مطرالثبيتي
12-18-2013, 05:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يـــــــــــــوم الكــــديــــد
خرج دريد بن الصمة في فوارس بني جشم ، يريد الغارة على بني كنانة فلما كان بواد لبني كنانة رفع له رجل من ناحية الوادي ومعه ظعينة ، فلما نظر إليه قال لفارس من أصحابه : صح به أن خل عن الظعينة وأنج بنفسك ، وهو لا يعرفه – فانتهي إليه الرجل وألح عليه ، فلما أبى ألقى زمام الراحلة وقال للظعينة :
سيري على رسلك سير الآمن x سير رداح ذات جأش ساكن
إن انثنائي دون قرني شائني x أبلي بلائي وأخبري وعايني
ثم حمل على الفارس فصرعه ، وأخذ فرسه فأعطاه الظعينة .
فبعث دريد فارساً آخر لينظر ما صنع صاحبه ، فرآه صريعاً ، فصاح به ، فتصام عنه ، فظن أنه لم يسمع فغشيه ، وألقى زمام الراحلة إلى الظعينة ، ثم حمل على الفارس فصرعه وهو يقول :
خل سبيل الحرة المنيعة x إنك لاق دونها ربيعة
في كفه خطية مطيعه x أولا فخذها طعنة سريعة
فالطعن مني في الوغي شريعه
ثم حمل عليه فصرعه ، فلما أبطأ على دريد بعث فارساً آخر لينظر ما صنعا ، فانتهي إليهما ، فرآهـما صريعين ، ونظر إليه يقود ظعينته ، ويجر رمحه ، فقال له الفارس : خل عن الظعينة فقال لها ربيعة : اقصدي قصد البيوت ، ثم أقبل عليه فقال :
ماذا تريد من شتيم عابس x ألم تر الفارس بعد الفارس
أرداهـما عامل رمح يابس
ثم طعنه فصرعه ، فانكسر رمحه ، ولما أبطأ عن دريد ارتاب ، وظن أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل ، فلحق بهم فوجد ربيعة بن مكدم لا رمح معه ، وقد دنا من الحي ، ووجد أصحابه قد قتلوا ، فقال له دريد : أيها الفارس إن مثلك لا يقتل ، وإن الخيل ثائرة بأصحابها ، ولا أرى معك رمحاً ، وأراك حديث السن فدونك هذا الرمح ، فإني راجع إلى أصحابي فمثبطهم عنك .
وأتى دريد أصحابه ، فقال : إن فارس الظعينة قد حماها ، وقتل فرسانكم ، وانتزع رمحي ، ولا طمع لكم فيه ، فانصرف القوم وقال دريد :
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله x حامي الظعينة فارساً لم يقتل
أردى فوارس لم يكونوا نهزة x قم استمر كانه لم يفعل
متهللاً تبدو أسرة وجهه x مثل الحسام جلته أيدي الصيقل
يزجي ظعينته ويسحب رمحه x متوجهاً يمناه نحو المنزل
وترى الفوارس من مخافة رمحه x مثل البغاث خشين وقع الأجدل
يا ليت شعري من أبوه وأمه ؟ x يا صاح من يك مثله لم يجهل
وقال ربيعة :
إن كان ينفعك اليقين فسائلي x عني الظعينة يوم وادي الأخرم
إذا هي لأول من أتاها نهبة x لولا طعان ربيعة بن مكدم
إذ قال لي أدنى الفوارس ميتة x خل الظعينة طائعاً لا تندم
فصرف راحلة الظعينة نحوه x عمداً ليعلم بعض ما لم يعلم
وهتكت بالرمح الطويل إهابه x فهوى صريعاً لليدين وللفم
ومنحت آخر بعده جياشة x نجلاء فاغرة كشدق الأضجم
ولقد شفعتهما بآخر ثالث x وأبى الفرار لي الغداة تكرمي
وقام نزاع بين نفر من بني سليم ، ونفر من بني فراس بن مالك بن كنانة فقتلت بنو فراس رجلين من بني سليم ، ثم إنهم ودوهـما ، ثم ضرب الدهر ضربه ، وخرج نبيشة بن حبيب السلمي غازياً ، فلقى ظعناً من بني كنانة بالكديد ، ومعهم قومهم من بني فراس بن مالك بن كنانة ، وفيهم عبد الله بن جذل الطعان والحارث بن مكدم ، وأخوه ربيعة بن مكدم ، فلما رآهم الحارث قال : هؤلاء بنو سليم يطلبون دماءهم ، فقال أخوه ربيعة : أنا أذهب حتى أعلم علم القوم ، فآتيكم بخبرهم ، وتوجه نحوهم .
