مطرالثبيتي
09-06-2014, 07:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين .. رب يسر يا كريم
قصة أبناء نزار مع الأفعى الجرهمي
صاحب نجران
ولد نزار أربعة : مضر وهو عمود النسب المحمدي ، وربيعه ، وإياد ، وانمار ، ومضر هو أول من سن للعرب حداء الإبل وكان أحسن الناس صوتاً وفي الحديث : (لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مؤمنين) ذكره الزبير بن أبي بكر قال صاحب تاريخ الخميس : توفى نزار عن بنيه الأربعة ، وهم : مضر ، وربيعة ، وإياد ، وأنمار ، تخالفوا في قسمة مخلفه وكان قد قال لهم : إن اختلفتم في ذلك فعليكم بالأفعى الجرهمي وكان بنجران فذهبوا إليه وكان ذا رأي وحنكة فلما كانوا بأثناء الطريق إذا هم بأثر بعير ، فقال مضر : هذا البعير أزور ، وقال ربيعة : وأعور ، وقال إياد : وأبتر ، وقال أنمار : وشرود . ثم ساروا فوجدوا صاحب البعير يطلبه في الشعاب والدحال ، فقالوا له : بعيرك أزور؟ فقال : نعم ، قالوا : فأبتر ؟ فقال : نعم ، قالوا : وأعور ؟ قال : نعم ، قالوا : وشرود ؟ قال: نعم ، فلم يشك الرجل أنهم غرماؤه ، فلازمهم إلى أن وصلوا إلى الأفعى الجهرمي ، فقال صاحب البعير : لا أدعك أيها الشيخ أو تحكم بيني وبين هؤلاء اللصوص : ذهب بعير لي فالتمسته فإذا وصفه عند هؤلاء الرجال فهم الفعلة ، فسألهم الأفعى عن البعير ، فأقسموا أنهم لم يروا البعير ، ولا علم لهم به وإنما قلنا ماقلناه بالذكاء والفطنة ، فقال مضر: أما انا فرأيت إحدى يديه ثابتة الوطأة صحيحة الأثر ورأيت الأخرى غير ثابته الوطأة فاسدة الأسر فعلمت أنه أزور لإعتماده على إحدى يديه بشدة فأثرت في الأرض تأثيراً ظاهراً والأخرى بخلافها ، وقال ربيعة : علمت أنه أعور لأني رأيت رعيه في الفلاة لجهة واحدة ، وقال إياد : رأيت مبركه فنظرت إلى روثه مجتمعاً تحت المخرج فعلمت أنه أبتر ولو كان ذيالاً لمصع به يمنة ويسرة ، وقال أنمار : رأيته بينما هو في قطعه مخصبة إذ تركها وتجاوزها إلى قطعة أخرى دونها فعلمت أنه شرود يذكر الطلب فيدع المرعى الخصيب حذاراً ، فقال الأفعى للرجل : التمس بعيرك فليسوا بأصحابه ثم ذكروا للأفعى مخلف أبيهم نزار وأخبروه بأمره إياهم بالرضا بقسمته بينهم فقال : القبة الحمراء وما أشبهها فهو لمضر ، فقيل لأولاده (مضر الحمراء) ، والفرس الخضراء وما أشبهها من سلاح وأثاث فهو لربيعة فقيل : (ربيعة الفرس) ، والناقة الصفراء وما أشبهها من البقر والغنم لإياد ، فقيل لأولاده ( إياد النعم) وما فضل من نقد وأثاث وسلاح لأنمار ، فقيل لأولاده : (أنمار الفضل) وكان الأفعى قد أضافهم ثلاثة أيام ، ذبح لهم الذبائح وسقاهم الخمر وقد دس إليهم من يوصل إليه خبرهم غير عالمين به فمما سمع منهم قول مضر : ما رأيت كاليوم لحماً قط إلا أنه غذى بلبن كلبة ، وقال ربيعة ما رأيت كاليوم خمراً قط