المعالم
03-26-2013, 08:47 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البيان في حكم تهنئة بابا الفاتيكان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
فإن مما رزئت به الأمة في هذه الحقبة، اختلاف الموازين، وانقلاب المفاهيم، ومقارنة العقل بالدين، فما أقرته العقول أخذ بالقبول، وما لا فهو عرضة للناقدين..
فضعف التسليم بالنصوص، وهدمت مسلمات باسم الاستحسان أو المصالح في غير موضعها، وهذا وإن كان في بعضه مندوحة في باب الفروع ونحوها، إلا أن وصول ذلك إلى قطعيات الدين وضرورياته لهو من الرزايا، وإن الرزية كل الرزية ما أطل علينا به (اتحاد علماء المسلمين) من بيان حوى تهنئة الفاتيكان، لترقيه في كفره وشركه، إذ ينص البيان على ما يلي:
تلقى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين البابا فرنسيس الأول بابا الكنيسة الكاثوليكية بارتياح، في وقت يعاني العالم من أزمات عاصفة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، إلى أن قال:
وأمام هذه الحقائق المؤلمة، يرى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما يلي:أولاً : يهنئ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (هيئة رئاسته، وأمانته العامة، ومجلس أمنائه، ومكاتبه ولجانه)، البابا فرنسيس الأول بتقلده هذا المنصب الكبير، ويتمنى له التوفيق في أن يكون دوره المؤثر في ترسيخ التسامح والسلام، والمساهمة في إعادة الأمن والأمان إلى المناطق التي عاث فيها المجرمون والطغاة فساداً وتخويفاً وإرهاباً، وقتلاً وتشريداً، ومساعدة الفقراء والمحرومين والمشردين. انتهى.
إي وربي إنه العجب! عن أي توفيق وارتياح يتحدثون؟! ألمن حاد الله ورسوله يقال ذلك؟!
أيرتاح مسلم موحد لوصول قسيس كافر لمنصب ينشر خلاله كفره؟!
بل -والله- راحة المؤمنين في زوال مثل هؤلاء، وفي ذلهم وصغارهم.
أيبتغون له التوفيق في نشر الكفر والتنصر، أم في السعي على حرب الإسلام وأهله؟!
لن أسطر هنا حديثاً عن كاتب هذا البيان أو موقعيه، ولكن لنعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال، ولنعرض هذا البيان على ما قال الله وقال رسوله في وقفات موجزة:
الوقفة الأولى:
إن مما اتفق العلماء على تحريمه: تهنئة الكفار بمناصبهم الدينية، وأعيادهم الكفرية، وعباداتهم الباطلة؛ لأنه نوع من الركون إليهم والموالاة لهم، قال الله تعالى: ((وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ))[هود:113]، ولم يكن من هدي سلف الأمة تهنئة الكفار بمناصبهم ووظائفهم الدينية؛ لأن هذا المنصب شعيرة من شعائر النصارى، ونوعاً من الديانة التي يتدينون بها: أن ينصبوا لهم قسيساً يقوم برعاية كنائسهم وشئونهم.
فالتهنئة بهذا المنصب إعانة للنصارى على دينهم وكفرهم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا يقدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري، قبح ما فعل).
الوقفة الثانية:
العجب ممن يحتجون على تهنئة الكفار بأعيادهم بعدم ورود دليل المنع، وقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة لسنين، وكان يسكنها اليهود، وكانت لهم أعياد ومناسبات، وترقيات خاصة بهم، فلم نعلم دليلاً واحداً على أن النبي صلى الله عليه وسلم هنأ أحداً من اليهود -لا خبراً ولا غيره- بأعيادهم ومناسباتهم.
الوقفة الثالثة:
دلت السنة الصحيحة على النهي عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام، كما روى مسلم في «صحيحه» (2167) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام»، هذا في آحادهم كيف بكبرائهم.
الوقفة الرابعة:
إذا كان علماء الإسلام ودعاتهم قد أخذ الله عليهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه، فهل تهنئة كبرائهم بدينهم ومناصبهم من بيان الإسلام، وهل يسوغ لمن أراد دعوة ضال أو جاحد أن يهنئه على خطئه أو كفره، بل ويلتمس منه أن يكون سفير سلام، ثم يبين له الحق بعد ذلك أن ما هنئه به كفر يجب العدول عنه والتوبة منه.
