المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخلاق البدو


مطرالثبيتي
10-29-2015, 04:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخلاق البدو
اشتهر البدو في كل زمان ومكان بحب الضيافة والكرم والغزو والنجدة والأخذ بالثار ومراعاة الجار وتعظيم الجميل وتكريم الإبل واحترام العرض والوفاء بالعهود والافتخار بالنسب والشجاعة وعلو الهمة وبذل المعروف والأنفة وعزة النفس وعدم احتمال الضيم وكره التقيد بنظام والجراءة في طلب الحق والأريحية وحب المساواة والحرية والشورى في الشؤون العمومية وترى أثر هذه الأخلاق كلها في بدو سيناء لكن ضعف حالهم وقلة عددهم يفقدانهم رونق هذه الأخلاق فلا تراها رائعة متأصلة فيهم كما في بدو مصر والشام وبدو التيه أعرق في البداوة من بدو الطور والعريش لكنهم ليسوا اكرم اخلاقاً ولا اطيب اعراقاً منهم ولست أذكر اخلاقهم هنا خلقاً خلقاً ولكني أذكر ما خبرته بنفسي من تلك الاخلاق .
- الضيافة :
وأول خلق رأيته فيهم حب الضيافة فإذا أقبل الضيف انزلوه على الرحب والسعة واضافوه بالتناوب إلا اذا كان عزيزاً لديهم جميعاً فانهم لا يراءون النوبة ويتسابقون إلى ضيافته فإذا اختلفوا في من يضيفه رفعوا الأمر إلى كبير القوم وهو يسمى المضيف وحكمه نافذ وقد اتفق لنا في رجوعنا من دير طور سيناء في يناير سنة 1905م أننا مررنا على مخيم الشيخ صالح شيخ قبيلة أولاد سعيد فاستقبلنا أهل المخيم واختلفوا في من يضيفنا وكان الشيخ موسى أبو نصير كبير مشايخ الطورة معنا فرفعوا الأمر إليه فقضى بأن نكون ضيوف الشيخ صالح لأنه حضر معنا من الدير فذبح خروفاً وسلقه وطبخ بمرقه أرزاً وجعل الأرز في قصاع من خشب وجعل في كل قصعة بض قطع من اللحم وفي قصاع أخرى أرغفة من الخبز وكان قد حضر إلى خيمة الضيوف جميع رجال المخيم فجلسوا حول القصاع فئات كل فئة حول قصعة فأكل الجميع إلا المضيف فإنه بقى على خدمة الموائد إلى أن فرغ الجميع فأكل ووزع ما بقى من الطعام على النساء فأكلن في خيامهن والعادة أن كبير الضيوف يرسل من قصعته نصيباً من اللحم إلى راعية البيت إذ النساء لا يأكلن إلا فضلات الرجال ومما يذكر أن اليدين والرجلين ولحم الرقبة ولحم البطن لا تقدم على موائد الرجال بل تحفظ للنساء قالوا ويعد تقديمها على موائد الرجال إهانه لهم وبعض العرب لا يحتفلون بالذبيحة إلا إذا رأوا رأسها على المنسف ومنهم عربان ضبا والمويلح ولكن عربان سيناء يتركون الرأس للنساء وجعلون الكبد على المناسف بدل الرأس .
- العداية :
ومما يذكر عنهم في هذا الصدد ما يعرف بالعداية وهي ما يأخذه المضيف من غنم جاره لإكرام ضيفه ، فإذا فاجأ البدوي ضيف ولم يكن عنده ما يضيفه به فله أن يأخذ رأساً من قطيع جاره سواء كان من قبيلته أو من غير قبيلته ليذبحه بل له أن يعدو على قطيع جاره ولو كان الضان ملء داره بل لا يشترط أن تكون الذبيحة التي أخذها من قطيع جاره أليق للذبح مما عنده ولكن يشترط رد مثل الذبيحة في مدة أربعة عشر يوماً ومن أمثالهم "الكرم سداد " ، فإذا لم يرد المضيف العداية في هذه المدة حق للجار الوثاقة عليه أي الاغارة على غنمه وحجز ما أمكنه منها حتى يسترد العداية .
ومن عادة المضيف أن يلطخ رقبة جمل ضيفه بدم الذبيحة حتى إذا ما جاء أحد يطلب الوثاقة منه لا يقرب هذا الجمل احتراماً للضيافه .
- الاباء والحرية
ومن أجمل ما رأيت في أخلاقهم الاباء والحرية في القول والعمل : رأيت في بلدة نخل رجلاً من عامة البنيات التياها يدعى سلام أبو عكيرش كان يخاطب حاكماً أعجبه حكمه فقال ( أنت كبيري أن راجل حق تخاف منك العرب ، العرب جبابرة ، الهين ما يحكمهم ) وخاطب حاكماً لم يعجبه حكمه فقال ( أنا عارفك وكل الناس تقول أنك لا تصلح للحكم ووكيلك خير منك ) .
وحكي عن هذا الرجل نفسه أنه أستأجره بعض العسكر لجلب بعير له من مرعى على عشرة أميال من نخل بأجرة ريال واحد فذهب في أثر للبعير لقيه على نحو خمسة أميال من البلدة فأتى به إلى صاحبه وقال له انه لقيه بمحل كذا فما استحق غير نصف الاجرة التي اشترطها لنفسه وأبى أن يأخذ الا نصف الاجرة .
واستأجره رجل من نخل لينظف له أرضاً يريد زرعها على أن يدفع له ريالاً مصرياً لما نظف الأرض وجد أن الشغل أيسر مما ظنه فقال لصاحب الأرض ان الشغل في أرضك لا يستحق ريالاً فخمسة عشر غرشاً تكفيه وأبى أخذ الزيادة .
وترى البدوي يخاطب شيخه ويعامله كأنه مثيل له بلا تهيب ولا مداراة .
- الفروسية
