سطام الجياشي
06-19-2010, 02:05 PM
قبــيــلـــة بـــنـي الحـــــــــــــــارث
(جـمـرة العــرب) (مـلـوك العــرب) (شـيـوخ العــرب) (أهـل الســــــيادة )
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
اخواني الكرام اكتب لكم في هذا الموضوع المهم والذي يخص قبيلة من أعرق القبائل العربية
نسباً وعمقاً في الأصالة ورسوخاً في التاريخ. آلا وهي قبيلة بني الحارث المشهورة والمعروفة اليوم في أغلب مناطق الجزيرة العربية.
مـقـدمـه:
جاء في لسان العرب الحرث والحراثه: العمل في الأرض زرعاً كان أو غرساً, وقد يكون الحرث نفس الزرع, وبه فسّر الزجاجُ قوله تعالى: (أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته).
حرث يحرث حرثاً.والحرث: الكسب, والفعل كالفعل, والمصدر كالمصدر, وهو أيضاً الإحتراث.
واحْتَرَثَ المالَ: كَسَبه؛ والإِنسانُ لا يخلو من الكَسْب طبعاً. وأبو الحارث: كنية الأسد. وقولهم بني الحارث لبني الحارث بن كعب (لسان العرب).
بني الحارث وواحدهم: حارثي ويقال له: الحارثي.
إليكم ماقاله الشيخ حمد الجاسر عن مسمى بني الحارث
اسم (بني الحارث) يطلق على قبائل كثيرة،لأنه من الأسماء المألوفة قديماً عند العرب على ماورد في الأثر (أحب الأسماء الى الله عبدالله وعبدالرحمن ،وأصدقها حارث وهمام ،وأقبحها حرب ومرة). وقد تسهل كلمة (بني) فيستعاض عنها ب(الباء) فيقال: بلحارث وبلعنبر وبلهجيم, وهذه لغةً فصيحة معروفة قال في (تاج العروس): بلقين، كما قالوا: بلحارث وبلهجيم وأصله بنو القين وبنو الحارث, وبنو الهجيم, وهو من شواذ التخفيف، قال ابن الجواني: العرب تعتمد ذلك فيما ظهر في واحده النطق بالأم مثل الحارث والخزرج والعجلان، ولا يقولون فيما لم تظهر لأمة، لذلك لايقولون: بلنجار في بني النجار لأن الأم لاتظهر في النطق بالنجار فلا تجوزه العربية.
و تجد عدد من القبائل العربية تدعى بني الحارث أو بلحارث. فهناك قبيلة بني الحارث الأشراف وهم أبناء محمد الحارث بن الحسن بن محمد أبو نمي الثاني بن بركات بن محمد بن بركات بن الحسن إلى أن يصل نسبهم إلى علي بن ابي طالب رضي الله عنه و يسكنون في ضواحي مكة والخرمه.وهناك قبيلة بلحارث في نجران وهم يرجعون إلى الأزد إلى الحارث بن كعب.وهناك قبيلة بني الحارث بالمدينة المنورة وهم يعودون إلى الأوس والخزرج.و قبيلة بني الحارث تسكن في سراة الحجاز ووادي ترج و هي من قبائل الأزد القحطانية و قبيلة الأزد تفرع منها عدة قبائل أشهرها قبيلة غامد و زهران.
ما جاء من ذكر لقبيلة بني الحارث في بعض الكتب التاريخية
قال في نهاية الأرب: ومن بني الحارث من يسكنون شرق الطائف في ناحية الجنوب، وهم بنو الحارث ، وفي قومهم الحماسة، والحماسة في اللغة الشجاعة .وذكر الشيخ محمد البسام التميمي النجدي صاحب كتاب الدرر المفاخر في أخبار العرب الأواخر المتوفى سنة1246هـ أثناء و صفه لقبائل الحجاز ما نصه: (ومنهم المسمون "ناصره" ذوو الهبات الزاهرة، والمحامد الفاخرة المهتدى بهم الحائر والمزور عنهم الجائر، السامون مجداً وفخراً، والسابقون دنيا وآخرة، حداد السيوف، طوال الرماح، شمام الأنوف، اهل السماح سقمانهم ألفان وخيلهم ثلاثمائة وثلاثون، وأسلحتهم البنادق الصائبة، وسيوفهم الغالية ورماحهم الردينية تحملها أكف الأوليات والأدينة). (عرب الحنيش) هو لقب قديم لقبيلة ناصره من بني الحارث وسمّيوا بعرب الحنيش لأن أميرهم بريمان الحنيش وقد ذكرهم المؤلف عبد العزيز بن عمر القرشي في كتابه (غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام ) ج 2 ص 530 حيث قال مانصه: (وفي شوال سنة 882 هـ توجه الشريف محمد بن بركات هو وعسكره إلى الشرق لغزو الحنيش فصبّح جماعته وقتل رجلين واسر رجلاً أو أكثر وغنم شياهاً وإبلاً كثيره , وعاد من قرب) وله نص آخر أكثر توضيحاً في ج 3 ص 63 حيث قال: (وفي صفر سنة 888 هـ بقصد غزو الحنيش بالشرق وهم فخذ من ناصره بني الحارث) الشيخ بريمان الحنيش هو شيخ قبيلة ناصره في نهاية القرن التاسع الهجري حيث ذكره المؤرخ عبد العزيز بن عمر القرشي في كتابه السابق ج 3 ص 63 حيث قال مانصه:( وفي صفر سنة 888 هـ وصل مكة الشريف بركات ومعه بعض إخوانه وجمع كثير من العسكر والأعراب بقصد غزو الحنيش بالشرق - وهم فخذ من ناصره بني الحارث - واسم شيخهم بريمان, فإنه سمع أنهم بالوطاه ( يقصد بأنهم نزلوا من الجبال إلى الأرض المستويه) فذهبوا إليهم فظفروا بفريقين إلا فريقاً للحنيش هو فيهم نجوا وغنموا الآخرين وقتلوا جماعه ونهبوا حلة الفريقين وغنموا إبلاً وأشياء كثيراً وتقاسموا ذلك, وعادوا إلى مكة) الشيخ صالح بن سرحان المخلدي هو شيخ قبيلة بني خالد الذي قتله الشيخ بريمان الحنيش في وادي ضراء في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري ولم تسعفنا المصادر لمعرفة هذا الشيخ ولكن هناك بعض النصوص التي ذكرت لنا اسم شيخ هذه القبيلة في بداية القرن العاشر الهجري حيث ذكر المؤرخ عبد العزيز بن عمر القرشي في كتابه السابق ج3 ص 183 مانصه:(وفي المحرم سنة 911هـ أرسل السيد بركات ابنه السيد علي وعمه السيد إبراهيم بن بركات في سريه إلى بني خالد عرب اليمن فصبحوهم وقتلوا شيخهم وغيره ومسكوا أخا شيخهم (فاضل) فشنق بأمر الشريف ونهبوا مالهم وتركوا بقية الحلّه وهؤلاء هم غرماء السيد بركات الذين نهبوه قبل ذلك) ولم يورد المؤلف في كتابه هذا قصةً سابقه مع قبيلة بني خالد إلا انه ذكر قصة غزو قبيلة بني خالد على أحد أعمام الشريف بركات في كتابه المخطوط (بلوغ القرى بذيل إتحاف الورى بأخبار أم القرى) في الورقه رقم (146 ب) بما نصه: (وفي أوله "يقصد شهر جماد أول سنة 910 هـ") وصل الخبر إلى مكة بإن جماعةً من عرب بني خالد بيّتوا الشريف إبراهيم بن بركات عم السيد بركات واخذوا جميع مامعه من خيل ونقد يقال انه ألفا دينار وغير ذلك ولم ينج إلا بنفسه) وقال عنهم المؤرخ الكبير محمد العلي العبيد يرحمه الله في كتابه المخطوط (النجم اللامع للنوادر جامع)مانصه: (كانوا بنى الحارث هؤلاء اقل القبائل عدداً وأكثرهم في الكرم والشجاعة وحفظ الجوار والوقوف دون "من" ألتجا إليهم مع الشيمه العليا ولقد سيرت بين القبائل وكنت اعتادهم سنين فلم أجد مثلهم من القبائل إلا قليل لحسن مقابلتهم للضيف ومحافظتهم عليه وعلى ماله الذي معه) ثم قال: (وأما إكرامهم للضيف فحدث ولا حرج وحفظهم للجار وحرصهم على حفظ جواره وكانوا يقدمونه على أنفسهم عند ورود الماء ورعي الكلا، ولقد كنت احفظ لكثير من قبائل البادية هفوات مع من يجاورهم أو يصحبهم في الطريق فقد تحولت بينهم سبع سنين فما اعلم أن احداً ذكر أن رجلاً من بني الحارث خان جاره أو غدر برفيقه في الطريق).
ولعل أهم منازل هذه القبيلة قديماُ نجران وهم ملوكها أما في عصرنا الحديث فهي:
1- الحجاز وتحديداً جنوب شرق الطائف ومناطقهم الآن هي: قـيا وأبو راكه و ميسان والصور وغزايل والجبوب والخياله وشوقب وضراء وبوا والهضبه...إلخ 2- جنوب جزيرة العرب وادي ترج في بيشه. 3- جنوب جزيرة العرب وتحديداً نجران. 4- هناك جزء كبير لايستهان به من بني الحارث استوطنوا في القرنه والدوادمي والوشم وسدير وشقراء والجله وجلعوده والرياض والشرقيه والقصيم وينبع والمدينة المنورة. 5- لهذه القبيلة العريقه وجوداً في العراق واليمن وعمان والإمارات وقطر وبلاد الشام ومن المناطق المشهوره بالعراق منطقة الحارثيه وميسان والناصريه ولعل جزءً من قبيلة الجياشه هاجروا إلى العراق واستوطنوا فيه.
نــســـبـــــــــــــــــهـا
قبيلة بني الحارث هي قبيلة قحطانية الأصل وهم بنو الحارث بن كعب بن عمرو بن عُلَة بن جلد بن مالك (ومالك هم مذحج) بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان فهم من مذحج من كهلان بن سبأ بن قحطان بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح بن مالك بن متوشلخ بن اخنوخ بن اليارد بن مهلائيل بن قينان بن انوشي بن شيث بن آدم عليه السلام.
(ومن بني الحارث في التاريخ القديم)
بنو عبد المدان فهم كانوا شيوخ بني الحارث وكبارهم وهم بنو عبد المدان واسمه عمرو بن الديّان بن قطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن كعب بن الحارث بن كعب ولهم شهرة ومنزله وهم أخوال أبو العباس السفاح أول خلفاء بني العباس.
وهم الذين قال فيهم الشاعر:
ولو أني بليت بهاشمي=خؤولته بنو عبد المداني
لهان علي ما ألقى ولكن=تعالوا فانظروا بمن ابتلاني
الأسباب التي جعلت قبيلة بني الحارث تبني كعبة في نجران
قبل ظهور الإسلام بقرون استولى بني الحارث بن كعب على نجران، وهم ملوك نجران وظهرت في قبيلة بني الحارث أسرة يقال لها بنو عبد المدان وكانوا أهل الحل والعقد في بلاد نجران، وذاع صيتهم وهابتهم العرب .