الوقفة الخامسة:
أو ما كان الأحرى بعلماء الإسلام ودعاته النأي بالدين وثوابته عن المواقف السياسية المنهزمة أمام الكافرين، فلو كان هناك تنازلات سياسية بين قادة الدول الكافرة وقادة الدول المسلمة، فلا ينبغي أن يحسب ذلك على مواقف العلماء والدعاة، فما بالك بمؤسسة دينية لها وزنها تهنئ بابا النصارى، في وقت يعاني فيه المسلمون ما يعانون من الشعور بالذل والهوان والتبعية؟!
الوقفة السادسة:
أن في هذا البيان إماتة لعقيدة الولاء والبراء والتي عانت الأمة اليوم الويلات من هجرها، حتى وصل الحال ببعض عوام الناس أن لا يستسيغ الأحاديث الصريحة في لعن الكافرين وعداوتهم، ويقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (إن الإنسان لا يستقيم له دين -ولو وحد الله وترك الشرك- إلا بعداوة المشركين، والتصريح بعداوتهم). ا.هـ.
الوقفة السابعة:
هل من العقل والمنطق أن نقابل القتل والتشريد الذي يقوم به الكفار -وعلى رأسهم النصارى- ضد المسلمين في كل بقاع الأرض، بهذه التهاني والتبريكات بالمناصب الكفرية؟
والله المستعان
هذه وقفات كتبتها على عجل عن هذا البيان المشين، وإلى الله المشتكى
وفي الختام:
فإن من الواجب على من كتب هذا البيان التوبة إلى الله تعالى من هذا الأمر، والرجوع إلى الحق، والوجوب على من ينتسب إلى هذا الاتحاد من أهل العلم والغيرة أن يبادروا بالإنكار على ما تضمنه هذا البيان، حتى لا يقع عليهم الإثم في كونهم ينتسبون لهذا الاتحاد، وإن لم يشاركوا أو يوقعوا عليه.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وكتبه/ عبد الله محمد المحيسني
باحث دكتوراه فقه مقارن
المصدر (http://almohisni.com/pages/Vatican.html)
البيان في حكم تهنئة بابا الفاتيكان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
فإن مما رزئت به الأمة في هذه الحقبة، اختلاف الموازين، وانقلاب المفاهيم، ومقارنة العقل بالدين، فما أقرته العقول أخذ بالقبول، وما لا فهو عرضة للناقدين..
فضعف التسليم بالنصوص، وهدمت مسلمات باسم الاستحسان أو المصالح في غير موضعها، وهذا وإن كان في بعضه مندوحة في باب الفروع ونحوها، إلا أن وصول ذلك إلى قطعيات الدين وضرورياته لهو من الرزايا، وإن الرزية كل الرزية ما أطل علينا به (اتحاد علماء المسلمين) من بيان حوى تهنئة الفاتيكان، لترقيه في كفره وشركه، إذ ينص البيان على ما يلي:
تلقى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين البابا فرنسيس الأول بابا الكنيسة الكاثوليكية بارتياح، في وقت يعاني العالم من أزمات عاصفة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، إلى أن قال:
وأمام هذه الحقائق المؤلمة، يرى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما يلي:أولاً : يهنئ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (هيئة رئاسته، وأمانته العامة، ومجلس أمنائه، ومكاتبه ولجانه)، البابا فرنسيس الأول بتقلده هذا المنصب الكبير، ويتمنى له التوفيق في أن يكون دوره المؤثر في ترسيخ التسامح والسلام، والمساهمة في إعادة الأمن والأمان إلى المناطق التي عاث فيها المجرمون والطغاة فساداً وتخويفاً وإرهاباً، وقتلاً وتشريداً، ومساعدة الفقراء والمحرومين والمشردين. انتهى.
إي وربي إنه العجب! عن أي توفيق وارتياح يتحدثون؟! ألمن حاد الله ورسوله يقال ذلك؟!
أيرتاح مسلم موحد لوصول قسيس كافر لمنصب ينشر خلاله كفره؟!
بل -والله- راحة المؤمنين في زوال مثل هؤلاء، وفي ذلهم وصغارهم.
أيبتغون له التوفيق في نشر الكفر والتنصر، أم في السعي على حرب الإسلام وأهله؟!
