مطرالثبيتي
09-22-2014, 10:38 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الــحــــج
1- ما هي الأنساك الثلاثة في الحج وما كيفية العمل بها وأيها أفضل ؟
الجواب : قد بين أهل العلم رحمة الله عليهم أن الأنساك ثلاثة ، وكل ذلك وارد في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
النسك الأول : الإحرام بالعمرة وحدها وذلك بأن يقول القاصد للعمرة : اللهم لبيك عمرة أو لبيك عمرة ، أو اللهم إني أوجبت عمرة ، والمشروع أن يكون هذا بعد تجرده من المخيط ولبسه إزاره ورداءه إن كان رجلاً ، وبعد الاغتسال – فإن الاغتسال مشروع والتطيب وأخذ ما يحتاج إلى أخذه : من قص شارب أو قلم ظفر أو نتف إبط أو حلق عانة ، هذا هو الأفضل والمرأة ليس لها إحرام خاص من جهة الثياب بل تحرم فيما شاءت إلا أن الأفضل لها أن تكون في ملابس ليست لافتة للنظر ، وليست جميلة ، ملابس لا تفتن من رآها هذا هو الأفضل لها وإن قال المحرم أو المحرمة عند الإحرام ، بعد قوله اللهم لبيك عمرة : فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أو تقبلها مني أو أعني على تمامها وكمالها ، كل هذا لا بأس به .
وأن قال المحرم : فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ، او نحو هذه العبارة ، ثم أصابه حادث يمنعه من إتمامها فإن له التحلل ، وليس عليه شئ بهذا الشرط لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أشتكت إليه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها شاكية ، أي أنها مريضة قال : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني (متفق على صحته) فلو ان المرأة جاءت للعمرة ، وقالت هذا الشرط ثم أصابها الحيض ولا تستطيع الجلوس حتى تطهر لأن رفقتها لا يوافقونها فإن هذا عذر لتحللها ، أو إذا أصاب المحرم مرض يمنعه من إكمال العمرة كذلك أو غير هذا من الحوادث التي تمنع المحرم من إكمال عمرته .
وهكذا الحكم في الحج وهو النسك الثاني : أن يقول : اللهم لبيك حجاً أو لبيك حجاً أو اللهم قد أوجبت حجاً على أن يكون ذلك بعد انتهائه من الأشياء المشروعة ، هذا هو الأفضل أي بعد الغسل وبعد التطيب وبعد تجرده من المخيط كما تقدم .
والمقصود أن الحكم في الحج كالحكم في العمرة في هذا ، السنة للمؤمن والمؤمنة أن يكون الإحرام بعد تعاطي ما شرع الله من غسل وطيب ونحو ذلك مما يحتاجه المؤمن والمؤمنة عند الإحرام ، وإذا دعت الحاجة إلى أن يقول فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ، شرع له ذلك كالعمرة ، والواجب أن يكون ذلك في الميقات ليس له تجاوزه حتى يحرم فإذا قدم من نجد أو من الطائف أو من جهة الشرق يكون إحرامه من ميقات الطائف من السيل (وادي قرن) ، وإذا أحرم قبل ذلك أجزأه لكنه ترك الأفضل ، والسنة ألا يتقدم بالإحرام بل يؤخره حتى يأتي الميقات لكن لو أحرم قبل ذلك أجزأه ذلك ولزمه ولكن لا ينبغي له ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحرم إلا من الميقات هذا هو السنة فإذا وصل الميقات أحرم منه ، وإن تطيب في بيته أو اغتسل في بيته وتعاطي ما يشرع له من قص شارب ونحو ذلك وهو في بيته أو في الطريق كفى ذلك إذا كان الوقت قريباً فيما بينه وبين الإحرام .
وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يستحب أن يصلي ركعتين أيضاً قبل أن يحرم ، واحتجوا على ذلك بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم قال : { أتاني آت من ربي وقال : صلَ في هذا الوادي المبارك ، وقل : عمرة في حجة } (رواه البخاري) ، وكان هذا في وادي ذي الحليفة ولأنه صلى الله عليه وسلم أحرم بعد ما صلى الظهر فدل ذلك على أن وقوع الإحرام بعد صلاة أفضل ، وهذا قول جيد ، ولكن ليس في صلاة الإحرام نص واضح أو حديث صحيح في شرعيتها فمن فعلها فلا حرج ، وإذا توضأ الوضوء الشرعي وصلى ركعتين سنة الوضوء كفت للإحرام .
أما النسك الثالث : فهو الجمع بينهما أي يجمع بين الحج والعمرة ، ويقول : اللهم لبيك عمرة وحجاً ، أو حجاً وعمرة ، أو يلبي بالعمرة في الميقات ثم في أثناء الطريق يدخل الحج ويلبي بالحج قبل أن يشرع في الطواف ، وهذا يسمى قرانًا وهو الجمع بين الحج والعمرة ، وقد أحرم النبي صلى الله عليه وسلم قارناً في حجة الوداع ، لبى بالعمرة والحج جميعاً عليه الصلاة والسلام ، كما أخبر بذلك أنس رضى الله عنه وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما وكان قد ساق الهدي ، وهذا هو الأفضل لمن ساق الهدي ، أما من لم يسق الهدي فالأفضل له التمتع بالعمرة إلى الحج ، وهذا هو الذي استقر عليه الأمر بعد ما دخل النبي مكة عليه الصلاة والسلام وطاف وسعى ، أمر أصحابه الذين قرنوا أو أفردوا الحج أن يجعلوها عمرة فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا فاستقر بذلك أن التمتع أفضل .
والقارن إذا جعل إحرامه عمرة وكذا المفرد صار متمتعاً ، إذا دخل بالإفراد أو دخل بالقران وليس معه هدي شرع له أن يتحلل بالطواف والسعي والتقصير ويكون بهذا متمتعاً كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره عليه الصلاة والسلام ، قال : (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولجعلتها عمرة) .
وإذا كان القادم بالعمرة لا يريد الحج سمي معتمراً فقط وقد يسمى متمتعاً كما وقع ذلك في كلام بعض الصحابة ولكن في عرف الفقهاء يسمى معتمراً إذا كان لم يقصد الحج وإنما قدم في شوال أو في ذي القعدة يعتمر ويرجع إلى بلاده أما إن بقى في مكة بقصد الحج فهذا يسمى معتمراً والعمرة هي الزيارة للبيت العتيق وإنما يقال للحاج متمتعاً إذا قدم بعمرة يقصد البقاء بعدها للحج إن كان قدومه بعد رمضان في أشهر الحج ثم بقى حتى يحج فهذا يسمى متمتعاً كما تقدم وهكذا من أحرم قارناً وبقى للحج ولم يفسخ يسمى متمتعاً أيضاً ويدخل في قوله تعالى : {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} (البقرة:196) ، فالقارن يسمى متمتعاً ، هذا هو المعروف عند اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال ابن عمر تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج ، وهو أحرم قارناً عليه الصلاة والسلام ، ولكن في عرف الكثير من الفقهاء أن المتمع هو الذي يحل من عمرته ثم يبقى حتى يحرم بالحج في اليوم الثامن مثلاً ، فهذا يقال له متمتع في عرف الكثير من الفقهاء ، فإن جمع بينهما ولم يتحلل سموه قارناً ، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا عُرف المعنى والحكم .
فالمتمتع والقارن في الأحكام سواء فعلى كل منهما الهدي فإن لم يستطيع صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ، وكل منهما يسمى متمتعاً ، لكن يتفاوتان في السعي فالمتمتع عند جمهور العلماء عليه سعيان سعي مع طواف العمرة وسعي مع طواف الحج ، لأنه ثبت في حديث ابن عباس أن الذين حلوا من العمرة وتمتعوا سعوا سعيين أحدهما مع طواف العمرة والثاني مع طواف الحج ، وهذا هو قول جمهور أهل العلم .
أما القارن فليس عليه إلا سعي واحد فإن قدمه مع طواف القدوم كفى وإن أخره وسعى مع طواف الحج كفى ، هذا هو المعتمد وهذا قول جمهور أهل العلم ، أن المتمتع عليه سعيان والقارن ليس عليه إلا سعي واحد ، وهو مخير إن شاء قدمه مع طواف القدوم وهو أفضل ، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه طاف وسعى وطوافه يسمى طواف قدوم لأنه قارن عليه الصلاة والسلام ، وإن شاء أخره وطاف مع طواف الحج وهذا من توسعة الله على عباده ورحمته سبحانه وتعالى والحمد لله .
وهنا مسألة قد يُسأل عنها وهي ما إذا سافر المتمتع بعد العمرة هل يسقط عنه الدم ؟ ، فيه خلاف بين أهل العلم ، والمعروف عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لا يسقط الدم مطلقاً سواء سافر إلى أهله أو إلى غير ذلك ، لعموم الأدلة . وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه إن سافر مسافر قصر ثم رجع محرماً بالحج صار مفرداً وسقط عنه الدم .
وذهب آخرون إلى أنه لا يسقط الدم إلا إذا سافر إلى أهله وهذا هو المروي عن عمر رضي الله عنه وابنه عبد الله أنه إن سافر إلى أهله بعد العمرة ثم رجع بحج صار مفرداً وليس عليه دم ، أما سفره لغير أهله كالسفر للمدينة مثلاً بين الحج والعمرة والسفر إلى جدة والطائف فهذا لا يخرجه عن كونه متمتعاً وهذا هو الأقرب والأظهر من جهة الدليل أن هذه الأسفار التي بين الحج والعمرة لا تخرجه عن كونه متمتعاً بل هو متمتع ، وعليه دم التمتع وإن سافر إلى المدينة بعد العمرة إو إلى الطائف أو إلى جدة فهو متمتع ، وإنما يكون مفرداً إذا سافر إلى أهله كما قال عمر وابنه ثم رجع محرماً بالحج من الميقات فهذا هو الذي يسمى مفرداً لأنه قطع ما بين العمرة والحج بسفره إلى أهله .
وبكل حال فالأحوط للمؤمن في هذا أن يهدي حتى ولو سافر إلى أهله خروجاً من الخلاف الذي ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما وهكذا الحكم عند من قال إنه يسقط عنه بالسفر إلى مسافة قصر ، كونه يحتاط ويهدي خروجاً من خلاف الجميع ويأتي بالسنة كاملة يكون هذا خيراً له وأفضل إن استطاع ذلك فإن لم يستطيع ذلك صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله لقوله سبحانه : {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} وهو يشمل المتمتع ويشمل القارن لأنه يسمى متمتعاً كما تقدم ، والله ولي التوفيق .