بقول أحد شعراء العرب لآخر كان يمشي متبختراً:
تلوث عمامةً وتجُر رمحاً=كأنك من عبد المدان الحارثي
وفي هذه دلالة على ما تمتعوا به من شجاعة وفروسية،بل بلغ بهم الإعتداد بأنفسهم أن شيّدوا كعبة أطلقوا عليها "كعبة نجران"، والذي بناها هو عبد المدان بن الديّان الحارثي، وتأسيسها كان على شكل مربع متساوي الأضلاع والأقطار، مرتفعة عن الأرض فلا يصعد إلى سطحها إلا بدرج، وكان الغرض منها منافسة الكعبة الشريفه، شرفها الله تعالى. وبنيت هذه الكعبة بعد موقعة (شيوخ العرب) التي جرت بمقربة من مكة، حيث كانت قبيلة هوازن تحاول أن تطيح بقريش إلا أن قريش استنجدوا ببعض القبائل ،، ومنهم من أبى ،، فأغار عبد المدان على هوازن في جماعة من بني الحارث فهزموا بني عامر: وقال ابن الكلبي: أغار عبد المدان على هوازن يوم السلف في جماعةٍ من بني الحارث بن كعب، وكانت حمته على بني عامر خاصه. فلما التقى القوم حمل على وبر بن معاوية النميري فصرعه، وثنى بطفيل بن مالك فأجره الرمح، وطار به فرسه قرزل فنجا، واستحر القتل في بني عامر، وتبعت خيل بني الحارث من انهزم من بني عامر، وفي هذه الخيل عمير ومعقل وكان من فرسان بني الحارث بن كعب، فلم يزالوا بقية يومهم لا يبقون على شيء إلا أصابوه، وسمّت قريش قبيلة بني الحارث بـ(شيوخ العرب) وقد قال أحد شعراء قريش يصف المعركة:
عفا من سليمى بطن غـولٍ فيذبـل=فغمـرة فيـف الريـح فالمتنخـل
ديار التـي صـاد الفـؤاد دلالهـا=وأغرت بها يوم النوى حين ترحل
فإن تك صدت عن هواي وراعهـا=نـوازل أحـداثٍ وشيـب مجـلـل
فيا رب خيلٍ قـد هديـت بشطبـةٍ= يعارضهـا عبـل الجـزارة هيكـل
سبـوح إذا جـال الحـزام كـأنـها=ذا انجاب عنه النقع في الخيل أجدل
يواغـل جـرداً كالقنـا حارثـيـةٍ=عليها قنـان والحمـاس وزعبـل
معاقلهـم فـي كـل يـومٍ كريهـةٍ=صدور العوالي والصفيح المصقـل
وزغف من الماذي بيـض كأنهـا=نهـا مرتهـا بالعشيـات شمـأل
فما ذر قرن الشمس حتى تلاحقـت=فـوارس يهديهـا عميـر ومعقـل
فجالت على الحي الكلابـي جولـةً=فباكرهم ورد مـن المـوت معجـل
فغادرن وبراً تحجل الطيـر حولـه=ونجـى طفيـلاً في العجاجـة قـرزل
فلم ينج إلا فـارس مـن رجالهـم=يخفف ركضاً خشية الموت أعـزل
والغرض الآخر هو أن بني عبد المدان كانوا يفتخرون بنسبهم وقالوا لما لا تكون لنا كعبة كما أن لقريش كعبة فنحن ذوي نسب شريف ولا يختلف عن قريش. ويأتي من أراد أن يستجد بنا يطوف بها ويطلب ما هو باغ ، فبعد معركة شيوخ العرب زادهم ذلك إصراراً ويذكر كل من بن جريس وياقوت والهمداني أن آل عبد المدان قد بالغوا في تشييدها فجاءت على هيئة قبة من أدم من ثلاثمائة جلد، وكانت جدرانها وسقفها مطعمة بالفسيفساء والذهب، كما أنهم اختاروا لبنائها موقعاً متميزاً على واد يغص بالأشجار والرياض، وتذكر بعض المصادر أن المؤرخ بطليموس قال أن مكانها كان بالقرب من نهر عظيم أسماه (لار) وهذا النهر يصب في الخليج العربي (خليج فارس "سابقاً") وقد جفت منابعه. وقد كان هذا النهر في حماية بني الحارث بن كعب ويذكر المستشرق بطليموس أن نجران كانت تحوي الكثير من الغابات وأوضح في كتابة أنها جنة الله على أرضه وكانت معظم قبائل العرب تطمع في ضمها إلا أن اصطدامها بقبيلة بني الحارث كان الحاجز الشائك، وكانت بعض قبائل العرب تشد إليها الرحال في الأشهر الحرم، وقد اصطنع آل عبد المدان لاإبنائهم هذا هيبه ومنزلةً رفيعة فأطلقوا عليها " كعبة نجران" وكان لا يأتي إليها الخائف إلا ويعطى الأمان ولا طالب حاجة إلا وتقضى حاجته، ولا مسترفد إلا ويرُفد. وللشاعر الأعشى صلة بآل عبد المدان فكان يزورهم في السنة مرة أو مرتين فيقيم عندهم بعض الوقت ويجالسهم ويمدحهم ويثني عليهم .ومن شعره:
وكعبة نـــــــجران حتمٌ عليـــــــــك=حتى تُناخي بـــــــــأبوابـــــــها
تزور يزيداً بن عبد الــــــــــــمدان=وقيساً هـــــــم خير أربـــــابها
وشاهِدنا الورد والــــــياسميـــــن=والمسْمعــات بـــقصَّــــــــابهـــا
وبُربطـــــــــنا دائــــــم مُعْـــــــــمِل=فأي الـــــــــثلاثة أزرى بـــــهــا
إذا الحِـــــــــبرات تَــــــلَـــوث بهم=وجَــــــــرُّوا أســـــافل هُـــدّابها
ومما يوحي ويدل على كرم آل عبد المدان بن الحارث بن كعب، وكذلك التزامهم بتلبية من يلجأ إليهم، وما ذكرته المصادر من أن رجلاً من ثمالة قد جاور عبدالله بن الصمة، فهلك عبدالله، وأقام الرجل في جوار أخيه دريد، وأغار أنس بن مدركة الخثعمي على بني جشم فأصاب مال الثمالي وجيران لدريد آخرين، فتراخى دريد عن طلب القوم لاشتغاله بحرب من يليه، ولما ألحّ عليه جاره قال دريد: أمهلني عامي هذا، وخرج مرة فسمع دريد الرجل الثمالي يقول :
دع الخيل والسُمْرَ الطّوال لخثعم=فما أنت والرمح الطويل وما الفرس
وما أنت والغزو الـــــمُتَابع للعِدَا=وهمُّك سَوْقُ العوذِ والدَّلو والمُرْسُ
ولم ينته دريد من سماع هذه الأبيات إلا وأصبح قلقاً لا يهدأ له بال حتى يسترد ما سُلب من جاره، ثم شاور ذوي الرأي من قومه فقالوا له: إرحل إلى يزيد بن عبد المدان، وأطلبه في رد ما سلب أنس بن مدرك الخثعمي .فقال دريد: سأبعث أحد يمدحه ثم أنظر مكانتي من الرجل:
ثم أنشد أبيات وبعثها إلى يزيد بن عبد المدان الحارثي:
بني الديـّـــــان ردُّوا مال جاري=وأَسرى في كبولهم الثقالي
وردُّوا السبي إن شئتم بمَــــــنٍّ=وإن شئتم مفــــادات بــمـالِ
فأنتم أهلُ عائذةٍ وفضــــــــــــل=وأيدي في مواهبكم طـــوالِ
متى مـــــا تمنَعوا شيئاً فليست=حبائِلُ أخذِهِ غــــــيرُ السؤالِ
فآوْلوني بني الديَّان خيــــــــراً=أُقرُّ لكم بــــــه أُخرى الليالي
ولما بلغ الشعر يزيد قال: وجب حق الرجل، فسار إليه دريد وأكرمه وأعطاه مطلبه .وقد مدح دريد يزيد بأبيات أخرى ومن هذه الأبيات:
مدحت يزيدً بن عبد المدان=فأكرم بــــــــه من فتى ممتدح
حًلًلت به دون أصحـــــــابه=فأَروى زِنــــــَادي لمّا قـــــدَح
وأريد أن أشير بأن دريد كانت علاقاتهم ببني الحارث متوترة،،ففي أحد المرات قبل هذه القصيدة كان دريد يتوعد بنجران،،لكن ما لبث إلا وأن بني الحارث على رأسهم يزيد بن عبد المدان هاجموا قبيلته ولحسن حظه لم يجدوه فقتلوا أخاه خالداً،،وتركوا له قصيدةٍ يقولون فيها:
نبئـت أن دريـداً ظـل معترضـاً=يهدي الوعيد إلى نجران من حضن
كالكلب يعوي إلى بيـداء مقفـرةٍ=من ذا يواعدنا بالحرب لـم يحـن
إن تلق حي بنـي الديـّان تلقهـم=شم الأنوف إليهـم عـزة اليمـن
ما كان في الناس للديّان من شبـهٍ=إلا رعـيـنٌ وإلا آل ذي يــزن
أغمض جفونك عما لسـت نائلـه=نحن الذين سبقنا النـاس بالدمـن
نحن الذين تركنـا خالـداً عطبـاً=وسط العجاج كأن المرء لـم يكـن
إن تهجنا تهج أنجـاداً شرامحـةً=بيض الوجوه مرافيداً على الزمـن
أورى زيـادٌ لنـا زنـداً ووالدنـا=عبد المـدان وأورى زنـده قطـن
ولكن سرعان ما أدرك دريد بخطورة ما هو مقدم عليه فأرسل قصيدةٍ يقول فيها:
يابني الحارث أنتـم معشـرٌ=زندكم وارٍ في الحرب بهـم
ولكـم خيـلٌ عليهـا فتيـةٌ=كأسود الغاب يحمين الأجـم
ليس في الأرض قبيلٌ مثلكم=حين يرفض العدا غير جشم
وكما أسلفت حسنة علاقة بني الحارث بدريد بعد إستنجاد دريد بيزيد بن عبد المدان بن الديّان و إعادة بن عبد المدان لإبل الثمالي الذي إستجار بدريد وعادت المياه لمجاريها.
كعبة نجران في كتابات الرحالة الغربيين
كعبة نجران بين الوثنية والأيمان
الكثير منا قد قراء وعلم عن كعبة نجران سواء من خبر متوارث أو مايكتب هنا وهناك إلا انّ ماقد تسمعه ومايفهمه الكثير هو قول متفاوت في أن تكون تلك هي الكعبة, إنما بناها بني الحارث من باب الأنفه والتفاخر بقوتهم تحدوهم عقيدتهم الوثنية والذي يتعارض مع قول أنهم كانوا شهداء الأخدود ومالكعبة إلا من بعد حادثة الأخدود التي جاء ذكرها بالقرآن الكريم مبيناً إيمان أهلها وتضحياتهم بحياتهم تمسكاً بعقيدتهم النصرانيه, ايضاً مانراه من تزعم البعض لتغيير التاريخ في هذا الزمن بتغيير الأماكن والأحداث ناقلين الأخدود للشام فمن هنا أردت ان أبين بعض القول الذي يؤكد صدق إيمان بني الحارث وماكانت الكعبه إلا كنيسةٍ بناءها يشبه الكعبة (شرفها الله) بعد حادثة الأخدود وبعد ان هبّوا النصارى لنصرة أهل نجران على اليهود وكتشريف لهذه المنطقة وتضيحات أهلها قاموا بني الحارث برئاسة عبدالمدان ببناء كنيسة تشبه الكعبة ولم يبخل كل ملوك النصرانيه بدعمها وإجلالها حتى أصبحت وجهة لكل النصارى في حينها سواء في الجزيرة العربية كبني خثعم وبني تميم وأهل اليمن وكذلك أهل الحبشه وهذا مايذكره النصارى أنفسهم في كتاب (النصرانية وآدابها بين العرب في الجاهلية) لمؤلفه (لويس شيخو).
