مجاهد
03-09-2012, 01:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغيرة خلق حميد، وخلة جميلة، وصفة جليلة وهى سمة عباد الله الصالحين وجنده المفلحين، الغيرة سياج منيع لحماية المجتمع من التردي في مهاوي الرذيلة والفاحشة والتبرج والسفور والاختلاط المحرم،
الغيرة قوة روحية تحمي المحارم والشرف والعفاف من كل مجرم وغادر، الغيرة مظهر من مظاهر الرجولة الحقة، وهي مؤشر على قوة الإيمان ورسوخه في القلب، نعم..إن أشرف الناس وأعلاهم قدراً وهمة، أشدهم غيرة على نفسه وخاصة وأهله، ومن حُرِم الغيرة حُرِم طهر الحياة، ومن حُرِم طهر الحياة فهو أحط من البهيمة الأنعام، ورحم الله ابن القيم يوم قال: " إذا رحلت الغيرة من القلب ترحلت المحبة بل ترحل الدين كله" [الفوائد].
الغيرة من صفات الله :
1- (يا أمة محمد! إن من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلاً) [رواه البخاري].
2- (ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش.. ) [رواه البخاري].
3- (إن الله - تعالى -يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه) [رواه البخاري].
4- قال سعد بن عبادة - رضي الله عنه -: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) [رواه البخاري]
5- (ليس شيء أغير من الله، من أجل ذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) [رواه البخاري].
6- (المؤمن يغار والله أشد غيرة) [رواه مسلم].
7- غيرته على أوليائه إذا أوذوا (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب) [رواه مسلم].
8- غيرته على كتابه الذي أنزله ليكون نبراسا للأمة.. (يدرس الإسلام حتى لا يدرون ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا تبقى في الأرض منه آية) [رواه أبو داود].
9- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " اتصاف الله - تعالى -بهذه الصفة، والأدلة على ذلك، وأنها صفة كمال، كما رد على من زعم أنها انفعالات نفسية" [الفتاوى 6 / 120].
غيرة المعصوم - صلى الله عليه وسلم -:
1- عن عائشة قالت: دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، قالت: فقال: (انظرن إخوتكن من الرضاعة؛ فإنما الرضاعة من المجاعة) [رواه البخاري].
2- عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: كان الفضل بن عباس - رضي الله عنه - رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر [رواه مسلم].
3- غيرته على محارم الله، تقول عائشة - رضي الله عنها -: " وما انتقم رسول الله لنفسه إلا أن تنتهك حرمات الله فينتقم لله بها " [رواه مسلم].
4- غيرته على أهله المباركين، ذكرت إحدى أزواجه - صلى الله عليه وسلم - امرأة بنقص فيها، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته) [رواه أبو داود].
الغيرة في البيت النبوي:
1- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما رأيت صانعاً طعاماً مثل صفية، صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاماً فبعثت به، فأخذني أَفْكَلُ - أي أصابتها رعدة بسبب الغيرة الشديدة - فكسرْت الإناء، فقلت: يا رسول الله، ما كفارة ما صنعت؟ قال: (إناء مثل إناء وطعام مثل طعام) [رواه النسائي].
2- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: استأذنت هالة بنت خويلد، أخت خديجة، على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرف استئذان خديجة - شبه صوتها فتذكر خديجة - فارتاح لذلك - هشّ لمجيئها وهذا من وفائه وحسن عهده لخديجة - فقال: اللهم! هالة بنت خويلد، فغرت فقلت: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، فأبدلك الله خيراً منها.. [رواه البخاري].
3- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله - عز وجل -: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت} قالت: قلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك، أي يخفف عنك ويوسع عليك في الأمور. [رواه البخاري].
أنواع الغيرة:
1- غيرة محمودة، وهي الغيرة التي يحبها الله ورسوله، كالغيرة على محارم الله، وغيرة المسلم على أهله ومحارمه فيغضب إذا انتُهِكت المحارم واقتُرِفت الآثام وتُعدِّيت الحدود، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فالغيرة المحبوبة هي ما وافقت غيرة الله - تعالى -وهذه الغيرة هي أن تنتهك محارم الله وهي أن تؤتى الفواحش الباطنة والظاهرة " [الاستقامة ج: 2، ص: 7].
