مجرد ناقل
11-27-2014, 11:20 PM
كثير ممن يقرأ ويكتب في التاريخ ويهتم بأخبار الأولين يغفل عن أحوال بعض المصادر التاريخية ومؤليفها ، فتجده ينقل عنهم دون تحقيق ودراية أو دراسة وعناية، وبالتالي لا يميز صحيح أخبارها من ضعيفها، ومشهورها من موضوعها، وبذلك تضيع الحقيقة وتلتبس الأمور. فالواجب على كل من أراد أن يكتب في التاريخ وينقل عن الأولين أن يتحرى المصادر المعتمدة والتي التزم أصحابها الضبط والتحري في نقولاتهم وعرفوا بذلك عند أقرانهم ومعاصريهم. وكما هو معلوم أن التاريخ من أوسع الأبواب التي دخلها الكذب والزور إما لأسباب طائفية أو نزعات قبلية جاهلية أو غير ذلك.
وإتماما للفائدة هذه جملة من المصادر التاريخية التي تكلم فيها العلماء وبينوا أحوالها وأحوال أصحابها أوردها لكم في الأسطر المقبلة وذلك لكثرة تداولها بين الناس وتناقل أخبارها بينهم. فأقول وبالله أستعين :
1- كتاب الأغاني للأصفهاني.
يعتبر كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني كتاب أدب وسمر وغناء ، وليس كتاب علم وتاريخ وفقه, وله طنين ورنين في آذان أهل الأدب والتاريخ ، فليس معنى ذلك أن يُسكت عما ورد فيه من الشعوبيَّة والدس ، والكذب الفاضح والطعن والمعايب. وقد قام الشاعر العراقي والأستاذ الكريم وليد الأعظمي بتأليف كتابه القيِّم الذي سماه "السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني" فقد شمر جزاه الله خيرًا عن ساعد الجد ليميز الهزل من الجد ، والسم من الشهد ، ويكشف ما احتواه هذا الكتاب من الأكاذيب ونيران الشعوبية والحقد ، وهي تغلي في الصدور كغلي القدور. وأخذ يرد على ترهات الأصفهاني فيما جمعه من أخبار وحكايات مكذوبة وغير موثقة تسيء إلى آل البيت النبوي الشريف ، وتجرح سيرتهم وتشوه سلوكهم. كما تناول مزاعم الأصفهاني تجاه معاوية بن أبي سفيان والخلفاء الراشدين الأمويين بما هو مكذوب ومدسوس عليهم من الروايات. وتناول الأستاذ الكريم والشاعر الإسلامي القدير وليد الأعظمي في كتابه القيِّم الحكايات المتفرقة التي تضمنها الكتاب والتي تطعن في العقيدة الإسلامية والدين الإسلامي ، وتفضِّل الجاهلية على الإسلام ، وغيرها من الأباطيل.
وزيادةً على ذلك أنقل لكم بعض كلام العلماء المحققين قديما عن أبي الفرج الأصفهاني وحاله حتى تكونوا على بينة من ذلك.
قال الخطيب البغدادي في تاريخه : ( حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن القاسم بن طباطبا العلوي قال سمعت أبا محمد الحسن بن الحسين النوبختي يقول : كان أبو الفرج الأصبهاني أكذب الناس كان يدخل سوق الوراقين وهي عامرة والدكاكين مملوءة بالكتب فيشتري شيئا كثيرا من الصحف ويحملها إلى بيته ثم تكون رواياته كلها منها ).
وقال الحافظ ابن الجوزي في المنتظم : ( ومثله لا يوثق به فإنه يصرح في كتبه بما بوجب العشق ويهون شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه ،ومن تأمل كتاب الأغاني رأى فيه كل قبيح ومنكر).
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : ( الأموي صاحب كتاب "الأغاني" وكتاب "أيام العرب" ذكر فيه ألفا وسبعمائة يوم من أيامهم، وكان شاعرا أديبا كاتبا عالما بأخبار الناس وأيامهم ،وكان فيه تشيع ).
