آرويه
06-15-2011, 02:06 AM
ان المتتبع لسلوك الطبيعة ( تتبعا بسيطا) يميل لان يرجح ان هناك حتمية لا تحيد عنها قوانين الطبيعة. من شروق الشمس ، الى حركة الكواكب ،، ومن سقوط الاشياء للآسفل ،،، الى تعاقب الليل و النهار. فنظامية هذا الكون مذهلة تماما حتى انها لا تبدي اي نوع من السلوك اللاحتمي. لكن بالمقابل ،،، هناك تلك الظواهر الاخرى و التي تبدي الكثير من السلوك العشوائي اللا منتظم ،، مثل سقوط الامطار( بالنسبة لمعلوماتنا كبشر) ،، و حدوث العواصف ،، ولا نستطيع ان نقدم عنها اكثر من معلومات احصائية تصف سلوك المنظومة بشكل عام . لكن بين تلك الملاحظتين هناك فرق جوهري كبير ،،، ان الامثلة في الملاحظة الاولى هي ملاحظات عن تركيب الكون نفسه وما يتبع من قوانين ،،، وفي الملاحظة الثانية هي أمثلة عن ظواهر تحدث بفعل تلك التركيبة ( لا تحدث الا على سطح الارض على حسب معلوماتنا الحالية عن الفضاء الخارجي).
لقد قبل علماء الفيزياء ،، ومن بعدهم الفلاسفة ،، ان الكون يتبع صفة احتمالية ،،، فمع نشوء ميكانيك نيوتن و الذي يصف بدقة كافة الحركات المحتملة لاي كتلة و بمعطيات محدودة جدا ،، الى تطور نظرية الحرارة و التيت صف السلوك الحراري لاي منظومة جزيئية ،، الي تطور النظرية الكهرومغناطيسية التي جعلت التعامل مع مظاهر الكهرباء و المغناطيسية امر مفهوم تماما ،،،، قاد الاغلبية في ماقبل القرن العشرين الى الاعتقاد ،، بل و الجزم ان كل شيء يمكن فهمه ،، ويمكن التنبؤ به من حالته الابتدائية ،، و انه لم يبقى شيء في الكون لا يمكن فهمه ،، سوا جزئيات بسيطة سوف تنتج فقط من خلط تلك المفاهيم الاساسية وتحسين بعض الحسابات. و ترافق مع هذا تماما الحاضن الفلسفي و المدعو بـ rationalism , او يمكن ترجمتها تجاوزا بالعقلانية. فقد كان هناك الانطباع السائد انه بمجرد تحديد الاساسيات الممكنة لاي كينونة ،، فانه يمكن فهم كامل الكينونة من تلك الاساسيات او المسلمات . تماما كما في الهندسات البسيطة ، كالاقليدية ، يمكن بناء وفهم كامل النظام من المسلمات الاولية.
في بداية القرن العشرين ،، تلقت تلك الحتمية اول الصفعات المتتالية ،، فقد افضت دراسة المنظومات الذرية الى صفات جديدة يبديها الكون هي اعمق بكثير مما كان يعتقد في ما قبل القرن العشرين. فقد قام ماكس بلانك بطرح اول الاوراق الثورية ( التي شكلت لاحقا منظور جديد للكون ) عن السلوك الذري. لقد كان الاعتقاد السائد ان الطاقة هي عبارة عن تدفق متصل يبدي السلوك المفهوم في كل من النظريات السابقة ( ميكانيك نيوتن ، نظرية الحرارة ، الكهرومغناطيسية) . وكان لا يوجد مايدعم ذلك الاعتقاد سوى الحدس البسيط ، و اتفاقة مع كل المشاهدات و التجارب السابقة. و مع انه كان هناك محاولات ( اجدرها تلك لبولتزمان) في ما قبل القرن العشرين ،، لا ان بلانك هو اول من طرح امكانية اعتبار انتقال الطاقة قابل للحدوث بشكل متقطع . قاد هذا الاكتشاف للتفكير من جديد في مظهر الطاقة و اثبات ان الضوء هو جسيم يسلك سلوك الموجة. فالضوء باعتباره موجات ( صحيح ) و اعتباره جسيمات ( كذلك صحيح) ، لكن حقيقته هو موجة و جسيم في نفس الوقت. وكذلك كمات الطاقة تبدي نفس السلوك ،،، وهذا ما تم ربطه بالعلاقة الشهيرة المسماة معادلة شرودنيغر.
