عايش الكريزي
06-06-2011, 03:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا بحث موثق كتبه وأعده الباحث / مهنا بن رجاالله بن مهنا اللحياني الهذلي يوم الأربعاء الموافق 2/4/1432ه ِِرداً على ما يردده شيخ قبيلة الصلمان من هذيل/ فهد بن سالم المعطاني في القنوات الفضائية والمجالس بأن (حليمة السعديّة مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي من قبيلة هذيل .
حمّل البحث pdf بهوامشه وتخريج نصوصه
http://www.gulfup.com/X261lu2jhrkcko
وهذا هو نص البحث :
الحمد لله فاطر الأرض والسماء , ذي القدرة والنعماء , والعظمة والكبرياء , الذي خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء , وجعلنا شعوباً وقبائل , وباين بيننا بالفضائل , وتعبدنا بالأقوال والأعمال , ليبلونا أيــّنا أحسن عملاً , وصلى الله وسلم على محمد القائل : " اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً " (1) وعلى آله وصحبه , ومن أقتفى أثره إلى يوم الدين .
لقد سمعت كما سمع غيري ما نُـسب للدكتور فهد بن سالم المعطاني الهذلي , شيخ قبيلة الصّلمان من هذيل , من قوله بأنّ (حليمة السعدية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي من قبيلة هذيل) , وأصبح هذا القول حديث المجالس , وتناقلته العامة والخاصة بالسلب والتهكم , وبعد تأكدي مما نسب له من خلال مشاهدتي لقناة الساحة الأولى , وما ذكره من أن حليمة السعديّة من قبيلة هذيل , وإصراره على هذا الرأي الذي جانب الصواب والحق , فقد قمت بجمع ما يمكن جمعه من أدلة ونصوص وأقوال علماء النسب , وأهل التاريخ والسير , والتراجم والمعاجم ولم أجد خلال البحث والتحري من ينسب حليمة السعديّة لقبيلة هذيل بل إنّ ما قرأتُه هو إجماع معتبر في نسب حليمة السعديّة إلى قبيلة هوازن القيسيّة المضريّة , ولعلي أضع هذا البحث بين يديّ الشيخ فهد المعطاني , ومن تأثر بقوله وكلي أمل بأن يراجع هذه النصوص والأدلة , وأن يعود إلى الحق , ويقطع الطريق على من يتصيّد أخطاءه , وأن يـجنب نفسه وقبيلته تبعات مثل هذا القول الذي لا يسوغ فيه الخلاف , ولم يقل به أحدٌ من أهل العلم حسب علمي .
حليمة السعدية مرضعة رسولنا صلى الله عليه وسلم
هي : حليمة بنت أبي ذؤيب السعديّة ، وأبو ذؤيب هو : عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر ، واسم زوجها هو : الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن
والسعديّة نسبة إلى : بني سعد بن بكر الذين نشأ فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم : بنو سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان , وهم اظئآر الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرفون بسعد ( الحضنة ) وهم جيران هذيل من العصر الجاهلي وقوم رُحّل , منازلهم معروفة ومشهورة .
الأدلة والنصوص في نسب حليمة السعدية
الأول : عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يقول: حدثت عن حليمة بنت الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته: أنها قالت: " قدمت مكة في نسوة من بني سعد بن بكر , نلتمس بها الرضعان في سنة شهباء فقدمت على أتان لي قمراء , كانت أذمة الركب , ومعي صبي لنا , وشارف لنا .."(1) الحديث
وعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: "حدثتني حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية ، من سعد بن بكر بن هوازن وهي أم النبي صلى الله عليه وسلم التي أرضعته وفصلته أنها حدثت قالت: " أصابتنا سنة شهباء ...." إلى آخره (1)
الثاني : روى ابن إسحاق بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اسُترضعت في بني سعد بن بكر " (2) . قال أبو الفرج الأصفهاني : " وبنو سعد تفتخر بذلك على سائر هوازن " (3)
الثالث : ذكر ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد بسنده : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا ابن الفواطم والعواتك من سليم , واسُترضعت في بني سعد بن بكر " (4)
الرابع : وفي الجامع الصغير عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب , أنا أعرب العرب , ولدتني قريش ونشأت في بني سعد بن بكر فأنى يأتيني اللحن " (5) يعني : اسُترضعت فيهم وهم من أفصح العرب .
الخامس : في رواية أخرى: " أنا ابن عبد المطلب أنا أعرب العرب , ولدتني قريش ونشأت في بني سعد بن بكر " (1) يعني اسُترضعت .
السادس : وله شاهد عند صاحب كتاب المهذب بلفظ: " أنا أفصح العرب ولا فخر بيد أني من قريش ونشأت في بني سعد واستُرضعت في بني زهرة " (2) وقال القاضي عياض في (الشفا) في الباب الثاني من القسم الأول وقد قال له أصحابه:" ما رأينا الذي هو أفصح منك ، قال: وما يمنعني وإنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين ... " وقال مرة أخرى: " بيد أني من قريش ونشأت في بني سعد" (3)
السابع : في البخاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين جاءه وفد هوازن مسلمين : فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحب الحديث إلي أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتين ، إما السبي وإما المال ، وقد كنت استأنيت بهم " وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتظر آخرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف ، فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا : فإنا نختار سبينا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين ، فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: " أما بعد ، فإن إخوانكم هؤلاء قد جاءونا تائبين ، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم من أحب أن يطيب ، فليفعل ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل؟ " فقال الناس : قد طيبنا ذلك يا رسول الله لهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن ، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم " فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا ، فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن , ما سأل هوازن النبي صلى الله عليه وسلم برضاعه فيهم (1) فتحلل (2) من المسلمين" (3) .
الثامن : وقال ابو عبيد : " واحسب أفصح هؤلاء بنو سعد بن بكر , وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وأني نشأت في بني سعد بن بكر " (4)
التاسع : وفي الطبراني "حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية , واسم أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن حبان بن سعد بن بكر من بني سعد بن بكر بن هوازن وهي أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته وفصلته " (5)
العاشر : قال ابن اسحاق: " واسترضع له من حليمة بنت أبي ذؤيب ، وأبو ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر ، واسم أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرضعه : الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن ، وإخوته من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث ، وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء وهي التي كانت
تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع أمه إذ كان عندهم " (1) .
الحادي عشر : قال ابن الجوزي في صفة صفوة :" وعن حليمة ابنة الحارث ، أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته ، السعديّة قالت: "خرجت في نسوةٍ من بني سعد بن بكر بن هوازن نلتمس الرضعاء بمكة ..." (2) .
الثاني عشر : وقد روى الواقدي في حديثه عن غزوة حنين عند القبض على بجاد السعدي من بني سعد بن بكر : " فأخذته الخيل فضمّوه إلى الشيماء بنت الحارث بن عبدالعزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وأتعبوها في السياق فتعبت الشيماء بتعبهم فجعلت تقول : إني والله أخت صاحبكم فلا يصدقونها , وأخذها طائفة من الأنصار , وكانوا أشد الناس على هوازن فأتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا محمد إني أختك , فقال رسول الله: "وما علامة ذلك فأرته عضة بإبهامها وقالت : عضّة عضضتنيها وأنا متوركتك بوادي السرر , ونحن نرعى البهم , وأبوك أبي وأمك أمي , وقد نازعتك الثدي وتذكّرْ يارسول الله حلابي لك عنز أبيك أطلان فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فوثب قائماً فبسط رداءه ثم قال : اجلسي عليه ورحّب بها ودمعت عيناه وسألها عن أمه وأبيه فأخبرته بموتهما فقال : إن أحببت فأقيمي عندنا محببة مكرمة وإن أحببت أن ترجعي إلى قومك وصلتك ورجعت إلى قومك قالت: بل أرجع إلى قومي فأسلمت فأعطاها رسول الله ثلاثة أعبد وجارية وأمر لها ببعير أو بعيرين وقال لها : ارجعي إلى الجعرانة تكونين مع قومك فأنا أمضي إلى الطائف فرجعت إلى الجعرانة ووافاها رسول الله بالجعرانة فاعطاها نعماً وشاء ولمن بقي من أهل بيتها وكلمته في بجاد أن يهبه لها ويعفو عنه ففعل صلى الله عليه وسلم " (1)
الثالث عشر : ما أخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" مر رسول الله صلى الله عليه وسلم , بعبد الله بن أبي بن سلول وهو في ظل أطم , فقال ابن سلول: غبّر علينا ابن أبي كبشة ، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول رضي الله عنه يا رسول الله والذي أكرمك لئن شئت لآتينك برأسه فقال: لا ، ولكن بر أباك وأحسن صحبته " (2) .
ومن صور الموالاة في الله والمعاداة فيه ، ما أخرج البزّار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم , بعبد الله بن أبي بن سلول وهو في ظل أطم , فقال ابن سلول : غبر علينا ابن أبي كبشة (3) فقال ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول رضي الله عنه : يا رسول الله والذي أكرمك لئن شئت لآتينك برأسه فقال: لا، ولكن بر أباك وأحسن صحبته (4) .
الرابع عشر : روى البيهقي بسنده في خبر شق النبي صلى الله عليه وسلم أن حليمة السعدية قالت : " فاحتملته فأتيت به منزلاً من منازل بني سعد بن بكر فقال لي الناس : اذهبي به إلى الكاهن ..." الحديث (1) .
الخامس عشر : وروى ابن إسحاق عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له:" يا رسول الله أخبرنا عن نفسك. قال:" نعم أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام
واستُرضعت في بني سعد بن بكر فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهماً لنا إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوء ثلجاً , ثم أخذاني فشقا بطني واستخرجا قلبي فشقاه فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال: زنه بمئة من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال: زنه بألف من أمته, فوزنني بهم فوزنتهم فقال: دعه عنك فوالله لو وزنته بأمته لوزنها) وإسناده جيد قوي
السادس عشر : وقد روى أحمد وأبو نعيم في (الدلائل) عن عتبة بن عبد: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال:" كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر فانطلقت أنا وابن لها في بهم..." الحديث (2)
السابع عشر : قال ابن إسحاق في خبره :" وقام خطيبهم زهير بن الصرد فقال: " يارسول الله إنما سبيت منا عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كفلنك ولو أنا ملحنا للحارث بن أبي شمر والنعمان بن المنذر ثم نزل منّا أحدهم بمثل ما نزلت به لرجونا عطفه وعائدته وأنت خير المكفولين " (1)
الثامن عشر : وروى الواقدي فقال :" قدم وفد هوازن على رسول الله الجعرانة بعدما قسّم الغنائم وفي الوفد عمّ النبي صلى الله عليه وسلم أبو ثروان (2) فقال : يارسول الله إنما في هذه الحظائر من كان يكفيك من عماتك وخالاتك وأخوتك وقد حضناك في حجورنا وأرضعناك بثدينا , وقد رأيتك مرضعاً فما رأيت مرضعاً خيراً منك , ورأيتك فطيماً فما رأيت فطيماً خيراً منك , ورأيتك شاباً فما رأيت شاباً خيراً منك , ولقد تكاملت فيك خصال الخير , فامنن علينا من الله عليك " (3)
التاسع عشر : روى الطبراني بسنده عن عروة بن محمد بن عطية السعدي عن أبيه عن جده عطية " أنه ممن كلّم النبي صلى الله عليه وسلم يوم سبي هوازن ..." (4)
وعن ابن عباس عند الطبراني بسنده :" جاء رجل من بني سعد إلى رسول الله وكان مسترضعاً فيهم فقال : أنا وافد قومي ورسولهم " وعند البخاري وأحمد والحاكم : " بعثت بنو سعد , ضمام بن ثعلبة وافداً إلى رسول الله ..." الحديث (5)
أقوال العلماء في نسب حليمة السعدية
1 ـــــ قال الكلبي في ذكر بني سعد : " ومنهم حليمة السعدية بنت أبي ذؤيب وهو الحارث بن عبدالله بن شجنة بن جابر بن ناصرة , وهي التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم بلبان أبنتها الشيماء بنت الحارث وهي التي كان رسول الله عضّها وهي تحمله ولما وفدت عليه أرته الأثر " (1)
2 ــــــ وذكرهم ابن حزم (ت: 456هـ) فقال : " هم أظئآر النبي صلى الله عليه وسلم عندهم أسترضع عليه السلام " (2)
3 ــــــ قال الجوّاني المتوفي عام 588هـ : "سعد بن بكر وإليه يرجع كل سعدي من عشيرة بنت أبي ذؤيب عبدالله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن" (3) .
4 ـــــ قال مجد الدين أبو السعادات الجزري ابن الأثير (المتوفى : 606ه) : " ثم أرضعته بعدها حليمة بنت أبي ذؤيب ، واسم أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناضرة بن سعد بن بكر بن هوازن وزوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعة من بني سعد بن بكر بن هوازن , وولدها الذي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم , بلبنه اسمه عبد الله بن الحارث وأخته التي كانت تحضنه الشيماء " (1) .
وقال أيضا : "هي حليمة بنت أبي ذؤيب السعديّة التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم , وقد تقدّم ذكرها في مراضعه في الباب الأول عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم , روى عنها عبد الله بن جعفر" (2) .
5 ـــــ قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (ت671ه) :" ثم التمس له المراضع فاسترضع له امراة من بني سعد بن بكر إسمها حليمة بنت أبي ذؤيب قالت حليمة : "خرجت من بلدي مع زوجي وابن لي في نسوة من بني سعد نلتمس الرضعاء قالت وفي سنة شهباء ...) (3)
6 ـــــ قال ابن سعيد (ت685ه) في بني سعد بن بكر : " وأما سعد بن بكر بن هوازن فيقال لهم أظئآر رسول الله أسترضع فيهم وهم أفصح العرب " (4)
7 ـــــ قال الهجري نقلاً عن أبي الأحول السعدي : "سعد ناصرة (5) حضنة النبي صلى الله عليه وسلم" (6)
8 ــــ قال عرّام بن الأصبغ في ذكر رهاط والحديبية وبعض قرى بني سعد بن بكر: " فهؤلاء القريّات لسعد وبني مسروح وهم الذين نشأ فيهم , ولهذيل فيها شيء , ولفهْم أيضاً , ومياههم بثور وهي احساء وعيون ليست بآبار " ونقله الحازمي وأبو الفرج ابن الجوزي (ت597ه) , وياقوت الحموي (ت626ه) , والفيروز آبادي (ت817ه) , والسمهودي (ت911ه) , وقال البكري (ت487ه) فيما نقله من رواية السكوني عن أبي الأشعث عبدالرحمن بن عبدالملك الكندي الذي أملى عليه عرّام رسالته في ذكر رهاط والحديبية :" هذه القريّات لسعد وبني مسروح , وفي سعد هذه نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولهذيل وفهْم فيها شيء ومياههم بثور , وهي احساء وعيون , وليست بآبار " قال البكري : هكذا قال عرّام بن الأصبغ (1) وقال ياقوت فيما نقله عن عرّام في ذكر القريتين :" وهاتان القريتان لبني سعد بن بكر أظآر النبي عليه الصلاة والسلام " (2) وقال الحميري في ذكر القريتين أيضاً :" وهذه القريّات لسعد ومسروح وفي سعد هذه نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " (3) وقال الفيروز آبادي في ذكر ضعاضع :" وهناك قرى لبني سعد أظآر النبي صلى الله عليه وسلم" (4) قال السمهودي :" ضعاضع بضادين وعينين معجمتين , جبل قرب شمنصير عنده قرى لبني سعد بن بكر أظآر النبي صلى الله عليه وسلم " (5)
9 ـــــ قال أبو علي لغدة (ت310ه) في ذكر ديار بني سعد بن بكر :"وأما بنو سعد بن بكر فليست لهم أعداد إنما مياههم أوشال , بمنزلة مياه هذيل وهم جيران هذيل , إلاّ إنهم ربما جلسوا إلى فروع نجد , وهذيل لا تفارق " (1)
10 ــــ قال الهجري : في ذكر بعض شعراء بني سعد : " أنشدني جماعة من بني سعد بن بكر من حضنة النبي صلى الله عليه وسلم .... " (2)
11 ـــــ قال ابن تيمية : " وقد علم بالنقل المتواتر أن محمداً صلى الله عليه وسلم ولد بمكة ، وبها نشأ بعد أن كان مسترضعا في بادية سعد بن بكر قريبا من الطائف شرقي مكة وهو صغير ثم حملته مرضعته حليمة السعديّة " (3).
12 ـــ قال البلاذري :"ومنبه بن بكر . وسعد بن بكر وهم الذين أرضعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأمهما بنت عوذ مناة بن يقدم بن دعمى بن إياد " (4) .
13 ــ قال ابن القيم الجوزية : " ثم أرضعته حليمة السعديّة بلبن ابنها عبد الله أخي أنيسة وجذامة وهي الشيماء أولاد الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي واختلف في إسلام أبويه من الرضاعة ، فالله أعلم ، وأرضعت معه ابن عمه أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ،وكان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم عام الفتح وحسن إسلامه ، وكان عمه حمزة مسترضعاً في بني سعد بن بكر " (5)
وقال في حواضنه : " ومنهن ثويبة وحليمة ، والشيماء ابنتها وهي أخته من الرضاعة كانت تحضنه مع أمها ، وهي التي قدمت عليه في وفد هوازن ، فبسط لها رداءه ، وأجلسها عليه رعاية لحقها " (1) .
13 ـــــ وفي تفسير القرطبي :" وكان عدد سبي هوزان في قول سعيد بن المسيب ستة آلاف رأس , وقيل: أربعة آلاف قال أبو عمر: فيهن الشيماء أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، وهي بنت الحارث بن عبد العزى من بني سعد بن بكر وبنت حليمة السعدية، فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاها وأحسن إليها ، ورجعت مسرورة " (2) .
14 ـــــ وقال الدارقطني :" أبو كبشة ، يقال: كان ظئراً للنبي صلى الله عليه وسلم قيل: إنه كان زوج حليمة بنت أبي ذؤيب , مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: كان عم ولدها ، وكانت قريش والمنافقون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : ابن أبي كبشة " (3) .
15 ــــ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني :" حفص بن حليمة السعديّة التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم أخو النبي من الرضاعة فقد روى عنه عبدالله بن جعفر عن حفص بن حليمة عن أمه عن آمنة بنت ام النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ميلاده ... " (4) الحديث
16 ـــــ وقال ابن حجر أيضاً : " حليمة مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم , وهي بنت أبي ذؤيب واسمه عبدالله بن الحارث بن شجنة - بكسر المعجمة وسكون الجيم بعدها نون - ابن رزام - بكسر المهملة ثم المنقوطة - ابن ناضرة بن سعد بن بكر بن هوازن " (1)
17 ـــــ ويرحم الله تعالى العلامة بن جابر حيث قال:
بخير الخلق يشرح كلّ صدرٍ ... وعند الله حاز أجلّ قدر
بشقّ الصّدر خص كشقّ بدرٍ ... كما خصّ الكليم بشقّ بحر
وسعي الدّوح جاء لدفع شكٍ ... كسعي عصا الكليم لدفع سحر
له الشّرفان من عمٍّ وخال ... ففاق المرسلين بكلّ عصر
بدا من خير بيتٍ في قريشٍ ... وأرضع في بني سعد بن بكر
فضمّ إلى فصاحة آل سعدٍ ... سماحة هاشمٍ وجلال فهر (2)
18 ـــــ قال ابن شاهين الملطي (ت920ه) :" وماتت أمه وهو ابن أربع سنين وقيل ست سنين وكانت مضت به إلى أخواله بالمدينة لتزورهم وعادت به إلى مكة فماتت بالأبواء وهي راجعة
وكانت قد استرضعت له بعد مولده صلى الله عليه وسلم حليمة ابنة أبي ذؤيب السعديّة , وبقي عندها خمس سنين ورأت من بركاته شيئا كثيراً وعندها شق صدره وملىء إيماناً وحكمة " (3)
19 ـــــ قال فؤاد حمزة :" بنو سعد قبيلة عربية شريفة الأرومة منها حليمة بنت أبي ذؤيب ظئر الرسول صلى الله عليه وسلم وديارها من الطائف إلى جهة الجنوب الشرقي وتحسب هذه القبيلة اصل قسم كبير من عتيبة " (1) .
20 ـــ قال محمد الصالح رمضان في تعليقه على حديث ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما :" أخو بني سعد بن بكر أي: من قبيلتهم ومن هذه القبيلة حليمة السعديّة مرضع النبي صلى الله عليه وسلم فبنوا سعد بن بكر إذن أخوال النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع " (2)
21 ـــــ قال عبد الله بن صالح الفوزان : قوله "وبلده مكة " أي : وُلد فيها ونشأ بها إلا المدة التي أقامها عند مرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعديّة , في بادية بني سعد (3) .
22 ـــــ قال جعفر شرف الدين فيما نقله :" فأخذه عبد المطلب فدخل به الكعبة فقام يدعو الله ويشكر له ما أعطاه ، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها ، والتمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم المراضع ، فاسترضع له امرأة من بنى سعد بن بكر يقال لها : حليمة بنت أبى ذؤيب , واسم أبيه الذى أرضعه صلى الله عليه وسلم: الحارث بن عبد العزى .
وقال أيضاً : وأرضعته امرأة من بنى سعد بن بكر بن هوازن، يقال لها: حليمة بنت أبى ذؤيب (4) .
23 ــــ قال : اسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي :" حليمة امه عليه السلام من الرضاعة , وهي من بنات بنى سعد بن بكر " (1) .
24 ـــــ قال الألباني :" وروى ابن إسحاق عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك , قال:" نعم أنا دعوة أبي إبراهيم , وبشرى عيسى , ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام , واسترضعت في بني سعد بن بكر فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض , بطست من ذهب مملوء ثلجاً ثم أخذاني فشقا بطني , واستخرجا قلبي فشقاه , فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها , ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه , ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال: زنه بمئة من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال: زنه بألف من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم فقال: دعه عنك فوالله لو وزنته بأمته لوزنها " وإسناده جيد قوي
وقد روى أحمد وأبو نعيم في (الدلائل) عن عتبة بن عبد: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال:" كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا ولم نأخذ معنا زادا فقلت: يا أخي اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا , فانطلق أخي ومكثت عند البهم فأقبل طائران أبيضان كأنهما نسران فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو ؟ فقال: نعم , فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني للقفا فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين فقال أحدهما لصاحبه: ائتني بماء وثلج فغسلا به جوفي ثم قال: ائتني بماء برد فغسلا به قلبي ثم قال: ائتني بالسكينة. فذرها في قلبي ثم قال أحدهما لصاحبه: خطه. فخاطه وختم على قلبي بخاتم النبوة فقال أحدهما لصاحبه: اجعله في كفة واجعل ألفا من أمته في كفة , فإذا أنا أنظر إلى الألف فوق أشفق أن يـخر علي بعضهم فقال: لو أن أمته وزنت به لمال بهم , ثم انطلقا فتركاني وفرقت فرقاً شديداً ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها بالذي لقيت فأشفقت أن يكون قد لبس بي فقالت: أعيذك بالله... " إلى آخره (1)
وقال الألباني أيضاً : وثبت في (صحيح مسلم) عن أنس بن مالك :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب واستخرج معه علقة سوداء فقال: هذا حظ الشيطان , ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (يعني: ظئره) فقالوا : إن محمداً قد قتل , فاستقبلوه وهو منتقع اللون , قال أنس: وقد كنت أرى ذلك المخيط في صدره , وفي الصحيحين عن أنس وعن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء" - كما سيأتي - قصة شرح الصدر ليلتئذ وأنه غسل بماء زمزم . وقال الألباني أيضاً : ولا منافاة لاحتمال وقوع ذلك مرتين: مرة وهو صغير ومرة ليلة الإسراء ليتأهب للوفود إلى الملأ الأعلى ولمناجاة الرب عز وجل والمثول بين يديه سبحانه وتعالى والمقصود أن بركته عليه الصلاة والسلام حلت على حليمة السعديّة وأهلها وهو صغير ثم عادت على هوازن - بكمالهم - فواضله حين أسرهم بعد وقعتهم وذلك بعد فتح مكة بشهر فمتوا إليه برضاعه فأعتقهم تحنن عليهم وأحسن إليهم كما سيأتي مفصلا في موضعه إن شاء الله تعالى . قال محمد بن إسحاق في وقعة (هوازن) : عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين , فلما أصاب من أموالهم وسباياهم أدركه , وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا فقالوا : يا رسول الله إنا أهل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامننْ علينا منَّ الله عليك , وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إن ما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك اللآتي كنَّ يكفلنك فلو أنا ملحنا ابن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك رجونا عائدتهما وعطفهما وأنت خير المكفولين , ثم ذكر قصيدة زهير بن الصرد الجشمي وقال : وقد رويت هذه القصة عن أبي صرد زهير بن جرول - وكان رئيس قومه - قال: لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فبينا هو يميز الرجال والنساء وثبت حتى قعدت بين يديه وأسمعته شعراً , أذكّره حين شب ونشأ في (هوازن) حين أرضعوه ... " (1)
25 ــــــ وحتى العلماء المستشرقون لم يخالفوا هذا الإجماع , بل نقلوا ما تواتر عليه الناس من أن حليمة السعدية هي من بني سعد بن بكر بن هوازن . ومنهم على سبيل المثال: المستشرق الألماني أوبنهايم قال في ذكرهم : " بنو سعد بن بكر الذين تربطهم صلة قرابة مع فهم وعدوان مشهورون جداً في العالم الإسلامي , لأن لهم صلة بتاريخ النبي صلى الله عليه وسلم منذ طفولته , إذ أنّ حليمة السعدية مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم , تنتمي إلى هذه القبيلة التي كان نساؤها يمارسن مهنة إرضاع أطفال مكة , الذين كانوا ينمون في الهواء النقي , في المنطقة العالية , بصورة أفضل من تهامة الحارة " (2)
الإستدلال على أن حليمة السعدية ( هذليّة )
لقد إستدلّ الشيخ فهد المعطاني بأنّ حليمة السعدية من قبيلة هذيل , بما ورد في كتاب (نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون) للإمام الحافظ النحوي الفقيه الأديب فتح الدين ابو الفتح محمد بن محمد اليعمري الأندلسي المصري الشهير (بابن سيّد الناس) المولود 641ه , قال في كتابه ص33 ما نصه :" وأرضعته عليه الصلاة والسلام حليمة بنت أبي ذؤيب الهذليّة " (1) وقد قام الشيخ فهد المعطاني بتوزيع الكتاب مستدلاً بهذليّة حليمة السعديّة , وتحصّلتُ على الكتاب والمتن عن طريق أحد الأخوة , بعد ما قام الشيخ بتوزيعه , فلاحظتُ ما يلي : عندما قرأتُ الكتاب (نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون) وقرأتُ عبارة المؤلف السابقة :" وأرضعته عليه الصلاة والسلام حليمة بنت أبي ذؤيب الهذليّة " طرأ في بالي إحتمالان : الإحتمال الأول : بأن هذا تصحيف (لحليمة بنت أبي ذؤيب السعديّة) إلى (حليمة بنت أبي ذؤيب الهذليّة) فالخطأ والتصحيف حصل في (الهذليّة) بدل أن تكون (السعديّة) وهذا ما جزمتُ به . الإحتمال الثاني : ضعيف وهو أن لفظة (بنت أبي ذؤيب) أوهمت المؤلف بأنها أخت الشاعر والفارس الهذلي (أبو ذؤيب الهذلي) وفي كلا الإحتمالين خطأ غير مقصود , لأنه وعند رجوعي لمتن الكتاب (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير ) وهو الأصل الذي اختصره ولخصّه نفس المؤلف , وجدتُ أنّ ما جزمت به صحيح وهو أن المقصود با(الهذليّة) هي (السعديّة) أو تصحيف السعديّة إلى الهذليّة , وهذا وارد , ومما يؤكد ذلك نص عبارته في الأصل : " واستُرضع له من بني سعد بن بكر امرأة يقال لها حليمة بنت أبي ذؤيب وكانت تحدث أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها ترضعه , في نسوة من بني سعد بن بكر .....) إلى آخره (1) .
وقال من حقق الكتاب وعني به : " روى قصة الرضاع وما وقع فيها من بشائر النبوة : ابن إسحاق , وابن راهويه , وابو يعلى , والطبراني , وابن حبان , عن عبدالله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما قال : حدثتني حليمة . والبيهقي وابن عساكر , عن ابن عباس رضي الله عنهما , وفي سنده من تكلم فيه لكن لأكثره شاهد قويّ , والبيهقي عن الزهري , وابو يعلى وأبو نعيم عن شداد بن أوس مرفوعاً مختصراً , والإمام أحمد والدارمي عن عتبة بن عبدالله مرفوعاً مختصراً , وابو نعيم عن بريدة , وابن سعد وابو نعيم وابن عساكر عن يحي بن بريد السعدي
وأكد في عدة مواضع على أن حليمة السعديّة (هوازنيّة) , وذكر قدوم الشيماء ووفد هوازن بعد غزوة حنين (2) .
وذكر قصة زهير بن الصرد الجشمي الهوازني , وقصيدته , مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال ابو الفتح محمد بن محمد ابن سيّد الناس في أصل الكتاب : " حدثنا أبو عمرو زياد بن طارق , وكان قد أتت عليه مائة وعشرون سنة قال : سمعت أبا جرول زهير بن صرد الجشمي يقول : لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم , يوم حنين يوم هوازن , وذهب يفرّق السبي والشاء , أتيته فأنشأت أقول هذا الشعر :
امننْ علينا رسولَ اللهِ في كرمٍ ..... فإنك المرء نرجوه وننتظر
امننْ على بيضةٍ قد عاقها قدرٌ .....مشتتٌ شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهرَ هتّافاً على حزنٍ .....على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركهم نعماءَ تنشرها ..... ياأرجح الناس حلماً حين يختبر
امننْ على نسوةٍ قد كنت ترضعها.....إذْ فوك تملؤه من محضها الدرر
إذ أنت طفلٌ صغيرٌ كنت ترضعها.....وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته ..... واستبق منا فإنا معشرٌ زهر
إنا لنشكر للنعماء إذ كفرت ..... وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
فألبسْ العفو من قد كنت ترضعه .....من أمهاتك إنّ العفو مشتهر
ياخير من مرحت كمت الجياد به .....عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
إنا نــؤمل عفواً منك تلبسه ...... هـذي البرية إذ تعفو وتنتصر
فاغفر عفا الله عما أنت راهبه ..... يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر
قال: فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشعر قال :" ما كان لي ولبني عبدالمطلب فهو لكم " وقالت قريش : ما كان لنا فهو لله ولرسوله وقالت الأنصار : ما كان لنا فهو لله ولرسوله , وقال الطبراني: لا يُروى عن زهير بن الصرد بهذا التمام إلاّ بهذا الإسناد تفرّد به عبيدالله بن رماحس وقد ذكر الألباني مثله في صحيح السيرة النبوية , وقال إسناده جيّد (1)
وقال أيضاً في الأصل: قال أبو عمر : " ردته ظئره حليمة إلى أمه بعد خمس سنين ويومين من مولده , وذلك سنة ست من عام الفيل , وأسلمت حليمة بنت أبي ذؤيب" (2) وهو عبدالله بن الحارث ابن شجنة بن جابر بن رزام بن ناضرة بن قبيصة بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن (3) .
هذا ما قرره مؤلف (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير) بأن حليمة السعديّة من بني سعد بن بكر بن هوازن , فهل يُعقل أن يقول بأنها هذليّة في تلخيصه (نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون) ؟؟ لا يُعقل أبداً , لاسيما وأنه ذكر في الأصل في غير ما موضع بأنها هوازنيّة (4)
وقد ذكر في الأصل في غزوة حنين , قدوم الشيماء ووفد هوازن (1)
وأخيراً أتمنى من الشيخ فهد بن سالم المعطاني أن يعلن برائته من قوله , فالرجوع للحق فضيلة , وجلّ من لا يـخطئ , وكلنا معرّض للإجتهاد الخاطئ , ولكن العبرة بالرجوع للحق وقبوله , لا سيما وله مخرج في الرجوع للحق , وهو وجود النص الذي إستدلّ به على هذليّة حليمة السعديّة في الكتاب المشار إليه (نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون) وقد تبيّن بأن الخطأ مطبعي وتصحيف , فلا مجال للإجتهاد في موضع النص , ولعلّ قرب ديار بني سعد الذين نشأ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة جعل الشيخ فهد المعطاني , يظن بأنها من سعد هذيل , علماً بأن بني سعد بن بكر بن هوازن هم جيران هذيل , في الجاهلية والإسلام في عدة منازل قرب مكة , وقد نص على ذلك الهمداني وابن شبّة وقالا :" أن الذين يجاورون هذيلاً في هذه الديار هم أعجاز هوازن وهم بنو سعد" وقد ذكر أبو علي لغدة (ت310ه) عن ديار بني سعد بن بكر ما نصه : "وأما بنو سعد بن بكر فليست لهم أعداد إنما مياههم أوشال , بمنزلة مياه هذيل وهم جيران هذيل , إلاّ إنهم ربما جلسوا إلى فروع نجد , وهذيل لا تفارق " (2) والنصوص كثيرة في إثبات جيرة بني سعد بن بكر لقبيلة هذيل , وأكثر في ثبوت هوازنيّة حليمة السعديّة , وما ذكرته آنفاً من نصوص واقوال وأدلة كافية ووافية مع علمي بأن هوازنيّة (حليمة السعديّة) واضحة ولا تحتاج إلى مزيد إيضاح وليعذرني المثقفون , فإن مما عمت به البلوى (توضيح الواضحات أو تعريف المعروفات) في هذه الأزمنة الحاضرة .
الإفتخار بالقبيلة وذكر مناقبها
بينتُ فيما مضى أموراً مهمة , في كلمة قبيلة هذيل , التي ألقيتها , في حفلنا المقام في أم رقيبة لعام 1430ه بمناسبة مشاركة قبيلة هذيل في جائزة الملك عبدالعزيز السنوية لمزاين الإبل , وذكرتُ ضوابط الإفتخار بالقبيلة , وبعضاً من مفاخر قبيلة هذيل الثابتة , وخاصة مايتعلق بالخؤولة , فقلتُ ما نصه :
من حق كل إنسان أن يفتخر بقبيلته ولابته , ولكن بثلاثة شروط : أولاً : عدم التعالي على الغير , والكبر من التعالي المذموم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال: " إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق ، وغمط الناس " (1)
ثانياً : عدم الطعن في أنساب الآخرين , والتعالي والطعن من الجاهلية التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم
ثالثاً : أن لاينسب لقبيلته ما ليس لها من المفاخر والمناقب والمدائح , لأنّ هذا من التدليس والتزوير والكذب
إذا أبتعد الأنسان عن هذه المحاذير يحق له الإفتخار بقبيلته .
قبيلة هذيل أخوال النبي صلى الله عليه وسلم من جهتين
تربط قبيلة هذيل بالرسول صلى الله عليه وسلّم خؤولة , فهم أخواله من جهة أمه وأخواله من جهة أبيه , نسباً وليس رضاعة , والجميع يعلم أن أخوال الأب أو الأم هم أخوال للإنسان وإن بعدو , وها هم بنو النجار هم أخوال عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم , وهم أيضاً أخوال لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم . بيان خؤولة النبي صلى الله عليه وسلّم لقبيلة هذيل :
1ـــــ من جهة أم الرسول صلى الله عليه وسلم :
قلابة بنت الحارث ابن مالك بن حباشة بن غنم بن لحيان بن عادية بن صعصعة بن كعب بن هند ابن طابخة بن لحيان بن هذيل بن مدركة , وقلابة هذه هي بنت الحارث ، وأبوها هو الشاعر أبو قلابة ، وهو أقدم من قال الشعر في هذيل وهو الذي يقول:
إن الرشاد وإن الغي في قرن ... بكل ذلك يأتيك الجديدان
لا تأمنن وإن أصبحت في حرم ... إن المنايا بجنبي كل إنسان
وأمُّها يعني (قلابة) هي : أميمة بنت مالك بن غنم بن لحيان بن عادية بن صعصعة بن كعب بن هند ابن طابخة بن لحيان بن هذيل بن مدركة .
وأمُّها يعني (أميمة) هي : دبّ بنت ثعلبة بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة .
2 ــــ من جهة أبيه صلى الله عليه وسلم : أميمة بنت مالك بن غنم بن سويد بن حبشي بن عادية بن صعصعة بن كعب بن طابخة ابن لحيان بن هذيل بن مدركة .
وأمُّها يعني (أميمة بنت مالك) وهي : دبّ بنت الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة . نستنتج مما مضى أن أخوال الرسول صلى الله عليه وسلم من جهة أمه هما : (قلابة , وأميمة) من بني لحيان بن هذيل ,كذلك (دبّ بنت ثعلبة) من سعد بن هذيل وسعد هو أخو لحيان . ومن جهة أبيه صلى الله عليه وسلم هي: (أميمة بنت مالك) من بني لحيان بن هذيل (ودبّ بنت الحارث) من سعد بن هذيل (1) . هذا نص كلمتي قبل سنة ونصف تقريباً في حفل قبيلة هذيل في أم رقيبة . أسأل الله أن يشفّع فينا نبيه صلى الله عليه وسلم ((يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلبٍ سليم)) وأن ينفعنا بما نقول ونعمل .
الخاتمة
فإن القول الذي تبناه الدكتور فهد بن سالم المعطاني الهذلي بخصوص حليمة السعديّة , لا يمثّل فيه قبيلة هذيل , وهو أحدُ مشائخ قبيلة هذيل , وليس شيخاً لقبيلة هذيل كافة كما يُشاع ويُقال , في المحافل والمناسبات , وهذا معروف لدى قبائل هذيل ومن جاورهم , ولا ينبغي لأيّ كائنٍ من كان أن يغييّر الحقائق , ويفرض ما لايصح , وعن نفسي فلن أسكت على خطأ , وسوف أقوم بما يلزم من التوضيح والبيان والتذكير , تبرئة للذمة , وقياماً بما يوجبه علينا الإسلام من حق المسلم على المسلم , وقد قمتُ بكل الخطوات المتعلقة بهذه المسئلة , وكان آخرها هذا البحث الذي أسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئهُ , وأن ينفع به الدكتور الشيخ فهد المعطاني الهذلي , وكل من تأثر بقوله وشكَّ في معلوماته , وكان من المفروض على كل من يخاف الله ويتقيه ألاّ يسكت عمّا يعلمه من أنّ حليمة هي من بني بكر بن هوازن , "والساكت عن الحق شيطان أخرس " ثم ّ إن هذا البحث والتوضيح لا ينقص من قدر الشيخ فهد المعطاني شيئاً , إذا ما تراجع . فالخطأُ مرجوع , والإنسان ليس معصوماً عن الخطأ , وليس العيب أن يخطئ المرءُ إنّما العيب أن يتمادى على الخطأ , أسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين , وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه , ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه .
كتبه وأعده / مهنا بن رجاالله بن مهنا اللحياني الهذلي يوم الأربعاء الموافق 2/4/1432ه
المـــراجـع
1- أخبار مكة . للأزرقي
2- أنساب الأشراف . للبلاذري
3- الإستيعاب في معرفة الأصحاب . للقرطبي
4- الإصابة . ابن حجر العسقلاني
5- الأعلام . خير الدين الزركلي
6- الأغاني . أبو الفرج الأصفهاني
7- الإكليل . الحسن الهمداني
8- الأماكن . محمد الحازمي
9- الأنساب . السمعاني
10- أنساب الأشراف . البلاذري
11- البرهان . ابو المعالي الجويني
12- البدر المنير . ابن الملقن
13- البداية والنهاية . لابن كثير
14- البدو . أوبنهام
15- البدو والوهابية . بوركهارت
16- الموالاة والمعاداة . بن عبدالله الجعلود
17- بلاد العرب . الحسن الأصفهاني
18- البلدان . أحمد الهمذاني
19- بنو سعد بن بكر . الأحيوي المسعودي
20- تاج العروس . مرتضى الزبيدي
21- تاريخ الطبري . بن جرير الطبري
22- تاريخ دمشق . لابن عساكر
23- التعليقات والنوادر . للهجري
24- التنبيه والإشراف . علي المسعودي
25- جمهرة أنساب العرب . ابن حزم
26- جمهرة النسب . محمد الكلبي
27- الجواب الصحيح . أحمد ابن تيمية
28- الدرر الفرائد المنظمة . الجزيري
29- الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة . السيوطي
30- دلائل النبوة . أبو بكر البيهقي
31- الروض المعطار . ابو عبدالله الحميري
32- روح البيان . ابو الفداء الاستانبولي
33- غاية السول في سيرة الرسول . زين الدين الملطي
34- سبل الهدى والرشاد . ابن يوسف الصالحي
35- سمط النجوم العوالي . العصامي
36- السنن الكبرى . البيهقي
37- سير أعلام النبلاء . شمس الدين الذهبي
38- السيرة النبوية . ابن هشام
39- شعب الإيمان . البيهقي
40- شعر أبي وجزة السعدي . دراسة وليد ال****************بي
41- صحيح السيرة النبوية . للألباني
42- صفة الصفوة . ابن الجوزي
43- صفة جزيرة العرب . الحسن الهمداني
44- عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير(المتن) ابن سيّد الناس
45- نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون(مختصر) ابن سيّد الناس
46- الطبقات الكبرى . لابن سعد
47- العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين . الفاسي المكي
48- العقد الفريد . لابن عبد ربه
49- فتح الباري . لابن حجر العسقلاني
50- قلب جزيرة العرب . فؤاد حمزة
51- المزهر في علوم اللغة وأنواعها . جلال الدين السيوطي
52- معجم الأدباء , ومعجم البلدان . ياقوت الحموي
53- المعجم الكبير . الطبراني
54- المغازي . الواقدي
55- المغانم المطابة . الفيروز آبادي
56- المنتظم في تاريخ والأمم الملوك . ابن الجوزي
57- نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا بحث موثق كتبه وأعده الباحث / مهنا بن رجاالله بن مهنا اللحياني الهذلي يوم الأربعاء الموافق 2/4/1432ه ِِرداً على ما يردده شيخ قبيلة الصلمان من هذيل/ فهد بن سالم المعطاني في القنوات الفضائية والمجالس بأن (حليمة السعديّة مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي من قبيلة هذيل .
حمّل البحث pdf بهوامشه وتخريج نصوصه
http://www.gulfup.com/X261lu2jhrkcko
وهذا هو نص البحث :
الحمد لله فاطر الأرض والسماء , ذي القدرة والنعماء , والعظمة والكبرياء , الذي خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء , وجعلنا شعوباً وقبائل , وباين بيننا بالفضائل , وتعبدنا بالأقوال والأعمال , ليبلونا أيــّنا أحسن عملاً , وصلى الله وسلم على محمد القائل : " اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً " (1) وعلى آله وصحبه , ومن أقتفى أثره إلى يوم الدين .
لقد سمعت كما سمع غيري ما نُـسب للدكتور فهد بن سالم المعطاني الهذلي , شيخ قبيلة الصّلمان من هذيل , من قوله بأنّ (حليمة السعدية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي من قبيلة هذيل) , وأصبح هذا القول حديث المجالس , وتناقلته العامة والخاصة بالسلب والتهكم , وبعد تأكدي مما نسب له من خلال مشاهدتي لقناة الساحة الأولى , وما ذكره من أن حليمة السعديّة من قبيلة هذيل , وإصراره على هذا الرأي الذي جانب الصواب والحق , فقد قمت بجمع ما يمكن جمعه من أدلة ونصوص وأقوال علماء النسب , وأهل التاريخ والسير , والتراجم والمعاجم ولم أجد خلال البحث والتحري من ينسب حليمة السعديّة لقبيلة هذيل بل إنّ ما قرأتُه هو إجماع معتبر في نسب حليمة السعديّة إلى قبيلة هوازن القيسيّة المضريّة , ولعلي أضع هذا البحث بين يديّ الشيخ فهد المعطاني , ومن تأثر بقوله وكلي أمل بأن يراجع هذه النصوص والأدلة , وأن يعود إلى الحق , ويقطع الطريق على من يتصيّد أخطاءه , وأن يـجنب نفسه وقبيلته تبعات مثل هذا القول الذي لا يسوغ فيه الخلاف , ولم يقل به أحدٌ من أهل العلم حسب علمي .
حليمة السعدية مرضعة رسولنا صلى الله عليه وسلم
هي : حليمة بنت أبي ذؤيب السعديّة ، وأبو ذؤيب هو : عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر ، واسم زوجها هو : الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن
والسعديّة نسبة إلى : بني سعد بن بكر الذين نشأ فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم : بنو سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان , وهم اظئآر الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرفون بسعد ( الحضنة ) وهم جيران هذيل من العصر الجاهلي وقوم رُحّل , منازلهم معروفة ومشهورة .
الأدلة والنصوص في نسب حليمة السعدية
الأول : عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يقول: حدثت عن حليمة بنت الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته: أنها قالت: " قدمت مكة في نسوة من بني سعد بن بكر , نلتمس بها الرضعان في سنة شهباء فقدمت على أتان لي قمراء , كانت أذمة الركب , ومعي صبي لنا , وشارف لنا .."(1) الحديث
وعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: "حدثتني حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية ، من سعد بن بكر بن هوازن وهي أم النبي صلى الله عليه وسلم التي أرضعته وفصلته أنها حدثت قالت: " أصابتنا سنة شهباء ...." إلى آخره (1)
الثاني : روى ابن إسحاق بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اسُترضعت في بني سعد بن بكر " (2) . قال أبو الفرج الأصفهاني : " وبنو سعد تفتخر بذلك على سائر هوازن " (3)
الثالث : ذكر ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد بسنده : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا ابن الفواطم والعواتك من سليم , واسُترضعت في بني سعد بن بكر " (4)
الرابع : وفي الجامع الصغير عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب , أنا أعرب العرب , ولدتني قريش ونشأت في بني سعد بن بكر فأنى يأتيني اللحن " (5) يعني : اسُترضعت فيهم وهم من أفصح العرب .
الخامس : في رواية أخرى: " أنا ابن عبد المطلب أنا أعرب العرب , ولدتني قريش ونشأت في بني سعد بن بكر " (1) يعني اسُترضعت .
السادس : وله شاهد عند صاحب كتاب المهذب بلفظ: " أنا أفصح العرب ولا فخر بيد أني من قريش ونشأت في بني سعد واستُرضعت في بني زهرة " (2) وقال القاضي عياض في (الشفا) في الباب الثاني من القسم الأول وقد قال له أصحابه:" ما رأينا الذي هو أفصح منك ، قال: وما يمنعني وإنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين ... " وقال مرة أخرى: " بيد أني من قريش ونشأت في بني سعد" (3)
السابع : في البخاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين جاءه وفد هوازن مسلمين : فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحب الحديث إلي أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتين ، إما السبي وإما المال ، وقد كنت استأنيت بهم " وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتظر آخرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف ، فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا : فإنا نختار سبينا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين ، فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: " أما بعد ، فإن إخوانكم هؤلاء قد جاءونا تائبين ، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم من أحب أن يطيب ، فليفعل ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل؟ " فقال الناس : قد طيبنا ذلك يا رسول الله لهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن ، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم " فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا ، فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن , ما سأل هوازن النبي صلى الله عليه وسلم برضاعه فيهم (1) فتحلل (2) من المسلمين" (3) .
الثامن : وقال ابو عبيد : " واحسب أفصح هؤلاء بنو سعد بن بكر , وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وأني نشأت في بني سعد بن بكر " (4)
التاسع : وفي الطبراني "حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية , واسم أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن حبان بن سعد بن بكر من بني سعد بن بكر بن هوازن وهي أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته وفصلته " (5)
العاشر : قال ابن اسحاق: " واسترضع له من حليمة بنت أبي ذؤيب ، وأبو ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر ، واسم أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرضعه : الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن ، وإخوته من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث ، وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء وهي التي كانت
تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع أمه إذ كان عندهم " (1) .
الحادي عشر : قال ابن الجوزي في صفة صفوة :" وعن حليمة ابنة الحارث ، أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته ، السعديّة قالت: "خرجت في نسوةٍ من بني سعد بن بكر بن هوازن نلتمس الرضعاء بمكة ..." (2) .
الثاني عشر : وقد روى الواقدي في حديثه عن غزوة حنين عند القبض على بجاد السعدي من بني سعد بن بكر : " فأخذته الخيل فضمّوه إلى الشيماء بنت الحارث بن عبدالعزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وأتعبوها في السياق فتعبت الشيماء بتعبهم فجعلت تقول : إني والله أخت صاحبكم فلا يصدقونها , وأخذها طائفة من الأنصار , وكانوا أشد الناس على هوازن فأتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا محمد إني أختك , فقال رسول الله: "وما علامة ذلك فأرته عضة بإبهامها وقالت : عضّة عضضتنيها وأنا متوركتك بوادي السرر , ونحن نرعى البهم , وأبوك أبي وأمك أمي , وقد نازعتك الثدي وتذكّرْ يارسول الله حلابي لك عنز أبيك أطلان فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فوثب قائماً فبسط رداءه ثم قال : اجلسي عليه ورحّب بها ودمعت عيناه وسألها عن أمه وأبيه فأخبرته بموتهما فقال : إن أحببت فأقيمي عندنا محببة مكرمة وإن أحببت أن ترجعي إلى قومك وصلتك ورجعت إلى قومك قالت: بل أرجع إلى قومي فأسلمت فأعطاها رسول الله ثلاثة أعبد وجارية وأمر لها ببعير أو بعيرين وقال لها : ارجعي إلى الجعرانة تكونين مع قومك فأنا أمضي إلى الطائف فرجعت إلى الجعرانة ووافاها رسول الله بالجعرانة فاعطاها نعماً وشاء ولمن بقي من أهل بيتها وكلمته في بجاد أن يهبه لها ويعفو عنه ففعل صلى الله عليه وسلم " (1)
الثالث عشر : ما أخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" مر رسول الله صلى الله عليه وسلم , بعبد الله بن أبي بن سلول وهو في ظل أطم , فقال ابن سلول: غبّر علينا ابن أبي كبشة ، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول رضي الله عنه يا رسول الله والذي أكرمك لئن شئت لآتينك برأسه فقال: لا ، ولكن بر أباك وأحسن صحبته " (2) .
ومن صور الموالاة في الله والمعاداة فيه ، ما أخرج البزّار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم , بعبد الله بن أبي بن سلول وهو في ظل أطم , فقال ابن سلول : غبر علينا ابن أبي كبشة (3) فقال ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول رضي الله عنه : يا رسول الله والذي أكرمك لئن شئت لآتينك برأسه فقال: لا، ولكن بر أباك وأحسن صحبته (4) .
الرابع عشر : روى البيهقي بسنده في خبر شق النبي صلى الله عليه وسلم أن حليمة السعدية قالت : " فاحتملته فأتيت به منزلاً من منازل بني سعد بن بكر فقال لي الناس : اذهبي به إلى الكاهن ..." الحديث (1) .
الخامس عشر : وروى ابن إسحاق عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له:" يا رسول الله أخبرنا عن نفسك. قال:" نعم أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام
واستُرضعت في بني سعد بن بكر فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهماً لنا إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوء ثلجاً , ثم أخذاني فشقا بطني واستخرجا قلبي فشقاه فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال: زنه بمئة من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال: زنه بألف من أمته, فوزنني بهم فوزنتهم فقال: دعه عنك فوالله لو وزنته بأمته لوزنها) وإسناده جيد قوي
السادس عشر : وقد روى أحمد وأبو نعيم في (الدلائل) عن عتبة بن عبد: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال:" كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر فانطلقت أنا وابن لها في بهم..." الحديث (2)
السابع عشر : قال ابن إسحاق في خبره :" وقام خطيبهم زهير بن الصرد فقال: " يارسول الله إنما سبيت منا عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كفلنك ولو أنا ملحنا للحارث بن أبي شمر والنعمان بن المنذر ثم نزل منّا أحدهم بمثل ما نزلت به لرجونا عطفه وعائدته وأنت خير المكفولين " (1)
الثامن عشر : وروى الواقدي فقال :" قدم وفد هوازن على رسول الله الجعرانة بعدما قسّم الغنائم وفي الوفد عمّ النبي صلى الله عليه وسلم أبو ثروان (2) فقال : يارسول الله إنما في هذه الحظائر من كان يكفيك من عماتك وخالاتك وأخوتك وقد حضناك في حجورنا وأرضعناك بثدينا , وقد رأيتك مرضعاً فما رأيت مرضعاً خيراً منك , ورأيتك فطيماً فما رأيت فطيماً خيراً منك , ورأيتك شاباً فما رأيت شاباً خيراً منك , ولقد تكاملت فيك خصال الخير , فامنن علينا من الله عليك " (3)
التاسع عشر : روى الطبراني بسنده عن عروة بن محمد بن عطية السعدي عن أبيه عن جده عطية " أنه ممن كلّم النبي صلى الله عليه وسلم يوم سبي هوازن ..." (4)
وعن ابن عباس عند الطبراني بسنده :" جاء رجل من بني سعد إلى رسول الله وكان مسترضعاً فيهم فقال : أنا وافد قومي ورسولهم " وعند البخاري وأحمد والحاكم : " بعثت بنو سعد , ضمام بن ثعلبة وافداً إلى رسول الله ..." الحديث (5)
أقوال العلماء في نسب حليمة السعدية
1 ـــــ قال الكلبي في ذكر بني سعد : " ومنهم حليمة السعدية بنت أبي ذؤيب وهو الحارث بن عبدالله بن شجنة بن جابر بن ناصرة , وهي التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم بلبان أبنتها الشيماء بنت الحارث وهي التي كان رسول الله عضّها وهي تحمله ولما وفدت عليه أرته الأثر " (1)
2 ــــــ وذكرهم ابن حزم (ت: 456هـ) فقال : " هم أظئآر النبي صلى الله عليه وسلم عندهم أسترضع عليه السلام " (2)
3 ــــــ قال الجوّاني المتوفي عام 588هـ : "سعد بن بكر وإليه يرجع كل سعدي من عشيرة بنت أبي ذؤيب عبدالله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن" (3) .
4 ـــــ قال مجد الدين أبو السعادات الجزري ابن الأثير (المتوفى : 606ه) : " ثم أرضعته بعدها حليمة بنت أبي ذؤيب ، واسم أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناضرة بن سعد بن بكر بن هوازن وزوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعة من بني سعد بن بكر بن هوازن , وولدها الذي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم , بلبنه اسمه عبد الله بن الحارث وأخته التي كانت تحضنه الشيماء " (1) .
وقال أيضا : "هي حليمة بنت أبي ذؤيب السعديّة التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم , وقد تقدّم ذكرها في مراضعه في الباب الأول عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم , روى عنها عبد الله بن جعفر" (2) .
5 ـــــ قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (ت671ه) :" ثم التمس له المراضع فاسترضع له امراة من بني سعد بن بكر إسمها حليمة بنت أبي ذؤيب قالت حليمة : "خرجت من بلدي مع زوجي وابن لي في نسوة من بني سعد نلتمس الرضعاء قالت وفي سنة شهباء ...) (3)
6 ـــــ قال ابن سعيد (ت685ه) في بني سعد بن بكر : " وأما سعد بن بكر بن هوازن فيقال لهم أظئآر رسول الله أسترضع فيهم وهم أفصح العرب " (4)
7 ـــــ قال الهجري نقلاً عن أبي الأحول السعدي : "سعد ناصرة (5) حضنة النبي صلى الله عليه وسلم" (6)
8 ــــ قال عرّام بن الأصبغ في ذكر رهاط والحديبية وبعض قرى بني سعد بن بكر: " فهؤلاء القريّات لسعد وبني مسروح وهم الذين نشأ فيهم , ولهذيل فيها شيء , ولفهْم أيضاً , ومياههم بثور وهي احساء وعيون ليست بآبار " ونقله الحازمي وأبو الفرج ابن الجوزي (ت597ه) , وياقوت الحموي (ت626ه) , والفيروز آبادي (ت817ه) , والسمهودي (ت911ه) , وقال البكري (ت487ه) فيما نقله من رواية السكوني عن أبي الأشعث عبدالرحمن بن عبدالملك الكندي الذي أملى عليه عرّام رسالته في ذكر رهاط والحديبية :" هذه القريّات لسعد وبني مسروح , وفي سعد هذه نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولهذيل وفهْم فيها شيء ومياههم بثور , وهي احساء وعيون , وليست بآبار " قال البكري : هكذا قال عرّام بن الأصبغ (1) وقال ياقوت فيما نقله عن عرّام في ذكر القريتين :" وهاتان القريتان لبني سعد بن بكر أظآر النبي عليه الصلاة والسلام " (2) وقال الحميري في ذكر القريتين أيضاً :" وهذه القريّات لسعد ومسروح وفي سعد هذه نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " (3) وقال الفيروز آبادي في ذكر ضعاضع :" وهناك قرى لبني سعد أظآر النبي صلى الله عليه وسلم" (4) قال السمهودي :" ضعاضع بضادين وعينين معجمتين , جبل قرب شمنصير عنده قرى لبني سعد بن بكر أظآر النبي صلى الله عليه وسلم " (5)
9 ـــــ قال أبو علي لغدة (ت310ه) في ذكر ديار بني سعد بن بكر :"وأما بنو سعد بن بكر فليست لهم أعداد إنما مياههم أوشال , بمنزلة مياه هذيل وهم جيران هذيل , إلاّ إنهم ربما جلسوا إلى فروع نجد , وهذيل لا تفارق " (1)
10 ــــ قال الهجري : في ذكر بعض شعراء بني سعد : " أنشدني جماعة من بني سعد بن بكر من حضنة النبي صلى الله عليه وسلم .... " (2)
11 ـــــ قال ابن تيمية : " وقد علم بالنقل المتواتر أن محمداً صلى الله عليه وسلم ولد بمكة ، وبها نشأ بعد أن كان مسترضعا في بادية سعد بن بكر قريبا من الطائف شرقي مكة وهو صغير ثم حملته مرضعته حليمة السعديّة " (3).
12 ـــ قال البلاذري :"ومنبه بن بكر . وسعد بن بكر وهم الذين أرضعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأمهما بنت عوذ مناة بن يقدم بن دعمى بن إياد " (4) .
13 ــ قال ابن القيم الجوزية : " ثم أرضعته حليمة السعديّة بلبن ابنها عبد الله أخي أنيسة وجذامة وهي الشيماء أولاد الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي واختلف في إسلام أبويه من الرضاعة ، فالله أعلم ، وأرضعت معه ابن عمه أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ،وكان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم عام الفتح وحسن إسلامه ، وكان عمه حمزة مسترضعاً في بني سعد بن بكر " (5)
وقال في حواضنه : " ومنهن ثويبة وحليمة ، والشيماء ابنتها وهي أخته من الرضاعة كانت تحضنه مع أمها ، وهي التي قدمت عليه في وفد هوازن ، فبسط لها رداءه ، وأجلسها عليه رعاية لحقها " (1) .
13 ـــــ وفي تفسير القرطبي :" وكان عدد سبي هوزان في قول سعيد بن المسيب ستة آلاف رأس , وقيل: أربعة آلاف قال أبو عمر: فيهن الشيماء أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، وهي بنت الحارث بن عبد العزى من بني سعد بن بكر وبنت حليمة السعدية، فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاها وأحسن إليها ، ورجعت مسرورة " (2) .
14 ـــــ وقال الدارقطني :" أبو كبشة ، يقال: كان ظئراً للنبي صلى الله عليه وسلم قيل: إنه كان زوج حليمة بنت أبي ذؤيب , مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: كان عم ولدها ، وكانت قريش والمنافقون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : ابن أبي كبشة " (3) .
15 ــــ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني :" حفص بن حليمة السعديّة التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم أخو النبي من الرضاعة فقد روى عنه عبدالله بن جعفر عن حفص بن حليمة عن أمه عن آمنة بنت ام النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ميلاده ... " (4) الحديث
16 ـــــ وقال ابن حجر أيضاً : " حليمة مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم , وهي بنت أبي ذؤيب واسمه عبدالله بن الحارث بن شجنة - بكسر المعجمة وسكون الجيم بعدها نون - ابن رزام - بكسر المهملة ثم المنقوطة - ابن ناضرة بن سعد بن بكر بن هوازن " (1)
17 ـــــ ويرحم الله تعالى العلامة بن جابر حيث قال:
بخير الخلق يشرح كلّ صدرٍ ... وعند الله حاز أجلّ قدر
بشقّ الصّدر خص كشقّ بدرٍ ... كما خصّ الكليم بشقّ بحر
وسعي الدّوح جاء لدفع شكٍ ... كسعي عصا الكليم لدفع سحر
له الشّرفان من عمٍّ وخال ... ففاق المرسلين بكلّ عصر
بدا من خير بيتٍ في قريشٍ ... وأرضع في بني سعد بن بكر
فضمّ إلى فصاحة آل سعدٍ ... سماحة هاشمٍ وجلال فهر (2)
18 ـــــ قال ابن شاهين الملطي (ت920ه) :" وماتت أمه وهو ابن أربع سنين وقيل ست سنين وكانت مضت به إلى أخواله بالمدينة لتزورهم وعادت به إلى مكة فماتت بالأبواء وهي راجعة
وكانت قد استرضعت له بعد مولده صلى الله عليه وسلم حليمة ابنة أبي ذؤيب السعديّة , وبقي عندها خمس سنين ورأت من بركاته شيئا كثيراً وعندها شق صدره وملىء إيماناً وحكمة " (3)
19 ـــــ قال فؤاد حمزة :" بنو سعد قبيلة عربية شريفة الأرومة منها حليمة بنت أبي ذؤيب ظئر الرسول صلى الله عليه وسلم وديارها من الطائف إلى جهة الجنوب الشرقي وتحسب هذه القبيلة اصل قسم كبير من عتيبة " (1) .
20 ـــ قال محمد الصالح رمضان في تعليقه على حديث ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما :" أخو بني سعد بن بكر أي: من قبيلتهم ومن هذه القبيلة حليمة السعديّة مرضع النبي صلى الله عليه وسلم فبنوا سعد بن بكر إذن أخوال النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع " (2)
21 ـــــ قال عبد الله بن صالح الفوزان : قوله "وبلده مكة " أي : وُلد فيها ونشأ بها إلا المدة التي أقامها عند مرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعديّة , في بادية بني سعد (3) .
22 ـــــ قال جعفر شرف الدين فيما نقله :" فأخذه عبد المطلب فدخل به الكعبة فقام يدعو الله ويشكر له ما أعطاه ، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها ، والتمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم المراضع ، فاسترضع له امرأة من بنى سعد بن بكر يقال لها : حليمة بنت أبى ذؤيب , واسم أبيه الذى أرضعه صلى الله عليه وسلم: الحارث بن عبد العزى .
