مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة أشراط الساعة كاملة
الجوهرة
12-18-2011, 11:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتاب أشراط الساعة
تأليف : يوسف بن عبد الله بن يوسف الوابل
دار النشر : دار ابن الجوزي
هذا الكتاب رسالة علمية تقدَّم بها المؤلف لنيل درجة التخصص الأولى ( الماجستير ) من جامعة أم القرى ، كلية الشريعة ، فرع العقيدة .
وقد منح المؤلف عليها درجة ( الماجستير ) بتقدير ممتاز ، وذلك في شهر محرم سنة 1404 هـ
وقد بدأت في نقل محتوى هذا الكتاب على حلقات خلال ما يقارب خمس إلى ست سنوات ..
واليوم بحمد الله وفضله .. انتهيت من ذلك ..
وسأقوم بجمع ما نقلته من الكتاب في موضوع واحد .. ليكون مرجعا ً لكل من يبحث في موضوع أشراط الساعة
وهذا الكتاب من أوثق الكتب في أشراط الساعة ..
أسأل الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص في العمل .. وأن يتقبله مني .. وأن يكون عملا ً صالحا ً لي ..
http://hetta.com/upimage/book2.JPG
الجوهرة
12-18-2011, 11:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة ٍ عما أرضعت وتضع كل ذات حمل ٍ حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " [ الحج : 1 - 2 ]
وقال تعالى : " فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ً فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم " [ محمد : 18 ]
يشتمل هذا البحث على مقدمة ، وتمهيد ، وبابين ، وخاتمة :
- أما المقدمة ، فتشتمل على أهمية هذا الموضوع ، وخطته .
- وأما التمهيد فيشتمل على عدة مباحث :
المبحث الأول : أهمية الإيمان باليوم الآخر وأثر ذلك على سلوك الإنسان
وقد تحدث فيه الكاتب عن أهمية الإيمان باليوم الآخر ، وأثر ذلك على سلوك الفرد والمجتمع .
المبحث الثاني : أسماء يوم القيامة
ذكر فيه الكاتب أن من مظاهر الاهتمام باليوم الآخر - إلى جانب ذكر أشراطه - كثرة ذكره في القرآن بأسماء متنوعة ، وذكر طرفا ً من هذه الأسماء ، مع ذكر الأدلة من القرآن الكريم على ذلك .
المبحث الثالث : حجية خبر الآحاد في العقائد
تحدث فيه عن حجِّيَّة خبر الواحد في أمور العقيدة وغيرها ، وبين فيه أن الحديث إذا صح ، وجب اعتقاد ما جاء فيه
وتأتي أهمية هذا المبحث أنه رد على الذين لا يأخذون بخبر الواحد في أمور العقيدة ، وبين أن قولهم هذا يستلزم رد مئات الأحاديث الصحيحة ، وأنه قول مبتدع في الدين ، ليس عليه دليل ولا برهان .
المبحث الرابع : إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيوب المستقبلة
بين فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أمته عما كان وما يكون إلى قيام الساعة ، ومن ذلك أشراط الساعة التي نالت من ذلك النصيب الأوفر ، ولذلك جاءت أحاديث أشراط الساعة كثيرة جدا ً ، ورويت بألفاظ مختلفة .
المبحث الخامس : علم الساعة
تحدث فيه عن علم قيام الساعة ، وبين فيه أن علمها مما استأثر الله تعالى به ، وذكر الأدلة على ذلك ، ثم رد على من قال بأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم وقتها ، وكذلك من قال بتحديد عمر الدنيا ، وبين أن هذا القول مصادم للقرآن والسنة ، وذكر طائفة من أقوال العلماء في الرد على مثل هذه الأقوال .
المبحث السادس : قرب قيام الساعة
تحدث فيه عن قرب قيام الساعة ، وأنه لم يبق من الدنيا إلا القليل بالنسبة إلى ما مضى من عمرها .
وأما الباب الأول ، فيشتمل على ثلاثة فصول :
الفصل الأول : تحدث فيه عن تعريف معنى الشرط في اللغة والاصطلاح ، وكذلك معنى الساعة في اللغة والاصطلاح الشرعي ، وبين فيه أن الساعة جاءت على ثلاث معان :
1- الساعة الصغرى
2- الساعة الوسطى
3- الساعة الكبرى
الفصل الثاني : تحدث فيه عن أقسام أشراط الساعة ، وأنها تنقسم إلى قسمين :
1- أشراط صغرى .
2- أشراط كبرى .
وعرف كل قسم ، وذكر أن بعض العلماء قسّمها من حيث ظهورها إلى ثلاثة أقسام :
1- قسم ظهر وانتهى .
2- قسم ظهر ولا زال يكثر ويتتابع .
3- قسم لم يظهر إلى الآن .
الفصل الثالث : تحدث فيه عن أشراط الساعة الصغرى .
أما الباب الثاني ، فالحديث فيه عن أشراط الساعة الكبرى ، ويشتمل على تمهيد وتسعة فصول :
والتمهيد : يشتمل على مبحثين :
الأول : ترتيب أشراط الساعة الكبرى .
الثاني : تتابع أشراط الساعة الكبرى .
وأما الفصول ، فهي :
الفصل الأول : تحدثت فيه عن ظهور المهدي .
الفصل الثاني : فتحدث فيه عن المسيح الدجال .
الفصل الثالث : فكان الحديث فيه عن نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان ، إماما ً مقسطا ً ، وحكما ً عادلا ً .
الفصل الرابع : فهو عن ظهور يأجوج ومأجوج .
الفصل الخامس : فكان عن الخسوفات الثلاثة .
الفصل السادس : فكان الحديث فيه عن الدخان .
الفصل السابع : تحدث فيه عن طلوع الشمس من مغربها .
الفصل الثامن : تكلم فيه عن خروج دابة الأرض .
الفصل التاسع : عن ظهور النار التي تحشر الناس .
الخاتمة : ذكر فيها أهم النتائج التي توصل إليها
الجوهرة
12-18-2011, 11:15 PM
الإيمان بأشراط الساعة
لما كان من سنة الله تعالى أن لكل نبأ مستقرا ، ولكل أجل كتاب .. كان من جملة ذلكـ هذه الدنيا التي نعيش فيها
فهي صائرة إلى فناء وزوال .. "كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ " [ القصص : 88 ]
" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ " [ الرحمن : 26 ، 27 ]
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى : ( يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون ، وكذلكـ أهل السموات إلا من شاء ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم . فإن الرب تعالى وتقدس لا يموت بل هو الحي الذي لا يموت أبداً )
ولما كانت هذه الدنيا دار فناء إلى دار بقاء ، كان من حكمة الله تعالى أنه استأثر بيوم فناء الدنيا وزوالها
وأخفى ذلكـ عن جميع خلقه بل وعن أعلم خلقه به وأكرمهم عليه .
قال تعالى : " يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا " [ الأحزاب : 63 ]
وقال تعالى : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " [ الأعراف : 187 ]
وقال تعالى : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا " [ النازعات : 42 ، 44 ]
قال قتادة : أشياء استأثر الله بهن فلم يطلع عليهن ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً .
" إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ " [ لقمان : 34 ]
ثم قال : فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة
في أي سنة ؟ أو في أي شهر ؟ .. أو ليل ؟ .. أو نهار ؟
لما كان الأمر كذلكـ جاء في السنة المطهرة أشراط كثيرة للساعة
وقد استقرأ العلماء تلكـ الأشراط
واصطلحوا على تقسيمها إلى أشراط صغرى ، وأشراط كبرى .
ومع خفاء علم الساعة عن الخلق إلا أن ما بقي من الدنيا أقل مما مضى منها
كما دل الشرع على ذلكـ : "اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ " [ القمر : 1 ]
" اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ " [ الأنبياء : 1 ]
" أَزِفَتِ الآزِفَةُ " [ النجم : 57 ]
" أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ " [ النحل : 1 ]
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بالسبابة والتي تليها ) متفق عليه .
ولعظيم شأن أمر الساعة وجليل خطرها
كان لها علامات وأشراط تسبق وقوعها
وتنذر بوشيكـ حلولها
"فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ " [محمد : 18 ]
ولقد أخبرنا بتلكـ العلامات نبينا صلى الله عليه وسلم عن ربنا عز وجل
وهذا من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته
" لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " [ التوبة : 128 ]
فعن حذيفة رضي الله عنه قال : ( لقد خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبةً ما تركـ فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره . علمه من علمه ، وجهله من جهله . إن كنت لأرى الشيء قد نسيته أعرفه كما يعرف الرجل الرجل إذا غاب عنه فرآه فعرفه ) أخرجه البخاري .
الجوهرة
12-18-2011, 11:16 PM
اليوم الذي تقوم فيه الساعة
قال عليه الصلاة والسلام : ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط من الجنة وفيه ثيب عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة )
الجوهرة
12-18-2011, 11:17 PM
تنقسم أشراط الساعة إلى قسمين :
1 ـ أشراط صغرى :
وهي التي تتقدم الساعة بأزمان متطاولة ، وتكون من نوع المعتاد ..
كقبض العلم ، وظهور الجهل ، وشرب الخمر ، والتطاول في البنيان ... ونحوها
وقد يظهر بعضها مصاحباً للأشراط الكبرى ، أو بعدها .
2 ـ أشراط كبرى :
وهي الأمور العظام التي تظهر قرب قيام الساعة .. وتكون غير معتادة الوقوع
كظهور الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها
وقسم بعض العلماء أشراط الساعة من حيث ظهورها إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ قسم ظهر وانقضى .
2 ـ قسم ظهر ولا زال يتتابع ويكثر .
3 ـ قسم لم يظهر إلى الآن .
فأما القسمان الأولان ، فهما من أشراط الساعة الصغرى .
وأما القسم الثالث ، فيشتركـ فيه الأشراط الكبرى ، وبعض الأشراط الصغرى .
الجوهرة
12-18-2011, 11:18 PM
أشراط الساعة الصغرى
لم يرد حديث ينص على ترتيبها .. ومما ينبغي أن يُعلم أن كثيراً من أشراط الساعة قد ظهرت مباديها من عهد الصحابة رضي الله عنهم .. وهي في ازدياد .. ثم صارت تكثر في بعض الأماكن دون بعض .. والذي يعقبه قيام الساعة هو استحكام ذلك ..
فيكون مثلاً قبض العلم لا يقابله إلا الجهل الصرف
ولا يمنع من ذلكـ وجود طائفة من أهل العلم
لأنهم يكونون حينئذٍ مغمورين في أهل الجهل .
ومما ينبغي التنبيه عليه أيضاً أن بعض الناس يفهم من كون الشيء من أشراط الساعة أنه محذور وممنوع
وهذه القاعدة غير مُسلَّمة ، فإنه ليس كل ما أخبر صلى الله عليه وسلم بكونه من علامات الساعة يكون محرماً أو مذموماً ..
فإن تطاول الرعاء في البنيان ، وفشو المال ، وكون خمسين امرأة لهن قيم واحد .. ليس بحرام بلا شكـ
وإنما هذه علامات ، والعلامة لا يُشترط فيها بشيء من ذلكـ
بل تكون بالخير والشر ، والمباح ، والمحرم ، والواجب ، وغيره ، والله أعلم .
الجوهرة
12-18-2011, 11:19 PM
بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
أخبر صلى الله عليه وسلم أن بعثته دليل على قرب قيام الساعة ، وأنه نبي الساعة
ففي الحديث عن سهل رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بُعثت أنا والساعة كهاتين ) ويشير بإصبعيه فيمدهما . رواه البخاري
وعن أنس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بُعثت أنا والساعة كهاتين ) قال : وضم السبابة والوسطى . رواه مسلم .
وعن قيس بن أبي حازم عن أبي جُبيرة مرفوعاً : ( بُعثت في نسم الساعة )
( نسم الساعة ) : قال ابن الأثير : [ هو من النسيم ، أول هبوب الريح الضعيفة ، أي : بُعثت في أول أشراط الساعة ، وضعف مجيئها .
وقيل : هو جمع نسمة ، أي بُعثت في ذوي أرواح خلقهم الله تعالى قبل اقتراب الساعة .
كأنه قال : في آخر النشء في بني آدم . ]
فأول أشراط الساعة بُعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم
فهو النبي الأخير ، فلا يليه نبي آخر
وإنما تليه القيامة كما يلي السبابة والوسطى ، وليس بينهما إصبع أخرى .
أو كما يفضل إحداهما الأخرى .
ويدل على ذلكـ رواية الترمذي : ( بُعثت أنا والساعة كهاتين ـ وأشار أبو داوود بالسبابة والوسطى ـ فما فضل إحداهما على الأخرى ) .
وفي رواية مسلم : ( قال شعبة : وسمعت قتادة يقول في قصصه : كفضل إحداهما على الأخرى . فلا أدري أذكره عن أنس أو قاله قتادة ) .
قال القرطبي : [ أولها النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه نبي آخر الزمان ، وقد بُعث وليس بينه وبين القيامة نبي ]
قال تعالى : " مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " [ الأحزاب : 40 ]
الجوهرة
12-18-2011, 11:20 PM
موت النبي صلى الله عليه وسلم
من أشراط الساعة موت النبي صلى الله عليه وسلم
ففي الحديث عن عوف بن مالكـ رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اعدد ستاً بين يدي الساعة : موتي ... ) الحديث .
فقد كان موت النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم المصائب التي وقعت على المسلمين
فقد أظلمت الدنيا في عيون الصحابة رضي الله عنهم عندما مات عليه الصلاة والسلام .
قال أنس بن مالكـ رضي الله عنه : ( لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، أضاء منها كل شيء ، فلما كان اليوم الذي مات فيه ، أظلم منها كل شيء ، وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي ـ وإنا لفي دفنه ـ حتى أنكرنا قلوبنا )
قال ابن حجر : [ يريد أنهم وجدوها تغيرت عما عهدوه في حياته من الألفة ، والصفاء ، والرقة ، لفقدان ما كان يمدهم به من التعليم والتأديب ]
فبموته صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي من السماء
كما في جواب أم أيمن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهم عندما زاراها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انتهيا إليها ، بكت ، فقالا لها : ( ما يُبكيكـ ؟ ما عند الله خير لرسوله . فقالت : ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكني أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء . فهيجتهما على البكاء ، فجعلا يبكيان معها ) . رواه مسلم
فقد مات عليه الصلاة والسلام كما يموت الناس
لأن الله تعالى لم يكتب الخلود في هذه الحياة الدنيا لأحد من الخلق
بل هي دار ممر لا دار مقر
كما قال تعالى : " وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ . كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُون " [ الأنبياء : 34 ـ 35 ]
إلى غير ذلكـ من الآيات التي تبين أن الموت حق
وأن كل نفس ذائقة الموت ، حتى ولو كان سيد الخلق وإمام المتقين محمد صلى الله عليه وسلم .
وكان موته كما قال القرطبي : [ أول أمر دهم الإسلام ... ثم بعده موت عمر ، فبموت النبي صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي ، وماتت النبوة ، وكان أول ظهور الشر بارتداد العرب ، وغير ذلكـ ، وكان أول انقطاع الخير ، وأول نقصانه ] .
الجوهرة
12-18-2011, 11:21 PM
فتح بيت المقدس
ومن أشراط الساعة فتح بيت المقدس
فقد جاء في حديث عوف بن مالكـ رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اعدد ستاً بين يدي الساعة : ... [ فذكر منها : ] فتح بيت المقدس ) . رواه البخاري
ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم فتح بيت المقدس سنة ست عشرة من الهجرة
كما ذهب إلى ذلكـ أئمة السيّر
فقد ذهب عمر رضي الله عنه بنفسه ، وصالح أهلها ، وفتحها ، وطهرها من اليهود والنصارى
وبنى بها مسجداً في قبلة بيت المقدس .
وروى الإمام أحمد من طريق عُبيد بن آدم ، قال : ( سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب الأحبار : أين ترى أن أصلي ؟ فقال : إن أخذت عني ، صليت خلف الصخرة ، فكانت القدس كلها بين يديكـ . فقال عمر : ضاهيت اليهودية ، لا ، ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتقدم إلى القبلة ، فصلى ، ثم جاء ، فبسط رداءه ، فكنس الكناسة في ردائه ، وكنس الناس ) رواه الإمام أحمد .
الجوهرة
12-18-2011, 11:21 PM
طاعون عمواس
وهي بلدة في فلسطين
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اعدد ستاً بين يدي الساعة ) وذكر منها ( ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ) رواه البخاري
قال ابن حجر : [ إن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر وكان ذلكـ بعد فتح بيت المقدس ) .
ففي سنة 18هـ على المشهور الذي عليه الجمهور
وقع طاعون في كورة عمواس ، ثم انتشر في أرض الشام
فمات فيه خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم ومن غيرهم
وقيل بلغ عدد من مات فيه خمسة وعشرون ألفاً من المسلمين
ومات فيه من المشهورين : أبو عبيدة عامر بن الجراح ، أمين هذه الأمة ، رضي الله عنه .
الجوهرة
12-18-2011, 11:23 PM
ظهور الفتن
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة ظهور الفتن العظيمة
التي يلتبس فيها الحق بالباطل
فتزلزل الإيمان
حتى يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً
كلما ظهرت فتنة ، قال المؤمن : هذه مُهلكتي . ثم تنكشف ، ويظهر غيرها
فيقول : هذه ، هذه
ولا تزال الفتن تظهر في الناس إلى أن تقوم الساعة .
ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، فكسروا قسيَّكم ، وقطعوا أوتاركم ، واضربوا بسيوفكم الحجارة ، فإن دخل على أحدكم ، فليكن كخير ابني آدم ) . رواه أحمد وأبو داوود وابن ماجه والحاكم .
وروى الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ) رواه مسلم .
وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً فزعاً ، يقول : ( سبحان الله ! ما أنزل الله من الخزائن ؟ وماذا أنزل الله من الفتن ؟ من يوقظ صواحب الحجرات ـ يريد أزواجه ـ لكي يُصلين ؟ رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة ) رواه البخاري .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها ، وتجيء الفتنة ، فيرقق بعضها بعضاً ، وتجيء الفتنة ، فيقول المؤمن : هذه ، هذه ... فمن أحب أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنة ، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ) رواه مسلم .
وأحاديث الفتن كثيرة جداً
فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الفتن
وأمر بالتعوذ منها
وأخبر أن آخر هذه الأمة سيصيبها بلاء وفتن عظيمة
وليس هنالكـ عاصم منها ، إلا الإيمان بالله واليوم الآخر
ولزوم جماعة المسلمين ، وهم أهل السنة ـ وإن قلوا ـ
والا بتعاد عن الفتن ، والتعوذ منها
فقد قال عليه الصلاة والسلام : ( تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ) . رواه مسلم
الجوهرة
12-18-2011, 11:23 PM
من الفتن التي ظهرت :
أ ـ ظهور الفتن من المشرق
أكثر الفتن التي ظهرت في المسلمين كان منبعها من المشرق
من حيث يطلع قرن الشيطان
وهذا مطابق لما أخبر به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم .
فقد جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول : ( ألا إن الفتنة ها هُنا ، ألا إن الفتنة ها هُنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان ) رواه الشيخان .
قرن الشيطان : قوة الشيطان وأتباعه ، أو أن للشمس قرن على الحقيقة ، وقيل إن الشيطان يقرن رأسه بالشمس عند طلوعها ليقع سجود عبدتها له .
وفي رواية لمسلم أنه قال : ( رأس الكفر من ها هُنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان ) . يعني المشرق . رواه مسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : دعا النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم باركـ لنا في صاعنا ومُدنا ، وباركـ لنا في شامنا ويمننا ) . فقال رجل من القوم : يا نبي الله ! وفي عراقنا . قال : ( إن بها قرن الشيطان ، وتهيج الفتن ، وإن الجفاء بالمشرق ) رواه الطبراني .
قال ابن حجر : [ وأول الفتن كان منبعها من قبل المشرق ، فكان ذلكـ سبباً للفرقة بين المسلمين ، وذلكـ مما يحبه الشيطان ويفرح به ، وكذلكـ البدع نشأت من تلكـ الجهة ]
فمن العراق ظهر الخوارج ، والشيعة ، والروافض ، والباطنية ، والقَدَرية ، والجهمية ، والمعتزلة ، وأكثر مقالات الكفر كان منشؤها من المشرق ، من جهة الفرس المجوس ، كالزردشتية ، والمانوية ، والمزدكية ، والهندوسية ، والبوذية ، وأخيراً وليس آخراً : القاديانية ، والبهائية ... إلى غير ذلكـ من المذاهب الهدامة .
وأيضاً فإن ظهور التتار في القرن السابع الهجري كان من المشرق
وقد حدث على أيديهم من الدمار والقتل والشر العظيم ما هو مدون في كتب التاريخ .
وإلى اليوم لا يزال المشرق منبعاً للفتن والشرور والبدع والخرافات والإلحاد
فالشيوعية الملحدة مركزها روسيا والصين الشيوعية ، وهما في المشرق
وسيكون ظهور الدجال ويأجوج ومأجوج من جهة المشرق ، نعوذ بالله من الفتن .. ما ظهر منها وما بطن .
وبعض الفتن من أشراط الساعة التي نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
كوقعة صفين ، وظهور الخوارج .
الجوهرة
12-18-2011, 11:24 PM
تعريفات لبعض المذاهب الهدامة :
[ الزردشتية ] : هم أصحاب زردشت بن يورشب ، وأبوه من أذربيجان ، ومن عقيدتهم أن النور والظلمة أصلان متضادان ، وهما مبدأ موجودات العالم ، وزردشت يقول : إن الباري تعالى هو خالق النور والظلمة ومبدعهما ، والزردشتية جماعة منظمة ، ولها درجات ومراتب ، وموطنهم فارس .
[ المانوية ] : هم أصحاب ماني بن فاتكـ المجوسي ، وعقيدتهم أن العالم مخلوق من أصلين قديمين هما النور والظلمة .
[ المزدكية ] : أصحاب مزدكـ بن بافداد ، الذي دعا إلى الإباحية واشتراكـ الناس في النساء والأموال ، وليست الشيوعية الحديثة إلا امتداداً للمزدكية .
[ الهندوسية ] : ديانة الجمهرة العظمى في الهند الآن ، وقد جاء بها الآريون عندما فتحوا الهند ، وليس لها مؤسس معين ، وهي مجموعة عقائد ، ولهم آلهة كثيرة ، ويقسمون الناس إلى أربع طبقات ، أعلاها البراهمة ، وأدناها المنبوذون ، ولهم كتاب مقدس اسمه ( الوايدا ) وهو عبارة عن تاريخ للآريين ، وهم طبقة البراهمة ، وفيه مجموعة تعاليم .
[ البوذية ] : مؤسس هذه النحلة اسمه ( سيد هارتا ) ثم تسمى بـ ( بوذا ) ودعوته تقوم على التقشف ، والزهد ، والرياضات ، ويقول بالتناسخ ـ والتناسخ أساس أديان الهند ـ ، ويوذا لا يؤمن بوجود إله .
وقد امتزجت البوذية بالهندوسية ، وذابت فيها ، وأصبح بوذا من ألهة الهندوس .
[ القاديانية ] : نسبة إلى مؤسسها الميرزا غلام أحمد القادياني ، وكان ظهور هذه النحلة في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في الهند ، في إقليم ( بنجاب ) بباكستان ، وادعى النبوة ، وأنه المسيح الموعود ، وساعده الإنكليز في نشر دعوته ، ومن أباطيله نسخ الجهاد ، وفرض طاعة الحكومة البريطانية ، وأن نزول عيسى من نسج النصارى ، ومن قال : إن عيسى ما مات ، فقد أشركـ .
[ البهائية ] : مؤسس هذه النحلة رجل من فارس ، اسمه الميرزا علي محمد الشيرازي ، الذي لقب نفسه بـ ( الباب ) ، وقد سجنته حكومة فارس ، ثم قتلته ، وخلفه أحد أتباعه ، وهو بهاء الله ميرزا حسين علي ، ومن عقائده نسخ القرآن ، وهدم الكعبة ، وإبطال الحج ، وادعى النبوة ، وله كتاب سماه ( الكتاب الأقدس ) .
وقد تطور مذهب البهائين حتى ادعوا أن البهاء إله ، فقد كان نقش ( إكليشه ) نشراتهم : ( بهاء يا إلهي )
الجوهرة
12-18-2011, 11:25 PM
ب ـ مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه
لقد كان ظهور الفتن في عهد الصحابة رضي الله عنهم بعد مقتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فإنه كان باباً مغلقاً دون الفتن
فلما قُتل رضي الله عنه ، ظهرت الفتن العظيمة
وظهر دُعاتها ممن لم يتمكن الإيمان من قلبه
وممن كان من المنافقين الذين يُظهرون للناس الخير
ويُبطنون الشر والكيد لهذا الدين .
ففي الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة ؟ فقال حذيفة : أنا أحفظ كما قال . قال : هات ، إنكـ لجريء . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) . قال : ليست هذه ، ولكن التي تموج كموج البحر . قال : يا أمير المؤمنين ! لا بأس عليكـ منها ، إن بينكـ وبينها باباً مغلقاً . قال : يُفتح الباب أو يُكسر ؟ قال : لا ، بل يُكسر . قال : ذلكـ أحرى أن لا يُغلق . قلنا : عُلم الباب ؟ قال : نعم ، كما أن دون غدٍ الليلة ، إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليظ . فهبنا أن نسأله ، وأمرنا مسروقاً ، فسأله ، فقال : من الباب ؟ قال : عمر .
وكان ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم
فقد قُتل عمر ، وكسر الباب ، وظهرت الفتن ، ووقع البلاء
فكان أول فتنة ظهرت هي قتل الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفان
على يد طائفة من دُعاة الشر
الذين تألبوا عليه من العراق ومصر ، ودخلوا المدينة
وقتلوه وهو في داره رضي الله عنه .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه أنه سيصيبه بلاء
ولهذا صبر ونهى الصحابة عن قتال الخارجين عليه
كي لا يُراق دم من أجله رضي الله عنه .
ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حائط من حوائط المدينة ... ( فذكر الحديث إلى أن قال : ) فجاء عثمان ، فقلت : كما أنت ، حتى أستأذن لكـ . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ائذن له ، وبشره بالجنة معها بلاء يُصيبه ) رواه البخاري .
( وخصَّ النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بذكر البلاء مع أن عُمر قتل أيضاً ، لكون عمر لم يمتحن بمثل ما امتحن به عثمان ، من تسلط القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة بسبب ما نسبوه إليه من الجور والظلم ، بعد إقناعه لهم ، ورده عليهم ) انظر فتح الباري .
وبمقتل عثمان رضي الله عنه انقسم المسلمون
ووقع القتال بين الصحابة
وانتشرت الفتن والأهواء ، وكثر الاختلاف ، وتشعبت الآراء
ودارت المعاركـ الطاحنة في عهد الصحابة رضي الله عنهم
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما سيقع من الفتن في زمنهم
فإنه أشرف على أُطم من آطام المدينة
فقال : ( هل ترون ما أرى ؟ قالوا : لا . قال : فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر ) رواه مسلم .
أطم : بناء مرتفع ، وجمعه : آطام ، وهي الأبنية المرتفعة كالحصون .
قال النووي : [ والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم ، أي : أنها كثير ، تعم الناس ، لا تختص بها طائفة ، وهذه إشارة إلى الحروب الجارية بينهم ، كوقعة الجمل ، وصفين ، والحرَّة ، ومقتل عثمان والحسين رضي الله عنهما ... وغير ذلكـ ، وفيه معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم ]
الجوهرة
12-18-2011, 11:26 PM
جـ ـ موقعة الجمل
ومن الفتن التي وقعت بعد قتل عثمان رضي الله عنه ما وقع في معركة الجمل المشهورة
بين علي رضي الله عنه وعائشة وطلحة والزُبير رضي الله عنهم
فإنه لما قُتل عثمان ، أتى الناس علياً وهو في المدينة ، فقالوا له :
ابسط يدكـ نبايعكـ .
فقال : حتى يتشاور الناس .
فقال بعضهم : لئن رجع الناس إلى أمصارهم بقتل عثمان ، ولم يقم بعده قائم ، لم يؤمن الاختلاف وفساد الأمة .
فألحوا على علي رضي الله عنه في قبول البيعة ، فبايعوه
وكان ممن بايعه طلحة والزبير رضي الله عنهما
ثم ذهبا إلى مكة للعمرة
فلقيتهم عائشة رضي الله عنها
وبعد حديثٍ جرى بينهم في مقتل عثمان توجهوا إلى البصرة
وطلبوا من علي أن يسلم لهم قتلة عثمان
فلم يجبهم
لأنه كان ينتظر من أولياء عثمان أن يتحاكموا إليه
فإذا ثبت على أحدٍ بعينه أنه ممن قتل عثمان ، اقتص منه
فاختلفوا بسبب ذلكـ
وخشي من نُسب إليهم القتل ـ وهم الخارجون على عثمان ـ أن يصطلحوا على قتلهم
فأنشبوا الحرب بين الطائفتين .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم علياً أنه سيكون بينه وبين عائشة أمر
ففي الحديث عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب : ( إنه سيكون بينكـ وبين عائشة أمر ) . قال : أنا يا رسول الله ! قال : ( نعم ) . قال : فأنا أشقاهم يا رسول الله . قال : ( لا ، ولكن إذا كان ذلكـ ، فاردُدها إلى مأمنها ) رواه أحمد .
ومما يدل على أن عائشة وطلحة والزبير لم يخرجوا للقتال ، وإنما للصلح بين المسلمين
ما رواه الحاكم من طريق قيس بن أبي حازم ، قال : لما بلغت عائشة رضي الله عنها بعض ديار بني عامر ، نبحت عليها الكلاب ، فقالت : أي ماء هذا ؟ قالوا : الحوأب . قالت : ما أظنني إلا راجعة . فقال لها الزبير : لا بعد ، تقدمي ، فيراكـ الناس ، فيصلح الله ذات بينهم . فقالت : ما أظنني إلا راجعة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كيف بإحداكن إذا نبحتها كلاب الحوأب ) .
[ الحوأب ] : موضع قريب من البصرة ، وهو من مياه العرب في الجاهلية . ويقع على طريق القادم من مكة إلى البصرة ، وسمي بـ ( الحوأب ) نسبة لأبي بكر بن كلاب الحوأب ، أو نسبة للحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية .
وفي رواية للبزار عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه : ( أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ، تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب ، يقتل عن يمينها وعن شمالها قتلى كثيرة ، وتنجو من بعد ما كادت ) .
[ الأدبب ] : أي الأدب ، وهو كثير وبر الوجه .
قال ابن تيمية : [ إن عائشة لم تخرج للقتال ، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين ، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ، ثم تبين لها فيما بعد أن تركـ الخروج كان أولى ، فكانت إذا ذكرت خروجها ، تبكي حتى تبل خمارها ، وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال ، فندم طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم أجمعين .
ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في القتال ، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم ، فإنه لما تراسل علي وطلحة والزبير ، وقصدوا الاتفاق على المصلحة ، وأنهم إذا تمكنوا ، طلبوا قتلة عثمان أهل الفتنة ، وكان علي غير راضٍ بقتل عثمان ، ولا معيناً عليه ، كما كان يحلف ، فيقول : والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله . وهو الصادق البار في يمينه ، فخشي القتلة أن يتفق علي معهم على إمساكـ القتلة ، فحملوا على عسكر طلحة والزبير ، فظن طلحة والزبير أن علياً حمل عليهم ، فحملوا دفعاً عن أنفسهم ، فظن علي أنهم حملوا عليه ، فحمل دفعاً عن نفسه ، فوقعت الفتنة بغير اختيارهم ، وعائشة راكبة ، لا قاتلت ، ولا أمرت بالقتال ، وهكذا ذكره غير واحدٍ من أهل المعرفة بالأخبار ] .
الجوهرة
12-18-2011, 11:27 PM
د ـ موقعة صفين
ومن الفتن التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم غير حرب الجمل
ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان ، يكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعواهما واحدة ) رواه البخاري ومسلم .
قال ابن حجر : [ فالفئتان هما طائفة علي ومن معه ، وطائفة معاوية ومن معه ] .
أخرج البزار بسند جيد عن زيد بن وهب ، قال : كنا عند حذيفة ، فقال : كيف أنتم وقد خرج أهل دينكم يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف ؟ قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : انظروا الفرقة التي تدعو إلى أمر علي ، فالزموها ، فإنها على الحق .
وقد وقعت الحرب بين الطائفتين في الموقعة المشهورة بـ ( صفين ) في ذي الحجة سنة 36 هـ
وكان بين الفريقين أكثر من سبعين زحفاً
قُتل فيها نحو سبعين ألفاً من الفريقين .
[ صفين ] : موضع على شاطيء الفرات من الجانب الغربي ، بقرب الرقة ، آخر تخوم العراق وأول أرض الشام .
وما حصل من قتال بين علي ومعاوية لم يكن يريده واحد منهما
بل كان في الجيشين من أهل الأهواء متغلبون يحرضون على القتال
الأمر الذي أدى إلى نشوب تلكـ المعاركـ الطاحنة
وخرج الأمر من يد علي ومعاوية رضي الله عنهما .
قال ابن تيمية : [ وأكثر الذين كانوا يختارون القتال من الطائفتين لم يكونوا يطيعون لا علياً ولا معاوية ]
وكان علي ومعاوية رضي الله عنهما أطلب لكف الدماء من أكثر المقتتلين
لكن غُلبا فيما وقع
والفتنة ثارت ، عجز الحكماء عن إطفاء نارها .
وكان في العسكرين مثل الأشتر النخعي ، وهاشم بن عتبة المرقال ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وأبي الأعور السلمي ونحوهم من المحرضين على القتال
قوم ينتصرون لعثمان غاية الانتصار ، وقوم ينفرون عنه
وقوم ينتصرون لعلي ، وقوم ينفرون عنه
ثم قتال أصحاب معاوية لم يكن لخصوص معاوية ، بل كان لأسباب أخرى .
وقتال الفتنة مثل قتال الجاهلية
لا تنضبط مقاصد أهله واعتقاداتهم
كما قال الزهري : [ وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون ، فأجمعوا أن كل دمٍ أو مال أو فرج أُصيب بتأويل القرآن ، فإنه هدر ، أنزلوهم منزلة الجاهلية ]
* * * *
الأشتر النخعي : وهو مالكـ بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة النخعي الكوفي المعروف بالأشتر ، أدركـ الجاهلية ، وروى عن عمر وعلي ، وكان من أصحاب علي رضي الله عنه ، شهد معه الجمل وصفين ومشاهده كلها ، وقيل : إنه شهد اليرموكـ ، وكان رئيس قومه ، وكان ممن يسعى في الفتنة والتأليب على عثمان ، ولاه على مصر ، وتوفي وهو في طريقه إليها سنة 37 هـ .
هاشم بن عتبة المرقال : هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري : يعرف بـ ( المرقال ) ، كان من أمراء علي يوم صفين ، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، قيل : إنه من الصحابة ، وقتل يوم صفين ، وكان موصوفاً بالشجاعة ] .
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد : كان أحد الأجواد ، وكان حامل لواء معاوية يوم صفين ، توفي سنة 46 هـ رحمه الله .
أبي الأعور السلمي : هو عمرو بن سفيان بن عبد شمس بن سعد الذكواني السلمي ، مشهور بكنيته . نقل ابن حجر عن عباس الدوري أن يحيى بن معين قال : ( أبو الأعور السلمي ، رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان مع معاوية ) . وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : ( إن أبا الأعور أدركـ الجاهلية ، ولا صحبة له ، وقد غزا قبرص سنة 26 ، وكانت له مواقف بصفين مع معاوية )
الجوهرة
12-18-2011, 11:31 PM
هـ ـ ظهور الخوارج
ومن الفتن التي وقعت ظهور الخوارج على علي رضي الله عنه
وكان بداية ظهورهم بعد انتهاء معركة صفين
واتفاق أهل العراق والشام على التحكيم بين الطائفتين
وفي أثناء رجوع علي رضي الله عنه إلى الكوفة فارقه الخوارج ـ وقد كانوا في جيشه ـ
ونزلوا مكاناً يقال له ( حروراء ) : وهي قرية على ميلين من الكوفة ، وإليها نُسبت الخوارج ، فيقال حرورية .
ويبلغ عددهم ثمانية آلاف ، وقيل 16 ألفاً
لإارسل علي إليهم ابن عباس رضي الله عنه ، فناظرهم ، ورجع معه بعضهم
ودخلوا في طاعة علي
وأشاع الخوارج أن علياً تاب من الحكومة
ولذلكـ رجع بعضهم إلى طاعته
فخطبهم علي رضي الله عنه في مسجد الكوفة ، فتنادوا من جوانب المسجد : لا حكم إلا لله .
وقالوا : أشركت وحكَّمت الرجال ولم تحكِّم كتاب الله .
فقال لهم علي : لكم علينا ثلاث : أن لا نمنعكم من المساجد ، ولا من رزقكم في الفيء ، ولا نبدؤكم بقتال ما لم تُحدثوا فساداً .
ثم إنهم تجمعوا وقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين
ومر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت ومعه زوجته ، فقتلوه ، وبقروا بطن زوجته عن ولدها
فلما علم بذلكـ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وسألهم من قتله ؟
فقالوا : كلنا قتله .
فتجهز علي للقتال ، والتقى بهم في الموقعة المشهورة بـ ( النهروان )
فهزمهم شر هزيمة ، ولم ينجُ منهم إلا القليل .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروج هذه الطائفة في هذه الأمة
فقد تواترت الأحاديث بذلكـ
منها ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين ، يقتلها أولى الطائفتين بالحق ) . رواه مسلم .
[ النهروان ] : هي ثلاثة نهوانات ، وهي بلاد واسعة قريبة من بغداد بالعراق ، وأصلها وادي جـرار، بدايته من أذربيجان ، ويسقي قرى كثيرة ثم يصب باقيه في دجلة أسفل المدائن ، ويقال له بالفارسية : جوروان ، فعرب الإسلام ، فقيل : نهروان ، بفتح النون .
وعنه رضي الله عنه أنه لما سُئل عن الحرورية ؟ قال : لا أدري ما الحرورية ؟ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( يخرج في هذه الأمة ـ ولم يقل منها ـ قوم تحقِرون صلاتكم مع صلاتهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم ، يمرُقون من الدين مروق السهم من الرمية ) رواه البخاري .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال الخوارج
وبين أن في قتلهم أجراً لمن قتلهم
وهذا دليل على فساد هذه الطائفة ، وبعدها عن الإسلام
وضررها العظيم على الأمة ، بما تُثيره من فتن وقلاقل .
ففي الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( سيخرج قوم في آخر الزمان ، أحداث الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأينما لقيتموهم ، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة ) رواه البخاري .
قال الإمام البخاري : ( كان ابن عمر يراهم شرار خلق الله ، وقال : إنهم انطلقوا إلى آياتٍ نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين ) رواه البخاري .
وقال الحافظ ابن حجر : [ عظم البلاء بهم ، وتوسعوا في معتقدهم الفاسد ، فأبطلوا رجم المحصن ، وقطعوا يد السارق من الإبط ، وأوجبوا الصلاة على الحائض في حال حيضها ، وكفّروا من تركـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان قادراً ، وإن لم يكن قادراً ، فقد ارتكب كبيرة ، وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر ، وكفوا عن أموال أهل الذمة وعن التعرض لها مطلقاً ، وفتكوا فيمن يُنسب إلى الإسلام بالقتل والسبي والنهب ]
ولا يزال الخوارج يظهرون حتى يدركـ آخرهم الدجال
ففي الحديث عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ينشأ نشء يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، كلما خرج قرن ، قُطع ) . قال ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كلما خرج قرن قُطع ( أكثر من عشرين مرة ) حتى يخرج في عراضهم الدجال ) رواه ابن ماجه .
اصايل
12-18-2011, 11:34 PM
الله يجزاك خير
مجهود رائع تشكرين عليه
وعساه في ميزان حسناتك
وتستاهلين اطنخ تقييم :)
لاهنتي ..
الجوهرة
12-18-2011, 11:34 PM
و ـ موقعة الحرة
ثم تتابع وقوع الفتن بعد ذلكـ
ومن هذه الفتن موقعة الحرة المشهورة في عهد يزيد بن معاوية
والتي استُبيحت فيها مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقُتل فيها كثير من الصحابة رضي الله عنهم .