**** معادلة شرودنغر و تفسير كوبنهاغن ****
خلال بدايات ميكانيكا الكم ،، لاحظ العالم فيرنر هاينبسرج ان هناك صعوبة في قياس سرعة ( لنقل السرعة العادية) و موضع او مكان الالكترون بدقة. فقد لاحظ ان هناك سلوك غريب تماما ،،، فمجموع احتمال القياس لا يتجاوز واحد ،، اي لو تمكنت من ان تقيس سرعة الالكترون بدقة ٧٠ بالمئة ،، لن تنجح في الحصول علي اكثر من ٣٠ بالمئة دقة في قياس موضع الالكترون. ان هذا المبدآ و المسمى بمبدأ اللايقينية لهايزنبرج ،، كان بمثل الصدمة للعالم اجمع ،، فإن العالم الذري وبصفته وحدات البناء للكون يسلك سلوك احتمالي ،، وليس حتمي ،،، اي لو كان لديك منظومة فيزيائية و اردت ان تفهم سلوك المنظومة ككل من خلال فهم سلوك وحداتها الاساسية ،، فإنك لن تنجح ابدا ابدا. قام شرودنجر باكتشاف المعادلة و التي تصف السلوك الاحتمالي لاي منظومة فيزيائية تتطور مع الزمن. و من خلال هذه المعادلة قدم تفسير جديد للسلوك الفيزيائي من خلال مجموعة كوبنهاغن كالتالي :
ان اي منظومة فيزيائية تبدو في سلوك احتمالي ،، وفقط ينهار الاحتمال الى قيمة محددة في حال تم قياسه ( عمليا).
ومع عمل التجربة ،، وجد انه عند قياس اي الكترون ،، فان الالكتزون يبدي تصرف و كآنه يعلم انه تحت عملية قياس ،، فيسلك سلوك منتظم. يعني ، عندما نحسب دالة الاحتمال لموضع الكترون ،، فإن هناك دقة (قد تكون كبيرة) لاستنتاج موضعه ،، لكن في المقابل ،، عدم حصولنا على دقة كاملة يعني ان الالكترون قد يكون في مكان اخر ،،، اي ان الالكترون يكون في مكانين بالنسبة لطريقة فهمنا للكون ،، لكن من خلال قياس مكانه عمليا ، يسقط المكان الاخر ،، لصالح الحقيقة ان الالكترون اما ان يكون او لا يكون في هذا الموضع. وهذا مايحدث في العالم الذري ،، لكن ماذا عن العالم الغير ذري ،، الكون نفسه.
ان الكون على المستوي الكبير ،، كالمجرات و الكواكب ،، والقوى الفاعلة بينهم . يتبع مايسمى بنظرية اينشتاين النسبية . فهذه النظرية ،، ومن فروضات محددة ، تستطيع ان تصف قوة الجاذبية بدقة. والطريقة الثورية التي تشرح قوة الجاذبية بصفتها خاصية هندسية للكون، لا تذكر اي سلوك احتمالي. بالتالي ،،، اي سلوك فيزيائي علي مستوى ما تراه اعيننا ،، هو سلوك حتمي . يتعين كل شيء و بدقة ،، من خلال تعيين حالته الابتدائية. فلو اطلقت مكوك فضائي ،،، فإنك ستعلم عن مكانه و سرعته بدقة عالية ( ليست عالية فحسب ، بل بدقة محددة تماما) .