2- شخص أتى بالعمرة في أشهر الحج كشهر ذي القعدة ثم خرج من مكة إلى المدينة وأقام فيها حتى وقت الحج هل يلزمه التمتع أم هو مخير بين أحد أنواع الأنساك الثلاثة ؟
الجواب : لا يلزمه التمتع فإن أراد أن يأتي بعمرة أخرى ويكون متمتعاً بها عند من قال انقطع تمتعه بالسفر فلا بأس ويكون متمتعاً بعمرته الجديدة وعليه الدم عند الجميع إذا أتى بعمرة من المدينة ثم حج بعدها ، يكون متمتعاً عند الجميع ، وإن شاء رجع بحج فقط وفيه خلاف هل يهدي أو لا يهدي ؟ والصواب أنه يهدي لأن سفره إلى المدينة لا يقطع تمتعه في أصح الأقوال .
3- إذا تجاوزت الميقات ملبياً بحج أو عمرة ولم يشترط وحصل له عارض كمرض ونحوه يمنعه من إتمام نسكه فماذا يلزمه أن يفعل ؟
الجواب : هذا يكون محصراً ، إذا كان لم يشترط ثم حصل عليه حادث يمنعه من التمام إن أمكنه الصبر لعله يزول أثر الحادث ثم يكمل صبر ، وإن لم يتمكن من ذلك فهو محصر على الصحيح والله قال في المحصر : {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} والصواب أن الإحصار يكون بالعدو ويكون بغير العدو فيهدي ويحلق ويقصر ويتحلل هذا هو حكم المحصر يذبح ذبيحة في محله الذي أحصر فيه ، سواء كان في الحرم أو في الحل ويعطيها الفقراء في محله ولو كان خارج الحرم ، فإن لم يتيسر حوله أحد نقلت إلى فقراء الحرم أو إلى من حوله من الفقراء أو إلى فقراء بعض القرى ثم يحلق أو يقصر ويتحلل ، فإن لم يستطيع الهدي صام عشرة أيام ثم حلق أو قصر وتحلل .
4- حاج أحرم من الميقات ولكنه في التلبية نسى أن يقول لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج فهل يكمل نسكه متمتعاً وماذا عليه إذا تحلل من عمرته ثم أحرم بالحج من مكة ؟
الجواب : إذا كان نوى العمرة عند إحرامه ولكن نسي التلبية وهو ناو العمرة حكمه حكم من لبى ، يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ، وتشرع له التلبية في أثناء الطريق فلو لم يلب فلا شئ عليه ، لأن التلبية سنة مؤكدة فيطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة لأنه ناو عمرة ، أما إن كان في الإحرام ناوياً حجاً والوقت واسع فإن الأفضل أن يفسخ حجه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل والحمد لله ويكون حكمه حكم المتمتعين .
5- ما حكم من حج عن والدته وعند الميقات لبى بالحج ولم يلب عن والدته ؟
الجواب : مادام قصده الحج عن والدته ولكن نسي فإن الحج يكون لوالدته والنية أقوى لقوله صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات) فإذا كان القصد من مجيئه هو الحج عن أمه أو عن أبيه ثم لبي عند الإحرام فإن الحج يكون للذي نواه وقصده من أب أو أم أو غيرهما .
6- ما حكم إحرام المرأة في الشراب والقفازين وهل يجوز لها خلع ما أحرمت فيه ؟
الجواب : الأفضل لها إحرامها في الشراب أو في مداس هذا أفضل لها وأستر لها وإن كانت في ملابس ضافية كفى ذلك ، وإن أحرمت في شراب ثم خلعته فلا بأس كالرجل يحرم في نعلين ثم يخلعهما إذا شاء لا يضره ذلك ، لكن ليس لها أن تحرم في قفازين ، لأن المحرمة منهية أن تلبس قفازين ، وهكذا النقاب لا تلبسه على وجهها ، ومثله البرقع ونحوه ، لأن الرسول نهاها عن ذلك لكن عليها أن تسدل خمارها أو جلبابها على وجهها عند وجود رجال غير محارمها وهكذا في الطواف والسعي لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه) ، أخرجه أبو داود وابن ماجه .
ويجوز للرجل لبس الخفين ولو غير مقطوعين على الصحيح وقال الجمهور بقطعهما ، والصواب أنه لا يلزم قطعهما عند فقد النعلين لأنه صلى الله عليه وسلم خطب الناس بعرفة فقال : (من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين) (متفق على صحته) ولم يأمر بقطعهما فدل ذلك على نسخ الأمر بالقطع ، والله ولي التوفيق .
7- هل نية الإحرام في التلفظ باللسان ، وما صفتها إذا كان الحاج يحج عن شخص آخر ؟
الجواب : النية محلها القلب وصفتها أن ينوي بقلبه أنه يحج عن فلان أو عن أخيه أو عن فلان بن فلان هكذا تكون النية ، ويتسحب مع ذلك أن يتلفظ فيقول : اللهم لبيك حجاً عن فلان أو لبيك عمرة عن فلان – عن أبيه أو عن فلان بن فلان حتى يؤكد ما في القلب باللفظ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تلفظ بالحج وتلفظ بالعمرة فدل ذلك على شرعية التلفظ لما نواه تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام ، وهكذا الصحابة تلفظوا بذلك كما علمهم نبيهم عليه الصلاة والسلام وكانوا يرفعون أصواتهم بذلك ، هذه هي السنة ، ولو لم يتلفظ واكتفى بالنية كفت النية وعمل في أعمال الحج مثل ما يفعل عن نفسه يلبي مطلقاً ويكرر التلبية مطلقاً من غير حاجه إلى ذكر فلان أو فلان كما يلبي عن نفسه كأنه حاج عن نفسه ، لكن إذا عينه في النسك يكون أفضل في التلبية ، ثم يستمر في التلبية كسائر الحجاج والعمار : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك إله الحق لبيك ، المقصود أنه يلبي كما يلبي عن نفسه من غير ذكر أحد إلا في أول النسك يقول لبيك حجاً عن فلان أو عمرة عن فلان أو لبيك عمرة وحجاً عن فلان هذا هو الأفضل عند أول ما يحرم مع النية .
8- ما حكم من قدم إلى مكة في عمل أو مهمة ثم حصل له فرصة الحج هل يحرم من مكانه أو يخرج إلى الحل ؟
الجواب : إذا قدم إلى مكة ولم ينو الحج ولا العمرة وإنما قدم لحاجة من الحاجات كزيارة قريب أو عيادة مريض أو تجارة ، ما نوى حجاً ولا عمرة ثم بدا له أن يحج أو بدا له أن يعتمر فإنه يحرم من مكانه بالحج سواء كان في داخل مكة أو في ضواحي مكة . أما إذا كان أراد العمرة فإنه يخرج إلى الحل التنعيم أو الجعرانة أو غيرهما إذا كان أراد العمرة فإن السنة بل الواجب أن يخرج إلى الحل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة لما أرادت العمرة أن تخرج إلى التنعيم وأمر عبد الرحمن أخاها أن يخرج بها إلى الحل من الحرم يعني إلى التنعيم أو غيره هذا هو الواجب في حق من أراد العمرة أما من أراد الحج فإنه يلبي من مكانه سواء كان داخل الحرم أو خارج الحرم كما تقدم .
9- هل يشترط للإحرام ركعتان أم لا ؟
الجواب : لا يشترط ذلك وإنما اختلف العلماء في استحبابها فذهب الجمهور إلى استحباب ركعتين يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يلبي واحتجوا على هذا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أحرم بعد الصلاة ، أي أنه صلى الظهر ثم أحرم في حجة الوداع ، وقال صلى الله عليه وسلم : (أتاني آت من ربي وقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة ) وهذا يدل على شرعية صلاة الركعتين وهذا قول جمهور أهل العلم .
وقال آخرون : ليس في هذا نص فإن قوله : (آتاني آت من ربي وقال : صل في هذا الوادي المبارك ) يحتمل : أن المراد صلاة الفريضة في الصلوات الخمس وليس بنص في ركعتي الإحرام وكونه أحرم بعد الفريضة لا يدل على شرعية ركعتين خاصة بالإحرام وإنما يدل على أنه إذا أحرم بالعمرة أو بالحج بعد صلاة يكون أفضل إذا تيسر ذلك .
10- ما حكم من يحس بخروج مذي أو قطرات من البول أثناء الإحرام ، وكذلك عند خروجه إلى الصلاة ؟
الجواب : الواجب على المؤمن إذا علم هذا أن يتوضأ إن كان الوقت وقت صلاة ويستنجي من بوله ويستنجي من المذي ، والواجب في المذي أن يغسل الذكر والأنثيين ، أما البول فيغسل طرف الذكر الذي أصابه البول ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إن كان وقت صلاة ، أما إن كان الوقت ليس وقت صلاة فلا مانع من تأجيل ذلك إلى وقت الصلاة ، لكن ينبغي أن لا يكون ذلك عن وساوس بل عن يقين أما إذا كان عن وساوس فينبغي له أن يطرح هذا ويعرض عنه حتى لا يبتلي بالوساوس ، لأن الناس قد يبتلون بشئ من الوسوسة ، يظن أنه خرج منه شئ وهو ما خرج منه شئ فلا ينبغي أن يعود نفسه للخضوع للوساوس بل ينبغي له أن يطرحها وأن يعرض عنها ويتلهى عنها حتى لا يصاب بها ، وإذا كان يخشى ذلك يرش ما حول فرجه بالماء إذا فرغ من وضوئه حتى يحمل ما قد يقع له من الوساوس على أن هذا من الماء حتى يسلم من شر هذه الوسوسة .
11- هل يجوز تغيير لباس الإحرام لغسله ؟
الجواب : لا بأس أن يغسل ملابس الإحرام ولا بأس أن يغيرها ويستعمل غيرها بملابس جديدة أو مغسولة .
12- ما حكم وضع الطيب على الإحرام قبل عقد النية والتلبية ؟
الجواب : لا ينبغي وضع الطيب على الرداء والإزار إنما السنة تطييب البدن كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو ذلك ، أما الملابس فلا يطيبها عند الإحرام ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لا يلبس شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس ، فالسنة أنه يتطيب في بدنه فقط أما ملابس الإحرام فلا يطيبها وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها .
13- ما حكم من كان في منى قبل يوم التروية هل يدخل ويحرم من مكة أو يحرم من منى ؟
الجواب : الجالس في منى يشرع له ان يحرم من منى والحمد لله ولا حاجة إلى الدخول إلى مكة بل يلبي من مكانه بالحج إذا جاء وقته .