قال سعيد بن المسيب : ( ثارت الفتنة الأولى ، فلم يبق ممن شهد بدراً أحد ، ثم كانت الثانية ، فلم يبق ممن شهد الحديبية أحد )
قال : ( وأظن لو كانت الثالثة ، لم ترتفع وفي الناس طباخ ) .
[ طباخ ] : أي خير ونفع . يقال : فلان لا طباخ له ، أي لا عقل له .
قال البغوي : [ أراد بالفتنة الأولى مقتل عثمان ، وبالثانية الحرة ] .
[ الحرة ] : هي الحرة الشرقية ، إحدى حرتي المدينة ، وفيها كانت المعركة بين أهل المدينة وجيش يزيد بن معاوية سنة 63 هـ ، وسببها أن أهل المدينة خلعوا يزيد ، فأرسل إليهم جيشاً بقيادة مسلم بن عقبة المري ، فاستباح المدينة ، وقتل نحو سبع مئة من الصحابة والمهاجرين والأنصار ومن غيرهم عشرة آلاف ، فسماه السلف : مسرف . وقد أخذه الله وهو في طريقه إلى مكة متوجهاً من المدينة .
الجوهرة
12-18-2011, 11:35 PM
ز ـ فتنة القول بخلق القرآن
ثم ظهر بعد ذلكـ في عهد العباسيين فتنة القول بخلق القرآن
وقد تزعم هذه المقالة الخليفة العباسي المأمون ، وناصرها
وتبع في ذلكـ الجهمية والمعتزلة الذين روجوها عنده
حتى اُمتحن بسببها علماء الإسلام
ووقع على المسلمين بذلكـ بلاء عظيم
فقد شغلتهم ردحاً طويلاً من الزمن
وأدخل بسببها في عقيدة المسلمين ما ليس منها .
هذا والفتن التي وقعت كثيرة لا حصر لها
ولا تزال الفتن تظهر وتتابع وتزداد
وبسبب هذه الفتن وغيرها من الفتن افترق المسلمون إلى فرقٍ كثيرة
كل فرقة تدعو إلى نفسها ، وتدَّعي أنها على الحق ، وأن غيرها على الباطل .
وقد أخبر الهادي البشير عليه الصلاة والسلام بافتراق هذه الأمة كما افترقت الأمم قبلها .
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقةً ، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) رواه أصحاب السنن إلا النسائي .
وعن أبي عامر عبد الله بن لحي ، قال : حججنا مع معاوية بن أبي سفيان ، فلما قدمنا مكة ، قام حين صلى صلاة الظهر ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة ـ يعني : الأهواء ـ كلها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة ، وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم تلكـ الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه ، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله ) . والله يا معشر العرب ! لئن لم تقوموا بما جاءكم به نبيكم صلى الله عليه وسلم لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به ) رواه أحمد
الجوهرة
12-18-2011, 11:36 PM
ح ـ اتباع سنن الأمم الماضية
ومن الفتن العظيمة اتباع سنن اليهود والنصارى وتقليدهم
فقد قلد بعض المسلمين الكفار ، وتشبهوا بهم
وتخلقوا بأخلاقهم ، وأعجبوا بهم
وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم .
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ) . فقيل : يا رسول الله ! كفارس والروم ؟ فقال : ( ومن الناس إلا أولئكـ ) رواه البخاري .
وفي رواية عن أبي سعيد : قلنا : يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟ قال : ( فمن ؟! ) رواه البخاري ومسلم .
قال ابن بطال : ( أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المُحدثات من الأمور والبدع والأهواء ، كما وقع للأمم قبلهم ، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر ، والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس ، وأن الدين إنما يبقى قائماً عند خاصةٍ من الناس )
وقال ابن حجر : [ وقد وقع معظم ما أنذر به صلى الله عليه وسلم ، وسيقع بقية ذلكـ ]
وفي هذا الزمن كثر في المسلمين من يتشبه بالكفار
من شرقيين وغربيين
فتشبه رجالنا برجالهم ، ونساؤنا بنسائهم ، وافتتنوا بهم
حتى أدى الأمر ببعض الناس أن خرجوا عن الإسلام
واعتقدوا أنه لا يتم لهم تقدم وحضارة إلا بنبذ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
ومن عرف الإسلام الصحيح ، عرف ما وصل إليه المسلمون في القرون الأخيرة
من بُعد عن تعاليم الإسلام ، وانحراف عن عقيدته
فلم يبق عند بعضهم من الإسلام إلا اسمه
فقد حكّموا قوانين الكفار
وابتعدوا عن شريعة الله
وليس هناكـ أبلغ مما وصف به النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في اتباعهم ومحاكاتهم للكفار
فقال : ( شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم )
قال النووي : [ والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم ، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر ، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ]
الجوهرة
12-18-2011, 11:36 PM
هذا والفتن ليس لها حصر
ففتنة النساء ، وفتنة المال ، وحب الشهوات ، وحب السلطان والسيادة والزعامة
كلها فتن ربما تهلكـ الإنسان ، وتعصف به إلى مهاوي الردى
نسأل الله العافية والسلامة .
الجوهرة
12-18-2011, 11:37 PM
ظهور مدعي النبوة
ومن العلامات التي ظهرت : خروج الكذابين الذين يدعون النبوة
وهم قريب من ثلاثين كذاباً
وقد خرج بعضهم في الزمن النبوي وفي عهد الصحابة
ولا يزالون يظهرون
وليس التحديد في الأحاديث مراداً به كل من ادعى النبوة مطلقاً
فإنهم كثير لا يُحصون ، وإنما المراد من قامت له شوكة ، وكثر أتباعه ، واشتهر بين الناس .
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يُبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه رسول الله ) رواه البخاري .
وعن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، وحتى يعبدوا الأوثان ، وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابون ، كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين ، لا نبي بعدي ) .رواه أبو داوود .
والأحاديث في ظهور هؤلاء الدجاجلة كثيرة
وفي بعضها وقع أنهم ثلاثون بالجزم ، كما في حديث ثوبان
وفي بعضها أنهم قريب من الثلاثين ، كما في حديث الصحيحين
ولعل رواية ثوبان على طريقة جبر الكسر .
وممن ظهر من هؤلاء الثلاثين :
مسيلمة الكذاب ، فادعى النبوة في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسماه مسيلمة الكذاب ، وقد كثر اأباعه ، وعظم شره على المسلمين ، حتى قضى عليه الصحابة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، في معركة اليمامة المشهورة .
وظهر كذلكـ الأسود العَنَسي في اليمن ، وادعى النبوة ، فقتله الصحابة قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم .
وظهرت سجاح ، وادعت النبوة ، وتزوجها مسيلمة ، ثم لما قُتل ، رجعت إلى الإسلام .
وتنبأ أيضاً طليحة بن خويلد الأسدي ، ثم تاب ورجع إلى الإسلام ، وحسن إسلامه .
ثم ظهر المختار بن أبي عُبيد الثقفي ، وأظهر محبة أهل البيت ، والمطالبة بدم الحسين ، وكثر أتباعه ، فتغلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير ، ثم أغواه الشيطان ، فادعى النبوة ونزول جبريل عليه .
والذي يقوِّي أنه من الدجالين ما رواه أبو داوود بعد سياقه لحديث أبي هريرة الذي في الصحيحين في ذكر الكذابين : ( عن إبراهيم النخعي أنه قال لعُبيدة السلماني * : أترى هذا منهم ـ يعني المختار ـ ؟ قال : فقال عُبيدة : أما إنه من الرؤوس ) رواه أبو داوود .
ومنهم الحارث الكذاب ، خرج في خلافة عبد الملكـ بن مروان ، فقُتل .
وخرج في خلافة بني العباس جماعة .
وظهر في العصر الحديث ميرزا أحمد القادياني بالهند ، وادعى النبوة ، وأنه المسيح المنتظر ، وأن عيسى ليس بحي في السماء ... إلى غير ذلكـ من الادعاءات الباطلة ، وصار له أتباع وأنصار ، وانبرى له كثير من العلماء ، فردوا عليه ، وبينوا أنه أحد الدجالين .
ولا يزال خروج هؤلاء الكذابين واحداً بعد الآخر
حتى يظهر آخرهم الأعور الدجال
فقد روى الإمام أحمد عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم كسفت الشمس على عهده : ( وإنه ـ والله ـ لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً ، آخرهم الأعور الكذاب )
ومن هؤلاء الكذابين أربع نسوة
فقد روى الإمام أحمد عن حذيفة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : ( في أمتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون ، منهم أربع نسوة ، وإني خاتم النبيين ، لا نبي بعدي ) .
* * * *
* عُبيدة السلماني : عبيدة السلماني المرادي الكوفي الفقيه ، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولقي علياً وابن مسعود . قال فيه الشعبي : ( كان يوازي شريحاً في القضاء ) .
الجوهرة
12-18-2011, 11:37 PM
انتشار الأمن
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يسير الراكب بين العراق ومكة ، لا يخاف إلا ضَلال الطريق ) رواه أحمد .
وهذا وقع في زمن الصحابة رضي الله عنهم ، وذلكـ حينما عم الإسلام والعدل البلاد التي فتحها المسلمون .
ويؤيده ما تقدم في حديث عدي رضي الله عنه حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا عدي ! هل رأيت الحيرة ؟ ) . قلت : لم أرها ، وقد أُنبئت عنها . قال : ( فإن طالت بكـ حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ، لا تخاف إلا الله ... )
وسيكون ذلكـ في زمن المهدي وعيسى عليه السلام حينما يعم العدل مكان الجور والظلم .
الجوهرة
12-18-2011, 11:38 PM
ظهور نار الحجاز
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز ، تضيء أعناق الإبل ببصرى ) رواه البخاري .
[ بصرى ] : بضم الباء ، آخرها ألف مقصورة : مدينة معروفة بالشام ، ويُقال لها : حوران ، وبينها وبين دمشق ثلاث مراحل .
وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع الهجري في عام أربع وخمسيين وست مئة
وكانت ناراً عظيمة
أفاض العلماء ممن عاصر ظهورها ومن بعدهم في وصفها .
قال النووي : [ خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وست مئة ، وكانت ناراً عظيمة جداً ، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة ، وتواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان ، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة ]
ونقل ابن كثير أن غير واحدٍ من الأعراب ممن كان بحاضرة بصرى شاهدوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز .
وذكر القرطبي ظهور هذه النار ، وأفاض في وصفها في كتابه ( التذكرة ) فذكر أنها رئُيت من مكة ومن جبال بصرى .
وقال ابن حجر : [ والذي ظهر لي أن النار المذكورة ... هي التي ظهرت بنواحي المدينة ، كما فهمه القرطبي وغيره ]
وهذه النار ليست هي النار التي تخرج في آخر الزمان
تحشر الناس إلى محشرهم .. كما سيأتي في الكلام عليها في الأشراط الكبرى بإذن الله .
الجوهرة
12-18-2011, 11:39 PM
قتال التركـ
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون التركـ ، قوماً وجوههم كالمجان المطرقة ، يلبسون الشعر ، ويمشون في الشعر ) رواه مسلم .
[ التركـ ] : للعلماء عدة أقوال في أصلهم ، منها :
أ ـ أنهم من نسل يافث بن نوح ، الذي من نسله يأجوج ومأجوج ، فهم بنو عمهم .
ب ـ أنهم من بني قنطوراء ، اسم جارية كانت لإبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه ، ولدت له أولاداً جاء من نسلهم التركـ والصين .
جـ ـ وقيل : إنهم من نسل تبع .
د ـ وقيل : من نسل أفريدون بن سام بن نوح .
وبلادهم يقال لها : تركستان ، وهي ما بين مشارق خراسان إلى مغارب الصين وشمال الهند إلى أقصى المعمور .
[ المَجان ] : جمع مجن ، وهو الترس ، والميم زائدة ، لأنه من الجُنة ، وهي السترة .
[ المجان المطرقة ] : هي التي عُليت بطارق ، وهي الجلد الذي يغشاه ، ومنه طارق النعل : إذا صيرها طاقاً فوق طاق ، وركب بعضها فوق بعض ، فشبه وجوههم في عرضها ونتوء وجناتها بالترس قد أُلبست الأطرقة .
وللبخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر ، وحتى تقاتلوا التركـ صغار الأعين ، حمر الوجوه ، ذُلف الأنوف ، كأن وجوههم المجان المطرقة )
[ ذُلف الأنوف ] : الذلف بالتحريكـ : قصر الأنف وانبطاحه ، وقيل : ارتفاع طرفه مع صغر أرنبته . و [ الذلف ] : بسكون اللام ، جمع أذلف ، كأحمر وحُمر .
وعن عمرو بن تغلب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوماً عراض الوجوه ، كأن وجوههم المجان المطرقة ) رواه أحمد .
وقد قاتل المسلمون التركـ من عصر الصحابة رضي الله عنهم
وذلكـ في أول خلافة بني أمية ، في عهد معاوية رضي الله عنه .
روى أبو يعلى عن معاوية بن خُديج قال : كنت عند معاوية بن أبي سفيان حين جاءه كتاب من عامله يخبره أنه وقع بالتركـ وهزمهم ، وكثرة من قتل منهم ، وكثرة من غنم ، فغضب معاوية من ذلكـ ، ثم أمر أن يكتب إليه : قد فهمت مما قلت ما قتلت وغنمت ، فلا أعلمن ما عدت لشيءٍ من ذلكـ ولا قاتلتهم حتى يأتيكـ أمري . قلت : لم يا أمير المؤمنين ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لتظهرن التركـ على العرب حتى تُلحقها بمنابت الشيح والقيصوم ) فأنا أكره قتالهم لذلكـ .
[ الشيح ] : بالكسر ، ثم السكون ، وحاء مهملة : نبت له رائحة عطرة ، وهي التي تدعى الطرقية الوخشيركـ . و [ ذات شيح ] : بالحزن ، من ديار بني يربوع . و [ ذو الشيح ] : موضع باليمامة ، وموضع بالجزيرة .
[ القيصوم ] : نبات طيب الريح يكون بالبادية ، واحدته قيصومة ، وهي ماء تناوح الشيحة بينهما عقبة شرقي فيد ( بليدة في نصف الطريق بين مكة والكوفة ، عبر بها الحاج ، وهي قريبة من آجا وسلمى جبلي طيء .
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه ، قال : ( كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أمتي يسوقها قوم عراض الأوجه ، صغار الأعين ، كأن وجوههم الحجف ( ثلاث مرات ) ، حتى يُلحقوهم بجزيرة العرب ، أما السابقة الأولى ، فينجو من هرب منهم ، وأما الثانية ، فيهلكـ بعض وينجو بعض ، وأما الثالثة ، فيصطملون كلهم من بقي منهم ) . قالوا : يا نبي الله ! من هم ؟ قال : ( هم التركـ ) . قال : ( أما والذي نفسي بيده ، ليربطن خيولهم إلى سواري مساجد المسلمين )
قال : وكان بريده لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر والأسقية بعد ذلكـ للهرب مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم من البلاء من أمراء التركـ . ) رواه أحمد .
[ الحجف ] : قال ابن الأثير : ( الحجفة : الترس ) .
[ يصطلمون ] : الاصطلام : افتعال من الصلم ، وهو القطع ، أي : يحصدون .
ورواية أبي داوود تختلف عن رواية الإمام أحمد ، فإن ظاهر رواية أبي داوود تدل على أن المسلمين هم الذين يسوقون التركـ ثلاث مرات حتى يلحقوهم بجزيرة العرب .ففيها : ( يقاتلكم قوم صغار الأعين ) يعني : التركـ ، قال : ( تسوقونهم ثلاث مرات حتى تُلحقوهم بجزيرة العرب ... الحديث ) .
قال صاحب عون المعبود : [ وعندي أن الصواب هي رواية أحمد ، أما رواية أبي داوود ، فالظاهر أنه قد وقع الوهم فيه من بعض الرواة ] .
ويؤيده ما في رواية أحمد من أنه كان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر والأسقية بعد ذلكـ ، للهرب مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم من البلاء من أمراء التركـ .
ويؤيده أيضاً أنه وقع الشكـ لبعض رواة أبي داوود ، ولذا قال في آخر الحديث : ( أو كما قال )
ثم نقل عن القرطبي ما ذكره في خروج التركـ ، وأنهم خرجوا ثلاث مرات على المسلمين ، وكان خروجهم الأخير : تدمير بغداد ، وقتلهم للخليفة والعلماء والأمراء والفضلاء والعباد ، وأنهم أوغلوا في البلاد حتى ملكوا الشام مدة يسيرة ، ودخل رعبهم الديار المصرية ، إلى أن تصدى لهم الملكـ المظفر الملقب بـ ( قطز ) في معركة ( عين جالوت ) ، فكان له النصر والظفر عليهم كما كان النصر لطالوت ، وتفرقت جموعهم ، وكفى الله المسلمين شرورهم .
قال ابن حجر : [ كان ما بينهم وبين المسلمين مسدوداً إلى أن فُتح ذلكـ شيئاً بعد شيء ، وكثر السبي منهم ، وتنافس الملوكـ فيهم ، لما يتصفون به من الشدة والبأس ، حتى كان أكثر عسكر المعتصم منهم ، ثم غلب الأتراكـ على الملكـ ، فقتلوا ابنه المتوكل ، ثم أولاده واحداً بعد واحد ، إلى أن خالط المملكة الديلم ، ثم كان الملوكـ السامانية من التركـ أيضاً ، فملكوا بلاد العجم ، ثم غلب على تلكـ الممالكـ آل سبكتكين ، ثم آل سلجوق ، وامتدت مملكتهم إلى العراق والشام والروم ، ثم كان بقايا أتباعهم بالشام ـ وهم آل زنكي ـ وأتباع هؤلاء ـ وهم بيت أيوب ـ واستكثر هؤلاء أيضاً من التركـ ، فغلبوهم على المملكة بالديار المصرية والشامية والحجازية .
وخرج على آل سلجوق في المئة الخامسة الغز ، فخربوا البلاد ، وفتكوا في العباد .
ثم جاءت الطامة الكبرى بالططر ( التتار ) ، فكان خروج جنكز خان بعد الست مئة ، فأُسعرت بهم الدنيا ناراً ، خصوصاً المشرق بأسره ، حتى لم يبق بلد منه حتى دخله شرهم ، ثم كان خراب بغداد وقتل الخليفة المستعصم آخر خلفائهم على أيديهم في سنة ست وخمسين وست مئة ، ثم لم تزل بقاياهم يُخربون إلى أن كان آخرهم ( اللنكـ ) ، ومعناه : الأعرج ، واسمه ( تَمُر ) ، بفتح المثناة ، وضم الميم ، وربما أُشبعت ، فطرق الديار الشامية ، وعاش فيها ، وحرق دمشق حتى صارت على عروشها ، ودخل الروم والهند وما بين ذلكـ ، وطالت مدته إلى أن أخذه الله ، وتفرق بنوه في البلاد .
وظهر بجميع ما أوردته مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن بني قنطوراء أول من سلب أمتي ملكهم ) .. وكأنه يريد بقوله : (أمَّتي ) أمة النسب ، لا أمة الدعوة ، يعني : العرب ، والله أعلم ]
وعلى هذا يكون التتار الذين ظهروا في القرن السابع الهجري هم من التركـ
فإن الصفات التي جاءت في وصف التركـ تنطبق على التتار ( المغول ) ، وقد كان ظهورهم في زمن الإمام النووي رحمه الله ، فقال فيهم : ( قد وجد قتال هؤلاء التركـ بجميع صفاتهم التي ذكرها صلى الله عليه وسلم : صغار الأعين ، حمر الوجوه ، ذُلف الأنف ، عراض الوجوه ، كأن وجوههم المجان المطرقة ، ينتعلون الشعر ، فوُجدوا بهذه الصفات كلها في زماننا ، وقاتلهم المسلمون مرات ، وقتالهم الآن )
* كانت ولادة الإمام النووي سنة 631 هـ ، ووفاته سنة 676 هـ ، وهي الفترة التي ظهر فيها التتار ، وقضوا على الخلافة العباسية .
وقد دخل كثير من التركـ في الإسلام
ووقع على أيديهم خير كثير للإسلام والمسلمين
وكونوا دولة إسلامية قوية ، عزَّ بها الإسلام
وحصل في عهدهم كثير من الفتوحات العظيمة
ومنها : فتح القسطنينية عاصمة الروم ، وهو تهيئة للفتح العظيم آخر الزمان قبل ظهور الدجال ، كما سيأتي بإذن الله .
ودخل الإسلام إلى أوروبا وكثيرٍ من البلدان في الشرق والغرب .
وهذا مصداق لما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه بعد ذكره صلى الله عليه وسلم لقتال التركـ ، قال : ( وتجدون من خير الناس أشدهم كراهيةً لهذا الأمر ، حتى يقع فيه ، والناس معادن ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام ) رواه البخاري .
.
.
هذه هي العلامات التي ظهرت وانقضت .
الجوهرة
12-18-2011, 11:40 PM
قتال العجم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تُقاتلوا خوزا ً وكرمان من الأعاجم ، حمر الوجوه ، فًطس الأنوف ، صغار الأعين ، كأن وجوههم المجان المُطرقة ، نعالهم الشعر ) رواه البخاري .
مضى في الكلام على قتال الترك ذكر صفاتهم التي جاء ذكرها في أحاديث قتالهم ، وذكر هنا في هذا الحديث قتال خوز وكرمان ، وهما ليسا من بلاد الترك ، بل من بلاد العجم ، ومع هذا جاء وصفهم كوصف الترك .
قال ابن حجر : [ يمكن أن يُجاب بأن هذا الحديث غير حديث قتال الترك ، ويجتمع منهما الإنذار بخروج الطائفتين ]
قلت : ويؤيد هذا ما رواه سمرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يوشك أن يملأ الله عز وجل أيديكم من العجم ، ثم يكونون أسدا ً لا يفرون ، فيقتلون مقاتلتكم ، ويأكلون فيئكم ) رواه أحمد .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يوشك أن يكثر فيكم من العجم أسد لا يفرون ، فيقتلون مقاتِلَتَكم ، ويأكلون فيئكم ) رواه الطبراني .
وعلى هذا فقتال العجم من أشراط الساعة .
الجوهرة
12-18-2011, 11:40 PM
ضياع الأمانة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا ضُيعت الأمانة ، فانتظر الساعة ) قال : كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال : ( إذا أُسند الأمر إلى غير أهله ، فانتظر الساعة ) رواه البخاري .
وبين النبي صلى الله عليه وسلم كيف تُرفع الأمانة من القلوب
وأنه لا يبقى منها في القلب إلا أثرها .
روى حذيفة رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين ، رأيت إحداهما ، وأنا أنتظر الآخر ، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة ، وحدثنا عن رفعها ، قال : ( ينام الرجل النومة ، فتُقبض الأمانة من قلبه ، فيظل أثرها مثل أثر الوكت ، ثم ينام النومة فتُقبض ، فيبقى أثرها مثل المجل ، كجمرٍ دحرجته على رجلكـ ، فنفط ، فتراه منتبراً ، وليس فيه شيء ، فيصبح الناس يتبايعون ، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة ، فيقال : إن في بني فلان رجلاً أميناً ، ويقال للرجل : ما أعقله ! وما أظرفه ! وما أجلده ! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت ، لئن كان مسلماً ، رده الإسلام ، وإن كان نصرانياً ، رده علي ساعيه ، فأما اليوم ، فما كنت أُبايع إلا فلاناً وفلاناً ) رواه البخاري .
[ الوكت ] : جمع وكتة ، وهي الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونه ، ومنه قيل للبسر إذا وقعت فيه نقطة من الأرطاب : قد وكت .
[ المجل ] : هو ما يكون في الكف من أثر العمل بالأشياء الصلبة الخشنة ، كهيئة البثر .
[ نفط ] : بفتح النون وكسر الفاء ، يقال : نفطت يده ، أي : قرحت من العمل ، والنفطة : بثرة تخرج في اليد من العمل ملأي ماء .
[ منتبراً ] : المنتبر كل مرتفع ، ومنه اشتق المنبر ، يقال : انتبر الجرح إذا ورم وامتلأ ماء .
ففي هذا الحديث بيان أن الأمانة سترفع من القلوب
حتى يصير الرجل خائناً بعد أن كان أميناً
وهذا إنما يقع لمن ذهبت خشيته لله ، وضعف إيمانه ، وخالط أهل الخيانة
فيصير خائناً ، لأن القرين يقتدي بقرينه .
ومن مظاهر تضييع الأمانة :
إسناد أمور الناس من إمارة وخلافة ، وقضاء ، ووظائف على اختلافها إلى غير أهلها القادرين على تسييرها والمحافظة عليها
لأن في ذلكـ تضييعاً لحقوق الناس ، واستخفافاً بمصالحهم
وإبغاراً لصدورهم ، وإثارة للفتن بينهم .
فإذا ضيع من يتولى أمر الناس الأمانة ـ والناس تبع لمن يتولى أمرهم ـ كانوا مثله في تضييع الأمانة
فصلاح حال الولاة صلاح لحال الرعية ، وفساده فساد لهم .
ثم إن إسناد الأمر إلى غير أهله دليل واضح على عدم اكتراث الناس بدينهم
حتى إنهم ليولون أمرهم من لا يهتم بدينه
وهذا إنما يكون عند غلبة الجهل ، ورفع العلم
ولهذا ذكر البخاري رحمه الله حديث أبي هريرة الماضي في كتاب العلم ، إشارة إلى هذا .
قال ابن حجر : [ ومناسبة هذا المتن لكتاب العلم أن إسناد الأمر إلى غير أهله إنما يكون عند غلبة الجهل ، ورفع العلم ، وذلكـ من جملة الأشراط ]
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه ستكون هناكـ سنون خداعة ، تنعكس فيها الأمور
يُكذب فيها الصادق ، ويُصدق فيها الكاذب
ويُخوَّن الأمين ، ويؤتمن الخائن
كما سيأتي الحديث عنه في أن من أشراط الساعة ارتفاع الأسافل .
الجوهرة
12-18-2011, 11:41 PM
قبض العلم وظهور الجهل
عن أنس بن مالكـ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ) رواه البخاري ومسلم
وروى البخاري عن شقيق قال : كنت مع عبد الله وأبي موسى ، فقالا : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن بين يدي الساعة لأياماً يُنزل فيها الجهل ، ويُرفع العلم ) .
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يتقارب الزمان ، ويقبض العلم ، وتظهر الفتن ، ويُلقى الشُح ويكثر الهرج )
قال ابن بطال : [ وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناها عياناً ، فقد نقص العلم ، وظهر الجهل ، وأُلقي الشح في القلوب ، وعمّت الفتن ، وكثر القتل ]
وعقب على ذلكـ الحافظ ابن حجر بقوله : [ الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير ، مع وجود مقابله ، والمراد من الحديث استحكام ذلكـ ، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر ، وإليه الإشارة بالتعبير بقبض العلم ، فلا يبقى إلا الجهل الصرف ، ولا يمنع من ذلكـ وجود طائفة من أهل العلم ، لأنهم يكونون حينئذٍ مغمورين في أولئكـ ]
وقبض العلم يكون بقبض العلماء
ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جًهالاً ، فسُئلوا ؟ فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا ) رواه البخاري .
قال النووي رحمه الله : [ هذا الحديث يبين أن المراد بقبض العلم في الأحاديث السابقة المطلقة ليس هو محوه من صدور حفاظه ولكن معناه أن يموت حملته ويتخذ الناس جهالاً يحكمون بجهالتهم فيضلون ويضلون ] .
والمراد بالعلم هنا علم الكتاب والسنة
وهو العلم الموروث عن الأنبياء عليهم السلام
فإن العلماء ورثة الأنبياء
وبذهابهم يذهب العلم ، وتموت السنن
وتظهر البدع ، ويعم الجهل .
وأما علم الدنيا
فإنه في زيادة ، وليس هو المراد في الأحاديث
بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : ( فسُئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا )
والضلال إنما يكون عند الجهل بالدين
والعلماء الحقيقيون هم الذين يعملون بعلمهم
ويوجهون الأمة ، ويدلونها على طريق الحق والهدى
فإن العلم بدون عمل لا فائدة فيه
بل يكون وبالاً على صاحبه
وقد جاء في رواية للبخاري : ( وينقص العمل ) .
وقال الذهبي بعد ذكره لطائفة من العلماء : [ وما أوتوا من العلم إلا قليلاً ، وأما اليوم فما بقي من العلوم القليلة إلا القليل ، في أناس قليل ، ما أقل من يعمل منهم بذلكـ القليل فحسبنا الله ونعم الوكيل ].
وإذا كان هذا في عصر الذهبي فما بالكـ بزماننا هذا ؟
فإنه كلما بعد الزمان من عهد النبوة
قل العلم ، وكثر الجهل
فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أعلم هذه الأمة
ثم التابعين ، ثم تابعيهم
وهم خير القرون
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) رواه مسلم .
ولا يزال العلم ينقص ، والجهل يكثر
حتى لا يعرف الناس فرائض الإسلام
فقد روى حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يدرس الإسلام كما يدرس وشيُ الثوب ، حتى لا يُدرى ما صيام ، ولا صلاة ، ولا نُسكـ ، ولا صدقة ؟ ويُسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ، وتبقى طوائف من الناس : الشيخ الكبير ، والعجوز ، يقولون : أدركنا آبائنا على هذه الكلمة ، يقولون : ( لا إله إلا الله ) وهم لا يدرون ما صلاة ، ولا صيام ، ولا نُسكـ ، ولا صدقة ؟ فأعرض عنه حذيفة ، ثم رددها عليه ثلاثاً ، كل ذلكـ يُعرض عنه حذيفة ، ثم أقبل عليه في الثالثة ، فقال : يا صلة ! تُنجيهم من النار ثلاثاً )
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( ليُنزعن القرآن من بين أظهركم ، يُسرى عليه ليلاً ، فيذهب من أجواف الرجال ، فلا يبقى في الأرض منه شيء ) رواه الطبراني .
قال ابن تيمية : [ يُسرى به في آخر الزمان من المصاحف والصدور ، فلا يبقى في الصدور منه كلمة ، ولا في المصاحف منه حرف ]
وأعظم من هذا أن لا يُذكر اسم الله تعالى في الأرض
كما في الحديث عن أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض الله الله ) . رواه مسلم
قال ابن كثير : [ في معنى هذا الحديث قولان :
أحدهما : أن معناه أن أحداً لا يُنكر منكراً ، ولا يزجر أحداً إذا رآه قد تعاطى منكراً ، وعبّر عن ذلكـ بقوله : ( حتى لا يقال : الله ، الله ) كما تقدم في حديث عبد الله بن عمر : ( فيبقى فيها عجاجة ، لا يعرفون معروفاً ، ولا يُنكرون منكراً ) رواه أحمد .
والقول الثاني : حتى لا يُذكر الله في الأرض ، ولا يُعرف اسمه فيها ، وذلكـ عند فساد الزمان ، ودمار نوع الإنسان ، وكثرة الكفر والفسوق والعصيان ]
الجوهرة
12-18-2011, 11:42 PM
كثرة الشُرط وأعوان الظلمة
روى الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يكون في هذه الأمة في آخر الزمان رجال ـ أو قال : يخرج رجال من هذه الأمة في آخر الزمان ـ معهم سياط ، كأنها أذناب البقر ، يغدون في سخط الله ، ويروحون في غضبه ) رواه أحمد .
وفي رواية للطبراني في الكبير : ( سيكون في آخر الزمان شرطة يغدون في غضب الله ، ويروحون في سخط الله ، فإياكـ أن تكون من بطانتهم ) .
وقد جاء الوعيد بالنار لهذا الصنف من الناس الذين يتسلطون على المسلمين
ويعذبونهم بغير حق .
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ... )
قال النووي رحمه الله : [ وهذا الحديث من معجزات النبوة ، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، فأما أصحاب السياط ، فهم غلمان والي الشرطة ]
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه : ( إن طالت بكـ مدة ، أوشكت أن ترى قوماً يغدون في سخط الله ، ويروحون في لعنته ، في أيديهم مثل أذناب البقر ) رواه مسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يكون عليكم أمراء هم شر من المجوس ) رواه الطبراني .
الجوهرة
12-18-2011, 11:42 PM
انتشار الزنا
ومن العلامات التي ظهرت فشو الزنا وكثرته بين الناس
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلكـ من أشراط الساعة .
ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة ... ( فذكر منها ) : ويظهر الزنا ) رواه البخاري .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيأتي على الناس سنوات خداعات ... ( فذكر الحديث وفيه : ) وتشيع فيها الفاحشة )
وأعظم من ذلكـ استحلال الزنا
فقد ثبت في الصحيح عن أبي مالكـ الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير ) رواه البخاري .
وفي آخر الزمان بعد ذهاب المؤمنين يبقى شرار الناس
يتهارجون تهارج الحُمر
كما جاء في حديث النواس رضي الله عنه : ( ويبقى شرار الناس ، يتهارجون فيها تهارج الحمر ، فعليهم تقوم الساعة ) رواه مسلم .
[ يتهارجون ] : أصل الهرج : الكثرة في الشيء والاتساع ، والمراد به هنا : الجماع وكثرة النكاح . والمعنى أن يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والذي نفسي بيده ، لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة ، فيفترشها في الطريق ، فيكون خيارهم يومئذٍ من يقول : لو واريتها وراء هذا الحائط ! ) رواه أبو يعلى .
قال القرطبي في كتابه ( المُفهم ) على حديث أنس السابق : ( في هذا الحديث عَلم من أعلام النبوة ، إذ أخبر عن أمور ستقع ، فوقعت ، خصوصاً في هذه الأزمان )
وإذا كان هذا في زمان القرطبي ، فهو في زماننا هذا أكثر ظهوراً لعظم غلبة الجهل
وانتشار الفساد بين الناس .
الجوهرة
12-18-2011, 11:43 PM
انتشار الربا
ومنها ظهور الربا ، وانتشاره بين الناس
وعدم المبالاة بأكل الحرام
ففي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( بين يدي الساعة يظهر الربا )
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ليأتين على الناس زمان لا يُبالي المرء بما أخذ المال ، أمن حلالٍ أم من حرامٍ )
وهذه الأحاديث تنطبق على كثيرٍ من المسلمين في هذا الزمن
فتجدهم لا يتحرون الحلال في المكاسب
بل يجمعون المال من الحلال والحرام
وأغلب ذلكـ بدخول الربا في معاملات الناس
فقد انتشرت المصارف المتعاملة بالربا
ووقع كثير من الناس في هذا البلاء العظيم .
ومن فقه الإمام البخاري رحمه الله أنه أورد حديث أبي هريرة السابق في باب قول الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مُضاعفة " [ آل عمران : 130 ]
ليُبين أن أكل الأضعاف المضاعفة من الربا يكون بالتوسع فيه عند عدم مبالاة الناس بطرق جمع المال
وعدم التمييز بين الحلال والحرام .
الجوهرة
12-18-2011, 11:44 PM
ظهور المعازف واستحلالها
عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( سيكون في آخر الزمان خسف ، وقذف ، ومسخ ) . قيل : ومتى ذلكـ يا رسول الله ؟ قال : ( إذا ظهرت المعازف والقينات )
وهذه العلامة قد وقع شيء كبير منها في العصور السابقة
وهي الآن أكثر ظهوراً
فقد ظهرت المعازف في هذا الزمان ، وانتشرت انتشاراً عظيماً
وكثر المغنون والمغنيات
وهم المشار إليهم في هذا الحديث بـ [ القينات ]
وأعظم من ذلكـ استحلال كثير من الناس للمعازف
وقد جاء الوعيد لمن فعل ذلكـ بالمسخ والقذف والخسف ، كما في الحديث السابق
ولما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله ، قال : قال هشام بن عمار : حدثنا صدقه بن خالد ( ثم ساق السند إلى أبي مالكـ الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ) ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علمٍ يروح عليهم بسارحةٍ لهم ، يأتيهم ـ يعني : الفقير ـ لحاجةٍ ، فيقولوا : ارجع إلينا غداً ، فيُبيتهم الله ، ويضع العَلَم ، ويُمسخ آخرين قردةً وخنازير إلى يوم القيامة ) رواه البخاري .
وقد زعم ابن حزم أن هذا الحديث منقطع لم يتصل ما بين البخاري وصدقه بن خالد
وقد رد عليه العلامة ابن القيم وبين أن ما قاله ابن حزم باطل من ستة وجوه ذكرها في [ تهذيب السنن ] .
فبعض الناس يتشبث برأي ابن حزم ، ويحتج به على إباحة المعازف
وقد تبين أن الأحاديث الواردة في النهي عنها صحيحة
وأن الأمة مهددة بالعقوبات إذا ظهرت الملاهي ، وارتُكبت المعاصي .
الجوهرة
12-18-2011, 11:44 PM
كثرة شرب الخمر واستحلالها
ظهر في هذه الأمة شرب الخمر ، وتسميتها بغير اسمها
والأدهى من ذلكـ استحلال بعض الناس لها
وهذا من أمارات الساعة
فقد روى الإمام مسلم عن أنس بن مالكـ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أشراط الساعة : ... ( وذكر منها ) ويُشرب الخمر ) رواه مسلم .
ومضى ذكر بعض الأحاديث في الكلام على المعازف
وفيها أنه سيكون من هذه الأمة من يستحل شرب الخمر .
ومنها ما رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لتستحلن طائفةُ من أمتي الخمر باسمٍ يسمونها إياه )
فقد أُطلق على الخمر أسماء كثيرة
حتى سميت بـ [ المشروبات الروحية ] !! ونحو ذلكـ .
والأحاديث في بيان أن هذه الأمة سيفشو فيها شرب الخمر
وأن فيهم من يستحلها ويغير اسمها كثيرة .
وفسر ابن العربي استحلال الخمر بتفسيرين :
الأول : اعتقاد حِل شُربها .
الثاني : أن يكون المراد بذلكـ الاسترسال في شُربها ، كالاسترسال في الحلال .
وذكر أنه سمع ورأى من يفعل ذلكـ ، وهو في زمننا هذا أكثر
فقد فُتن بعض الناس بشربها .
وأعظم من ذلكـ بيعها جهاراً
وشربها علانية في بعض البلدان الإسلامية
وانتشار المخدرات انتشاراً عظيمات لم يسبق له مثيل
مما يُنذر بخطرٍ عظيم ، وفساد كبير
والأمر لله من قبل ومن بعد .
الجوهرة
12-18-2011, 11:45 PM
زخرفة المساجد والتباهي بها
ومنها زخرفة المساجد ، ونقشها ، والتفاخر بها
فقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد ) رواه أحمد .
وفي رواية للنسائي وابن خزيمة عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد )
قال البخاري : ( قال أنس : يتباهون بها ، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً ، فالتباهي بها : العناية بزخرفتها . قال ابن عباس : لتُزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى )
وقد نهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن زخرفة المساجد ، لأن ذلكـ يشغل الناس عن صلاتهم
وقال عندما أمر بتجديد المسجد النبوي : ( أكِنَّ الناس من المطر ، وإياكـ أن تُحمر أو تُصفر : فتفتن الناس ) رواه البخاري .
ورحم الله عمر ، فإن الناس لم يأخذوا بوصيته
ولم يقتصروا على التحمير والتصفير
بل تعدوا ذلكـ إلى نقش المساجد كما يُنقش الثوب
وتباهى الملوكـ والخلفاء في بناء المساجد ، وتزويقها
حتى أتوا في ذلكـ بالعجب
ولا زالت هذه المساجد قائمة حتى الآن
كما في الشام ومصر وبلاد المغرب والأندلس وغيرها
وحتى الآن لا يزال المسلمون يتباهون في زخرفة المساجد .
ولا شكـ أن زخرفة المساجد علامة على الترف والتبذير
وعمارتها إنما تكون بالطاعة والذكر فيها
ويكفي الناس ما يُكنهم من الحر والقر والمطر .