وهم يعظمون الفارس الشجاع ويسقون أطفالهم من ريقه وذلك بأن يأخذ الفارس ريقه بحد السيف ويلقمه الولد أو يلقم الولد الريق رأساً في فمه
وهم يغنون في سيرهم إلى القتال الاناشيد الحماسية ومن ذلك قولهم :
اللى يموت خليه يموت ، خليه يزور المقبرة ، يا بيض لا تحدن عليه ... وقولهم :
عيب على اللى ما يحضر المنايا ويشتري في سوقها ويبيع
والعز في ظهور الصفايا والعمر عند الله وديع
- قتالهم
واذا أرادوا الغزو ركبوا الهجن وقصدوا العدو حتى يصلوا إلى مقربة منه فيأتون خوراً أو منخفضاً من الأرض ويبركون الإبل ويعقلونها ويجعلون عندها بعضهم لحمايتها ثم يتقدمون صفاً واحداً حتى اذا مارأوا العدو أطلقوا عليه نيرانهم فاذا فرغت النيران حملوا بالسيوف حملة صادقة فلا يعودون إلا ظافرين أو منكسرين وفارسهم في ساحة القتال يتكنى باسم اخته أو بنته فيقول أنا اخو فلانة وأنا أبو فلانة وينادي " الذبح ! الذبح ! "
- احترام العرض
وقصاص الزاني عندهم القتل وأما مزينه والتياها فيقبلون الفدية
- الاخذ بالثار
وأهم ما اشتهر به البدو وتحققته في بادية سيناء الأخذ بالثار فما يموت لبدوي ثار مهما قل شأنه أو مهما طال عليه العهد واذا مات قبل أن يثأر من خصمه خلف الثار لابنه ولنسله من بعده لكنه قد يعرف حقه ويتركه .
حدثني القائم مقام محمد بك كامل قومندان جزيرة سيناء سابقاً وقال : اختصم موسى ابن نصار من عرب أولاد سعيد مع عيد بن محمد من عرب العليقات سنة 1905 على جمال ورفعا الأمر إلي فدافع موسى عن حقه بكل حماسة وشدة واقسم أن لا يرجع عن خصمه حتى يثبت حقه فلما قال الخصم لك عندي هذا الحق يا أبا فلان خمدت ناره وسكن جاشه وأجابه على الفور لقد تركته لك .
- النجدة
ومن أكبر المعايب عندهم أن يفر الرجل من القتال أو يجبن عن نجدة رفيقه أو يسرق مطمورة جاره فمن فعل هذه الجرائم كلها أو واحدة منها احتقر ورذل ورفضت البنات زواجه قالوا واذا دخل مجلساً ووزعت القهوة على الجلوس مد الساقي يده بالفنجان موهـماً انه يقدم له القهوة حتى اذا مد يده لتناول الفنجان كبه الساقي في الارض استخفافاً به واحتقاراً لشأنه فينصرف من المجلس من غير أن ينبس ببنت شفة وفي غالب الاحيان يرحل إلى بلاد لا يعرف أحد فيها بجنايته ومما يدل على مرؤتهم وحبهم النجدة ما حكاه لي الشيخ ابراهيم أبو الجدائل المار ذكره قال : " ان رجلاً من القرارشة يدعى حسن أبو نميرة استدان مني 12 بنتو فطالبته مراراً فلم يوفها وفي كل مرة يعتذر بالعدم فلما كانت سنة 1900 ذهبت إلى غوطة فيران في موسم البلح لتحصيل ديوني من العربان فوجدت حسن أبو نميرة هناك فطالبته بالدين فاعتذر بالعدم كعادته ، فسألت قومه عن حاله فأقسموا أنه لا يملك شيئاً غير الثوب الذي عليه فقلت لهم اذا انتم أهله تفون دينه لاني أنا لم أقرضه مالا إلا لقرابته بكم فقالوا ولكنا نحن لم نكفل لك دينه ولا سألناك أن تقرضه ، قلت اذا فاحسبوني واحداً منكم وتحملوا الخسارة معي قالوا : " المفرط أولى بالخسارة " فلما ضاقت بي الحيل قلت أريد منكم شيئاً بدل مالي وهي أن تربطوا عمتي هذه في رقبته فأقوده بها من أول فيران إلى آخره قالوا ولأي شئ تفعل ذلك ؟ ، قلت أريد أن أقوده إلى العوارمة لعلهم يفتدونه بوفاء دينه فقالوا أنسمح بابن عمنا أن يجر كالخروف إلى قبيلة أخرى ثم قام واحد منهم وقال علي باثنين بنتو من دينه ، فقام الحاج موسى أبو خشني وقال علي بالدين كله يا أبا الجدايل ووفاه عن آخره .
هذا ومع تغلب الأخلاق العالية في البدو فانك قد تجد فيهم الكذب والخداع والغدر والخيانة والجبن كسائر الناس خصوصاً اذا اختلطوا بالحضر .
ومن وصايا البدو التي تدل على أخلاقهم :-
احفظ وصاتي يا ولد يوم بوصيك وان شلتها تصبح كثير الربوح
اوصيك عن جارك وضيف واللي يعانيك تدر عليهم در حمرا مسوح
اوصيك عن بن اللاش لو كان تهنيك يطلع ولدها مثل طير شنوح
اوصيك خذ بنت سبع ولو كان يعاديك يطلع ولدها مثل صقر اللموح
ان غلقت البيبان يفتح ويعطيك وان قضيته حسب ما يروح
ومن وصاياهم :-
اوصيك يا ولدي مبارك وحياة اللى كبيره غاب عنه
اوصيك عن واجب طيبك وسيور الظعون يفارقنه
اوصيك عن سنك سلاحك تجيك أوقات ما تقدر تسنه
اوصيك عن حزب المخالف وسيور الديون يخلصنه
أبعد عن عدوك يوم يعاديك وان تابعك اضربه ضرب ما فيه كنه
ومن أقوالهم في تكريم النسب :
إنسب وليدك إنسبه والنار من مقباسها
والعز في اوراك النسا اللي بعيد ساسها
والجري في ربع النضا والخيل في أسداسها

المرجع
تاريخ سينا القديم والحديث وجغرافيتها
تاليف : نعوم بك شقير
أختار الموضوع وكتبه
الاستاذ / مطر بن خلف الثبيتي

المغوار
10-29-2015, 05:42 PM
استاذ مطر


يعطيك العافيه تقبل مروري

عبدالعزيز بن حشيان
10-29-2015, 05:46 PM
استاذ مطر الثبيتي


تسلم يمينك على حسن الاختيار الموفق

مطرالثبيتي
10-30-2015, 08:46 AM
حياك الله أخي الكريم ونتمنى لك التوفيق وشكرا للمشاركة .

مطرالثبيتي
10-30-2015, 08:47 AM
حياك الله أخي ابن حشيان ولك الشكر الجزيل على الحضور والمشاركة حفظك الله .

إبن ثعلي
10-30-2015, 10:12 AM
الله لا يهينك يا اخ مطر ومشكور على الشرح الوافي
عن عوائد بادية سيناء وبالفعل البدو أجواد الخلاء

مطرالثبيتي
10-31-2015, 08:47 AM
الأخ ابن ثعلي حياك الله وكل عام وأنتم بخير ، وأشكر لك هذه المشاركة الطيبة حفظك الله .

زايد بن صقر
11-01-2015, 12:44 PM
تسلم يمينك ع هذا الموضوع

مطرالثبيتي
11-02-2015, 09:14 AM
حياكم الله وشكرا لكم