اذا، و لكي اختم ، الخص لكم الفكرة من جديد ، إن الكون على المستوى الذري ، المجهري ،، يتبع صفة احتمالية ،، اي لايمكنك ان تصل لاي قياس دقيق ،، فقط احتمالات ،، وباعتبار ان العالم الذري هو اللبنة الاساسية في بناء الكون ، هل يعني هذا ان الكون يسلك سلوك احتمالي ،، و الحتمية هي فقط ناتجة من مراقبتنا له ، او ابعد من ذلك ، كم مراقبة خارجية. ام ان الكون هو حتمي ،، كما في النظرية النسبية ،، يسلك السلوك المحدد تماما ،،، دون اي اعتبار لما يحدث بالعالم المجهري.
و اخيرا ،، اترك لكم حرية التفكير ،، فيما يجب ان تكون عليه طبيعة هذا الكون من حولنا.
تحياتي
لقد قبل علماء الفيزياء ،، ومن بعدهم الفلاسفة ،، ان الكون يتبع صفة احتمالية ،،، فمع نشوء ميكانيك نيوتن و الذي يصف بدقة كافة الحركات المحتملة لاي كتلة و بمعطيات محدودة جدا ،، الى تطور نظرية الحرارة و التيت صف السلوك الحراري لاي منظومة جزيئية ،، الي تطور النظرية الكهرومغناطيسية التي جعلت التعامل مع مظاهر الكهرباء و المغناطيسية امر مفهوم تماما ،،،، قاد الاغلبية في ماقبل القرن العشرين الى الاعتقاد ،، بل و الجزم ان كل شيء يمكن فهمه ،، ويمكن التنبؤ به من حالته الابتدائية ،، و انه لم يبقى شيء في الكون لا يمكن فهمه ،، سوا جزئيات بسيطة سوف تنتج فقط من خلط تلك المفاهيم الاساسية وتحسين بعض الحسابات. و ترافق مع هذا تماما الحاضن الفلسفي و المدعو بـ rationalism , او يمكن ترجمتها تجاوزا بالعقلانية. فقد كان هناك الانطباع السائد انه بمجرد تحديد الاساسيات الممكنة لاي كينونة ،، فانه يمكن فهم كامل الكينونة من تلك الاساسيات او المسلمات . تماما كما في الهندسات البسيطة ، كالاقليدية ، يمكن بناء وفهم كامل النظام من المسلمات الاولية.
في بداية القرن العشرين ،، تلقت تلك الحتمية اول الصفعات المتتالية ،، فقد افضت دراسة المنظومات الذرية الى صفات جديدة يبديها الكون هي اعمق بكثير مما كان يعتقد في ما قبل القرن العشرين. فقد قام ماكس بلانك بطرح اول الاوراق الثورية ( التي شكلت لاحقا منظور جديد للكون ) عن السلوك الذري. لقد كان الاعتقاد السائد ان الطاقة هي عبارة عن تدفق متصل يبدي السلوك المفهوم في كل من النظريات السابقة ( ميكانيك نيوتن ، نظرية الحرارة ، الكهرومغناطيسية) . وكان لا يوجد مايدعم ذلك الاعتقاد سوى الحدس البسيط ، و اتفاقة مع كل المشاهدات و التجارب السابقة. و مع انه كان هناك محاولات ( اجدرها تلك لبولتزمان) في ما قبل القرن العشرين ،، لا ان بلانك هو اول من طرح امكانية اعتبار انتقال الطاقة قابل للحدوث بشكل متقطع . قاد هذا الاكتشاف للتفكير من جديد في مظهر الطاقة و اثبات ان الضوء هو جسيم يسلك سلوك الموجة. فالضوء باعتباره موجات ( صحيح ) و اعتباره جسيمات ( كذلك صحيح) ، لكن حقيقته هو موجة و جسيم في نفس الوقت. وكذلك كمات الطاقة تبدي نفس السلوك ،،، وهذا ما تم ربطه بالعلاقة الشهيرة المسماة معادلة شرودنيغر.
**** معادلة شرودنغر و تفسير كوبنهاغن ****
خلال بدايات ميكانيكا الكم ،، لاحظ العالم فيرنر هاينبسرج ان هناك صعوبة في قياس سرعة ( لنقل السرعة العادية) و موضع او مكان الالكترون بدقة. فقد لاحظ ان هناك سلوك غريب تماما ،،، فمجموع احتمال القياس لا يتجاوز واحد ،، اي لو تمكنت من ان تقيس سرعة الالكترون بدقة ٧٠ بالمئة ،، لن تنجح في الحصول علي اكثر من ٣٠ بالمئة دقة في قياس موضع الالكترون. ان هذا المبدآ و المسمى بمبدأ اللايقينية لهايزنبرج ،، كان بمثل الصدمة للعالم اجمع ،، فإن العالم الذري وبصفته وحدات البناء للكون يسلك سلوك احتمالي ،، وليس حتمي ،،، اي لو كان لديك منظومة فيزيائية و اردت ان تفهم سلوك المنظومة ككل من خلال فهم سلوك وحداتها الاساسية ،، فإنك لن تنجح ابدا ابدا. قام شرودنجر باكتشاف المعادلة و التي تصف السلوك الاحتمالي لاي منظومة فيزيائية تتطور مع الزمن. و من خلال هذه المعادلة قدم تفسير جديد للسلوك الفيزيائي من خلال مجموعة كوبنهاغن كالتالي :
ان اي منظومة فيزيائية تبدو في سلوك احتمالي ،، وفقط ينهار الاحتمال الى قيمة محددة في حال تم قياسه ( عمليا).
ومع عمل التجربة ،، وجد انه عند قياس اي الكترون ،، فان الالكتزون يبدي تصرف و كآنه يعلم انه تحت عملية قياس ،، فيسلك سلوك منتظم. يعني ، عندما نحسب دالة الاحتمال لموضع الكترون ،، فإن هناك دقة (قد تكون كبيرة) لاستنتاج موضعه ،، لكن في المقابل ،، عدم حصولنا على دقة كاملة يعني ان الالكترون قد يكون في مكان اخر ،،، اي ان الالكترون يكون في مكانين بالنسبة لطريقة فهمنا للكون ،، لكن من خلال قياس مكانه عمليا ، يسقط المكان الاخر ،، لصالح الحقيقة ان الالكترون اما ان يكون او لا يكون في هذا الموضع. وهذا مايحدث في العالم الذري ،، لكن ماذا عن العالم الغير ذري ،، الكون نفسه.
ان الكون على المستوي الكبير ،، كالمجرات و الكواكب ،، والقوى الفاعلة بينهم . يتبع مايسمى بنظرية اينشتاين النسبية . فهذه النظرية ،، ومن فروضات محددة ، تستطيع ان تصف قوة الجاذبية بدقة. والطريقة الثورية التي تشرح قوة الجاذبية بصفتها خاصية هندسية للكون، لا تذكر اي سلوك احتمالي. بالتالي ،،، اي سلوك فيزيائي علي مستوى ما تراه اعيننا ،، هو سلوك حتمي . يتعين كل شيء و بدقة ،، من خلال تعيين حالته الابتدائية. فلو اطلقت مكوك فضائي ،،، فإنك ستعلم عن مكانه و سرعته بدقة عالية ( ليست عالية فحسب ، بل بدقة محددة تماما) .
اذا، و لكي اختم ، الخص لكم الفكرة من جديد ، إن الكون على المستوى الذري ، المجهري ،، يتبع صفة احتمالية ،، اي لايمكنك ان تصل لاي قياس دقيق ،، فقط احتمالات ،، وباعتبار ان العالم الذري هو اللبنة الاساسية في بناء الكون ، هل يعني هذا ان الكون يسلك سلوك احتمالي ،، و الحتمية هي فقط ناتجة من مراقبتنا له ، او ابعد من ذلك ، كم مراقبة خارجية. ام ان الكون هو حتمي ،، كما في النظرية النسبية ،، يسلك السلوك المحدد تماما ،،، دون اي اعتبار لما يحدث بالعالم المجهري.
و اخيرا ،، اترك لكم حرية التفكير ،، فيما يجب ان تكون عليه طبيعة هذا الكون من حولنا.
تحياتي