وقد جاء الوعيد بالدمار إذا زُخرفت المساجد ، وحُليت المصاحف
فقد روى الحكيم الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( إذا زوقتم مساجدكم ، وحليتم مصاحفكم ، فالدمار عليكم )
قال المُناوي : ( فزخرفة المساجد وتحلية المصاحف منهي عنها ، لأن ذلكـ يشغل القلب ، ويلهي عن الخشوع والتدبر والحضور مع الله تعالى ، والذي عليه الشافعية أن تزويق المسجد ـ ولو الكعبة ـ بذهب أو فضة : حرام مطلقاً ، وبغيرهما مكروه )
الجوهرة
12-18-2011, 11:45 PM
التطاول في البنيان
هذا من العلامات التي ظهرت قريباً من عصر النبوة
وانتشرت بعد ذلكـ ، حتى تباهى الناس في العمران
وزخرفة البيوت ، وذلكـ أن الدنيا بُسطت على المسلمين
وكثرت الأموال في أيديهم بعد الفتوحات
وامتد بهم الزمان حتى رَكَن كثير منهم إلى الدنيا
ودب إليهم داء الأمم قبلهم
وهو التنافس في جمع الأموال وصرفها في غير ما ينبغي أن تُصرف فيه شرعاً
حتى أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفقر بُسطت لهم الدنيا
كغيرهم من الناس
وأخذوا في بناء الأبنية ذوات الطوابق المتعددة ، وتنافسوا في ذلكـ .
وكل هذا وقع كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عندما سأله عن وقت قيام الساعة : ( ولكن سأحدثكـ عن أشراطها ... ( فذكر منها : ) وإذا تطاول رعاء البهائم في البنيان ، فذاكـ من أشراطها ) رواه البخاري .
[ رعاء البهائم ] : ( البهم ) بفتح الباء وإسكان الهاء : جمع بهمة ، وهي صغار الضأن والمعز ، الذكر والأنثى ، وقيل : أولاد الضأن خاصة .
وفي رواية لمسلم : ( وأن ترى الحُفاة العُراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البُنيان )
وجاء في رواية للإمام أحمد عن ابن عباس ، قال : يا رسول الله ! ومن أصحاب الشاء والحفاة الجياع العالة ؟ قال : ( العرب ) .
وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة ... حتى يتطاول الناس في البنيان ) رواه البخاري .
قال الحافظ ابن حجر : ( ومعنى التطاول في البنيان أن كلا ممن كان يبني بيتاً يريد أن يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر ، ويحتمل أن يكون المراد المباهاة به في الزينة والزخرفة ، أو أعم من ذلكـ ، وقد وجد الكثير من ذلكـ ، وهو في ازدياد )
وقد ظهر جلياً في هذا العصر
فتطاول الناس في البنيان
وتفاخروا في طولها وعرضها وزخرفتها
بل وصل بهم الأمر إلى أن بنوا ما يشبه ناطحات السحاب .
الجوهرة
12-18-2011, 11:46 PM
أن تلد الأمة ربتها
كما في الصحيحين لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل : ( وسأخبركـ عن أشراطها : إذا ولدت الأمة ربتها ) . متفق عليه
وفي رواية لمسلم : ( إذا ولدت الأمة ربتها )
وقد اختلف العلماء في معنى هذه العلامة على عدة أقوال
ذكر الحافظ ابن حجر منها أربعة أقوال :
1 ـ قال الخطابي : [ معناه : اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشركـ ، وسبي ذراريهم ، فإذا ملكـ الرجل الجارية ، واستولدها ، كان الولد منها بمنزلة ربها ، لأنه ولد سيدها ]
وذكر النووي أن هذا القول قول الأكثرين من العلماء .
قال ابن حجر : [ لكن في كونه المراد نظر ، لأن استيلاد الإماء كان موجوداً حين المقالة ، والاستيلاء على بلاد الشركـ وسبي ذراريهم واتخاذهم سراري وقع أكثره في صدر الإسلام ، وسياق الكلام يقتضي الإشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة ]
2 ـ أن تبيع السادة أمهات أولادهم ، ويكثر ذلكـ ، فيتداول الملاكـ المستولدة حتى يشتريها أولادها ولا يشعر بذلكـ .
3 ـ أن تلد الأمة حراً من غير سيدها بوطء شبهة ، أو رقيقاً بنكاح أو زنا ، ثم تباع الأمة في الصورتين بيعاً صحيحاً ، وتدور في الإيدي ، حتى يشتريها ابنها أو ابنتها ، وهذا من نمط القول الذي قبله .
4 ـ أن يكثر العقوق في الأولاد ، فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته ، من الإهانة بالسب ، والضرب ، والاستخدام ، فأطلق عليه ربها مجازاً ، أو المراد بالرب : المربي حقيقة .
ثم قال ابن حجر : [ وهذا أوجه الأوجه عندي ، لعمومه ، ولأن المقام يدل على أن المراد حالة تكون ـ مع كونها تدل على فساد الأحوال ـ مستغربة ، ومحصلة الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور ، بحيث يصير المربى مربياً ، والسافل عالياً ، وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى : أن تصير الحفاة ملوكـ الأرض ] .
5 ـ وهناكـ قول خامس للحافظ ابن كثير رحمه الله ، وهو : [ أن الإماء تكون في آخر الزمان هنَّ المشار إليهن بالحشمة ، فتكون الأمة تحت الرجل الكبير دون غيرها من الحرائر ، ولهذا قرن ذلكـ بقوله : ( وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان ) ] .
وهذا هو شرح الحديث من كتاب الدرة السلفية شرح الأربعين النووية :
وهو شرح لمجموعة من العلماء
الأمة : المملوكة
ربتها : سيدتها .
شرح الإمام النووي :
قال الأكثرون : هذا إخبار عن كثرة السراري وأولادهن ، فإن ولدها من سيدها بمنزلة سيدها ، لأن مال الإنسان صائر إلى ولده .
وقيل : معناه الإماء يلدن الملوكـ فتكون أمه من جملة رعيته ، ويحتمل أن يكون المعنى أن الشخص يستولد الجارية ولداً ويبيعها فيكبر الولد ويشتري أمه .
شرح الإمام ابن دقيق :
فقيل : المراد به أن يستولي المسلمون على بلاد الكفر فيكثر التسري فيكون ولد الأمة من سيدها بمنزلة سيدها لشرفه بأبيه .
وقيل : معناه أن تفسد أحوال الناس حتى يبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر تردادهن في أيدي المشترين فربما اشتراها ولدها ولا يشعر بذلكـ .
وقيل : معناه أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة والسب .
شرح الشيخ ابن عثيمين :
يعني أن تكون المرأة أمة فتلد أمرأة فتكون هذه المرأة غنية تملكـ مثل أمها وهو كناية عن سرعة كثرة المال وانتشاره بين الناس .
الجوهرة
12-18-2011, 11:47 PM
كثرة القتل
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج ) . قالوا : وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : ( القتل ، القتل ) رواه مسلم .
وفي رواية للبخاري عن عبد الله بن مسعود : ( بين يدي الساعة أيام الهرج ، يزول فيها العلم ، ويظهر فيها الجهل ) . قال أبو موسى : والهرج : القتل ، بلسان الحبشة .
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن بين يدي الساعة الهَرجُ ) . قالوا : وما الهرج ؟ قال : ( القتل ) . قالوا : أكثر مما نقتل ، إنا نقتل في العام الواحد أكثر من سبعين ألفاً . قال : ( إنه ليس بقتلكم المشركين ، ولكن قتل بعضكم بعضاً ) . قالوا : ومعنا عقولنا يومئذٍ . قال : إنه ليُنزع عقول أكثر أهل ذلكـ الزمان ، ويخلف له هباء من الناس ، يحسب أكثرهم أنه على شيء ، وليسوا على شيء ) رواه أحمد .
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قتل ولا المقتول فيم قتل ، فقيل كيف يكون ذلك ؟ قال الهرج القاتل والمقتول في النار ) .
وما أخبر به صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث قد وقع بعض منه
فحدث القتال بين المسلمين في عهد الصحابة رضي الله عنهم بعد مقتل عثمان رضي الله عنه
ثم صارت الحروب تكثر في بعض الأماكن دون بعض
وفي بعض الأزمان دون بعض
ودون أن تعرف أسباب أكثر تلكـ الحروب .
وإن ما حصل في القرون الأخيرة من الحروب المدمرة بين الأمم
والتي ذهب ضحيتها الألوف ، وانتشرت الفتن بين الناس بسبب ذلكـ
حتى صار الواحد يقتل الآخر ، ولا يعرف الباعث له على ذلكـ .
وكذلكـ في انتشار الأسلحة الفتاكة التي تدمر الشعوب والأمم له دور كبير في كثرة القتل
حتى صار الإنسان لا قيمة له
يُذبح كما تُذبح الشاة
وذلكـ بسبب الانحلال ، وطيش العقول
فعند وقوع الفتن يقتل القاتل ، ولا يدري لماذا قُتل ، وفيم قُتل
بل إننا نرى بعض الناس يقتل غيره لأسباب تافهة
وذلكـ عند اضطراب الناس
ويصدق على ذلكـ قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنه لينزع عقول أكثر أهل ذلكـ الزمان )
نسأل الله العافية
ونعوذ به من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .
الجوهرة
12-18-2011, 11:48 PM
تقارب الزمان
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان ) رواه البخاري
وعنه رضي الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان ، فتكون السنة كالشهر ، ويكون الشهر كالجمعة ، وتكون الجمعة كاليوم ، ويكون اليوم كالساعة ، وتكون الساعة كاحتراق السعفة ) رواه أحمد
وللعلماء أقوال في المراد بتقارب الزمان منها :
1 ـ أن المراد بذلكـ قلة البركة في الزمان
قال ابن حجر : [ قد وجد في زماننا هذا ، فإننا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا ]
2 ـ أن المراد بذلكـ هو ما يكون في زمان المهدي وعيسى عليه السلام ، ومن استلذاذ الناس للعيش ، وتوفر الأمن ، وغلبة العدل ، وذلكـ أن الناس يستقصرون أيام الرخاء وإن طالت ، وتطول عليهم مدة الشدة وإن قصُرت
3 ـ أن المراد تقارب أحوال أهله في قلة الدين ، حتى لا يكون منهم من يأمر بمعروفٍ ، وينهى عن منكرٍ ، لغلبة الفسق ، وظهور أهله ، وذلكـ عند تركـ طلب العلم خاصة ، والرضى بالجهل ، وذلكـ لأن الناس لا يتساوون في
العلم ، فدرجات العلم تتفاوت ، كما قال تعالى : " وفوق كل ذي علمٍ عليم " [ يوسف : 76 ] ، وإنما يتساوون إذا كانوا جُهالاً
4 ـ أن المراد تقارب أهل الزمان بسبب توفر وسائل الاتصالات والمراكب الأرضية والجوية السريعة التي قربت البعيد
5 ـ أن المراد بذلكـ هو قصر الزمان ، وسرعته سرعة حقيقية ، وذلكـ في آخر الزمان .
وهذا لم يقع إلى الآن
ويؤيد ذلكـ ما جاء أن أيام الدجال تطول حتى يكون اليوم كالسنة ، وكالشهر ، وكالجمعة في الطول
فكما أن الأيام تطول ، فإنها تقصر
وذلكـ لاختلال نظام العالم ، وقُرب زوال الدنيا
قال ابن أبي جمرة : يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان : قصره ، على ما وقع في حديث : ( لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر )
وعلى هذا ، فالقصر يحتمل أن يكون حسياً ، ويحتمل أن يكون معنوياً :
أما الحسي ، فلم يظهر بعد ، ولعله من الأمور التي تكون قُرب قيام الساعة .
وأما المعنوي ، فله مدة منذ ظهر
يعرف ذلكـ أهل العلم الديني ومن له فطنة من أهل السبب الدُنيوي
فإنهم يجدون أنفسهم لا يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل ذلكـ
ويشكون ذلكـ ، ولا يدرون العلة فيه
ولعل ذلكـ بسبب ما وقع من ضعف الإيمان
لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه
وأشد ذلكـ الأقوات ، ففيها من الحرام المحض ومن الشبه ما لا يخفى
حتى إن كثيراً من الناس لا يتوقف في شيء
ومهما قدر على تحصيل شيء ، هجم عليه ولا يبالي
والواقع أن البركة في الزمان وفي الرزق وفي النبت إنما تكون من طريق قوة الإيمان
واتباع الأمر ، واجتناب النهي
والشاهد لذلكـ قوله تعالى : " ولو أن أهل القُرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض " [ الأعراف : 96 ] .
الجوهرة
12-18-2011, 11:48 PM
تقارب الأسواق
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ، ويكثر الكذب ، وتتقارب الأسواق )
قال الشيخ حمود التويجري : [ وأما تقارب الأسواق ، فقد جاء تفسيره في حديث ضعيف بأنه كسادُها ، وقلة أرباحها ، والظاهر ـ والله أعلم ـ أن ذلكـ إشارة إلى ما وقع في زماننا من تقارب أهل الأرض ، بسبب المراكب الجوية والأرضية والآلات الكهربائية التي تنقل الأصوات ، كالإذاعات والتلفونات الهوائية التي صارت أسواق الأرض متقاربة بسببها ، فلا يكون تغيير في الأسعار في قطر من الأقطار إلا ويعلم به التجار ـ أو غالبهم ـ في جميع أرجاء الأرض ، فيزيدون في السعر إن زاد ، ويُنقصون إن نقص ، ويذهب التاجر في السيارات إلى أسواق المدائن التي تبعد عنه مسيرة أيام ، فيقضي حاجته منها ، ثم يرجع في يوم أو بعض يوم ، ويذهب في الطائرات إلى أسواق المدائن التي تبعد عنه مسيرة شهر فأكثر ، فيقضي حاجته منها ، ويرجع في يوم أو بعض يوم .
فقد تقاربت الأسواق من ثلاثة أوجه :
الأول : سرعة العلم بما يكون فيها من زيادة السعر ونقصانه .
الثاني : سرعة السير من سوق إلى سوق ، ولو كانت مسافة الطريق بعيدة جداً .
الثالث : مقاربة بعضها بعضاً في الأسعار ، واقتداء بعض أهلها ببعض في الزيادة والنقصان ، والله أعلم .
الجوهرة
12-18-2011, 11:49 PM
ظهور الشركـ في هذه الأمة
هذه من العلامات التي ظهرت ، وهي في ازدياد
فقد وقع الشركـ في هذه الأمة ، ولحقت قبائل منها بالمشركين
وعبدوا الأوثان ، وبنوا المشاهد على القبور
وعبدوها من دون الله
وقصدوها للتبركـ والتقبيل والتعظيم
وقدموا لها النذور ، وأقاموا لها الأعياد
وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة أو أعظم شركاً .
روى أبو داوود والترمذي عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا وُضع السيف في أمتي ، لم يُرفع عنها إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل أمتي بالمشركين ، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ) رواه أبو داوود .
وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة ) .
و [ ذو الخلصة ] : طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية .
[ أليات ] : جمع الألية ، والمراد بها هي هنا أعجازهن ، أي أن أعجازهن تضطرب في أطرافهن كما كن يفعلن في الجاهلية .
[ الخلصة ] : بفتح الخاء المعجمة واللام بعدها مهملة ، وهذا هو الأشهر في ضبطها ، والخلصة نبات له حب أحمر ، كخرز العقيق .
و [ ذو الخلصة ] : اسم للبيت الذي كان فيه الصنم . وقيل : اسم البيت : الخلصة ، واسم الصنم : ذو الخلصة .
و [ ذو الخلصة ] : اسم لصنمين كل منهما يدعى ذا الخلصة ، أحدهما لدوس ، والثاني لخثعم وغيرهم من العرب .
فأما صنم دوس ، فهو المراد في هذا الحديث ، ولا يزال مكان هذا الصنم معروفاً إلى الآن في بلاد زهران ( جنوب الطائف )
في مكان يقال له : ( ثروق ) من بلاد دوس
ويقع ذو الخلصة قريباً من قرية تسمى ( رمس ) بفتح الراء والميم
وكان ذو الخلصة يقع فوق تل صخري مرتفع
يحده من الشرق شعب ذي الخلصة ، ومن الغرب تهامة
ولا يزال على هذا التل بعض الصخور الكبيرة المستعملة في البناء
وهي تدل على أنه كان يوجد في ذلكـ المكان بناء قوي .
وأما صنم خثعم ، فيسمى أيضاً ذا الخلصة
وهو بيت بنته قبيلتان من العرب هما : خثعم وبجيلة يضاهئون به الكعبة
وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي في مئة وخمسين فارساً
فهدموه وأحرقوه .
وصنم خثعم يقع في تبالة بين مكة واليمن على مسيرة سبع ليال من مكة
وقد بُني في مكانه مسجد جامع لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم .
وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث
فإن قبيلة دوس وما حولها من العرب قد افتتنوا بذي الخلصة
عندما عاد الجهل إلى تلكـ البلاد
فأعادوا سيرتها الأولى ، وعبدوها من دون الله
حتى قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالدعوة إلى التوحيد
وجدد ما اندرس من الدين
وعاد الإسلام إلى جزيرة العرب
فقام الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله
وبعث جماعة من الدعاة إلى ذي الخلصة ، فخربوها ، وهدموا بعض بنائها
ولما انتهى حكم آل سعود على الحجاز في تلكـ الفترة
عاد الجهال إلى عبادتها مرة أخرى
ثم لما استولى الملكـ عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله على الحجاز
أمر عامله عليها
فأرسل جماعةً من جيشه ، فهدموها ، وأزالوا أثرها ، ولله الحمد والمنة .
ولا يزال هناكـ صور من الشركـ في بعض البلدان
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : ( لا يذهب الليل والنهار حتى تُعبد اللات والعزى ) .فقالت عائشة : يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله : " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليُظهره على الدين كله ولو كره المشركون " [ الصف : 9 ] أن ذلكـ تاماً ، قال : ( إنه سيكون من ذلكـ ما شاء الله ، ثم يبعث الله ريحاً طيبة ، فتوفي كل من في قلبه مثقال حبة خردلٍ من إيمان ، فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم ) . رواه مسلم .
ومظاهر الشركـ كثيرة
فليست محصورة في عبادة الأحجار والأشجار والقبور
بل تتعدى ذلكـ إلى اتخاذ الطواغيت أنداداً مع الله تعالى
يشرعون للناس من عند أنفسهم ، ويلزمون بالتحاكم إلى شريعتهم ، وتركـ شريعة الله
فينصبون أنفسهم آلهة مع الله تعالى وتقدس
كما قال تعالى : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله " [ التوبة : 31 ]
أي : جعلوا علماءهم وعبادهم آلهة يشرعون لهم ، فإنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا .
وإذا كان هذا في التحليل والتحريم
فكيف بمن نبذوا الإسلام وراءهم ظهرياً
واعتنقوا المذاهب الإلحادية ، من علمانية ، وشيوعية ، واشتراكية ، وقومية
ثم يزعمون أنهم مسلمون .
الجوهرة
12-18-2011, 11:58 PM
ظهور الفحش وقطيعة الرحم وسوء الجوار
روى الإمام أحمد والحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش ، والتفاحش ، وقطيعة الرحم ، وسوء المجاورة ) رواه أحمد .
[ الفحش ] : قال ابن الأثير : ( هو كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي ، وكثيراً ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا ، وكل خصلة قبيحة فهي فاحشة في الأقوال والأفعال )
وروى الطبراني في الأوسط عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أشراط الساعة الفحش والتفحش وقطيعة الرحم )
وللإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن بين يدي الساعة ... قطع الأرحام )
وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فانتشر الفحش بين كثير من الناس
غير مبالين بالتحدث بما يرتكبون من معاصي
وما يترتب عليه من عقاب شديد
وقُطعت الأرحام ، فالقريب لا يصل قريبه ، بل حصل بينهم التقاطع والتدابر
فتمر الشهور والسنون وهم في بلد واحد
فلا يتزاورون ، ولا يتواصلون
وهذا لا شكـ أنه من ضعف الإيمان
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على صلة الرحم ، وحذر من قطيعتها .
وقال : ( إن الله خلق الخلق ، حتى إذا فرغ منهم ، قامت الرحم ، فقالت : هذا مقام العائذ بكـ من القطيعة ؟ قال : نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلكـ وأقطع من قطعكـ ؟ قالت : بلى ، قال : فذاكـ لكـ ) .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرؤوا إن شئتم : " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا ارحامكم . أولئكـ الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم . أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها " [ محمد : 22 ـ 24 ] .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يدخل الجنة قاطع رحم )
وأما سوء الجوار ، فحدِّث عنه ولا حرج
فكم من جارٍ لا يعرف جاره ، ولا يتفقد أحواله
ليمد يد العون إليه إن احتاج !
بل ولا يكف شره عنه .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أذى الجار ، فقال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يؤذي جاره ) رواه مسلم .
وأمر بالإحسان إلى الجار ، فقال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره )
وقال عليه الصلاة والسلام : ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) .
الجوهرة
12-18-2011, 11:58 PM
تشبب المشيخة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد ، كحواصل الحمام ، لا يريحون رائحة الجنة ) رواه أحمد .
ما جاء في هذا الحديث واقع في هذا الزمن
فإنه انتشر بين الرجال صبغ لحاهم ورؤوسهم بالسواد .
والذي يظهر لي ـ والكلام للكاتب ـ والله أعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم : ( كحواصل الحمام ) تشبيه لحال بعض المسلمين في هذا العصر
فتجدهم يصنعون بلحاهم كهيئة حواصل الحمام
يحلقون عوارضهم ، ويدعون ما على أذقانهم من الشعر
ثم يصبغونه بالسواد
فيغدو كحواصل الحمام .
قال ابن الجوزي : [ يحتمل أن يكون المعنى لا يريحون رائحة الجنة ، لفعلٍ يصدر منهم ، أو اعتقاد ، لا لعلة الخضاب ، ويكون الخضاب سيماهم ، كما قال في الخوارج سيماهم التحليق ، وإن كان تحليق الشعر ليس بحرام ] .
قلت ـ والكلام للكاتب ـ : قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صبغ شعر الرأس واللحية بالسواد
ففي الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : أُتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( غيروا هذا بشيءٍ واجتنبوا السواد ) رواه مسلم .
قال ابن الجوزي : [ اعلم أنه قد خضب جماعة من الصحابة والتابعين منهم : الحسن ، والحسين ، وسعد بن أبي وقاص ، وخلق كثير من التابعين ، وإنما كرهه قوم لما فيه من التدليس ، فأما أن يرقى إلى درجة التحريم إذا لم يدلس ، فيجب فيه هذا الوعيد ، فلم يقل به أحد ] .
وقال النووي : [ يُحرم خضابه بالسواد على الأصح ، وقيل : يكره كراهية تنزيه ، والمختار التحريم لقوله صلى الله عليه وسلم : ( واجتنبوا السواد ) ] .
وأما ما أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب ( الخضاب ) عن الزهري قال : [ كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه جديداً ، فلما نغض الوجه والأسنان ، تركناه ] .
قال الألباني : [ الظاهر أن الزهري لم يكن عنده حديث بالتحريم أصلاً ، فكان يأخذ الأمر بذوقه ، وعلى كل حال ، فلا حجة في فعل أحد أو قوله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحديث المتقدم حجة على الزهري وغيره ] .
[ الثغامة ] : بضم المثلثة ، وتخفيف المعجمة ، نبات شديد البياض ، زهره وثمره ، وقيل : هي شجرة تبيض كأنها الثلج .
الجوهرة
12-18-2011, 11:59 PM
كثرة الشح
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( ومن أشراط الساعة أن يظهر الشح ) رواه الطبراني .
[ الشح ] : أشد البخل ، وهو أبلغ في المنع من البخل . وقيل : هو البخل مع الحرص .
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يتقارب الزمان ، وينقص العمل ، ويلقى الشح ) رواه البخاري .
وعن معاوية رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يزداد الأمر إلا شدة ، ولا يزداد الناس إلا شحاً ) رواه الطبراني .
والشح خلق مذموم
نهى عنه الإسلام ، وبين أن من وُقي شح نفسه
فقد فاز وأفلح كما قال تعالى : " ومن يوق شح نفسه فأولئكت هم المفلحون " [ الحشر : 9 ، والتغابن : 16 ]
وعن جابر بن عبد الله رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، واتقوا الشح ، فإن الشح أهلكـ من كان قبلكم ، حملهم على أن سفكوا دماءهم ، واستحلوا محارمهم ) رواه مسلم .
قال القاضي عياض : [ يحتمل أن هذا الهلاكـ هو الهلاكـ الذي أخبر عنهم به في الدنيا ، بأنهم سفكوا دماءهم ، ويحتمل أنه هلاكـ الآخرة ، وهذا الثاني أظهر ، ويحتمل أنه أهلكهم في الدنيا والآخرة ] .
الجوهرة
12-19-2011, 12:00 AM
كثرة التجارة
ومنها كثرة التجارة ، وفشوها بين الناس
حتى تشاركـ النساء فيها الرجال .
روى الإمام أحمد والحاكم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( بين يدي الساعة تسليم الخاصة ، وفشو التجارة ، حتى تشاركـ المرأة زوجها في التجارة ) .
وروى النسائي عن عمرو بن تغلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من أشراط الساعة أن يفشو المال ويكثر ، وتفشو التجارة ) رواه النسائي .
وقد وقع هذا ، فكثرت التجارة ، وشاركت فيها النساء
وافتتن الناس بجمع المال ، وتنافسوا فيه .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يخشى على هذه الأمة الفقر
وإنما يخشى عليها أن تُبسط عليهم الدنيا ، فيقع بينهم التنافس
ففي الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام : ( والله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى عليكم ن تُبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم ، فتنا****ا كما تنا****ا ، وتهلكهم كما أهلكتهم ) متفق عليه .
وفي رواية لمسلم : ( وتلهيكم كما ألهتهم ) رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا فُتحت عليكم فارس والروم ، أي قومٍ أنتم ؟ قال عبد الرحمن بن عوف : نقول كما أمرنا الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أو غير ذلكـ : تنافسون ، ثم تتحاسدون ، ثم تتدابرون ، ثم تتباغضون ) أو نحو ذلكـ .
فالمنافسة على الدنيا تجر إلى ضعف الدين ، وهلاكـ الأمة ، وتفرق كلمتها
كما وقع فيما مضى ، وكما هو واقع الآن .
الجوهرة
12-19-2011, 12:00 AM
كثرة الزلازل
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل ) رواه البخاري .
وعن سلمة بن نفيل السكوني ، قال : كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ( فذكر الحديث وفيه ) : ( وبين يدي الساعة موتان شديد ، وبعده سنوات الزلازل ) رواه أحمد .
قال ابن حجر : [ قد وقع في كثير من البلاد الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزلازل ، ولكن الذي يظهر أن المراد بكثرتها شمولها ودوامها ]
ويؤيد ذلكت ما روي عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه ، قال : وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدي على رأسي ـ أو على هامتي ـ فقال : ( يا بن حوالة ! إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة ، فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام ، والساعة يومئذٍ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسكـ ) رواه أحمد .
الجوهرة
12-19-2011, 12:01 AM
ظهور الخسف والمسخ والقذف
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يكون في آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف ) . قالت : قلت يا رسول الله ! أنهلكـ وفينا الصالحون ؟ قال : ( نعم ، إذا ظهر الخبث ) رواه الترمذي .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف ) رواه ابن ماجه .
وقد جاء الخبر أن الزنادقة والقدرية يقع عليهم المسخ والقذف .
روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنه سيكون في أمتي مسخ وقذف ، وهو في الزندقية والقدرية ) .رواه أحمد .
وفي رواية للترمذي : ( في هذه الأمة ـ أو في أمتي ـ خسف أو مسخ أو قذف في أهل القدر ) رواه الترمذي .
وعن عبد الرحمن بن صحار العبدي عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يُخسف بقبائل ، فيقال : من بقي من بني فلان ؟ ) قال : فعرفت حين قال : ( قبائل ) أنها العرب ، لأن العجم تُنسب إلى قُراها ) رواه أحمد .
وعن محمد بن إبراهيم التيمي قال : سمعت بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول : ( إذا سمعتم بجيشي قد خُسف به قريباً ، فقد أظلت الساعة ) رواه أحمد .
والخسف قد وجد في مواضع في الشرق والغرب قبل عصرنا هذا
ووقع في هذا الزمن كثير من الخسوفات في أماكن متفرقة من الأرض
وهي نذير بين يدي عذابٍ شديد
وتخويف من الله لعباده ، وعقوبة لأهل البدع والمعاصي
كي يعتبر الناس ، ويرجعوا إلى ربهم
ويعلموا أن الساعة قد أزفت ، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه .
وقد جاء الوعيد للعصاة من أهل المعازف وشاربي الخمور بالخسف والمسخ والقذف .
روى الترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف ) . فقال رجل من المسلمين : يا رسول الله ! ومتى ذلكـ ؟ قال : ( إذا ظهرت القيان والمعازف ، وشُربت الخمور )
وروى ابن ماجه عن أبي مالكـ الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ، يُعزف على رؤوسهم بالمعازف ، يخسف الله بهم الأرض ، ويجعل منهم القردة والخنازير )
والمسخ يكون حقيقياً ، ويكون معنوياً :
فقد فسر الحافظ ابن كثير رحمه الله ( المسخ ) في قوله تعالى : " ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردةً خاسئين " [ البقرة : 65 ]
بأنه مسخ حقيقي ، وليس مسخاً معنوياً فقط
وهذا القول هو الراجح
وهو ما ذهب إليه ابن عباس وغيره من أئمة التفسير .
وذهب مجاهد وأبو العالية وقتادة إلى أن المسخ كان معنوياً
وأنه كان لقلوبهم ، ولم يمسخوا قردةً .
ونقل ابن حجر عن ابن العربي القولين ، ورجح الأول .
ورجح رشيد رضا في تفسيره القول الثاني ، وهو أنه كان مسخاً في أخلاقهم .
واستبعد ابن كثير ما روي عن مجاهد ، وقال : [ إنه قول غريب ، خلاف الظاهر من السياق في هذا المقام وغيره ] .
ثم قال ـ بعد سياقه لطائفة من كلام العلماء ـ : [ الغرض من هذا السياق عن هؤلاء الأئمة بيان خلاف ما ذهب إليه مجاهد رحمه الله من أن مسخهم إنما كان معنوياً لا صورياً ، بل الصحيح أنه معنوي صوري ، والله أعلم ] .
وإذا كان المسخ يحتمل أن يكون معنوياً
فإن كثيراً من المستحلين للمعاصي قد مُسخت قلوبهم
فأصبحوا لا يفرقون بين الحلال والحرام
ولا بين المعروف والمنكر
مثلهم في ذلكـ كمثل القردة والخنازير
نسأل الله العافية والسلامة
وسيقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من المسخ
سواء أكان معنوياً أو صورياً .
الجوهرة
12-19-2011, 12:02 AM
ذهاب الصالحين
ومن أشراطها : ذهاب الصالحين ، وقلة الأخيار ، وكثرة الأشرار
حتى لا يبقى إلا شرار الناس ، وهم الذين تقوم عليهم الساعة .
ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض ، فيبقى فيها عجاجة ، لا يعرفون معروفاً ، ولا ينكرون منكراً )
[ شريطته ] : أي أهل الخير والدين ، والأشراط من الأضداد ، يقع على الأشراف والأرذال .
أي يأخذ الله أهل الخير والدين
ويبقى غوغاء الناس وأراذلهم ومن لا خير فيهم
وهذا عند قبض العلم واتخاذ الناس رؤوساً جُهالاً يُفتون بغير علم .
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يأتي على الناس زمان يُغربلون فيه غربلةً ، يبقى منهم حُثالة قد مرِجت عهودهم وأماناتهم ، واختلفوا ، فكانوا هكذا ( وشبكـ بين أصابعه ) رواه أحمد .
[ الحثالة ] : الرديء من كل شيء ، ومنه حثالة الشعير والأرز والتمر وكل ذي قشر .
[ مرِجت ] : أي اختلطت .
وذهاب الصالحين يكون عند كثرة المعاصي
وتركـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فإن الصالحين إذا رأوا المنكر ولم يغيروه وكثر الفساد
عمهم العذاب مع غيرهم إذا نزل
كما جاء في الحديث لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : أنهلكـ وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث ) رواه البخاري .
الجوهرة
12-19-2011, 12:02 AM
ارتفاع الأسافل
ومن أشراطها ارتفاع أسافل الناس عن خيارهم
واستئثارهم بالأمور دونهم
فيكون أمر الناس بيد سفهائهم وأراذلهم ومن لا خير فيهم
وهذا من انعكاس الحقائق ، وتغير الأحوال
وهذا أمر مشاهد في هذا الزمن
فترى أن كثيراً من رؤوس الناس وأهل العقد والحل
هم أقل الناس صلاحاً وعلماً
مع أن الواجب أن يكون أهل الدين والتقى هم المقدمون على غيرهم في تولي أمور الناس
لأن أفضل الناس وأكرمهم هم أهل الدين والتقوى
كما قال تعالى : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " [ الحجرات : 13 ] .
ولذلكـ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يولي الولايات وأمور الناس إلا من هم أصلح الناس وأعلمهم
وكذلكـ خلفاؤه من بعده
وهذه بعض الأحاديث الدالة على ارتفاع أسافل الناس
وأن ذلكـ من أمارات الساعة :
فمنها ما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنها ستأتي على الناس سنون خداعة ، يثصدق فيها الكاذب ، ويُكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويُخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ) . قيل : وما الرويبضة ؟ قال : ( السفيه يتكلم في أمر العامة )
[ الرويبضة ] : تصغير الرابضة ، وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور ، وقعد عن طلبها ، والتافه الخسيس الحقير .
وفي حديث جبريل الطويل قوله : ( ولكن سأحدثكـ عن أشراطها ... وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس ، فذاكـ من أشراطها ) رواه مسلم .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أشراط الساعة : أن يغلب على الدنيا لُكع ابن لُكع ، فخير الناس يومئذٍ مؤمن بين كريمين ) .
وفي الصحيح : ( إذا أُسند الأمر إلى غير أهله ، فانتظر الساعة ) رواه البخاري .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( من أشراط الساعة : .... أن يعلو التُّحوت الوعول ) أكذلكـ يا عبد الله بن مسعود سمعته من حِبي ؟ قال : نعم ، ورب الكعبة . قلنا : وما التُّحوت ؟ قال : فسول الرجال ، وأهل البيوت الغامضة يُرفعون فوق صالحيهم . والوعول : أهل البيوت الصالحة .
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تذهب الدنيا حتى تصير للكع ابن لكع )
[ لكع ] : اللكع عند العرب : العبد ، ثم استعمل في الحمق والذم ، وهو اللئيم ، وقد يطلق على الصغير ، فإن أطلق على الكبير ، أُريد به صغير العلم والعقل .
وفي رواية للإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع ) .
وفي الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قبض الأمانة : ( حتى يقال للرجل : ما أجلده ! ما أظرفه ! ما أعقله ! وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ) .
وهذا هو الواقع بين المسلمين في هذا العصر
يقولون للرجل : ما أعقله ! ما أحسن خلقه !
ويصفونه بأبلغ الأوصاف الحسنة
وهو من أفسق الناس ، وأقلهم ديناً وأمانة
وقد يكون عدواً للمسلمين ، ويعمل على هدم الإسلام
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
الجوهرة
12-19-2011, 12:03 AM
أن تكون التحية للمعرفة
ومن أشراطها أن الرجل لا يلقي السلام إلا على من يعرفه
ففي الحديث عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل ، لا يسلم عليه إلا للمعرفة ) رواه أحمد .
وفي رواية له : ( إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة ) .
وهذا أمر مشاهد في هذا الزمن
فكثير من الناس لا يسلمون إلا على من يعرفون
وهذا خلاف السنة
فإن النبي صلى الله عليه وسلم حث على إفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف
وأن ذلكـ سبب في انتشار المحبة بين المسلمين
التي هي سبب للإيمان الذي يكون به دخول الجنة
كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم .
الجوهرة
12-19-2011, 12:04 AM
التماس العلم عند الأصاغر
روى الإمام عبد الله بن المباركـ بسنده عن أبي أمية الجمحي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من أشراط الساعة ثلاثاً : إحداهن : أن يُلتمس العلم عند الأصاغر .... )
وسُئل الإمام عبد الله بن المباركـ عن الأصاغر ؟ فقال : ( الذين يقولون برأيهم ، فأما صغير يروي عنه كبير ، فليس بصغير ) .
وقال في ذلكـ أيضاً : ( أتاهم العلم من قبل أصاغرهم ، يعني : أهل البدع )
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن أكابرهم ، فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم ، وتفرقت أهواؤهم ، هلكوا ) رواه ابن المباركـ .
الجوهرة
12-19-2011, 12:05 AM
ظهور الكاسيات العاريات
ومنها خروج النساء عن الآداب الشرعية
وذلكـ بلبس الثياب التي لا تستر عوراتهن
وإظهارهن لزينتهن وشعورهن وما يجب ستره من أبدانهن
ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرحال ، ينزلون على أبواب المساجد ، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهم كأسنمة البخت العجاف ، العنوهن ، فإنهن ملعونات ، لو كانت وراءكم أمةً من الأمم لخدمن نساؤكم نساءهم كما يخدمنكم نساء الأمم قبلكم ) رواه أحمد .
[ سروج ] : جمع سرج ، وهو رحل الدابة .
[ الرحال ] : جمع رحل ، وهو مركب للبعير والناقة ، والرحالة أكبر من السرج ، وتغشى بالجلود ، وتكون للخيل والنجائب من الإبل ، ويقال لمنزل الإنسان ومسكنه : رحل .
وجاء في مسند الإمام أحمد بتحقيق شاكر بلفظ : ( كأشباه الرجال )
ويظهر لي ـ والكلام للكاتب ـ أن فيه تحريفاً غاب عن المحقق ولذلكـ فإنه عندما أراد شرح معنى هذا اللفظ قال : [ مشكل المعنى قليلاً ، فتشبيه الرجال بالرجال فيه بُعد ، وهو توجيه متكلف ] .
وإذا كانت اللفظة : [ كأشباه الرحال ] : فإنه يزول الإشكال
ويكون المراد تشبيه السروج بالرحال
وهي ها هنا الدُور والمنازل
ولعل هذا إشارة إلى المراكب الوثيرة الموجودة في السيارات في هذا العصر
فإنها قد صارت في هذه الأزمان مراكب لعموم الناس من رجال ونساء
يركبونها إلى المساجد وغيرها . والله أعلم .
وفي رواية للحاكم : ( سيكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب مساجدهم ، نساؤهم كاسيات عاريات )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر ، يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( من أشراط الساعة : ... أن تظهر ثياب تلبسها نساء كاسيات عاريات ) رواه مسلم .
وهذه الأحاديث من معجزات النبوة
فقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم قبل عصرنا هذا
وهو في زمننا هذا أكثر ظهوراً
وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الصنف من النساء بـ [ الكاسيات العاريات ]
لأنهن يلبسن الثياب ، ومع هذا فهن عاريات
لأن ثيابهن لا تؤدي وظيفة الستر
لرقتها وشفافيتها ، كأكثر ملابس النساء في هذا العصر .
وقيل أن معنى [ الكاسيات العاريات ] : أي كاسية جسدها ، ولكنها تشد خمارها ، وتضيق ثيابها
حتى تظهر تفاصيل جسمها ، فتبرز صدرها وغيره من مفاتن جسدها
أو تكشف بعض جسدها
فتُعاقب على ذلكـ في الآخرة .
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في وصف هؤلاء النسوة بأنهن : ( كاسيات عاريات )
وأيضاً : ( مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة )
وهذا إخبار عن شيء مشاهد في هذا العصر
كأنه صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عصرنا هذا ، ويصفه لنا
فقد أصبح في عصرنا هذا أماكن لتصفيف شعور النساء وتجميلها
وتنويع أشكالها في محلات تسمى [ كوافير ]
يُشرف عليها غالباً رجال يتقاضون أغلى الأجور ، وليس ذلكـ فحسب
فكثير من النساء لا يكتفين بما وهبهن الله من شعر طبيعي
فيلجأن إلى شراء شعر صناعي
تصله المرأة بشعرها ، ليبدو أكثر نعومة ولمعاناً وجمالاً
لتجذب إليها الرجال .
الجوهرة
12-19-2011, 12:05 AM
صدق رؤيا المؤمن
ومنها صدق رؤيا المؤمن في آخر الزمان
وكلما كان المرء صادقاً في إيمانه ، كانت رؤياه صادقة
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا اقترب الزمان ، لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً ، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة ) رواه مسلم .
وفي لفظ البخاري : ( لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ... وما كان من النبوة فإنه لا يكذب ) .
قال ابن أبي جمرة : [ معنى كون رؤيا المؤمن في آخر الزمان لا تكاد تكذب : أنها تقع غالباً على الوجه الذي لا يحتاج إلى تعبير ، فلا يدخلها الكذب ، بخلاف ما قبل ، فإنها قد يخفى تأويلها ، فيعبرها العابر ، فلا تقع كما قال ، فيصدق دخول الكذب فيها بهذا الاعتبار ] .
قال : [ والحكمة في اختصاص ذلكـ بآخر الزمان أن المؤمن في ذلكـ الوقت يكون غريباً ، كما في الحديث : ( بدأ الإسلام غريباً ، وسيعود غريباً ) رواه مسلم ، فيقل أنيس المؤمن ومعينه في ذلكـ الوقت ، فيُكرم بالرؤيا الصالحة ] .
وقد اختلف العلماء في تحديد الزمن الذي يقع فيه صدق رؤيا المؤمن على أقوال :
الأول : أن ذلكـ يقع إذا اقتربت الساعة ، وقُبض أكثر العلم ، ودرست معالم الشريعة ، بسبب الفتن وكثرة القتال ، وأصبح الناس على مثل الفترة ، فهم محتاجون إلى مجدد ومذكر لما دَرَس من الدين ، كما كانت الأمم تذّكر بالأنبياء ، لكن لما كان نبينا صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء ، وتعذرت النبوة في هذه الأمة ، فإنهم يُعوَّضون بالمرائي الصادقة ، التي هي جزء من النبوة الآتية بلتبشير والإنذار
ويؤيد هذا القول حديث أبي هريرة : ( يتقارب الزمان ، ويُقبض العلم ) .
ورجح ابن حجر هذا القول .
الثاني : أن ذلكـ يقع عند قلة عدد المؤمنين ، وغلبة الكفر والجهل والفسق على الموجودين
فيؤنس المؤمن ، ويُعان بالرؤيا الصادقة إكراماً له وتسلية .
وهذا القول قريب من قول ابن أبي جمرة السابق
وعلى هذين القولين لا يختص صدق رؤيا المؤمن بزمان معين
بل كلما قرب فراغ الدنيا ، وأخذ أمر الدين في الاضمحلال
تكون رؤيا المؤمن الصادق صادقة .
الثالث : أن ذلكـ خاص بزمان عيسى بن مريم عليه السلام
لأن أهل زمنه أحسن هذه الأمة حالاً بعد الصدر الأول
وأصدقهم أقوالاً
فكانت رؤياهم لا تُكذَّب . والله أعلم .
الجوهرة
12-19-2011, 12:06 AM
كثرة الكتابة وانتشارها
جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن بين يدي الساعة ... ظهور القلم ) رواه أحمد .
والمراد بظهور القلم ـ والله أعلم ـ ظهور الكتابة وانتشارها .
ووقع في رواية الطيالسي والنسائي عن عمرو بن تغلب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن من أشراط الساعة .... أن يكثر التجار ، ويظهر العلم ) .
ومعناه ـ والله أعلم ـ ظهور وسائل العلم ، وهي كتبه .
وقد ظهرت في هذا الزمن ظهوراً باهراً
وانتشرت في جميع أرجاء الأرض
بسبب توفر آلات الطابعة والتصوير التي سهّلت انتشارها
ومع هذا ، فقد ظهر الجهل في الناس
وقل فيهم العلم النافع ، وهو علم الكتاب والسنة ، والعمل بهما
ولم تُغن عنهم كثرة الكتب شيئاً .
الجوهرة
12-19-2011, 12:06 AM
التهاون بالسنن التي رغب فيها الإسلام
ومنها التهاون بشعائر الله تعالى
كما جاء في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ( إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل بالمسجد ، لا يصلي فيه ركعتين ) .
وفي رواية : ( أن يجتاز الرجل بالمسجد ، فلا يصلي فيه ) .
وعن ابن مسعود أيضاً قال : ( إن من أشراط الساعة أن تُتخذ المساجد طُرقاً ) .
وعن أنس رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من أمارات الساعة أن تُتخذ المساجد طُرقاً ) .
وهذا أمر لا يجوز
فإن تعظيم المساجد من تعظيم شعائر الله تعالى
وأن ذلكـ علامة الإيمان والتقوى
كما قال تعالى : " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " [ الحج : 32 ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أحدكم المسجد ، فلا يجلس حتى يركع ركعتين ) رواه مسلم .
ومن أعظم البلايا أن صارت المساجد أماكن للسياحة والفرجة للكفار
بعد ما كانت محلاً للذكر والعبادة
وقد حدث هذا في هذا العصر ، كما في بعض البلاد الإسلامية
والبلاد التي تحت أيدي الكفار
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
الجوهرة
12-19-2011, 12:07 AM
انتفاخ الأهلة
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة ، وأن يُرى الهلال لليلةٍ فيقال : لليلتين ) رواه الطبراني .
وعن أنس بن مالكـ رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من أمارات الساعة أن يُرى الهلال لليلة ، فيقال : لليلتين ) .
فقد جاء في هاتين الروايتين تفسير انتفاخ الأهلة بأن ذلكـ عبارة عن كبر الهلال حين طلوعه عما هو معتاد في أول الشهر ، فيرى وهو ابن ليلة ، كأنه ابن ليلتين . والله أعلم .
الجوهرة
12-19-2011, 12:08 AM
كثرة الكذب وعدم التثبت في نقل الأخبار
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم ) رواه مسلم .
وفي رواية : ( يكون في آخر الزمان دجالون كذابون ، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم ، فأياكم وإياهم ، لا يضلونكم ولا يفتنونكم ) رواه مسلم .
وروى مسلم عن عامر بن عبدة قال : قال عبد الله : ( إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل ، فيأتي القوم ، فيحدثهم بالحديث من الكذب ، فيتفرقون ، فيقول الرجل منهم : سمعت رجلاً أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدِّث ) رواه مسلم .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : ( إن في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان ، يوشكـ أن تخرج ، فتقرأ على الناس قرآناً ) . رواه مسلم .
قال النووي : [ معناه : تقرأ شيئاً ليس بقرآن ، وتقول إنه قرآن ، لتغر به عوام الناس ، فلا يغترون ) .
وما أكثر الأحاديث الغريبة في هذا الزمان
فقد أصبح بعض الناس لا يتورع عن كثرة الكذب ونقل الأقوال بدون تثبت من صحتها
وفي هذا إضلال للناس ، وفتنة لهم .
ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تصديقهم
وقد جعل علماء الحديث هذه الأحاديث أصلاً في وجوب التثبت من نقل الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتمحيص الرواة ، لمعرفة الثقة من غيره .
وبسبب كثرة كذب الناس في هذا الزمان
صار الإنسان لا يميز بين الأخبار ، فلا يعرف صحيحها من سقيمها .
الجوهرة
12-19-2011, 12:08 AM
كثرة شهادة الزور ، وكتمان شهادة الحق
جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن بين يدي الساعة : .... شهادة الزور ، وكتمان شهادة الحق ) رواه أحمد .
وشهادة الزور هي الكذب متعمداً في الشهادة
فكما أن شهادة الزور سبب لإبطال الحق ، فكذلكـ كتمان الشهادة سبب لإبطال الحق .
قال الله تعالى : " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " [ البقرة : 283 ] .
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ) ؟ الإشراكـ بالله ، وعقوق الوالدين ، وشهادة الزور ـ أو قول الزور ـ ، وكان متكئاً فجلس ، فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت ) .
وما أكثر شهادة الزور وكتمان شهادة الحق في هذا الزمن !
ولعظم خطرها قرنها النبي صلى الله عليه وسلم بالشركـ وعقوق الوالدين
فإن شهادة الزور سبب للظلم والجور وضياع حقوق الناس في الأموال والأعراض
وظهورها دليل على ضعف الإيمان ، وعدم الخوف من الرحمن .
الجوهرة
12-19-2011, 12:09 AM
كثرة النساء وقلة الرجال
عن أنس رضي الله عنه قال : لأحدثنكم حديثاً لا يحدثكم أحد بعدي ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أشراط الساعة أن يقل العلم ، ويظهر الجهل ، ويظهر الزنا ، وتكثر النساء ، ويقل الرجال ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد ) رواه البخاري .
قيل : إن سبب ذلكـ كثرة الفتن ، فيكثر القتل في الرجال ، لأنهم أهل الحرب دون النساء .
وقيل : إن سبب ذلكـ كثرة الفتوح ، فتكثر السبايا ، فيتخذ الرجل عدة موطوءات .
قال الحافظ ابن حجر : [ فيه نظر ، لأنه صرَّح بالقلة في حديث أبي موسى ... فقال : ( من قلة الرجال وكثرة النساء ) ، والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر ، بل يقدر الله في آخر الزمان أن يقلَّ من يولد من الذكور ، ويكثر من يولد من الإناث ، وكون كثرة النساء من العلامات مناسبة لظهور الجهل ورفع العلم ) .
قلت ـ والكلام للكاتب ـ : ولا يمنع أن يكون ذلكـ بما ذكره الحافظ ابن حجر
وبغيره من الأسباب التي ينشأ عنها قلة الرجال وكثرة النساء
كوقوع الفتن التي تكون سبباً في القتال
فقد جاء في رواية مسلم ما يدل على أن كثرة النساء وقلة الرجال يكون بسبب ذهاب الرجال وبقاء النساء
والذي يُذهب الرجال غالباً يكون كثرة القتال
ولفظ مسلم هو قوله صلى الله عليه وسلم : ( ويذهب الرجال وتبقى النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة قيِّم واحد )
وليس المراد هنا حقيقة العدد ( خمسين )
فقد جاء في حديث أبي موسى رضي الله عنه : ( ويُرى الرجل يتبعه أربعون امرأة يلُذن به )
فيكون ذلكـ مجازاً عن الكثرة ، والله أعلم .
الجوهرة
12-19-2011, 12:10 AM
كثرة موت الفجأة
عن أنس بن مالكـ رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من أمارات الساعة ... أن يظهر موت الفجأة )
وهذا أمر مشاهد في هذا الزمن ، حيث كثر في الناس موت الفجأة
فترى الرجل صحيحاً مُعافى ، ثم يموت فجأة
وهذا ما يسميه الناس في الوقت الحاضر بـ ( السكتة القلبية )
فعلى العاقل أن يتنبه لنفسه
ويرجع ويتوب إلى الله تعالى قبل مفاجأة الموت .
وكان الإمام البخاري رحمه الله يقول :
اغتنم في الفراغ فضل ركوعٍ
فعسى أن يكون موتك بغتـةً
كم صحيحٍ رأيت من غير سقمٍ
ذهبت نفسه الصحيحة فلتة .
قال ابن حجر : [ وكان من العجائب أنه هو وقع له ـ أي : البخاري ـ ذلكـ أو قريباً منه ] .
الجوهرة
12-19-2011, 12:11 AM
وقوع التناكر بين الناس
عن حُذيفة رضي الله عنه قال : ( سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة ؟ فقال : علمها عند ربي ، لا يجلِّيها لوقتها إلا هو ، ولكن أُخبركم بمشاريطها ، وما يكون بين يديها ، إن بين يديها فتنةً وهرجاً . قالوا : يا رسول الله ! الفتنة قد عرفناها ، فالهرج ما هو ؟ قال : بلسان الحبشة : القتل . ويُلقى بين الناس التناكر ، فلا يكاد أحد أن يعرف أحداً ) رواه أحمد .
فوقوع التناكر عند كثرة الفتن والمحن وكثرة القتال بين الناس
وحينما تستولي المادة على الناس
ويعمل كل منهم لحظوظ نفسه
غير مكترث بمصالح الآخرين ، ولا بحقوقهم
فتنتشر الأنانية البغيضة
ويحيى الإنسان في نطاق أهوائه وشهواته
فلا تكون هناكـ قيم أخلاقية يعرف بعض الناس بها بعضاً
ولا يكون هناكـ من الأُخوة الإيمانية ما يجعلهم يلتقون على الحب في الله
والتعاون على البر والتقوى .
روى الطبراني عن محمد بن سوقة قال : ( أتيت نُعيم بن أبي هند فأخرج إلي صحيفة ، فإذا فيها : من أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب : سلام عليكـ ... [ فذكر الكتاب وفيه : ] وإن كنا نتحدث أن أمر هذه الأمة في آخر زمانها سيرجع إلى أن يكونوا إخوان العلانية أعداء السرية [ ثم ذكر جواب عمر رضي الله عنه لهما وفيه : ] وكتبتما تحذراني أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها إلى أن يكونوا إخوان العلانية ، أعداء السريرة ، ولستم بأولئكـ ، وليس هذا بزمان ذلكـ ، وذلكـ زمان تظهر فيه الرغبة والرهبة ، تكون رغبة بعض الناس إلى بعض لصلاح دنياهم ) .
الـمـلـكـي
12-19-2011, 01:58 AM
آللهم صلي وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه
آللهم آتنآ في آلدنيآ حسنة وفي الآخرة حسنة وقنآ عذآب آلنآر
جزآك الله خير أختي آلكريمة ولآحرمتي الأجر
لك آلتحيه,’,’,
أتعبني فراقك
12-19-2011, 05:00 AM
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
وداعيه .
جزااك الله خير للطرح القيم
الجوهرة
12-20-2011, 10:59 PM
الملكي / أتعبني فراقك ..
جزاكم الله خير على حضوركم ..
شكرا ً لكم ..
الجوهرة
12-20-2011, 11:00 PM
عود أرض العرب مروجاً وأنهاراً
ومنها أن تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ) رواه مسلم .
[ المروج ] : جمع مرج ، وهو الفضاء الواسع ، ويقال للأرض ذات الكلأ : مرج . ومنه قولهم : مرج الدابة يمرجها : إذا أرسلها ترعى في المرج .
وفي هذا الحديث دلالة على أن أرض العرب كانت مروجاً وأنهاراً ، وأنها ستعود كما كانت مروجاً وأنهاراً .
قال النووي في معنى عود أرض العرب مروجاً وأنهاراً : [ معناه ـ والله أعلم ـ أنهم يتركونها ويُعرضون عنها ، فتبقى مهملة ، لا تُزرع ، ولا تُسقى من مياهها ، وذلكـ لقلة الرجال ، وكثرة الحروب ، وتراكم الفتن ، وقرب الساعة ، وقلة الآمال ، وعدم الفراغ لذلكـ والاهتمام به ] .
والذي يظهر لي ـ والكلام للكاتب ـ أن ما ذهب إليه النووي في شرحه لهذا الحديث فيه نظر
فإن أرض العرب أرض قاحلة شحيحة المياه ، قليلة النبات ، غالب مياهها من الآبار والأمطار
فإذا تُركت واشتغل عنها أهلها ، مات زرعها ، ولم تعد مروجاً وأنهاراً .
وظاهر الحديث يدل على أن بلاد العرب ستكثر فيها المياه ، حتى تكون أنهاراً
فتنبت بها النباتات ، فتكون مروجاً وحدائق وغابات .
والذي يؤيد هذا أنه ظهر في هذا العصر عيون كثيرة تفجرت كالأنهار ، وقامت عليها زراعات كثيرة
وسيكون ما أخبر به الصادق صلى الله عليه وسلم ، فقد روى معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في غزوة تبوكـ : ( إنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوكـ ، وإنكم لن تأتوها حتى يُضحي النهار ، فمن جاءها منكم ، فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي ) فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان ، والعين مثل الشراكـ تبض بشيء من ماء ، قال : فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هل مسستما من مائها شيئاً ؟ ) . قالا : نعم . فسبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال لهما ما شاء الله أن يقول . قال : ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلاً قليلاً ، حتى اجتمع في شيءٍ . قال : ثم غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه ، ثم أعاده فيها ، فجرت العين بماء منهمر ، أو قال غزير ... حتى استقى الناس ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يوشكـ يا معاذ إن طالت بكـ حياة أن ترى ما ها هُنا قد مُليء جناناً ) . رواه مسلم .
[ الشراكـ ] : سير النعل .
[ تبض ] : تسيل بماء قليل .
الجوهرة
12-20-2011, 11:00 PM
كثرة المطر وقلة النبات
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تُمطر السماء مطراً لا تُكِنُّ منها بيوت المدر ولا تُكِنُّ منها إلا بيوت الشعر ) رواه أحمد .
[ المَدَر ] : هو الطين المتماسكـ اليابس . وأهل المدر : أهل القرى والأمصار .
وعن أنس رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يُمطر الناس مطراً عاماً ، ولا تُنبت الأرض شيئاً ) رواه أحمد .
فإذا كان المطر سبباً في إنبات الأرض ، فإن لله تعالى أن يوجد ما يمنع هذا السبب من ترتُّب المسبَّب عليه ، والله تعالى خالق الأسباب ومسبباتها ، لا يعجزه شيء .
وفي الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ليست السَّنة بأن لا تُمطروا ، ولكن السَّنة أن تُمطروا وتُمطروا ولا تُنبت الأرض شيئاً ) رواه مسلم .
الجوهرة
12-20-2011, 11:01 PM
حسر الفرات عن جبلِ من ذهب
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب ، يقتتل الناس عليه ، فيقتل من كل مئة ، تسعة وتسعون ، ويقول كل رجلٍ منهم : لعلي أكون أنا الذي أنجو ) رواه البخاري .
[ الفرات ] : نهر عظيم ، مخرجه فيما زعموا من أرض أرمينية ، ثم يدخل بلاد الروم إلى ملطية ، ويصب فيها أنهار صغار ، ثم يمر بالرقة ، ثم يصير أنهاراً تسقي زروع السواد بالعراق ، ويلتقي بدجلة قرب واسط ، ثم يصبان في خليج العرب ـ بحر الهند سابقاً ـ
وليس المقصود بهذا الجبل من ذهب ( النفط / البترول الأسود ) ، كما يرى ذلكـ أبو عبية في تعليقه على [ النهاية / الفتن والملاحم ] لابن كثير
وذلكـ من وجوه :
1 ـ أن النص جاء فيه : ( جبل من ذهب ) والبترول ليس بذهب على الحقيقة ، فإن الذهب هو المعدن المعروف .
2 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن ماء النهر ينحسر عن جبل من ذهب ، فيراه الناس ، والنفط أو ( البترول ) يستخرج من باطن الأرض بالآلات من مسافات بعيدة .
3 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم خص الفرات بهذا دون غيره من البحار والأنهار ، والنفط نراه يُستخرج من البحار كما يُستخرج من الأرض ، وفي أماكن كثيرة متعددة .
4 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الناس سيقتتلون عند هذا الكنز ، ولم يحصل أنهم اقتتلوا عند خروج النفط من الفرات أو غيره ، بل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى من حضر هذا الكنز أن يأخذ منه شيئاً .
كما في الرواية الأخرى عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال : لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا ... إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يوشكـ الفرات أن يُحَسَر عن جبلٍ من ذهب ، فمن حضره ، فلا يأخذ منه شيئاً ) رواه مسلم .
ومن حمله على النفط ، فإنه يلزمه على قوله هذا النهي عن الأخذ من النفط ، ولم يقل به أحد .
وقد رجح الحافظ ابن حجر أن سبب المنع من الأخذ من هذا الذهب لما ينشأ عن أخذه من الفتنة والقتال عليه .
الجوهرة
12-20-2011, 11:01 PM
كلام السباع والجمادات للإنس
ومن أشراط الساعة كلام السباع للإنس ، وكلام الجمادات للإنسان ، وإخبارها بما حدث في غيابه
وتكلُّم بعض أجزاء الإنسان ، كالفخذ يخبر الرجل بما أحدث أهله بعده .
فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء ذئب إلى راعي الغنم ، فأخذ منها شاةً ، فطلبه الراعي حتى انتزعها منه . قال : فصعد الذئب على تل ، فأقعى واستذفر ، فقال : عمدتَ إى رزقٍ رزقنيه الله عز وجل انتزعته مني . فقال الرجل : تالله إن رأيت كاليوم ذئباً يتكلم ! قال الذئب : أعجبُ من هذا رجلُ في النَّخلات بين الحرَّتين يخبركم بما مضى وبما هو كائن بعدكم ـ وكان الرجل يهودياً ـ فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبره ، فصدّقه النبي صلى الله وعليه وسلم ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة ، قد أوشكـ الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تُحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده ) رواه أحمد .
وفي رواية له عن أبي سعيد الخدري ( فذكر القصة إلى أن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صدق والذي نفسي بيده ، لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ، ويكلم الرجل عذبة سوطه ، وشراكـ نعله ، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده ) .
[ أقعى ] : الإقعاء : تقول أقعى الكلب إذا جلس على استه .
[ استذفر ] : أصلها استنفر ، فقلبت الثاء المثلثة ذالاً معجمة . تقول : استثفر الكلب : إذا دخل ذنبه بين فخذيه حتى يلتصق ببطنه .
الجوهرة
12-20-2011, 11:02 PM
تمني الموت من شدة البلاء
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل ، فيقول : يا ليتني مكانه ) رواه البخاري .
وعنه رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ، لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر ، فيتمرغ عليه ، ويقول : يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر ، وليس به الدَّين ، إلا البلاء ) رواه مسلم .
وتمني الموت يكون عند كثرة الفتن ، وتغير الأحوال ، وتبديل رسوم الشريعة ، وهذا إن لم يكن وقع ، فهو واقع لا محالة .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( سيأتي عليكم زمان لو وجد أحدكم الموت يُباع لاشتراه ، وكما قيل :
وهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت يُباع فأشتريه
قال الحافظ العراقي : [ ولا يلزم كونه في كل بلد ، ولا كل زمن ، ولا في جميع الناس ، بل يصدق اتفاقه للبعض في بعض الأقطار ، في بعض الأزمان ، وفي تعليق تمنيِّه بالمرور إشعار بشدة ما نزل بالناس من فساد الحال حالتئذ ، إذ المرء قد يتمنى الموت من غير استحضار لهيئته ، فإذا شاهد الموتى ، ورأى القبور ، نشز بطبعه ، ونفر بسجيته من تمنيه ، فلقوة الشدة لم يصرفه عنه ما شاهده من وحشة القبور ، ولا يناقض هذا النهي عن تمني الموت ، لأن مقتضى هذا الحديث الإخبار عما يكون ، وليس فيه تعرض لحكم شرعي ] .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيأتي على الناس شدة وعناء ، حتى يتمنون الدجال
ففي الحديث عن حذيفة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأتي على الناس زمان يتمنون فيه الدجال ) . قلت : يا رسول الله ! بأبي وأمي مم ذاكـ ؟ قال : ( مما يلقون من العناء والعناء ) رواه الطبراني .
الجوهرة
12-20-2011, 11:03 PM
كثرة الروم وقتالهم للمسلمين
[ الروم ] : من سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام .
قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص رضي الله عنهما : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( تقوم الساعة والروم أكثر الناس ) . فقال له عمرو : أبصر ما تقول . قال : أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم .
وجاء في حديث عوف بن مالكـ الأشجعي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اعدد ستاً بين يدي الساعة ... ( فذكر منها : ) ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر ، فيغدرون ، فيأتونكم تحت ثمانين غاية ، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً ) رواه البخاري .
[ بنو الأصفر ] : هم الروم .
[ غاية ] : أي راية ، وسميت بذلكـ لأنها غاية المتبع إذا وقفت وقف .
وعن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة ، قال : كُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فحفظت منه أربع كلمات أعدُّهن في يدي ، قال : ( تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ، ثم فارس فيفتحها الله ، ثم تغزون الروم فيفتحها الله ، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله ) .
قال : فقال نافع : ( يا جابر ! لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم ) رواه مسلم .
وقد جاء وصف للقتال الذي يقع بين المسلمين والروم ، ففي الحديث عن يسير بن جابر ، قال : هاجت ريح حمراء بالكوفة ، فجاء رجل ليس له هجيري إلا : يا عبد الله بن مسعود ! جاءت الساعة . قال : فقعد ـ وكان متكئاً ـ ، فقال : إن الساعة لا تقوم حتى لا يُقسم ميراث ، ولا يُفرح بغنيمة . ثم قال بيده هكذا ، ونحاها نحو الشام ، فقال : عدو يجمعون لأهل الإسلام ، ويجمع لهم أهل الإسلام . قلت : الروم تعني ؟ قال : نعم ، وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة ، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل ، فيفي هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب ، وتفنى الشرطة ، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون ، حتى يحجز بينهم الليل ، فيفي هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب ، ثم تفنى الشرطة ، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يمسوا ، فيفي هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب ، وتفنى الشرطة ، فإذا كان اليوم الرابع ، نهد إليهم بقية أهل الإسلام ، فيجعل الله الدبرة عليهم ، فيقتتلون مقتلة ، إما قال : لا يُرى مثلها ، وإما قال : لم يُر مثلها ، حتى إن الطائر ليس بجنباتهم ، فما يخلفهم حتى يخر ميتاً ، فيتعادُّ بنو الأب كانوا مئة ، فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد ، فبأي غنيمة يفرح ، أو أي ميراث يقاسم ؟ فبينما هم كذلكـ ، إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلكـ ، فجاءهم الصريخ : إن الدجال خلفهم في ذراريهم ، فيرفضون ما في أيديهم ، ويُقبلون ، فيبعثون عشرة فوارس طليعة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم ، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذٍ ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذٍ )رواه مسلم .
وهذا القتال يقع في الشام في آخر الزمان ، قبل ظهور الدجال ، كما دلت على ذلكـ الأحاديث
ويكون انتصار المسلمين على الروم تهيئة لفتح القسطنطينية
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق ، فيخرج إليهم جيش من المدينة ، من خيار أهل الأرض يومئذٍ ، فإذا تصافُّوا ، قالت الروم : خلو بيننا وبين الذي سبوا منا نقاتلهم . فيقول المسلمون : لا والله لا نخلِّي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم ، فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً ، ويُقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ، ويفتح الثلث لا يلإتنون أبداً ، فيفتحون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنائم ، قد علقوا سيوفهم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم في أهليكم ، فيخرجون ، وذلكـ باطل ، فإذا جاءوا الشام ، خرج ، فبينما هم يعدون للقتال ، يسوُّون الصفوف ، إذ أُقيمت الصلاة ، فينزل عيسى بن مريم عليه السلام ) رواه مسلم .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة في أرضٍ بالغوطة ، في مدينة يقال لها : دمشق ، من خير مدائن الشام ) رواه أبي داوود .
قال ابن المنير : [ أما قصة الروم ، فلم تجتمع إلى الآن ، ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد ، فهي من الأمور التي لم تقع بعد ، وفيه بشارة ونذارة ، وذلكـ أنه دل على أن العاقبة للمؤمنين ، مع كثرة ذلكـ الجيش ، وفيه بشارة إلى أن عدد جيوش المسلمين سيكون أضعاف ما هو عليه ] فتح الباري .
[ الشرطة ] : بضم الشين ، وهي أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة .
[ نهد ] : بفتح النون والهاء ، أي نهض وتقدم .
[ الدبرة ] : بفتح الدال والباء ، أي جعل الله الهزيمة عليهم .
[ الأعماق ] : قال ياقوت الحموي : هي كورة قرب دابق ، بين حلب وأنطاكية ، وهما في الشام .
[ دابق ] : بكسر الباء : قرية قرب حلب ، من أعمال عزاز ، بينها وبين حلب أربعة فراسخ .
[ الفسطاط ] : المدينة التي فيها مجتمع الناس ، وكل مدينة فسطاط .
[ الغوطة ] : من الغائط ، وهو المطمئن من الأرض ، وهي موضع بالشام تحيط بها جبال عالية وبها أشجار وأنهار متصلة ، وفيها تقع مدينة دمشق .
الجوهرة
12-20-2011, 11:03 PM
فتح القسطنطينية
ومنها فتح القسطنطينية ـ قبل خروج الدجال ـ على يديّ المسلمين
والذي تدل عليه الأحاديث أن هذا الفتح يكون بعد قتال الروم في الملحمة الكبرى ، وانتصار المسلمين عليهم
فعند إذٍ يتوجهون إلى مدينة القسطنطينية فيفتحها الله للمسلمين بدون قتال ، وسلاحهم التكبير والتهليل
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سمعتم بمدينة جانبُ منها في البر وجانبُ منها في البحر ؟ ) قالوا : نعم يا رسول الله . قال : ( لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق ، فإذا جاءوها نزلوا ، فلم يقاتلوا بسلاح ، ولم يرموا بسهم ، قالوا : لا إله إلا الله والله أكبر ، فيسقط أحد جانبيها ـ قال ثور ( أحد رواة الحديث ) : لا أعلمه إلا قال : ـ الذي في البحر ، ثم يقولوا الثانية : لا إله إلا الله والله أكبر ، فيسقط جانبها الآخر ، ثم يقولوا : لا إله إلا الله والله أكبر ، فيفرج لهم ، فيدخلوها ، فيغنموا ، فبينما هم يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ فقال : إن الدجال قد خرج ، فيتركون كل شيء ويرجعون ) [ رواه مسلم ]
وقد أشكل قوله في هذا الحديث : ( يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق )
والروم من بني إسحاق ، لأنهم من سلالة العيص ابن إسحاق ابن إبراهيم الخليل عليهما السلام
فكيف يكون فتح القسطنطينية على أيديهم ؟
قال القاضي عياض : ( كذا هو في جميع أصول [ صحيح مسلم ] : من بني إسحاق )
ثم قال : ( قال بعضهم : المعروف المحفوظ : [ من بني إسماعيل ] ، وهو الذي يدل عليه الحديث وسياقه ، لأنه إنما أراد العرب ) [ شرح النووي لمسلم ]
وذهب الحافظ ابن كثير إلى أن هذا الحديث : [ يدل على أن الروم يسلمون في آخر الزمان ، ولعل فتح القسطنطينية يكون على أيدي طائفةٍ منهم كما نطق به الحديث المتقدم ، أنه يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق ] .
واستشهد على ذلكـ بأنهم مدحوا في حديث المستورد القرشي ، فقد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( تقوم الساعة والروم أكثر الناس ) . فقال له عمرو ابن العاص : أبصر ما تقول . قال : أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : لئن قلت ذلكـ إن فيهم لخصالاً أربع : إنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ، وخامسةً حسنةً جميلة ، وأمنعهم من ظلم الملوكـ . [ صحيح مسلم ]
وقلت ـ والكلام للكاتب ـ : ويدل أيضاً على أن الروم يسلمون في آخر الزمان ، حديث أبي هريرة السابق في قتال الروم
وفيه أن الروم يقولون للمسلمين : ( خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم ، فيقول المسلمون : لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا ) . [ صحيح مسلم ]
فالروم يطلبون من المسلمين أن يتركوهم يقاتلون من سُبي منهم لأنهم أسلموا ، فيرفض المسلمين ذلكـ ، ويبينون للروم أن من أسلم منهم فهو من إخواننا ، لا نسلمه لأحد ، وكون غالب جيش المسلمين ، ممن سُبي من الكفار ليس بمستغرب .
قال النووي : [ وهذا موجود في زماننا ، بل معظم عساكر الإسلام في بلاد الشام ومصر سُبوا ، ثم هم اليوم بحمد الله يسبون الكفار ، وقد سبوهم في زماننا مراراً كثيرة ، يسبون في المرة الواحدة من الكفار ألوفاً ، ولله الحمد على إظهار الإسلام وإعزازه ] .
ويؤيد كون هذا الجيش الذي يفتح القسطنطينية من بني إسحاق أن جيش الروم يبلغ عددهم قريباً من ألف ألف ، فيقتل بعضهم ، ويسلم بعضهم ، ويكون من أسلم مع جيش المسلمين الذي يفتح القسطنطينية ، والله أعلم .
وفتح القسطنطينية بدون قتال لم يقع إلى الآن ، وقد روى الترمذي عن أنس بن مالكـ أنه قال : ( فتح القسطنطينية مع قيام الساعة ) .
ثم قال الترمذي : ( قال محمود ـ أي : ابن غيلان شيخ الترمذي ـ : هذا حديث غريب ، و القسطنطينية هي مدينة الروم ، تُفتح عند خروج الدجال ، والقسطنطينية قد فُتحت في زمان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ) . [ جامع الترمذي ]
والصحيح أن القسطنطينية لم تُفتح في عصر الصحابة ، فإن معاوية رضي الله عنه ، بعث إليها ابنه يزيد في جيش فيهم أبو أيوب الأنصاري ، ولم يتم لهم فتحها ، ثم حاصرها مسلمة بن عبد الملكـ ولم تفتح أيضاً ، ولكنه صالح أهلها على بناء مسجد بها . [ النهاية في الفتن والملاحم ]
وفتح التركـ أيضاً للقسطنطينية كان بقتال ، ثم هي الآن تحت أيدي الكفار ، وستفتح فتحاً أخيراً كما أخبر بذلكـ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
قال أحمد شاكر : [ فتح القسطنطينية المُبشر به في الحديث سيكون في مستقبل قريب أو بعيد يعلمه الله عز وجل ، وهو الفتح الصحيح لها حين يعود المسلمون إلى دينهم الذي أعرضوا عنه ، أما فتح التركـ الذي كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيداً للفتح الأعظم ، ثم هي قد خرجت بعد ذلكـ من أيدي المسلمين منذ أعلنت حكومتهم هناكـ أنها حكومة غير إسلامية وغير دينية وعاهدت الكفار أعداء الإسلام وحكمت أمتها بأحكام القوانين الوثنية الكافرة ، وسيعود الفتح الإسلامي لها إن شاء الله كما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ] . [ عمدة التفسير عن ابن كثير ] .
[ مدينة الروم ] : ويقال لها قسطنطينية ، وهي معروفة الآن ( بأسطنبول ) أو ( استنبول ) من مدن تركيا ، وكانت تعرف قديماً باسم ( بيزنطة ) ، ثم لما ملكـ قسطنطين الأكبر ملكـ الروم بنى عليها سوراً ، وسماها قسطنطينية ، وجعلها عاصمة ملكه ، ولها خليج من جهة البحر ، يطيف بها من وجهين ، مما بليه الشرق والشمال ، وجانباها الغربي والجنوبي في البر .
الجوهرة
12-20-2011, 11:04 PM
خروج القحطاني
في آخر الزمان يخرج رجل من قحطان ، تدين له الناس بالطاعة ، وتجتمع عليه ، وذلكـ عند تغير الزمان ، ولهذا ذكره الإمام البخاري في باب تغير الزمان .
روى الإمام أحمد والشيخان : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ) [ رواه أحمد والبخاري ومسلم ] .
قال القرطبي : [ قوله : ( يسوق الناس بعصاه ) : كناية عن استقامة الناس ، وانعقادهم إليه ، واتفاقهم عليه ، ولم يُرد نفس العصا ، وإنما ضرب مثلاً لطاعتهم له ، واستيلاءه عليهم ، إلا أن في ذكرها دليلاً على خشونته عليهم ، وعنفه بهم ] [ التذكرة ] .
قلت ـ والكلام للكاتب ـ : نعم ، سوقه الناس بعصاه كناية عن طاعة الناس له ، ورضوخهم لأمره ، إلا أن ما أشار إليه القرطبي من خشونته عليهم ليس بالنسبة للجميع كما يظهر من كلامه ، بل إنما يقسو على أهل المعصية منهم ، فهو رجلُ صالح ، يحكم بالعدل .
ويؤيد ذلكـ ما نقله ابن حجر عن نعيم ابن حماد ، أنه روى من وجه قوي عن عبد الله بن عمرو أنه ذكر الخلفاء ، ثم قال : ( ورجل من قحطان ) .
وأيضاً ما أخرجه بسند جيد ، عن ابن عباس أنه قال فيه : ( ورجلُ من قحطان كلهم صالح ) [ فتح الباري ] .
ولما حدّث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بأنه سيكون ملكـ من قحطان غضب معاوية رضي الله عنه فقام ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد فإنه بلغني أن رجالاً منكم يتحدثون بأحاديث ليست في كتاب الله ، ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لإاولئكـ جهالكم ، فإياكم والأماني التي تضل أهلها ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين ) [ رواه البخاري ] .
وإنما أنكر معاوية خشية أن يظن أحد أن الخلافة تجوز في غير قريش ، مع أن معاوية رضي الله عنه ، لم ينكر خروج القحطاني .
فإن في حديث معاوية قوله : ( ما أقاموا الدين ) ، فإذا لم يقيموا الدين خرج الأمر من أيديهم وقد حصل هذا ، فإن الناس ، لم يزالوا في طاعة قريش إلى أن ضعف تمسكهم بالدين ، فضعف أمرهم وتلاشى ، وانتقل الملكـ إلى غيرهم .
وهذا القحطاني ليس هو [ الجهجاه ] فإن القحطاني من الأحرار ، لأنه نسبة إلى قحطان ، الذي تنتهي أنساب أهل اليمن من حمير وكندا وهمدان .. وغيرهم ، إليه . وأما [ الجهجاه ] فهو من الموالي .
ويؤيد ذلكـ ما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يذهب الليل والنهار حتى يملُكـ رجل من الموالي يقال له : جهجاه ) [ رواه أحمد ] .
الجوهرة
12-20-2011, 11:04 PM
قتال اليهود
ومنها قتال المسلمين لليهود في آخر الزمان ، وذلكـ أن اليهود يكونون من جند الدجال ، فيقاتلهم المسلمون الذين هم جند عيسى عليه السلام حتى يقول الشجر والحجر : يا مسلم ! يا عبد الله ! هذا يهودي وراءي تعال فاقتله .
وقد قاتل المسلمون اليهود من زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتصروا عليهم ، وأجلوهم من جزيرة العرب
امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً ) [ صحيح مسلم ] .
ولكن هذا القتال ليس هو القتال الذي من أشراط الساعة ، وجاءت به الأحاديث الصحيحة .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المسلمين سيقاتلونهم إذا خرج الدجال ، ونزل عيسى عليه السلام .
وروى الإمام أحمد عن سمرة بن جندب رضي الله عنه حديثاً طويلاً في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس ... ( وفيه : أنه ذكر الدجال فقال ) : ( وأنه يُحسر المؤمنين في بيت المقدس ، فيزلزلون زلزالاً شديداً ثم يهلكه الله تباركـ وتعالى وجنوده حتى أن جذم الحائط ـ أو قال أصل الحائط ، وقال حسن الأشيب : وأصل الشجرة ـ لينادي ـ أو قال : يقول ـ يا مؤمن ! ـ أو قال : يا مسلم ـ هذا يهودي ـ أو قال : هذا كافر ـ تعال فاقتله ) .
قال : ( ولن يكون ذلكـ كذلكـ حتى تروا أموراً يتفاقم شأنها في أنفسكم وتسألون بينكم : هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرى ؟ ) [ رواه أحمد ] .
وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبيء اليهودي من وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم ! يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله . إلا الغرقد ، فإنه من شجر اليهود ) وهذا لفظ مسلم .
والذي يظهر من سياق الحديث أن كلام الحجر والشجر ونحوه حقيقة ، وذلكـ أن حدوث تكلم الجمادات ثابت في غير أحاديث قتال اليهود .. وقد سبق ذكر ذلكـ .
وإذا كانت الجمادات تتكلم في ذلكـ الوقت فلا داعي لحمل كلام الشجر والحجر على المجاز ، كما ذهب إلى ذلكـ بعض العلماء
فأنه ليس هناكـ دليل يوجب حمل اللفظ على خلاف حقيقته . ونطق الجماد قد ورد في آيات من القرآن منها قوله تعالى : " وإن من شيءٍ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " [ الإسراء : 44 ] .
وجاء في الحديث عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أكثر خطبته عن الدجال ، وحذرناه ، فذكر خروجه ، ثم نزول عيسى عليه السلام لقتله ، وفيه : ( قال عيسى عليه السلام : افتحوا الباب ، فيفتح ، ووراءه الدجال ، معه سبعون ألف يهودي ، كلهم ذو سيف محلى وساج ، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء ، وينطلق هارباً ، ويقول عيسى عليه السلام : إن لي فيكـ ضربةً لن تسبقني بها ، فيذكره عند باب اللد الشرقي فيقتله ، فيهزم الله اليهود ، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا انطق الله ذلكـ الشيء ، لا حجر ولا شجر ، ولا حائط ولا دابة ، إلا الغرقدة ، فإنها من شجرهم لا تنطق ) [ رواه ابن ماجة ]
فالحديث فيه التصريح بنطق الجمادات .
[ ساج ] : هو الطيلسان الضخم الغليظ ، وقيل الطيلسان المقور ، وقيل الطيلسان الأخضر .
