر رضى الله عنه إلى جانب شجاعته ، وإقدامه ، وحلاوة منطقة ، وفطنته ، جواداً كريما يفيض ندى وكان يحب المساكين حتى لقب بأبي المساكين .
يقول عنه أبو هريرة (ما احتذى النعال ولا ركب المطايا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأفضل من جعفر بن أبي طالب ) . يعني في الجود والكرم .
المرجع
رجال حول الرسول
كتب الموضوع
الاستاذ / مطر بن خلف الثبيتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجال ونساء حول الرسول (صلى الله عليه وسلم)
جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه
ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخو علي بن أبي طالب ، وهو أكبر منه بعشر سنين ، أسلم جعفر مع السابقين وهاجر إلى الحبشة فاراً بدينه من بطش صناديد قريش الذين ما لبثوا أن أرسلوا على أثرهم رسولين إلى النجاشي يحملان من أبداع الهدايا وأنفس الحلي لعلهما يحملان النجاشي على طرد هؤلاء المؤمنين من بلاده .
فهل نجحت تلك السفارة ؟
كلا ورب الكعبة وما كان لها أن تنجح والله ناصر دينه ومظهر رسوله ، ومعلى كتابه
كان النجاشي ملكا عادلاً ، تتحدث بعدله الدنيا آنذاك ، فعندما قدم عليه المسلمون المستضعفون ، أنزلهم خير منزل وأمنهم على أنفسهم ودينهم وعندما أوفدت إليه قريش عمرو بن العاص ، عمارة بن الوليد ليحملاه على رد هؤلاء المستضعفين إلى قومهم كان عدله هو سيد الموقف
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى النجاشي ثمانين رجلاً : أنا وجعفر ، وأبو موسى ، وعبد الله بن عرفطة ، وعثمان مظعون ، وبعثت قريش عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد بهدية فقدما على النجاشي فلما دخلا سجدا له وابتدراه ، فقعد واحد عن يمينه والآخر عن شماله ، فقالا : إن نفراً من قومنا نزلوا بأرضك فرغبوا عن ملتنا .
قال : وأين هم ؟
قالوا : بأرضك فأرسل في طلبهم .
فقال جعفر : أنا خطيبكم فاتبعوه .
فدخل فسلم .
فقالوا : مالك لا تسجد للملك ؟!
قال : إنا لا نسجد إلا لله
قالوا : ولم ذاك ؟
قال : إن الله أرسل فينا رسولا وأمرنا ألا نسجد إلا لله ، وأمرنا بالصلاة والزكاة
فقال عمرو : إنهم يخالفونك في ابن مريم وأمه .
قال : ما تقولون في ابن مريم وأمه ؟
قال جعفر : نقول كما قال الله : روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول التي لم يمسها بشر
قال : فرفع النجاشي عوداً من الأرض وقال : يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان ما تريدون ، ما يسوؤني هذا : أشهد أنه رسول الله ، وأنه الذي بشر به عيسى في الإنجيل ، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته فأكون أنا الذي أحمل نعليه وأوضئه .
وقال : أنزلوا حيث شئتم وأمر بهدية الآخرين فردت عليهما
ونزل المسلمون بخير دار عند خير جار وعاشوا آمنين على دينهم وعلى أرض الحبشة عاش جعفر سنين مع زوجته أسماء بنت عميس التي رزقه الله منها محمد ، وعبد الله ، وعوف .
ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر ، بعد الفتح تلقاه جعفر فالتزمه النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بين عينيه وقال : (ما أدري بأيهما أنا أفرح : بقدوم جعفر أم بفتح خيبر) .
وكأن النبي قد عدل قدوم جعفر بهذا الفتح العظيم وتلك ورب الكعبة منقبة عظيمة لهذا المجاهد العظيم الذي ادخر له التاريخ دوراً بارزاً من أدوار عظماء الإسلام .
وكان النبي يحب جعفر حبا عظيما ، وكان يقول له : (أشبه خلقك خلقي ، وأشبه خُلقك خُلقي ، فأنت مني ومن شجرتي ) .
وبين يدي غزوة مؤتة وعندما دوى نداء الجهاد حي على الفلاح أسرع جعفر وقد امتلأ شوقاً إلى الجهاد ملبيا النداء ، جنديا في الصف المسلم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أعد له مكانا رفيعا بين أمراء تلك الغزوة فقال : (عليكم زيد فإن أصيب فجعفر) .
كانت جموع الروم تموج كالبحر الخضم ، وكان القتال ضاريا قاسيا وسقط الأمير الأول صريعا ووقعت الراية من يمينه رضى الله عنه ولكنها لم تسقط إلا في يمين جعفر الذي قبضها وصاح الله أكبر وشق صفوف الروم كالأسد الهصور يقاتل بلا هوادة .
أدرك أعداء الله أنهم أمام فارس من طراز خاص ، فحرصوا على قتله حرصهم على النصر فأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم ، وأدرك البطل أنها الجنة ولكن أني له أن يترك لأعداء الله من متاعه نفعا فنزل عن فرسه وعقرها – فكان أول من عقر في الإسلام وقاتل أشد القتال حتى قطعت يمينه فأمسك الراية بشماله وهبت عليه نسمات الجنة فصاح :
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها على إذا لاقيتها ضرابها
ثم قطعت شماله فاحتضن الراية بعضدية ، حتى لا تسقط فيتهاوى الجيش المسلم ، فأجهز عليه أعداء الله فسقط شهيداً وبورك من شهيد .
لقد علم جعفر عليه أن كل الناس تموت فاختار أن يموت موتة شريفة وتعليه بقدر ما تحط من قدر قاتليه .
حزن النبي صلى الله عليه وسلم لموت جعفر كثيراً وسارع إلى منزله فدخل فدعا بني جعفر فجعل يشمهم وفاضت عيناه فقالت له أسماء :
يا رسول الله أبلغك عن جعفر شئ ؟
قال : ( نعم قتل اليوم )
كان جعفر رضى الله عنه إلى جانب شجاعته ، وإقدامه ، وحلاوة منطقة ، وفطنته ، جواداً كريما يفيض ندى وكان يحب المساكين حتى لقب بأبي المساكين .
يقول عنه أبو هريرة (ما احتذى النعال ولا ركب المطايا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأفضل من جعفر بن أبي طالب ) . يعني في الجود والكرم .
المرجع
رجال حول الرسول
كتب الموضوع
الاستاذ / مطر بن خلف الثبيتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته