روض القصيد
06-06-2010, 05:52 PM
(الحياة الحقيقية) هذا هو اسم البرنامج الذي بثته إحدى القنوات
الأمريكية في غضون الأيام القليلة الماضية، ويحكي البرامج للمشاهد
الغربي خاصة وللعالم عامة واقع عدد من المراهقين السعوديين من الجنسين
الشباب والشابات الذين أعلنوا في ثنايا حديثهم استياءهم من ضغط
القيم والمبادئ والعادات في مجتمعهم السعودي وطالبوا صراحة
بحياة حرة، حرية مطلقة بعيداً عن القيود الشرعية أو حتى المجتمعية
والقيمية التي ما زالت في ظنهم تصفد عقولهم وتؤثر على نفسياتهم
وتعيق تواصلهم الاجتماعي وتقف سداً منيعاً أمام بناء صدقات
متبادلة بين بعضهم البعض!!، وقد التقت جريدة المدينة في عددها
الصادر يوم الاثنين الماضي مع من أسمتها بطلة قصة (الحياة الحقيقية)
وتدعى «فاطمة» هكذا بلا تتمة، أول خطوات التمرد عند فاطمة
إعلان رفض القيود المفروضة على نوعية اللباس ولونه، إذ إنها وكتطبيق
عملي للفت الأنظار ارتدت لباساً رجالياً وسارت أمام كاميرا
التصوير في شوارع جده وبلا حجاب، ومما قالت: (إن حرية الفتيات
مقيدة في السعودية وأنهن لا يستطعن لبس العباءة الملونة، فالمرأة
لا تلبس إلا الأسود، والفتاة لا يمكنها أن تمارس الرياضة و...)،
إن مثل هذه البرامج والاستطلاعات التي تسيء لنا وتعرض بنا وبثها
في مثل هذا الوقت بالذات وفي قناة غربية ومع جيل ما زال غضاً
ومن الجنسين دليلٌ على أن هناك مخططاً تفكيكياً مدروساً لعدد
من القيّم المسلّم بها في المجتمع، وكما سبق وأن ذكرت
في هذه الزاوية بأن التيار الليبرالي يعمل ومنذ أزمة الخليج على
تفكيك الأيديولوجيات العربية كمرحلة أولى في السعي
نحو تغيير المجتمعات تغيراً موجهاً ومقصوداً، وهو كما هو معلوم
من التيارات القادرة على التفكيك بل إن رأس ماله الحقيقي
عالمياً التفكيك دون أن يقدم مشروعاً نهضوياً صالحاً للتطبيق
العالمي ويتلاءم زماناً ومكاناً، وغالباً ما يلعب على وتر الشعارات
والوعود العريضة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والمدخل القيمي
من أكثر المداخل ملاءمةً وقابليةً للتفكيك، إذ هو كما هو معروف
عالمي الصبغة إنساني النزعة، وجزماً هذه هي الخطوة الأولى في
التفكيك وستخضع للتقويم والدراسة، ثم يتبعها -إن نجحت
طبعاً- خلال الخمس سنوات القليلة القادمة محاولة تفكيك البُنى
الفكرية والحضارية وصولاً للمنطلقات والأسس العقدية والتشريعية
والتي هي ركائز ومحددات وضوابط البناء التنموي والثقافي
في المملكة العربية السعودية. وهؤلاء القوم يؤمنون وينطلقون في
مطارحاتهم ومخططاتهم التفكيكية للعقائد والمبادئ والقيم
مما قاله غوستاف لوبون في كتابه «سيكولوجية الجماهير» عن العقائد
الثابتة والآراء المتحركة للجماهير. لقد تساءلت في نفسي وأنا
أقرأ الخبر.. ترى هل ما ينشده هؤلاء الشباب هو الحياة الحقيقة بحق،
ومن رسم لهم معالم حريتهم المنشودة التي يطالبون بها،
هل هي مدارسنا بمناهجها ومعلميها ومبانيها المفتوحة للجنسين،
أم أنها صحافتنا وقنواتنا الإعلامية، أم أنها أسرنا المحافظة الطاهرة،
أو أن هذا الصنيع منهم -وهذا هو الصحيح- نتيجة فعل فاعل
أراد أن ينال من هذه البلاد عقيدة وقيادة وشعباً وأرضاً،
إن المملكة العربية السعودية وهي بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي
وقبلة المسلمين تسعى منذ زمن وتبذل جهوداً مضنية من أجل تحسين
صورتها الذهنية لدى الشعوب العالمية وتحاول جاهدة أن توجد التوازنات
التي تضمن سير سفينة المجتمع داخلياً وخارجياً إلى بر الأمان محافظة
على منطلقاتها الثابتة ومنهجها الوسطي المتزن، ومثل هذه البرامج التي
تعكس صورة مشوهة عن الجيل الصاعد وتعطي انطباعاً مغلوطاً عن
أبناء هذا الوطن خاصة أن هناك إيحاءات مقصودة توهم المشاهد بأن
هذه المطالب ذات صبغة عامة ولها مساس بجمهور عريض من أبناء
المجتمع السعودي، أقول إن مثل هذه البرامج تسبح خلاف التيار، وتبدد الجهود
، وتضر بمشاريعنا التطورية المدروسة والمؤسسة على
هدي من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
إن الحياة الحقيقية التي أعرفها وأتمنى أن أحياها وأعيش عليها هي
حياة الصالحين مع كتاب الله وقيام الليل فمن كان مع الله كان الله معه
، فيها راحة نفسية لا نعلمها ولا ندري أبعادها وثمراتها كما هو
حال أهلها، والمتلبسين بها، ولاحظ أخي الكريم كيف أنت
في رمضان، وكم هي مساحة الحرية التي انفسحت أمامك حين
تكون كم هم، أما هذه الشعارات البراقة والألفاظ الفضفاضة
والموضات الوافدة فهي كالزبد سرعان ما يذهب جفاء، حفظ
الله بلادنا وشبابنا من كيد الحاسدين وجهد المنافقين
ومكر المفسدين وإرهاب المتطرفين. وإلى لقاء.. والسلام.
أ. د. عثمان بن صالح العامر
الأمريكية في غضون الأيام القليلة الماضية، ويحكي البرامج للمشاهد
الغربي خاصة وللعالم عامة واقع عدد من المراهقين السعوديين من الجنسين
الشباب والشابات الذين أعلنوا في ثنايا حديثهم استياءهم من ضغط
القيم والمبادئ والعادات في مجتمعهم السعودي وطالبوا صراحة
بحياة حرة، حرية مطلقة بعيداً عن القيود الشرعية أو حتى المجتمعية
والقيمية التي ما زالت في ظنهم تصفد عقولهم وتؤثر على نفسياتهم
وتعيق تواصلهم الاجتماعي وتقف سداً منيعاً أمام بناء صدقات
متبادلة بين بعضهم البعض!!، وقد التقت جريدة المدينة في عددها
الصادر يوم الاثنين الماضي مع من أسمتها بطلة قصة (الحياة الحقيقية)
وتدعى «فاطمة» هكذا بلا تتمة، أول خطوات التمرد عند فاطمة
إعلان رفض القيود المفروضة على نوعية اللباس ولونه، إذ إنها وكتطبيق
عملي للفت الأنظار ارتدت لباساً رجالياً وسارت أمام كاميرا
التصوير في شوارع جده وبلا حجاب، ومما قالت: (إن حرية الفتيات
مقيدة في السعودية وأنهن لا يستطعن لبس العباءة الملونة، فالمرأة
لا تلبس إلا الأسود، والفتاة لا يمكنها أن تمارس الرياضة و...)،
إن مثل هذه البرامج والاستطلاعات التي تسيء لنا وتعرض بنا وبثها
في مثل هذا الوقت بالذات وفي قناة غربية ومع جيل ما زال غضاً
ومن الجنسين دليلٌ على أن هناك مخططاً تفكيكياً مدروساً لعدد
من القيّم المسلّم بها في المجتمع، وكما سبق وأن ذكرت
في هذه الزاوية بأن التيار الليبرالي يعمل ومنذ أزمة الخليج على