14- المتمتع هل له وقت محدود يتمتع فيه وهل له أن يحرم بالحج قبل يوم الترويه ؟
الجواب : نعم الإحرام بالتمتع له وقت محدود وهو شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة ، هذه أشهر الحج ، فليس له أن يحرم بالتمتع قبل شوال ولا بعد ليلة العيد ، ولكن الأفضل أن يحرم بالعمرة وحدها فإذا فرغ منها أحرم بالحج وحده هذا هو التمتع الكامل وإن أحرم بهما جميعاً سمي متمتعاً وسمي قارناً وفي الحالتين جميعاً عليه دم يسمى دم التمتع وهو ذبيحة واحدة تجزئ في الأضحية أو سُبع بدنة أو سُبع لقوله تعالى : {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} فإن عجز صام عشرة أيام ، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله والمدة غير محددة كما تقدم .
فلو أحرم بالعمرة في أول شوال وحل منها صارت المدة بين العمرة وبين الإحرام بالحج طويلة إلى ثامن ذي الحجة ، فالأفضل أن يحرم بالحج في ثامن ذي الحجة كما أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بأمر النبي عليه الصلاة والسلام فإنه أمرهم أن يحلوا من إحرامهم لما قدموا مفردين بالحج وبعضهم قدم قارناً بين الحج والعمرة ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلوا إلا من كان مع الهدي ، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا وصاروا متمتعين بذلك ، فلما كان يوم التروية وهو اليوم الثامن ، أمرهم أن يهلوا بالحج من منازلهم ، وهذا هو الأفضل ولو أهل بالحج قبل ذلك في أول ذي الحجة أو قبل ذلك أجزأه وصح ولكن الأفضل أن يكون إهلاله بالحج في اليوم الثامن كما فعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره عليه الصلاة والسلام .
15- ما حكم من جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر ؟
الجواب : من جاوز الميقات لحج أو عمرة ولم يحرم وجب عليه الرجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك قال عليه الصلاة والسلام : (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن ويهل أهل اليمن من يلملم ) هكذا جاء في الحديث الصحيح وقال ابن عباس : (وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرنا ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة) ، فإذا كان قصده الحج أو العمرة يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه فإن كان من طريق المدينة أحرم من ذي الحليفة وإن كان من طريق الشام أو مصر أو المغرب أحرم من الجحفة من رابغ الآن ، وإن كان من طريق اليمن أحرم من يلملم ، وإن كان من طريق نجد أو الطائف أحرم من وادي قرن ويسمى قرنا ويسمى السيل الآن ويسميه بعض الناس وادي محرم فيحرم من ذلك بحجة أو عمرته أو بهما جميعاً ، والأفضل إذا كان في أشهر الحج أن يحرم بالعمرة فيطوف لها ويسعى ويقصر ويحل ثم يحرم بالحج في وقته ، وإن كان مر على الميقات في غير أشهر الحج مثل رمضان أو شعبان أحرم بالعمرة فقط ، هذا هو المشروع أما إن كان قدم لغرض آخر لم يرد حجاً ولا عمرة إنما جاء لمكة للبيع أو الشراء أو لزيارة بعض أقاربه وأصدقائه أو لغرض آخر ولم يرد حجاً ولا عمرة فهذا ليس عليه إحرام على الصحيح وله أن يدخل بدون إحرام ، هذا هو الراجح في قولي العلماء والأفضل أنه يحرم بالعمرة ليغتنم الفرصة .
16- إذا خاف المحرم ألا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف فماذا يفعل ؟
الجواب : إذا أحرم يقول عند إحرامه : (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) إذا كان يخاف شيئاً من الموانع كالمرض فالسنة الاشتراط لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر ضباعة بن الزبير بن عبد المطلب بذلك لما اشتكت إليه أنها مريضة .
17- هل يجوز للمرأة أن تحرم في أي الثياب شاءت ؟
الجواب : نعم تحرم فيما شاءت ، ليس لها ملابس مخصوصة في الإحرام كما يظن بعض العامة ، لكن الأفضل أن يكون إحرامها في ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظرة لأنها تختلط بالناس ، فينبغي أن تكون ملابسها غير لافتى للنظر وغير جميلة بل عادية ليس فيها فتنة ، ولو أحرمت في ملابس جميلة صح إحرامها لكنها تركت الأفضل .
أما الرجل فالأفضل أن يحرم في ثوبين أبيضين (إزار ورداء) وإن أحرم في غير أبيضين فلا بأس ، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه طاف ببرد أخضر ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لبس العمامة السوداء عليه الصلاة والسلام ، فالحاصل أنه لا بأس أن يحرم في ثوب غير أبيض .
18 – متى يحرم الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو ؟
الجواب : القادم عن طريق الجو أو البحر يحرم إذا حاذى الميقات مثل صاحب البر إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة وسرعة السفينة أو الباخرة .
19- من كان سكنة دون المواقيت فمن أين يحرم ؟
الجواب : من كان دون المواقيت أحرم من مكانه مثل أهل أم السلم وأهل بحرة يحرمون من مكانهم وأهل جدة يحرمون من بلدهم لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس : (ومن كان دون ذلك – أي دون المواقيت – فمهله من حيث أنشأ) وفي لفظ آخر : (فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون منها)
20- من أي مكان يحرم الحاج يوم التروية ؟
الجواب : يحرم من منزله كما أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من منازلهم في الأبطح في حجة الوداع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا من كان في داخل مكة يحرم من منزله لحديث ابن عباس السابق وهو قوله صلى الله عليه وسلم : (ومن كان دون ذلك – أي دون المواقيت – فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة ) متفق على صحته .
21- ما حكم من نوى بالحج قادماً من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة ولم يحرم فأحرم من جدة فماذا عليه ؟
الجواب : إذا هبطت الطائرة في جدة وهو من أهل الشام أو مصر فإنه يحرم من رابغ يذهب إلى رابغ في السيارة أو غيرها ويحرم من رابغ ولا يحرم من جدة ، وهكذا لو كان جاء من نجد ولم يحرم حتى نزل إلى جدة يذهب إلى السيل وهو (وادي قرن) فيحرم منه ، فإذا أحرم من جدة ولم يذهب فعليه دم شاة واحدة تجزئ في الأضحية يذبحها في مكة للفقراء أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة كما تقدم جبراً لحجته أو عمرته .
22- ما حكم من نوى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قلبه تمتعاً فأتى بالعمرة ثم تحلل منها فماذا عليه ومتى يحرم بالحج ومن أين ؟
الجواب : هذا هو الأفضل إذا قدم المحرم بالحج أو بالحج والعمرة جميعاً فإن الأفضل أن يجعلها عمرة وهو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لما قدموا ، بعضهم قارن وبعضهم مفرد بالحج ، وليس معهم هدي ، أمرهم أن يجعلوها عمرة ، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا إلا من كان معه الهدي فإنه يبقى على إحرامه حتى يحل منهما إن كان قارناً أو من الحج إن كان محرماً بالحج يوم العيد ، المقصود أن من جاء مكة محرماً بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعاً وليس معه هدي فإن السنة أن يفسخ إحرامه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ثم يحرم بالحج في وقته ويكون متمتعاً وعليه دم التمتع .
23- ما حكم من نوى بالحج متمتعاً وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفرداً هل عليه هدي ؟
الجواب : هذا يختلف فإن كان نوى قبل وصوله إلى الميقات نوى أنه يتمتع وبعد وصوله إلى الميقات غير نيته وأحرم بالحج وحده فهذا لا حرج عليه ولا فدية ، أما إن كان لبى بالعمرة والحج جميعاً من الميقات أو قبل الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً فليس له ذلك ولكن لا مانع أن يجعله عمرة أما أن يجعله حجاً فلا ، فالقران لا يفسخ إلى حج ولكن يفسخ إلى عمرة لأنه أرفق بالمؤمن ولأنها هي التي أمر بها النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام فإذا أحرم بهما جميعاً من الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً مفرداً فليس له ذلك ولكن له أن يجعل ذلك عمرة مفردة وهو الأفضل له ، فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بالحج بعد ذلك فيكون متمتعاً .
24- ما حكم من أحرم بالحج والعمرة وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقته ولم يستطيع أن يفدي وغير نيته إلى حج مفرد هل يصح ذلك ، وإذا كانت الحجة لغيره ومشترطاً عليه التمتع فماذا يفعل ؟
الجواب : ليس له ذلك ولو ضاعت نفقته إذا عجز يصوم عشرم أيام ، والحمد لله ، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ويبقى على تمتعه ، وعليه أن ينفذ الشرط بأن يحرم بالعمرة ويطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بالحج ويفدي فإن عجز صام عشرة أيام ثلاثة في الحج قبل عرفه وسبعة إذا رجع إلى أهله لأن الأفضل أن يكون يوم عرفة مفطراً اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه وقف بها مفطراً .
25- ما حكم من أحرم بالحج والعمرة قارناً وبعد العمرة حل الإحرام هل يعتبر متمتعاً ؟
الجواب : نعم إذا أحرم بالحج والعمرة قارناً ثم طاف وسعى وقصر وجعلها عمرة يسمى متمتعاً وعليه دم التمتع .
26- ما حكم من حج وهو تارك للصلاة سواء كان عامداً أو متهاوناً وهل تجزئه عن حجة الإسلام ؟
الجواب : من حج وهو تارك للصلاة فإن كان عن جحد لوجوبها كفر إجماعاً ولا يصح حجه ، أما إن كان تركها تساهلاً وتهاوناً فهذا فيه خلاف بين أهل العلم منهم من يرى صحة حجه ، ومنهم من لا يرى صحة حجه ، والصواب أنه لا يصح حجه أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وقوله صلى الله عليه وسلم : (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) وهذا يعم من جحد وجوبها ، ويعم من تركها تهاوناً ، والله ولي التوفيق .
27- ما حكم استعمال المرأة لحبوب منع العادة الشهرية في أيام الحج ؟
الجواب : لا حرج في ذلك لأن فيها فائدة ومصلحة حتى تطوف مع الناس وحتى لا تعطل رفقتها .
28- إذا حاضت المرأة أو نفست بعد إحرامها هل يصح لها أن تطوف بالبيت أو ماذا تفعل وهل عليها وداع ؟
الجواب : إذا نفست أو حاضت حين قدومها للعمرة وقفت عن ذلك حتى تطهر فإذا طهرت تطوف وتسعى وتقصر وتمت عمرتها ، فإذا كان هذا بعد العمرة أو بعد ما أحرمت بالحج في اليوم الثامن فإنها تعمل أعمال الحج من الوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وغير ذلك من التلبية والذكر ، فإذا طهرت طافت وسعت لحجها ، والحمد لله ، فإن جاءها الحيض بعد الطواف والسعي وقبل الوداع سقط عنها الوداع ، لأن الحائض والنفساء ليس عليهما وداع .