وأيضاً فإن إستثناء شجر الغرقد بكونها لا تخبر عن اليهود لأنها من شجرهم يدل على أنه نطق حقيقي ، ولو كان المراد بنطق الجمادات المجاز لما كان لهذا الإستثناء معنى .
ولو حملنا كلام الجمادات على المجاز لم يكن ذلكـ بالأمر الخارق في قتال اليهود في آخر الزمان ، وكانت هزيمتهم أمام المسلمين كهزيمة غيرهم من الكفار الذين قاتلهم المسلمين وظهروا عليهم .
ولم يرد في قتالهم مثل ما ورد في قتال اليهود من الدلالة على المختبيء بنطق الجمادات ، فإذا لاحظنا أن الحديث في أمر مستغرب يكون آخر الزمان هو من علامات الساعة .
دل ذلكـ على أن النطق في قتال اليهود حقيقي وليس مجازاً عن انكشافهم أمام المسلمين ، وعدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم كما قيل ، والله أعلم .
الجوهرة
12-20-2011, 11:05 PM
ملاحظة / رغم تصنيف هذه الأشراط الثلاث التالية مع قسم أشراط الساعة الصغرى .. إلا أن الأحاديث دلت على أنها لن تحدث إلا بعد بعض الأشراط الكبرى ..
نفي المدينة لشرارها ثم خرابها آخر الزمان
حث النبي صلى الله عليه وسلم سُكنى المدينة ورغّب في ذلكـ ، وأخبر أنه لا يخرج أحد منها رغبةً عنها إلا أخلف الله فيها من هو خيرُ منه .
وأخبر أن من علامات الساعة نفي المدينة لخبثها ، وهم شرار الناس ، كما ينفي الكير خُبث الحديد .
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه هلمّ إلى الرخاء ، هلمّ إلى الرخاء ، والمدينة خيرُ لهم لو كانوا يعلمون ، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبةً عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه ، ألا إن المدينة كالكير يُخرج الخبيث ، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها ، كما ينفي الكير خُبث الحديد ) .
وقد حمل القاضي عياض نفي المدينة لُخبثها على زمن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن يصبر على الهجرة ، والمقام في المدينة ، إلا من كان ثابت الإيمان .
وأما المنافقون ، وجهلة الأعراب ، فلا يصبرون على شدة المدينة ولأوائها ، ولا يحتسبون من الأجر في ذلكـ .
وحمله النووي على زمن الدجال ، واستبعد ما اختاره القاضي عياض ، وذكر أنه يُحتمل أن يكون ذلكـ في أزمان متفرقة .
وذكر الحافظ ابن حجر ، أنه يُحتمل أن يكون المراد كلاً من الزمنين :
زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، بدليل قصة الأعرابي كما في البخاري عن جابر رضي الله عنه : جاء إعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه على الإسلام ، فجاء من الغد محموماً ، فقال : أقِلني . فأبى ، ثلاث مرار ، فقال : ( المدينة كالكير ، تنفي خًبًثًها وينصح طيبُها ) .
والزمن الثاني : زمن الدجال ، كما في حديث أنس بن مالكـ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الدجال ، ثم قال : ( ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيُخرج الله إليه كل كافر ومنافق ) رواه البخاري .
وأما ما بين ذلكـ من الأزمان فلا
فإن كثير من فُضلاء الصحابة قد خرجوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة ، كمعاذ بن جبل ، وأبي عبيدة ، وابن مسعود ، وطائفة .. ثم خرج علي ، وطلحة ، والزبير ، وعمار ، وغيرهم ، وهم من أطيب الخلق .. فدل على أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس ، ووقت دون وقت ، بدليل قوله تعالى : " ومن أهل المدينة مردوا على النفاق " [ التوبة : 101 ] .
والمنافق خبيث بلا شكـ .
وأما خروج الناس بالكلية من المدينة فذلكـ في آخر الزمان .. قُرب قيام الساعة ، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( تتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي ـ يريد عوافي السباع والطير ـ وآخر من يُحشر راعيان من مُزينة يُريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشاً حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرًّا على وجوههما ) . رواه البخاري .
وروى الإمام مالكـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لتتركن المدينة على أحسن ما كانت ، حتى يدخل الكلب أو الذئب ، فيغذى بعض سواري المسجد ، أو على المنبر ) . فقالوا : يا رسول الله ! فلمن تكون الثمار ذلكـ الزمان ؟ قال : ( للعوافي : الطير والسباع ) .
قال ابن كثير : [ والمقصود أن المدينة تكون باقية عامرة أيام الدجال ، ثم تكون كذلكـ في زمان عيسى ابن مريم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تكون وفاته بها ، ودفنه بها ، ثم تخرب بعد ذلكـ ) .
ثم ذكر حديث جابر رضي الله عنه قال : أخبرني عمر ابن الخطاب ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليسيرن الراكب بجنبات المدينة ثم ليقولن : لقد كان في هذا حاضراً من المسلمين كثير ) رواه أحمد .
وقال الحافظ ابن حجر : [ روى عمر ابن شبة بإسناد صحيح عن عوف بن مالكـ قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ، ثم نظر إلينا فقال : ( أما والله ليدعنها أهلها مذللةً أربعين عاماً للعوافي ، أتدرون ما العوافي ؟ الطير والسباع ) .
ثم قال ابن حجر : [ وهذا لم يقطع قطعاً ]
فدل هذا على أن خروج الناس من المدينة بالكلية يكون في آخر الزمان ، بعد خروج الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام .
ويحتمل أن يكون ذلكـ عند خروج النار التي تحشر الناس ، وهي آخر أشراط الساعة ، وأول العلامات الدالة على قيام الساعة ، فليس بعدها إلا ساعة .
ويؤيد ذلكـ كون آخر من يُحشر يكون منهم ، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( وآخر من يُحشر راعيان من مُزينة يريدان المدينة ، ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشاً ) ، أي : خالية من الناس ، أو أن الوحوش قد سكنتها ، والله أعلم .
بعث الريح الطيبة لقبض أرواح المؤمنين
ومنها هبوب الريح الطيبة لقبض أرواح المؤمنين ، فلا يبقى على ظهر الأرض من يقول : الله ، الله ، ويبقى شرار الناس ، وعليهم تقوم الساعة .
وقد جاء في صفة هذه الريح أنها ألين من الحرير ، ولعل ذلكـ من إكرام الله لعباده المؤمنين ، في ذلكـ الزمان المليء بالفتن والشرور .
جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل في قصة الدجال ونزول عيسى عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج : ( إذا بعث الله ريحاً طيبة ، فتأخذهم تحت آباطهم ، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ، ويبقى شرار الناس ، يتهارجون فيها تهارج الحُمر ، فعليهم تقوم الساعة ) .
وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج الدجال ... ( فذكر الحديث ، وفيه : ) فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه ، فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحاً باردة من قِبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته ، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه ) .
فقد دلت الأحاديث أن ظهور هذه الريح يكون بعد نزول عيسى عليه السلام ، وقتله الدجال ، وهلاكـ يأجوج ومأجوج .
وأيضاً ، فإن ظهورها يكون بعد طلوع الشمس من مغربها ، وبعد ظهور الدابة ، وسائر الآيات العظام .
وعلى هذا ، فظهورها قريب جداً من قيام الساعة .
ولا يتعارض أحاديث ظهور هذه الريح مع حديث : ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ، ظاهرين إلى يوم القيامة ) .
وفي رواية : ( ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، حتى يأتي أمر الله وهم كذلكـ ) .
فإن المعنى أنهم لا يزالون على الحق حتى تقبضهم هذه الريح اللينة قرب القيامة ، ويكون المراد بـ ( أمر الله ) هو هبوب تلكـ الريح .
وجاء في حديث عبد الله بن عمرو أن ظهور هذه الريح يكون من الشام كما سبق .
وجاء في حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبعث ريحاً من اليمن ، ألين من الحرير ، فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرةِ من إيمانِ ، إلا قبضته ) رواه مسلم .
ويُجاب عن هذا بوجهين :
1 ـ يحتمل أنهما ريحان : شامية ، ويمانية .
2 ـ ويُحتمل أن مبدأها من أحد الإقليمين ، ثم تصل الآخر ، وتنتشر عنده . والله أعلم .
استحلال البيت الحرام ، وهدم الكعبة
لا يستحل البيت الحرام إلا أهله ، وأهله هم المسلمون ، فإذا استحلوه فإنه يصيبهم الهلاكـ ، ثم يخرج رجل من أهل الحبشة ، يقال له ذو السويقتين ، فيُخرب الكعبة ، وينقضها حجراً حجرا ، ويسلبها حليتها ، ويجردها من كسوتها وذلكـ في آخر الزمان ، حين لا يبقى في الأرض أحد يقول : الله ، الله .
ولذلكـ لا يُعمر البيت بعد هدمه أبداً ، كما جاءت بذلكـ الأحاديث الصحيحة .
روى الإمام أحمد بسنده عن سعيد بن سمعان قال : سمعت أبا هريرة يُخبر أبا قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يُبايع لرجل ما بين الركن والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا يُسأل عن هلكة العرب ثم تأتي الحبشة فيخربونه خراباً لا يُعمر بعده أبداً ، وهم الذين يستخرجون كنزه ) .
وعن عبد الله ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يُخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ، ويسلبها حليتها ، ويجردها من كسوتها ، ولكأني أنظر إليه : أُصيلع ، أُفيدع ، يضرب عليها بمسحاته ومعوله ) رواه أحمد .
[ السويقتين ] : السويقة تصغير الساق ، وهي مؤنثة ، فلذلكـ ظهرت التاء في تصغيرها ، وإنما صغر الساق لأن الغالب على سوق الحبشة الدقة والحموشة .
[ أُصيلع ] : تصغير أصلع ، وهو الذي انحسر الشعر عن رأسه .
[ أُفيدع ] : تصغير أفدع ، والفدع بالتحريكـ زيغ بين القدم وعظم الساق ، وكذلكـ يكون في اليد ، وهو أن تزول المفاصل عن أماكنها .
وروى الإمام أحمد والشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يُخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ) .
وروى الإمام أحمد والبخاري أيضاً ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كأني أنظر إليه : أسود ، أفحج ، ينقضها حجراً حجرا [ يعني الكعبة ] ) .
[ أفحج ] : فحج في مشيته ، أي تدانى صدور قدميه وتباعد عقباه ، وقال ابن الأثير : الفُحج تباعد ما بين الفخذين .
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( في آخر الزمان يظهر ذو السويقتين على الكعبة ـ قال : حسبت أنه قال : ـ فيهدمها ) .
فإن قيل أن هذه الأحاديث تخالف قوله تعالى : " أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً "
[ العنكبوت : 67 ] .
والله تعالى قد حبس عن مكة الفيل ، ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة ، ولم تكن إذ ذاكـ قبلة ، فكيف يُسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلةً للمسلمين ؟!
قيل جواباً عن ذلكـ : [ إن خراب الكعبة يقع في آخر الزمان قرب قيام الساعة حين لا يبقى في الأرض أحدُ يقول : الله ، الله ، ولهذا جاء في رواية الأمام أحمد السابقة عن سعيد بن سمعان ، قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يُعمر بعده أبداً ) . فهو حرمُ آمن ما لم يستحله أهله .
وليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن المذكور فيها .
وقد حدث القتال في مكة مرات عديدة ، وأعظم ذلكـ ما وقع من القرامطة في القرن الرابع الهجري ، حيث قتلوا المسلمين في المطاف ، وقلعوا الحجر الأسود ، وحملوه إلى بلادهم ، ثم أعادوه بعد مدة طويلة ، ومع ذلكـ لم يكن ما حدث معارضاً للآية الكريمة ، لأن ذلكـ إنما وقع بأيدي المسلمين ، والمنتسبين إليهم . فهو مطابق لما جاء في رواية الأمام أحمد من أنه لا يستحل البيت الحرام إلا أهله ، فوقع ذلكـ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيقع ذلكـ آخر الزمان ، لا يُعمر مرةً أخرى ، حين لا يبقى على ظهر الأرض مسلم ] . " فتح الباري "
[ القرامطة ] : طائفة من الباطنية تنتسب لرجل اسمه حمدان قرمط من أهل الكوفة ، ولهذه الطائفة الخبيثة في تاريخها الطويل المخزي أعمال شنيعة ، ومن أعظمها ، ما وقع منهم سنة 317 هـ حيث هاجموا الحجاج يوم التروية ، واستباحوا أموالهم ودماءهم ، فقتلوا في رحاب مكة وشعابها ، وفي المسجد الحرام ، وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً ، وهدموا قبة زمزم ، وقلعوا باب الكعبة ، ونزعوا كسوتها ، وقلعوا الحجر الأسود ، ونقلوه إلى بلادهم ، ومكث عندهم 22 سنة .
رايـق
12-21-2011, 11:18 AM
فوقوع التناكر عند كثرة الفتن والمحن وكثرة القتال بين الناس
وحينما تستولي المادة على الناس
ويعمل كل منهم لحظوظ نفسه
غير مكترث بمصالح الآخرين ، ولا بحقوقهم
فتنتشر الأنانية البغيضة
ويحيى الإنسان في نطاق أهوائه وشهواته
فلا تكون هناكـ قيم أخلاقية يعرف بعض الناس بها بعضاً
ولا يكون هناكـ من الأُخوة الإيمانية ما يجعلهم يلتقون على الحب في الله
والتعاون على البر والتقوى .
جزاك الله خير
جوهرة الرياض
وللاسف قد بانت طلائعه في السنوات الأخيره ... وحسبنا الله ونعم الوكيل على من تسبب في تغلغلها في مجتمع محافظ
ولانزال بخير باذن الله ..
وجودك يكفي
12-29-2011, 01:59 AM
جزاك الله خير يالجوهرة وبارك الله فيك وفي مجهودك وطرحك القيّم
موضوع يستحق التقييم
احترامي
الجوهرة
01-12-2012, 05:30 PM
بارك الله فيكم على حضوركم ..
وكتب لكم الأجر ..
الجوهرة
01-12-2012, 06:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتهينا من أقسام أشراط الساعة الصغرى .. وهي التي تتقدم الساعة بأزمان متطاولة ، وتكون من نوع المعتاد كقبض العلم ، وظهور الجهل ، وشرب الخمر ، والتطاول في البنيان ... ونحوها ، وقد يظهر بعضها مصاحباً للأشراط الكبرى ، أو بعدها .
وسنبدأ بإذن الله في الأشراط الكبرى ، وهي الأمور العظام التي تظهر قرب قيام الساعة ، وتكون غير معتادة الوقوع ، كظهور الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها .
وقسّم بعض العلماء أشراط الساعة من حيث ظهورها إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ قسم ظهر وانقضى .
2 ـ قسم ظهر ولا زال يتتابع ويكثر .
3 ـ قسم لم يظهر إلى الآن .
فأما القسمان الأولان ، فهما من أشراط الساعة الصغرى ، وأما القسم الثالث ، فيشترك فيه الأشراط الكبرى ، وبعض الأشراط الصغرى .
الجوهرة
01-12-2012, 06:14 PM
أشراط الساعة الكبرى
أولاً : ترتيب أشراط الساعة الكبرى
لا يوجد نصاً صريحاً يُبين ترتيب أشراط الساعة الكبرى حسب وقوعها ، وإنما جاء ذكرها في الأحاديث مجتمعة بدون ترتيب ، إذ كان ترتيبها في الذكر لا يقتضي ترتيبها في الوقوع ، فقد جاء العطف فيها بالواو ، وذلك لا يقتضي الترتيب .
ومن النصوص ما خالف ترتيبها فيه ترتيبها في نص آخر .
ولكي يتبين هذا ، فسأذكر نماذج من ذلك بذكر بعض الأحاديث التي تعرضت لذكر الأشراط الكبرى جملة أو ذكر بعضها :
1 ـ روى الإمام مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه ، قال : اطّلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر ، فقال : ( ما تذاكرون ) ؟ قالوا : نذكر الساعة . قال : ( إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات ) ، فذكر : الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ) .
وروى مسلم هذا الحديث عن حذيفة بن أُسيد بلفظ آخر ، وهو : ( إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، والدخان ، والدجال ، ودابة الأرض ، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونار تخرج من قعرة عدن ترّحل الناس ) .
وفي رواية : ( والعاشرة : نزول عيسى بن مريم ) .
فهذا حديث واحد عن صحابي واحد جاء بلفظين مختلفين في ترتيب الأشراط .
2 ـ وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا بالأعمال ستاً : طلوع الشمس من مغربها ، أو الدخان ، أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصة أحدكم ، أو أمر العامة ) .
وروى مسلم هذا الحديث عن أبي هريرة بلفظ آخر : ( بادروا بالأعمال ستاً : الدجال ، والدخان ، ودابة الأرض ، وطلوع الشمس من مغربها ، وأمر العامة ، وخويصّة أحدكم ) .
وهذا أيضاً حديث واحد عن صحابي واحد جاء بلفظين مختلفين في ترتيب بعض الأشراط وفي أداة العطف ، حيث جاء مرة بـ ( أو ) والأخرى بـ ( الواو ) ، وهما لا يدلان على الترتيب .
والذي يمكن معرفته هو ترتيب بعض الأشراط من خلال حدوث بعضها إثر بعض ، كما ورد في بعض الروايات .. كما سيأتي لاحقاً بإذن الله .. كخروج الدجال على الناس ، ثم نزول عيسى عليه السلام لقتله ، ثم خروج يأجوج ومأجوج في زمن عيسى عليه السلام ، وذكر دعاءه عليهم بالهلاك .
وكذلك جاء في بعض الروايات أن أول الآيات كذا ، وفي بعضها آخر الآيات كذا ، ومع هذا فإن هناك اختلافاً في هذه الأولية بين العلماء ، وهذا الاختلاف موجود من عصر الصحابة رضي الله عنهم ..
وجمع ابن حجر بين أولية الدجال وأولية طلوع الشمس من مغربها ، فقال : [ الذي يترجح من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض ، وينتهي ذلك بموت عيسى عليه السلام ، وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي ، وينتهي ذلك بقيام الساعة ، ولعل خروج الدابة يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب ] .
ثم قال : [ والحكمة في ذلك أنه عند طلوع الشمس من المغرب يُغلق باب التوبة ، فتخرج الدابة ، تُميز المؤمن من الكافر ، تكميلاً للمقصود من إغلاق باب التوبة ، وأول الآيات المؤذنة بقيام الساعة النار التي تحشر الناس ] .
ويرى ابن كثير أن خروج الدابة هو أول الآيات الأرضية التي ليست بمألوفة ، فإن الدابة التي تكلم الناس وتعيّن المؤمن من الكافر أمر مخالف للعادة المستقرة .
وأما طلوع الشمس من مغربها ، فهو أمر باهر جداً ، وذلك أول الآيات السماوية .
أما ظهور الدجال ونزول عيسى عليه السلام من السماء ، وخروج يأجوج ومأجوج ، فإنهم وإن كان ظهورهم قبل طلوع الشمس من مغربها ، وقبل ظهور الدابة ، إلا أنهم بشر ، مشاهدتهم وأمثالهم من الأمور المألوفة ، بخلاف ظهور الدابة وطلوع الشمس من مغربها ، فهو ليس من الأمور المألوفة .
والذي يظهر عليه أن المعوَّل عليه ما ذهب إليه ابن حجر ، فإن خروج الدجال من حيث كونه بشراً ليس هو الآية ، وإنما الآية خروجه في حالته التي هو عليها من حيث كونه بشراً ، ومع ذلك يأمر السماء أن تُمطر ، فتُمطر ، الأرض أن تُنبت ، فتنبت ، ويكون معه كذا وكذا مما ليس مألوفاً ، كما سيأتي في الكلام على الدجال .
فالدجال في الحقيقة هو أول الآيات الأرضية التي ليست بمألوفة .
قال الطيبي : [ الآيات أمارات للساعة ، إما على قربها ، وإما على حصولها ، فمن الأول : الدجال ، ونزول عيسى ، ويأجوج ومأجوج ، والخسف . ومن الثاني : الدُخان ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة ، والنار التي تحشر الناس ] .هذا التقسيم الذي ذهب إليه الطيبي تقسيم حسن ودقيق ، فإنه إذا خرج القسم الأول الدال على قرب الساعة قرباً شديداً ، كان فيه إيقاظ للناس ليتوبوا ويرجعوا إلى ربهم ، ولم يكن هنالك تمييز بين المؤمن والكافر .
وأما إذا ظهر القسم الثاني ـ الدال على حصول الساعة ـ فإن الناس يتميزون إلى مؤمن وكافر ، كما سيأتي أنه عند ظهور الدخان يصيب المؤمن كهيئة الزكام ، والكافر ينتفخ من ذلك الدخان ، ثم تطلع الشمس من مغربها ، فيُقفل باب التوبة ، فلا ينفع الكافر إيمانه ، ولا التائب توبته ، ثم تظهر بعد ذلك الدابة ، فتميز بين الناس ، فيُعرف الكافر من المؤمن ، لأنها تسم المؤمن ، وتخطم الكافر كما سيأتي ذكر ذلك ، ثم يكون آخر ذلك ظهور النار التي تحشر الناس .
وقبل ذكر هذه العلامات الكبرى سنبدأ بالمهدي ، لأن ظهوره يكون سابقاً لهذه العلامات ، فهو الذي سيجتمع عليه المؤمنون لقتال الدجال ، ثم ينزل عيسى عليه السلام ، ويصلي خلفه ، كما سيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى .
الجوهرة
01-12-2012, 06:15 PM
ثانياً : تتابع ظهور الأشراط الكبرى
إذا ظهر أول علامات الساعة الكبرى ، تتابعت الآيات كتتابع الخرز في النظام ، يتبع بعضها بعضاً .
روى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خروج الآيات بعضها إثر بعض ، يتتابعن كما تتابع الخرز في النظام ) .
وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الآيات خرزات منظومات في سلك ، فإن يُقطع السلك ، يتبع بعضها بعضاً ) .
وبعض الأحاديث ذكرت أن بعض هذه العلامات تظهر في زمن متقارب
فإن أول العلامات الكبرى بعد المهدي ظهور الدجال ، ثم نزول عيسى عليه السلام لقتله ، ثم ظهور يأجوج ومأجوج ، ودعاء عيسى عليه السلام عليهم ، فيهلكهم الله ، ثم قال عيسى عليه السلام : ( ففيما عهد إليّ ربي عز وجل أن ذلك إذا كان كذلك ، فإن الساعة كالحامل المُتم التي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها ليلاً أو نهاراً ) .
وهذا دليل على قرب الساعة قرباً شديداً ، فإن بين موت عيسى عليه السلام ، وقيام الساعة شيء من العلامات الكبرى ، كطلوع الشمس من مغربها ، وظهور الدابة ، والدخان ، وخروج النار التي تحشر الناس .
فهذه العلامات تقع في وقت قصير جداً قبل قيام الساعة ، مثلها كمثل العقد الذي انفرط نظامه ، والله أعلم .
قال ابن حجر : [ وقد ثبت أن الآيات العظام مثل السلك ، إذا انقطع ، تناثر الخرز بسرعة ] .
الجوهرة
01-12-2012, 06:16 PM
الأشراط الكبرى
المهدي
المسيح الدجال
نزول عيسى عليه السلام
يأجوج ومأجوج
الخسوفات الثلاثة
الدُخان
طلوع الشمس من مغربها
الدابة
النار التي تحشر الناس .
الجوهرة
01-12-2012, 06:16 PM
المهدي
في آخر الزمان يخرج رجل من أهل البيت يؤيد الله به الدين ، يملك سبع سنين ، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً ، تنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط ، تُخرج الأرض نباتها ، وتُمطر السماء قطرها ، ويُعطى المال بغير عدد .
قال ابن كثير رحمه الله : [ في زمانه تكون الثمار كثيرة ، والزروع غزيرة ، والمال وافر ، والسلطان قاهر ، والدين قائم ، والعدو راغم ، والخير في أيامه دائم ] .
اسمه وصفته
وهذا الرجل اسمه كاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واسم أبيه كاسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون اسمه : محمد ـ أو أحمد ـ بن عبد الله ، وهو من ذرية فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهم .
قال ابن كثير رحمه الله في المهدي : [ وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه ] .
وصفته الواردة : أنه أجلى الجبهة ، أقنى الأنف .
[ أجلى الجبهة ] : الأجلى هو الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين ، والذي انحسر الشعر عن جبهته .
[ أقنى الأنف ] : القنا في الأنف : طول ورقة أرنبته ، مع حدب في وسطه .
مكان خروجه
يكون ظهور المهدي من قِبل المشرق ، فقد جاء في الحديث عن ثوبان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقتتل عند كنزكم ثلاثة ، كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق ، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ... ( ثم ذكر شيئاً لا أحفظه ، فقال : ( فإذا رأيتموه ، فبايعوه ، ولو حبواً على الثلج ، فإنه خليفة الله المهدي ) رواه ابن ماجه .
قال ابن كثير رحمه الله : [ والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة ، يقتتل عنده ليأخذوه ثلاثة من أولاد الخلفاء ، حتى يكون آخر الزمان ، فيخرج المهدي ، ويكون ظهوره من بلاد المشرق ، لا من سرداب سامرا كما يزعمه جهلة الرافضة من أنه موجود فيه الآن ، وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان ، فإن هذا نوع من الهذيان ، وقسط كبيرُ من الخذلان ، شديد من الشيطان ، إذ لا دليل على ذلك ولا برهان ، لا من كتاب ولا سنة ، ولا معقول صحيح ولا استحسان ] .
وقال أيضاً : [ ويؤيَّد بناس من أهل المشرق ينصرونه ، ويقيمون سلطانه ، ويشيدون أركانه ، وتكون راياتهم سود أيضاً ، وهو زي عليه الوقار ، لأن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء يقال لها : العقاب ] .
إلى أن قال : [ والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق ، ويبايع له عند البيت ، كما دل على ذلك بعض الأحاديث ] .
الأدلة من السنة على ظهوره
جاءت الأحاديث الصحيحة الدالة على ظهور المهدي ، وهذه الأحاديث منها ما جاء فيه النص على المهدي ، ومنها ما جاء فيه ذكر صفته فقط .. وسنذكر هنا بعض هذه الأحاديث ، وهي كافية في إثبات ظهوره في آخر الزمان علامة من علامات الساعة .
1 ـ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يخرج في آخر أمتي المهدي ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويُعطى المال صحاحاً ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعاً أو ثمانياً [ يعني : حججاً ] ) مستدركـ الحاكم / حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
2 ـ وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أُبشركم بالمهدي ، يُبعث على اختلاف من الناس وزلازل ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، يقسم المال صحاحاً ) . فقال له رجلاً : ما صحاحاً ؟ قال : ( بالسوية بين الناس ) .
قال : ( ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى ، ويسعهم عدله ، حتى يأمر منادياً ، فينادي ، فيقول : من له في مال حاجة ؟ فما يقوم من الناس إلا رجل ، فيقول : ائتِ السَّدَّان ـ يعني : الخازن ـ فقل له : إن المهدي يأمركـ أن تعطيني مالاً . فيقول له : احثُ ، حتى إذا حجره وأبرزه ، ندم ، فيقول : كنتُ أجشع أمة محمد نفساً ، أو عجز عني ما وسعهم ؟! ) . قال : ( فيردُّه فلا يُقبل منه . فيقال له : إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه ، فيكون كذلكـ سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ، ثم لا خير في العيش بعده ) ، أو قال : ( ثم لا خير في الحياة بعده ) . رواه أحمد .
وفي هذا دليل على أنه بعد موت المهدي يظهر الشر والفتن العظيمة .
3 ـ وعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي منا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة ) رواه أحمد .
قال ابن كثير : ( أي : يتوب عليه ، ويوفقه ، ويلهمه ، ويرشده ، بعد أن لم يكن كذلكـ ) .
4 ـ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي منِّي أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً ، يملكـ سبع سنين ) رواه أبي داوود .
5 ـ وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة ) رواه أبي داوود .
6 ـ وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم المهدي : تعال صلِّ بنا ، فيقول : لا ، إن بعضهم أمير بعض ، تكرمة الله هذه الأمة ) رواه الحارث بن أبي أسامة .
7 ـ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه ) رواه أبو نعيم .
8 ـ وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملكـ العرب رجل من أهل بيتي ، يواطيء اسمه اسمي ) رواه أحمد .
وفي رواية : ( يواطيء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ) رواه أبي داوود .
الجوهرة
01-12-2012, 06:17 PM
المسيح الدجال
معنى المسيح : ذكر أبو عبد الله القرطبي ثلاثة وعشرين قولاً في اشتقاق هذا اللفظ ، وأوصلها صاحب القاموس إلى خمسين قولاً
وهذه اللفظة تُطلق على الصِّديِّق ، وعلى الضِّلِّيل الكذاب .
فالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام : الصِّديِّق .
والمسيح الدجال : الضِّلِّيل الكذاب .
فخلق الله المسيحين ، أحدهما ضد الآخر :
فعيسى عليه السلام مسيح الهدى ، يُبريء الأكمه والأبرص ، ويُحيي الموتى بإذن الله .
والدجال ـ لعنه الله ـ مسيح الضلالة ، يفتن الناس بما يُعطاه من الآيات ، كإنزال المطر ، وإحياء الأرض بالنبات ، وغيرهما من الخوارق .
وسُمي الدجال مسيحاً ، لأن إحدى عينيه ممسوحة ، أو لأنه يمسح الأرض في أربعين يوماً .
والقول الأول هو الراجح ، لما جاء في الحديث : ( إن الدجال ممسوح العين ) . رواه مسلم .
معنى الدجال
أما لفظ [ الدجال ] فهو مأخوذ من قولهم : دَجَلَ البعير ، إذا طلاه بالقطران ، وغطاه به .
وأصل الدجل : معناه الخلط ، يقال : دجل إذا لبس وموَّه .
والدجال : المموِّه الكذاب المُمخرِق ، وهو من أبنية المبالغة ، على وزن فعال ، أي يكثر منه الكذب والتلبيس ، وجمعه [ دجالون ] ، وجمعه الإمام مالك على دجاجلة ، وهو جمع تكسير .
ذكر القرطبي أن الدجال في اللغة يُطلق على عشرة وجوه .
ولفظة [ الدجال ] : أصبحت علماً على المسيح الأعور الكذاب ، فإذا قيل : الدجال ، فلا يتبادر إلى الذهن غيره .
وسمي الدجال دجالاً : لأنه يغطي الحق بالباطل ، أو لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم ، وقيل : لأنه يغطي الأمر بكثرة جموعه . والله أعلم
الجوهرة
01-12-2012, 06:18 PM
صفة الدجال والأحاديث الواردة في ذلك
الدجال رجل من بني آدم ، له صفات كثيرة جاءت بها الأحاديث ، لتعريف الناس به ، وتحذيرهم من شره ، حتى إذا خرج ، عرفه المؤمنون ، فلا يفتنون به ، بل يكونون على علم بصفاته التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم .
وهذه الصفات تميزه عن غيره من الناس ، فلا يغتر به إلا الجاهل الذي سبقت عليه الشقوة ، نسأل الله العافية .
ومن هذه الصفات أنه رجل ، شاب ، أحمر ، قصير ، أفحج ، جعد الرأس ، أجلى الجبهة ، عريض النحر ، ممسوح العين اليمنى ، وهذه العين ليست بنائتة ، ولا جحراء ، كأنها عنبة طافئة ، وعينه اليسرى عليها ظفرة غليظة ، ومكتوب بين عينيه [ ك ف ر ] بالحروف المقطعة ، أو [ كافر ] بدون تقطيع ، يقرؤها كل مسلم كاتب وغير كاتب ، ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له .
[ نائتة ] : مأخوذة من النتوء ، وهو الارتفاع والانتفاخ ، أي أن عينه ليست بارزة .
[ جحراء ] : أي ليست غائرة منجحرة في نقرتها .
[ ظفرة ] : لحمة تنبت عند المآقي ، وقد تمتد إلى السواد فتغشاه .
و [ المآقي ] : هو مقدمة العين .
وهذه بعض الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها ذكر صفاته السابقة ، وهي من الأدلة على ظهور الدجال :
1 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بينما أنا نائم أطوف بالبيت ... ( فذكر أنه رأى عيسى بن مريم عليه السلام ، ثم رأى الدجال ، فوصفه ، فقال : ) فإذا رجل جسيم ، أحمر ، جعدُ الرأس ، أعور العين ، كأن عينه عنبة طافئة ، قالوا : هذا الدجال أقرب الناس به شبهاً ابن قطن ) . رواه البخاري .
[ ابن قطن ] : اسمه عبد العزى بن قطن بن عمرو الخزاعي ، وقيل من بني المصطلق من خزاعة ، وأمه هالة بنت خويلد ، وليس له صحبة ، فقد هلك في الجاهلية .
2 ـ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهراني الناس ، فقال : ( إن الله تعالى ليس بأعور ، ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى ، كأن عينه عنبة طافية ) . رواه البخاري .
3 ـ وفي حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه : قال صلى الله عليه وسلم في وصف الدجال : ( إنه شاب ، قطط ، عينه طافية ، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن ) . رواه مسلم .
[ قطط ] : شديد جعودة الشعر .
4 ـ وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مسيح الدجال رجل ، قصير ، أفجع ، جعد ، أعور ، مطموس العين ، ليس بنائتة ولا جحراء ، فإن ألبس عليكم ، فاعلموا أن ربكم ليس بأعور ) . رواه أبو داوود .
5 ـ وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وأما مسيح الضلالة ، فإنه أعور العين ، أجلى الجبهة ، عريض النحر ، فيه دفأ ) رواه أحمد .
[ دفأ ] : رجل أدفى أي فيه انحناء .
6 ـ وفي حديث حذيفة رضي الله عنه ، قال صلى الله عليه وسلم : ( الدجال أعور العين اليسرى ، جفال الشعر ) . رواه مسلم .
[ جفال الشعر ] : أي كثيره .
7 ـ وفي حديث أنس رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( وإن بين عينيه مكتوب كافر ) . رواه البخاري .
وفي رواية : ( ثم تهجاها ( ك ف ر ) ، يقرؤه كل مسلم ) . رواه مسلم .
وفي رواية عن حذيفة : ( يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ) رواه مسلم .
وهذه الكتابة حقيقية على ظاهرها ـ خلافاً لمن قال : إنها مجاز عن سمة الحدوث ، فإنه مذهب ضعيف ـ ، ولا يشكل رؤية بعض الناس لهذه الكتابة دون بعض ، وقراءة الأمي لها ، (( وذلك أن الإدراك في البصر يخلقه الله للعبد كيف شاء ومتى شاء ، فهذا يراه المؤمن بعين بصره ، وإن كان لا يعرف الكتابة ، ولا يراه الكافر ، ولو كان يعرف الكتابة ، كما يرى المؤمن الأدلة بعين بصيرته ، ولا يراه الكافر ، فيخلق الله للمؤمن الإدراك دون تعلم ، لأن ذلك الزمن تنخرق فيه العادات )
قال النووي : [ الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها وأنها كتابة حقيقية ، جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله ، يظهرها الله تعالى لكل مسلم ، كاتب وغير كاتب ، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته ، ولا امتناع في ذلك ) .
8 ـ ومن صفاته أيضاً ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قصة الجساسة ، وفيه قال تميم رضي الله عنه : ( فانطلقنا سراعاً ، حتى دخلنا الدِّير ، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط ، وأشده وثاقاً ) . رواه مسلم .
9 ـ وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال ) . رواه مسلم .
10 ـ وأما أن الدجال لا يولد له ، فلما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصته مع ابن صياد ، فقد قال لأبي سعيد : ( ألست سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنه لا يولد له ؟ قال : قلت : بلى ) . رواه مسلم .
والملاحظ في الروايات السابقة أن في بعضها وصف عينه اليمنى بالعور ، وفي بعضها وصف عينه اليسرى بالعور ، وكل الروايات صحيحة ، وهذا فيه إشكال .
فذهب الحافظ ابن حجر إلى أن حديث ابن عمر الوارد في الصحيحين والذي جاء فيه وصف عينه اليمنى بالعور أرجح من رواية مسلم التي جاء فيها وصف عينه اليسرى بالعور ، لأنه المتفق على صحته أقوى من غيره .
وذهب القاضي عياض إلى أن عيني الدجال كلتيهما معيبة ، لأن الروايات كلها صحيحة ، وتكون العين المطموسة والممسوحة هي العوراء الطافئة ـ بالهمز ـ أي : التي ذهب ضوؤها ، وهي العين اليمنى ، كما في حديث ابن عمر . وتكون العين اليسرى التي عليها ظفرة غليظة ، وهي الطافية ـ بلا همز ـ معيبة أيضاً ، فهو أعور العين اليمنى واليسرى معاً ، فكل واحدة منهما عوراء ، أي : معيبة ، فإن الأعور من كل شيء : المعيب ، لا سيما ما يختص بالعين ، فكلا عيني الدجال معيبة عوراء ، إحداهما بذهابها ، والأخرى بعيبها .
قال النووي في هذا الجمع : [ هو في نهاية من الحسن ] .
ورجحه أبو عبد الله القرطبي .
الجوهرة
01-12-2012, 06:18 PM
هل الدجال حيُّ ؟ وهل كان موجوداً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
وقبل الجواب عن هذين السؤالين لا بد من معرفة حال ابن صياد ، هل هو الدجال أو غيره ؟
وإذا كان الدجال غير ابن صياد ، فهل هو موجود قبل أن يظهر بفتنته أو لا ؟
وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة نُعرِّف بابن صياد :
ابن صياد
اسمه هو صافي ـ وقيل : عبد الله ـ بن صياد أو صائد .
كان من يهود المدينة ، وقيل : من الأنصار ، وكان صغيراً عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .
وذكر ابن كثير أنه أسلم ، وكان ابنه عمارة من سادات التابعين ، روى عنه الإمام مالك وغيره .
وترجم له الذهبي في كتابه [ تجريد أسماء الصحابة ] ، فقال : [ عبد الله بن صياد ، أورده ابن شاهين ، وقال : هو ابن صائد ، كان أبوه يهودياً ، فولد عبد الله أعور مختوناً ، وهو الذي قيل : إنه الدجال ، ثم أسلم ، فهو تابعي ، له رؤية ] .
وترجم له الحافظ ابن حجر في [ الإصابة ] ، فذكر ما قاله الذهبي ، ثم قال : [ ومن ولده عمارة بن عبد الله بن صياد ، وكان من خيار المسلمين ، من أصحاب سعيد بن المسيب ، روى عنه مالك وغيره ] .
ثم ذكر جملة من الأحاديث في شأن ابن صياد ، كما سيأتي ذكرها فيما بعد .
ثم قال : [ وفي الجملة لا معنى لذكر ابن صياد في الصحابة ، لأنه إن كان الدجال ، فليس بصحابي قطعاً ، لأنه يموت كافراً ، وإن كان غيره ، فهو حال لُقيِّهُ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مسلماً ] .
لكن إن أسلم بعد ذلك ، فهو تابعي له رؤية ، كما قال الذهبي .
أحواله
كان ابن صياد دجالاً ، وكان يتكهن أحياناً فيصدق ويكذب ، فانتشر خبره بين الناس ، وشاع أنه الدجال .
امتحان النبي صلى الله عليه وسلم له
لما شاع بين الناس أمر ابن صياد ، وأنه هو الدجال ، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطّلع على أمره ، ويتبين حاله ، فكان يذهب إليه مختفياً حتى لا يشعر به ابن صياد ، رجاء أن يسمع منه شيئاً ، وكان يوجه إليه بعض الأسئلة التي تكشف عن حقيقته .
ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن عمر انطلق مع النبي صلى الله عليه وسلم في رهط قِبل ابن صياد ، حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أُطُم بن مغالة ، وقد قارب ابن صياد الحلم ، فلم يشعر حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده ، ثم قال لابن صياد : ( أتشهد أني رسول الله ؟ ) فرفضه ، وقال : ( آمنت بالله ورسله ) . فقال له : ( ما ترى ؟ ) قال ابن صياد : يأتيني صادق وكاذب . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خلط عليك الأمر ) . ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني خبأت لكـ خبيئاً ؟ ) . فقال ابن صياد : هو الدُّخ . فقال : ( اخسأ فلن تعدو قدرك ) . فقال عمر رضي الله عنه : دعني يا رسول الله أضرب عنقه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن يكنه ، فلن تسلط عليه ، وإن لم يكنه ، فلا خير لك في قتله ) . رواه البخاري .
[ أطم ] : بناء مرتفع كالحصن ، وجمعه آطام .
[ مغالة ] : بطن من الأنصار .
[ الدُّخ ] : يريد الدخان لكنه قطمها على طريقة الكهان ، كما سيأتي بيان ذلك .
وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( ما ترى ؟ ) . قال : أرى عرشاً على الماء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ترى عرش إبليس على البحر ، وما ترى ؟ ) قال : أرى صادقين وكاذباً ، أو كاذبين وصادقاً . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لُبِّس عليه ، دعوه ) رواه مسلم .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما : انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأُبي بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صياد ، وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئاً قبل أن يراه ابن صياد ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع ـ يعني : في قطيفة له فيها رمزة أو زمرة ـ فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتَّقي بجذوع النخل ، فقالت لابن صياد : يا صافِ ـ وهو اسم ابن صياد ـ هذا محمد صلى الله عليه وسلم . فثار ابن صياد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو تركته بيَّن ) رواه البخاري .
[ رمزة أو زمرة ] : على الشك في تقديم الراء على الزاي أو تأخيرها ، ومعنى ( رمزة ) : فعلة من الرمز ، وهو الإشارة . وأما ( زمرة ) : من الزمر ، والمراد حكاية صوته .
وقال أبو ذر رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى أمه ، قال : ( سلها كم حملت به ؟ ) . فأتيتها ، فسألتها ، فقالت : حملت به اثني عشر شهراً . قال : ثم أرسلني إليها ، فقال : ( سلها عن صيحته حين وقع ؟ ) قال : فرجعت إليها ، فسألتها ، فقالت : صاح صيحة الصبي ابن شهر . ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني قد خبأت لك خبئاً ) . قال : خبأت لي خطم شاة عفراء والدخان . قال : فأراد أن يقول الدخان ، فلم يستطع ، فقال : الدُّخ ، الدُّخ ) رواه أحمد .
فامتحان النبي صلى الله عليه وسلم له بـ ( الدخان ) ، ليتعرف على حقيقة أمره .
والمراد بالدخان هنا قوله تعالى : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " [ الدخان : 10 ] .
فقد وقع في رواية ابن عمر عند الإمام أحمد : ( إني قد خبأت لك خبيئاً ، وخبأ له : " يوم تأتي السماء بدخان مبين " ) رواه أحمد .
قال ابن كثير : [ إن ابن صياد كاشف على طريقة الكهان ، بلسان الجان ، وهم يقرطون ـ أي يقطعون ـ العبارة ، ولهذا قال : هو الدُّخ ، يعني : الدخان ، فعندها عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم مادته ، وأنها شيطانية ، فقال له : ( اخسأ ، فلن تعدو قدرك ) ] .
وفاته
عن جابر رضي الله عنه قال : ( فقدنا ابن صياد يوم الحرة ) رواه أبو داوود .
وقد صحح ابن حجر هذه الرواية ، وضعَّف قول من ذهب إلى أنه مات في المدينة ، وأنهم كشفوا عن وجهه ، وصلوا عليه .
الجوهرة
01-12-2012, 06:19 PM
هل ابن صياد هو الدجال الأكبر ؟
مضى في الكلام على أحوال ابن صياد وامتحان النبي صلى الله عليه وسلم له ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متوقفاً في أمر ابن صياد ، لأنه لم يوحَ إليه أنه الدجال ولا غيره .
وكان عمر رضي الله عنه يحلف عند النبي صلى الله عليه وسلم أن ابن صياد هو الدجال ، ولم ينكر عليه ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكان بعض الصحابة رضي الله عنهم يرى رأي عمر ، ويحلف أن ابن صياد هو الدجال ، كما ثبت ذلك عن جابر ، وابن عمر ، وأبي ذر .
ففي الحديث عن محمد بن المكندر قال : ( رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله إن ابن صياد هو الدجال . قلت : تحلف بالله ؟! قال : إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم ) رواه البخاري .
وعن نافع قال : ( كان ابن عمر يقول : والله ما أشكُّ أن المسيح الدجال ابن صياد ) رواه أبو داوود .
وعن زيد بن وهب قال : ( قال أبو ذر رضي الله عنه : لأن أحلف عشر مرات أن ابن صائد هو الدجال أحب إلي من أن أحلف مرة واحدة أنه ليس به ) رواه الإمام أحمد .
وعن نافع قال : لقي ابن عمر ابن صائد في بعض طرق المدينة ، فقال له قولاً أغضبه ، فانتفخ حتى ملأ السكة ، فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها ، فقالت له : رحمك الله ! ما أردت من ابن صائد ؟! أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما يخرُجُ من غضبةٍ يغضبها ؟! ) رواه مسلم .
وفي رواية عن نافع قال : قال ابن عمر : لقيته مرتين ، قال : فلقيته ، فقلت لبعضهم : هل تَحَدَّثون أنه هو ؟ قال : لا والله . قال : قلت : كذبتني ، والله لقد أخبرني بعضكم أنه لن يموت حتى يكون أكثركم مالاً وولداً ، فكذلك هو زعموا اليوم . قال : فتحدَّثنا ، ثم فارقته . قال : فلقيته مرة أخرى وقد نفرت عينيه . قال : فقلت : متى فعلت عينك ما أرى ؟ قال : لا أدري . قلت : لا تدري وهي في رأسك ؟! قال : إن شاء الله خلقها في عصاك هذه . قال : فنخر كأشد نخير حمار سمعت . قال : فزعم بعض أصحابي أني ضربته بعصا كانت معي حتى تكسرت ، وأما أنا فوالله ما شعرتُ . قال : وجاء حتى دخل على أم المؤمنين ، فحدَّثها ، فقالت : ما تريد إليه ؟! ألم تعلم أن صلى الله عليه وسلم قد قال : ( إن أول ما يبعثه على الناس غضب يغضبه ) رواه مسلم .
وكان ابن صياد يسمع ما يقوله الناس فيه ، فيتأذى من ذلك كثيراً ، ويدافع عن نفسه بأنه ليس الدجال ، ويحتج على ذلك بأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من صفات الدجال لا تنطبق عليه .
ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( خرجنا حجاجاً أو عُماراً ومعنا ابن صائد . قال : فنزلنا منزلاً ، فتفرق الناس ، وبقيتُ أنا وهو ، فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يُقال عليه . قال : وجاء بمتاعه ، فوضعه مع متاعي . فقلت : إن الحر شديد ، فلو وضعته تحت تلك الشجرة . قال : ففعل . قال : فرُفِعت لنا غنم ، فانطلق ، فجاء بعس [ وهو القدح الكبير ] فقال : اشرب أبا سعيد ! فقلت : إن الحر شديد ، واللبن حار . ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده ، أو قال : آخذ عن يده . فقال : أبا سعيد ! لقد هممت أن آخذ حبلاً ، فأعلقه بشجرة ، ثم أختنق مما يقول لي الناس . يا أبا سعيد ! من خفي عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما خفي عليكم معشر الأنصار . ألست من أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو كافر ؟ وأنا مسلم . أوليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو عقيم لا يولد له ؟ وقد تركت ولدي بالمدينة . أوليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يدخل المدينة ولا مكة ؟ وقد أقبلتُ من المدينة ، وأنا أُريد مكة . قال أبو سعيد الخدري : حتى كدت أن أعذره . ثم قال : أما والله إني لأعرفه وأعرف مولده ، وأين هو الآن . قال : قلت له : تباً لك سائر اليوم ) رواه مسلم .
وقال ابن صياد في رواية : ( أما والله إني لأعلم الآن حيث هو ، وأعرف أباه وأمه . قال : وقيل له : أيسرك أنك ذاك الرجل ؟ فقال : لو عُرض علي ما كرهت ) رواه مسلم .
وقد التبس على العلماء ما جاء في ابن صياد ، وأشكل عليهم أمره
فمن قائل : إنه الدجال . ويحتج على ذلك بما سبق ذكره من حلف بعض الصحابة رضي الله عنهم على أنه الدجال ، وبما كان من أمره مع ابن عمر وأبي سعيد رضي الله عنهم .
وذهب بعض العلماء إلى أن ابن صياد ليس هو الدجال ، ويحتج على ذلك بحديث تميم الداري رضي الله عنه .
الجوهرة
01-12-2012, 06:20 PM
قصة حديث تميم الداري
روى الإمام مسلم بسنده إلى عامر بن شراحيل الشعبي ـ شعب همدان ـ أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس ـ وكانت من المهاجرات الأول ـ فقال : حدثيني حديثاً سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسنديه إلى أحدٍ غيره . فقالت : لئن شئت لأفعلن . فقال لها : أجل ، حدثيني . فذكرت قصة تأيمها من زوجها ، واعتدادها عند ابن أم مكتوم ، ثم قالت : فلما انقضت عدتي ، سمعت نداء المنادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي : الصلاة جامعة ، فخرجتُ إلى المسجد ، فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ، جلس على المنبر وهو يضحك ، فقال : ( ليلزم كل إنسان مصلاه ) ، ثم قال : ( أتدرون لم جمعتكم ؟ ) . قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ( إني والله ما جمعتكم لرغبةٍ ولا لرهبةٍ ، ولكن جمعتكم لأن تميماً الداري كان رجلاً نصرانياً ، فجاء ، فبايع ، وأسلم ، وحدثني حديثاً وافق الذي كنتُ أحدثكم عن مسيح الدجال ، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام ، فلعب بهم الموج شهراً في البحر ، ثم أرفؤوا إلى جزيرةٍ في البحر ، حتى مغرب الشمس ، فجلسوا في أقرب السفينة ، فدخلوا الجزيرة ، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر ، لا يدرون ما قُبله من دبُرُه من كثرة الشعر ، فقالوا : ويلك ما أنت ؟ فقالت : أنا الجساسة . قالوا : وما الجساسة ؟ قالت : أيها القوم ! انطلقوا إلى هذا الرجل في الدَّير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق . قال : لما سمَّت لنا رجلاً ، فرِقنا منها أن تكون شيطانة . قال : فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدَّير ، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قطُّ خَلقاً ، وأشده وثاقاً ، مجموعةُُ يداه إلى عنقه ، ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد ، قلنا : ويلك ما أنت ؟ قال : قد قدرتم على خبري ، فأخبروني ما أنتم ؟ قالوا : نحن أناس من العرب ، ركبنا في سفينةٍ بحرية ، فصادفنا البحر حين اغتلم ، فلعب بنا الموج شهراً ، ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه ، فجلسنا في أقرُبها ، فدخلنا الجزيرة ، فلقينا دابة أهلب كثير الشعر لا يُدرى ما قُبله من دُبُره من كثرة الشعر . فقلنا : ويلك ما أنتِ ؟ فقالت : أنا الجساسة . قلنا : وما الجساسة ؟ قالت : اعمدوا إلى هذا الرجل في الدَّير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق ، فأقبلنا إليك سراعاً ، وفزعنا منها ، ولم نأمن أن تكون شيطانة . قال : أخبروني عن نخل بيسان ؟ قلنا : عن أي شأنها تستخبر ؟ قال : أسألكم عن نخلها : هل يُثمر ؟ قلنا له : نعم . قال : أما إنه يوشك أن لا تثمر . قال : أخبروني عن بحيرة طبرية ؟ قلنا : عن أي شأنها تستخبر ؟ قال : هل فيها ماء ؟ قالوا : هي كثيرة الماء . قال : إن ماؤها يوشك أن يذهب . قال أخبروني عن عين زغر ؟ قالوا : عن أي شأنها تستخبر ؟ قال : هل في العين ماء ؟ وهل يزرع أهلها بماء العين ؟ قلنا له : نعم ، هي كثيرة الماء ، وأهلها يزرعون من مائها . قال : أخبروني عن نبي الأميين ، ما فعل ؟ قالوا : قد خرج من مكة ونزل يثرب . قال : أقاتله العرب ؟ قلنا : نعم . قال : كيف صنع بهم ؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه . قال لهم : قد كان ذلك ؟ قلنا : نعم . قال : أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه ، وإني مخبركم عني : إني أنا المسيح ، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج ، فأسير في الأرض ، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة وطيبة ، فهما محرمتان علي كلتاهما ، كلما أردت أن أدخل واحدة ـ أو واحداً ـ منهما ، استقبلني ملك بيده السيف صلتاً يصدني عنها ، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها )
قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وطعن بمخصرته في المنبرـ : ( هذه طيبة ، هذه طيبة ، هذه طيبة ـ يعني : المدينة ـ ألا هل كنت حدثتكم ذلك ؟ ) . فقال الناس : نعم . ( فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أُحدثكم عنه ، وعن المدينة ومكة ، ألا إنه في بحر الشام ، أو بحر اليمن ، لا بل من قبل المشرق ما هو ، من قبل المشرق ما هو ، من قبل المشرق ما هو [ وأومأ بيده إلى المشرق ] ) .
قالت : فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ أرفؤوا ] : أرفأت السفينة إذا قربتها من الشط ، والموضع الذي تشد فيه : المرفأ .
[ الدير ] : بيت يتعبد فيه الرهبان ، ويقال له دير إذا كان في الصحارى ورؤوس الجبال ، وأما إذا كان في الأمصار ، فيقال له بيعة أو كنيسة .
[ اغتلم ] : هاج واضطرمت أمواجه .
[ بيسان ] : مدينة بالأردن بالغور الشامي ، ويقال : هي لسان الأرض ، وهي بين حوران وفلسطين ، وبها عين الفلوس ، وهي عين فيها ملوحة يسيرة ، وتوصف بكثرة النخل .
[ زغر ] : قال ياقوت : حدثني الثقة أن زغر هذه في طرف البحيرة المنتنة في وادٍ هناك بينها وبين بيت المقدس ثلاثة أيام ، وهي من ناحية الحجاز ، ولهم هناك زروع .
[ نقب ] : هو الطريق بين الجبلين .
[ المخصرة ] : هي ما يختصره الإنسان بيده ، فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب ، وقد يتكىء عليه .
قال ابن حجر : [ وقد توهم بعضهم أنه ـ أي حديث فاطمة بنت قيس ـ غريب فرد ، وليس كذلك ، فقد رواه مع فاطمة بنت قيس : أبو هريرة ، وعائشة ، وجابر ] رضي الله عنهم .
الجوهرة
01-12-2012, 06:21 PM
أقوال العلماء في ابن صياد
قال أبو عبد الله القرطبي : [ الصحيح أن ابن صياد هو الدجال ، بدلالة ما تقدم ، وما يبعد أن يكون بالجزيرة في ذلك الوقت ، ويكون بين أظهر الصحابة في وقت آخر ] .
وقال النووي : [ قال العلماء : وقصته مشكلة ، وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال المشهور أم غيره ، ولا شك في أنه دجال من الدجاجلة .
قال العلماء : وظاهر الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوحَ إليه بأنه المسيح الدجال ولا غيره ، وإنما أُوحي إليه بصفات الدجال ، وكان في ابن صياد قرائن محتملة ، فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقطع بأنه الدجال ولا غيره ، ولهذا قال لعمر رضي الله عنه : ( إن يكن هو ، فلن تستطيع قتله ) .
وأما احتجاجه هو بأنه مسلم والدجال كافر ، وبأنه لا يولد للدجال وقد ولد له هو ، وأنه لا يدخل مكة والمدينة وأن ابن صياد دخل المدينة وهو متوجه إلى مكة ، فلا دلالة له فيه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن صفاته وقت فتنته وخروجه في الأرض .
ومن اشتباه قصته وكونه أحد الدجاجلة الكاذبين قوله للنبي صلى الله عليه وسلم : أتشهد أني رسول الله ؟ ودعواه أنه يأتيه صادق وكاذب ، وأنه يرى عرشاً فوق الماء ، وأنه لا يكره أن يكون هو الدجال ، وأنه يعرف موضعه ، وقوله : إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن ، وانتفاخه حتى ملأ السكة .
وأما إظهاره الإسلام ، وحجه ، وجهاده ، وإقلاعه عما كان عليه ، فليس بصريح في أنه غير الدجال ] .
وكلام النووي هذا يُفهم منه أنه يرجح كون ابن صياد هو الدجال .
وقال الشوكاني : [ اختلف الناس في أمر ابن صياد اختلافاً شديداً ، وأشكل أمره ، حتى قيل فيه كل قول ، وظاهر الحديث المذكور أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متردداً في كونه الدجال أم لا ؟ ...
وقد أُجيب ( والكلام للكاتب ) عن التردد منه صلى الله عليه وسلم بجوابين :
الأول : أنه تردد صلى الله عليه وسلم قبل أن يُعلمه الله بأنه هو الدجال ، فلما أعلمه ، لم ينكر على عمر حلفه .
الثاني : أن العرب قد تُخرج الكلام مخرج الشك ، وإن لم يكن في الخبر شك .
ومما يدل على أنه هو الدجال ما أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عمر ، قال : ( لقيت ابن صياد يوماً ـ ومعه رجل من اليهود ـ فإذا عينه قد طفت وهي خارجة مثل عين الحمار ، فلما رأيتها ، قلت : أنشدك الله يا ابن صياد ! متى طفت عينك ؟ قال : لا أدري والرحمن . قلت : كذبت وهي في رأسك . قال : فمسحها ونخر ثلاثاً ) .
وقد سبق ذكر نحو هذه القصة من رواية الإمام مسلم .
والذي يظهر لي من كلام الشوكاني ـ والكلام للكاتب ـ أنه مع القائلين بأن ابن صياد هو الدجال الأكبر .
وقال البيهقي في سياق كلامه على حديث تميم : ( فيه أن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد ، وكان ابن صياد أحد الدجالين الكذابين الذين أخبر صلى الله عليه وسلم بخروجهم ، وقد خرج أكثرهم .
وكأن الذين يجزمون بأن ابن صياد هو الدجال لم يسمعوا بقصة تميم ، وإلا ، فالجمع بينهما بعيد جداً ، إذ كيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة النبوية شبه محتلم ، ويجتمع به النبي صلى الله عليه وسلم ويسأله ، أن يكون في آخرها شيخاً كبيراً مسجوناً في جزيرة من جزائر البحر ، موثقاً بالحديد ، يستفهم عن خبر النبي صلى الله عليه وسلم هل خرج أو لا ؟!
فالأولى أن يُحمل على عدم الاطلاع .
أما عمر ، فيُحتمل أن يكون ذلك منه قبل أن يسمع قصة تميم ، ثم لما سمعها ، لم يعد إلى الحلف المذكور .
وأما جابر ، فشهد حلفه عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستصحب ما كان اطَّلع عليه من عمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت ـ والكلام للكاتب ـ : لكن جابر رضي الله عنه كان من رواة حديث تميم ، كما جاء في رواية أبي داوود ، حيث ذكر قصة الجساسة والدجال بنحو قصة تميم ، ثم قال ابن أبي سلمة : ( إن في هذا الحديث شيئاً ما حفظته ، قال ـ القائل : هو أبو سلمة بن عبد الرحمن والد عمر ـ : شهد جابر أنه هو ابن صائد . قلت : فإنه قد مات . قال : وإن مات . قلت : فإنه قد أسلم . قال : وإن أسلم . قلت : فإنه قد دخل المدينة . قال : وإن دخل المدينة ) رواه أبي داوود .
فجابر رضي الله عنه مصر على أن ابن صياد هو الدجال ، وإن قيل : إنه أسلم ، ودخل المدينة ، ومات .
وقد تقدم أنه صح عن جابر رضي الله عنه أنه قال : ( فقدنا ابن صياد يوم الحرة ) .
وقال ابن حجر : [ أخرج أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ [ أصبهان ] ما يؤيد كون ابن صياد هو الدجال ، فساق من طريق شبيل بن عرزة عن حسان بن عبد الرحمن عن أبيه ، قال : لما افتتحنا أصبهان ، كان بين عسكرنا وبين اليهودية فرسخ ، فكنا نأتيها فنختار منها ، فأتيتها يوماً ، فإذا اليهود يزفنون ويضربون ، فسألت صديقاً لي منهم ؟ فقال : ملكنا الذي نستفتح به على العرب يدخل ، فبتُ عنده على سطحٍ ، فصليت الغداة ، فلما طلعت الشمس ، إذا الرهج من قبل العسكر ، فنظرتُ ، فإذا رجل عليه قبة من ريحان ، واليهود يزفنون ويضربون ، فنظرت ، فإذا هو ابن صياد ، فدخل المدينة فلم يعد حتى الساعة ] .
قال ابن حجر : [ ولا يلتئم خبر جابر هذا ـ أي : فقدهم لابن صياد يوم الحرة ـ مع خبر حسان بن عبد الرحمن ، لأن فتح أصبهان كان في خلافة عمر ، كما أخرجه أبو نعيم في تاريخها ، وبين قتل عمر ووقعة الحرة نحو أربعين سنة .
ويمكن الحمل على أن القصة إنما شاهدها والد حسان بعد فتح أصبهان بهذه المدة ، ويكون الجواب ـ لما ـ في قوله : ( لما افتتحنا أصبهان ) محذوفاً تقديراً : صرت أتعاهدها ، وأتردد إليها ، فجرت قصة ابن صياد ، فلا يتحد زمان فتحها وزمان دخولها ابن صياد ] .
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية : [ أن أمر ابن صياد قد أشكل على بعض الصحابة ، فظنوه الدجال ، وتوقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال ، وإنما هو من جنس الكهان أصحاب الأحوال الشيطانية ، ولذلك كان يذهب ليختبره ] .
وقال ابن كثير : [ والمقصود أن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعاً ، لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية ، وهو فيصل في هذا المقام ] .
هذه هي طائفة من أقوال العلماء في ابن صياد ، وهي ـ كما نرى ـ متضاربة في شأن ابن صياد ، ومع كل دليله .
ولهذا فقد اجتهد الحافظ ابن حجر في التوفيق بين الأحاديث المختلفة ، فقال : [ أقرب ما يُجمع به بين ما تضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدجال أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثقاً ، وأن ابن صياد شيطان تبدى في صورة الدجال في تلك المدة ، إلى أن توجه إلى أصبهان ، فاستتر مع قرينه ، إلى أن تجيء المدة التي قدر الله تعالى خروجه فيها ، ولشدة التباس الأمر في ذلك ، سلك البخاري مسلك الترجيح ، فاقتصر على حديث جابر عن عمر في ابن صياد ، ولم يخرج حديث فاطمة بنت قيس في قصة تميم ] .
الجوهرة
01-12-2012, 06:21 PM
ابن صياد حقيقة لا خرافة
زعم أبو عبية أن [ شخصية ابن صياد خرافة جازت على بعض العقول ، فعاشت قصتها في بعض الكتب منسوبة إلى الرسول ، والرسول عليه صلوات الله لا يصدر عنه من القول والفعل إلا ما هو لباب الحق ومُصاصه ، ولقد آن الأوان لنأخذ بعين الاعتبار والجد روح الحديث ومعناه ، ودلالته ومرماه ، كما نأخذ سنده وطريقه ، لتنجو مداركنا الإسلامية من الشطط والغلط ] .
هذا ما قاله الشيخ أبو عبية في تعليقه على الأحاديث الواردة في ابن صياد !!
ويُردُّ عليه بأن الأحاديث الواردة في ابن صياد صحيحة ، جاءت بها كتب السنة ، كـ [ الصحيحين وغيرهما ] ، وليس في أحاديث ابن صياد مخالفة لروح الحديث ولُباب الحق ، فابن صياد ـ كما سبق ـ اشتبه أمره على المسلمين ، وكان دجالاً من الدجاجلة ، أظهر الله كذبه وباطله للرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين .
وأبو عبية متناقض في كلامه ، فنجده في بعض تعليقاته على أحاديث ابن صياد يقول : [ والحق أن ابن صياد قال كلمة بتراء لا معنى لها ، على عادة الكهان ، وأنه لم يكن يعني شيئاً بكلمته ، فهو مشعوذُ أفاك ] .
فكلامه هنا فيه اعتراف بأن ابن صياد مشعوذ أفاك !
فكيف يكون في وقت خرافة وفي وقت آخر رجل مشعوذ ؟!
لا شك أن أبا عبية متناقض في كلامه . والمتتبع لتعليقات الشيخ أبي عبية على كتاب [ النهاية / الفتن والملاحم ، للحافظ ابن كثير ] يرى العجب .
فقد أطلق أبو عبية لعقله العنان فيما أورده ابن كثير من الأحاديث ، فما رآه هو وقَبِلَه فهو الحق ، وما سوى ذلك أوَّله بتأويلات مخالفة لظاهر الأحاديث ، أو حكم على الأحاديث الصحيحة بالوضع ، بدون دليل ولا برهان على صحيح .
يقول أبو عبية على أحاديث ابن صياد : [ هل الطفل مكلف ؟ وهل يبلغ اهتمام الرسول بهذا المزعوم أن يقف ويسأله هذا السؤال ؟ وهل من المعقول أن ينتظر حتى يتلقى جوابه ؟ وهل من المقبول أن يسمح له بهذا الجواب الكافر المدعي للنبوة والرسالة ؟ وهل يبعث الله أطفالاً ؟ أسئلة نسوقها إلى أولئك الذين يشلّون عقولهم عن التفكير السديد الرشيد ] .
ويُجاب عن كلام أبو عبية هذا بأنه لم يقل أحد : إن الطفل مكلف ، ولا أن الله يبعث أطفالاً ، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطّلع على أمر ابن صياد ، أهو الدجال حقيقة أم لا ؟ لأنه شاع في المدينة أنه الدجال الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان لم يوحَ إليه في أمر ابن صياد شيئاً ، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ما يكشف دجله ـ وهو مميز يعقل الخطاب ـ أن يقول له : ( أتشهد أني رسول الله ؟ ) ... إلى أن قال له : ( إني خبأت لك خبيئاً ؟ ) إلى غير ذلك من الأسئلة التي وجهها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فليس المقصود بهذا الكلام تكليف ابن صياد بالإسلام ، وإنما القصد هو إظهار حقيقة أمره ، وإذا كان القصد ما ذكرنا ، فلا غرابة أن يقف الرسول صلى الله عليه وسلم ليرى جوابه ، وقد ظهر من جوابه أنه دجال من الدجاجلة .
وأيضاً ، فإنه ليس هناك أي مانع في أن يعرض النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام على الصغير ، فإن البخاري رحمه الله أورد قصة ابن صياد وترجم لها بقوله : [ باب كيف يُعرض الإسلام على الصبي ] .
وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعاقب ابن صياد مع ادعائه النبوة ، فشبهة أثارها عدم اطلاع أبي عبية على أقوال العلماء في ذلك ، وقد أجابوا عما ذكره بأجوبة منها :
1 ـ أن ابن صياد كان من يهود المدينة أو حلفائهم ، وكان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم في تلك المدة عهدة ومهادنة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة كتب بينه وبين اليهود ، وصالحهم على أن لا يُهاجوا وأن يتركوا على دينهم .
ويؤيد هذا ما رواه الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في ذكر قصة ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن صياد ومقالته ، وقول عمر رضي الله عنه : ائذن لي فأقتله يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن يكن هو ، فلست صاحبه ، إنما صاحبه عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، وإلا يكن هو ، فليس لك أن تقتل رجلاً من أهل العهد ) .
وإلى هذا الجواب ذهب الخطابي والبغوي .
وقال ابن حجر : [ وهو المتعيِّن ] .
2 ـ أن ابن صياد كان في ذلك الوقت صغيراً ، لم يبلغ الحلم .
ويؤيد هذا الجواب ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما في قصة ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن صياد ، وفيها قوله : ( حتى وجده يلعب مع الغلمان عند أُطم بن مغالة ، وقد قارب يومئذٍ ابن صياد يحتلم ) .
واختار القاضي عياض هذا الجواب .
3 ـ وهناك جواب ثالث ذكره الحافظ ابن حجر ، وهو أن ابن صياد لم يصرح بدعوى النبوة ،وإنما أوهم أنه يدعي الرسالة ، ولا يلزم من دعوى الرسالة دعوى النبوة ، قال الله تعالى : " ألم ترَّ أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين " [ مريم : 83 ] .
الجوهرة
01-12-2012, 06:22 PM
مكان خروج الدجال
يخرج الدجال من جهة المشرق ، من خراسان ، من يهودية أصبهان ، ثم يسير في الأرض ، فلا يترك بلداً إلا دخله ، إلا مكة والمدينة ، فلا يستطيع دخولهما ، لأن الملائكة تحرسهما .
[ خراسان ] : بلاد واسعة في جهة المشرق ، وتشتمل على عدة بلدان ، منها : نيسابور ـ وهراة ـ ومرو ـ وبلخ ـ وما يتخلل ذلك من المدن دون نهر جيحون .
[ أصبهان ] : قال ياقوت : مدينة أصبهان بالموضع المعروف بـ ( جي ) ، وهو الآن يُعرف بـ ( شهرستان ) ، وبـ ( المدينة ) ، فلما سار بختنصر وأخذ بيت المقدس وسبى أهلها ، حمل معه يهودها ، وأنزلها أصبهان ، فبنوا لهم في طرف مدينة جي محلة ، ونزلوها ، وسميت اليهودية ... فمدينة أصبهان اليوم هي اليهودية .
ففي حديث فاطمة بنت قيس السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال : ( ألا إنه في بحر الشام ، أو بحر اليمن ، لا بل من قِبَل المشرق ما هو ، من قِبَل المشرق ما هو [ وأومأ بيده إلى المشرق ] ) صحيح مسلم .
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الدجال يخرج من أرض بالمشرق ، يقال لها : خراسان ) جامع الترمذي .
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج الدجال من يهودية أصبهان ، معه سبعون ألفاً من اليهود ) الفتح الرباني ترتيب مسند أحمد .
قال ابن حجر : [ وأما من أين يخرج ؟ فمن قبل المشرق جزماً ] .
وقال ابن كثير : [ فيكون بدء ظهوره من أصبهان ، من حارة يقال لها : اليهودية ] .
الدجال لا يدخل مكة والمدينة
حُرم على الدجال دخول مكة والمدينة حين يخرج في آخر الزمان ، لورود الأحاديث الصحيحة بذلك ، وأما ما سوى ذلك من البلدان ، فإن الدجال سيدخلها واحداً بعد الآخر .
جاء في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن الدجال قال : [ فأخرج ، فأسير في الأرض ، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة وطيبة ، فهما محرمتان علي كلتاهما ، كلما أردت أن أدخل واحدة ـ أو واحداً ـ منهما ، استقبلني ملك بيده السيف صلتاً يصدني عنها ، وإن على كل نقبٍ منها ملائكة يحرسونها ] .
وثبت أيضاً أن الدجال لا يدخل أربعة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الطور ، والمسجد الأقصى .
روى الإمام أحمد عن جُنادة بن أبي أُمية الأزدي ، قال : ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا : حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الدجال ... ( فذكر الحديث ، وقال : ) وإنه يمكث في الأرض أربعين صباحاً ، يبلغ فيها كل منهل ، ولا يقرب أربعة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الطور ، ومسجد الأقصى ) .
وأما ما ورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً ، جعداً ، قططاً ، أعور عين اليمنى ، واضعاً يديه على منكبي رجل ، يطوف بالبيت ، فسأل عنه ؟ فقالوا : إنه المسيح الدجال .
فيُجاب عنه بأن منع الدجال من دخول مكة والمدينة إنما يكون عند خروجه في آخر الزمان . والله أعلم .
أتباع الدجال
أكثر أتباع الدجال من اليهود والعجم والترك ، وأخلاط من الناس ، غالبهم الأعراب والنساء .
روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة ) .
وفي رواية للإمام أحمد : ( سبعون ألفاً عليهم التيجان ) .
وجاء في حديث أبي بكر السابق : ( يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المُطرقة ) .
قال ابن كثير : [ والظاهر ـ والله أعلم ـ أن المراد هؤلاء الترك أنصار الدجال ] .
قلت ـ والكلام للكاتب ـ : وكذلك بعض الأعاجم ، كما جاء وصفهم في حديث أبي هريرة : ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزاً وكرمان من الأعاجم ، حمر الوجوه ، فطس الأنوف ، صغار الأعين ، كأن وجوههم المجان المُطرقة ، نعالهم الشعر ) .
وأما كون أكثر أتباعه من الأعراب ، فلأن الجهل غالب عليهم ، ولما جاء في حديث أبي أُمامة الطويل قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن فتنته ـ أي الدجال ـ أن يقول للإعرابي : أرأيت إن بعثتُ لك أباك وأمك ، أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه ، فيقولان : يا بني ! اتبعه ، فإنه ربك ) سنن ابن ماجه .
وأما النساء ، فحالهن أشد من حال الأعراب ، لسرعة تأثرهن ، وغلبة الجهل عليهن ، ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ينزل الدجال في هذه السبخة بمرقناة ، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء ، حتى إن الرجل يرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطاً ، مخافة أن تخرج إليه ) مسند أحمد .
[ مرقناة ] : واد بالمدينة يأتي من الطائف ، ويمر بطرف القدوم في أصل قبور الشهداء بأحد .
الجوهرة
01-12-2012, 06:23 PM
فتنة الدجال
فتنة الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة ، وذلك بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول ، وتحير الألباب .
فقد ورد أن معه جنةً وناراً ، وجنته نار ، وناره جنة ، وأن معه أنهار الماء ، وجبال الخبز ، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر ، والأرض أن تُنبت فتُنبت ، وتتبعه كنوز الأرض ، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة ، كسرعة الغيث استدبرته الريح ... إلى غير ذلك من الخوارق .
وكل ذلك جاءت به الأحاديث الصحيحة :
فمنها ما رواه الإمام مسلم عن حذيفة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الدجال أعور العين اليسرى ، جفال الشعر ، معه جنة ونار ، فناره جنة ، وجنته نار ) .
ولمسلم أيضاً عن حذيفة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لأنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران يجريان ، أحدهما رأي العين ماء أبيض ، والآخر رأي العين نار تأجج ، فإما أدركن أحد ، فليأت النهر الذي يراه ناراً ، وليغمض ، ثم ليطأطيء رأسه ، فيشرب منه ، فإنه ماء بارد ) .
وجاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه في ذكر الدجال أن الصحابة قالوا : يا رسول الله ! وما لبثه في الأرض ؟ قال : ( أربعون يوماً : يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم ) . قالوا : وما إسراعه في الأرض ؟ قال : ( كالغيث إذا استدبرته الريح ، فيأتي على القوم ، فيدعوهم ، فيأمنون به ، ويستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر ، والأرض فتُنبت ، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً ، وأسبغه ضروعاً ، وأمده خواصر ، ثم يأتي القوم ، فيدعوهم ، فيردون عليه قوله ، فينصرف عنهم ، ، فيصبحون ممحِلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ، ويمر بالخربة ، فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً ، فيضربه بالسيف ، فيقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه ، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك ) صحيح مسلم .
[ سارحتهم ] : السارحة هي الماشية .
[ ذرا ] : بضم الذال المعجمة وهي الأعالي والأسنمة .
[ أسبغة ] : بالسين المهملة ، أي : أطوله لكثرة اللبن ، وكذا أمده خواصر لكثرة امتلائها من الشبع .
[ يعاسيب النحل ] : هي ذكور النحل . وقال القاضي عياض : [ أي جماعتها ، وأصل اليعسوب أمير النحل ، ويسمى كل سيد يعسوباً ، وإذا طار أمير النحل ، اتبعته جماعاتها ] .
وجاء في رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن هذا الرجل الذي يقتله الدجال من خيار الناس ، أو خير الناس ، يخرج إلى الدجال من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول للدجال : ( أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه . فيقول الدجال : أرأيتم أن قتلت هذا ثم أحييته ، هل تشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا . فيقتله ، ثم يحييه ، فيقول [ أي : الرجل ] : والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم ، فيريد الدجال أن يقتله ، فلا يسلَّط عليه ) .
وسبق ذكر رواية ابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه ... [ وفيها قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال ] : ( إن من فتنته أن يقول للإعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك ، أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه ، فيقولان : يا بني ! اتبعه ، فإنه ربك )
نسأل الله العافية ، ونعوذ به من الفتن .
الجوهرة
01-12-2012, 06:24 PM
الوقاية من فتنة الدجال
أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة المسيح الدجال ، فقد ترك أمته على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ، فلم يدع صلى الله عليه وسلم خيراً إلا دل أمته عليه ، ولا شراً إلا حذرها منه ، ومن جملة ما حذر منه فتنة المسيح الدجال ، لأنها أعظم فتنة تواجهها الأمة إلى قيام الساعة ، وكان كل نبي يُنذر أمته الأعور الدجال ، واختص محمد صلى الله عليه وسلم بزيادة التحذير والإنذار ، وقد بين الله له كثيراً من صفات الدجال ، ليحذر أمته ، فإنه خارج في هذه الأمة لا محالة ، لأنها آخر الأمم ، ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين .
وهذه بعض الإرشادات النبوية التي أرشد إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته ، لتنجو من هذه الفتنة العظيمة التي نسأل الله العظيم أن يعافينا ويُعيذنا منها :
1 ـ التمسك بالإسلام ، والتسلح بسلاح الإيمان ، ومعرفة أسماء الله وصفاته الحسنى التي لا يشاركه فيها أحد ، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب ، وأن الله تعالى منزه عن ذلك ، وأن الدجال أعور ، والله ليس بأعور ، وأنه لا أحد يرى ربه حتى يموت ، والدجال يراه الناس عند خروجه ، مؤمنهم وكافرهم .
2 ـ التعوذ من فتنة الدجال ، وخاصة في الصلاة ، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة :
فمنها ما رواه الشيخان والنسائي عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ... الحديث ) .
وروى البخاري عن مصعب قال : كان سعد يأمر بخمس ويذكرهن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بهن ... ( منها : ) ( وأعوذ بك من فتنة الدنيا [ يعني : الدجال ] ) .
وفي إطلاق الدنيا على الدجال إشارة إلى أن فتنة الدجال أعظم الفتن الواقعة في الدنيا .
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا تشهد أحدكم ، فليستعذ با الله من أربع ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال ) .
وكان الإمام طاوس يأمر ابنه بإعادة الصلاة إذا لم يقرأ بهذا الدعاء في صلاته .
وهذا دليل على حرص السلف على تعليم أبنائهم هذا الدعاء العظيم .
قال السفاريني : [ مما ينبغي لكل عالم أن يبث أحاديث الدجال بين الأولاد والنساء والرجال ... وقد ورد أن من علامات خروجه نسيان ذكره على المنابر ] .إلى أن قال : [ ولا سيما في زماننا هذا الذي أشرأبت فيه الفتن ، وكثرت فيه المحن ، واندرست فيه معالم السنن ، وصارت السنن فيه كالبدع ، والبدعة شرعُ يُتبع ، ولا حول ولا قوة إلا با الله العلي العظيم ] .
3 ـ حفظ آيات من سورة الكهف ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال ، وفي بعض الروايات خواتيمها ، وذلك بقراءة عشر آيات من أولها أو آخرها .
ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان الطويل ... ( وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ) ( من أدركه منكم ، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ) .
وروى مسلم أيضاً عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ، عُصم من الدجال ) .
أي : من فتنته .
قال مسلم : [ قال شعبة : من آخر الكهف ، وقال همام : من أول الكهف ] .
قال النووي : [ سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات ، فمن تدبرها لم يُفتن بالدجال ، وكذلك آخرها قوله تعالى : " أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا .. " [ الكهف : 102 ] ] .
وهذا من خصوصيات سورة الكهف ، فقد جاءت الأحاديث بالحث على قراءتها ، وخاصة في يوم الجمعة .
روى الحاكم عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة ، أضاء له من النور ما بين الجمعتين ) .
ولا شك أن سورة الكهف لها شأن عظيم ، ففيها من الآيات الباهرات ، كقصة أصحاب الكهف ، وقصة موسى مع الخضر ، وقصة ذي القرنين ، وبناءه للسد العظيم حائلاً دون يأجوج ومأجوج ، وإثبات البعث والنشور والنفخ في الصور ، وبيان الأخسرين أعمالاً وهم الذين يحسبون أنهم على الهدى وهم على الضلالة والعمى .
فينبغي لكل مسلم أن يحرص على قراءة هذه السورة ، وحفظها ، وترديدها ، وخاصة في خير يومٍ طلعت عليه الشمس ، وهو يوم الجمعة .
4 ـ الفرار من الدجال ، والابتعاد منه ، والأفضل سكنى مكة والمدينة ، فقد سبق أن الدجال لا يدخل الحرمين ، فينبغي للمسلم إذا خرج الدجال أن يبتعد منه ، وذلك لما معه من الشبهات والخوارق العظيمة التي يُجريها الله على يديه فتنة للناس ، فإنه يأتيه الرجل وهو يظن في نفسه الإيمان والثبات ، فيتبع الدجال ، نسأل الله أن يُعيذنا من فتنته وجميع المسلمين .
روى الإمام أحمد وأبو داود والحاكم عن أبي الدهماء قال : سمعت عُمران بن حصين يُحدث ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن ، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات ، أو لما يبعث به من الشبهات ) .
الجوهرة
01-12-2012, 06:25 PM
هلاك الدجال
يكون هلاك الدجال على يدي المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ، وذلك أن الدجال يظهر على الأرض كلها إلا مكة والمدينة ، ويكثر أتباعه ، وتعم فتنته ، ولا ينجو منها إلا قلة من المؤمنين ، وعند ذلك ينزل عيسى بن مريم عليه السلام على المنارة الشرقية بدمشق ، ويلتف حوله عباد الله المؤمنون ، فيسير بهم قاصداً المسيح الدجال ، ويكون الدجال عند نزول عيسى متوجهاً نحو بيت المقدس ، فيلحق به عيسى عند باب ( لد ) ، فإذا رآه الدجال ، ذاب كما يذوب الملح ، فيقول له عيسى عليه السلام : ( إن لي فيك ضربة لن تفوتني ) . فيتداركه عيسى ، فيقتله بحربته ، وينهزم أتباعه ، فيتبعهم المؤمنون ، فيقتلونهم ، حتى يقول الشجر والحجر : يا مسلم ! يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي ، تعال فاقتله ، إلا الغرقد ، فإنه من شجر اليهود .
وإليكم بعض الأحاديث الواردة في هلاك الدجال وأتباعه :
روى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج الدجال في أمتي ... [ فذكر الحديث وفيه : ] فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه ، فيهلكه ) .
وروى الإمام أحمد والترمذي عن مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يقتل ابن مريم الدجال بباب لُد ) .
وروى مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه حديثاً طويلاً عن الدجال ... [ وفيه قصة نزول عيسى وقتله للدجال ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ] ( فلا يحل لكافرٍ يجد ريح نفسه إلا مات ، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ، فيطلبه ، حتى يدركه بباب لد ، فيقتله ) .
وروى الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم ... [ فذكر الحديث ، وفيه : ] ثم ينزل عيسى بن مريم ، فينادي من السَّحَر ، فيقول : أيها الناس ! ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث . فيقولون : هذا رجل جني . فينطلقون ، فإذا هم بعيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ، فتقام الصلاة ، فيقال له : تقدم يا روح الله ! فيقول : ليتقدم إمامكم ، فليصل بكم ، فإذا صلى صلاة الصبح ، خرجوا إليه . قال : فحين يرى الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء ، فيمشي إليه ، فيقتله ، حتى إن الشجر والحجر ينادي : يا روح الله ! هذا يهودي ، فلا يترك ممن كان يتبعه أحداً إلا قتله ) .
[ ينماث ] : ماث الشيء ميثاً ، أي : مرسه . وماث الملح في الماء ، أي : أذابه .
وبقتله ـ لعنه الله ـ تنتهي فتنته العظيمة ، ويُنجي الله الذين آمنوا من شره وشر أتباعه على يدي روح الله وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام ، وأتباعه المؤمنين ، ولله الحمد والمنة .
الجوهرة
01-12-2012, 06:26 PM
هلاك الدجال
يكون هلاك الدجال على يدي المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ، وذلك أن الدجال يظهر على الأرض كلها إلا مكة والمدينة ، ويكثر أتباعه ، وتعم فتنته ، ولا ينجو منها إلا قلة من المؤمنين ، وعند ذلك ينزل عيسى بن مريم عليه السلام على المنارة الشرقية بدمشق ، ويلتف حوله عباد الله المؤمنون ، فيسير بهم قاصداً المسيح الدجال ، ويكون الدجال عند نزول عيسى متوجهاً نحو بيت المقدس ، فيلحق به عيسى عند باب ( لد ) ، فإذا رآه الدجال ، ذاب كما يذوب الملح ، فيقول له عيسى عليه السلام : ( إن لي فيك ضربة لن تفوتني ) . فيتداركه عيسى ، فيقتله بحربته ، وينهزم أتباعه ، فيتبعهم المؤمنون ، فيقتلونهم ، حتى يقول الشجر والحجر : يا مسلم ! يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي ، تعال فاقتله ، إلا الغرقد ، فإنه من شجر اليهود .
وإليكم بعض الأحاديث الواردة في هلاك الدجال وأتباعه :
روى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج الدجال في أمتي ... [ فذكر الحديث وفيه : ] فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه ، فيهلكه ) .
وروى الإمام أحمد والترمذي عن مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يقتل ابن مريم الدجال بباب لُد ) .
وروى مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه حديثاً طويلاً عن الدجال ... [ وفيه قصة نزول عيسى وقتله للدجال ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ] ( فلا يحل لكافرٍ يجد ريح نفسه إلا مات ، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ، فيطلبه ، حتى يدركه بباب لد ، فيقتله ) .
وروى الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم ... [ فذكر الحديث ، وفيه : ] ثم ينزل عيسى بن مريم ، فينادي من السَّحَر ، فيقول : أيها الناس ! ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث . فيقولون : هذا رجل جني . فينطلقون ، فإذا هم بعيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ، فتقام الصلاة ، فيقال له : تقدم يا روح الله ! فيقول : ليتقدم إمامكم ، فليصل بكم ، فإذا صلى صلاة الصبح ، خرجوا إليه . قال : فحين يرى الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء ، فيمشي إليه ، فيقتله ، حتى إن الشجر والحجر ينادي : يا روح الله ! هذا يهودي ، فلا يترك ممن كان يتبعه أحداً إلا قتله ) .
[ ينماث ] : ماث الشيء ميثاً ، أي : مرسه . وماث الملح في الماء ، أي : أذابه .
وبقتله ـ لعنه الله ـ تنتهي فتنته العظيمة ، ويُنجي الله الذين آمنوا من شره وشر أتباعه على يدي روح الله وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام ، وأتباعه المؤمنين ، ولله الحمد والمنة .
الجوهرة
01-12-2012, 06:27 PM
نزول عيسى عليه السلام
قبل أن نتحدث عن نزول عيسى بن مريم عليه السلام يحسن بنا أن نتعرف على صفته التي وردت بها النصوص الشرعية ..
صفة عيسى عليه السلام :
صفته التي جاءت بها الروايات أنه رجل ، مربوع القامة ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، أحمر ، جعد ، عريض الصدر ، سبط الشعر ، كأنما خرج من ديماس - أي حمام - له لمة قد رجّلها تملأ ما بين منكبيه .
صفة نزوله عليه السلام
بعد خروج الدجال ، وإفساده في الأرض ، يبعث الله عيسى عليه السلام ، فينزل إلى الأرض ، ويكون نزوله عند المنارة البيضاء شرقي دمشق الشام ، وعليه مهرودتان ، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدّر منه جمان كاللؤلؤ ، ولا يحل لكافرٍ يجد ريح نَفَسه إلا مات ، ونفَسَه ينتهي حيث ينتهي طرفه .
[ مهرودتان ] : لابس مهرودتين ، أي ثوبين مصبوغين بورس ثم زعفران .
ويكون نزوله على الطائفة المنصورة ، التي تقاتل على الحق ، وتكون مجتمعة لقتال الدجال ، فينزل وقت إقامة الصلاة ، يصلي خلف أمير تلك الطائفة .
قال ابن كثير : [ هذا هو الأشهر في موضع نزوله أنه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق ، وقد رأيت في بعض الكتب أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق ، فلعل هذا هو المحفوظ .. وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى جانب الجامع الأموي بدمشق من شرقية ، وهذا هو الأنسب والأليق ، لأنه ينزل وقد أقيمت الصلاة ، فيقول له إمام المسلمين : يا روح الله ! تقدَّم . فيقول : تقدَّم أنت ، فإنه أُقيمت لك . وفي رواية : بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة ] .
وذكر ابن كثير أنه في زمنه سنة إحدى وأربعين وسبع مئة جدّد المسلمون منارة من حجارة بيض ، وكان بناؤها من أموال النصارى الذي حرقوا المنارة التي كانت مكانها ، ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة ، حيث قيّض الله بناء هذه المنارة من أموال النصارى ، لينزل عيسى بن مريم عليها ، فيقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ولا يقبل منهم جزية ، ولكن من أسلم وإلا قُتل ، وكذلك غيرهم من الكفار .
ففي حديث النواس بن سمعان الطويل في ذكر خروج الدجال ثم نزول عيسى عليه السلام قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا بعث الله المسيح ابن مريم ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ، بين مهرودتين ، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدَّر منه جمان كاللؤلؤ ، فلا يحل لكافرٍ يجد ريح نفَسَه إلا مات ، ونفَسَه ينتهي حيث ينتهي طرفه ، فيطلبه ـ أي : يطلب الدجال ـ حتى يدركه بباب لد ، فيقتله ، ثم يأتي عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه ، فيمسح وجوههم ، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ) صحيح مسلم .
الجوهرة
01-12-2012, 06:28 PM
الحكمة في نزول عيسى عليه السلام دون غيره
تلمّس بعض العلماء الحكمة في نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان دون غيره من الأنبياء ، ولهم في ذلك عدة أقوال :
1 ـ الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوا عيسى عليه السلام فبيّن الله تعالى كذبهم ، وأنه الذي يقتلهم ويقتل رئيسهم الدجال ، كما سبق في ذلك في الكلام على قتال اليهود .
ورجح الحافظ ابن حجر هذا القول على غيره .
2 ـ إن عيسى عليه السلام وجد في الإنجيل فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى : " وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ " [ الفتح : 29 ] ، فدعا الله أن يجعله منهم ، فاستجاب الله دعاءه ، وأبقاه حتى ينزل آخر الزمان مجدداً لأمر الإسلام .
قال الإمام مالك رحمه الله : [ بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة الذين فتحوا الشام يقولون : والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا ] .
وقال ابن كثير : [ وصدقوا في ذلك ، فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة والأخبار المتداولة ] .
وقد ترجم الإمام الذهبي لعيسى عليه السلام في كتابه " تجريد أسماء الصحابة " ، فقال : [ عيسى بن مريم عليه السلام : صحابي ، ونبي ، فإنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ، وسلّم عليه ، فهو آخر الصحابة موتاً ] .
3 ـ إن نزول عيسى عليه السلام من السماء ، لدنو أجله ، ليُدفن في الأرض ، إذ ليس لمخلوقٍ من التراب أن يموت في غيرها ، فيوافق نزوله خروج الدجال ، فيقتله عيسى عليه السلام .
4 ـ إنه ينزل مكذباً للنصارى ، فيظهر زيفهم في دعواهم الأباطيل ، ويُهلك الله الملل كلها في زمنه إلا الإسلام ، فإنه يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية .
5 ـ إن خصوصيته بهذه الأمور المذكورة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا أولى الناس بعيسى بن مريم ، ليس بيني وبينه نبي ) رواه البخاري .
فرسول الله صلى الله عليه وسلم أخص الناس به ، وأقربهم إليه ، فإن عيسى بشَّر بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي من بعده ، ودعا الخلق إلى تصديقه والإيمان به ، كما في قوله تعالى : " وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ " [ الصف : 6 ] . وفي الحديث : ( قالوا : يا رسول الله أخبرنا عن نفسك ؟ قال : نعم ، أنا دعوة أبي إبراهيم بشرى أخي عيسى ) .
الجوهرة
01-12-2012, 06:29 PM
بماذا يحكم عيسى عليه السلام ؟
يحكم عيسى عليه السلام بالشريعة المحمدية ، ويكون من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا ينزل بشرع جديد ، لأن دين الإسلام خاتم الأديان ، وباقٍ إلى قيام الساعة ، لا ينسخ ، فيكون عيسى عليه السلام حاكماً من حكام هذه الأمة ، ومجدداً لأمر الإسلام ، إذ لا نبي بعد محمدٍ صلى الله عليه وسلم .
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامُكم منكم ؟! ) .
فقلتُ ـ القائل الوليد بن مسلم ـ لابن أبي ذئب : إن الأوزاعي حدثنا عن الزهري عن نافع عن أبي هريرة : ( وإمامُكم منكم ) . قال ابن أبي ذئب : تدري ما أمّكم منكم ؟ قلت : تخبرني ؟ قال : فأمَّكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم . [ صحيح مسلم ] .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ، ظاهرين إلى يوم القيامة ) . قال : ( فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ، فيقول أميرهم : تعال صلِّ بنا . فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة ) [ صحيح مسلم ] .
قال القرطبي : [ ذهب قوم إلى أنه بنزول عيسى عليه السلام يرتفع التكليف ، لئلا يكون رسولاً إلى أهل ذلك الزمان ، يأمرهم عن الله تعالى ، وهذا ( يعني : كونه رسولاً بعد محمد ) أمر مردود بقوله تعالى : " وخاتم النبيين " [ الأحزاب : 40 ] ، وقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا نبي بعدي ) [ صحيح مسلم ] ، وقوله : ( وأنا العاقب ) [ صحيح البخاري ، يريد آخر الأنبياء وخاتمهم .
وإذا كان ذلك ، فلا يجوز أن يُتوهم أن عيسى ينزل نبياً بشريعة متجددة غير شريعة محمد نبينا صلى الله عليه وسلم ، بل إذا نزل ، فإنه يكون يومئذٍ من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، كما أخبر صلى الله عليه وسلم ، حيث قال لعمر : ( لو كان موسى حياً ، ما وسعه إلا اتباعي ) [ مسند الإمام أحمد ] .
فينزل وقد عُلم بأمر الله تعالى له في السماء قبل أن ينزل ما يحتاج إليه من علم هذه الشريعة للحكم به بين الناس ، والعمل به في نفسه ، فيجتمع المؤمنون عند ذلك إليه ، ويحكمونه على أنفسهم ... ولأن تعطيل الحكم غير جائز ، وأيضاً ، فإن بقاء الدنيا إنما يكون بمقتضى التكليف إلى أن لا يقال في الأرض : الله ، الله ) [ التذكرة ص 677 ـ ص 678 ] .
والذي يدل على بقاء التكليف بعد نزول عيسى عليه السلام صلاته مع المسلمين ، وحجه ، وجهاده للكفار .
فأما صلاته ، فقد سبق في الأحاديث ذكر ذلك .
وكذلك قتاله للكفار وأتباع الدجال .
وأما حجه ، ففي صحيح مسلم عن حنظلة الأسلمي ، قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( والذي نفسي بيده ، ليهُلن ابن مريم بفج الروحاء حاجاً أو معتمراً ، أو ليثنِّينِّهما ) . أي يجمع بين الحج والعمرة .
[ فج الروحاء ] : موضع بين مكة والمدينة ، سلكه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر وإلى مكة عام الفتح ، وفي الحج .
وأما وضع عيسى للجزية عن الكفار ـ مع أنها مشروعة في الإسلام قبل نزوله عليه السلام ـ فليس هذا نسخاً لحكم الجزية جاء به عيسى شرعاً جديداً ، فإن مشروعية أخذ الجزية مقيد بنزول عيسى عليه السلام بإخبار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو المبيِّن للنسخ بقوله لنا : ( والله لينزلن ابن مريم حكماً عدلاً ، فليكسِّرن الصليب ، وليقتلن الخنزير ، وليضعن الجزية ) [ صحيح مسلم ] .
الجوهرة
01-12-2012, 06:30 PM
انتشار الأمن وظهور البركات في عهده عليه السلام
وزمن عيسى عليه السلام زمن أمن وسلام ورخاء ، يرسل الله فيه المطر الغزير ، وتخرج الأرض ثمرتها وبركتها ، ويفيض المال ، وتذهب الشحناء والتباغض والتحاسد .
فقد جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل في ذكر الدجال ونزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج في زمن عيسى عليه السلام ودعائه عليهم وهلاكهم ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ( ثم يرسل الله مطراً لا يُكِنُّ منه بيت مدر ولا وبر ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ، ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك ، وردي بركتك ، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ، ويستظلون بقحفها ، ويبارك في الرسل ، حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس ، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس ، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس ) [ صحيح مسلم ] .
[ الزلفة ] : روي بفتح الزاي واللام والقاف وروي بالفاء ، وكلها صحيحة ، ومعناه كالمرآة شبه الأرض بها لصفائها ونظافتها .
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والأنبياء إخوة لعلات ، أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد ، وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ، لأنه لم يكن بيني وبينه نبي ، وإنه نازل ... فيهلك الله في زمانه المسيح الدجال ، وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمار مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم ) [ رواه أحمد ] .
[ لعلات ] : بفتح العين المهملة ، وتشديد اللام ، وأولاد العلات : الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد ، أي : أن إيمان الأنبياء واحد وشرائعهم مختلفة .
وروى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والله لينزلن عيسى بن مريم حكماً عادلاً .... وليضعن الجزية ، ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها ، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد ، وليدعون إلى المال ، فلا يقبله أحد ) [ صحيح مسلم ] .
قال النووي : [ ومعناه أن يزهد الناس فيها ـ أي : الإبل ـ ولا يرغب في اقتنائها ، لكثرة الأموال ، وقلة الآمال ، وعدم الحاجة ، والعلم بقرب القيامة .
وإنما ذكرت القلاص ، لكونها أشرف الإبل ، التي هي أنفس الأموال عند العرب ، وهو شبيه بمعنى قول الله عز وجل : " وإذا العشار عطلت " [ التكوير : 4 ] ، ومعنى : ( لا يسعى عليها ) : لا يٌعتنى بها ] .
وذهب القاضي عياض إلى أن المعنى : أي : لا تُطلب زكاتها إذ لا يوجد من يقبلها .
وأنكر هذا القول النووي .
الجوهرة
01-12-2012, 06:38 PM
مدة بقائه بعد نزوله ثم وفاته
وأما مدة بقاء عيسى عليه السلام في الأرض بعد نزوله ، فقد جاء في بعض الروايات أن يمكث سبع سنين ، وفي بعضها أربعين سنة .
ففي رواية الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( فيبعث الله عيسى بن مريم ... ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحاً باردة من قِبل الشام ، فلا يبقى على وجه الأرض أحدُ في قلبه مثقال ذرة من خيرٍ أو إيمانٍ إلا قبضته ) [ صحيح مسلم ] .
وفي رواية الإمام أحمد وأبي داوود : ( فيمكث في الأرض أربعين سنة ، ثم يُتوفى ، ويصلي عليه المسلمون ) [ مسند الإمام أحمد ] .
وكلا هاتين الروايتين صحيحة ، وهذا مشكل ، إلا أن تُحمل رواية السبع سنين على مدة إقامته بعد نزوله ، ويكون ذلك مضافاً إلى مُكثه في الأرض قبل رفعه إلى السماء ، وكان عمره إذ ذاك ثلاثاً وثلاثين سنة على المشهور .
والله أعلم .
الجوهرة
01-12-2012, 06:38 PM
يأجوج ومأجوج
أصلهم : قبل الحديث عن خروج يأجوج ومأجوج أرى من المناسب أن نتعرف على أصلهم ، وماذا يعني لفظ ( يأجوج ) و ( مأجوج ) ؟
يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان ، وقيل عربيان .
وعلى هذا يكون اشتقاقهما من أجَّت النار أجيجاً : إذا التهبت .
أو من الأُجاج : وهو الماء الشديد الملوحة ، المحرق من ملوحته .
وقيل عن الأجّ : وهو سرعة العدو .
وقيل : مأجوج من ماج ، إذا اضطرب .
وهما على وزن يفعول في ( يأجوج ) ومفعول في ( مأجوج ) ، أو على وزن فاعول فيهما .
هذا إذا كان الاسمان عربيين ، أما إذا كانا أعجميين ، فليس لهما اشتقاق ، لأن الأعجمية لا تُشتق من العربية .
وقرأ الجمهور ( ياجوج ) و ( ماجوج ) ، بدون همز ، فتكون الألفان زائدتين ، وأصلهما ( يجج ) ، و ( مجج ) .
وأما قراءة عاصم ، فهي الهمزة الساكنة فيهما .
وكل ما ذُكر في اشتقاقهما مناسب لحالهم ، ويؤيد الاشتقاق من ( ماج ) بمعنى اضطرب قوله تعالى : " وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ " [ الكهف : 99 ] ، وذلك عند خروجهم من السد .
وأصل يأجوج ومأجوج من البشر ، من ذرية آدم وحواء ..
وقد قال بعض العلماء : إنهم من ذرية آدم لا من حواء ، وذلك أن آدم احتلم ، فاختلط منيه بالتراب ، فخلق الله من ذلك يأجوج ومأجوج .
وهذا مما لا دليل عليه ، ولم يرد عمّن يجب قبول قوله .
قال ابن حجر : ( ولم نر هذا عند أحدٍ من السلف ، إلا عن كعب الأحبار ، ويردّه الحديث المرفوع : أنهم من ذرية نوح ، ونوح من ذرية حواء قطعاً ) .
ويأجوج ومأجوج من ذرية يافث أبي الترك ، ويافث من ولد نوح عليه السلام .
والذي يدل على أنهم من ذرية آدم عليه السلام ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يقول الله تعالى : يا آدم ! فيقول : لبيك وسعديك ، والخير في يديك . فيقول : أخرج بعث النار . قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين . فعنده يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حملٍ حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد ) قالوا : وأيُنا ذلك الواحد ؟ قال : ( أبشروا ، فإن منكم رجلاً ومن يأجوج ومأجوج ألف ) .
وعن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ، وأنهم لو أُرسلوا إلى الناس ، لأفسدوا عليهم معايشهم ، ولن يموت منهم أحد ، إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً ) .
الجوهرة
01-12-2012, 06:39 PM
صفة يأجوج ومأجوج
أما صفتهم التي جاءت بها الأحاديث ، فهي أنهم يُشبهون أبناء جنسهم من الترك الغتم المغول ، صغار العيون ، ذلف الأنوف ، صهب الشعور ، عراض الوجوه ، كأن وجوههم المجان المُطرقة ، على أشكال الترك وألوانهم .
روى الإمام أحمد عن ابن حرملة عن خالته ، قالت : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب ، فقال : ( إنكم تقولون : لا عدو ، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدواً حتى يأتي يأجوج ومأجوج : عراض الوجوه ، صغار العيون ، شُهب الشعاف ، من كل حدب ينسلون ، كأن وجوههم المجان المُطرقة ) .
ومما جاء في هذه الآثار أنهم ثلاثة أصناف :
1 ـ صنف أجسادهم كالأرز ، وهو شجر كبار جداً .
2 ـ وصنف أربعة أذرع في أربعة أذرع .
3 ـ وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى .
وجاء أيضاً أن طولهم شبر وشبرين ، وأطولهم ثلاثة أشبار .
والذي تدل عليه الروايات الصحيحة أنهم رجال أقوياء ، لا طاقة لأحد بقتالهم ، ويبعد أن يكون طول أحدهم شبر وشبرين .
ففي حديث النواس بن سمعان أن الله تعالى يوحي إلى عيسى عليه السلام بخروج يأجوج ومأجوج ، وأنه لا يُدان لأحد بقتالهم ، ويأمره بإبعاد المؤمنين من طريقهم ، فيقول لهم : ( حرز عبادي إلى الطور ) .
كما سيأتي ذكر ذلك في الكلام على خروجهم بإذن الله تعالى ...
( الغتم ) : عجمة في المنطق . ورجل أغتم وغتمى : لا يفصح شيئاً .
الجوهرة
01-12-2012, 06:39 PM
الأدلة من القرآن الكريم
1 ـ قال الله تعالى : " حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظالمين " [ الأنبياء : 96 - 97 ]
2 ـ وقال تعالى في سياقه لقصة ذي القرنين : " ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سدا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا " [ الكهف : 92 - 99 ]
فهذه الآيات تدل على أن الله تعالى سخّر ذا القرنين ، الملك الصالح لبناء السد العظيم ، ليحجز بين يأجوج ومأجوج القوم المفسدين في الأرض وبين الناس ، فإذا جاء الوقت المعلوم ، واقتربت الساعة ، اندك هذا السد ، وخرج يأجوج ومأجوج بسرعة عظيمة ، وجمع ٍ كبير ٍ ، لا يقف أمامه أحد من البشر ، فماجوا في الناس ، وعاثوا في الأرض فساداً .
وهذا علامة على قرب النفخ في الصور ، وخراب الدنيا ، وقيام الساعة ، كما سيأتي ذلك في الأحاديث الثابتة ..
الأدلة من السنة المطهرة
الأحاديث الدالة على ظهور يأجوج ومأجوج كثيرة ، تبلغ حد التواتر المعنوي ، سبق ذكر بعض منها ، وسأذكر هنا طرفاً من هذه الأحاديث :
1 ـ فمنها ما ثبت في الصحيحين عن أم حبيبة بنت أبي سفيان (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=10583)عن زينب بنت جحش (http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15953)أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما فزعا يقول : لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ( وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها ) قالت زينب بنت جحش فقلت يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون قال : ( نعم إذا كثر الخبث (http://islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=0&ID=3901&idfrom=6750&idto=6827&bookid=0&startno=76#docu)) .
2 ـ ومنها ما جاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه وفيه ( إذا أوحى الله على عيسى أني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أولئك على بحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء ، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مئة دينار لأحدكم اليوم ، فيرغب إلى الله عيسى وأصحابه ، فيرسل الله عليهم النغف( دود يكون في أنوف الإبل والغنم ) في رقابهم فيصبحون فرسى ( أي قتلى ) كموت نفس واحدة ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله )
[ الحدب ] : هو كل موضع غليظ مرتفع ، والجمع أحداب وحداب ، والمعنى يظهرون من غليظ الأرض ومرتفعها .
وزاد في رواية – بعد قوله ( لقد كان بهذه مرة ماء ) – ( ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر ، وهو جبل بيت المقدس فيقولون : لقد قتلنا من في الأرض ، هلم فلنقتل من في السماء ، فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما )
3 ـ وجاء في حديث حذيفة رضي الله عنه في ذكر أشراط الساعة فذكر منها ( يأجوج ومأجوج ) .
4 ـ وعن عبد الله بن مسعود (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=10)قال : لما كان ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم لقي إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا الساعة ... إلى أن قال : ( فردوا الحديث إلى عيسى ( فذكر قتل الدجال ، ثم قال : ) ثم يرجع الناس إلى بلادهم ، فيستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، لا يمرون بماء إلا شربوه ؛ ولا بشيء إلا أفسدوه ، يجأرون إليّ فأدعو الله ، فيميتهم ، فتجوى الأرض من ريحهم ، فيجأرون إليّ ، فأدعوا الله فيرسل السماء بالماء فيحملهم ، فيقذف بأجسامهم في البحر ) . (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=10&ID=5095&idfrom=5572&idto=5622&bookid=10&startno=28#docu)
5 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه: " ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويفر الناس منهم، فيرمون سهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء. فيقولون: قهرنا أهل الأرض وغلبنا من في السماء قوة وعلوا ) قال : ( فيبعث الله عز وجل عليهم نغفا في أقفائهم ) . قال : ( فيهلكهم ، والذي نفس محمد بيده ، إن دواب الأرض لتسمن ، وتبطر ، وتشكر شكرا ، وتسكر سكراً من لحومهم )
الجوهرة
01-12-2012, 06:40 PM
سد يأجوج ومأجوج
بنى ذو القرنين سد يأجوج ومأجوج ، ليحجز بينهم وبين جيرانهم الذين استغاثوا به منهم .
كما ذكر الله تعالى ذلك في القرآن الكريم : " قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سداً * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا " [ الكهف : 94 - 95 ] .
هذا ما جاء في الكلام على بناء السد ، أما مكانه ، ففي جهة المشرق ، لقوله تعالى : " حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ " [ الكهف : 90 ]
ولا يُعرف مكان هذا السد بالتحديد ، وقد حاول بعض الملوك والمؤرخين أن يتعرفوا على مكانه ، ومن ذلك ( أن الخليفة الواثق بعث بعض أمرائه يتجه معه جيشاً سرية ، لينظروا إلى السد ، ويعاينوه ، وينعتوه له إذا رجعوا ، فوصلوا من بلاد إلى بلاد ، ومن ملك إلى ملك ، حتى وصلوا إليه ، ورأوا بناءه من الحديد ومن النحاس ، وذكروا أنهم رأوا فيه باباً عظيماً ، وعليه أقفال عظيمة ، ورأوا بقية اللبن والعسل في برج هناك ، وأن عنده حراساً من الملوك المتاخمة له ، وأنه منيف شاهق ، لا يُستطاع ولا ما حوله من الجبال ، ثم رجعوا إلى بلادهم ، وكانت غيبتهم أكثر من سنتين ، وشاهدوا أهوالاً وعجائب ) [ تفسير ابن كثير ] .
وهذه القصة ذكرها ابن كثير رحمه الله في التفسير ، ولم يذكر لها سنداً ، فالله أعلم بصحة ذلك .
والذي تدل عليه الآيات السابقة أن هذا السد بُني بين جبلين ، لقوله تعالى : " حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ " ، والسدان : هما جبلان متقابلان .
ثم قال : " حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ " أي : حاذى به رؤوس الجبلين ، وذلك بزبر الحديد ، ثم أفرغ عليه نحاساً مذاباً ، فكان سداً محكماً .
قال الإمام البخاري : ( قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : رأيت السد من البرد المحبر . قال : قد رأيته )
وقال سيد قطب : [ كُشف سد بمقربة من مدينة ترمذ ، عُرف ( باب الحديد ) ، قد مر به في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي العالم الألماني ( سيلدبرجر ) وسجله في كتابه ، وكذلك ذكره المؤرخ الأسباني ( كلافيجو ) في رحلته سنة 1403 هـ ، وقال : سد مدينة باب الحديد على الطريق سمرقند والهند ... وقد يكون هو السد الذي بناه ذو القرنين ] .
قلت ـ والكلام للكاتب ـ : ولعل هذا السد هو السور المحيط بمدينة ترمذ ، الذي ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان ، وليس هو سد ذي القرنين .
وأيضاً ، فإنه لا يعنينا في هذا البحث تحديد مكان السد ، بل نقف عند ما أخبرنا الله تعالى به ، وما جاء في الأحاديث الصحيحة ، وهو أن سد يأجوج ومأجوج موجود إلى يأتي الوقت المحدد لدّك هذا السد ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وذلك عند دنو الساعة ، كما قال تعالى : " قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا " [ الكهف : 98 - 99 ]
والذي يدل على أن هذا السد موجود لم يندكّ ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في السد ، قال : ( يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه ، قال الذي عليهم : ارجعوا ، فستخرقونه غداً . قال : فيعيده الله عز وجل كأشد ما كان ، حتى إذا بلغوا مدَّتهم ، وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غداً إن شاء الله تعالى ، واستثنى . قال : فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه ، فيخرقونه ، ويخرجون على الناس ، فيستقون المياه ، ويفر الناس منهم ) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم .
والذي جاء في حديث الصحيحين كما سبق أنه فُتح منه جزء يسير ، ففزع من ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
ويرى سيد قطب من باب الترجيح لا من باب اليقين أن وعد الله بدك السد قد وقع ، وأنه قد خرج يأجوج ومأجوج ، وهم التتار الذين ظهروا في القرن السابع الهجري ، ودمروا الممالك الإسلامية ، وعاثوا في الأرض فساداً .
وفي هؤلاء التتار يقول القرطبي : [ وقد خرج منهم ـ أي الترك ـ في هذا الوقت أمم لا يحصيهم إلا الله تعالى ، ولا يردهم عن المسلمين إلا الله تعالى ، حتى كأنهم يأجوج ومأجوج أو مقدمتهم ]
وكان ظهور هؤلاء التتار في زمن القرطبي ، وسمع عنهم ما سمع من الفساد والقتل ، فظنهم يأجوج ومأجوج أو مقدمتهم .
ولكن الذي هو من أشراط الساعة الكبرى ـ وهو خروج يأجوج ومأجوج في آخر الزمان ـ لم يقع بعد ، لأن الأحاديث الصحيحة تدل على أن خروجهم يكون بعد نزول عيسى عليه السلام ، وأنه هو الذي يدعو عليهم ، فيهلكهم الله ، ثم يرميهم في البحر ، ويريح البلاد والعباد من شرهم .
[ ترمذ ] : مدينة مشهورة من أمهات المدن ، راكبة على نهر جيجون ، من جانبه الشرقي ، يحيط بها سور وأسواقها مفروشة بالآجر ، وممن ينسب إليها الإمام أبو عيسى الترمذي .
الجوهرة
01-12-2012, 06:41 PM
الخسوفات الثلاثة
معنى الخسف : يقال : خسف المكان يخسف خسوفاً إذا ذهب في الأرض ، وغاب فيها ، ومنه قوله تعالى : " فخسفنا به وبداره الأرض " [ القصص : 81 ] .
والخسوفات الثلاثة التي هي من أشراط الساعة جاء ذكرها في الأحاديث ضمن العلامات الكبرى .
الأدلة من السنة المطهرة على ظهور الخسوفات :
1 ـ عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الساعة لن تقوم حتى تروا عشر آيات ... ( فذكر منها : ) وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ) رواه مسلم .
2 ـ وعن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( سيكون بعدي خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف في جزيرة العرب ) .
قلت : يا رسول الله ! أيُخسف بالأرض وفيها الصالحون ؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أكثر أهلها الخبث ) رواه الطبراني .
هل وقعت هذه الخسوفات ؟
وهذه الخسوفات الثلاثة لم تقع بعد ، كغيرها من الأشراط الكبرى التي لم يظهر شيء منها ، وإن كان بعض العلماء يرى أنها قد وقعت كما ذهب إلى ذلك الشريف البرزنجي ، ولكن الصحيح أنه لم يحدث شيء منها إلى الآن ، وإنما وقع بعض الخسوفات في أماكن متفرقة ، وفي أزمان متباعدة ، وذلك من أشراط الساعة الصغرى .
أما هذه الخسوفات الثلاثة ، فتكون عظيمة وعامة لأماكن كثيرة من الأرض ، في مشارقها ومغاربها وفي جزيرة العرب .
قال ابن حجر : [ وقد وجد الخسف في مواضع ، ولكن يحتمل أن يكون المراد بالخسوف الثلاثة قدراً زائداً على ما وجد ، كأن يكون أعظم منه مكاناً أو قدراً ] .
ويؤيد هذا ما جاء في الحديث أنها إنما تقع إذا كثُر الخبث في الناس ، وفشت فيهم المعاصي . والله أعلم .
الجوهرة
01-12-2012, 06:43 PM
الدُخان
ظهور الدخان في آخر الزمان من علامات الساعة الكبرى التي دل عليها الكتاب والسنة .
الأدلة من القرآن الكريم :
قال الله تعالى : " فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ " [ الدخان : 10 - 11 ]
والمعنى : انتظر يا محمد بهؤلاء الكفار يوم تأتي السماء بدخان مبين ٍ واضح ٍ يغشى الناس ويعمّهم ، وعند ذلك يُقال لهم : هذا عذاب أليم ، تقريعاً لهم وتوبيخاً ، أو يقول بعضهم لبعض ذلك . ( تفسير القرطبي ، تفسير ابن كثير )
وفي المراد بهذا الدخان ؟ وهل وقع ؟ أو هو من الآيات المرتقبة ؟
قولان للعلماء :
الأول : أن هذا الدخان هو ما أصاب قريشاً من الشدة والجوع عندما دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يستجيبوا له ، فأصبحوا يرون في السماء كهيئة الدخان .
وإلى هذا القول ذهب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وتبعه جماعة من السلف .
قال رضي الله عنه : ( خمسُ قد مضين : اللزام ، والروم ، والبطشة ، والقمر ، والدخان ) صحيح البخاري .
[ اللزام ] : هو ما جاء في قوله تعالى : " فقد كذبتم فسوف يكون لزاما " [ الفرقان : 77 ] .. أي يكون عذاباً لازماً يهلكهم نتيجة تكذيبهم ، وهو ما وقع لكفار قريش في بدر من القتل والأسر .
ولما حدث رجل من كندة عن الدخان ، وقال : إنه يجيء دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ، غضب ابن مسعود رضي الله عنه ، وقال : ( من علم فليقل ، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم : لا أعلم ، فإن الله قال لنبيه : " قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين " [ ص : 86 ] ، وإن قريشاً أبطؤوا عن الإسلام ، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) ، فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها ، وأكلوا الميتة والعظام ، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان . صحيح البخاري
وهذا القول رجحه ابن جرير الطبري ، ثم قال : [ لأن الله جل ثناؤه توعد بالدخان مشركي قريش ، وأن قوله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " [ الدخان : 10 ] في سياق خطاب الله كفار قريش وتقريعه إياهم بشركهم ، بقوله : " لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين * بل هم في شك يلعبون " [ الدخان : 8 - 9 ] ، ثم أتبع ذلك قوله لنبيه عليه الصلاة والسلام : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " أمراً منه له بالصبر ... إلى أن يأتيهم بأسه ، وتهديداً للمشركين ، فهو بأن يكون إذ كان وعيداً لهم قد أحلّه بهم ، أشبه من أن يكون أخّره عنهم لغيرهم ] تفسير الطبري .
الثاني : أن هذا الدخان من الآيات المنتظرة ، التي لم تجيء بعد ، وسيقع قرب قيام الساعة .
وإلى هذا القول ذهب ابن عباس وبعض الصحابة والتابعين ، فقد روى ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن عبد الله بن أبي مُليكة قال : ( غدوت على ابن عباس رضي الله عنهما ذات يوم ، فقال : ما نمت الليلة حتى أصبحت . قلت : لمَ ؟ قال : لو طلع الكوكب ذو الذنب ، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق ، فما نمت حتى أصبحت ) .
قال ابن كثير : [ وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس حبر الأمة ، وترجمان القرآن ، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين أجمعين ، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرها .. مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة ، مع أنه ظاهر القرآن ، قال الله تعالى : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخانٍ مبين " ، أي : بين واضح يراه كل أحد ، على أن ما فسر به ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد .
وهكذا قوله : " يغشى الناس " ، أي : يتغشاهم ويعمهم ، ولو كان أمراً خيالياً يخص أهل مكة المشركين ، لما قيل فيه : " يغشى الناس " ]
وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صياد : ( إني خبأت لك خبئاً ) . قال : هو الدخ . فقال له : ( اخسأ ، فلن تعدو قدرك ) . وخبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخانٍ مبين "
وفي هذا دليل على أن الدخان من المنتظر المرتقب ، فإن ابن صياد كان من يهود المدينة ، ولم تقع هذه القصة إلا بعد الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة .
وأيضاً فإن الأحاديث الصحيحة ذكرت أن الدخان من أشراط الساعة الكبرى كما سيأتي ..
وأما ما فسر به ابن مسعود رضي الله عنه ، فإن ذلك من كلامه ، والمرفوع مقدم على كل موقوف .
ولا يمتنع إذا ظهرت هذه العلامة أن يقولوا : " ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون " ، فيكشف عنهم ، ثم يعودون ، وهذا قرب القيامة .
على أن بعض العلماء ذهب إلى الجمع بين هذه الآثار بأنهما دخانان ظهرت إحداهما وبقيت الأخرى ، وهي التي ستقع في آخر الزمان ، فأما التي ظهرت ، فهي ما كانت تراه قريش كهيئة الدخان ، وهذا الدخان غير الدخان الحقيقي ، الذي يكون عند ظهور الآيات التي هي من أشراط الساعة .
قال القرطبي : [ قال مجاهد : كان ابن مسعود يقول : هما دخانان قد مضى أحدهما ، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض ، ولا يجد المؤمن منه إلا كالزكمة ، وأما الكافر ، فتثقب مسامعه ]
وقال ابن جرير : [ وبعد ، فإنه غير منكر أن يكون أحلَّ بالكفار الذين توعدهم بهذا الوعيد ما توعدهم ، ويكون محلاً فيما يُستأنف بعد بآخرين دخاناً على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا كذلك ، لأن الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تظاهرت بأن ذلك كائن ، فإنه قد كان ما روى عنه عبد الله بن مسعود ، فكلا الخبرين اللذين رُويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيح ] .
الأدلة من السنة
مضى ذكر بعض الأحاديث الدالة على ظهور الدخان في آخر الزمان ، وسأذكر هنا مزيداً من الأحاديث الدالة على ذلك :
1 - روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا بالأعمال ستاً : الدجال ، والدخان ) .
2 - وجاء في حديث حذيفة في ذكر أشراط الساعة الكبرى : ( والدخان ) .
3 - وروى ابن جرير والطبراني عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن ربكم أنذركم ثلاثاً : الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه ) .
الجوهرة
01-12-2012, 06:44 PM
طلوع الشمس من مغربـها
طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة الكبرى ، وهو ثابت بالكتاب والسنة .
الأدلة من القرآن الكريم :
قال الله تعالى : " يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا " [ الأنعام : 158 ]
فقد دلت الأحاديث الصحيحة أن المراد ببعض الآيات المذكورة في الآية هو طلوع الشمس من مغربها ، وهو قول أكثر المفسرين . [ تفسير ابن كثير / الطبري ]
قال الطبري - بعد ذكره لأقوال المفسرين في هذه الآية - : [ وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ذلك حين تطلع الشمس من مغربها ] .
وقال الشوكاني : [ فإذا ثبت رفع هذا التفسير النبوي من وجه صحيح لا قادح فيه ، فهو واجب التقديم ، محتّم الأخذ به ] .
الأدلة من السنة المطهرة:
الأحاديث الدالة على طلوع الشمس من مغربها كثيرة ، وهذه جملة منها :
1 - روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت فرآها الناس ، آمنوا أجمعون ، فذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ) .
2 - وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان ... ( فذكر الحديث وفيه : ) وحتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ، آمنوا أجمعون ، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً )
3 - وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا بالأعمال ستاً : طلوع الشمس من مغربها ) .
4 - وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً : ( أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ ) . قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ( إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش ، فتخر ساجدة ، فلا تزال كذلك ، حتى يقال لها : ارتفعي ، ارجعي من حيث جئتِ ، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش ، فتخر ساجدة ، ولا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ارجعي من حيث جئتِ ، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئاً ، حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش ، فيقال لها : ارتفعي ، أصبحي طالعة من مغربك ، فتصبح طالعة من مغربها ) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتدرون متى ذاكم ؟ ذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ) . صحيح مسلم
الجوهرة
01-12-2012, 06:45 PM
عدم قبول الإيمان والتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها
إذا طلعت الشمس من مغربها ، فإنه لا يقبل الإيمان ممن لم يكن قبل ذلك مؤمناً ، كما لا تُقبل توبة العاصي ، وذلك لأن طلوع الشمس من مغربها آية عظيمة ، يراها كل من كان في ذلك الزمان ، فتنكشف لهم الحقائق ، ويشاهدون من الأهوال ما يلوي أعناقهم إلى الإقرار والتصديق بالله وآياته ، وحكمهم في ذلك حكم من عاين بأس الله تعالى ، كما قال عز وجل : " فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ " [ غافر : 85 ]
قال القرطبي : [ قال العلماء : وإنما لا ينفع نفساً إيمانها عند طلوع الشمس من مغربها لأنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه كل شهوة من شهوات النفس ، وتفتر كل قوة من قوى البدن ، فيصير الناس كلهم - لإيقانهم بدنو القيامة - في حال من حضره الموت ، في انقطاع الدواعي إلى أنواع المعاصي عنهم ، وبطلانها من أبدانهم ، فمن تاب في مثل هذه الحال ، لم تقبل توبته ، كما لا تقبل توبة من حضره الموت ]
وقال ابن كثير : [ إذا أنشأ الكافر إيماناً يومئذٍ لا يقبل منه ، فأما من كان مؤمناً قبل ذلك ، فإن كان مصلحاً في عمله ، فهو بخير عظيم ، وإن كان مخلطاً فأحدث توبة ، حينئذٍ لم تقبل منه توبة ] .
وهذا هو الذي جاء به القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة ، فإن الله تعالى قال : " يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا " [ الأنعام : 158 ]
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تنقطع الهجرة ما تُقُبِّلت التوبة ، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب ، فإذا طلعت ، طُبّع على كل قلب بما فيه ، وكفي الناس العمل ) مسند الإمام أحمد .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله عز وجل جعل بالمغرب باباً عرضه مسيرة سبعين عاماً للتوبة ، لا يغلق حتى تطلع الشمس من قبله ، وذلك قول الله تبارك وتعالى : " يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ .. " الآية . رواه الترمذي
ويرى بعض العلماء أن الذين لا يُقبل إيمانهم هم الكفار الذين عاينوا طلوع الشمس من مغربها ، أما إذا امتدَّ الزمان ، ونسي الناس ذلك ، فإنه يُقبل إيمان الكفار وتوبة العصاة .
قال القرطبي : [ قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) رواه الإمام أحمد ، أي : تبلغ روحه رأس حلقه ، وذلك وقت المعاينة الذي يرى فيه مقعده من الجنة ومقعده من النار ، فالمشاهد لطلوع الشمس من مغربها مثله ، وعلى هذا ينبغي أن تكون توبة كل من شاهد ذلك أو كان كالشاهد له مردودة ً ما عاش ، لأن علمه با الله تعالى وبنبيه صلى الله عليه وسلم وبوعده قد صار ضرورة ، فإن امتدت أيام الدنيا إلى أن ينسى الناس هذا الأمر العظيم ما كان ، ولا يتحدثون عنه إلا قليلا ، فيصير الخبر عنه خاصا ً ، وينقطع التواتر عنه ، فمن أسلم في ذلك الوقت أو تاب ، قُبل منه ، والله أعلم ) .
وأيَّد ذلك بما رُوي : ( إن الشمس والقمر يُكسيان بعد ذلك الضوء والنور ، ثم يطلعان على الناس ويغربان )
وبما روي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يبقى الناس بعد طلوع الشمس من مغربها عشرين ومئة سنة )
وروي عن عمران بن حصين أنه قال : ( إنما لم تُقبل وقت الطلوع حتى تكون صيحة ، فيهلك كثير من الناس ، فمن أسلم وتاب في ذلك الوقت ثم هلك ، لم تُقبل توبته ، ومن تاب بعد ذلك ، قُبلت توبته )
والجواب عن هذا كله : [ أن النصوص دلت على أن التوبة لا تُقبل بعد طلوع الشمس من مغربها ، وأن الكافر لا يُقبل منه الإسلام ، ولم تُفرق النصوص بين من شاهد هذه الآية وبين من لم يشاهدها ) .
والذي يؤيد ما رواه الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( إذا خرج أول الآيات ، طُرحت الأقلام ، وحُبست الحفظة ، وشهِدت الأجسام الأعمال )
والمراد بأول الآيات هنا هو طلوع الشمس من مغربها ، أما ما كان قبل طلوعها من الآيات ، فإن الأحاديث تدل على قبول التوبة والإيمان في ذلك الوقت .
وروى ابن جرير الطبري أيضا ً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( التوبة مبسوطة ما لم تطلع الشمس من مغربها ) .
وروى الإمام مسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها ) صحيح مسلم .
فجعل صلى الله عليه وسلم غاية التوبة هو طلوع الشمس من مغربها .
وقد ذكر ابن حجر أحاديث وآثارا ً كثيرة تدل على استمرار قفل باب التوبة إلى يوم القيامة ، ثم قال : [ فهذه آثار يشد بعضها بعضا ً متفقة على أن الشمس إذا طلعت من المغرب ، أُغلق باب التوبة ، ولم يُفتح بعد ذلك ، وأن ذلك لا يختص بيوم الطلوع ، بل يمتد إلى يوم القيامة ] .
وأما ما استدل به القرطبي ، فالجواب عنه : أن حديث عبد الله بن عمرو قال فيه الحافظ بن حجر : [ رَفْع هذا لا يثبت ]
وحديث عمران بن حصين : [ لا أصل له ] .
وأما حديث : ( إن الشمس والقمر يُكسيان الضوء والنور ... ) إلخ ، فلم يذكر له القرطبي سندا ً ، وعلى فرض ثبوته ، فإن عودتهما إلى ما كانا عليه ليس فيه دليل على أن باب التوبة قد فُتح مرة أخرى .
وذكر الحافظ أنه وقف على نص فاصل في هذا النزاع ، وهو حديث عبد الله بن عمرو الذي ذكر فيه طلوع الشمس من المغرب وفيه : ( فمن يومئذ إلى يوم القيامة " يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ .. الآية .
الجوهرة
01-12-2012, 06:45 PM
الدابة
ظهور دابة الأرض في آخر الزمان علامة على قرب الساعة ثابت بالكتاب والسنة :
أدلة ظهورها :
أ - الأدلة من القرآن الكريم :
قال الله تعالى : " وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ " [ النمل : 82 ]
فهذه الآية الكريمة جاء فيها ذكر خروج الدابة ، وأن ذلك يكون عند فساد الناس ، وتركهم أوامر الله ، وتبديلهم الدين الحق ، يُخرج الله لهم دابة من الأرض ، فتكلم الناس على ذلك .
قال العلماء في معنى قوله تعالى : " وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ " ، أي : وجب الوعد عليهم ، لتماديهم في العصيان والفسوق والطغيان ، وإعراضهم عن آيات الله ، وتركهم تدبرها ، والنزول على حكمها ، وانتهائهم في المعاصي إلى ما لا ينجح معه فيهم موعظة ، ولا يصرفهم عن غيهم تذكرة ، يقول عز من قائل : فإذا صاروا كذلك ، أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ، أي : دابة تعقل وتنطق ، والدواب في العادة لا كلام لها ولا عقل ، ليعلم الناس أن ذلك آية من عند الله تعالى .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( وقع القول يكون بموت العلماء ، وذهاب العلم ، ورفع القرآن ) .
ثم قال : ( أكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع ) . قالوا : هذه المصاحف ترفع ، فكيف بما في صدور الرجال ؟! قال : ( يُسرى عليه ليلاً ، فيصبحون منه قفراً ، وينسون ( لا إله إلا الله ) ، ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم ، وذلك حين يقع القول عليهم )
الجوهرة
01-12-2012, 06:47 PM
الأدلة من السنة المطهرة على خروج الدابة
1- روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا ً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ً : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض ) .
2- وله عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ً لم أنسه بعد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول الآيات خروجا ً طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى ً ، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها ، فالأخرى على أثرها قريبا ً ) .
3- ومضى حديث حذيفة بن أسيد في ذكر أشراط الساعة الكبرى ، فذكر منها الدابة ، وفي رواية : ( دابة الأرض ) .
4- وروى الإمام أحمد عن أبي أُمامة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تخرج الدابة ، فتسم الناس على خراطيمهم ، ثم يغمرون فيكم حتى يشتري الرجل البعير ، فيقول : ممن اشتريته ؟ فيقول من أحد المخطيين ) .
5- وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا بالأعمال ستا ً ... ( وذكر منها : ) دابة الأرض )
6- وروى الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تخرج الدابة ومعها عصا موسى عليه السلام ، وخاتم سليمان عليه السلام ، فتخطم الكافر - قال عفان أحد رواة الحديث : أنف الكافر - بالخاتم ، وتجلو وجه المؤمن بالعصا ، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون على خوانهم ، فيقول هذا : يا مؤمن ! ويقول هذا : يا كافر ) .
الخرطوم : الأنف ، وقيل مقدم الأنف .
يغمرون : يكثرون والغمرة الزحمة من الناس والماء .
تخطم الكافر : أي تسمه ، من : خطمت البعير إذا كويته خطما ً من الأنف إلى أحد خديه ، وتسمى تلك السمة الخطام ، ومعناه : أن تؤثر في أنفه سمة يُعرف بها .
تجلو وجه المؤمن : الجلى : انحسار مقدمة الشعر ، والمعنى تصقله وتبيضه .
الخوان : هو ما يوضع عليه الطعام عند الأكل .
الجوهرة
01-12-2012, 06:49 PM
من أي الدواب دابة الأرض ؟
اختلفت الأقوال في تعيين دابة الأرض ، وإليك بعض ما قاله العلماء في ذلك :
الأول : قال القرطبي : ( أول الأقوال أنها فصيل ناقة صالح ، وهو أصحها ، والله أعلم ) .
واستشهد لهذا القول بما رواه أبوداود الطيالسي عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة ... - فذكر الحديث وفيه : - ( لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام ) .
وموضع الشاهد قوله : ( ترغو ) ، والرغاء إنما هو للإبل ،وذلك ( أن الفصيل لما قُتِلت الناقة هرب ، فانفتح له حجر ، فدخل في جوفه ، ثم انطبق عليه ، فهو فيه حتى يخرج بإذن الله عز وجل ) .
ثم قال : ( لقد أحسن من قال :
واذكر خروج فَصِيلِ ناقة صالح ٍ * يَسِم الورى بالكفر والإيمان )
وترجيح القرطبي لهذا القول فيه نظر ، فإن الحديث الذي استند إليه في سنده رجل متروك .
وأيضا ً ، فإنه جاء في بعض كتب الحديث لفظ : ( تدنو ) و ( تربو ) ، بدل : ( ترغو ) ، كما في المستدرك للحاكم .
الثاني : أنها الجساسة المذكورة في حديث تميم الداري رضي الله عنه في قصة الدجال .
وهذا القول منسوب إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
وليس في حديث تميم ما يدل على أن الجساسة هي الدابة التي تخرج آخر الزمان ، وإنما الذي جاء فيه أنه لقي دابة أهلب كثيرة الشعر ، فسألها : ما أنتِ ؟ قالت : أنا الجساسة .
وسُميت بالجساسة لأنها تجسُّ الأخبار للدجال .
وأيضا ً ، فما جاء في شأن الدابة التي نتحدث عنها من تعنيف الناس وتوبيخهم على كفرهم بآيات الله تعالى يُبين أنها غير الجساسة التي تنقل الأخبار للدجال ، والله أعلم .
الثالث : أنها الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة .
وهذا القول نسبه القرطبي إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، منقولا ً من كتاب النقاش ، ولم يذكر له مستندا ً في ذلك ، وذكره الشوكاني في تفسيره .
الرابع : أن الدابة إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ، ويجادلهم لينقطعوا ، فيهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حيّ عن بينة .
وهذا القول ذكره القرطبي ، ورده بأن الدابة لوكانت إنسانا ً يناظر المبتدعة ، لم تكن الدابة آية خارقة وعلامة من علامات الساعة العشر .
وأيضا ً فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي على أهل الأرض أن يسموه باسم الإنسان أو العالم أو الإمام إلى أن يسمى بالدابة ، وهذا خروج عن عادة الفصحاء ، وعن تعظيم العلماء .
الخامس : أن الدابة اسم جنس لكل ما يدب ، وليست حيوانا ً مشخّصا ً معينا ً يحوي العجائب والغرائب ، ولعل المراد بها تلك الجراثيم الخطيرة التي تفتك بالإنسان وجسمه وصحته ، فهي تجرح وتقتل ، ومن تجريحها وأذاها كلمات واعظة للناس لو كانت لهم قلوب تعقل ، فترجع بهم إلى الله ، وإلى دينه ، وتلزمهم الحجة ، ولسان الحال أبلغ من لسان المقال ، فإن من معاني التكليم التجريح .
وهذا القول هو ما ذهب إليه أبو عبية في تعليقه على ( النهاية / الفتن والملاحم ) لابن كثير ، وهو رأي بعيد عن الصواب ، وذلك لأمور :
أ - أن الجراثيم موجودة من قديم الزمان ، وكذلك الأمراض التي تفتك بالناس في أجسامهم ، وزروعهم ودوابهم ، والدابة التي هي من أشراط الساعة لم تظهر بعد .
ب - أن الجراثيم غالبا ً لا تُرى بالعين المجردة ، وأما الدابة ، فلم يقل أحد : إنها لا ترى ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر من أحوالها ما يدل على رؤية الناس لها ، فذكر أن معها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام .. إلى غير ذلك مما سبق ذكره .
جـ - أن هذه الدابة تَسِم الناس على وجوههم بالكفر والإيمان ، فتجلو وجه المؤمن ، وتخطم أنف الكافر ، وأما الجراثيم فلا تفعل شيئا ً من ذلك .
د ـ الذي يظهر أن الذي دفعه لهذا القول هو ما ذُكر في صفة الدابة من الأقوال الكثيرة المختلفة ، ولكن قدرة الله أعظم ، وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب التسليم به .
وكذلك ن فأي مانع من حمل اللفظ على المعنى المتبادر ، ولا نلجأ إلى التجوُّز إلا إذا تعذرت الحقيقة ، لا سيما أن قوله هذا مخالف لأقوال المفسرين ، فإنهم ذكروا أن هذه الدابة مخالفة لما يعتاده البشر ، فهي من خوارق العادات ، كما أن طلوع الشمس من مغربها أمر خارق للعادة .
وقد جاء في الحديث أنهما يخرجان في وقت متقارب ، قال صلى الله عليه وسلم : ( أول الآيات خروجا ً طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى ، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبا ً )
والذي يجب الإيمان به هو أن الله تعالى سيخرج للناس في آخر الزمان دابة من الأرض تكلمهم ، فيكون تكليمها آية لهم دالة على أنهم مستحقون للوعيد بتكذيبهم آيات الله ، فإذا خرجت الدابة ، فهم الناس ، وعلموا أنها الخارقة المنبئة باقتراب الساعة ، وقد كانوا قبل ذلك لا يؤمنون بآيات الله ، ولا يصدقون باليوم الموعود .
والذي يؤيد أن هذه الدابة تنطق وتخاطب الناس بكلام يسمعونه ويفهمونه هو أن جاء ذكرها في سورة النمل ، وهذه السورة فيها مشاهد وأحاديث بين طائفة من الحشرات والطير والجن وسليمان عليه السلام ، فجاء ذكر الدابة وتكليمها الناس متناسقا ً مع مشاهد السورة وجوها العام .
قال أحمد شاكر رحمه الله : [ والآية صريحة بالقول العربي أنها ( دابة ) ، ومعنى ( الدابة ) في لغة العرب معروف واضح ، لا يحتاج إلى تأويل ... ووردت أحاديث كثيرة في الصحاح وغيرها بخروج هذه ( الدابة ) الآية ، وأنها تخرج آخر الزمان ، ووردت آثار أخرى في صفتها لم تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المبلِّغ عن ربه ، والمبين آيات كتابه ، فلا علينا أن ندعها ..
ولكن بعض أهل عصرنا ، من المنتسبين للإسلام ، الذين فشا فيهم المنكر من القول والباطل من الرأي ، الذين لا يريدون أن يؤمنوا بالغيب ، ولا يريدون إلا أن يقفوا عند حدود المادة التي رسمها لهم معلِّموهم وقدوتهم ، ملحدوا أوروبا الوثنيون الإباحيون ، المتحللون من كل خلق ودين ، هؤلاء لا يستطيعون أن يؤمنوا بما نؤمن به ، ولا يستطيعون أن ينكروا إنكارا ً صريحا ً ، فيجمجمون ، ويحاورون ، ويداورون ، ثم يتأولون ، فيخرجون بالكلام عن معناه الوضعي الصحيح للألفاظ في لغة الغرب ، يجعلونه أشبه بالرموز ، لما وقر في أنفسهم من الإنكار الذي يبطنون ] .
الجمجمة : هو أن لا يبين كلامه .
الجوهرة
01-12-2012, 06:52 PM
مكان خروج الدابة
اختلفت الأقوال في تعيين مكان خروج الدابة ، فمنها :
1- أنها تخرج من مكة المكرمة من أعظم المساجد .
ويؤيد هذا القول ما رواه الطبراني في " الأوسط " عن حذيفة بن أسيد - أراه رفعه - ، قال : [ تخرج الدابة من أعظم المساجد ، فبينا هم إذ دبَّت الأرض ، فبينا هم كذلك إذ تصدّعت ]
قال ابن عينية : [ تخرج حين يسري الإمام جمع ، وإنما جعل سابقا ً ليخبر الناس أن الدابة لم تخرج ]
2- أن لها ثلاث خرجات ، فمرة تخرج في بعض البوادي ثم تختفي ، ثم تخرج في بعض القرى ، ثم تظهر في المسجد الحرام
( جاء في حديث حذيفة بن أسيد عند الحاكم : إن لها " ثلاث خرجات " وذكر الحديث بطوله ، ثم قال : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي في تلخيصه المستدرك )
وهناك أقوال أخرى غير ما ذكرته ، غالبها يدور على أن خروجها من الحرم المكي ، فا الله أعلم بذلك .
الجوهرة
01-12-2012, 06:53 PM
عمل الدابة
إذا خرجت هذه الدابة العظيمة ، فإنها تسم المؤمن والكافر
فأما المؤمن فإنها تجلو وجهه حتى يشرق ، ويكون ذلك علامة على إيمانه .
وأما الكافر ، فإنها تخطمه على أنفه ، علامة على كفره والعياذ بالله .
وجاء في الآية الكريمة قوله تعالى : " أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " [ النمل : 82 ]
وفي معنى هذا التكليم اختلفت أقوال المفسرين :
1- أن المراد : تكلمهم كلاما ً ، أي : تخاطبهم مخاطبة ، ويدل على هذا قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه : ( تنبئهم ) .
2- تجرحهم ، ويؤيد ذلك قراءة ( تَكلمهم ) ، بفتح التاء وسكون الكاف ، من الكلم ، وهو الجرح ، وهذه القراءة مروية عن ابن عباس رضي الله عنه ، أي : تسمهم وسما ً .
وهذا القول يشهد له حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تخرج الدابة ، فتسم الناس على خراطيمهم ) رواه الإمام أحمد .
وروي عن ابن عباس أنه قال : ( كلا تفعل ) ، أي المخاطبة والوسم .
قال ابن كثير : [ وهو قول حسن ، ولا منافاة ، والله أعلم ]
وأما الكلام الذي تخاطبهم به ، فهو قولها : " إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون "
وهذا على قراءة من قرأها بفتح همزة ( إن ) ، أي : تخبرهم أن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون ، وهذه قراءة عامة قراء الكوفة وبعض أهل البصرة .
وأما قراءة عامة قراء الحجاز والبصرة والشام ، فبكسر همزة ( إن ) على الاستئناف ، ويكون المعنى : تكلمهم بما يسوؤهم ، أو ببطلان الأديان سوى دين الإسلام .
قال ابن جرير : [ والصواب من القول في ذلك أنها قراءتان متقاربتا المعنى ، مستفيضتان في قراءة الأمصار ] .
الجوهرة
01-12-2012, 06:53 PM
النار التي تحشر الناس
ومنها خروج النار العظيمة ، وهي آخر أشراط الساعة الكبرى ، وأول الآيات المؤذِنة بقيام الساعة .
مكان خروجها
جاءت الروايات بأن خروج هذه النار يكون من اليمن ، من قعرة عدن ، وتخرج من بحر حضرموت ، كما جاء في روايات أخرى .
وإليك طائفة من الأحاديث التي تبين مكان خروج هذه النار ، وهي من الأدلة على ظهورها .
1- جاء في حديث حذيفة بن أسيد في ذكر أشراط الساعة الكبرى قوله صلى الله عليه وسلم : ( وآخر ذلك نار تخرج من اليمن ، تطرد الناس إلى محشرهم ) رواه مسلم
عدن : هي المدينة المعروفة في اليمن جنوب الجزيرة العربية ، وهي واقعة على بحر حضرموت ، ويسمى اليوم : البحر العربي .
2- وفي رواية له عن حذيفة أيضا ً : ( ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس )
3- وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ستخرج نار من حضرموت أو من بحر حضرموت ، قبل يوم القيامة ، تحشر الناس ) .
4- وروى الإمام البخاري عن أنس رضي الله عنه أن عبد الله بن سلام لما أسلم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مسائل ، ومنها : ما أول أشراط الساعة ؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما أول أشراط الساعة ، فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ) .
والجمع بين ما جاء أن هذه النار هي آخر أشراط الساعة الكبرى ، وما جاء أنها أول أشراط الساعة : أن آخريتها باعتبار ما ذُكر معها من الآيات الواردة في حديث حذيفة ، وأولويتها باعتبار أنها أول الآيات التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلا ً ، بل يقع بانتهاء هذه الآيات النفخ في الصور ، بخلاف ما ذُكر معها من الآيات الواردة في حديث حذيفة ، فإنه يبقى بعد كل آية منها أشياء من أمور الدنيا .
وأما ما جاء في بعض الروايات بأن خروجها يكون من اليمن ، وفي بعضها الآخر أنها تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ، فيجاب عن ذلك بأجوبة :
1- أنه يمكن الجمع بين هذه الروايات بأن كون النار تخرج من قعر عدن لا ينافي حشرها الناس من المشرق إلى المغرب ، وذلك أن ابتداء خروجها من قعر عدن ، فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها ، والمراد بقوله : ( تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ) ، إرادة تعميم الحشر لا خصوص المشرق والمغرب .
2- أن النار عندما تنتشر يكون حشرها لأهل المشرق أولا ً ، ويؤيد ذلك أن ابتداء الفتن دائما ً من المشرق ، وأما جعل الغاية إلى المغرب ، فلأن الشام بالنسبة إلى المشرق مغرب .
3- يحتمل أن تكون النار المذكورة في حديث أنس كناية عن الفتن المنتشرة التي أثارت الشر العظيم والتهبت كما تلتهب النار ، وكان ابتداؤها من قِبل المشرق ، حتى خرب معظمه ، وانحشر الناس من جهة المشرق إلى الشام ومصر ، وهما من جهة المغرب ، كما شوهد ذلك مرارا ً من عهد جنكزخان ومن بعده .
وأما النار التي في حديثي حذيفة بن أسيد وابن عمر ، فهي نار حقيقية ، والله أعلم .
الجوهرة
01-12-2012, 06:54 PM
كيفية حشرها للناس
عند ظهور هذه النار العظيمة من اليمن ، تنتشر في الأرض ، وتسوق الناس إلى أرض المحشر ، والذين يحشرون على ثلاثة أفواج :
الأول : فوج راغبون طاعمون كاسون راكبون .
والثاني : وفوج يمشون تارة ويركبون أخرى ، يعتقبون على البعير الواحد ، كما سيأتي في الحديث : ( اثنان على بعير ، وثلاثة على بعير ... إلى أن قال : وعشرة على بعير يعتقبونه ) ، وذلك من قلة الظهر يومئذ ٍ .
والفوج الثالث : تحشرهم النار ، فتحيط بهم من ورائهم ، وتسوقهم من كل جانب إلى أرض المحشر ، ومن تخلّف أكلته النار .
ومما جاء من الأحاديث في بيان كيفية حشر هذه النار للناس :
1- روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يحشر الناس على ثلاث طرائق : راغبين ، وراهبين ، واثنان على بعير ، وثلاثة على بعير ، وأربعة على بعير ، وعشرة على بعير ، ويَحشُر بقيتهم النار ، تقيل معهم حيث قالوا ، وتبيت معهم حيث باتوا ، وتصبح معهم حيث أصبحوا ، وتمسي معهم حيث أمسوا )
2- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تبعث نار على أهل المشرق ، فتحشرهم إلى المغرب ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا ، يكون لها ما سقط منهم ، وتخلف ، وتسوقهم سوق الجمل الكسير )
3- وعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه ، قال : قام أبو ذر رضي الله عنه ، فقال : يا بني غِفار ! قولوا ولا تختلفوا ، فإن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حدثني ( أن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج : فوج راكبين طاعمين كاسين ، وفوج يمشون ويسعون ، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم إلى النار ) . فقال قائل منهم : هذان قد عرفناهما ، فما بال الذين يمشون ويسعون ؟ قال : ( يلقي الله الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر ، حتى إن الرجل ليكون له الحديقة المعجبة ، فيعطيها بالشارف ذات القتب ، فلا يقدر عليها ) رواه الإمام أحمد
الشارف : هي الناقة المسن أو الهرمة .
القتب : بكسر القاف وسكون التاء ، هو الرحل الذي يوضع على قدر سنام البعير ، والمعنى : الناقة العاملة .
الجوهرة
01-12-2012, 06:54 PM
أرض المحشر
يحشر الناس إلى الشام في آخر الزمان ، وهي أرض المحشر ، كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة :
1- منها ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في ذكر خروج النار ، وفيه : قال : قلنا : يا رسول الله ! فماذا تأمرنا ؟ قال : ( عليكم بالشام ) رواه أحمد والترمذي
2- وروى الإمام أحمد عن حكيم بن معاوية البهزي عن أبيه ... ( فذكر الحديث ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ) ( ها هُنا تُحشرون ، ها هُنا تُحشرون ، ها هُنا تُحشرون ( ثلاثا ً ) ، ركبانا ً ، ومشاة ، وعلى وجوهكم )
قال ابن أبي بكير : فأشار بيده إلى الشام ، فقال : ( إلى ها هُنا تُحشرون )
3- وفي رواية الترمذي عن بهز عن حكيم عن أبيه عن جده ، قال : قلت : يا رسول الله ! أين تأمرني ؟ قال : ( ها هنا " ونحا بيده نحو الشام " )
4- وروى الإمام أحمد وأبو داوود عن عبد الله بن عمرو ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ستكون هجرة بعد هجرة ، ينحاز الناس إلى مُهاجَرِ إبراهيم ، لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها ، تلفظهم أرضوهم ، تنذرهم نفس الله ، تحشرهم النار مع القردة والخنازير ، تبيت معهم إذا باتوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل من تخلّف )
قال ابن حجر : [ وفي تفسير ابن عيينة عن ابن عباس : من شك أن المحشر هاهنا - يعني الشام - ، فليقرأ أول سورة الحشر ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ٍ : اخرجوا . قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى أرض المحشر ]
والسبب في كون أرض الشام هي أرض المحشر أن الأمن والإيمان حين تقع الفتن في آخر الزمان يكون بالشام .
وقد جاء في فضله والترغيب في سكناه أحاديث صحيحة :
منها ما أخرجه الإمام أحمد عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بينا أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتُمل من تحت رأسي ، فظننت أنه مذهوب به ، فاتبعتُه بصري ، فعُمِدَ به إلى الشام ، إلا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام )
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( رأيت ليلة أسري بي عمودا ً أبيض كأنه لواء تحمله الملائكة ، فقلت : ما تحمِلون ؟ قالوا : عمود الكتاب ، أُمِرنا أن نضعه بالشام )
وروى أبو داوود بسنده إلى عبد الله بن حوالة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا ً مجندة : جند بالشام ، وجند باليمن ، وجند بالعراق ) . قال ابن حوالة : خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذلك . فقال : ( عليك بالشام ، فإنها خيرة الله من أرضه ، يجتبي إليها خيرته من عباده ، فأما إذا أبيتم ، فعليكم بيمنكم ، واسقوا من غدركم ، فإن الله توكلّ لي بالشام وأهله )
وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للشام بالبركة ، كما ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا ) .
وقد تقدم أن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان يكون بالشام ، وبه يكون اجتماع المؤمنين لقتال الدجال .
وقد أنكر أبو عبية أن تكون أرض الشام هي أرض المحشر ، فقال : [ الكلام الذي يحدد أرض المحشر لا دليل عليه من كتاب أو سنة ، أو إجماع ، بل في القرآن الكريم ما يُنقضه ، قال الله تعالى : " يوم تبدل الأرض غير الأرض " [ إبراهيم : 48 ] ، فأين أرض الشام إذن ؟! ]
ويُجاب عنه بأن الأدلة متضافرة على أن أرض المحشر هي الشام ، كما سبق ذكرها .
والحامل له على هذا هو اعتقاده أن هذا الحشر في الآخرة ، وليس في الدنيا ، وسأبين في البحث الآتي أن هذا الحشر في الدنيا ، كما تدل عليه النصوص الصحيحة .
الجوهرة
01-12-2012, 06:55 PM
هذا الحشر في الدنيا
هذا الحشر المذكور في الأحاديث يكون في الدنيا ، وليس المراد به حشر الناس بعد البعث من القبور ، وقد ذكر القرطبي أن الحشر معناه الجمع ، وهو على أربعة أوجه : حشران في الدنيا ، وحشران في الآخرة :
أما حشرا الدنيا :
فالأول : إجلاء بني النضير إلى الشام .
والثاني : حشر الناس قبل القيامة إلى الشام ، وهي النار المذكورة هنا في الأحاديث .
وكون هذا الحشر في الدنيا هو الذي أجمع عليه جمهور العلماء ، كما ذكر ذلك القرطبي ، وابن كثير ، وابن حجر ، وهو الذي تدل عليه النصوص كما تقدم بسطها .
وذهب بعض العلماء ، كالغزالي ، والحليمي إلى أن هذا الحشر ليس في الدنيا ، وإنما هو في الآخرة .
وذكر ابن حجر أن بعض شُراح المصابيح حمله على الحشر من القبور ، واحتجوا على ذلك بعدة أمور :
1- أن الحشر إذا أُطلق في عرف الشرع ، إنما يُراد به الحشر من القبور ، ما لم يخصه دليل .
2- أن هذا التقسيم في الخبر لا يستقيم في الحشر إلى الشام ، لأن المهاجر لا بد أن يكون راغبا ً أو راهبا ًأو جامعا ً بين الصفتين .
3- أن حشر البقية على ما ذكر ، وإلجاء النار لهم إلى تلك الجهة ، وملازمتها حتى لا تفارقهم : قول لم يرد به : قول لم يرد به التوقيف ، وليس لنا أن نحكم بتسليط النار في الدنيا على أهل الشقوة من غير توقيف .
4- أن الحديث يفسر بعضه بعضا ً ، وقد وقع في الحسان من حديث أبي هريرة وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن علي بن زيد عن أوس بن أبي أوس عن أبي هريرة بلفظ : ( ثلاثا ً على الدواب ، وثلاثا ً ينسلون على أقدامهم ، وثلاثا ً على وجوههم ) ، وهذا التقسيم الذي في هذا الخبر موافق لما جاء في سورة الواقعة في قوله تعالى : " وكنتم أزواجا ً ثلاثة " ) [ الواقعة : 7 ]
والإجابة عما احتجوا به يتلخص فيما يأتي :
1- أن الدليل قد جاء بأن هذا الحشر في الدنيا ، كما سبق ذكر الأحاديث في ذلك .
2- أن التقسيم المذكور في آيات سورة الواقعة لا يستلزم أن يكون هو التقسيم المذكور في الحديث ، فإن الذي في الحديث ورد على القصد من الخلاص من الفتنة فمن اغتنم الفرصة سار على فسحة من الظهر ويسرة من الزاد راغبا ً فيما يستقبله راهبا ً فيما يستدبره ، وهم الصنف الأول في الحديث ، ومن توانى حتى قلّ الظهر اشتركوا فيه وهم الصنف الثاني ، والصنف الثالث هم الذين تحشرهم النار وتسحبهم الملائكة .
3- أنه تبين من شواهد الأحاديث أنه ليس المراد بالنار نار الآخرة ، وإنما هي نار تخرج في الدنيا ، أنذر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجها ، وذكر كيفية ما تفعل في الأحاديث المذكورة .
4 - أن الحديث الذي احتجوا به من رواية علي بن زيد - وهو مختلف في توثيقه - لا يخالف الأحاديث التي بينت أن هذا الحشر في الدنيا ، وقد وقع في حديث علي بن زيد المذكور عند الإمام أحمد أنهم " يتقون بوجوههم كل حدب وشوك وأرض الموقف يوم القيامة أرض مستوية لا عوج فيها ولا أكمة ولا حدب ولا شوك )
قال النووي : [ قال العلماء : وهذا الحشر في آخر الدنيا قبيل القيامة ، وقبيل النفخ في الصور ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : تحشر بقيتهم النار ، تبيت معهم وتقيل وتصبح وتمسي ]
وقال الحافظ ابن كثير - بعد ذكره للأحاديث الواردة في خروج النار مبينا ً أن هذا الحشر في الدنيا - : [ فهذه السياقات تدل على أن هذا الحشر هو حشر الموجودين في آخر الدنيا من أقطار الأرض إلى محلة المحشر ، وهي الأرض الشام ... وهذا كله مما يدل على أن هذا في آخر الزمان حيث الأكل والشرب والركوب على الظهر المشترى وغيره ، وحيث تهلك المتخلفين منهم النار ، ولو كان هذا بعد نفخة البعث لم يبق موت ، ولا ظهر يُشترى ، ولا أكل ، ولا شرب ، ولا لبس في العرصات ] .
وأما حشر الآخرة ، فإنه قد جاء في الأحاديث أن الناس مؤمنهم وكافرهم يحشرون حفاة عراة غرلا ً بهما ً ، ففي الصحيح عن ابن عباس ، قال : قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( إنكم محشورون حفاة عراة غُرلا ً ، " كما بدأنا أول خلق ٍ نعيده " [ الأنبياء : 104 ] ، وإن أول الخلق يُكسى يوم القيامة إبراهيم الخليل )
غُرلا ً : جمع أغرل ، وهو الأقلف ، وهو من بقيت غرلته ، وهي الجلدة التي يقطعها الخاتن من الذكر .
بهما ً : جمع بهيم ، وهو في الأصل الذي لا يخالطه لون سواه ، والمعنى ليس فيهم شيء من العاهات والأعراض التي تكون في الدنيا .
قال ابن حجر : [ ومن أين للذين يُبعثون بعد الموت عراة حفاة حدائق حتى يدفعوها في الشوارف ]
فدل هذا على أن هذا الحشر يكون في الدنيا قبل يوم القيامة ، ومن ذهب إلى خلاف ذلك فقد جانب الحق ، والله تعالى أعلم .
الجوهرة
01-12-2012, 06:56 PM
الخاتمة
والتي تشتمل على أهم نتائج البحث ، وهي :
1- أن الإيمان بأشراط الساعة من الإيمان بالغيب الذي لا يتم إيمان المسلم إلا با الإيمان به .
2- أن الإيمان بأشراط الساعة داخل في الإيمان باليوم الآخر .
3- أن ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخبار - سواءً كانت متواترة أو آحادا ً - يجب الإيمان بها وقبولها ، ولا يجوز ردها ، فالعقائد تثبت بالخبر الصحيح ، ولو كان آحادا ً .
4- أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أمته بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة ، وقد نالت أشراط الساعة من أخباره النصيب الأوفر .
5- أن علم الساعة مما استأثر الله تعالى به ، فلم يُطلع عليه ملكا ً ولا مقربا ً ولا نبيا ً مرسلا ً .
6- لم يثبت حديث صحيح في تحديد عمر الدنيا .
7- أن أشراط الساعة الصغرى ظهر كثير منها ولم يبق إلا القليل .
8- أن المراد بظهور أشراط الساعة الصغرى ظهورا ً كليا ً هو استحكام ظهور كل العلامة حتى لا يبقى ما يقابلها إلا في النادر .
9- ليس معنى كون الشيء من أشراط الساعة أن يكون ممنوعا ً ، بل أشراط الساعة تشتمل على المحرّم والواجب والمباح والخير والشر .
10- لم يظهر إلى الآن شيء من أشراط الساعة الكبرى .
11- إذا ظهر أول أشراط الساعة الكبرى ، تتابعت الآيات كتتابع الخرز في النظام ، يتبع بعضها بعضا ً .
12- أن ما ظهر من أشراط الساعة هي معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم ، وعَلَم من أعلام نبوته ، حيث أخبر عن أشياء بأنها ستقع ، فوقعت كما أخبر .
13- أن ظهور كثير من أشراط الساعة دليل على خراب هذا العالم ، وأنه قد قرُبت نهايته ، فهي علامة كعلامات الموت التي تظهر على المحتضر .
14- أن باب التوبة مفتوح ما لم تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ، قفل إلى يوم القيامة .
15- أن طلوع الشمس من مغربها ليس هو قيام الساعة ، بل يكون بعدها شيء من أمور الدنيا ، كالبيع ، والشراء ، ونحوهما .
16- أن آخر أشراط الساعة الكبرى هو خروج النار التي تحشر الناس إلى الشام ، وهذا الحشر يكون في الدنيا قبل يوم القيامة .
17- أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس .
نسأل الله العافية ، والله تعالى أعلم ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ً كثيراً .
العزوف
02-14-2012, 10:10 PM
http://im14.gulfup.com/2012-02-15/1329256631643.jpg (http://www.gulfup.com/show/X4bisx1enmt)
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
diamond