(الحارث بن كعب) قبيلة يمنية كبيرة تنتسب إلى مذحج إلى كهلان احتلت نجران ونواحيها وتنصرت وحسنت نصرانيتها ويظهر أن الحارث بن كعب جد هذه القبيلة مات نصرانياً فإننا قد وجدنا في النسخة الخطية من التذكرة الحمدونية (Ms.berlin, ablwardt, nos 8359 et60ff.I7) (أوصى الحارث بن كعب ابناءه حينما حضرته الوفاه: يابني قد أتت علي ستون ومائة عام سنه ماصافحت يميني يمين غدار, ولا قنعت نفسي بخِلة فاجر, ولا صوت بإبنةِ عم ولا كِنه ولاطُرِحَت عندي مومِسٌ قناعها, ولا بحت لصديق بسر, وإني لعلى دين النبي شعيب"عليه السلام", وماعليه أحداً من العرب غيري وغير أسد بن خزيمة, وتميم بن مرفا, فاحفظوا وصيتي وموتوا على شريعةِ إلهكم يصلح لكم أعمالكم وأياكم والمعصية لئلا يحل بكم الدمار وتوحش منكم الديار إن لزوم الخطيه تعقب البليه),وكانت نجران تحت حكم بني الحارث لما قصدها ذو نواس ملك حمير اليهودي فافتتحها وامتحن أهلها بأخاديد النار فمات منهم عدد دثر مفضلين الموت الأحمر على جحود الدين، وبعد ظفر الحبش بذي نواس عاد بنو الحارث بن كعب إلى أمرة نجران وكان من أشرافهم بنو عبد المدان بن الديان الذي شيدوا كعبة نجران وكنيستها المعروفة بالقليس التي أفاض الكتبة في وصف محاسنها, من هنا وبعد انشاء الكعبة لم يتوانا ملوك الحبشه من دعم هذه الكنيسه وبين ذلك المؤلف (لويس شيخو) بقوله:
(لا غرو أن النصرانية في مدة ملك الحبشه على اليمن بلغت أقصى النجاح والتقدم, لنا على ذلك شواهد تاريخية عديدة وكان أول ما بشر به الحبشه أن جعلوا نجران كقبلة الدين النصراني بعد أن اصطبغت بدماء أهلها الشهداء فأقاموا فيها مزاراً كان العرب يقصدونه من كل صوب وكانوا أنفقوا عليه القناطر المقنطرة ليزينوه بأنواع الحلي, وهذا المزار قد شاع ذكره عند العرب فدعوه "كعبة نجران" أو "كعبة اليمن" وضربوا بحسنة المثل وإليه أشار الأعشى في بعض أبياته حيث قال موجه إلى ناقته هذه الأبيات):
وكعبة نجران حتم عليك=حتى تناخي بأبوابها
تزور يزيداً بن عبدالمدان=وقيساً هم خير أربابها
وشاهِدنا الورد والياسمين=والمسمعات بقصّابها
ويربطنا دائم مُعمِل=فأي الثلاثة أزرى بها
إذا الحِبرات تلوث بهم=وجرّوا أسافل أهدابها
يريد بني عبد المدان الذين كانوا يتولون أمرها وهم من أعيان بني الحارث بن كعب وأعرق الناس في النصرانية. وممن طبقت أخباره أقاصي العرب في ذلك الوقت خطيب مصقع ضربت العرب المثل في بلاغته نريد القس بن ساعدة أسقف نجران وقد جمعنا في شعراء النصرانية صفحة (211- 219) مارواه الكتبة العرب عنه وعن يزيد بن عبد المدان الحارثي صفحة (80 - 88) إلى ان يبين شعراً مايبرهن صدق إيمانهم وعقيدتهم وقتها حيث قال مانصه: (ومما رأيناه في مكتبة قديمة في حلب أحد المخططات منسوباً إلى شاعر من بني الحارث الأبيات الآتية المشيرة إلى دينهم القويم):
ألا أننا مـن معشـر سبقـت لهـم=أيادي من الحسنى فعرفوا من الجهلِ
ولم ينظروا يوماً إلى ذات محـرم=ٍولا عرفوا إلا التقيـة فـي الفعـل
وفينا من التوحيـد والعقـل شاهـدٌ=عرفناه والتوحيـد يعـرف بالعقـل
نعاينٌ من فـوق السمـاوات كلهـا=معاينة الأشخاص بالجوهر المجلي
ونعلم ما كنـا ومـن أيـن بدؤنـا=وما نحن بالتصوير في عالم الشكل
وإنَّا وإن كنّا على مركبـة الثـرى=فأرماحنا في عالم النـور تستعلـي
وما صعـدت لـم تختبـره وإنَّمـا=رأت ذاتها بالنور في العالم العقلـي
فلم ترض بالدنيـا مقامـاً فأثـرت=حقيقة ممثولٍ وجلَّـت عـن المثـل
شعر الأعشى قال يمدح يزيد وعبد المدان بني الديان وقيل يمدح السيد والعاقب اسقفي نجران (ياقوت3- 438):
ألا سيدي نجران لا يوصينكمـا=بنجران فيما ناجـا واعتراكمـا
فإن تفعلا خيـراً وترتديـا بـه=فانكمـا أهـلٌ لـذاك كلاكمـا
وإن تكفيا نجران أمرَ عظيمـةٍ=فقبلكمـا مـا سادهـا أبواكمـا
وإن احبلتْ صهيونُ يوماً عليكما=فإنَّ رحا الحرب الدكوكِ رحاكما
(ص60 س7 ذو نواس واضطهاده لنصارى نجران) راجع أيضاً أخباره في تاريخ مكة للأزرقي (ص86) وقد ورد الخبر في القصيدة الحميرية على هذه الصورة:
أو ذو نـؤاسٍ الأخـدود فـي=نجرانَ لم يخشَ احتمال جنـاحِ
ألقى النصارى في جحيمِ أججت=بوقـودِ جمـرِ مضـرم لفَّـاحِ
فتقحَّم البحـرَ العميـق بنفسـه=وسلاحـهِ وجـوادهِ السـبَّـاح
فغدا طعاماً بعـد عـز بـاذجٍ=للحوتِ من نونٍ ومن تمسـاحِ
الطريق إلى كعبة نجران من كتاب (مرتفعات الجزيرة العربية) (الجزء الأول) تأليف: (جون فيلبي) هاري سانت جون فيلبي ومن ضمن ماقاله عن كعبة نجران:
قد يكون عرض وادي حبونا -وهو مميز عن مجرى السيل المؤثر- أكثر من الميل الواحد غير انه من الصعب تحديد الموقع, على الجانب البعيد الذي يختفي منه الوادي بلا حس في السهل الرملي المستوي. كان سيرنا جيداً في كل الوادي والسهل الذي يكون جزء منه فوق رمال ثابته وجزء آخر فوق مساحات من الحصى (رقه) وتتخللها من فتره لآخرى هضبات رمليه صغيره ربما معلمه آثار مساحات قديمة لمجرى السيل, وتحيد بها حنبات الطلح والعبال. قطعنا مسافه ستة اميال فوق هذا الضرب من سهول الأودية إلى ان وصلنا إلى تلال على الجانب البعيد وتوقفنا عندها على ممر يقع بين سلسلتين منخفضتين من جرانيت أسود وبازلت. كانت هذه السلاسل, إلى اليسار, تتكون من المختلف, وحليث, وضبع, بهذا الترتيب تجاه الجنوب بينما برزت تلال أكلب قارورية الشكل. إلى البعيد, في الصحراء العظيمه ناحية الجنوب الشرقي وعلى يسارها حمير وسلسلة حميقه المنخفضه إلى اليمين. يسمى السهل المغطى بالشجرات الخفيفه والذي يمتد من عند الجانب الأيمن لوادي حبونا تجاه أكلب بإسم جذيم . كانت سلسلة حضب غير واضحه تقع بعيداً ناحية الجنوب مكونه الجانب الأيسر لسفح منخفض لوادي نجران وقفت عن قرب, وعلى الجانب البعيد لسهل جذيم سلسلة تصلال (1) والتي كانت هدفنا الفوري اثناء عبورنا لسهل درة الداخلي, الممتلىء بعشب النصي الوافر, الجاف, في اتجاه الجنوب وعلى امتداد طريق السيارت الواضح الذي ظل محاذياً للحافة الشرقية للتلال, وصلنا إلى بئر تسمى برق الدره, بعد ان قطعنا مسافة عشرة اميال منذ مغادرتنا الحصينيه. كان بارزاً في السهل والذي من عنده استطعنا ان نرى كل مواقع أكلب (خمسه أو عشرة منها) في الصحراء. يتجه طريق نجران من هذا الموقع ناحية الجنوب الغربي مطوقاً التلال إلى قمه تسمى شعثه, والتي من عندها يميل تدريجياً إلى اليمين ويدخل وادي نجرا ن. تقع تصلال, وهي سلسلة معتبره كما تشاهد في هذا المكان, ناحية الجنوب الشرقي عبر سهل الدره وجذيم. قيل لنا ان وداي نجران ينساب ماراً ببئر الخضراء وعلى امتداد سفح خصيب يعبر بين تلال نويدرة ورويكبه إلى الصحراء, ماراً بأقصى قطعةٍ جنوبيه من نقاط أكلب. ويقال ان مجراه الممتلىء بالغطاء النباتي الرمادي الأخضر والمكون من الحمض والطرفاء......إلخ, يمكن مشاهدتها من مسافه تصل إلى (50) ميلاً إلى الشرق من الخضراء ثم يذوب بعد ذلك في الرمال العظيمه. أمكننا رؤيه سلسلة برك المنخفضه في بطن وادي نجران أعلى من بئر الخضراء, تجاه الجنوب الغربي من برق الدره, وكذلك رؤيه العديد من التلال الآخرى على الجانب البعيد من الوادي يقول مثل سائر عن برك (اذا جاك الحيا فارفع الصوت واعلن من رأس برك منادي) استطيع ان أرى تل تنصب الداكن البعض يسميه خطأ جبل صله (سله) إلى البعيد في الصحراء, عند الطرف الشرقي لتصلال, ويعتبرأقصى بقعه شرقيه للحدود اليمنية السعودية, وقد تم تعليمه قبل سنتين من زيارتي, بواسطة لجنه حدود مشتركه, والتي لم تقم بالفعل من بزياره تنصاب لتتوج راسه بركام من الحجاره. كان الخط الحدودي الفعلي هو الوسط الباهت الممتلىء بالرمال لوادي سله, الذي يمر بين تنصاب على جانب الوادي الأيمن والهضبتين الصغيرتين اللتان تسميان ابرقين, وقد برز رأسهما فقط خارج الرمل الرهيب. يبدو ان وادي سله ماهو إلا الإمتداد الصحراوي لوادي الفرعه, وهو الوادي التالي ناحية الجنوب من نجران. لايوجد مايمكن رؤيته إلى الشرق من الشريط الذي يربط بين حبونا وضبع, وحامر, وأكلب, وتنصاب -اللهم ألا قفار لا نهاية لها- وهو الإمتداد الميت الميتوي للربع الخالي. وصلنا إلى الطرف الشرقي من تصلال بعد قيادةٍ سريعه وجيّده لمسافة اربعة اميال عبر سهل الدره, الذي يندمج هنا في جذيم بما عليه من شجيرات خفيضه وهضباتٍ رمليه عليها شجيرات الأراك. يتخذ سهل جذيم, الذي يمتد من وادي نجران مظهراً يدل على انه جزء لايتجزاء من دلتا الأخير, وربما يكون هذا هو الحال. تنهي صخرة تصلال تجاه الشرق عند جدار عمودي ارتفاعه حوالي (150) إلى (200) قدم ويبلغ طوله مايربو على ربع ميل. يتجه الصخر إلى الخلف من عند نهايته الجنوبيه وهي اقل اعتدالاً وأكثر مصادمه, وفي اتجاه جنوب غربي ولمسافة (200) يارده, وصلنا إلى مقبرة معتبره عند نهاية هذا الجانب كانت تحتوي على قبور عديده مبنيه من بلكات جرانيتيه غير مشذبه. ارتفع البناء الفوقي لأكبر القبور إلى ثلاثه اقدام وقياسه حوالي الخطوتين, ومشتملاً على طبقات عديده من حجاره, بينما كانت بقية القبور منخفضه, وكان بعضها بيضاوياً, والآخر مستطيلاً وكان اسلوب البناء واحداً. كان وضع المقبره وكل القبور التي تحتوي عليها عند زاوية (255) درجه إلى (75) درجه في اتجاه وجه الصخره, وبدأ القبر الرئيس كأنه المركزي من بين مجموعه من تسعة قبور هو الأقرب منها إلى الصخره عدا ان قبراً مربعاً صغيراً وآخر مستديراً, قد تعارض بينه وبين قاعدة الصخره, بينما برز اثنان آخران. كان عدد القبور في الإجمالي في هذه المقبره, حوالي (30) قبراً والتي تواصلت بعد مسافةٍ خاليه تقدر بـ(25) قدماً مع مقبرةٍ اخرى, تحتوي على (50) قبراً في الترتيب والاتجاه نفسه, وهي قبور لها الشكل العام نفسه كالبقيه, غير أنها أقل طموحاً ومواجهه للصخره انتهى هذا عند الزاويه الجنوبيه الغربيه للصخره, والتي يمتد سطحها الآن تجاه الشمال الغربي مسافة (130) يارده إلى حيث توجد اكثر السمات اثاره ولفتاً للنظر في تل تصلال. وفجأه وجدنا انفسنا في مواجهه مايمكن ان نعده (الطريق الموكبي) او بالطريق الجنائزي. كانت قمتاه المستدقتان منحنيتين على قاعدة الصخره على كلا الطرفين في شبه دائره ذات قطر يقارب (174) خطوه (قل 145) يارده. يجري المطاف (الطريق الموكبي) على الحافة الخارجيه لشبه الدائره كانت معلمه ببلكات متوسطة الحجم او صغيره من حجارة موضوعه على جانب الممشى, الذي كان عرضه اربع خطوات في المتوسط , غير نها, هنا وهناك قد اختل ترتيبها بسبب السيول او بفعل الأنسان كان الشكل العام للطريق الموكبي, على اية حال, واضحاً بما فيه الكفايه يوجد عند طرفه الغربي وعلى مسافة (25) خطوه (قل 20يارده) من عند قاعدة التل, مساحه مستطيله تقريباً, طولها ثلاث وتصف خطوه على خط اتجاه شرق غرب, وخمس خطوات اتجاه شمال جنوب. وكانت محاطه ببلوكات حجريه بدأ هذا وكأنه مكان محجوز او غرفه خاصه او قد يكون معبداً. غلى الرغم من انه لايوجد دليل على انه كانت هناك مباني من اي نوع. قد تكون هذه السمه هي النهاية الطرفيه للقمه المستدقه الغربيه (للطريق الموكبي) والذي كانت قمته المستدقه الشرقيه متناثره بسبب الصخور المتساقطه وآثار تشويش اخرى عليها, مما لم يدعم قناعتي باحتمال وجود (غرفه) مماثله اخرى عند تلك النهاية. لاحظت على اية حال في حينها, ان هناك مساحه محجوزه او حجره متطابقه عند هذا الطرف ايضاً. وداخل شبه دائره مساحتها (5×3) خطوات. علماً بإن الحجاره المكونه للشكل العام قد اختل ترتيبها بشكل كبير. لاحظت على اية حال من عند (الغرفه) الاخرى انه وعلى بعد مسافة (50) خطوه من نقطة الملاحظه والتي تكون زاويتها شمال غرب تمس طرف الطريق على خط يجري شرق الجنوب الشرقي, ويكون بذلك, موازياً تماماً لقاعدة التل, كان هناك جلمود ضخم ارتفاعه تسعة اقدام , وطوله اربع خطوات ونصف وعرضه خطوتان وطرفه الشمالي يبعد (38) خطوه من عند قاعدة التل. ويقع من حوله, على الجانب الغربي, وعلى النصفين الغربيين للجانبين الشمالي والجنوبي ولكن ليس على الاجزاء الشرقيه اطلاقاً شريط ضيق من صخور صغيره غير مشذبه. لم يعد لدي اي شكوك بانني حقيقةٍ قد اكتشفت كعبة نجران المفقوده منذ القديم وبها نصف المطاف. ان الصور التي التقطت في ذلك الوقت تؤكد هذه الصفه للمنظر, وفي احد هذه الصور يبدو من المؤكد ان وجه جلمود الكعبة قد كان يحمل في تلك الازمان القديمه, شكلاً مرسوماً او منحوتاً ًبصوره بسيطه لاإلههما. والذي ربما كان هو ماقد لاحظته في حينها كضرب من لون متغير على سطح الصخره توجد ثلاث كعبات معروفه للعرب ايام الوثنية القديمه, قبل ظهور الاسلام كعبة مكه وهي اعظم الثلاثه وكعبة صنعاء, قيل انها لاتزال موجوده في مسجد غمدان غير اني لم اسمع تأكيداً لهذا من شاهد عيان ذي صلاحيه وسلطه واخيراً كعبة نجران التي اكتشفتها انا في 25 يونيو 1936م. ذكرت ببعض الجهات الرسميه كعبة رابعه قيل هي ذو الخلصه التي تحدثت عنها مسبقاً في موضوع زيارتي لخميس مشيط , وبلا شك بإن وجود كعبه والطواف حولها كانت ظاهره شائعه في الحضارات العربية الوثنية القديمه, على انه لم تهدم اي من البنايات التي اقيمت لتضاهي الكعبة المشرفه مثل (القليس في اليمن) والتي سبقت الإسلام للقيام بدورها في الطقوس الدينيه عدا الكعبة المشرفه في البيت الحرام بمكة المكرمة, والتي يعود تاريخها إلى النبي ابراهيم, يجري سطح تصلال, من عند قمة الجبل المستدقه المتجهه جنوبي غربي لطريق الاحتفال, الذي كان محيطه حسب قراءة عداد سيارتي, (200) متر على زاويه (300) درجه لمسافة (500) يارده, ثم يدور على زاويه (345)درجه لمسافة (100) يارده حتى يصل المرء بعدها إلى علامات اساس معقده وبارزه وغريبه, والتي قد تكون قبوراً او مخططات لغرف المعبد. والتي يقود اليها ممشى معبد او مخطط على جانب التل, الذي يترفرف في تتابع من درجات سلم عريضه على الجانب الغربي من عند القمه الى حيث توجد مساحه مستديره عند مستوى اقل, ومنها يجري الممشى العبد عند زاويه (295) درجه إلى مسافة (59) خطوة إلى وسط مجمع الغرف او مهما كان المقصود منها التي قد ذكرت اعلاه. كان الاتجاه من عند الممشى الرملي الأسفل إلى القمه بزاوية 124 درجه وكانت المسافه تزيد عن نصف الميل. يقع الطرف الشرقي لسلسله تصلال على مسافة نصف الميل. وبذلك تكون المسافه الكليه ميلاً واحداً,عند زاوية (50) درجه يحمل جزء آخر خارجي للسلسله هذا الممشى الاخير عند زاويه 300 درجه مسافة ربع ميل, يبدأ مجمع الدوائر من قاعدة هذا الجزء من السلسله ويطل من اتجاه الغرب تقريباً. توجد عند قاعدة التل دائره, من تسع بلكات من الحجاره, قطرها اربع خطوات وتحيط بحجر واحد كبير في مركزها. يأتي في ناحية الغرب من هذه فجوة مسافتها عشر خطوات معترضه وفاصله لها من صف مزدوج من الحجاره طوله اربعة عشر خطوة وغالباً مايكون ممشى يقود غرباً إلى دائره اخرى, معلمه بحجاره وقطرها ثلاث خطوات. تفصل فجوه مسافتها ثلاث خطوات هذه الدائره من (غرفه) مستطيله ذات ثلاث جوانب معلمه ذات اما الجانب الرابع فهو مكشوف. كانت أبعادها خطوه واحده تجاه الشمال والجنوب, وثماني خطوات تجاه الشرق والغرب. وتقع إلى الجنوب من هذه دائره اخرى, معلمه بلانظام بحجاره صغيره وقطرها خطوتان. تنفصل, اخيراً, الدائره الوسطى في الصف الشمالى بفجوه طولها سبعة عشر خطوه عن دائرة اخرى قطرها ثلاث خطوات على اتجاه (115) درجه في خط مستقيم تماماً مع الممشى المعبد الذي ذكرناه سابقاً والذي ينفصل عنها بدرب جمال حديث, توجد على الجانب الشمالي للممشى المعبد دائره اخرى من الحجاره, قطرها ثلاث خطوات, تقع قريباً من درب الجمال, وغرفه اخرى ثلاثية الجوانب يبلغ طولها اربع خطوات ومكشوفه تجاه الشمال الشرقي, وقريبه منها من جهة الجنوب الشرقي. اعترف انني لم اتمكن من تكوين أيه تخمين لمعنى هذه البقايا الغريبه لاحتفالات قديمه او معرفة الغرض منها. كانت قمة تصلال مكونه من صخور شبيه بقرص العسل ذات احواض طبيعيه ممتلئه بالمياه لعدة اشهر بعد موسم امطار جيد, وربما قد استخدمت موقعا لذبح القرابين (المكان العالي) او معبد, غير انني لم اجد من العلامات مايدعم هذا الاستخدام, كان ارتفاعها (300) قدم فوق مستوى سطح السهل المجاور وسيطرت على منظر ممتاز من كل الجهات بما في ذلك الطريق شبه الدائري والمقبره ومعالم تذكاريه اخرى تقع العان سفح السلسله لا يمكن رؤية واحة نجران الفعليه, غير ان مجرى الوادي من عند مضيق العان ازلم, الذي يخرج من خلاله ,إلى ان يدخل الدلتا إلى أسفل, عبر برك والخضراء إلى الصحراء, فقد كان واضحاً. ان تصلال مكان يتحاشاه الناس الذين يؤمنون بالخرافات في هذه الأجزاء, خاصه اثناء الليل وقد انزعج دليلي حسن الذي صحبني من الحصينيه وذلك حينما طلبت منه ان يقف إلى جوار القبر الكبير في المقبره لالتقاط صوره فوتوغرافيه له.
هذا ماقاله المستشرق بطليموس
أن نجران كانت تحوي الكثير من الغابات وأوضح في كتابة أنها جنة الله على أرضه وكانت معظم قبائل العرب تطمع في ضمها إلا أن اصطدامها بقبيلة بني الحارث كان الحاجز الشائك، وكانت بعض قبائل العرب تشد إليها الرحال في الأشهر الحرم، وقد اصطنع آل عبد المدان لاإبنائهم هذا هيبه ومنزلةً رفيعة فأطلقوا عليها" كعبة نجران" وكان لا يأتي إليها الخائف إلا ويعطى الأمان ولا طالب حاجة إلا وتقضى حاجته، ولا مسترفد إلا ويرُفد.
(جـمـرة العــرب) (مـلـوك العــرب) (شـيـوخ العــرب) (أهـل الســــــيادة )
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
اخواني الكرام اكتب لكم في هذا الموضوع المهم والذي يخص قبيلة من أعرق القبائل العربية
نسباً وعمقاً في الأصالة ورسوخاً في التاريخ. آلا وهي قبيلة بني الحارث المشهورة والمعروفة اليوم في أغلب مناطق الجزيرة العربية.
مـقـدمـه:
جاء في لسان العرب الحرث والحراثه: العمل في الأرض زرعاً كان أو غرساً, وقد يكون الحرث نفس الزرع, وبه فسّر الزجاجُ قوله تعالى: (أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته).
حرث يحرث حرثاً.والحرث: الكسب, والفعل كالفعل, والمصدر كالمصدر, وهو أيضاً الإحتراث.
واحْتَرَثَ المالَ: كَسَبه؛ والإِنسانُ لا يخلو من الكَسْب طبعاً. وأبو الحارث: كنية الأسد. وقولهم بني الحارث لبني الحارث بن كعب (لسان العرب).
بني الحارث وواحدهم: حارثي ويقال له: الحارثي.
إليكم ماقاله الشيخ حمد الجاسر عن مسمى بني الحارث
اسم (بني الحارث) يطلق على قبائل كثيرة،لأنه من الأسماء المألوفة قديماً عند العرب على ماورد في الأثر (أحب الأسماء الى الله عبدالله وعبدالرحمن ،وأصدقها حارث وهمام ،وأقبحها حرب ومرة). وقد تسهل كلمة (بني) فيستعاض عنها ب(الباء) فيقال: بلحارث وبلعنبر وبلهجيم, وهذه لغةً فصيحة معروفة قال في (تاج العروس): بلقين، كما قالوا: بلحارث وبلهجيم وأصله بنو القين وبنو الحارث, وبنو الهجيم, وهو من شواذ التخفيف، قال ابن الجواني: العرب تعتمد ذلك فيما ظهر في واحده النطق بالأم مثل الحارث والخزرج والعجلان، ولا يقولون فيما لم تظهر لأمة، لذلك لايقولون: بلنجار في بني النجار لأن الأم لاتظهر في النطق بالنجار فلا تجوزه العربية.
و تجد عدد من القبائل العربية تدعى بني الحارث أو بلحارث. فهناك قبيلة بني الحارث الأشراف وهم أبناء محمد الحارث بن الحسن بن محمد أبو نمي الثاني بن بركات بن محمد بن بركات بن الحسن إلى أن يصل نسبهم إلى علي بن ابي طالب رضي الله عنه و يسكنون في ضواحي مكة والخرمه.وهناك قبيلة بلحارث في نجران وهم يرجعون إلى الأزد إلى الحارث بن كعب.وهناك قبيلة بني الحارث بالمدينة المنورة وهم يعودون إلى الأوس والخزرج.و قبيلة بني الحارث تسكن في سراة الحجاز ووادي ترج و هي من قبائل الأزد القحطانية و قبيلة الأزد تفرع منها عدة قبائل أشهرها قبيلة غامد و زهران.
ما جاء من ذكر لقبيلة بني الحارث في بعض الكتب التاريخية
قال في نهاية الأرب: ومن بني الحارث من يسكنون شرق الطائف في ناحية الجنوب، وهم بنو الحارث ، وفي قومهم الحماسة، والحماسة في اللغة الشجاعة .وذكر الشيخ محمد البسام التميمي النجدي صاحب كتاب الدرر المفاخر في أخبار العرب الأواخر المتوفى سنة1246هـ أثناء و صفه لقبائل الحجاز ما نصه: (ومنهم المسمون "ناصره" ذوو الهبات الزاهرة، والمحامد الفاخرة المهتدى بهم الحائر والمزور عنهم الجائر، السامون مجداً وفخراً، والسابقون دنيا وآخرة، حداد السيوف، طوال الرماح، شمام الأنوف، اهل السماح سقمانهم ألفان وخيلهم ثلاثمائة وثلاثون، وأسلحتهم البنادق الصائبة، وسيوفهم الغالية ورماحهم الردينية تحملها أكف الأوليات والأدينة). (عرب الحنيش) هو لقب قديم لقبيلة ناصره من بني الحارث وسمّيوا بعرب الحنيش لأن أميرهم بريمان الحنيش وقد ذكرهم المؤلف عبد العزيز بن عمر القرشي في كتابه (غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام ) ج 2 ص 530 حيث قال مانصه: (وفي شوال سنة 882 هـ توجه الشريف محمد بن بركات هو وعسكره إلى الشرق لغزو الحنيش فصبّح جماعته وقتل رجلين واسر رجلاً أو أكثر وغنم شياهاً وإبلاً كثيره , وعاد من قرب) وله نص آخر أكثر توضيحاً في ج 3 ص 63 حيث قال: (وفي صفر سنة 888 هـ بقصد غزو الحنيش بالشرق وهم فخذ من ناصره بني الحارث) الشيخ بريمان الحنيش هو شيخ قبيلة ناصره في نهاية القرن التاسع الهجري حيث ذكره المؤرخ عبد العزيز بن عمر القرشي في كتابه السابق ج 3 ص 63 حيث قال مانصه:( وفي صفر سنة 888 هـ وصل مكة الشريف بركات ومعه بعض إخوانه وجمع كثير من العسكر والأعراب بقصد غزو الحنيش بالشرق - وهم فخذ من ناصره بني الحارث - واسم شيخهم بريمان, فإنه سمع أنهم بالوطاه ( يقصد بأنهم نزلوا من الجبال إلى الأرض المستويه) فذهبوا إليهم فظفروا بفريقين إلا فريقاً للحنيش هو فيهم نجوا وغنموا الآخرين وقتلوا جماعه ونهبوا حلة الفريقين وغنموا إبلاً وأشياء كثيراً وتقاسموا ذلك, وعادوا إلى مكة) الشيخ صالح بن سرحان المخلدي هو شيخ قبيلة بني خالد الذي قتله الشيخ بريمان الحنيش في وادي ضراء في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري ولم تسعفنا المصادر لمعرفة هذا الشيخ ولكن هناك بعض النصوص التي ذكرت لنا اسم شيخ هذه القبيلة في بداية القرن العاشر الهجري حيث ذكر المؤرخ عبد العزيز بن عمر القرشي في كتابه السابق ج3 ص 183 مانصه:(وفي المحرم سنة 911هـ أرسل السيد بركات ابنه السيد علي وعمه السيد إبراهيم بن بركات في سريه إلى بني خالد عرب اليمن فصبحوهم وقتلوا شيخهم وغيره ومسكوا أخا شيخهم (فاضل) فشنق بأمر الشريف ونهبوا مالهم وتركوا بقية الحلّه وهؤلاء هم غرماء السيد بركات الذين نهبوه قبل ذلك) ولم يورد المؤلف في كتابه هذا قصةً سابقه مع قبيلة بني خالد إلا انه ذكر قصة غزو قبيلة بني خالد على أحد أعمام الشريف بركات في كتابه المخطوط (بلوغ القرى بذيل إتحاف الورى بأخبار أم القرى) في الورقه رقم (146 ب) بما نصه: (وفي أوله "يقصد شهر جماد أول سنة 910 هـ") وصل الخبر إلى مكة بإن جماعةً من عرب بني خالد بيّتوا الشريف إبراهيم بن بركات عم السيد بركات واخذوا جميع مامعه من خيل ونقد يقال انه ألفا دينار وغير ذلك ولم ينج إلا بنفسه) وقال عنهم المؤرخ الكبير محمد العلي العبيد يرحمه الله في كتابه المخطوط (النجم اللامع للنوادر جامع)مانصه: (كانوا بنى الحارث هؤلاء اقل القبائل عدداً وأكثرهم في الكرم والشجاعة وحفظ الجوار والوقوف دون "من" ألتجا إليهم مع الشيمه العليا ولقد سيرت بين القبائل وكنت اعتادهم سنين فلم أجد مثلهم من القبائل إلا قليل لحسن مقابلتهم للضيف ومحافظتهم عليه وعلى ماله الذي معه) ثم قال: (وأما إكرامهم للضيف فحدث ولا حرج وحفظهم للجار وحرصهم على حفظ جواره وكانوا يقدمونه على أنفسهم عند ورود الماء ورعي الكلا، ولقد كنت احفظ لكثير من قبائل البادية هفوات مع من يجاورهم أو يصحبهم في الطريق فقد تحولت بينهم سبع سنين فما اعلم أن احداً ذكر أن رجلاً من بني الحارث خان جاره أو غدر برفيقه في الطريق).
ولعل أهم منازل هذه القبيلة قديماُ نجران وهم ملوكها أما في عصرنا الحديث فهي:
1- الحجاز وتحديداً جنوب شرق الطائف ومناطقهم الآن هي: قـيا وأبو راكه و ميسان والصور وغزايل والجبوب والخياله وشوقب وضراء وبوا والهضبه...إلخ 2- جنوب جزيرة العرب وادي ترج في بيشه. 3- جنوب جزيرة العرب وتحديداً نجران. 4- هناك جزء كبير لايستهان به من بني الحارث استوطنوا في القرنه والدوادمي والوشم وسدير وشقراء والجله وجلعوده والرياض والشرقيه والقصيم وينبع والمدينة المنورة. 5- لهذه القبيلة العريقه وجوداً في العراق واليمن وعمان والإمارات وقطر وبلاد الشام ومن المناطق المشهوره بالعراق منطقة الحارثيه وميسان والناصريه ولعل جزءً من قبيلة الجياشه هاجروا إلى العراق واستوطنوا فيه.
نــســـبـــــــــــــــــهـا
قبيلة بني الحارث هي قبيلة قحطانية الأصل وهم بنو الحارث بن كعب بن عمرو بن عُلَة بن جلد بن مالك (ومالك هم مذحج) بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان فهم من مذحج من كهلان بن سبأ بن قحطان بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح بن مالك بن متوشلخ بن اخنوخ بن اليارد بن مهلائيل بن قينان بن انوشي بن شيث بن آدم عليه السلام.
(ومن بني الحارث في التاريخ القديم)
بنو عبد المدان فهم كانوا شيوخ بني الحارث وكبارهم وهم بنو عبد المدان واسمه عمرو بن الديّان بن قطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن كعب بن الحارث بن كعب ولهم شهرة ومنزله وهم أخوال أبو العباس السفاح أول خلفاء بني العباس.
وهم الذين قال فيهم الشاعر:
ولو أني بليت بهاشمي=خؤولته بنو عبد المداني
لهان علي ما ألقى ولكن=تعالوا فانظروا بمن ابتلاني
الأسباب التي جعلت قبيلة بني الحارث تبني كعبة في نجران
قبل ظهور الإسلام بقرون استولى بني الحارث بن كعب على نجران، وهم ملوك نجران وظهرت في قبيلة بني الحارث أسرة يقال لها بنو عبد المدان وكانوا أهل الحل والعقد في بلاد نجران، وذاع صيتهم وهابتهم العرب .
بقول أحد شعراء العرب لآخر كان يمشي متبختراً:
تلوث عمامةً وتجُر رمحاً=كأنك من عبد المدان الحارثي
وفي هذه دلالة على ما تمتعوا به من شجاعة وفروسية،بل بلغ بهم الإعتداد بأنفسهم أن شيّدوا كعبة أطلقوا عليها "كعبة نجران"، والذي بناها هو عبد المدان بن الديّان الحارثي، وتأسيسها كان على شكل مربع متساوي الأضلاع والأقطار، مرتفعة عن الأرض فلا يصعد إلى سطحها إلا بدرج، وكان الغرض منها منافسة الكعبة الشريفه، شرفها الله تعالى. وبنيت هذه الكعبة بعد موقعة (شيوخ العرب) التي جرت بمقربة من مكة، حيث كانت قبيلة هوازن تحاول أن تطيح بقريش إلا أن قريش استنجدوا ببعض القبائل ،، ومنهم من أبى ،، فأغار عبد المدان على هوازن في جماعة من بني الحارث فهزموا بني عامر: وقال ابن الكلبي: أغار عبد المدان على هوازن يوم السلف في جماعةٍ من بني الحارث بن كعب، وكانت حمته على بني عامر خاصه. فلما التقى القوم حمل على وبر بن معاوية النميري فصرعه، وثنى بطفيل بن مالك فأجره الرمح، وطار به فرسه قرزل فنجا، واستحر القتل في بني عامر، وتبعت خيل بني الحارث من انهزم من بني عامر، وفي هذه الخيل عمير ومعقل وكان من فرسان بني الحارث بن كعب، فلم يزالوا بقية يومهم لا يبقون على شيء إلا أصابوه، وسمّت قريش قبيلة بني الحارث بـ(شيوخ العرب) وقد قال أحد شعراء قريش يصف المعركة:
عفا من سليمى بطن غـولٍ فيذبـل=فغمـرة فيـف الريـح فالمتنخـل
ديار التـي صـاد الفـؤاد دلالهـا=وأغرت بها يوم النوى حين ترحل
فإن تك صدت عن هواي وراعهـا=نـوازل أحـداثٍ وشيـب مجـلـل
فيا رب خيلٍ قـد هديـت بشطبـةٍ= يعارضهـا عبـل الجـزارة هيكـل
سبـوح إذا جـال الحـزام كـأنـها=ذا انجاب عنه النقع في الخيل أجدل
يواغـل جـرداً كالقنـا حارثـيـةٍ=عليها قنـان والحمـاس وزعبـل
معاقلهـم فـي كـل يـومٍ كريهـةٍ=صدور العوالي والصفيح المصقـل
وزغف من الماذي بيـض كأنهـا=نهـا مرتهـا بالعشيـات شمـأل
فما ذر قرن الشمس حتى تلاحقـت=فـوارس يهديهـا عميـر ومعقـل
فجالت على الحي الكلابـي جولـةً=فباكرهم ورد مـن المـوت معجـل
فغادرن وبراً تحجل الطيـر حولـه=ونجـى طفيـلاً في العجاجـة قـرزل
فلم ينج إلا فـارس مـن رجالهـم=يخفف ركضاً خشية الموت أعـزل
والغرض الآخر هو أن بني عبد المدان كانوا يفتخرون بنسبهم وقالوا لما لا تكون لنا كعبة كما أن لقريش كعبة فنحن ذوي نسب شريف ولا يختلف عن قريش. ويأتي من أراد أن يستجد بنا يطوف بها ويطلب ما هو باغ ، فبعد معركة شيوخ العرب زادهم ذلك إصراراً ويذكر كل من بن جريس وياقوت والهمداني أن آل عبد المدان قد بالغوا في تشييدها فجاءت على هيئة قبة من أدم من ثلاثمائة جلد، وكانت جدرانها وسقفها مطعمة بالفسيفساء والذهب، كما أنهم اختاروا لبنائها موقعاً متميزاً على واد يغص بالأشجار والرياض، وتذكر بعض المصادر أن المؤرخ بطليموس قال أن مكانها كان بالقرب من نهر عظيم أسماه (لار) وهذا النهر يصب في الخليج العربي (خليج فارس "سابقاً") وقد جفت منابعه. وقد كان هذا النهر في حماية بني الحارث بن كعب ويذكر المستشرق بطليموس أن نجران كانت تحوي الكثير من الغابات وأوضح في كتابة أنها جنة الله على أرضه وكانت معظم قبائل العرب تطمع في ضمها إلا أن اصطدامها بقبيلة بني الحارث كان الحاجز الشائك، وكانت بعض قبائل العرب تشد إليها الرحال في الأشهر الحرم، وقد اصطنع آل عبد المدان لاإبنائهم هذا هيبه ومنزلةً رفيعة فأطلقوا عليها " كعبة نجران" وكان لا يأتي إليها الخائف إلا ويعطى الأمان ولا طالب حاجة إلا وتقضى حاجته، ولا مسترفد إلا ويرُفد. وللشاعر الأعشى صلة بآل عبد المدان فكان يزورهم في السنة مرة أو مرتين فيقيم عندهم بعض الوقت ويجالسهم ويمدحهم ويثني عليهم .ومن شعره:
وكعبة نـــــــجران حتمٌ عليـــــــــك=حتى تُناخي بـــــــــأبوابـــــــها
تزور يزيداً بن عبد الــــــــــــمدان=وقيساً هـــــــم خير أربـــــابها
وشاهِدنا الورد والــــــياسميـــــن=والمسْمعــات بـــقصَّــــــــابهـــا
وبُربطـــــــــنا دائــــــم مُعْـــــــــمِل=فأي الـــــــــثلاثة أزرى بـــــهــا
إذا الحِـــــــــبرات تَــــــلَـــوث بهم=وجَــــــــرُّوا أســـــافل هُـــدّابها
ومما يوحي ويدل على كرم آل عبد المدان بن الحارث بن كعب، وكذلك التزامهم بتلبية من يلجأ إليهم، وما ذكرته المصادر من أن رجلاً من ثمالة قد جاور عبدالله بن الصمة، فهلك عبدالله، وأقام الرجل في جوار أخيه دريد، وأغار أنس بن مدركة الخثعمي على بني جشم فأصاب مال الثمالي وجيران لدريد آخرين، فتراخى دريد عن طلب القوم لاشتغاله بحرب من يليه، ولما ألحّ عليه جاره قال دريد: أمهلني عامي هذا، وخرج مرة فسمع دريد الرجل الثمالي يقول :
دع الخيل والسُمْرَ الطّوال لخثعم=فما أنت والرمح الطويل وما الفرس
وما أنت والغزو الـــــمُتَابع للعِدَا=وهمُّك سَوْقُ العوذِ والدَّلو والمُرْسُ
ولم ينته دريد من سماع هذه الأبيات إلا وأصبح قلقاً لا يهدأ له بال حتى يسترد ما سُلب من جاره، ثم شاور ذوي الرأي من قومه فقالوا له: إرحل إلى يزيد بن عبد المدان، وأطلبه في رد ما سلب أنس بن مدرك الخثعمي .فقال دريد: سأبعث أحد يمدحه ثم أنظر مكانتي من الرجل:
ثم أنشد أبيات وبعثها إلى يزيد بن عبد المدان الحارثي:
بني الديـّـــــان ردُّوا مال جاري=وأَسرى في كبولهم الثقالي
وردُّوا السبي إن شئتم بمَــــــنٍّ=وإن شئتم مفــــادات بــمـالِ
فأنتم أهلُ عائذةٍ وفضــــــــــــل=وأيدي في مواهبكم طـــوالِ
متى مـــــا تمنَعوا شيئاً فليست=حبائِلُ أخذِهِ غــــــيرُ السؤالِ
فآوْلوني بني الديَّان خيــــــــراً=أُقرُّ لكم بــــــه أُخرى الليالي
ولما بلغ الشعر يزيد قال: وجب حق الرجل، فسار إليه دريد وأكرمه وأعطاه مطلبه .وقد مدح دريد يزيد بأبيات أخرى ومن هذه الأبيات:
مدحت يزيدً بن عبد المدان=فأكرم بــــــــه من فتى ممتدح
حًلًلت به دون أصحـــــــابه=فأَروى زِنــــــَادي لمّا قـــــدَح
وأريد أن أشير بأن دريد كانت علاقاتهم ببني الحارث متوترة،،ففي أحد المرات قبل هذه القصيدة كان دريد يتوعد بنجران،،لكن ما لبث إلا وأن بني الحارث على رأسهم يزيد بن عبد المدان هاجموا قبيلته ولحسن حظه لم يجدوه فقتلوا أخاه خالداً،،وتركوا له قصيدةٍ يقولون فيها:
نبئـت أن دريـداً ظـل معترضـاً=يهدي الوعيد إلى نجران من حضن
كالكلب يعوي إلى بيـداء مقفـرةٍ=من ذا يواعدنا بالحرب لـم يحـن
إن تلق حي بنـي الديـّان تلقهـم=شم الأنوف إليهـم عـزة اليمـن
ما كان في الناس للديّان من شبـهٍ=إلا رعـيـنٌ وإلا آل ذي يــزن
أغمض جفونك عما لسـت نائلـه=نحن الذين سبقنا النـاس بالدمـن
نحن الذين تركنـا خالـداً عطبـاً=وسط العجاج كأن المرء لـم يكـن
إن تهجنا تهج أنجـاداً شرامحـةً=بيض الوجوه مرافيداً على الزمـن
أورى زيـادٌ لنـا زنـداً ووالدنـا=عبد المـدان وأورى زنـده قطـن
ولكن سرعان ما أدرك دريد بخطورة ما هو مقدم عليه فأرسل قصيدةٍ يقول فيها:
يابني الحارث أنتـم معشـرٌ=زندكم وارٍ في الحرب بهـم
ولكـم خيـلٌ عليهـا فتيـةٌ=كأسود الغاب يحمين الأجـم
ليس في الأرض قبيلٌ مثلكم=حين يرفض العدا غير جشم
وكما أسلفت حسنة علاقة بني الحارث بدريد بعد إستنجاد دريد بيزيد بن عبد المدان بن الديّان و إعادة بن عبد المدان لإبل الثمالي الذي إستجار بدريد وعادت المياه لمجاريها.
كعبة نجران في كتابات الرحالة الغربيين
كعبة نجران بين الوثنية والأيمان
الكثير منا قد قراء وعلم عن كعبة نجران سواء من خبر متوارث أو مايكتب هنا وهناك إلا انّ ماقد تسمعه ومايفهمه الكثير هو قول متفاوت في أن تكون تلك هي الكعبة, إنما بناها بني الحارث من باب الأنفه والتفاخر بقوتهم تحدوهم عقيدتهم الوثنية والذي يتعارض مع قول أنهم كانوا شهداء الأخدود ومالكعبة إلا من بعد حادثة الأخدود التي جاء ذكرها بالقرآن الكريم مبيناً إيمان أهلها وتضحياتهم بحياتهم تمسكاً بعقيدتهم النصرانيه, ايضاً مانراه من تزعم البعض لتغيير التاريخ في هذا الزمن بتغيير الأماكن والأحداث ناقلين الأخدود للشام فمن هنا أردت ان أبين بعض القول الذي يؤكد صدق إيمان بني الحارث وماكانت الكعبه إلا كنيسةٍ بناءها يشبه الكعبة (شرفها الله) بعد حادثة الأخدود وبعد ان هبّوا النصارى لنصرة أهل نجران على اليهود وكتشريف لهذه المنطقة وتضيحات أهلها قاموا بني الحارث برئاسة عبدالمدان ببناء كنيسة تشبه الكعبة ولم يبخل كل ملوك النصرانيه بدعمها وإجلالها حتى أصبحت وجهة لكل النصارى في حينها سواء في الجزيرة العربية كبني خثعم وبني تميم وأهل اليمن وكذلك أهل الحبشه وهذا مايذكره النصارى أنفسهم في كتاب (النصرانية وآدابها بين العرب في الجاهلية) لمؤلفه (لويس شيخو).
(الحارث بن كعب) قبيلة يمنية كبيرة تنتسب إلى مذحج إلى كهلان احتلت نجران ونواحيها وتنصرت وحسنت نصرانيتها ويظهر أن الحارث بن كعب جد هذه القبيلة مات نصرانياً فإننا قد وجدنا في النسخة الخطية من التذكرة الحمدونية (Ms.berlin, ablwardt, nos 8359 et60ff.I7) (أوصى الحارث بن كعب ابناءه حينما حضرته الوفاه: يابني قد أتت علي ستون ومائة عام سنه ماصافحت يميني يمين غدار, ولا قنعت نفسي بخِلة فاجر, ولا صوت بإبنةِ عم ولا كِنه ولاطُرِحَت عندي مومِسٌ قناعها, ولا بحت لصديق بسر, وإني لعلى دين النبي شعيب"عليه السلام", وماعليه أحداً من العرب غيري وغير أسد بن خزيمة, وتميم بن مرفا, فاحفظوا وصيتي وموتوا على شريعةِ إلهكم يصلح لكم أعمالكم وأياكم والمعصية لئلا يحل بكم الدمار وتوحش منكم الديار إن لزوم الخطيه تعقب البليه),وكانت نجران تحت حكم بني الحارث لما قصدها ذو نواس ملك حمير اليهودي فافتتحها وامتحن أهلها بأخاديد النار فمات منهم عدد دثر مفضلين الموت الأحمر على جحود الدين، وبعد ظفر الحبش بذي نواس عاد بنو الحارث بن كعب إلى أمرة نجران وكان من أشرافهم بنو عبد المدان بن الديان الذي شيدوا كعبة نجران وكنيستها المعروفة بالقليس التي أفاض الكتبة في وصف محاسنها, من هنا وبعد انشاء الكعبة لم يتوانا ملوك الحبشه من دعم هذه الكنيسه وبين ذلك المؤلف (لويس شيخو) بقوله:
(لا غرو أن النصرانية في مدة ملك الحبشه على اليمن بلغت أقصى النجاح والتقدم, لنا على ذلك شواهد تاريخية عديدة وكان أول ما بشر به الحبشه أن جعلوا نجران كقبلة الدين النصراني بعد أن اصطبغت بدماء أهلها الشهداء فأقاموا فيها مزاراً كان العرب يقصدونه من كل صوب وكانوا أنفقوا عليه القناطر المقنطرة ليزينوه بأنواع الحلي, وهذا المزار قد شاع ذكره عند العرب فدعوه "كعبة نجران" أو "كعبة اليمن" وضربوا بحسنة المثل وإليه أشار الأعشى في بعض أبياته حيث قال موجه إلى ناقته هذه الأبيات):
وكعبة نجران حتم عليك=حتى تناخي بأبوابها
تزور يزيداً بن عبدالمدان=وقيساً هم خير أربابها
وشاهِدنا الورد والياسمين=والمسمعات بقصّابها
ويربطنا دائم مُعمِل=فأي الثلاثة أزرى بها
إذا الحِبرات تلوث بهم=وجرّوا أسافل أهدابها
يريد بني عبد المدان الذين كانوا يتولون أمرها وهم من أعيان بني الحارث بن كعب وأعرق الناس في النصرانية. وممن طبقت أخباره أقاصي العرب في ذلك الوقت خطيب مصقع ضربت العرب المثل في بلاغته نريد القس بن ساعدة أسقف نجران وقد جمعنا في شعراء النصرانية صفحة (211- 219) مارواه الكتبة العرب عنه وعن يزيد بن عبد المدان الحارثي صفحة (80 - 88) إلى ان يبين شعراً مايبرهن صدق إيمانهم وعقيدتهم وقتها حيث قال مانصه: (ومما رأيناه في مكتبة قديمة في حلب أحد المخططات منسوباً إلى شاعر من بني الحارث الأبيات الآتية المشيرة إلى دينهم القويم):
ألا أننا مـن معشـر سبقـت لهـم=أيادي من الحسنى فعرفوا من الجهلِ
ولم ينظروا يوماً إلى ذات محـرم=ٍولا عرفوا إلا التقيـة فـي الفعـل
وفينا من التوحيـد والعقـل شاهـدٌ=عرفناه والتوحيـد يعـرف بالعقـل
نعاينٌ من فـوق السمـاوات كلهـا=معاينة الأشخاص بالجوهر المجلي
ونعلم ما كنـا ومـن أيـن بدؤنـا=وما نحن بالتصوير في عالم الشكل
وإنَّا وإن كنّا على مركبـة الثـرى=فأرماحنا في عالم النـور تستعلـي
وما صعـدت لـم تختبـره وإنَّمـا=رأت ذاتها بالنور في العالم العقلـي
فلم ترض بالدنيـا مقامـاً فأثـرت=حقيقة ممثولٍ وجلَّـت عـن المثـل
شعر الأعشى قال يمدح يزيد وعبد المدان بني الديان وقيل يمدح السيد والعاقب اسقفي نجران (ياقوت3- 438):
ألا سيدي نجران لا يوصينكمـا=بنجران فيما ناجـا واعتراكمـا
فإن تفعلا خيـراً وترتديـا بـه=فانكمـا أهـلٌ لـذاك كلاكمـا
وإن تكفيا نجران أمرَ عظيمـةٍ=فقبلكمـا مـا سادهـا أبواكمـا
وإن احبلتْ صهيونُ يوماً عليكما=فإنَّ رحا الحرب الدكوكِ رحاكما
(ص60 س7 ذو نواس واضطهاده لنصارى نجران) راجع أيضاً أخباره في تاريخ مكة للأزرقي (ص86) وقد ورد الخبر في القصيدة الحميرية على هذه الصورة:
أو ذو نـؤاسٍ الأخـدود فـي=نجرانَ لم يخشَ احتمال جنـاحِ
ألقى النصارى في جحيمِ أججت=بوقـودِ جمـرِ مضـرم لفَّـاحِ
فتقحَّم البحـرَ العميـق بنفسـه=وسلاحـهِ وجـوادهِ السـبَّـاح
فغدا طعاماً بعـد عـز بـاذجٍ=للحوتِ من نونٍ ومن تمسـاحِ
الطريق إلى كعبة نجران من كتاب (مرتفعات الجزيرة العربية) (الجزء الأول) تأليف: (جون فيلبي) هاري سانت جون فيلبي ومن ضمن ماقاله عن كعبة نجران:
قد يكون عرض وادي حبونا -وهو مميز عن مجرى السيل المؤثر- أكثر من الميل الواحد غير انه من الصعب تحديد الموقع, على الجانب البعيد الذي يختفي منه الوادي بلا حس في السهل الرملي المستوي. كان سيرنا جيداً في كل الوادي والسهل الذي يكون جزء منه فوق رمال ثابته وجزء آخر فوق مساحات من الحصى (رقه) وتتخللها من فتره لآخرى هضبات رمليه صغيره ربما معلمه آثار مساحات قديمة لمجرى السيل, وتحيد بها حنبات الطلح والعبال. قطعنا مسافه ستة اميال فوق هذا الضرب من سهول الأودية إلى ان وصلنا إلى تلال على الجانب البعيد وتوقفنا عندها على ممر يقع بين سلسلتين منخفضتين من جرانيت أسود وبازلت. كانت هذه السلاسل, إلى اليسار, تتكون من المختلف, وحليث, وضبع, بهذا الترتيب تجاه الجنوب بينما برزت تلال أكلب قارورية الشكل. إلى البعيد, في الصحراء العظيمه ناحية الجنوب الشرقي وعلى يسارها حمير وسلسلة حميقه المنخفضه إلى اليمين. يسمى السهل المغطى بالشجرات الخفيفه والذي يمتد من عند الجانب الأيمن لوادي حبونا تجاه أكلب بإسم جذيم . كانت سلسلة حضب غير واضحه تقع بعيداً ناحية الجنوب مكونه الجانب الأيسر لسفح منخفض لوادي نجران وقفت عن قرب, وعلى الجانب البعيد لسهل جذيم سلسلة تصلال (1) والتي كانت هدفنا الفوري اثناء عبورنا لسهل درة الداخلي, الممتلىء بعشب النصي الوافر, الجاف, في اتجاه الجنوب وعلى امتداد طريق السيارت الواضح الذي ظل محاذياً للحافة الشرقية للتلال, وصلنا إلى بئر تسمى برق الدره, بعد ان قطعنا مسافة عشرة اميال منذ مغادرتنا الحصينيه. كان بارزاً في السهل والذي من عنده استطعنا ان نرى كل مواقع أكلب (خمسه أو عشرة منها) في الصحراء. يتجه طريق نجران من هذا الموقع ناحية الجنوب الغربي مطوقاً التلال إلى قمه تسمى شعثه, والتي من عندها يميل تدريجياً إلى اليمين ويدخل وادي نجرا ن. تقع تصلال, وهي سلسلة معتبره كما تشاهد في هذا المكان, ناحية الجنوب الشرقي عبر سهل الدره وجذيم. قيل لنا ان وداي نجران ينساب ماراً ببئر الخضراء وعلى امتداد سفح خصيب يعبر بين تلال نويدرة ورويكبه إلى الصحراء, ماراً بأقصى قطعةٍ جنوبيه من نقاط أكلب. ويقال ان مجراه الممتلىء بالغطاء النباتي الرمادي الأخضر والمكون من الحمض والطرفاء......إلخ, يمكن مشاهدتها من مسافه تصل إلى (50) ميلاً إلى الشرق من الخضراء ثم يذوب بعد ذلك في الرمال العظيمه. أمكننا رؤيه سلسلة برك المنخفضه في بطن وادي نجران أعلى من بئر الخضراء, تجاه الجنوب الغربي من برق الدره, وكذلك رؤيه العديد من التلال الآخرى على الجانب البعيد من الوادي يقول مثل سائر عن برك (اذا جاك الحيا فارفع الصوت واعلن من رأس برك منادي) استطيع ان أرى تل تنصب الداكن البعض يسميه خطأ جبل صله (سله) إلى البعيد في الصحراء, عند الطرف الشرقي لتصلال, ويعتبرأقصى بقعه شرقيه للحدود اليمنية السعودية, وقد تم تعليمه قبل سنتين من زيارتي, بواسطة لجنه حدود مشتركه, والتي لم تقم بالفعل من بزياره تنصاب لتتوج راسه بركام من الحجاره. كان الخط الحدودي الفعلي هو الوسط الباهت الممتلىء بالرمال لوادي سله, الذي يمر بين تنصاب على جانب الوادي الأيمن والهضبتين الصغيرتين اللتان تسميان ابرقين, وقد برز رأسهما فقط خارج الرمل الرهيب. يبدو ان وادي سله ماهو إلا الإمتداد الصحراوي لوادي الفرعه, وهو الوادي التالي ناحية الجنوب من نجران. لايوجد مايمكن رؤيته إلى الشرق من الشريط الذي يربط بين حبونا وضبع, وحامر, وأكلب, وتنصاب -اللهم ألا قفار لا نهاية لها- وهو الإمتداد الميت الميتوي للربع الخالي. وصلنا إلى الطرف الشرقي من تصلال بعد قيادةٍ سريعه وجيّده لمسافة اربعة اميال عبر سهل الدره, الذي يندمج هنا في جذيم بما عليه من شجيرات خفيضه وهضباتٍ رمليه عليها شجيرات الأراك. يتخذ سهل جذيم, الذي يمتد من وادي نجران مظهراً يدل على انه جزء لايتجزاء من دلتا الأخير, وربما يكون هذا هو الحال. تنهي صخرة تصلال تجاه الشرق عند جدار عمودي ارتفاعه حوالي (150) إلى (200) قدم ويبلغ طوله مايربو على ربع ميل. يتجه الصخر إلى الخلف من عند نهايته الجنوبيه وهي اقل اعتدالاً