المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آلصلآة تغيرنآ ونحن نغير آلعآلم..


الـمـلـكـي
06-27-2011, 06:06 AM
من أجمل آلمقآلآت آللتي قرأتهآ..

.. كنتُ شابا صغيرا، وكانت التياراتُ تلاحقنا في كل مكان، في كل كتاب، في كل نقاش، كانت أيام الثانوية أصعب أيام، وهي أيام الشك والحيرة، والضياع والزوغان بين مدارس الفكر الوضعي، وأخذتني المدارس واستلهمت كبار مفكري العالم، فانقطعت مدة طويلة متبتلا بالفكر الألماني، ومع أني أقرأ من صغري بالإنجليزية، إلا أن تراجم الإنجليز لجوته، وتشيلر، وكانت، ونيتشه، وريلكه، أخذت بلبي، ثم تعرفت على شبنهاور فصقل فكر نيتشه في رأسي عن عنفوان القوة، وعدل البأس والجبروت، وكأنه دين يُبَشـّر به، أخذني نيتشه إلى مسوغاته، ومبرراته الصعبة التي كانت بمشقة تسلق جبال بافاريا، وكانت القمة هي ما أسماه مصطلحا "بالإرادة العلـّية"، ثم قذفني إلى شواطئ برتراند الرسل المتصوف المادي الرياضي، وهـُمْتُ بعد ذاك بمدارس الفابية مع برناردشو في شقـِّهِ الجاد، وتبتلتُ مع إنجلز.. وأخذ الفكرُ يجرفني تماما وبعيدا عن الروح المتصلة بالسماء، حيث اليقين كل شيء، حيث الإيمان هو الشمس التي تسطع من بعيد، ولكنها أقرب لك من أي عنصر في الكون، لأنها طاقة الوجود، فضعت كثيرا، وتجبرت بما سفحت من معلومات وكتب وظننت أني في تلك السن الباكرة قد جمعتُ سحرَ العلوم، وكأني خيميائي المعرفة.. ولم أعد أقرأ الكتبَ التي كنت أتوسدها في السابق حتى يغالبني النوم من أمهات الثقافة الدينية في التفسير والفقه الحديث، والأدب العربي.. ونفضتُ عني ما حسبت وقتها أنه عالمٌ عتيقٌ مليءٌ بغبار الغابر من التاريخ المعتم، إلى معارف تُشرق فيها أنوارُ العقل الإنساني متوهجا سواء في التاريخ أو المعاصر. .. ثم تركتُ الصلاة.

وكان مدرسي, يرحمه الله, في اللغة العربية رجل من غزة متدين، وقويم الفكر، ويؤثرني لميلي إلى الاطلاع، ولظهوري في اللغة، ثم توطدتْ بيننا صداقةٌ غير صفيّة، حتى انتزعتني أفكار الوجودية، والتي كانت أول مزالقي نحو كل الفلسفات، وصار يقف ضد هذا التوجه ويحذرني كثيرا، ويقول لي لستَ في سنٍّ تحكم فيها على العالم، ولا على معارف أمتك ولا أمم الآخرين.. ارجع إلى منبعك وانهل منه، وتقو، ثم رِدْ من كل منهل، وستجد أنك ستتذوقه وتعرف مكوناته، ولكن لن تدخله جوفك لأن ذائقتك المعرفية المتينة من بنيان تشربك المعرفي لدينك وثقافتك ستمنعك من ذاك.. ولكني تماديت، وشعرت أنّ موجة مشرقة أخذتني منه بعيدا تاركا له كل بحار الظلام..

وأنا في طريقي المادي الجديد، بدأت في سن السابعة عشرة أكتب لمجلة "الجمهور" اللبنانية، وكانوا يحسبوني شخصا كبيرا في بلادي ويخاطبوني كما يخاطبون الكبار، وتـُرسل لي تحويلات النقد، ثم صرتُ أكتب في مجلةٍ إنجليزيةٍ تصدر من البحرين، ودار اسمي تحت اسم المفكر المتحرر.

وكانت كتاباتي تنضح عما في داخلي من معلومات وكتبٍ سفحتها سنوات لا أرفع رأسي من متن كتابٍ إلا إلى آخر، فأغوتني علوم الفلك والإنسان، والحفريات التاريخية، والطب، والجغرافيا.. وكنت أقرأ لعلماء أتأكد من كونهم غير روحانيين.. حتى لا يشوشوا علي بأفكار لا تثبت بالاستدلال المادي.. وانفتحت أمامي المجلاتُ والصحف، وصرت أكتب وأنا في الثانوية بغزارةٍ لمجلات وجرائد في لبنان, الكويت، إيران، البحرين، وأمريكا.. وانفتنتُ بنفسي.. وأرى أستاذي، وأكاد أطل عليه بمكابرةٍ من علٍ.
" لماذا لم تعد تصلي ؟ " سألني أستاذي بحدة عميقة، فأجبته : " وهل تغير الصلاةُ العالم؟ " فأجابني إجابة طيرت عقلي، وخلخلت أركانَ نفسي التي ظننت أنها مكينة.. "نعم الصلاة لا تغير العالم، ولكنها تغيرنا فنغير نحن العالم".. ولكني صارعت أثر الجملة المريعة.. ومضيت في غيِّي.

مرت سنوات، عدت للمنزل.. وكان بيتنا لا مهادنة فيه بالنسبة للصلاة وفي المسجد، كان أبي يجعل من خروجه للمسجد طقسا ضوئيا، ووالدتي توقظنا للصلاة قبل أن يصدح الأذان.. جرْجرتُ نفسي وعدتُ للصلاة، ولكن مكابرتي كانت في الداخل. ..

.. ويوماً مرضتُ.. وقال لي الطبيب : " آسف يا نجيب، ستموت لا محالة بعد تسعة أشهر "..
كنت في مدينة تاكوما الساحلية بأمريكا، ورحتُ وحيدا إلى تلة خضراء، ورأيت المحيط الجبّارَ شاسعا أمامي.. ولا شيء إلا أنا والسماء والماء.. والموت، والحياة. وسألت نفسي هل أغيرُ شيئا؟". ورحت متأملا، والدموع تنفر فتغطي شساعة المحيط بسرابيةٍ مهيبةٍ مبهمة.. وفجأة، قفزت تلك العبارة إلى رأسي: " الصلاة تغيرنا، ونحن نغير العالم".. وبسرعة ذهبت إلى حيث أقيم وأبرقت لأستاذي تلك الجملة بلا مقدمات ولا خواتيم.. وردّ علي. " لقد استردك الله.. عش مطمئنا."


أعظم صلاة أخذت بمجامعي كانت على ساحل الأطلسي في تاكوما الأمريكية.. وعرفت أن الله حق.. وعرفت ما معنى الحق.. وأن معناه النهائي في السماء لا في الأرض..
ولم أمُتْ.. حتى الآن..

منقول..

لكم آلتحيه,’,’,

إبن ثعلي
06-27-2011, 07:29 AM
موضوع ولا اجمل منه تشكر ياالملكي على نقله
وتحياتي لك

ابوسـعد
06-27-2011, 12:58 PM
العودة الى الله هو ديدن من تربى على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، كثير من الدارسين والمفكرين والادباء قد يخوضون في بحور المعرفة ولكن سرعان ما يعودون الى الجذور، وهذا نموذج من النماذج التي تموج بهم الافكار فوق المياه ثم يعودون الى وضعهم الطبيعي ليرسون على الارض..نسال الله له الثبات والصدق في القول والعمل .مقال جيد عن واقع مؤلم...ومشكور على النقل .وياهلااااوغلاااا

شـوآق
06-27-2011, 01:45 PM
الله واكبر .,


ترك صلاته واهملها وقالو انك ستموت لامحاله ., لم ينفع من علمه شيئا
ولم يغير مثقال ذرة ., وحين عاد الى ربه اسكن الطمئنيه بقلبه ومد بعمرهـ




الملكي

جزاك الله خير ع هالطرح القيم
واسال الله ان يثبتنا ع ديننا الذي هوعصمة أمرنا



لاهنت

مهـرة مـطير
06-27-2011, 06:28 PM
نقل مميز من عضو مميز

يعطيك العآفيه يـ الملكي

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

الـمـلـكـي
06-28-2011, 02:50 AM
موضوع ولا اجمل منه تشكر ياالملكي على نقله
وتحياتي لك

هلآبك أخي آلفآضل إبن ثعلي

والأجمل مرورك هنآ وإبدآء رأيك ولآخلآ ولآ عدم

لك آلتحيه,’,’,

الـمـلـكـي
06-28-2011, 02:52 AM
العودة الى الله هو ديدن من تربى على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، كثير من الدارسين والمفكرين والادباء قد يخوضون في بحور المعرفة ولكن سرعان ما يعودون الى الجذور، وهذا نموذج من النماذج التي تموج بهم الافكار فوق المياه ثم يعودون الى وضعهم الطبيعي ليرسون على الارض..نسال الله له الثبات والصدق في القول والعمل .مقال جيد عن واقع مؤلم...ومشكور على النقل .وياهلااااوغلاااا


هلآبك أخي أبن سعد

شآكر لك مرورك آلعطر وتعليقك

لك آلتحيه,’,’,

الـمـلـكـي
06-28-2011, 02:53 AM
الله واكبر .,


ترك صلاته واهملها وقالو انك ستموت لامحاله ., لم ينفع من علمه شيئا
ولم يغير مثقال ذرة ., وحين عاد الى ربه اسكن الطمئنيه بقلبه ومد بعمرهـ




الملكي

جزاك الله خير ع هالطرح القيم
واسال الله ان يثبتنا ع ديننا الذي هوعصمة أمرنا



لاهنت

آللهم آمين..هلآبك عزيزي شوآق

شآكر لك مرورك آلرآقي وتعليقك

لك آلتحيه,’,’,

الـمـلـكـي
06-28-2011, 02:55 AM
نقل مميز من عضو مميز

يعطيك العآفيه يـ الملكي

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

يآهلآ والله مهرة

آلمميز مرورك عزيزتي وتعليقك آلجميل

لك آلتحيه,’,’,