29- هل ركعتا الطواف خلف المقام تلزم لكل طواف وما حكم من نسيها ؟
الجواب : لا تلزم خلف المقام ، تجزئ الركعتان في مكان من الحرم ، ومن نسيها فلا حرج عليه لأنها سنة وليست واجبة .
30- ما حكم من أخر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وجعله طوافاً واحداً بنية طواف الإفاضة والوداع معاً ، وهل يجوز أن يؤدي طواف الإفاضة ليلاً ؟
الجواب : لا حرج في ذلك إذا طاف عند السفر بعد أعمال الحج فإن طوافه للإفاضة يكفيه عن طواف الوداع ، سواء نوى طواف الوداع مع طواف الإفاضة أو لم ينو ، المقصود أن طواف الإفاضة يكفي وحده عن طواف الوداع إذا كان عند الخروج وإن نواهما جميعاً فلا حرج في ذلك ، ويجوز أن يؤدي طواف الإفاضة وطواف الوداع ليلاً ونهاراً .
31—ما الحكم إذا أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي ؟
الجواب : يصلي مع الناس ثم يكمل طوافه وسعيه من حيث انتهى ، يبدأ من حيث أنتهى .
32- هل يلزم للطواف والسعي طهارة ؟
الجواب : تلزم الطهارة في الطواف فقط ، أما السعي فالأفضل أن يكون على طهارة وإن سعى بدون طهارة أجزأ ذلك .
33- هل طواف الوداع واجب في العمرة ، وهل يجوز شراء شئ من مكة بعد طواف الوداع سواء كان حجاً أو عمرة ؟
الجواب : طواف الوداع ليس بواجب في العمرة ولكن فعله أفضل ، فلو خرج ولم يودع فلا حرج أما في الحج فهو واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده البيت) وهذا كان خطاباً للحجاج
وله أن يشتري ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات حتى ولو اشترى شيئاً للتجارة مادامت المدة قصيرة لم تطل أما إن طالت المدة فإنه يعيد الطواف فإن لم تطل عرفاً فلا إعادة عليه مطلقاً .
34- هل يجوز تقديم السعي على الطواف سواء كان في الحج أو في العمرة ؟
الجواب : السنة أن يكون الطواف أولاً ثم السعي بعده فإن سعي قبل الطواف جهلاً منه فلا حرج في ذلك وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل فقال : سعيت قبل أن أطوف ، قال : (لا حرج) فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه ، لكن السنة أن يطوف ثم يسعى هذا هو السنة في العمرة والحج جميعاً .
35- ما هي صفة السعي ومن أي مكان يبدأ السعي وما عدد أشواطه ؟
الجواب : يبدأ من الصفا ويختم بالمروة والعدد سبعة أشواط أولها يبدأ بالصفا وآخرها ينتهي بالمروة يذكر الله فيها ويسبحه ويدعو ويكرر الذكر والدعاء والتكبير على الصفا والمروة ثلاث مرات رافعاً يديه مستقبلاً القبلة لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك .
36- أيهما أفضل الحلق أو التقصير بعد أداء النسك في العمرة أو الحج ، وهل يجزئ تقصير بعض الرأس؟
الجواب : الأفضل الحلق في العمرة والحج جميعاً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً بالمغفرة والرحمة ، وللمقصرين واحدة فالأفضل الحلق لكن إذا كانت العمرة قرب الحج فالأفضل فيها التقصير حتى يتوفر الحلق في الحج لأن الحج أكمل من العمرة فيكون الأكمل للأكمل ، أما إن كانت العمرة بعيدة عن الحج مثلا في شوال يمكن لشعر الرأس أن يطول فإنه يحلق حتى يحوز فضل الحلق ، ولا يجزئ تقصير بعض الرأس ولا حلق بعضه في أصح قولي العلماء بل الواجب حلق الرأس كله أو تقصيره كله ، والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير .
37- متى يتوجه الحاج إلى عرفة ومتى ينصرف منها ؟
الجواب : يشرع التوجه إليها بعد طلوع الشمس من يوم عرفة وهو اليوم التاسع ويصلي بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ويبقى فيها إلى غروب الشمس مشتغلاً بالذكر والدعاء وقراءة القرآن والتلبية حتى تغيب الشمس ويشرع الإكثار من قوله (لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ، ويرفع يديه بالدعاء ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء ويستقبل القبلة ، وعرفة كلها موقف ، فإذا غابت الشمس شرع للحجاج الانصراف إلى مزدلفة بسكينة ووقار مع الإكثار من التلبية فإذا وصلوا مزدلفة صلوا المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين .
38- ما حكم الوقوف بمزدلفة والمبيت فيها وما قدرة ، ومتى يبدأ الحاج الانصراف منها ؟
الجواب : المبيت بمزدلفة واجب على الصحيح ، وقال بعضهم إنه ركن ، وقال بعضهم مستحب والصواب من أقوال أهل العلم أنه واجب من تركه فعليه دم ، والسنة أن لا ينصرف منها إلا بعد صلاة الفجرة وبعد الإسفار يصلي فيها الفجر فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً والسنة أن يذكر الله بعد الصلاة ويدعو فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً .
ويجوز للضعفة من النساء والرجال والشيوخ الانصراف من مزدلفة في النصف الأخير من الليل رخص لهم النبي عليه الصلاة والسلام ، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يبقوا حتى يصلوا الفجر وحتى يذكروا الله كثيراً بعد الصلاة ثم ينصرفوا قبل أن تطلع الشمس ، ويسم رفع اليدين مع الدعاء في مزدلفة مستقبلاً القبلة كما فعل في عرفة ، ومزدلفة كلها موقف .
39- ما حكم المبيت خارج منى أيام التشريق سواء كان ذلك عمداً أو لتعذر وجود مكان فيها ، ومتى يبدأ الحاج بالنفير من منى ؟
الجواب : المبيت في منى واجب على الصحيح ليلة إحدى عشرة وليلة إثنتي عشرة هذا هو الذي رجحه المحققون من أهل العلم على الرجال والنساء من الحجاج فإن لم يجدوا مكاناً سقط عنهم ولا شئ عليهم ومن تركه بلا عذر فعليه دم ، ويبدأ الحاج بالنفير من منى إذا رمى الجمرات يوم الثاني عشر بعد الزوال فله الرخصة أن ينزل من منى وإن تأخر حتى يرمي الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال فهو أفضل
40- ما هو الأفضل للحاج في أعمال يوم النحر وهل يجوز التقديم والتأخير ؟
الجواب : السنة في يوم النحر أن يرمي الجمرات برمي جمرة العقبة وهي التي تلي مكة يرميها بسبع حصيات كل حصاة على حده يكبر مع كل حصاة ثم ينحر هديه إن كان عنده هدي ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل ثم يطوف ويسعى إن كان عليه سعي هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه رمى ثم نحر ثم حلق ثم ذهب إلى مكة فطاف عليه الصلاة والسلام ، هذا الترتيب هو الأفضل الرمي ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي إن كان عليه سعي فإن كان قدم بعضها على بعض فلا حرج لو نحر قبل أن يرمي أو أفاض قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يذبح كل هذا لا حرج فيه ، النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن من قدم أو أخر قال : (لا حرج لا حرج) .
41- ما حكم التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي ؟
الجواب : لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار فلا بأس بالتوكيل عنهم أما القوية النشيطة فإنها ترمي بنفسها ومن عجز عنه نهاراً بعد الزوال رمى في الليل ، من عجز يوم العيد ، رمي ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد ومن عجز يوم الحادي عشر ، رمي ليلة أثنتي عشرة عن يوم الحادي عشر ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمى في ليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر وينتهي الرمي بطول الفجر , أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق
42- هل يجوز رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلاً لمن ليس لديه عذر وهل يجوز لمن دفع مع النساء والضعفة ليلة النحر بعد منتصف الليل من مزدلفة أن يرمي جمرة العقبة أم لا ؟
الجواب : يجوز الرمي بعد الغروب على الصحيح لكن السنة أن يرمي بعد الزوال قبل الغروب هذا هو الأفضل إذا تيسر وإذا لم يتيسر فله الرمي الغروب على الصحيح .
ومن دفع مع الضعفة والنساء فحكمه حكمهم من دفع معهم من الأقوياء من محارم ومن سائقين ومن غيرهم من الأقوياء فحكمه محكمهم يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النساء .
43- متى يبدأ الحاج رمي الجمرات ؟ وما كيفية الرمي ؟ وما عدد الحصى ؟ وبأي الجمرات يبدأ الرمي ومتى ينتهي ؟
الجواب : يرمي أول الجمار يوم العيد وهي الجمرة التي تلي مكة ويقال لها (جمرة العقبة ) يرميها يوم العيد وإن رماها في النصف الأخير من ليلة النحر كفى ذلك ، ولكن الأفضل أن يرميها ضحى ويستمر إلى غروب الشمس فإن فاته الرمي رماها بعد غروب الشمس ليلاً عن يوم العيد يرميها واحدة بعد واحدة ويكبر مع كل حصاة أما في أيام التشريق فيرميها بعد زوال الشمس يرمي الأولى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم الوسطى بسبع حصيات ثم الأخيرة بسبح حصيات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل والسنة أن يقف بعد الأولى وبعد الثانية بعدما يرمي الأولى يقف مستقبلاً القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو ربه طويلاً وبعد الثانية يقف ويجعلها عن يمينه مستقبلاً ويدعو ربه طويلا في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر لمن لم يتعجل أما الجمرة الأخيرة التي تلي مكة فهذه يرميها ولا يقف عندها لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رماها ولم يقف عندها عليه الصلاة والسلام .
44- ما حكم من حصل عنده شك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض ؟
الجواب : من شك فعليه التكميل يأخذ من الحصى الذي عنده في منى من الأرض ويكمل بها .
45- هل يجوز للحاج أن يرمي من الحصى الذي حول الجمار ؟
الجواب : يجوز له ذلك لأن الاصل أنه لم يحصل به الرمي أما الذي في الحوض فلا يرمي بشئ منه .
