المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقتل عمليق وسببه


مطرالثبيتي
11-23-2013, 04:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مـــقـتل عــمليق وســبـبـه
أخبرني بهذا الشعر والسبب الذي من أجله قيل علي بن سليمان الأخفش عن السكري عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي عن المفضل أن عمليقاً ملك طسم بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام ، وجديس بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام ، وكانت منازلهم في موضع اليمامة .
إحتكام امرأة من جديس وزوجها إليه :
كان في أول مملكته قد تمادى في الظلم والغشم والسيرة بغير الحق ، وأن امرأة من جديس كان يقال لها هزيله ، وكان لها زوج يقال له قرقس ، فطلقها وأراد أخذ ولدها منها ، فخاصمته إلى عمليق ، فقالت : ( يا أيها الملك إني حملته تسعا ، ووضعته دفعاً ، وأرضعته شفعاً ، حتى إذا تمت أوصاله ، ودنا فصاله ، أراد أن يأخذه مني كرها ، ويتركني من بعده ورها ) ، فقال لزوجها : ما حجتك ؟ ، قال : حجتي أيها الملك أني قد أعطيتها المهر كاملاً ، ولم أصب منها طائلاً ، إلا وليداً خاملاً ، فافعل ما كنت فاعلاً . فأمر بالغلام أن ينزع منهما جميعاً ويجعل في غلمانه ، وقال لهزيلة : ابغيه ولداً ولا تنكحي أحداً واجزيه صفداً ، فقالت هزيلة : أما النكاح فإنما يكون بالمهر ، وأما السفاح فأنما يكون بالقهر ، وما لي فيهما من أمر . فلما سمع ذلك عمليق أمر بأن تباع هي وزوجها ، فيعطى زوجها خمس ثمنها وتعطى هزيلة عشر ثمن زوجها ، فأنشأت تقول :
أتينا أخا طسم ليحكم بيننا فأنفذ حكماً في هزيلة ظلماً
لعمري لقد حكمت لا متورعاً ولا كنت فيما تبرم الحكم عالما
ندمت ولم أندم وأني بعثرتي وأصبح بعلي في الحكومة نادما
أمر ألا تزوج بكر من جديس حتى يفترعها :
فلما سمع عمليق قولها أمر ألا تزوج بكر من جديس وتهدى إلى زوجها حتى يفترعها هو قبل زوجها ، فلقوا من ذلك بلاء وجهداً وذلاً ، فلم يزل يفعل هذا حتى زوجت الشموس وهي عفيرة بنت عباد أخت الأسود الذي وقع إلى جبل طييء فقتلته طييء وسكنوا الجبل من بعده ، فلما أرادوا حملها إلى زوجها انطلقوا بها إلى عمليق لينالها قبله ، ومعها القيان يتغنين :
ابدي بعمليق وقومي فاركبي وبادري الصبح لأمر معجب
فسوف تلقين الذي لم تطلبي وما لبكر عنده من مهرب
تحريض عفيرة بنت عباد قومها عليه :
فلما أن دخلت عليه افترعها وخلى سبيلها ، فخرجت إلى قومها في دمائها شاقة درعها من قُبُل ومن دبُر والدم يسيل وهي في أقبح منظر ، وهي تقول :