2- غيرة مذمومة، والتي يكون سببها التنافس والحسد على أغراض شخصية وأمور دنيوية، كالغيرة والتنافس من أهل النعم وأصحاب المهن، والغيرة في مباح لا ريبة فيه، فهي مما لا يحبه الله بل ينهى عنه إذا كان فيه ترك ما أمر الله غير الريبة فلا تكثر الغيرة على أهلك ولم تر منها سوءً، فتُرمى بالشر من أجلك وإن كانت منه بريئة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (وأما الغيرة التي يبغض الله - عز وجل - فالغيرة في غير ريبة) [رواه النسائي].
الغيرة عند البشر:
1- قوم لا يغارون على حرمات الله بحال من الأحوال، كال**************** والقواد وأهل الاباحة الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق، ويجعل ذلك سبيله وسلوكه وطريقه.. {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء.. }.
2- قوم يغارون على ما محارم الله، وعلى ما أمر به مما هو من نوع الحب والكره، ويجعلون ذلك غيرة، فيكره أحدهم من غيره أموراً يحبها الله ورسوله، ومنهم من جعل ذلك طريقاً وديناً ويجعلون الحسد والصد عن سبيل الله وبغض ما أحبه الله ورسوله غيرة.
3- قوم يغارون على ما أمر الله به دون ما حرمه، فتراهم في الفواحش لا يبغضونها ولا يكرهونها، بل يبغضون الصلوات والعبادات، كما قال - تعالى -فيهم: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً}.
4- قوم يغارون مما يكرهه الله ويحبون ما يحبه الله، وهؤلاء هم أهل الإيمان [بتصرف من الاستقامة لابن تيمية ج: 2 ص: 7].
هل هذا من الغيرة؟
1- من يُقرّ الخبث في أهله بمتاجرة الأعراض، والإقرار بذلك بفعل ألوان الفاحشة.. (ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، وال**************** الذي يقر في أهله الخبث) [رواه أحمد].
2- السفر إلى بلاد العهر والفجور؛ لإشاعة الفاحشة، ونشر بواعثها ومثيراتها، والتخلي عن الحجاب الشرعي، ونبذه وراء الظهور.
3- إدخال ما يثير مكامن الشهوة ويخمر العقل ويفسد الروح من آلات وأجهزة وفضائيات تحرف الشباب وتثير الفتيات وتفسد ذوات الخدور.
4- خروج النساء سافرات متبرجات متعطرات متخلعات إلى الأسواق والمنتديات والطرقات وعروض الزينة، ومخالطتهن بالرجال الأجانب.
5- تجول النساء والفتيات في السيارات مع السائق الأجنبي بدون محرم، مع إبداء الإشارات بالنظرات والغمزات والضحكات مما يخلّ بالغيرة والحياء.
6- استقطاب الأسر المترفة الخدم والسائقين واختلاطهم بربات البيوت، وكذا الخادمات بأبناء المسلمين مع تمكنهم بالخلوة المحرمة وإغضاء الطرف عنهم وعدم الرقيب.
7- دخول الزوجة على شقيق الزوج، ومباشرته ومقابلته ومحادثته والسلام عليه وقضاء الساعات الطوال معه.
8- تساهل بعض الرجال وأولياء الأمور مما يحدث لنسائه وبناته في داره من الألبسة المحرمة، من بنطال وعباءة على الكتف وغطاء الرأس الفاضح.. أضف إلى ذلك انتشار تلك الألبسة في أوساط النساء، والتجمّل بها في الأعراس والأعياد والمناسبات والتجمعات العائلية.
9- اشتراط بعض النساء أن لا يكشف عليهن حال مرضهن أو الذهاب بهن إلى المستشفى إلا رجل طبيب وكذا العكس لدا الرجال.
10- ظاهرة انتشار محلات التصوير النسائية لالتقاط الصور التذكارية في أجمل حلة وأبها زينة، وتوزيعها والتفاخر بها بين الأقارب والأصحاب مما يجر النكبات والويلات.
11- ظاهرة التصوير في الأعراس بأنواع التصوير المباشر وغير المباشر، وأخذ الصور للعريس والعروس، أو الجمع بينهما في الصورة الواحدة.
12- اللقاءات الفاضحة من المغنين والمغنيات، والماجنين والماجنات، في الفضائيات مع وجود الاتصال المباشر من المعجبين والمعجبات، التي لا تخلو من الخضوع بالقول والميوعة وإثارة الشهوات.