المرجع / تحفة الأخوان
تأليف سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
اشرف على تجميعه وطبعه / محمد بن شايع بن عبد العزيز الشايع
كتبه الاستاذ / مطر بن خلف الثبيتي
ويتمنى للحجاج حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وعوداً حميداً إلى أوطانهم سالمين غانمين والسلام ختام
الــحــــج
1- ما هي الأنساك الثلاثة في الحج وما كيفية العمل بها وأيها أفضل ؟
الجواب : قد بين أهل العلم رحمة الله عليهم أن الأنساك ثلاثة ، وكل ذلك وارد في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
النسك الأول : الإحرام بالعمرة وحدها وذلك بأن يقول القاصد للعمرة : اللهم لبيك عمرة أو لبيك عمرة ، أو اللهم إني أوجبت عمرة ، والمشروع أن يكون هذا بعد تجرده من المخيط ولبسه إزاره ورداءه إن كان رجلاً ، وبعد الاغتسال – فإن الاغتسال مشروع والتطيب وأخذ ما يحتاج إلى أخذه : من قص شارب أو قلم ظفر أو نتف إبط أو حلق عانة ، هذا هو الأفضل والمرأة ليس لها إحرام خاص من جهة الثياب بل تحرم فيما شاءت إلا أن الأفضل لها أن تكون في ملابس ليست لافتة للنظر ، وليست جميلة ، ملابس لا تفتن من رآها هذا هو الأفضل لها وإن قال المحرم أو المحرمة عند الإحرام ، بعد قوله اللهم لبيك عمرة : فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أو تقبلها مني أو أعني على تمامها وكمالها ، كل هذا لا بأس به .
وأن قال المحرم : فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ، او نحو هذه العبارة ، ثم أصابه حادث يمنعه من إتمامها فإن له التحلل ، وليس عليه شئ بهذا الشرط لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أشتكت إليه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها شاكية ، أي أنها مريضة قال : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني (متفق على صحته) فلو ان المرأة جاءت للعمرة ، وقالت هذا الشرط ثم أصابها الحيض ولا تستطيع الجلوس حتى تطهر لأن رفقتها لا يوافقونها فإن هذا عذر لتحللها ، أو إذا أصاب المحرم مرض يمنعه من إكمال العمرة كذلك أو غير هذا من الحوادث التي تمنع المحرم من إكمال عمرته .
وهكذا الحكم في الحج وهو النسك الثاني : أن يقول : اللهم لبيك حجاً أو لبيك حجاً أو اللهم قد أوجبت حجاً على أن يكون ذلك بعد انتهائه من الأشياء المشروعة ، هذا هو الأفضل أي بعد الغسل وبعد التطيب وبعد تجرده من المخيط كما تقدم .
والمقصود أن الحكم في الحج كالحكم في العمرة في هذا ، السنة للمؤمن والمؤمنة أن يكون الإحرام بعد تعاطي ما شرع الله من غسل وطيب ونحو ذلك مما يحتاجه المؤمن والمؤمنة عند الإحرام ، وإذا دعت الحاجة إلى أن يقول فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ، شرع له ذلك كالعمرة ، والواجب أن يكون ذلك في الميقات ليس له تجاوزه حتى يحرم فإذا قدم من نجد أو من الطائف أو من جهة الشرق يكون إحرامه من ميقات الطائف من السيل (وادي قرن) ، وإذا أحرم قبل ذلك أجزأه لكنه ترك الأفضل ، والسنة ألا يتقدم بالإحرام بل يؤخره حتى يأتي الميقات لكن لو أحرم قبل ذلك أجزأه ذلك ولزمه ولكن لا ينبغي له ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحرم إلا من الميقات هذا هو السنة فإذا وصل الميقات أحرم منه ، وإن تطيب في بيته أو اغتسل في بيته وتعاطي ما يشرع له من قص شارب ونحو ذلك وهو في بيته أو في الطريق كفى ذلك إذا كان الوقت قريباً فيما بينه وبين الإحرام .
وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يستحب أن يصلي ركعتين أيضاً قبل أن يحرم ، واحتجوا على ذلك بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم قال : { أتاني آت من ربي وقال : صلَ في هذا الوادي المبارك ، وقل : عمرة في حجة } (رواه البخاري) ، وكان هذا في وادي ذي الحليفة ولأنه صلى الله عليه وسلم أحرم بعد ما صلى الظهر فدل ذلك على أن وقوع الإحرام بعد صلاة أفضل ، وهذا قول جيد ، ولكن ليس في صلاة الإحرام نص واضح أو حديث صحيح في شرعيتها فمن فعلها فلا حرج ، وإذا توضأ الوضوء الشرعي وصلى ركعتين سنة الوضوء كفت للإحرام .
أما النسك الثالث : فهو الجمع بينهما أي يجمع بين الحج والعمرة ، ويقول : اللهم لبيك عمرة وحجاً ، أو حجاً وعمرة ، أو يلبي بالعمرة في الميقات ثم في أثناء الطريق يدخل الحج ويلبي بالحج قبل أن يشرع في الطواف ، وهذا يسمى قرانًا وهو الجمع بين الحج والعمرة ، وقد أحرم النبي صلى الله عليه وسلم قارناً في حجة الوداع ، لبى بالعمرة والحج جميعاً عليه الصلاة والسلام ، كما أخبر بذلك أنس رضى الله عنه وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما وكان قد ساق الهدي ، وهذا هو الأفضل لمن ساق الهدي ، أما من لم يسق الهدي فالأفضل له التمتع بالعمرة إلى الحج ، وهذا هو الذي استقر عليه الأمر بعد ما دخل النبي مكة عليه الصلاة والسلام وطاف وسعى ، أمر أصحابه الذين قرنوا أو أفردوا الحج أن يجعلوها عمرة فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا فاستقر بذلك أن التمتع أفضل .
والقارن إذا جعل إحرامه عمرة وكذا المفرد صار متمتعاً ، إذا دخل بالإفراد أو دخل بالقران وليس معه هدي شرع له أن يتحلل بالطواف والسعي والتقصير ويكون بهذا متمتعاً كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره عليه الصلاة والسلام ، قال : (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولجعلتها عمرة) .
وإذا كان القادم بالعمرة لا يريد الحج سمي معتمراً فقط وقد يسمى متمتعاً كما وقع ذلك في كلام بعض الصحابة ولكن في عرف الفقهاء يسمى معتمراً إذا كان لم يقصد الحج وإنما قدم في شوال أو في ذي القعدة يعتمر ويرجع إلى بلاده أما إن بقى في مكة بقصد الحج فهذا يسمى معتمراً والعمرة هي الزيارة للبيت العتيق وإنما يقال للحاج متمتعاً إذا قدم بعمرة يقصد البقاء بعدها للحج إن كان قدومه بعد رمضان في أشهر الحج ثم بقى حتى يحج فهذا يسمى متمتعاً كما تقدم وهكذا من أحرم قارناً وبقى للحج ولم يفسخ يسمى متمتعاً أيضاً ويدخل في قوله تعالى : {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} (البقرة:196) ، فالقارن يسمى متمتعاً ، هذا هو المعروف عند اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال ابن عمر تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج ، وهو أحرم قارناً عليه الصلاة والسلام ، ولكن في عرف الكثير من الفقهاء أن المتمع هو الذي يحل من عمرته ثم يبقى حتى يحرم بالحج في اليوم الثامن مثلاً ، فهذا يقال له متمتع في عرف الكثير من الفقهاء ، فإن جمع بينهما ولم يتحلل سموه قارناً ، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا عُرف المعنى والحكم .
فالمتمتع والقارن في الأحكام سواء فعلى كل منهما الهدي فإن لم يستطيع صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ، وكل منهما يسمى متمتعاً ، لكن يتفاوتان في السعي فالمتمتع عند جمهور العلماء عليه سعيان سعي مع طواف العمرة وسعي مع طواف الحج ، لأنه ثبت في حديث ابن عباس أن الذين حلوا من العمرة وتمتعوا سعوا سعيين أحدهما مع طواف العمرة والثاني مع طواف الحج ، وهذا هو قول جمهور أهل العلم .
أما القارن فليس عليه إلا سعي واحد فإن قدمه مع طواف القدوم كفى وإن أخره وسعى مع طواف الحج كفى ، هذا هو المعتمد وهذا قول جمهور أهل العلم ، أن المتمتع عليه سعيان والقارن ليس عليه إلا سعي واحد ، وهو مخير إن شاء قدمه مع طواف القدوم وهو أفضل ، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه طاف وسعى وطوافه يسمى طواف قدوم لأنه قارن عليه الصلاة والسلام ، وإن شاء أخره وطاف مع طواف الحج وهذا من توسعة الله على عباده ورحمته سبحانه وتعالى والحمد لله .
وهنا مسألة قد يُسأل عنها وهي ما إذا سافر المتمتع بعد العمرة هل يسقط عنه الدم ؟ ، فيه خلاف بين أهل العلم ، والمعروف عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لا يسقط الدم مطلقاً سواء سافر إلى أهله أو إلى غير ذلك ، لعموم الأدلة . وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه إن سافر مسافر قصر ثم رجع محرماً بالحج صار مفرداً وسقط عنه الدم .
وذهب آخرون إلى أنه لا يسقط الدم إلا إذا سافر إلى أهله وهذا هو المروي عن عمر رضي الله عنه وابنه عبد الله أنه إن سافر إلى أهله بعد العمرة ثم رجع بحج صار مفرداً وليس عليه دم ، أما سفره لغير أهله كالسفر للمدينة مثلاً بين الحج والعمرة والسفر إلى جدة والطائف فهذا لا يخرجه عن كونه متمتعاً وهذا هو الأقرب والأظهر من جهة الدليل أن هذه الأسفار التي بين الحج والعمرة لا تخرجه عن كونه متمتعاً بل هو متمتع ، وعليه دم التمتع وإن سافر إلى المدينة بعد العمرة إو إلى الطائف أو إلى جدة فهو متمتع ، وإنما يكون مفرداً إذا سافر إلى أهله كما قال عمر وابنه ثم رجع محرماً بالحج من الميقات فهذا هو الذي يسمى مفرداً لأنه قطع ما بين العمرة والحج بسفره إلى أهله .
وبكل حال فالأحوط للمؤمن في هذا أن يهدي حتى ولو سافر إلى أهله خروجاً من الخلاف الذي ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما وهكذا الحكم عند من قال إنه يسقط عنه بالسفر إلى مسافة قصر ، كونه يحتاط ويهدي خروجاً من خلاف الجميع ويأتي بالسنة كاملة يكون هذا خيراً له وأفضل إن استطاع ذلك فإن لم يستطيع ذلك صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله لقوله سبحانه : {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} وهو يشمل المتمتع ويشمل القارن لأنه يسمى متمتعاً كما تقدم ، والله ولي التوفيق .
2- شخص أتى بالعمرة في أشهر الحج كشهر ذي القعدة ثم خرج من مكة إلى المدينة وأقام فيها حتى وقت الحج هل يلزمه التمتع أم هو مخير بين أحد أنواع الأنساك الثلاثة ؟
الجواب : لا يلزمه التمتع فإن أراد أن يأتي بعمرة أخرى ويكون متمتعاً بها عند من قال انقطع تمتعه بالسفر فلا بأس ويكون متمتعاً بعمرته الجديدة وعليه الدم عند الجميع إذا أتى بعمرة من المدينة ثم حج بعدها ، يكون متمتعاً عند الجميع ، وإن شاء رجع بحج فقط وفيه خلاف هل يهدي أو لا يهدي ؟ والصواب أنه يهدي لأن سفره إلى المدينة لا يقطع تمتعه في أصح الأقوال .
3- إذا تجاوزت الميقات ملبياً بحج أو عمرة ولم يشترط وحصل له عارض كمرض ونحوه يمنعه من إتمام نسكه فماذا يلزمه أن يفعل ؟
الجواب : هذا يكون محصراً ، إذا كان لم يشترط ثم حصل عليه حادث يمنعه من التمام إن أمكنه الصبر لعله يزول أثر الحادث ثم يكمل صبر ، وإن لم يتمكن من ذلك فهو محصر على الصحيح والله قال في المحصر : {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} والصواب أن الإحصار يكون بالعدو ويكون بغير العدو فيهدي ويحلق ويقصر ويتحلل هذا هو حكم المحصر يذبح ذبيحة في محله الذي أحصر فيه ، سواء كان في الحرم أو في الحل ويعطيها الفقراء في محله ولو كان خارج الحرم ، فإن لم يتيسر حوله أحد نقلت إلى فقراء الحرم أو إلى من حوله من الفقراء أو إلى فقراء بعض القرى ثم يحلق أو يقصر ويتحلل ، فإن لم يستطيع الهدي صام عشرة أيام ثم حلق أو قصر وتحلل .
4- حاج أحرم من الميقات ولكنه في التلبية نسى أن يقول لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج فهل يكمل نسكه متمتعاً وماذا عليه إذا تحلل من عمرته ثم أحرم بالحج من مكة ؟
الجواب : إذا كان نوى العمرة عند إحرامه ولكن نسي التلبية وهو ناو العمرة حكمه حكم من لبى ، يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ، وتشرع له التلبية في أثناء الطريق فلو لم يلب فلا شئ عليه ، لأن التلبية سنة مؤكدة فيطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة لأنه ناو عمرة ، أما إن كان في الإحرام ناوياً حجاً والوقت واسع فإن الأفضل أن يفسخ حجه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل والحمد لله ويكون حكمه حكم المتمتعين .
5- ما حكم من حج عن والدته وعند الميقات لبى بالحج ولم يلب عن والدته ؟
الجواب : مادام قصده الحج عن والدته ولكن نسي فإن الحج يكون لوالدته والنية أقوى لقوله صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات) فإذا كان القصد من مجيئه هو الحج عن أمه أو عن أبيه ثم لبي عند الإحرام فإن الحج يكون للذي نواه وقصده من أب أو أم أو غيرهما .
6- ما حكم إحرام المرأة في الشراب والقفازين وهل يجوز لها خلع ما أحرمت فيه ؟
الجواب : الأفضل لها إحرامها في الشراب أو في مداس هذا أفضل لها وأستر لها وإن كانت في ملابس ضافية كفى ذلك ، وإن أحرمت في شراب ثم خلعته فلا بأس كالرجل يحرم في نعلين ثم يخلعهما إذا شاء لا يضره ذلك ، لكن ليس لها أن تحرم في قفازين ، لأن المحرمة منهية أن تلبس قفازين ، وهكذا النقاب لا تلبسه على وجهها ، ومثله البرقع ونحوه ، لأن الرسول نهاها عن ذلك لكن عليها أن تسدل خمارها أو جلبابها على وجهها عند وجود رجال غير محارمها وهكذا في الطواف والسعي لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه) ، أخرجه أبو داود وابن ماجه .
ويجوز للرجل لبس الخفين ولو غير مقطوعين على الصحيح وقال الجمهور بقطعهما ، والصواب أنه لا يلزم قطعهما عند فقد النعلين لأنه صلى الله عليه وسلم خطب الناس بعرفة فقال : (من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين) (متفق على صحته) ولم يأمر بقطعهما فدل ذلك على نسخ الأمر بالقطع ، والله ولي التوفيق .
7- هل نية الإحرام في التلفظ باللسان ، وما صفتها إذا كان الحاج يحج عن شخص آخر ؟
الجواب : النية محلها القلب وصفتها أن ينوي بقلبه أنه يحج عن فلان أو عن أخيه أو عن فلان بن فلان هكذا تكون النية ، ويتسحب مع ذلك أن يتلفظ فيقول : اللهم لبيك حجاً عن فلان أو لبيك عمرة عن فلان – عن أبيه أو عن فلان بن فلان حتى يؤكد ما في القلب باللفظ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تلفظ بالحج وتلفظ بالعمرة فدل ذلك على شرعية التلفظ لما نواه تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام ، وهكذا الصحابة تلفظوا بذلك كما علمهم نبيهم عليه الصلاة والسلام وكانوا يرفعون أصواتهم بذلك ، هذه هي السنة ، ولو لم يتلفظ واكتفى بالنية كفت النية وعمل في أعمال الحج مثل ما يفعل عن نفسه يلبي مطلقاً ويكرر التلبية مطلقاً من غير حاجه إلى ذكر فلان أو فلان كما يلبي عن نفسه كأنه حاج عن نفسه ، لكن إذا عينه في النسك يكون أفضل في التلبية ، ثم يستمر في التلبية كسائر الحجاج والعمار : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك إله الحق لبيك ، المقصود أنه يلبي كما يلبي عن نفسه من غير ذكر أحد إلا في أول النسك يقول لبيك حجاً عن فلان أو عمرة عن فلان أو لبيك عمرة وحجاً عن فلان هذا هو الأفضل عند أول ما يحرم مع النية .
8- ما حكم من قدم إلى مكة في عمل أو مهمة ثم حصل له فرصة الحج هل يحرم من مكانه أو يخرج إلى الحل ؟
الجواب : إذا قدم إلى مكة ولم ينو الحج ولا العمرة وإنما قدم لحاجة من الحاجات كزيارة قريب أو عيادة مريض أو تجارة ، ما نوى حجاً ولا عمرة ثم بدا له أن يحج أو بدا له أن يعتمر فإنه يحرم من مكانه بالحج سواء كان في داخل مكة أو في ضواحي مكة . أما إذا كان أراد العمرة فإنه يخرج إلى الحل التنعيم أو الجعرانة أو غيرهما إذا كان أراد العمرة فإن السنة بل الواجب أن يخرج إلى الحل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة لما أرادت العمرة أن تخرج إلى التنعيم وأمر عبد الرحمن أخاها أن يخرج بها إلى الحل من الحرم يعني إلى التنعيم أو غيره هذا هو الواجب في حق من أراد العمرة أما من أراد الحج فإنه يلبي من مكانه سواء كان داخل الحرم أو خارج الحرم كما تقدم .
9- هل يشترط للإحرام ركعتان أم لا ؟
الجواب : لا يشترط ذلك وإنما اختلف العلماء في استحبابها فذهب الجمهور إلى استحباب ركعتين يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يلبي واحتجوا على هذا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أحرم بعد الصلاة ، أي أنه صلى الظهر ثم أحرم في حجة الوداع ، وقال صلى الله عليه وسلم : (أتاني آت من ربي وقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة ) وهذا يدل على شرعية صلاة الركعتين وهذا قول جمهور أهل العلم .
وقال آخرون : ليس في هذا نص فإن قوله : (آتاني آت من ربي وقال : صل في هذا الوادي المبارك ) يحتمل : أن المراد صلاة الفريضة في الصلوات الخمس وليس بنص في ركعتي الإحرام وكونه أحرم بعد الفريضة لا يدل على شرعية ركعتين خاصة بالإحرام وإنما يدل على أنه إذا أحرم بالعمرة أو بالحج بعد صلاة يكون أفضل إذا تيسر ذلك .
10- ما حكم من يحس بخروج مذي أو قطرات من البول أثناء الإحرام ، وكذلك عند خروجه إلى الصلاة ؟
الجواب : الواجب على المؤمن إذا علم هذا أن يتوضأ إن كان الوقت وقت صلاة ويستنجي من بوله ويستنجي من المذي ، والواجب في المذي أن يغسل الذكر والأنثيين ، أما البول فيغسل طرف الذكر الذي أصابه البول ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إن كان وقت صلاة ، أما إن كان الوقت ليس وقت صلاة فلا مانع من تأجيل ذلك إلى وقت الصلاة ، لكن ينبغي أن لا يكون ذلك عن وساوس بل عن يقين أما إذا كان عن وساوس فينبغي له أن يطرح هذا ويعرض عنه حتى لا يبتلي بالوساوس ، لأن الناس قد يبتلون بشئ من الوسوسة ، يظن أنه خرج منه شئ وهو ما خرج منه شئ فلا ينبغي أن يعود نفسه للخضوع للوساوس بل ينبغي له أن يطرحها وأن يعرض عنها ويتلهى عنها حتى لا يصاب بها ، وإذا كان يخشى ذلك يرش ما حول فرجه بالماء إذا فرغ من وضوئه حتى يحمل ما قد يقع له من الوساوس على أن هذا من الماء حتى يسلم من شر هذه الوسوسة .
11- هل يجوز تغيير لباس الإحرام لغسله ؟
الجواب : لا بأس أن يغسل ملابس الإحرام ولا بأس أن يغيرها ويستعمل غيرها بملابس جديدة أو مغسولة .
12- ما حكم وضع الطيب على الإحرام قبل عقد النية والتلبية ؟
الجواب : لا ينبغي وضع الطيب على الرداء والإزار إنما السنة تطييب البدن كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو ذلك ، أما الملابس فلا يطيبها عند الإحرام ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لا يلبس شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس ، فالسنة أنه يتطيب في بدنه فقط أما ملابس الإحرام فلا يطيبها وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها .
13- ما حكم من كان في منى قبل يوم التروية هل يدخل ويحرم من مكة أو يحرم من منى ؟
الجواب : الجالس في منى يشرع له ان يحرم من منى والحمد لله ولا حاجة إلى الدخول إلى مكة بل يلبي من مكانه بالحج إذا جاء وقته .
14- المتمتع هل له وقت محدود يتمتع فيه وهل له أن يحرم بالحج قبل يوم الترويه ؟
الجواب : نعم الإحرام بالتمتع له وقت محدود وهو شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة ، هذه أشهر الحج ، فليس له أن يحرم بالتمتع قبل شوال ولا بعد ليلة العيد ، ولكن الأفضل أن يحرم بالعمرة وحدها فإذا فرغ منها أحرم بالحج وحده هذا هو التمتع الكامل وإن أحرم بهما جميعاً سمي متمتعاً وسمي قارناً وفي الحالتين جميعاً عليه دم يسمى دم التمتع وهو ذبيحة واحدة تجزئ في الأضحية أو سُبع بدنة أو سُبع لقوله تعالى : {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} فإن عجز صام عشرة أيام ، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله والمدة غير محددة كما تقدم .
فلو أحرم بالعمرة في أول شوال وحل منها صارت المدة بين العمرة وبين الإحرام بالحج طويلة إلى ثامن ذي الحجة ، فالأفضل أن يحرم بالحج في ثامن ذي الحجة كما أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بأمر النبي عليه الصلاة والسلام فإنه أمرهم أن يحلوا من إحرامهم لما قدموا مفردين بالحج وبعضهم قدم قارناً بين الحج والعمرة ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلوا إلا من كان مع الهدي ، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا وصاروا متمتعين بذلك ، فلما كان يوم التروية وهو اليوم الثامن ، أمرهم أن يهلوا بالحج من منازلهم ، وهذا هو الأفضل ولو أهل بالحج قبل ذلك في أول ذي الحجة أو قبل ذلك أجزأه وصح ولكن الأفضل أن يكون إهلاله بالحج في اليوم الثامن كما فعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره عليه الصلاة والسلام .
15- ما حكم من جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر ؟
الجواب : من جاوز الميقات لحج أو عمرة ولم يحرم وجب عليه الرجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك قال عليه الصلاة والسلام : (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن ويهل أهل اليمن من يلملم ) هكذا جاء في الحديث الصحيح وقال ابن عباس : (وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرنا ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة) ، فإذا كان قصده الحج أو العمرة يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه فإن كان من طريق المدينة أحرم من ذي الحليفة وإن كان من طريق الشام أو مصر أو المغرب أحرم من الجحفة من رابغ الآن ، وإن كان من طريق اليمن أحرم من يلملم ، وإن كان من طريق نجد أو الطائف أحرم من وادي قرن ويسمى قرنا ويسمى السيل الآن ويسميه بعض الناس وادي محرم فيحرم من ذلك بحجة أو عمرته أو بهما جميعاً ، والأفضل إذا كان في أشهر الحج أن يحرم بالعمرة فيطوف لها ويسعى ويقصر ويحل ثم يحرم بالحج في وقته ، وإن كان مر على الميقات في غير أشهر الحج مثل رمضان أو شعبان أحرم بالعمرة فقط ، هذا هو المشروع أما إن كان قدم لغرض آخر لم يرد حجاً ولا عمرة إنما جاء لمكة للبيع أو الشراء أو لزيارة بعض أقاربه وأصدقائه أو لغرض آخر ولم يرد حجاً ولا عمرة فهذا ليس عليه إحرام على الصحيح وله أن يدخل بدون إحرام ، هذا هو الراجح في قولي العلماء والأفضل أنه يحرم بالعمرة ليغتنم الفرصة .
16- إذا خاف المحرم ألا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف فماذا يفعل ؟
الجواب : إذا أحرم يقول عند إحرامه : (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) إذا كان يخاف شيئاً من الموانع كالمرض فالسنة الاشتراط لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر ضباعة بن الزبير بن عبد المطلب بذلك لما اشتكت إليه أنها مريضة .
17- هل يجوز للمرأة أن تحرم في أي الثياب شاءت ؟
الجواب : نعم تحرم فيما شاءت ، ليس لها ملابس مخصوصة في الإحرام كما يظن بعض العامة ، لكن الأفضل أن يكون إحرامها في ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظرة لأنها تختلط بالناس ، فينبغي أن تكون ملابسها غير لافتى للنظر وغير جميلة بل عادية ليس فيها فتنة ، ولو أحرمت في ملابس جميلة صح إحرامها لكنها تركت الأفضل .
أما الرجل فالأفضل أن يحرم في ثوبين أبيضين (إزار ورداء) وإن أحرم في غير أبيضين فلا بأس ، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه طاف ببرد أخضر ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لبس العمامة السوداء عليه الصلاة والسلام ، فالحاصل أنه لا بأس أن يحرم في ثوب غير أبيض .
18 – متى يحرم الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو ؟
الجواب : القادم عن طريق الجو أو البحر يحرم إذا حاذى الميقات مثل صاحب البر إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة وسرعة السفينة أو الباخرة .
19- من كان سكنة دون المواقيت فمن أين يحرم ؟
الجواب : من كان دون المواقيت أحرم من مكانه مثل أهل أم السلم وأهل بحرة يحرمون من مكانهم وأهل جدة يحرمون من بلدهم لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس : (ومن كان دون ذلك – أي دون المواقيت – فمهله من حيث أنشأ) وفي لفظ آخر : (فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون منها)
20- من أي مكان يحرم الحاج يوم التروية ؟
الجواب : يحرم من منزله كما أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من منازلهم في الأبطح في حجة الوداع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا من كان في داخل مكة يحرم من منزله لحديث ابن عباس السابق وهو قوله صلى الله عليه وسلم : (ومن كان دون ذلك – أي دون المواقيت – فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة ) متفق على صحته .
21- ما حكم من نوى بالحج قادماً من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة ولم يحرم فأحرم من جدة فماذا عليه ؟
الجواب : إذا هبطت الطائرة في جدة وهو من أهل الشام أو مصر فإنه يحرم من رابغ يذهب إلى رابغ في السيارة أو غيرها ويحرم من رابغ ولا يحرم من جدة ، وهكذا لو كان جاء من نجد ولم يحرم حتى نزل إلى جدة يذهب إلى السيل وهو (وادي قرن) فيحرم منه ، فإذا أحرم من جدة ولم يذهب فعليه دم شاة واحدة تجزئ في الأضحية يذبحها في مكة للفقراء أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة كما تقدم جبراً لحجته أو عمرته .
22- ما حكم من نوى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قلبه تمتعاً فأتى بالعمرة ثم تحلل منها فماذا عليه ومتى يحرم بالحج ومن أين ؟
الجواب : هذا هو الأفضل إذا قدم المحرم بالحج أو بالحج والعمرة جميعاً فإن الأفضل أن يجعلها عمرة وهو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لما قدموا ، بعضهم قارن وبعضهم مفرد بالحج ، وليس معهم هدي ، أمرهم أن يجعلوها عمرة ، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا إلا من كان معه الهدي فإنه يبقى على إحرامه حتى يحل منهما إن كان قارناً أو من الحج إن كان محرماً بالحج يوم العيد ، المقصود أن من جاء مكة محرماً بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعاً وليس معه هدي فإن السنة أن يفسخ إحرامه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ثم يحرم بالحج في وقته ويكون متمتعاً وعليه دم التمتع .
23- ما حكم من نوى بالحج متمتعاً وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفرداً هل عليه هدي ؟
الجواب : هذا يختلف فإن كان نوى قبل وصوله إلى الميقات نوى أنه يتمتع وبعد وصوله إلى الميقات غير نيته وأحرم بالحج وحده فهذا لا حرج عليه ولا فدية ، أما إن كان لبى بالعمرة والحج جميعاً من الميقات أو قبل الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً فليس له ذلك ولكن لا مانع أن يجعله عمرة أما أن يجعله حجاً فلا ، فالقران لا يفسخ إلى حج ولكن يفسخ إلى عمرة لأنه أرفق بالمؤمن ولأنها هي التي أمر بها النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام فإذا أحرم بهما جميعاً من الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً مفرداً فليس له ذلك ولكن له أن يجعل ذلك عمرة مفردة وهو الأفضل له ، فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بالحج بعد ذلك فيكون متمتعاً .
24- ما حكم من أحرم بالحج والعمرة وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقته ولم يستطيع أن يفدي وغير نيته إلى حج مفرد هل يصح ذلك ، وإذا كانت الحجة لغيره ومشترطاً عليه التمتع فماذا يفعل ؟
الجواب : ليس له ذلك ولو ضاعت نفقته إذا عجز يصوم عشرم أيام ، والحمد لله ، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ويبقى على تمتعه ، وعليه أن ينفذ الشرط بأن يحرم بالعمرة ويطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بالحج ويفدي فإن عجز صام عشرة أيام ثلاثة في الحج قبل عرفه وسبعة إذا رجع إلى أهله لأن الأفضل أن يكون يوم عرفة مفطراً اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه وقف بها مفطراً .
25- ما حكم من أحرم بالحج والعمرة قارناً وبعد العمرة حل الإحرام هل يعتبر متمتعاً ؟
الجواب : نعم إذا أحرم بالحج والعمرة قارناً ثم طاف وسعى وقصر وجعلها عمرة يسمى متمتعاً وعليه دم التمتع .
26- ما حكم من حج وهو تارك للصلاة سواء كان عامداً أو متهاوناً وهل تجزئه عن حجة الإسلام ؟
الجواب : من حج وهو تارك للصلاة فإن كان عن جحد لوجوبها كفر إجماعاً ولا يصح حجه ، أما إن كان تركها تساهلاً وتهاوناً فهذا فيه خلاف بين أهل العلم منهم من يرى صحة حجه ، ومنهم من لا يرى صحة حجه ، والصواب أنه لا يصح حجه أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وقوله صلى الله عليه وسلم : (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) وهذا يعم من جحد وجوبها ، ويعم من تركها تهاوناً ، والله ولي التوفيق .
27- ما حكم استعمال المرأة لحبوب منع العادة الشهرية في أيام الحج ؟
الجواب : لا حرج في ذلك لأن فيها فائدة ومصلحة حتى تطوف مع الناس وحتى لا تعطل رفقتها .
28- إذا حاضت المرأة أو نفست بعد إحرامها هل يصح لها أن تطوف بالبيت أو ماذا تفعل وهل عليها وداع ؟
الجواب : إذا نفست أو حاضت حين قدومها للعمرة وقفت عن ذلك حتى تطهر فإذا طهرت تطوف وتسعى وتقصر وتمت عمرتها ، فإذا كان هذا بعد العمرة أو بعد ما أحرمت بالحج في اليوم الثامن فإنها تعمل أعمال الحج من الوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وغير ذلك من التلبية والذكر ، فإذا طهرت طافت وسعت لحجها ، والحمد لله ، فإن جاءها الحيض بعد الطواف والسعي وقبل الوداع سقط عنها الوداع ، لأن الحائض والنفساء ليس عليهما وداع .
