المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابتزاز الفتيات للشيخ فيصل الشدي


الوجيه محمد
06-28-2010, 02:04 PM
(ابتزاز الفتيات)
خطبة جمعة للشيخ فيصل بن عبد الرحمن الشدي
خطيب جامع العز في مدينة الخرج
رابط الخطبة
http://www.al-3z.net/track.php?id=1026 (http://www.al-3z.net/track.php?id=1026)
الحمد لله.. شرع الشرائع فأحكمها، وسن الأحكام وسلمها.. الحمد لله الذي أكرم الإنسان عن طبائع الحيوان، وأعطى كل مخلوق حقه وما يصلح له من غير زيادة ولا نقصان.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أكرم النســاء بالعفاف، وأوجب على الرجال صيانتهن والإنفاق عليهن بالكفاف، حماهن من التبرج والسفور، ورفعهن عن عهر الفاحشة و الغرور.. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للناس بشيراً ونذيراً، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً. أما بعد: فإن حبيبكم صلى الله عليه وسلم يوصيكم فيقول ( إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي ).
عباد الله : لا يكاد يمرّ يوم أو أسبوع إلا وتتناثر على صفحات الصحف والمجلات المحلية قصص عن ابتزاز النساء والفتيات، تتفاوت حدتها وقسوتها وإسفافها من حالة لأخرى، يتفنّن المبتزّون في طرائق ابتزازهم وأساليب احتيالهم وأدوات مكرهم، ولا يتورعون عن استخدام كلّ وسيلة وكل تقنية حديثة، خصوصا الهاتف النقال والإنترنت لمحاصرة ضحاياهم وترويعهم، وصولا إلى أغراضهم الدنيئة ورغباتهم الشيطانية، سواء كانت مالا أو شهوة جنسية محرّمة، فالغايات عندهم مبررة والأهداف محدّدة والنتائج قاصمة.
هذه السلوكيات والتصرّفات الشاذة الإجرامية تستهدف هدم الفضائل ونشر الرذائل والعبث الفاجر بأعراض النساء والاستغلال الوضيع لظروف وسذاجة وأخطاء البعض منهن، دون اعتبار للقيم والمثل العليا التي تحكم أخلاقيات المسلمين .
هذه الحوادث التي سمعنا عن بعضها وقرأنا عن بعضها الآخر قد تكون جزءًا من حوادث وقصص أخرى مؤلمة لم نعلمها ولم نسمع عنها، وقصص وحوادث لا تزال أحداثها مستمرة بين مجرمِها وفريستها؛ لتنتهي وقائعها بموت حقيقي أو موت نفسي أو فضيحة عبر الوسائل والتقنيات الحديثة، وتنتهي في الهيئات أو مراكز الشرطة.
تبدأ العلاقة الشيطانية بنظرة خادعة أو كلمة رقيقة، فابتسامة زائفة ،ثم تتطور إلى كلام و مشاعر كاذبة، يكذب فيها طرف ويصدقها غالبا طرف آخر، ثم يتم عبر هاتف وجوال أو إنترنت، ويتم خلالها تسجيل المكالمات من الطرف المخادع، ثم يسري الشيطان في العروق ويزين للنفوس ويسهّل الخطأ، فتأتي الموافقة على ركوب السيارة فقط، ثم يزداد ضعف الجانب الإيماني والأخلاقي ويتبلّد الحسّ الفطري بإشراف مباشر من الشيطان، وصدق الله سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ). فتكون الموافقة بعد ذلك على النزول إلى الأسواق والمطاعم وغيرها بقصد التجول والتسلية ثم الذهاب إلى سهرة بريئة، وقد يتخللها تصوير بعلم أو بدون علم، وقد يقع بعد ذلك المنكر الكبير والجرم الخطير، فيهتك العرض، ثم تسكب الدموع والعبرات، عندها يبين الحبّ الكاذب والوهم الخادع، وينقلب الحمل الوديع إلى ذئب مفترس، يهدّد ويتوعّد بالفضيحة والعار إن لم تنفّذ الفتاة أوامرَه الشيطانيّة وتلبي رغباته الحيوانية .
وإن لنار هذه الفتنة قدّاحوها ومشعلوها ، إن لها أسباباً أوصلت إليها منها :
أولاً: ضعف الوازع الديني:
نعم، قليل وقليلة الدين لا يبالون بما يقولون ويفعلون. لسان حالهم ومقالهم : سواء علينا أوَعظت أم لم تكن من الواعظين. إنهم لا يبالون بانتهاك أعراض المسلمين؛ لأن قلوبهم قد ماتت بسبب ولعهم بارتكاب الفواحش والمنكرات، يقول ابن القيم في وصف أمثال هؤلاء من أصحاب القلوب الميتة: " فالهوى إمامه، والشهوات قائده، والجهل سائقه، والغفلة مركبه، فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور، وبسكرة الهوى وحب العاجلة مخمور، ينادى إلى الدار الآخرة من مكان بعيد، ولا يستجيب للناصح، ويتبع كل شيطان مريد, الدنيا تسخطه وترضيه، والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه".
ثانياً: الجهل بالتربية من قبل الوالدين:
كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول: (كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه). وبعض الأسر لا تقوم بتوعية بناتها توعيه كافية بشأن الشر الموجود في هذا العصر؛ مما جعل الفتاه تعيش في خيال ، وتصدق معسول المقال فلا تفيق من سكرتها إلا وقد ارتكست في حمأة الحرام .
ثالثاً: الفضائيات والإعلام:
أفلام ومسلسلات تعج بها غالب الفضائيات تحمل مشاهد الحب الزائف الذي يفترضونه قبل الزواج ، وأنه لا زواج ناجحٌ بدونه ، إضافة إلى المشاهد الجنسية وأغاني الفيديو كليب التي أججت العواطف وأشعلت المشاعر مما كبت كثيرين على الحرام ، أشعل فتائل الحرام تلك شياطين الإنس والجن ، وصدق الله( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا )
رابعاً: الاختلاط:
لقد اتضح أن قضايا الابتزاز تقع كثيرا في أماكن العمل المختلط، مع ارتباط مصالح النساء العاملات برجال ليسوا أحيانا من أهل الأمانة والمروءة؛ مما يؤدي إلى وقوع بعض التحرشات الجنسية أو الابتزاز بدافع العوز الماديّ ، اختلاط فافتتان فاختلاء ،وصدق رسول اللهr((ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما)). والناظر في أي جريمة زنا يرى في الاختلاط رأس المشاكل وأصل البلاء .
خامسا: فقدان العاطفة والحب في كثير من البيوت:
من الوالدين من يحرم أولاده من الشفقة والحنان وإشباع العواطف؛ مما يحدوهم إلى البحث عن ذلك خارج المنزل، ويشتد الأمر إذا كان ذلك في حق البنات، فهن أرق شعوراً وأندى عاطفة، فإذا شعرت بفقر من هذا الجانب أظلمت الدنيا في وجهها، وربما قادها ذلك إلى البحث عما يشبع عواطفها، ولعل هذا من أسباب المعاكسات وضياعِ الآداب ، ولا ندري أين نحن من قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال له رجل: نحن لا نقبل أبناءنا، فقال له: ((أوَأملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟!)) وكانت فاطمة رضي الله عنها تدخل عليه صلى الله عليه وسلم فيقوم إليها ويقبلها. بل ويجلسها مكانه فأين نحن من تربيته صلى الله عليه وسلم؟!
سادساً : التساهل في الذهاب للمشاغل النسائية :
قال وكيل الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن سجلات قضايا ابتزاز الفتيات بينت أن أكثر مسببات الابتزاز والمساومة التي تتعرض لها النساء تأتي من قبل "المشاغل النسائية"، ويتم تصويرهن دون شعورهن بذلك لحظة تعريهن ، مما قد يمتد الأمر بعد ابتزازهن إلى القوادة عليهن واستغلالهن كمصدر دخل ثابت لضعاف النفوس .
سابعاً: ضعف الرقابة الأسرية على الأبناء:
لأنه إذا غاب جانب المتابعة والنقد والتوجيه من الوالدين أصبح من السهل على أفراد الأسرة الانحراف واتباع طرق غير سوية، فالابن الذي يقضي ساعات طويلة خارج منزله ويتغيب عن مدرسته كثيراً أو يتجه إلى الانحراف أو الإدمان كل ذلك بسبب غياب الرقابة الأسرية، كذلك الفتاة التي تكثر من الخروج إلى الأسواق بسبب أو بدون سبب، أو تخرج للترفيه بدون رقيب أو مرافق، أو تقضي الساعات الطويلة أمام شاشات الإنترنت في المحادثات الهاتفية لثقتها التامة بانعدام الرقابة الأسرية، وقد يؤدي هذا كله إلى الانحراف الأخلاقي والفكري، لتدفع الثمن الأسرة من سمعتها وشرفها ومكانتها في المجتمع.
(يا أيها الذين ءامنوا قوا أنسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ..) بارك...

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ...
فيا عباد الله : تلمسوا أسباب الداء ، وعاجلوه وعالجوه بنافع الدواء :
فأولاً: يجب على الأسرة تقوية الوازع الديني في نفوس الأبناء والبنات، وتحذيرهم من الغفلة والاستهانة بالمعاصي، وأن ارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإصرار على ذلك ما هو إلا دليل على قسوة القلوب التي توعّد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابها بقوله: ((ويل لأقماع القول، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوه وهم يعلمون)) صحيح الجامع. والقمع يدخل ما يوضع فيه من جانب ويخرج من الجانب الآخر فكذلك قاسي القلب.

ثانياً: لا بد من توفر العطف والحنان للأبناء، وبخاصة البنات؛ لكي لا تذهب الفتاة وتبحث عنه خارج الأسرة من أي شخص آخر قد يسمعها هذا الكلام، فالأم لا بد أن تكون صديقة لابنتها، والأب لا بد أن يُسمع ابنته كلام العطف والحنان .
ثالثاً: لا بد من إعطاء الثقة للأبناء، ولا بد من المتابعة والمراقبة لهم ولو بشكل غير مباشر، فلا بد من ضبط أوقات الدخول والخروج، ولا بد من معرفة أصدقاء الابن والابنة، ولا بد من مراقبة واستبعاد القنوات الفضائية التي تؤثر على أخلاقهم وإفهامهم ، وتجنب خلوة الشباب والفتيات مع الانترنت في غرف مغلقة ، إن كان لابد من دخوله فليكن في صالة البيت ونحوذلك .
رابعاً: الحذر والحرص من عدم استخدام أجهزة الجوالات في تصوير أفراد العائلة من الإناث خصوصا؛ لأنه قد يُفقد الجهاز أو يُسرق فيقع في أيدي من لا يخافون الله. وننبه هنا إلى عدم إرفاق ذاكرة الهاتف مع الجهاز أثناء صيانته؛ لأن بعض العاملين في هذه المحلات يستغلون وجود صور الفتيات أو يستخدمون برنامج استرجاع المحذوف من الذاكرة، فيحصلون على بعض الصور والمقاطع، ويستغلونها في ابتزاز الفتيات، وقد ثبت ذلك في بعض الوقائع.
خامساً: على من تقع من الفتيات في الابتزاز مصارحةُ الأم أو الأب أو أحد الأهل والأقارب بحقيقة الأمر والاعتراف بالذنب والخطأ وإعلان التوبة والندم. وفي هذه الحالة ندعو أولياء الأمور إلى التعقّل وضبط النفس؛ لأن التوبة والاعتراف خير من التمادي في الباطل، ثم إنه لا يوجد هناك من لا يخطئ، فكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.
سادِساً:عدم اللين والخضوع للمبتزّ مهما تهدّد وتوعّد، وللفتاه أن تبلغ الجهات المعنية كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي أثبتت فعاليتها، وسجلت نجاحا كبيرا في حلّ كثير من قضايا الابتزاز وتخليص الفتيات بكل سرية.
سابعاً: تفعيل الجوانب الوقائية من خلال الأجهزة الرسمية والمؤسسات المجتمعية والإفادة من المساجد وأجهزة التربية والتعليم والإعلام والمواقع على الشبكة العنكبوتية ، ومن الخطوات المشكورة في ذلك اعتماد بعض إدارات التعليم لجاناً لمكافحة ابتزاز الفتيات.
ثامناً : نقول للشاب الذي استغلّ غفلة وزلة أخته المسلمة: اتق الله، وتذكر أن الله عز وجل مطلع عليك، فكما للناس أعراض يخشون عليها فأنت لك أيضا عرض تخاف عليه وتخشى عليه، فأين الغيرة والحمية على أعراض المسلمات؟! إن الذي لا يغار على أعراض المسلمات إنسانٌ ساقطٌ لا قيمة له في الدنيا والآخرة، فأصل الدين هو الغيرة، قال ابن القيم: "أصل الدين الغيرة، ومن لا غيرة له لا دين له.. ".
وليتذكر من يخاف الله قول ربه :( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).
كتبه/ فيصل بن عبد الرحمن الشدي
المحاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
إمام وخطيب جامع العز بن عبدالسلام بمحافظة الخرج
alshdi3@gmail.com

ذبــاح
06-29-2010, 03:07 PM
جزاك الله خير اخي محمد وبارك فيك

وجزا الله الشيخ خير الجزاء ونفع بعلمه واسأل الله ان يستر على بناتنا وبنات المسلمين

ودي وتقديري~