تفكيك الأيديولوجيات العربية كمرحلة أولى في السعي
نحو تغيير المجتمعات تغيراً موجهاً ومقصوداً، وهو كما هو معلوم
من التيارات القادرة على التفكيك بل إن رأس ماله الحقيقي
عالمياً التفكيك دون أن يقدم مشروعاً نهضوياً صالحاً للتطبيق
العالمي ويتلاءم زماناً ومكاناً، وغالباً ما يلعب على وتر الشعارات
والوعود العريضة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والمدخل القيمي
من أكثر المداخل ملاءمةً وقابليةً للتفكيك، إذ هو كما هو معروف
عالمي الصبغة إنساني النزعة، وجزماً هذه هي الخطوة الأولى في
التفكيك وستخضع للتقويم والدراسة، ثم يتبعها -إن نجحت
طبعاً- خلال الخمس سنوات القليلة القادمة محاولة تفكيك البُنى
الفكرية والحضارية وصولاً للمنطلقات والأسس العقدية والتشريعية
والتي هي ركائز ومحددات وضوابط البناء التنموي والثقافي
في المملكة العربية السعودية. وهؤلاء القوم يؤمنون وينطلقون في
مطارحاتهم ومخططاتهم التفكيكية للعقائد والمبادئ والقيم
مما قاله غوستاف لوبون في كتابه «سيكولوجية الجماهير» عن العقائد
الثابتة والآراء المتحركة للجماهير. لقد تساءلت في نفسي وأنا
أقرأ الخبر.. ترى هل ما ينشده هؤلاء الشباب هو الحياة الحقيقة بحق،
ومن رسم لهم معالم حريتهم المنشودة التي يطالبون بها،
هل هي مدارسنا بمناهجها ومعلميها ومبانيها المفتوحة للجنسين،
أم أنها صحافتنا وقنواتنا الإعلامية، أم أنها أسرنا المحافظة الطاهرة،
أو أن هذا الصنيع منهم -وهذا هو الصحيح- نتيجة فعل فاعل
أراد أن ينال من هذه البلاد عقيدة وقيادة وشعباً وأرضاً،
إن المملكة العربية السعودية وهي بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي
وقبلة المسلمين تسعى منذ زمن وتبذل جهوداً مضنية من أجل تحسين
صورتها الذهنية لدى الشعوب العالمية وتحاول جاهدة أن توجد التوازنات
التي تضمن سير سفينة المجتمع داخلياً وخارجياً إلى بر الأمان محافظة
على منطلقاتها الثابتة ومنهجها الوسطي المتزن، ومثل هذه البرامج التي
تعكس صورة مشوهة عن الجيل الصاعد وتعطي انطباعاً مغلوطاً عن
أبناء هذا الوطن خاصة أن هناك إيحاءات مقصودة توهم المشاهد بأن
هذه المطالب ذات صبغة عامة ولها مساس بجمهور عريض من أبناء
المجتمع السعودي، أقول إن مثل هذه البرامج تسبح خلاف التيار، وتبدد الجهود
، وتضر بمشاريعنا التطورية المدروسة والمؤسسة على
هدي من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
إن الحياة الحقيقية التي أعرفها وأتمنى أن أحياها وأعيش عليها هي
حياة الصالحين مع كتاب الله وقيام الليل فمن كان مع الله كان الله معه
، فيها راحة نفسية لا نعلمها ولا ندري أبعادها وثمراتها كما هو
حال أهلها، والمتلبسين بها، ولاحظ أخي الكريم كيف أنت
في رمضان، وكم هي مساحة الحرية التي انفسحت أمامك حين
تكون كم هم، أما هذه الشعارات البراقة والألفاظ الفضفاضة
والموضات الوافدة فهي كالزبد سرعان ما يذهب جفاء، حفظ
الله بلادنا وشبابنا من كيد الحاسدين وجهد المنافقين
ومكر المفسدين وإرهاب المتطرفين. وإلى لقاء.. والسلام.
أ. د. عثمان بن صالح العامر