إلا أن كرمتها نبتت على قبر ، وقال إياد : ما رأيت كاليوم خبزاً قط ، إلا أنه التي عجنته حائض وقال أنمار : ما رأيت كاليوم رجلاً سرياً قط لولا أنه ينسب إلي غير أبيه ، فذهب الرجل إليه فأخبره بقولهم فكلم خدمه عن الشاة التي ذبحوها لهم فقالوا : كانت تدجن عندنا فولدت كلبة لنا فأرضعت هذه الشاة منها ، فجاءت أسمن الغنم فاخترناها لفرط سمنها ثم سأل العاجنة فوجدها حائضاً ثم دخل على أمه فسألها وتهددها على الجحد وأمنها على الصدق ، فقالت : إن أباك الملك المطاع في قومه لم يرزق ولداً فخشيت ضياع الملك فمكنت الخباز من نفسي فوقع علي فأتيت بك ، فخرج إلى القوم وسألهم : بم علمتم ذلك ؟ فقال مضر : رأيت اللحم فوق الشحم فعلممت أنه غذى بلبن كلبة فذكلك لحوم الكلاب فوق شحومها وقال ربيعة : إن الخمر تحدث أنساً فرأيت من هذه حزناً ، فعلمت أنها اكتسبت من ثرى القبر حزناً ، وقال إياد : علمت أن العاجنة حائض لأني رأيت الخبزة غير مسغسغ باطنها في الثريد بل ظاهرها ، وقال أنمار : رأيتك قدمت لنا الطعام ولم تحضر معنا عليه لغير شاغل فعلمت أن هذه من لؤم الآباء ومن انتسبت إليه كريم لا لئيم فقضيت بذلك عليك ، فقال الافعى : ارحلوا فما أنتم إلا شياطين ، فرجعوا إلى منازلهم ، فلما ضوت الرعاة بإبلهم وتعشوا ، قام مضر يوصى رعاة الإبل وفي يد أنمار عظم يتعرقه فدحى به في ظلمة الليل وهو لا يبصر فأصاب عين أخيه مضر ففقأها وصاح مضر : عيني عيني ، واضعاً يده عليها وتشاغل به أخواه فركب أنمار بعيراً من كرائم الإبل فلحق بديار اليمن وولد له بجيلة وخثعم ، فكان هذا هو السبب لسكناه اليمن وتدير بنيه إياها والمنشأ للاختلاف في نسبة أنمار وإدخاله في نسب اليمن والصحيح ما ذكر .
ثم ولد لمضر ابنان : إلياس وقيس غيلان بالمعجمة وقيل : بالمهملة ، وقيل : إن قيساً ابن إلياس لا أخ له .
وفي اشتقاق إلياس أقوال :
منها : أنه من الألس ، وهو اختلاط العقل
منها : أنه من الألس وهو الخديعة .
وثالثها : وهو الأرجح : أنه من قولهم رجل أليس : إذا كان شجاعاً لا يفتر ، قال العجاج : ( من الرجز) .
أليس عن حوبائه سخى
وإلياس عمود النسب المحمدي ، ثم تزوج بخندف واسمها ليلى أو سلمى بنت حلوان بن إلحاف بن قضاعة فولد له منها ثلاثة أولاد : عمرو وعامر وعمير فنشئوا وشبوا في حياة والديهم ، فاعترضت ذات يوم أرنب في إبل إلياس فنفرت ، فخرج عمرو وعامر وأبوهما إلياس ، فأدرك عمرو الإبل فردها فلقب مدركة ، ولحق عامر الأرنب فذبحها وطبخها فلقب طابخة ، وأما عمير فلم يخرج من البيت وانقمع فيه – أي : أقام فلقب قمعة : فلما أقبل هو وابناه عمرو وعامر إذا بأمهما سلمى تمشي فقال لها : إلى أين تخندفين ؟ فقالت : مازلت أخندف في أثركم ، فلقبت خندفاً ثم أطلقوا هذا اللفظ على القبيلة كما هو المعتاد في إطلاق اسم جد القبيلة عليها نفسها .
المرجع
سبط النجوم العوالي
في أنباء الأوائل والتوالي
تأليف : عبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي العاصمي المكي
مع تحيات الأستاذ / مطر الثبيتي
وبه نستعين .. رب يسر يا كريم
قصة أبناء نزار مع الأفعى الجرهمي
صاحب نجران
ولد نزار أربعة : مضر وهو عمود النسب المحمدي ، وربيعه ، وإياد ، وانمار ، ومضر هو أول من سن للعرب حداء الإبل وكان أحسن الناس صوتاً وفي الحديث : (لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مؤمنين) ذكره الزبير بن أبي بكر قال صاحب تاريخ الخميس : توفى نزار عن بنيه الأربعة ، وهم : مضر ، وربيعة ، وإياد ، وأنمار ، تخالفوا في قسمة مخلفه وكان قد قال لهم : إن اختلفتم في ذلك فعليكم بالأفعى الجرهمي وكان بنجران فذهبوا إليه وكان ذا رأي وحنكة فلما كانوا بأثناء الطريق إذا هم بأثر بعير ، فقال مضر : هذا البعير أزور ، وقال ربيعة : وأعور ، وقال إياد : وأبتر ، وقال أنمار : وشرود . ثم ساروا فوجدوا صاحب البعير يطلبه في الشعاب والدحال ، فقالوا له : بعيرك أزور؟ فقال : نعم ، قالوا : فأبتر ؟ فقال : نعم ، قالوا : وأعور ؟ قال : نعم ، قالوا : وشرود ؟ قال: نعم ، فلم يشك الرجل أنهم غرماؤه ، فلازمهم إلى أن وصلوا إلى الأفعى الجهرمي ، فقال صاحب البعير : لا أدعك أيها الشيخ أو تحكم بيني وبين هؤلاء اللصوص : ذهب بعير لي فالتمسته فإذا وصفه عند هؤلاء الرجال فهم الفعلة ، فسألهم الأفعى عن البعير ، فأقسموا أنهم لم يروا البعير ، ولا علم لهم به وإنما قلنا ماقلناه بالذكاء والفطنة ، فقال مضر: أما انا فرأيت إحدى يديه ثابتة الوطأة صحيحة الأثر ورأيت الأخرى غير ثابته الوطأة فاسدة الأسر فعلمت أنه أزور لإعتماده على إحدى يديه بشدة فأثرت في الأرض تأثيراً ظاهراً والأخرى بخلافها ، وقال ربيعة : علمت أنه أعور لأني رأيت رعيه في الفلاة لجهة واحدة ، وقال إياد : رأيت مبركه فنظرت إلى روثه مجتمعاً تحت المخرج فعلمت أنه أبتر ولو كان ذيالاً لمصع به يمنة ويسرة ، وقال أنمار : رأيته بينما هو في قطعه مخصبة إذ تركها وتجاوزها إلى قطعة أخرى دونها فعلمت أنه شرود يذكر الطلب فيدع المرعى الخصيب حذاراً ، فقال الأفعى للرجل : التمس بعيرك فليسوا بأصحابه ثم ذكروا للأفعى مخلف أبيهم نزار وأخبروه بأمره إياهم بالرضا بقسمته بينهم فقال : القبة الحمراء وما أشبهها فهو لمضر ، فقيل لأولاده (مضر الحمراء) ، والفرس الخضراء وما أشبهها من سلاح وأثاث فهو لربيعة فقيل : (ربيعة الفرس) ، والناقة الصفراء وما أشبهها من البقر والغنم لإياد ، فقيل لأولاده ( إياد النعم) وما فضل من نقد وأثاث وسلاح لأنمار ، فقيل لأولاده : (أنمار الفضل) وكان الأفعى قد أضافهم ثلاثة أيام ، ذبح لهم الذبائح وسقاهم الخمر وقد دس إليهم من يوصل إليه خبرهم غير عالمين به فمما سمع منهم قول مضر : ما رأيت كاليوم لحماً قط إلا أنه غذى بلبن كلبة ، وقال ربيعة ما رأيت كاليوم خمراً قط إلا أن كرمتها نبتت على قبر ، وقال إياد : ما رأيت كاليوم خبزاً قط ، إلا أنه التي عجنته حائض وقال أنمار : ما رأيت كاليوم رجلاً سرياً قط لولا أنه ينسب إلي غير أبيه ، فذهب الرجل إليه فأخبره بقولهم فكلم خدمه عن الشاة التي ذبحوها لهم فقالوا : كانت تدجن عندنا فولدت كلبة لنا فأرضعت هذه الشاة منها ، فجاءت أسمن الغنم فاخترناها لفرط سمنها ثم سأل العاجنة فوجدها حائضاً ثم دخل على أمه فسألها وتهددها على الجحد وأمنها على الصدق ، فقالت : إن أباك الملك المطاع في قومه لم يرزق ولداً فخشيت ضياع الملك فمكنت الخباز من نفسي فوقع علي فأتيت بك ، فخرج إلى القوم وسألهم : بم علمتم ذلك ؟ فقال مضر : رأيت اللحم فوق الشحم فعلممت أنه غذى بلبن كلبة فذكلك لحوم الكلاب فوق شحومها وقال ربيعة : إن الخمر تحدث أنساً فرأيت من هذه حزناً ، فعلمت أنها اكتسبت من ثرى القبر حزناً ، وقال إياد : علمت أن العاجنة حائض لأني رأيت الخبزة غير مسغسغ باطنها في الثريد بل ظاهرها ، وقال أنمار : رأيتك قدمت لنا الطعام ولم تحضر معنا عليه لغير شاغل فعلمت أن هذه من لؤم الآباء ومن انتسبت إليه كريم لا لئيم فقضيت بذلك عليك ، فقال الافعى : ارحلوا فما أنتم إلا شياطين ، فرجعوا إلى منازلهم ، فلما ضوت الرعاة بإبلهم وتعشوا ، قام مضر يوصى رعاة الإبل وفي يد أنمار عظم يتعرقه فدحى به في ظلمة الليل وهو لا يبصر فأصاب عين أخيه مضر ففقأها وصاح مضر : عيني عيني ، واضعاً يده عليها وتشاغل به أخواه فركب أنمار بعيراً من كرائم الإبل فلحق بديار اليمن وولد له بجيلة وخثعم ، فكان هذا هو السبب لسكناه اليمن وتدير بنيه إياها والمنشأ للاختلاف في نسبة أنمار وإدخاله في نسب اليمن والصحيح ما ذكر .
ثم ولد لمضر ابنان : إلياس وقيس غيلان بالمعجمة وقيل : بالمهملة ، وقيل : إن قيساً ابن إلياس لا أخ له .
وفي اشتقاق إلياس أقوال :
منها : أنه من الألس ، وهو اختلاط العقل
منها : أنه من الألس وهو الخديعة .
وثالثها : وهو الأرجح : أنه من قولهم رجل أليس : إذا كان شجاعاً لا يفتر ، قال العجاج : ( من الرجز) .
أليس عن حوبائه سخى
وإلياس عمود النسب المحمدي ، ثم تزوج بخندف واسمها ليلى أو سلمى بنت حلوان بن إلحاف بن قضاعة فولد له منها ثلاثة أولاد : عمرو وعامر وعمير فنشئوا وشبوا في حياة والديهم ، فاعترضت ذات يوم أرنب في إبل إلياس فنفرت ، فخرج عمرو وعامر وأبوهما إلياس ، فأدرك عمرو الإبل فردها فلقب مدركة ، ولحق عامر الأرنب فذبحها وطبخها فلقب طابخة ، وأما عمير فلم يخرج من البيت وانقمع فيه – أي : أقام فلقب قمعة : فلما أقبل هو وابناه عمرو وعامر إذا بأمهما سلمى تمشي فقال لها : إلى أين تخندفين ؟ فقالت : مازلت أخندف في أثركم ، فلقبت خندفاً ثم أطلقوا هذا اللفظ على القبيلة كما هو المعتاد في إطلاق اسم جد القبيلة عليها نفسها .
المرجع
سبط النجوم العوالي
في أنباء الأوائل والتوالي
تأليف : عبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي العاصمي المكي
مع تحيات الأستاذ / مطر الثبيتي