وأكثر مصادمه, وفي اتجاه جنوب غربي ولمسافة (200) يارده, وصلنا إلى مقبرة معتبره عند نهاية هذا الجانب كانت تحتوي على قبور عديده مبنيه من بلكات جرانيتيه غير مشذبه. ارتفع البناء الفوقي لأكبر القبور إلى ثلاثه اقدام وقياسه حوالي الخطوتين, ومشتملاً على طبقات عديده من حجاره, بينما كانت بقية القبور منخفضه, وكان بعضها بيضاوياً, والآخر مستطيلاً وكان اسلوب البناء واحداً. كان وضع المقبره وكل القبور التي تحتوي عليها عند زاوية (255) درجه إلى (75) درجه في اتجاه وجه الصخره, وبدأ القبر الرئيس كأنه المركزي من بين مجموعه من تسعة قبور هو الأقرب منها إلى الصخره عدا ان قبراً مربعاً صغيراً وآخر مستديراً, قد تعارض بينه وبين قاعدة الصخره, بينما برز اثنان آخران. كان عدد القبور في الإجمالي في هذه المقبره, حوالي (30) قبراً والتي تواصلت بعد مسافةٍ خاليه تقدر بـ(25) قدماً مع مقبرةٍ اخرى, تحتوي على (50) قبراً في الترتيب والاتجاه نفسه, وهي قبور لها الشكل العام نفسه كالبقيه, غير أنها أقل طموحاً ومواجهه للصخره انتهى هذا عند الزاويه الجنوبيه الغربيه للصخره, والتي يمتد سطحها الآن تجاه الشمال الغربي مسافة (130) يارده إلى حيث توجد اكثر السمات اثاره ولفتاً للنظر في تل تصلال. وفجأه وجدنا انفسنا في مواجهه مايمكن ان نعده (الطريق الموكبي) او بالطريق الجنائزي. كانت قمتاه المستدقتان منحنيتين على قاعدة الصخره على كلا الطرفين في شبه دائره ذات قطر يقارب (174) خطوه (قل 145) يارده. يجري المطاف (الطريق الموكبي) على الحافة الخارجيه لشبه الدائره كانت معلمه ببلكات متوسطة الحجم او صغيره من حجارة موضوعه على جانب الممشى, الذي كان عرضه اربع خطوات في المتوسط , غير نها, هنا وهناك قد اختل ترتيبها بسبب السيول او بفعل الأنسان كان الشكل العام للطريق الموكبي, على اية حال, واضحاً بما فيه الكفايه يوجد عند طرفه الغربي وعلى مسافة (25) خطوه (قل 20يارده) من عند قاعدة التل, مساحه مستطيله تقريباً, طولها ثلاث وتصف خطوه على خط اتجاه شرق غرب, وخمس خطوات اتجاه شمال جنوب. وكانت محاطه ببلوكات حجريه بدأ هذا وكأنه مكان محجوز او غرفه خاصه او قد يكون معبداً. غلى الرغم من انه لايوجد دليل على انه كانت هناك مباني من اي نوع. قد تكون هذه السمه هي النهاية الطرفيه للقمه المستدقه الغربيه (للطريق الموكبي) والذي كانت قمته المستدقه الشرقيه متناثره بسبب الصخور المتساقطه وآثار تشويش اخرى عليها, مما لم يدعم قناعتي باحتمال وجود (غرفه) مماثله اخرى عند تلك النهاية. لاحظت على اية حال في حينها, ان هناك مساحه محجوزه او حجره متطابقه عند هذا الطرف ايضاً. وداخل شبه دائره مساحتها (5×3) خطوات. علماً بإن الحجاره المكونه للشكل العام قد اختل ترتيبها بشكل كبير. لاحظت على اية حال من عند (الغرفه) الاخرى انه وعلى بعد مسافة (50) خطوه من نقطة الملاحظه والتي تكون زاويتها شمال غرب تمس طرف الطريق على خط يجري شرق الجنوب الشرقي, ويكون بذلك, موازياً تماماً لقاعدة التل, كان هناك جلمود ضخم ارتفاعه تسعة اقدام , وطوله اربع خطوات ونصف وعرضه خطوتان وطرفه الشمالي يبعد (38) خطوه من عند قاعدة التل. ويقع من حوله, على الجانب الغربي, وعلى النصفين الغربيين للجانبين الشمالي والجنوبي ولكن ليس على الاجزاء الشرقيه اطلاقاً شريط ضيق من صخور صغيره غير مشذبه. لم يعد لدي اي شكوك بانني حقيقةٍ قد اكتشفت كعبة نجران المفقوده منذ القديم وبها نصف المطاف. ان الصور التي التقطت في ذلك الوقت تؤكد هذه الصفه للمنظر, وفي احد هذه الصور يبدو من المؤكد ان وجه جلمود الكعبة قد كان يحمل في تلك الازمان القديمه, شكلاً مرسوماً او منحوتاً ًبصوره بسيطه لاإلههما. والذي ربما كان هو ماقد لاحظته في حينها كضرب من لون متغير على سطح الصخره توجد ثلاث كعبات معروفه للعرب ايام الوثنية القديمه, قبل ظهور الاسلام كعبة مكه وهي اعظم الثلاثه وكعبة صنعاء, قيل انها لاتزال موجوده في مسجد غمدان غير اني لم اسمع تأكيداً لهذا من شاهد عيان ذي صلاحيه وسلطه واخيراً كعبة نجران التي اكتشفتها انا في 25 يونيو 1936م. ذكرت ببعض الجهات الرسميه كعبة رابعه قيل هي ذو الخلصه التي تحدثت عنها مسبقاً في موضوع زيارتي لخميس مشيط , وبلا شك بإن وجود كعبه والطواف حولها كانت ظاهره شائعه في الحضارات العربية الوثنية القديمه, على انه لم تهدم اي من البنايات التي اقيمت لتضاهي الكعبة المشرفه مثل (القليس في اليمن) والتي سبقت الإسلام للقيام بدورها في الطقوس الدينيه عدا الكعبة المشرفه في البيت الحرام بمكة المكرمة, والتي يعود تاريخها إلى النبي ابراهيم, يجري سطح تصلال, من عند قمة الجبل المستدقه المتجهه جنوبي غربي لطريق الاحتفال, الذي كان محيطه حسب قراءة عداد سيارتي, (200) متر على زاويه (300) درجه لمسافة (500) يارده, ثم يدور على زاويه (345)درجه لمسافة (100) يارده حتى يصل المرء بعدها إلى علامات اساس معقده وبارزه وغريبه, والتي قد تكون قبوراً او مخططات لغرف المعبد. والتي يقود اليها ممشى معبد او مخطط على جانب التل, الذي يترفرف في تتابع من درجات سلم عريضه على الجانب الغربي من عند القمه الى حيث توجد مساحه مستديره عند مستوى اقل, ومنها يجري الممشى العبد عند زاويه (295) درجه إلى مسافة (59) خطوة إلى وسط مجمع الغرف او مهما كان المقصود منها التي قد ذكرت اعلاه. كان الاتجاه من عند الممشى الرملي الأسفل إلى القمه بزاوية 124 درجه وكانت المسافه تزيد عن نصف الميل. يقع الطرف الشرقي لسلسله تصلال على مسافة نصف الميل. وبذلك تكون المسافه الكليه ميلاً واحداً,عند زاوية (50) درجه يحمل جزء آخر خارجي للسلسله هذا الممشى الاخير عند زاويه 300 درجه مسافة ربع ميل, يبدأ مجمع الدوائر من قاعدة هذا الجزء من السلسله ويطل من اتجاه الغرب تقريباً. توجد عند قاعدة التل دائره, من تسع بلكات من الحجاره, قطرها اربع خطوات وتحيط بحجر واحد كبير في مركزها. يأتي في ناحية الغرب من هذه فجوة مسافتها عشر خطوات معترضه وفاصله لها من صف مزدوج من الحجاره طوله اربعة عشر خطوة وغالباً مايكون ممشى يقود غرباً إلى دائره اخرى, معلمه بحجاره وقطرها ثلاث خطوات. تفصل فجوه مسافتها ثلاث خطوات هذه الدائره من (غرفه) مستطيله ذات ثلاث جوانب معلمه ذات اما الجانب الرابع فهو مكشوف. كانت أبعادها خطوه واحده تجاه الشمال والجنوب, وثماني خطوات تجاه الشرق والغرب. وتقع إلى الجنوب من هذه دائره اخرى, معلمه بلانظام بحجاره صغيره وقطرها خطوتان. تنفصل, اخيراً, الدائره الوسطى في الصف الشمالى بفجوه طولها سبعة عشر خطوه عن دائرة اخرى قطرها ثلاث خطوات على اتجاه (115) درجه في خط مستقيم تماماً مع الممشى المعبد الذي ذكرناه سابقاً والذي ينفصل عنها بدرب جمال حديث, توجد على الجانب الشمالي للممشى المعبد دائره اخرى من الحجاره, قطرها ثلاث خطوات, تقع قريباً من درب الجمال, وغرفه اخرى ثلاثية الجوانب يبلغ طولها اربع خطوات ومكشوفه تجاه الشمال الشرقي, وقريبه منها من جهة الجنوب الشرقي. اعترف انني لم اتمكن من تكوين أيه تخمين لمعنى هذه البقايا الغريبه لاحتفالات قديمه او معرفة الغرض منها. كانت قمة تصلال مكونه من صخور شبيه بقرص العسل ذات احواض طبيعيه ممتلئه بالمياه لعدة اشهر بعد موسم امطار جيد, وربما قد استخدمت موقعا لذبح القرابين (المكان العالي) او معبد, غير انني لم اجد من العلامات مايدعم هذا الاستخدام, كان ارتفاعها (300) قدم فوق مستوى سطح السهل المجاور وسيطرت على منظر ممتاز من كل الجهات بما في ذلك الطريق شبه الدائري والمقبره ومعالم تذكاريه اخرى تقع العان سفح السلسله لا يمكن رؤية واحة نجران الفعليه, غير ان مجرى الوادي من عند مضيق العان ازلم, الذي يخرج من خلاله ,إلى ان يدخل الدلتا إلى أسفل, عبر برك والخضراء إلى الصحراء, فقد كان واضحاً. ان تصلال مكان يتحاشاه الناس الذين يؤمنون بالخرافات في هذه الأجزاء, خاصه اثناء الليل وقد انزعج دليلي حسن الذي صحبني من الحصينيه وذلك حينما طلبت منه ان يقف إلى جوار القبر الكبير في المقبره لالتقاط صوره فوتوغرافيه له.
هذا ماقاله المستشرق بطليموس
أن نجران كانت تحوي الكثير من الغابات وأوضح في كتابة أنها جنة الله على أرضه وكانت معظم قبائل العرب تطمع في ضمها إلا أن اصطدامها بقبيلة بني الحارث كان الحاجز الشائك، وكانت بعض قبائل العرب تشد إليها الرحال في الأشهر الحرم، وقد اصطنع آل عبد المدان لاإبنائهم هذا هيبه ومنزلةً رفيعة فأطلقوا عليها" كعبة نجران" وكان لا يأتي إليها الخائف إلا ويعطى الأمان ولا طالب حاجة إلا وتقضى حاجته، ولا مسترفد إلا ويرُفد.