وقال ابن شاكر الكتبي نقلاً عن الحافظ الذهبي: ( رأيت شيخنا تقي الدين ابن تيمية يضعّفه ويتهمه في نقله ويستهول ما يأتي به، وما علمت فيه جرحاً إلا قول ابن أبي الفوارس خلّط قبل موته ). تصدير الأغاني 1/19.
وقال هلال بن المحسن الصابي في معجم الأدباء : ( كان أبو الفرج الأصفهاني وسِخاً قذراً، ولم يغسل له ثوب منذ فصّله إلى أن قطعه ، وكان الناس على ذلك يحذرون لسانه، ويتّقون هجاءه ويصبرون على مجالسته ، ومعاشرته ، ومواكلته ، ومشاربته وعلى كل صعب من أمره ،لأنه كان وسخاً في نفسه ،ثم في ثوبه ، وفعلِهِ ).
2- تاريخ اليعقوبي (ت 290هـ).
هو أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح العباسي من أهل بغداد, مؤرخ شيعي إمامي كان يعمل في كتابة الدواوين في الدولة العباسية حتى لقب بالكاتب العباسي, وقد عرض اليعقوبي تاريخ الدولة الإسلامية من وجهة نظر الشيعة الإمامية , فهو لا يعترف بالخلافة إلا لعلي بن أبي طالب وأبنائه حسب تسلسل الأئمة عند الشيعة ، ويسمي عليًّا بالوصي ، وعندما أرَّخ لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يضف عليهم لقب الخلافة وإنما قال: تولى الأمر فلان, ثم لم يترك واحدًا منهم دون أن يطعن فيه ، وكذلك كبار الصحابة ، فقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أخبارًا سيئة ، وكذلك عن خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعرض خبر السقيفة عرضًا مشينًا ادَّعى فيه أنه قد حصلت مؤامرة على سلب الخلافة من علي بن أبي طالب الذي هو الوصيّ في نظره ، وطريقته في سياق الاتهامات الباطلة هي طريقة قومه من أهل التشيع والرفض ، وهي إما اختلاق الخبر بالكلية ، أو التزيد في الخبر، والإضافة عليه ، أو عرضه في غير سياقه ومحله حتى ينحرف معناه. ومن الملاحظ أنه عندما ذكر الخلفاء الأمويين وصفهم بالملوك ، وعندما ذكر خلفاء بني العباس وصفهم بالخلفاء ،كما وصف دولتهم في كتابه البلدان باسم الدولة المباركة ، مما يعكس نفاقه وتستره وراء شعار التقية.
3- كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي (ت 345هـ).
هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي من ولد عبد الله بن مسعود وقيل إنه كان رجلاً من أهل المغرب ، ولكن يرد عليه بأن المسعودي صرح بنفسه أنه من أهل العراق ، وأنه انتقل إلى ديار مصر للسكن فيها ، وإن قصد ببلاد المغرب عكس المشرق فمصر من بلاد المغرب الإسلامي فلا إشكال.
والمسعودي رجل شيعي ، فقد ذكر أن الوصية جارية من عهد آدم تنقل من قرن إلى قرن حتى رسولنا ، ثم أشار إلى اختلاف الناس بعد ذلك في النص والاختيار ، فقد رأى الشيعة الإمامية الذين يقولون بالنص ، وقد أولى الأحداث المتعلقة بعلي بن أبي طالب في كتابه مروج الذهب اهتمامًا كبيرًا أكثر من اهتمامه بحياة رسول الله في الكتاب المذكور ، وركز اهتمامه بالبيت العلوي وتتبع أخبارهم بشكل واضح في كتابه مروج الذهب ، وعمل بدون حياء ولا خجل على تشويه تاريخ صدر الإسلام.
قال ابن العربي في العواصم من القواصم : ( وأما المبتدع المحتال فالمسعودي فإنه يأتي منه متاخمة الإلحاد فيما روى من ذلك، وأما البدعة فلا شك فيه ).