فلما ولى قال بعض الظعن : هرب ربيعة ! فقالت أخته عزة بنت مكدم : أين تنتهي ترة الفتى ؟ فعطف وقد سمع قول النساء فقال :
لقد علمن أنني غير فرق x لأطعنن طعنة وأعتنق
أصبحهم صاح بمحمر الحدق x عضبا حساماً سنانا يأتلق
ثم أنطلق يعدو به فرسه ، فحمل عليه بعض القوم فاستطرد له في طريق الظعن حتى قتله ، وتبعه نبيشة ثم رماه فلحق بالظعن يستدمي ، حتى انتهى إلى أمه أم سنان فقال: أجعلي على يدي عصابة وهو يرتجز :
شدي على العصب أم سيار x فقد رزيت فارساً كالدينار
يطعن بالرمح أمام الأدبار
فقالت أمه :
إنا بنو ثعلبة بن مالك x مرور أخبار لنا كذلك
من بين مقتول وبين هالك x ولا يكون الرزء إلا كذلك
وشدت عليه عصابة فاستسقاها ماء ، فقالت : إن شربت الماء مت ، فكر راجعاً على القوم ، ينزفه الدم ، حتى أثخن ، فقال للظعن : أوضعن ركابكن حتى ينتهين إلى أدنى البيوت من الحي ، فإني لما بي سوف أقف دونكن لهم على العقبة ، فأعتمد على رمحي فلا يقدمون عليكن لمكاني ، ففعلن ذلك
قال أبو عبيدة : وإنه يومئذ غلام له ذؤابة ، فاعتمد على رمحه وهو واقف لهن على متن فرسه حتى بلغن مأمنهن ، وما يقدم القوم عليه .
ورآه نبيشة بن حبيب فقال : إنه لمائل العنق ، وما أظنه إلا قد مات ، وأمر رجلاً من خزاعة كان معه أن يرمي فرسه ، فرماها فقمصت ، فمال عنها ميتاً .
ثم لحقوا الحارث بن مكدم فقتلوه ، وألقوا على ربيعة أحجاراً فمر به رجل من بني الحارث بن فهر ، فنفرت ناقته من تلك الأحجار التي أهيلت على ربيعة ، فقال يرثيه ، ويعتذر ألا يكون عقر ناثته على قبره ، وحض على قتلته ، وعير من فر وأسلمه من قومه :
نفرت قلوصي من حجارة حرة x بنيت على طلق اليدين وهوب
لا تنفري يا ناق منه فإنه x سباء خمر مسعر لحروب
لولا السفار وبعد خرق مهمه x لتركتها تحبو على العرقوب
فر الفوارس عن ربيعة بعد ما x نجاهم من غمرة المكروب
لا يبعدن ربيعة بن مكدم x وسقى الغوادي قبره بذنوب
وقالت أخته ترثيه :
ما بال عينك منها الدمع مهراق x سحاً فلا عـــــــــازب لا ولا راق
أبكق على هالك أودى فأورثني x بعد التفرق حزنـــاً حره بــــاق
لو كان يرجع ميتاً وجد ذي رحم x أبقى أخي سالماً وجدي وإشفاقي
أو كان يفدى لكان الأهل كلهم x وما أثمر من مال له واقي
لكن سهام المنايا من نصبن له x لم يغنه طب ذي طب ولا راقي
فاذهب فلا يبعدنك الله من رجل x لاقى الذي كل حي مثله لاقي
فسوف أبكيك ما ناحت مطوقة x وما سريت مع الساري على ساق
أبكي لذكرته عبرى مفجعة x ما إن يجف لها من ذكرة ماقي
ثم لم يلبث بعد ذلك بنو مالك بن كنانة رهط ربيعة أن أغاروا على بني جشم رهط دريد ، ففتكوا وأسروا وغنموا ، وأسروا دريد بن الصمة ، فأخفى نسبه .
وبينما هو عندهم إذ جاء نسوة يتهادين إليه ، فصرخت امرأة منهم فقالت : هلكتم وأهلكتم ، ماذا جر علينا قومنا ؟هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة ، ثم ألقت عليه ثوبها وقالت : يال فراس ، أنا جارة له منكم ، هذا صاحبنا يوم الوادي ، فسألوه من هو ؟ فقال : أنا دريد بن الصمة ! فمن صاحبي ؟ قالوا: ربيعة بن مكدم ؟ ، قال : فما فعل ؟ قالوا : قتلته بنو سليم ، قال : فمن الظعينة التي كانت معه ؟ قالت المرأة : ريطة بنت جذل ، وأنا هي ، فحبسه الثوم ، وآمروا أنفسهم ، وقالوا : لا ينبغي أن كفر نعمة دريد عندنا ، وقال بعضهم : والله لا يخرج من أيدينا إلا برضا المخارق الذي أسره ، فانبعثت المرأة في الليل فقالت :
سنجزي دريداً عن ربيعة نعمة x وكل فتى يجزي بما كان قدما
فإنه كان خيراً كان خيراً جزاؤه x وإن كان شراً كان شراً مذمماً
سنجزيه نعمى لم تكن بصغيرة x بإعطائه الرمح السديدالمقوما
فقد أدركت كفاه فينا جزاءه x وأهل بأن يجزي الذي كان أنعما
فلا تكفروه حق نعماه فيكم x ولا تركبوا هلك الذي ملأ الفما
فإن كان حياً لم يضق بثوابه x ذراعاً غنياً كان أو كان معدما
ففكوا دريداً من إسار مخارق x ولا تجعلوا البؤسى إلى الشر سلما
فأصبح القوم ، وتعاونوا بينهم وأطلقوه ، وكسته ريطه وجهزته ولحق بقومه ولم يزل كافا عن غزو بني فراس حتى هلك .
المرجع
أيام العرب في الجاهلية
تأليف
محمد أبو الفضل إبراهيم
علي محمد البجاوي
مع تحيات الأستاذ / مطر الثبيتي
والسلام ختام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يـــــــــــــوم الكــــديــــد
خرج دريد بن الصمة في فوارس بني جشم ، يريد الغارة على بني كنانة فلما كان بواد لبني كنانة رفع له رجل من ناحية الوادي ومعه ظعينة ، فلما نظر إليه قال لفارس من أصحابه : صح به أن خل عن الظعينة وأنج بنفسك ، وهو لا يعرفه – فانتهي إليه الرجل وألح عليه ، فلما أبى ألقى زمام الراحلة وقال للظعينة :
سيري على رسلك سير الآمن x سير رداح ذات جأش ساكن
إن انثنائي دون قرني شائني x أبلي بلائي وأخبري وعايني
ثم حمل على الفارس فصرعه ، وأخذ فرسه فأعطاه الظعينة .
فبعث دريد فارساً آخر لينظر ما صنع صاحبه ، فرآه صريعاً ، فصاح به ، فتصام عنه ، فظن أنه لم يسمع فغشيه ، وألقى زمام الراحلة إلى الظعينة ، ثم حمل على الفارس فصرعه وهو يقول :
خل سبيل الحرة المنيعة x إنك لاق دونها ربيعة
في كفه خطية مطيعه x أولا فخذها طعنة سريعة
فالطعن مني في الوغي شريعه
ثم حمل عليه فصرعه ، فلما أبطأ على دريد بعث فارساً آخر لينظر ما صنعا ، فانتهي إليهما ، فرآهـما صريعين ، ونظر إليه يقود ظعينته ، ويجر رمحه ، فقال له الفارس : خل عن الظعينة فقال لها ربيعة : اقصدي قصد البيوت ، ثم أقبل عليه فقال :
ماذا تريد من شتيم عابس x ألم تر الفارس بعد الفارس
أرداهـما عامل رمح يابس
ثم طعنه فصرعه ، فانكسر رمحه ، ولما أبطأ عن دريد ارتاب ، وظن أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل ، فلحق بهم فوجد ربيعة بن مكدم لا رمح معه ، وقد دنا من الحي ، ووجد أصحابه قد قتلوا ، فقال له دريد : أيها الفارس إن مثلك لا يقتل ، وإن الخيل ثائرة بأصحابها ، ولا أرى معك رمحاً ، وأراك حديث السن فدونك هذا الرمح ، فإني راجع إلى أصحابي فمثبطهم عنك .
وأتى دريد أصحابه ، فقال : إن فارس الظعينة قد حماها ، وقتل فرسانكم ، وانتزع رمحي ، ولا طمع لكم فيه ، فانصرف القوم وقال دريد :
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله x حامي الظعينة فارساً لم يقتل
أردى فوارس لم يكونوا نهزة x قم استمر كانه لم يفعل
متهللاً تبدو أسرة وجهه x مثل الحسام جلته أيدي الصيقل
يزجي ظعينته ويسحب رمحه x متوجهاً يمناه نحو المنزل
وترى الفوارس من مخافة رمحه x مثل البغاث خشين وقع الأجدل
يا ليت شعري من أبوه وأمه ؟ x يا صاح من يك مثله لم يجهل
وقال ربيعة :
إن كان ينفعك اليقين فسائلي x عني الظعينة يوم وادي الأخرم
إذا هي لأول من أتاها نهبة x لولا طعان ربيعة بن مكدم
إذ قال لي أدنى الفوارس ميتة x خل الظعينة طائعاً لا تندم
فصرف راحلة الظعينة نحوه x عمداً ليعلم بعض ما لم يعلم
وهتكت بالرمح الطويل إهابه x فهوى صريعاً لليدين وللفم
ومنحت آخر بعده جياشة x نجلاء فاغرة كشدق الأضجم
ولقد شفعتهما بآخر ثالث x وأبى الفرار لي الغداة تكرمي
وقام نزاع بين نفر من بني سليم ، ونفر من بني فراس بن مالك بن كنانة فقتلت بنو فراس رجلين من بني سليم ، ثم إنهم ودوهـما ، ثم ضرب الدهر ضربه ، وخرج نبيشة بن حبيب السلمي غازياً ، فلقى ظعناً من بني كنانة بالكديد ، ومعهم قومهم من بني فراس بن مالك بن كنانة ، وفيهم عبد الله بن جذل الطعان والحارث بن مكدم ، وأخوه ربيعة بن مكدم ، فلما رآهم الحارث قال : هؤلاء بنو سليم يطلبون دماءهم ، فقال أخوه ربيعة : أنا أذهب حتى أعلم علم القوم ، فآتيكم بخبرهم ، وتوجه نحوهم .
فلما ولى قال بعض الظعن : هرب ربيعة ! فقالت أخته عزة بنت مكدم : أين تنتهي ترة الفتى ؟ فعطف وقد سمع قول النساء فقال :
لقد علمن أنني غير فرق x لأطعنن طعنة وأعتنق
أصبحهم صاح بمحمر الحدق x عضبا حساماً سنانا يأتلق
ثم أنطلق يعدو به فرسه ، فحمل عليه بعض القوم فاستطرد له في طريق الظعن حتى قتله ، وتبعه نبيشة ثم رماه فلحق بالظعن يستدمي ، حتى انتهى إلى أمه أم سنان فقال: أجعلي على يدي عصابة وهو يرتجز :
شدي على العصب أم سيار x فقد رزيت فارساً كالدينار
يطعن بالرمح أمام الأدبار
فقالت أمه :
إنا بنو ثعلبة بن مالك x مرور أخبار لنا كذلك
من بين مقتول وبين هالك x ولا يكون الرزء إلا كذلك
وشدت عليه عصابة فاستسقاها ماء ، فقالت : إن شربت الماء مت ، فكر راجعاً على القوم ، ينزفه الدم ، حتى أثخن ، فقال للظعن : أوضعن ركابكن حتى ينتهين إلى أدنى البيوت من الحي ، فإني لما بي سوف أقف دونكن لهم على العقبة ، فأعتمد على رمحي فلا يقدمون عليكن لمكاني ، ففعلن ذلك
قال أبو عبيدة : وإنه يومئذ غلام له ذؤابة ، فاعتمد على رمحه وهو واقف لهن على متن فرسه حتى بلغن مأمنهن ، وما يقدم القوم عليه .