13- نشر الأغاني الساقطة، والأفلام الآثمة، والقصص الداعرة، والملابس الخالعة في شتى مجالات الاتصال من مسموع ومقروء ومشاهد على الشواطئ والمتنزهات والأسواق والطرقات.
14- جرأة بعض الأقلام الساقطة، والأفلام الهابطة؛ لتمزيق حجاب العفة والكرامة.
أسباب ضعف الغيرة :
1- حب المعاصي، فكلما هاجت أمواج المعصية خبت نار الغيرة في القلب، قال ابن القيم: " فصل: ومن عقوباتها - أي المعاصي - أنها تطفيء من القلب نار الغيرة، التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن؛ فإن الغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة كمال يخرج الكير خبث الذهب والفضة والحديد" [الجواب الكافي جـ: 1ص: 43].
2- الانخداع بالحضارة الغربية، فقد أملى الشيطان لكثيرٍ من خلق الله أنه لا حضارة ولا تقدم إلا بنقل أنماط الحياة الغربية على كافة المجالات إلى المجتمعات الإسلامية.
3- تسلط الزوجة وانهيار مبدأ قوامة الرجل المنزل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا لما اطلع على مراودتها - أي زوج العزيز قال: {يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين}، فلم يعاقبها ولم يفرق بينها وبين يوسف، حتى لا تتمكن من مراودته، وأمر يوسف أن لا يذكر ما جرى لأحد محبة منه لامرأته، ولو كان فيه غيرة لعاقب المرأة.
4- التساهل في قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى ألفت القلوب المنكرات، واستولت عليها الشهوات وحينئذ تلاشت الغيرة عند كثير من الناس إلا ما رحم ربي.
وأخيراً..
فإنَّه بصيانة العرض وكرامته يتجلى صفاء الدين وجمال الإنسانية، وبتدنسه وهوانه ينزل الإنسان إلى أرذل الحيوانات البهيمية، وطريق السلامة لمن يريد السلامة بعد الإيمان بالله ورحمته وعصمته في التمسك بشرعته، ونهج سلوك سنته.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغيرة خلق حميد، وخلة جميلة، وصفة جليلة وهى سمة عباد الله الصالحين وجنده المفلحين، الغيرة سياج منيع لحماية المجتمع من التردي في مهاوي الرذيلة والفاحشة والتبرج والسفور والاختلاط المحرم،
الغيرة قوة روحية تحمي المحارم والشرف والعفاف من كل مجرم وغادر، الغيرة مظهر من مظاهر الرجولة الحقة، وهي مؤشر على قوة الإيمان ورسوخه في القلب، نعم..إن أشرف الناس وأعلاهم قدراً وهمة، أشدهم غيرة على نفسه وخاصة وأهله، ومن حُرِم الغيرة حُرِم طهر الحياة، ومن حُرِم طهر الحياة فهو أحط من البهيمة الأنعام، ورحم الله ابن القيم يوم قال: " إذا رحلت الغيرة من القلب ترحلت المحبة بل ترحل الدين كله" [الفوائد].
الغيرة من صفات الله :
1- (يا أمة محمد! إن من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلاً) [رواه البخاري].
2- (ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش.. ) [رواه البخاري].
3- (إن الله - تعالى -يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه) [رواه البخاري].
4- قال سعد بن عبادة - رضي الله عنه -: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) [رواه البخاري]
5- (ليس شيء أغير من الله، من أجل ذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) [رواه البخاري].
6- (المؤمن يغار والله أشد غيرة) [رواه مسلم].
7- غيرته على أوليائه إذا أوذوا (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب) [رواه مسلم].
8- غيرته على كتابه الذي أنزله ليكون نبراسا للأمة.. (يدرس الإسلام حتى لا يدرون ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا تبقى في الأرض منه آية) [رواه أبو داود].
9- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " اتصاف الله - تعالى -بهذه الصفة، والأدلة على ذلك، وأنها صفة كمال، كما رد على من زعم أنها انفعالات نفسية" [الفتاوى 6 / 120].
غيرة المعصوم - صلى الله عليه وسلم -:
1- عن عائشة قالت: دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، قالت: فقال: (انظرن إخوتكن من الرضاعة؛ فإنما الرضاعة من المجاعة) [رواه البخاري].
2- عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: كان الفضل بن عباس - رضي الله عنه - رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر [رواه مسلم].
3- غيرته على محارم الله، تقول عائشة - رضي الله عنها -: " وما انتقم رسول الله لنفسه إلا أن تنتهك حرمات الله فينتقم لله بها " [رواه مسلم].
4- غيرته على أهله المباركين، ذكرت إحدى أزواجه - صلى الله عليه وسلم - امرأة بنقص فيها، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته) [رواه أبو داود].
الغيرة في البيت النبوي:
1- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما رأيت صانعاً طعاماً مثل صفية، صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاماً فبعثت به، فأخذني أَفْكَلُ - أي أصابتها رعدة بسبب الغيرة الشديدة - فكسرْت الإناء، فقلت: يا رسول الله، ما كفارة ما صنعت؟ قال: (إناء مثل إناء وطعام مثل طعام) [رواه النسائي].
2- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: استأذنت هالة بنت خويلد، أخت خديجة، على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرف استئذان خديجة - شبه صوتها فتذكر خديجة - فارتاح لذلك - هشّ لمجيئها وهذا من وفائه وحسن عهده لخديجة - فقال: اللهم! هالة بنت خويلد، فغرت فقلت: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، فأبدلك الله خيراً منها.. [رواه البخاري].
3- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله - عز وجل -: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت} قالت: قلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك، أي يخفف عنك ويوسع عليك في الأمور. [رواه البخاري].
أنواع الغيرة:
1- غيرة محمودة، وهي الغيرة التي يحبها الله ورسوله، كالغيرة على محارم الله، وغيرة المسلم على أهله ومحارمه فيغضب إذا انتُهِكت المحارم واقتُرِفت الآثام وتُعدِّيت الحدود، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فالغيرة المحبوبة هي ما وافقت غيرة الله - تعالى -وهذه الغيرة هي أن تنتهك محارم الله وهي أن تؤتى الفواحش الباطنة والظاهرة " [الاستقامة ج: 2، ص: 7].
2- غيرة مذمومة، والتي يكون سببها التنافس والحسد على أغراض شخصية وأمور دنيوية، كالغيرة والتنافس من أهل النعم وأصحاب المهن، والغيرة في مباح لا ريبة فيه، فهي مما لا يحبه الله بل ينهى عنه إذا كان فيه ترك ما أمر الله غير الريبة فلا تكثر الغيرة على أهلك ولم تر منها سوءً، فتُرمى بالشر من أجلك وإن كانت منه بريئة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (وأما الغيرة التي يبغض الله - عز وجل - فالغيرة في غير ريبة) [رواه النسائي].
الغيرة عند البشر:
1- قوم لا يغارون على حرمات الله بحال من الأحوال، كال**************** والقواد وأهل الاباحة الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق، ويجعل ذلك سبيله وسلوكه وطريقه.. {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء.. }.
2- قوم يغارون على ما محارم الله، وعلى ما أمر به مما هو من نوع الحب والكره، ويجعلون ذلك غيرة، فيكره أحدهم من غيره أموراً يحبها الله ورسوله، ومنهم من جعل ذلك طريقاً وديناً ويجعلون الحسد والصد عن سبيل الله وبغض ما أحبه الله ورسوله غيرة.
3- قوم يغارون على ما أمر الله به دون ما حرمه، فتراهم في الفواحش لا يبغضونها ولا يكرهونها، بل يبغضون الصلوات والعبادات، كما قال - تعالى -فيهم: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً}.
4- قوم يغارون مما يكرهه الله ويحبون ما يحبه الله، وهؤلاء هم أهل الإيمان [بتصرف من الاستقامة لابن تيمية ج: 2 ص: 7].
هل هذا من الغيرة؟
1- من يُقرّ الخبث في أهله بمتاجرة الأعراض، والإقرار بذلك بفعل ألوان الفاحشة.. (ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، وال**************** الذي يقر في أهله الخبث) [رواه أحمد].
2- السفر إلى بلاد العهر والفجور؛ لإشاعة الفاحشة، ونشر بواعثها ومثيراتها، والتخلي عن الحجاب الشرعي، ونبذه وراء الظهور.