وقال ابن تيمية شيخ الإسلام رحمه الله في منهاج السنة : ( وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى ).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في لسان الميزان عن المسعودي : ( وكتبه طافحة بأنه كان شيعياً معتزلياً حتى أنه قال في حق ابن عمر أنه امتنع من بيعة علي بن أبي طالب ثم بايع بعد ذلك يزيد بن معاوية والحجاج لعبد الملك بن مروان، وله من ذلك أشياء كثيرة).
وقال ابن خلدون في مقدمته : ( وإن كان في كتب المسعودي والواقدي من الطعن والغمز ما هو معروف عند الإثبات و مشهور بين الحفظة الثقات).
ودمتم سالمين غانمين
وإتماما للفائدة هذه جملة من المصادر التاريخية التي تكلم فيها العلماء وبينوا أحوالها وأحوال أصحابها أوردها لكم في الأسطر المقبلة وذلك لكثرة تداولها بين الناس وتناقل أخبارها بينهم. فأقول وبالله أستعين :
1- كتاب الأغاني للأصفهاني.
يعتبر كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني كتاب أدب وسمر وغناء ، وليس كتاب علم وتاريخ وفقه, وله طنين ورنين في آذان أهل الأدب والتاريخ ، فليس معنى ذلك أن يُسكت عما ورد فيه من الشعوبيَّة والدس ، والكذب الفاضح والطعن والمعايب. وقد قام الشاعر العراقي والأستاذ الكريم وليد الأعظمي بتأليف كتابه القيِّم الذي سماه "السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني" فقد شمر جزاه الله خيرًا عن ساعد الجد ليميز الهزل من الجد ، والسم من الشهد ، ويكشف ما احتواه هذا الكتاب من الأكاذيب ونيران الشعوبية والحقد ، وهي تغلي في الصدور كغلي القدور. وأخذ يرد على ترهات الأصفهاني فيما جمعه من أخبار وحكايات مكذوبة وغير موثقة تسيء إلى آل البيت النبوي الشريف ، وتجرح سيرتهم وتشوه سلوكهم. كما تناول مزاعم الأصفهاني تجاه معاوية بن أبي سفيان والخلفاء الراشدين الأمويين بما هو مكذوب ومدسوس عليهم من الروايات. وتناول الأستاذ الكريم والشاعر الإسلامي القدير وليد الأعظمي في كتابه القيِّم الحكايات المتفرقة التي تضمنها الكتاب والتي تطعن في العقيدة الإسلامية والدين الإسلامي ، وتفضِّل الجاهلية على الإسلام ، وغيرها من الأباطيل.
وزيادةً على ذلك أنقل لكم بعض كلام العلماء المحققين قديما عن أبي الفرج الأصفهاني وحاله حتى تكونوا على بينة من ذلك.
قال الخطيب البغدادي في تاريخه : ( حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن القاسم بن طباطبا العلوي قال سمعت أبا محمد الحسن بن الحسين النوبختي يقول : كان أبو الفرج الأصبهاني أكذب الناس كان يدخل سوق الوراقين وهي عامرة والدكاكين مملوءة بالكتب فيشتري شيئا كثيرا من الصحف ويحملها إلى بيته ثم تكون رواياته كلها منها ).
وقال الحافظ ابن الجوزي في المنتظم : ( ومثله لا يوثق به فإنه يصرح في كتبه بما بوجب العشق ويهون شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه ،ومن تأمل كتاب الأغاني رأى فيه كل قبيح ومنكر).
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : ( الأموي صاحب كتاب "الأغاني" وكتاب "أيام العرب" ذكر فيه ألفا وسبعمائة يوم من أيامهم، وكان شاعرا أديبا كاتبا عالما بأخبار الناس وأيامهم ،وكان فيه تشيع ).
وقال ابن شاكر الكتبي نقلاً عن الحافظ الذهبي: ( رأيت شيخنا تقي الدين ابن تيمية يضعّفه ويتهمه في نقله ويستهول ما يأتي به، وما علمت فيه جرحاً إلا قول ابن أبي الفوارس خلّط قبل موته ). تصدير الأغاني 1/19.