29- هل ركعتا الطواف خلف المقام تلزم لكل طواف وما حكم من نسيها ؟
الجواب : لا تلزم خلف المقام ، تجزئ الركعتان في مكان من الحرم ، ومن نسيها فلا حرج عليه لأنها سنة وليست واجبة .
30- ما حكم من أخر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وجعله طوافاً واحداً بنية طواف الإفاضة والوداع معاً ، وهل يجوز أن يؤدي طواف الإفاضة ليلاً ؟
الجواب : لا حرج في ذلك إذا طاف عند السفر بعد أعمال الحج فإن طوافه للإفاضة يكفيه عن طواف الوداع ، سواء نوى طواف الوداع مع طواف الإفاضة أو لم ينو ، المقصود أن طواف الإفاضة يكفي وحده عن طواف الوداع إذا كان عند الخروج وإن نواهما جميعاً فلا حرج في ذلك ، ويجوز أن يؤدي طواف الإفاضة وطواف الوداع ليلاً ونهاراً .
31—ما الحكم إذا أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي ؟
الجواب : يصلي مع الناس ثم يكمل طوافه وسعيه من حيث انتهى ، يبدأ من حيث أنتهى .
32- هل يلزم للطواف والسعي طهارة ؟
الجواب : تلزم الطهارة في الطواف فقط ، أما السعي فالأفضل أن يكون على طهارة وإن سعى بدون طهارة أجزأ ذلك .
33- هل طواف الوداع واجب في العمرة ، وهل يجوز شراء شئ من مكة بعد طواف الوداع سواء كان حجاً أو عمرة ؟
الجواب : طواف الوداع ليس بواجب في العمرة ولكن فعله أفضل ، فلو خرج ولم يودع فلا حرج أما في الحج فهو واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده البيت) وهذا كان خطاباً للحجاج
وله أن يشتري ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات حتى ولو اشترى شيئاً للتجارة مادامت المدة قصيرة لم تطل أما إن طالت المدة فإنه يعيد الطواف فإن لم تطل عرفاً فلا إعادة عليه مطلقاً .
34- هل يجوز تقديم السعي على الطواف سواء كان في الحج أو في العمرة ؟
الجواب : السنة أن يكون الطواف أولاً ثم السعي بعده فإن سعي قبل الطواف جهلاً منه فلا حرج في ذلك وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل فقال : سعيت قبل أن أطوف ، قال : (لا حرج) فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه ، لكن السنة أن يطوف ثم يسعى هذا هو السنة في العمرة والحج جميعاً .
35- ما هي صفة السعي ومن أي مكان يبدأ السعي وما عدد أشواطه ؟
الجواب : يبدأ من الصفا ويختم بالمروة والعدد سبعة أشواط أولها يبدأ بالصفا وآخرها ينتهي بالمروة يذكر الله فيها ويسبحه ويدعو ويكرر الذكر والدعاء والتكبير على الصفا والمروة ثلاث مرات رافعاً يديه مستقبلاً القبلة لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك .
36- أيهما أفضل الحلق أو التقصير بعد أداء النسك في العمرة أو الحج ، وهل يجزئ تقصير بعض الرأس؟
الجواب : الأفضل الحلق في العمرة والحج جميعاً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً بالمغفرة والرحمة ، وللمقصرين واحدة فالأفضل الحلق لكن إذا كانت العمرة قرب الحج فالأفضل فيها التقصير حتى يتوفر الحلق في الحج لأن الحج أكمل من العمرة فيكون الأكمل للأكمل ، أما إن كانت العمرة بعيدة عن الحج مثلا في شوال يمكن لشعر الرأس أن يطول فإنه يحلق حتى يحوز فضل الحلق ، ولا يجزئ تقصير بعض الرأس ولا حلق بعضه في أصح قولي العلماء بل الواجب حلق الرأس كله أو تقصيره كله ، والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير .
37- متى يتوجه الحاج إلى عرفة ومتى ينصرف منها ؟
الجواب : يشرع التوجه إليها بعد طلوع الشمس من يوم عرفة وهو اليوم التاسع ويصلي بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ويبقى فيها إلى غروب الشمس مشتغلاً بالذكر والدعاء وقراءة القرآن والتلبية حتى تغيب الشمس ويشرع الإكثار من قوله (لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ، ويرفع يديه بالدعاء ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء ويستقبل القبلة ، وعرفة كلها موقف ، فإذا غابت الشمس شرع للحجاج الانصراف إلى مزدلفة بسكينة ووقار مع الإكثار من التلبية فإذا وصلوا مزدلفة صلوا المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين .
38- ما حكم الوقوف بمزدلفة والمبيت فيها وما قدرة ، ومتى يبدأ الحاج الانصراف منها ؟
الجواب : المبيت بمزدلفة واجب على الصحيح ، وقال بعضهم إنه ركن ، وقال بعضهم مستحب والصواب من أقوال أهل العلم أنه واجب من تركه فعليه دم ، والسنة أن لا ينصرف منها إلا بعد صلاة الفجرة وبعد الإسفار يصلي فيها الفجر فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً والسنة أن يذكر الله بعد الصلاة ويدعو فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً .
ويجوز للضعفة من النساء والرجال والشيوخ الانصراف من مزدلفة في النصف الأخير من الليل رخص لهم النبي عليه الصلاة والسلام ، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يبقوا حتى يصلوا الفجر وحتى يذكروا الله كثيراً بعد الصلاة ثم ينصرفوا قبل أن تطلع الشمس ، ويسم رفع اليدين مع الدعاء في مزدلفة مستقبلاً القبلة كما فعل في عرفة ، ومزدلفة كلها موقف .
39- ما حكم المبيت خارج منى أيام التشريق سواء كان ذلك عمداً أو لتعذر وجود مكان فيها ، ومتى يبدأ الحاج بالنفير من منى ؟
الجواب : المبيت في منى واجب على الصحيح ليلة إحدى عشرة وليلة إثنتي عشرة هذا هو الذي رجحه المحققون من أهل العلم على الرجال والنساء من الحجاج فإن لم يجدوا مكاناً سقط عنهم ولا شئ عليهم ومن تركه بلا عذر فعليه دم ، ويبدأ الحاج بالنفير من منى إذا رمى الجمرات يوم الثاني عشر بعد الزوال فله الرخصة أن ينزل من منى وإن تأخر حتى يرمي الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال فهو أفضل
40- ما هو الأفضل للحاج في أعمال يوم النحر وهل يجوز التقديم والتأخير ؟
الجواب : السنة في يوم النحر أن يرمي الجمرات برمي جمرة العقبة وهي التي تلي مكة يرميها بسبع حصيات كل حصاة على حده يكبر مع كل حصاة ثم ينحر هديه إن كان عنده هدي ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل ثم يطوف ويسعى إن كان عليه سعي هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه رمى ثم نحر ثم حلق ثم ذهب إلى مكة فطاف عليه الصلاة والسلام ، هذا الترتيب هو الأفضل الرمي ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي إن كان عليه سعي فإن كان قدم بعضها على بعض فلا حرج لو نحر قبل أن يرمي أو أفاض قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يذبح كل هذا لا حرج فيه ، النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن من قدم أو أخر قال : (لا حرج لا حرج) .
41- ما حكم التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي ؟
الجواب : لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار فلا بأس بالتوكيل عنهم أما القوية النشيطة فإنها ترمي بنفسها ومن عجز عنه نهاراً بعد الزوال رمى في الليل ، من عجز يوم العيد ، رمي ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد ومن عجز يوم الحادي عشر ، رمي ليلة أثنتي عشرة عن يوم الحادي عشر ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمى في ليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر وينتهي الرمي بطول الفجر , أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق
42- هل يجوز رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلاً لمن ليس لديه عذر وهل يجوز لمن دفع مع النساء والضعفة ليلة النحر بعد منتصف الليل من مزدلفة أن يرمي جمرة العقبة أم لا ؟
الجواب : يجوز الرمي بعد الغروب على الصحيح لكن السنة أن يرمي بعد الزوال قبل الغروب هذا هو الأفضل إذا تيسر وإذا لم يتيسر فله الرمي الغروب على الصحيح .
ومن دفع مع الضعفة والنساء فحكمه حكمهم من دفع معهم من الأقوياء من محارم ومن سائقين ومن غيرهم من الأقوياء فحكمه محكمهم يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النساء .
43- متى يبدأ الحاج رمي الجمرات ؟ وما كيفية الرمي ؟ وما عدد الحصى ؟ وبأي الجمرات يبدأ الرمي ومتى ينتهي ؟
الجواب : يرمي أول الجمار يوم العيد وهي الجمرة التي تلي مكة ويقال لها (جمرة العقبة ) يرميها يوم العيد وإن رماها في النصف الأخير من ليلة النحر كفى ذلك ، ولكن الأفضل أن يرميها ضحى ويستمر إلى غروب الشمس فإن فاته الرمي رماها بعد غروب الشمس ليلاً عن يوم العيد يرميها واحدة بعد واحدة ويكبر مع كل حصاة أما في أيام التشريق فيرميها بعد زوال الشمس يرمي الأولى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم الوسطى بسبع حصيات ثم الأخيرة بسبح حصيات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل والسنة أن يقف بعد الأولى وبعد الثانية بعدما يرمي الأولى يقف مستقبلاً القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو ربه طويلاً وبعد الثانية يقف ويجعلها عن يمينه مستقبلاً ويدعو ربه طويلا في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر لمن لم يتعجل أما الجمرة الأخيرة التي تلي مكة فهذه يرميها ولا يقف عندها لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رماها ولم يقف عندها عليه الصلاة والسلام .
44- ما حكم من حصل عنده شك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض ؟
الجواب : من شك فعليه التكميل يأخذ من الحصى الذي عنده في منى من الأرض ويكمل بها .
45- هل يجوز للحاج أن يرمي من الحصى الذي حول الجمار ؟
الجواب : يجوز له ذلك لأن الاصل أنه لم يحصل به الرمي أما الذي في الحوض فلا يرمي بشئ منه .
المرجع / تحفة الأخوان
تأليف سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
اشرف على تجميعه وطبعه / محمد بن شايع بن عبد العزيز الشايع
كتبه الاستاذ / مطر بن خلف الثبيتي
ويتمنى للحجاج حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وعوداً حميداً إلى أوطانهم سالمين غانمين والسلام ختام