ورآه نبيشة بن حبيب فقال : إنه لمائل العنق ، وما أظنه إلا قد مات ، وأمر رجلاً من خزاعة كان معه أن يرمي فرسه ، فرماها فقمصت ، فمال عنها ميتاً .
ثم لحقوا الحارث بن مكدم فقتلوه ، وألقوا على ربيعة أحجاراً فمر به رجل من بني الحارث بن فهر ، فنفرت ناقته من تلك الأحجار التي أهيلت على ربيعة ، فقال يرثيه ، ويعتذر ألا يكون عقر ناثته على قبره ، وحض على قتلته ، وعير من فر وأسلمه من قومه :
نفرت قلوصي من حجارة حرة x بنيت على طلق اليدين وهوب
لا تنفري يا ناق منه فإنه x سباء خمر مسعر لحروب
لولا السفار وبعد خرق مهمه x لتركتها تحبو على العرقوب
فر الفوارس عن ربيعة بعد ما x نجاهم من غمرة المكروب
لا يبعدن ربيعة بن مكدم x وسقى الغوادي قبره بذنوب
وقالت أخته ترثيه :
ما بال عينك منها الدمع مهراق x سحاً فلا عـــــــــازب لا ولا راق
أبكق على هالك أودى فأورثني x بعد التفرق حزنـــاً حره بــــاق
لو كان يرجع ميتاً وجد ذي رحم x أبقى أخي سالماً وجدي وإشفاقي
أو كان يفدى لكان الأهل كلهم x وما أثمر من مال له واقي
لكن سهام المنايا من نصبن له x لم يغنه طب ذي طب ولا راقي
فاذهب فلا يبعدنك الله من رجل x لاقى الذي كل حي مثله لاقي
فسوف أبكيك ما ناحت مطوقة x وما سريت مع الساري على ساق
أبكي لذكرته عبرى مفجعة x ما إن يجف لها من ذكرة ماقي
ثم لم يلبث بعد ذلك بنو مالك بن كنانة رهط ربيعة أن أغاروا على بني جشم رهط دريد ، ففتكوا وأسروا وغنموا ، وأسروا دريد بن الصمة ، فأخفى نسبه .
وبينما هو عندهم إذ جاء نسوة يتهادين إليه ، فصرخت امرأة منهم فقالت : هلكتم وأهلكتم ، ماذا جر علينا قومنا ؟هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة ، ثم ألقت عليه ثوبها وقالت : يال فراس ، أنا جارة له منكم ، هذا صاحبنا يوم الوادي ، فسألوه من هو ؟ فقال : أنا دريد بن الصمة ! فمن صاحبي ؟ قالوا: ربيعة بن مكدم ؟ ، قال : فما فعل ؟ قالوا : قتلته بنو سليم ، قال : فمن الظعينة التي كانت معه ؟ قالت المرأة : ريطة بنت جذل ، وأنا هي ، فحبسه الثوم ، وآمروا أنفسهم ، وقالوا : لا ينبغي أن كفر نعمة دريد عندنا ، وقال بعضهم : والله لا يخرج من أيدينا إلا برضا المخارق الذي أسره ، فانبعثت المرأة في الليل فقالت :
سنجزي دريداً عن ربيعة نعمة x وكل فتى يجزي بما كان قدما
فإنه كان خيراً كان خيراً جزاؤه x وإن كان شراً كان شراً مذمماً
سنجزيه نعمى لم تكن بصغيرة x بإعطائه الرمح السديدالمقوما
فقد أدركت كفاه فينا جزاءه x وأهل بأن يجزي الذي كان أنعما
فلا تكفروه حق نعماه فيكم x ولا تركبوا هلك الذي ملأ الفما
فإن كان حياً لم يضق بثوابه x ذراعاً غنياً كان أو كان معدما
ففكوا دريداً من إسار مخارق x ولا تجعلوا البؤسى إلى الشر سلما
فأصبح القوم ، وتعاونوا بينهم وأطلقوه ، وكسته ريطه وجهزته ولحق بقومه ولم يزل كافا عن غزو بني فراس حتى هلك .
المرجع
أيام العرب في الجاهلية
تأليف
محمد أبو الفضل إبراهيم
علي محمد البجاوي
مع تحيات الأستاذ / مطر الثبيتي
والسلام ختام