وقال هلال بن المحسن الصابي في معجم الأدباء : ( كان أبو الفرج الأصفهاني وسِخاً قذراً، ولم يغسل له ثوب منذ فصّله إلى أن قطعه ، وكان الناس على ذلك يحذرون لسانه، ويتّقون هجاءه ويصبرون على مجالسته ، ومعاشرته ، ومواكلته ، ومشاربته وعلى كل صعب من أمره ،لأنه كان وسخاً في نفسه ،ثم في ثوبه ، وفعلِهِ ).
2- تاريخ اليعقوبي (ت 290هـ).
هو أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح العباسي من أهل بغداد, مؤرخ شيعي إمامي كان يعمل في كتابة الدواوين في الدولة العباسية حتى لقب بالكاتب العباسي, وقد عرض اليعقوبي تاريخ الدولة الإسلامية من وجهة نظر الشيعة الإمامية , فهو لا يعترف بالخلافة إلا لعلي بن أبي طالب وأبنائه حسب تسلسل الأئمة عند الشيعة ، ويسمي عليًّا بالوصي ، وعندما أرَّخ لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يضف عليهم لقب الخلافة وإنما قال: تولى الأمر فلان, ثم لم يترك واحدًا منهم دون أن يطعن فيه ، وكذلك كبار الصحابة ، فقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أخبارًا سيئة ، وكذلك عن خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعرض خبر السقيفة عرضًا مشينًا ادَّعى فيه أنه قد حصلت مؤامرة على سلب الخلافة من علي بن أبي طالب الذي هو الوصيّ في نظره ، وطريقته في سياق الاتهامات الباطلة هي طريقة قومه من أهل التشيع والرفض ، وهي إما اختلاق الخبر بالكلية ، أو التزيد في الخبر، والإضافة عليه ، أو عرضه في غير سياقه ومحله حتى ينحرف معناه. ومن الملاحظ أنه عندما ذكر الخلفاء الأمويين وصفهم بالملوك ، وعندما ذكر خلفاء بني العباس وصفهم بالخلفاء ،كما وصف دولتهم في كتابه البلدان باسم الدولة المباركة ، مما يعكس نفاقه وتستره وراء شعار التقية.
3- كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي (ت 345هـ).
هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي من ولد عبد الله بن مسعود وقيل إنه كان رجلاً من أهل المغرب ، ولكن يرد عليه بأن المسعودي صرح بنفسه أنه من أهل العراق ، وأنه انتقل إلى ديار مصر للسكن فيها ، وإن قصد ببلاد المغرب عكس المشرق فمصر من بلاد المغرب الإسلامي فلا إشكال.
والمسعودي رجل شيعي ، فقد ذكر أن الوصية جارية من عهد آدم تنقل من قرن إلى قرن حتى رسولنا ، ثم أشار إلى اختلاف الناس بعد ذلك في النص والاختيار ، فقد رأى الشيعة الإمامية الذين يقولون بالنص ، وقد أولى الأحداث المتعلقة بعلي بن أبي طالب في كتابه مروج الذهب اهتمامًا كبيرًا أكثر من اهتمامه بحياة رسول الله في الكتاب المذكور ، وركز اهتمامه بالبيت العلوي وتتبع أخبارهم بشكل واضح في كتابه مروج الذهب ، وعمل بدون حياء ولا خجل على تشويه تاريخ صدر الإسلام.
قال ابن العربي في العواصم من القواصم : ( وأما المبتدع المحتال فالمسعودي فإنه يأتي منه متاخمة الإلحاد فيما روى من ذلك، وأما البدعة فلا شك فيه ).
وقال ابن تيمية شيخ الإسلام رحمه الله في منهاج السنة : ( وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى ).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في لسان الميزان عن المسعودي : ( وكتبه طافحة بأنه كان شيعياً معتزلياً حتى أنه قال في حق ابن عمر أنه امتنع من بيعة علي بن أبي طالب ثم بايع بعد ذلك يزيد بن معاوية والحجاج لعبد الملك بن مروان، وله من ذلك أشياء كثيرة).
وقال ابن خلدون في مقدمته : ( وإن كان في كتب المسعودي والواقدي من الطعن والغمز ما هو معروف عند الإثبات و مشهور بين الحفظة الثقات).
ودمتم سالمين غانمين