لن أسطر هنا حديثاً عن كاتب هذا البيان أو موقعيه، ولكن لنعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال، ولنعرض هذا البيان على ما قال الله وقال رسوله في وقفات موجزة:
الوقفة الأولى:
إن مما اتفق العلماء على تحريمه: تهنئة الكفار بمناصبهم الدينية، وأعيادهم الكفرية، وعباداتهم الباطلة؛ لأنه نوع من الركون إليهم والموالاة لهم، قال الله تعالى: ((وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ))[هود:113]، ولم يكن من هدي سلف الأمة تهنئة الكفار بمناصبهم ووظائفهم الدينية؛ لأن هذا المنصب شعيرة من شعائر النصارى، ونوعاً من الديانة التي يتدينون بها: أن ينصبوا لهم قسيساً يقوم برعاية كنائسهم وشئونهم.
فالتهنئة بهذا المنصب إعانة للنصارى على دينهم وكفرهم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا يقدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري، قبح ما فعل).
الوقفة الثانية:
العجب ممن يحتجون على تهنئة الكفار بأعيادهم بعدم ورود دليل المنع، وقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة لسنين، وكان يسكنها اليهود، وكانت لهم أعياد ومناسبات، وترقيات خاصة بهم، فلم نعلم دليلاً واحداً على أن النبي صلى الله عليه وسلم هنأ أحداً من اليهود -لا خبراً ولا غيره- بأعيادهم ومناسباتهم.
الوقفة الثالثة:
دلت السنة الصحيحة على النهي عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام، كما روى مسلم في «صحيحه» (2167) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام»، هذا في آحادهم كيف بكبرائهم.
الوقفة الرابعة:
إذا كان علماء الإسلام ودعاتهم قد أخذ الله عليهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه، فهل تهنئة كبرائهم بدينهم ومناصبهم من بيان الإسلام، وهل يسوغ لمن أراد دعوة ضال أو جاحد أن يهنئه على خطئه أو كفره، بل ويلتمس منه أن يكون سفير سلام، ثم يبين له الحق بعد ذلك أن ما هنئه به كفر يجب العدول عنه والتوبة منه.
الوقفة الخامسة:
أو ما كان الأحرى بعلماء الإسلام ودعاته النأي بالدين وثوابته عن المواقف السياسية المنهزمة أمام الكافرين، فلو كان هناك تنازلات سياسية بين قادة الدول الكافرة وقادة الدول المسلمة، فلا ينبغي أن يحسب ذلك على مواقف العلماء والدعاة، فما بالك بمؤسسة دينية لها وزنها تهنئ بابا النصارى، في وقت يعاني فيه المسلمون ما يعانون من الشعور بالذل والهوان والتبعية؟!
الوقفة السادسة:
أن في هذا البيان إماتة لعقيدة الولاء والبراء والتي عانت الأمة اليوم الويلات من هجرها، حتى وصل الحال ببعض عوام الناس أن لا يستسيغ الأحاديث الصريحة في لعن الكافرين وعداوتهم، ويقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (إن الإنسان لا يستقيم له دين -ولو وحد الله وترك الشرك- إلا بعداوة المشركين، والتصريح بعداوتهم). ا.هـ.
الوقفة السابعة:
هل من العقل والمنطق أن نقابل القتل والتشريد الذي يقوم به الكفار -وعلى رأسهم النصارى- ضد المسلمين في كل بقاع الأرض، بهذه التهاني والتبريكات بالمناصب الكفرية؟
والله المستعان
هذه وقفات كتبتها على عجل عن هذا البيان المشين، وإلى الله المشتكى
وفي الختام:
فإن من الواجب على من كتب هذا البيان التوبة إلى الله تعالى من هذا الأمر، والرجوع إلى الحق، والوجوب على من ينتسب إلى هذا الاتحاد من أهل العلم والغيرة أن يبادروا بالإنكار على ما تضمنه هذا البيان، حتى لا يقع عليهم الإثم في كونهم ينتسبون لهذا الاتحاد، وإن لم يشاركوا أو يوقعوا عليه.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وكتبه/ عبد الله محمد المحيسني
باحث دكتوراه فقه مقارن
المصدر (http://almohisni.com/pages/Vatican.html)