لا أحد أذل من جديس أهكذا يُفعل بالعروس
يرضى بهذا يا لقومي حر أهدى وقد أعطي وسيق المهر
لأخذة الموت كذا لنفسه خير من أن يفعل ذا بعرسه
وقالت تحرض قومها فيما أتي إليها :
أيجمل ما يوتى إلى فتياتكم وأنتم رجال فيكم عدد النمل
وتصبح تمشي في الدماء عفيرة جهاراً وزفت في النساء إلى بعل
ولو أننا كنا رجالاً وكنتم نساء لكنا لا نقر بذا الفعل
فموتوا كراماً أو أميتوا عدوكم ودبوا لنار الحرب بالحطب الجزل
وإلا فخلوا بطنها وتحملوا إلى بلد قفر وموتوا من الهزل
فللبين خير من مقام على أذى وللموت خير من مقام على الذل
وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه فكونوا نساء لا تعاب من الكحل
ودونكم طيب العروس فإنما خلقتم لأثواب العروس وللغسل
فبعداً وسحقاً للذي ليس دافعاً ويختال يمشي بيننا مشية الفحل
ائتمار جديس للغدر به وبقومه :
فلما سمع الأسود أخوها ذلك وكان سيداً مطاعاً قال لقومه : يا معشر جديس ، إن هؤلاء القوم ليسوا بأعز منكم في داركم إلا بما كان من ملك صاحبهم علينا وعليهم ، ولولا عجزنا وإدهاننا ما كان له فضل علينا ، ولو امتنعنا لكان لنا منه النصف ، فأطيعوني فيما آمركم به ، فإنه عز الدهر وذهاب ذل العمر ، واقبلوا رأيي . قال: وقد أحمي جديساً ما سمعوا من قولها فقالوا : نطيعك ولكن القوم أكثر وأحمى وأقوى ، قال فإني أصنع للملك طعاماً ثم أدعوهم له جميعاً ، فإذا جاءوا يرفلون في الحلل ثرنا إلى سيوفنا وهم غارون فأهـمدناهم بها ، قالوا : نفعل . فصنع طعاماً كثيراًُ وخرج به إلى ظهر بلدهم ، ودعا عمليقاً وسأله أن يتغدى عنده هو وأهل بيته ، فأجابه إلى ذلك وخرج إليه مع أهله يرفلون في الحلي والحلل ، حتى إذا أخذوا مجالسهم ودموا أيديهم إلى الطعام ، أخذوا سيوفهم من تحت أقدامهم ، فشد الأسود على عمليق فقتله ، وكل رجل منهم على جليسه حتى أماتوهم ، فلما فرغوا من الأشراف شدوا على السفلة فلم يدعوا منهم أحداً . فقال الأسود في ذلك :
ذوقي ببغيك يا طسم مجللة فقد أتيت لعمري أعجب العجب
إنا أبينا فلم ننفك نقتلهم والبغي هيج منا سورة الغضب
ولن يعود علينا بغيهم أبداً ولن يكونوا كذي أنف ولا ذنب
وإن رعيتهم لنا قربى مؤكدة كنا الأقارب في الأرحام والنسب
غزوة حسان بن تبع لجديس وهروب الأسود وقتل طييء له :
ثم إن بقية طسم لجئوا إلى حسان بن تبع ، فغزا جديساً فقتلها وأخرب بلادها ، فهرب الأسود قاتل عمليق ، فأقام بجبلي طييء قبل نزول طييء إياهـما وكانت طييء تسكن الجرف من أرض اليمن . وهو اليوم محلة مراد وهـمدان ، وكان سيدهم يومئذ أسامة بن لؤي بن الغوث بن طييء ، وكان الوادي مسبعة ، وهم قليل عددهم ، وقد كان ينتابهم بعير في أزمان الخريف ولم يدر أين يذهب ولم يروه إلى قابل ، وكانت الأزد قد خرجت من اليمن أيام العرم ، فاستوحشت طييء لذلك وقالت : قد ظعن إخواننا فصاروا إلى الأرياف ، فلما هـمو بالظعن قالوا لأسامة : إن هذا البعير يأتينا من بلد ريف وخصب ، وإنا لنرى في بعره النوى ، فلو أننا نتعهده عند انصرافه فشخصنا معه لكنا نصيب مكاناً خيراً من مكاننا هذا ، فأجمعوا أمرهم على ذلك . فلما كان الخريف جاء البعير فضرب في إبلهم ، فلما انصرف احتملوا واتبعوه يسيرون بسيره ويبيتون حيث يبيت حتى هبط على الجبلين ، فقال أسامة بن لؤي :
اجعل طريباً كحبيب ينسى لكل قوم مصبح ومـمسى
قال : وطريب اسم الموضع الذي كانوا ينزلون به فهجمت طييء على النخل في الشعاب وعلى مواش كثيرة ، وإذا هم برجل في شعب من تلك الشعاب وهو الأسود بن عباد ، فهالهم ما رأوا من عظم خلقه وتخوفوه ، وقد نزلوا ناحية من الأرض واستبروها هل يرون بها أحداً غيره فلم يروا . فقال اسامة بن لؤي لابن له يقال الغوث : أي بني ، إن قومك قد عرفوا فضلك عليهم في الجلد والبأس والرمي ، فإن كفيتنا هذا الرجل سدت قومك آخر الدهر ، وكنت الذي أنزلتنا هذا البلد . فانطلق الغوث حتى أتى الرجل فكلمه وسأله . فعجب الأسود من صغر خلق الغوث فقال له : من أين أقبلتم ؟ ، قال : من اليمن ، وأخبره خبر البعير ومجيئهم معه ، وأنهم رهبوا ما رأوا من عظم خلقه وصغرهم عنه ، وشغلوه بالكلام فرماه الغوث بسهم فقتله ، وأقامت طييء بالجبلين بعده ، فهم هنالك إلى اليوم .
المرجع / كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني
مع تحيات الأستاذ / مطر بن خلف الثبيتي
والسلام ختام

إبن ثعلي
11-24-2013, 06:42 AM
مشكوريااخ مطر على نقل الموضوع

مطرالثبيتي
11-24-2013, 09:06 AM
مشكوريااخ مطر على نقل الموضوع

الاخ ابن ثعلي حفظك الله
ونحن بدورنا نشكرك الشكر الجزيل على المشاركة