وقال أيضاً : وأرضعته امرأة من بنى سعد بن بكر بن هوازن، يقال لها: حليمة بنت أبى ذؤيب (4) .
23 ــــ قال : اسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي :" حليمة امه عليه السلام من الرضاعة , وهي من بنات بنى سعد بن بكر " (1) .
24 ـــــ قال الألباني :" وروى ابن إسحاق عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك , قال:" نعم أنا دعوة أبي إبراهيم , وبشرى عيسى , ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام , واسترضعت في بني سعد بن بكر فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض , بطست من ذهب مملوء ثلجاً ثم أخذاني فشقا بطني , واستخرجا قلبي فشقاه , فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها , ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه , ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال: زنه بمئة من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال: زنه بألف من أمته , فوزنني بهم فوزنتهم فقال: دعه عنك فوالله لو وزنته بأمته لوزنها " وإسناده جيد قوي
وقد روى أحمد وأبو نعيم في (الدلائل) عن عتبة بن عبد: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال:" كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا ولم نأخذ معنا زادا فقلت: يا أخي اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا , فانطلق أخي ومكثت عند البهم فأقبل طائران أبيضان كأنهما نسران فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو ؟ فقال: نعم , فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني للقفا فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين فقال أحدهما لصاحبه: ائتني بماء وثلج فغسلا به جوفي ثم قال: ائتني بماء برد فغسلا به قلبي ثم قال: ائتني بالسكينة. فذرها في قلبي ثم قال أحدهما لصاحبه: خطه. فخاطه وختم على قلبي بخاتم النبوة فقال أحدهما لصاحبه: اجعله في كفة واجعل ألفا من أمته في كفة , فإذا أنا أنظر إلى الألف فوق أشفق أن يـخر علي بعضهم فقال: لو أن أمته وزنت به لمال بهم , ثم انطلقا فتركاني وفرقت فرقاً شديداً ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها بالذي لقيت فأشفقت أن يكون قد لبس بي فقالت: أعيذك بالله... " إلى آخره (1)
وقال الألباني أيضاً : وثبت في (صحيح مسلم) عن أنس بن مالك :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب واستخرج معه علقة سوداء فقال: هذا حظ الشيطان , ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (يعني: ظئره) فقالوا : إن محمداً قد قتل , فاستقبلوه وهو منتقع اللون , قال أنس: وقد كنت أرى ذلك المخيط في صدره , وفي الصحيحين عن أنس وعن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء" - كما سيأتي - قصة شرح الصدر ليلتئذ وأنه غسل بماء زمزم . وقال الألباني أيضاً : ولا منافاة لاحتمال وقوع ذلك مرتين: مرة وهو صغير ومرة ليلة الإسراء ليتأهب للوفود إلى الملأ الأعلى ولمناجاة الرب عز وجل والمثول بين يديه سبحانه وتعالى والمقصود أن بركته عليه الصلاة والسلام حلت على حليمة السعديّة وأهلها وهو صغير ثم عادت على هوازن - بكمالهم - فواضله حين أسرهم بعد وقعتهم وذلك بعد فتح مكة بشهر فمتوا إليه برضاعه فأعتقهم تحنن عليهم وأحسن إليهم كما سيأتي مفصلا في موضعه إن شاء الله تعالى . قال محمد بن إسحاق في وقعة (هوازن) : عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين , فلما أصاب من أموالهم وسباياهم أدركه , وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا فقالوا : يا رسول الله إنا أهل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامننْ علينا منَّ الله عليك , وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إن ما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك اللآتي كنَّ يكفلنك فلو أنا ملحنا ابن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك رجونا عائدتهما وعطفهما وأنت خير المكفولين , ثم ذكر قصيدة زهير بن الصرد الجشمي وقال : وقد رويت هذه القصة عن أبي صرد زهير بن جرول - وكان رئيس قومه - قال: لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فبينا هو يميز الرجال والنساء وثبت حتى قعدت بين يديه وأسمعته شعراً , أذكّره حين شب ونشأ في (هوازن) حين أرضعوه ... " (1)
25 ــــــ وحتى العلماء المستشرقون لم يخالفوا هذا الإجماع , بل نقلوا ما تواتر عليه الناس من أن حليمة السعدية هي من بني سعد بن بكر بن هوازن . ومنهم على سبيل المثال: المستشرق الألماني أوبنهايم قال في ذكرهم : " بنو سعد بن بكر الذين تربطهم صلة قرابة مع فهم وعدوان مشهورون جداً في العالم الإسلامي , لأن لهم صلة بتاريخ النبي صلى الله عليه وسلم منذ طفولته , إذ أنّ حليمة السعدية مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم , تنتمي إلى هذه القبيلة التي كان نساؤها يمارسن مهنة إرضاع أطفال مكة , الذين كانوا ينمون في الهواء النقي , في المنطقة العالية , بصورة أفضل من تهامة الحارة " (2)
الإستدلال على أن حليمة السعدية ( هذليّة )
لقد إستدلّ الشيخ فهد المعطاني بأنّ حليمة السعدية من قبيلة هذيل , بما ورد في كتاب (نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون) للإمام الحافظ النحوي الفقيه الأديب فتح الدين ابو الفتح محمد بن محمد اليعمري الأندلسي المصري الشهير (بابن سيّد الناس) المولود 641ه , قال في كتابه ص33 ما نصه :" وأرضعته عليه الصلاة والسلام حليمة بنت أبي ذؤيب الهذليّة " (1) وقد قام الشيخ فهد المعطاني بتوزيع الكتاب مستدلاً بهذليّة حليمة السعديّة , وتحصّلتُ على الكتاب والمتن عن طريق أحد الأخوة , بعد ما قام الشيخ بتوزيعه , فلاحظتُ ما يلي : عندما قرأتُ الكتاب (نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون) وقرأتُ عبارة المؤلف السابقة :" وأرضعته عليه الصلاة والسلام حليمة بنت أبي ذؤيب الهذليّة " طرأ في بالي إحتمالان : الإحتمال الأول : بأن هذا تصحيف (لحليمة بنت أبي ذؤيب السعديّة) إلى (حليمة بنت أبي ذؤيب الهذليّة) فالخطأ والتصحيف حصل في (الهذليّة) بدل أن تكون (السعديّة) وهذا ما جزمتُ به . الإحتمال الثاني : ضعيف وهو أن لفظة (بنت أبي ذؤيب) أوهمت المؤلف بأنها أخت الشاعر والفارس الهذلي (أبو ذؤيب الهذلي) وفي كلا الإحتمالين خطأ غير مقصود , لأنه وعند رجوعي لمتن الكتاب (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير ) وهو الأصل الذي اختصره ولخصّه نفس المؤلف , وجدتُ أنّ ما جزمت به صحيح وهو أن المقصود با(الهذليّة) هي (السعديّة) أو تصحيف السعديّة إلى الهذليّة , وهذا وارد , ومما يؤكد ذلك نص عبارته في الأصل : " واستُرضع له من بني سعد بن بكر امرأة يقال لها حليمة بنت أبي ذؤيب وكانت تحدث أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها ترضعه , في نسوة من بني سعد بن بكر .....) إلى آخره (1) .
وقال من حقق الكتاب وعني به : " روى قصة الرضاع وما وقع فيها من بشائر النبوة : ابن إسحاق , وابن راهويه , وابو يعلى , والطبراني , وابن حبان , عن عبدالله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما قال : حدثتني حليمة . والبيهقي وابن عساكر , عن ابن عباس رضي الله عنهما , وفي سنده من تكلم فيه لكن لأكثره شاهد قويّ , والبيهقي عن الزهري , وابو يعلى وأبو نعيم عن شداد بن أوس مرفوعاً مختصراً , والإمام أحمد والدارمي عن عتبة بن عبدالله مرفوعاً مختصراً , وابو نعيم عن بريدة , وابن سعد وابو نعيم وابن عساكر عن يحي بن بريد السعدي
وأكد في عدة مواضع على أن حليمة السعديّة (هوازنيّة) , وذكر قدوم الشيماء ووفد هوازن بعد غزوة حنين (2) .
وذكر قصة زهير بن الصرد الجشمي الهوازني , وقصيدته , مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال ابو الفتح محمد بن محمد ابن سيّد الناس في أصل الكتاب : " حدثنا أبو عمرو زياد بن طارق , وكان قد أتت عليه مائة وعشرون سنة قال : سمعت أبا جرول زهير بن صرد الجشمي يقول : لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم , يوم حنين يوم هوازن , وذهب يفرّق السبي والشاء , أتيته فأنشأت أقول هذا الشعر :
امننْ علينا رسولَ اللهِ في كرمٍ ..... فإنك المرء نرجوه وننتظر
امننْ على بيضةٍ قد عاقها قدرٌ .....مشتتٌ شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهرَ هتّافاً على حزنٍ .....على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركهم نعماءَ تنشرها ..... ياأرجح الناس حلماً حين يختبر
امننْ على نسوةٍ قد كنت ترضعها.....إذْ فوك تملؤه من محضها الدرر
إذ أنت طفلٌ صغيرٌ كنت ترضعها.....وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته ..... واستبق منا فإنا معشرٌ زهر
إنا لنشكر للنعماء إذ كفرت ..... وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
فألبسْ العفو من قد كنت ترضعه .....من أمهاتك إنّ العفو مشتهر
ياخير من مرحت كمت الجياد به .....عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
إنا نــؤمل عفواً منك تلبسه ...... هـذي البرية إذ تعفو وتنتصر
فاغفر عفا الله عما أنت راهبه ..... يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر
قال: فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشعر قال :" ما كان لي ولبني عبدالمطلب فهو لكم " وقالت قريش : ما كان لنا فهو لله ولرسوله وقالت الأنصار : ما كان لنا فهو لله ولرسوله , وقال الطبراني: لا يُروى عن زهير بن الصرد بهذا التمام إلاّ بهذا الإسناد تفرّد به عبيدالله بن رماحس وقد ذكر الألباني مثله في صحيح السيرة النبوية , وقال إسناده جيّد (1)
وقال أيضاً في الأصل: قال أبو عمر : " ردته ظئره حليمة إلى أمه بعد خمس سنين ويومين من مولده , وذلك سنة ست من عام الفيل , وأسلمت حليمة بنت أبي ذؤيب" (2) وهو عبدالله بن الحارث ابن شجنة بن جابر بن رزام بن ناضرة بن قبيصة بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن (3) .