3- إدخال ما يثير مكامن الشهوة ويخمر العقل ويفسد الروح من آلات وأجهزة وفضائيات تحرف الشباب وتثير الفتيات وتفسد ذوات الخدور.
4- خروج النساء سافرات متبرجات متعطرات متخلعات إلى الأسواق والمنتديات والطرقات وعروض الزينة، ومخالطتهن بالرجال الأجانب.
5- تجول النساء والفتيات في السيارات مع السائق الأجنبي بدون محرم، مع إبداء الإشارات بالنظرات والغمزات والضحكات مما يخلّ بالغيرة والحياء.
6- استقطاب الأسر المترفة الخدم والسائقين واختلاطهم بربات البيوت، وكذا الخادمات بأبناء المسلمين مع تمكنهم بالخلوة المحرمة وإغضاء الطرف عنهم وعدم الرقيب.
7- دخول الزوجة على شقيق الزوج، ومباشرته ومقابلته ومحادثته والسلام عليه وقضاء الساعات الطوال معه.
8- تساهل بعض الرجال وأولياء الأمور مما يحدث لنسائه وبناته في داره من الألبسة المحرمة، من بنطال وعباءة على الكتف وغطاء الرأس الفاضح.. أضف إلى ذلك انتشار تلك الألبسة في أوساط النساء، والتجمّل بها في الأعراس والأعياد والمناسبات والتجمعات العائلية.
9- اشتراط بعض النساء أن لا يكشف عليهن حال مرضهن أو الذهاب بهن إلى المستشفى إلا رجل طبيب وكذا العكس لدا الرجال.
10- ظاهرة انتشار محلات التصوير النسائية لالتقاط الصور التذكارية في أجمل حلة وأبها زينة، وتوزيعها والتفاخر بها بين الأقارب والأصحاب مما يجر النكبات والويلات.
11- ظاهرة التصوير في الأعراس بأنواع التصوير المباشر وغير المباشر، وأخذ الصور للعريس والعروس، أو الجمع بينهما في الصورة الواحدة.
12- اللقاءات الفاضحة من المغنين والمغنيات، والماجنين والماجنات، في الفضائيات مع وجود الاتصال المباشر من المعجبين والمعجبات، التي لا تخلو من الخضوع بالقول والميوعة وإثارة الشهوات.
13- نشر الأغاني الساقطة، والأفلام الآثمة، والقصص الداعرة، والملابس الخالعة في شتى مجالات الاتصال من مسموع ومقروء ومشاهد على الشواطئ والمتنزهات والأسواق والطرقات.
14- جرأة بعض الأقلام الساقطة، والأفلام الهابطة؛ لتمزيق حجاب العفة والكرامة.
أسباب ضعف الغيرة :
1- حب المعاصي، فكلما هاجت أمواج المعصية خبت نار الغيرة في القلب، قال ابن القيم: " فصل: ومن عقوباتها - أي المعاصي - أنها تطفيء من القلب نار الغيرة، التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن؛ فإن الغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة كمال يخرج الكير خبث الذهب والفضة والحديد" [الجواب الكافي جـ: 1ص: 43].
2- الانخداع بالحضارة الغربية، فقد أملى الشيطان لكثيرٍ من خلق الله أنه لا حضارة ولا تقدم إلا بنقل أنماط الحياة الغربية على كافة المجالات إلى المجتمعات الإسلامية.
3- تسلط الزوجة وانهيار مبدأ قوامة الرجل المنزل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا لما اطلع على مراودتها - أي زوج العزيز قال: {يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين}، فلم يعاقبها ولم يفرق بينها وبين يوسف، حتى لا تتمكن من مراودته، وأمر يوسف أن لا يذكر ما جرى لأحد محبة منه لامرأته، ولو كان فيه غيرة لعاقب المرأة.
4- التساهل في قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى ألفت القلوب المنكرات، واستولت عليها الشهوات وحينئذ تلاشت الغيرة عند كثير من الناس إلا ما رحم ربي.
وأخيراً..
فإنَّه بصيانة العرض وكرامته يتجلى صفاء الدين وجمال الإنسانية، وبتدنسه وهوانه ينزل الإنسان إلى أرذل الحيوانات البهيمية، وطريق السلامة لمن يريد السلامة بعد الإيمان بالله ورحمته وعصمته في التمسك بشرعته، ونهج سلوك سنته.