هذا ما قرره مؤلف (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير) بأن حليمة السعديّة من بني سعد بن بكر بن هوازن , فهل يُعقل أن يقول بأنها هذليّة في تلخيصه (نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون) ؟؟ لا يُعقل أبداً , لاسيما وأنه ذكر في الأصل في غير ما موضع بأنها هوازنيّة (4)
وقد ذكر في الأصل في غزوة حنين , قدوم الشيماء ووفد هوازن (1)
وأخيراً أتمنى من الشيخ فهد بن سالم المعطاني أن يعلن برائته من قوله , فالرجوع للحق فضيلة , وجلّ من لا يـخطئ , وكلنا معرّض للإجتهاد الخاطئ , ولكن العبرة بالرجوع للحق وقبوله , لا سيما وله مخرج في الرجوع للحق , وهو وجود النص الذي إستدلّ به على هذليّة حليمة السعديّة في الكتاب المشار إليه (نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون) وقد تبيّن بأن الخطأ مطبعي وتصحيف , فلا مجال للإجتهاد في موضع النص , ولعلّ قرب ديار بني سعد الذين نشأ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة جعل الشيخ فهد المعطاني , يظن بأنها من سعد هذيل , علماً بأن بني سعد بن بكر بن هوازن هم جيران هذيل , في الجاهلية والإسلام في عدة منازل قرب مكة , وقد نص على ذلك الهمداني وابن شبّة وقالا :" أن الذين يجاورون هذيلاً في هذه الديار هم أعجاز هوازن وهم بنو سعد" وقد ذكر أبو علي لغدة (ت310ه) عن ديار بني سعد بن بكر ما نصه : "وأما بنو سعد بن بكر فليست لهم أعداد إنما مياههم أوشال , بمنزلة مياه هذيل وهم جيران هذيل , إلاّ إنهم ربما جلسوا إلى فروع نجد , وهذيل لا تفارق " (2) والنصوص كثيرة في إثبات جيرة بني سعد بن بكر لقبيلة هذيل , وأكثر في ثبوت هوازنيّة حليمة السعديّة , وما ذكرته آنفاً من نصوص واقوال وأدلة كافية ووافية مع علمي بأن هوازنيّة (حليمة السعديّة) واضحة ولا تحتاج إلى مزيد إيضاح وليعذرني المثقفون , فإن مما عمت به البلوى (توضيح الواضحات أو تعريف المعروفات) في هذه الأزمنة الحاضرة .
الإفتخار بالقبيلة وذكر مناقبها
بينتُ فيما مضى أموراً مهمة , في كلمة قبيلة هذيل , التي ألقيتها , في حفلنا المقام في أم رقيبة لعام 1430ه بمناسبة مشاركة قبيلة هذيل في جائزة الملك عبدالعزيز السنوية لمزاين الإبل , وذكرتُ ضوابط الإفتخار بالقبيلة , وبعضاً من مفاخر قبيلة هذيل الثابتة , وخاصة مايتعلق بالخؤولة , فقلتُ ما نصه :
من حق كل إنسان أن يفتخر بقبيلته ولابته , ولكن بثلاثة شروط : أولاً : عدم التعالي على الغير , والكبر من التعالي المذموم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال: " إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق ، وغمط الناس " (1)
ثانياً : عدم الطعن في أنساب الآخرين , والتعالي والطعن من الجاهلية التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم
ثالثاً : أن لاينسب لقبيلته ما ليس لها من المفاخر والمناقب والمدائح , لأنّ هذا من التدليس والتزوير والكذب
إذا أبتعد الأنسان عن هذه المحاذير يحق له الإفتخار بقبيلته .
قبيلة هذيل أخوال النبي صلى الله عليه وسلم من جهتين
تربط قبيلة هذيل بالرسول صلى الله عليه وسلّم خؤولة , فهم أخواله من جهة أمه وأخواله من جهة أبيه , نسباً وليس رضاعة , والجميع يعلم أن أخوال الأب أو الأم هم أخوال للإنسان وإن بعدو , وها هم بنو النجار هم أخوال عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم , وهم أيضاً أخوال لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم . بيان خؤولة النبي صلى الله عليه وسلّم لقبيلة هذيل :
1ـــــ من جهة أم الرسول صلى الله عليه وسلم :
قلابة بنت الحارث ابن مالك بن حباشة بن غنم بن لحيان بن عادية بن صعصعة بن كعب بن هند ابن طابخة بن لحيان بن هذيل بن مدركة , وقلابة هذه هي بنت الحارث ، وأبوها هو الشاعر أبو قلابة ، وهو أقدم من قال الشعر في هذيل وهو الذي يقول:
إن الرشاد وإن الغي في قرن ... بكل ذلك يأتيك الجديدان
لا تأمنن وإن أصبحت في حرم ... إن المنايا بجنبي كل إنسان
وأمُّها يعني (قلابة) هي : أميمة بنت مالك بن غنم بن لحيان بن عادية بن صعصعة بن كعب بن هند ابن طابخة بن لحيان بن هذيل بن مدركة .
وأمُّها يعني (أميمة) هي : دبّ بنت ثعلبة بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة .
2 ــــ من جهة أبيه صلى الله عليه وسلم : أميمة بنت مالك بن غنم بن سويد بن حبشي بن عادية بن صعصعة بن كعب بن طابخة ابن لحيان بن هذيل بن مدركة .
وأمُّها يعني (أميمة بنت مالك) وهي : دبّ بنت الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة . نستنتج مما مضى أن أخوال الرسول صلى الله عليه وسلم من جهة أمه هما : (قلابة , وأميمة) من بني لحيان بن هذيل ,كذلك (دبّ بنت ثعلبة) من سعد بن هذيل وسعد هو أخو لحيان . ومن جهة أبيه صلى الله عليه وسلم هي: (أميمة بنت مالك) من بني لحيان بن هذيل (ودبّ بنت الحارث) من سعد بن هذيل (1) . هذا نص كلمتي قبل سنة ونصف تقريباً في حفل قبيلة هذيل في أم رقيبة . أسأل الله أن يشفّع فينا نبيه صلى الله عليه وسلم ((يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلبٍ سليم)) وأن ينفعنا بما نقول ونعمل .
الخاتمة
فإن القول الذي تبناه الدكتور فهد بن سالم المعطاني الهذلي بخصوص حليمة السعديّة , لا يمثّل فيه قبيلة هذيل , وهو أحدُ مشائخ قبيلة هذيل , وليس شيخاً لقبيلة هذيل كافة كما يُشاع ويُقال , في المحافل والمناسبات , وهذا معروف لدى قبائل هذيل ومن جاورهم , ولا ينبغي لأيّ كائنٍ من كان أن يغييّر الحقائق , ويفرض ما لايصح , وعن نفسي فلن أسكت على خطأ , وسوف أقوم بما يلزم من التوضيح والبيان والتذكير , تبرئة للذمة , وقياماً بما يوجبه علينا الإسلام من حق المسلم على المسلم , وقد قمتُ بكل الخطوات المتعلقة بهذه المسئلة , وكان آخرها هذا البحث الذي أسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئهُ , وأن ينفع به الدكتور الشيخ فهد المعطاني الهذلي , وكل من تأثر بقوله وشكَّ في معلوماته , وكان من المفروض على كل من يخاف الله ويتقيه ألاّ يسكت عمّا يعلمه من أنّ حليمة هي من بني بكر بن هوازن , "والساكت عن الحق شيطان أخرس " ثم ّ إن هذا البحث والتوضيح لا ينقص من قدر الشيخ فهد المعطاني شيئاً , إذا ما تراجع . فالخطأُ مرجوع , والإنسان ليس معصوماً عن الخطأ , وليس العيب أن يخطئ المرءُ إنّما العيب أن يتمادى على الخطأ , أسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين , وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه , ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه .
كتبه وأعده / مهنا بن رجاالله بن مهنا اللحياني الهذلي يوم الأربعاء الموافق 2/4/1432ه
المـــراجـع
1- أخبار مكة . للأزرقي
2- أنساب الأشراف . للبلاذري
3- الإستيعاب في معرفة الأصحاب . للقرطبي
4- الإصابة . ابن حجر العسقلاني
5- الأعلام . خير الدين الزركلي
6- الأغاني . أبو الفرج الأصفهاني
7- الإكليل . الحسن الهمداني
8- الأماكن . محمد الحازمي
9- الأنساب . السمعاني
10- أنساب الأشراف . البلاذري
11- البرهان . ابو المعالي الجويني
12- البدر المنير . ابن الملقن
13- البداية والنهاية . لابن كثير
14- البدو . أوبنهام
15- البدو والوهابية . بوركهارت
16- الموالاة والمعاداة . بن عبدالله الجعلود
17- بلاد العرب . الحسن الأصفهاني
18- البلدان . أحمد الهمذاني
19- بنو سعد بن بكر . الأحيوي المسعودي
20- تاج العروس . مرتضى الزبيدي
21- تاريخ الطبري . بن جرير الطبري
22- تاريخ دمشق . لابن عساكر
23- التعليقات والنوادر . للهجري
24- التنبيه والإشراف . علي المسعودي
25- جمهرة أنساب العرب . ابن حزم
26- جمهرة النسب . محمد الكلبي
27- الجواب الصحيح . أحمد ابن تيمية
28- الدرر الفرائد المنظمة . الجزيري
29- الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة . السيوطي
30- دلائل النبوة . أبو بكر البيهقي
31- الروض المعطار . ابو عبدالله الحميري
32- روح البيان . ابو الفداء الاستانبولي
33- غاية السول في سيرة الرسول . زين الدين الملطي
34- سبل الهدى والرشاد . ابن يوسف الصالحي
35- سمط النجوم العوالي . العصامي
36- السنن الكبرى . البيهقي
37- سير أعلام النبلاء . شمس الدين الذهبي
38- السيرة النبوية . ابن هشام
39- شعب الإيمان . البيهقي
40- شعر أبي وجزة السعدي . دراسة وليد ال****************بي
41- صحيح السيرة النبوية . للألباني
42- صفة الصفوة . ابن الجوزي
43- صفة جزيرة العرب . الحسن الهمداني
44- عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير(المتن) ابن سيّد الناس
45- نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون(مختصر) ابن سيّد الناس
46- الطبقات الكبرى . لابن سعد
47- العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين . الفاسي المكي
48- العقد الفريد . لابن عبد ربه
49- فتح الباري . لابن حجر العسقلاني
50- قلب جزيرة العرب . فؤاد حمزة
51- المزهر في علوم اللغة وأنواعها . جلال الدين السيوطي
52- معجم الأدباء , ومعجم البلدان . ياقوت الحموي
53- المعجم الكبير . الطبراني
54- المغازي . الواقدي
55- المغانم المطابة . الفيروز آبادي
56- المنتظم في تاريخ والأمم الملوك . ابن الجوزي
57- نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب .