ولد الأشراف
02-04-2010, 07:41 PM
الموضوع منقول بتصرف + اضافة المصادر والنصوص التاريخية
مقدمة:
في هذا الموضوع نذكر نص خطاب ألقاه الامير الشريف/ حمود بن ثامر السعدون شيخ مشايخ قبائل أمارة المنتفق أمام عدد من شيوخ عشائر وقبائل امارة المنتفق قبيل مواجهته للجيش العثماني و لوالي بغداد عبدالله باشا سنة 1813م في معركة (غليوين) التي انتهت بانتصار قوات امارة المنتفق, ومقتل الوالي, ودخول جيش المنتفق شوارع بغداد ظافراً, وتسليمه مقاليد الولاية لدخيلهم (سعيد بن سليمان باشا) الذي لجأ إليهم محتمياً من بطش الوالي السابق عبدالله باشا ومساعده طاهر آغا. وقد رفض الأمير حمود السعدون تسليم دخيله للدولة العثمانية مما أدى الى حشد الدولة العثمانية لحملة عسكرية كبيره ضده .
أطراف المعركة:
1- الدولة العثمانية : ممثلة بوالي بغداد (عبدالله باشا التوتنجي) من المماليك والذي حشد في هذه المعركة قبائل ربيعة والجشعم وقوات عقيل المتحضرة من أهل نجد, والمرافقين له بالإضافة إلى عسكر الدوله العثمانية وقوات اللاوند وأغوات الأكراد والتركمان والكثير من أبناء الحاضرة لحرب المنتفق.
2- أمارة المنتفق : والتي كانت دولة تضم معظم قبائل وعشائر جنوب ووسط العراق حضر وبادية, سنة وشيعة , مسلمين وغير مسلمين (الصابئة واليهود والمسيحيين في جنوب العراق). الأسرة الحاكمة : أسرة السعدون.
التعريف بحاكم امارة المنتفق الأمير حمود بن ثامر السعدون:
الامير حمود (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير ثامر (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الأمير سعدون (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الأمير محمد (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) الامير مانع الثاني(شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير شبيب الثاني(شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير ما نع الاول (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الاميرشبيب الاول (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الشريف حسن ( مؤسس امارة المنتفق) بن الشريف مانع بن مالك بن سعدون الأول بن إبراهيم (أحمر العينين) بن الامير كبش (امير المدينة المنورة) بن الامير منصور (امير المدينة المنورة) بن الامير جماز (امير المدينة المنورة + امير مكة المكرمة 687هـ) بن الامير شيحة (امير المدينة المنورة+امير مكة المكرمة عام 637هـ) بن الامير هاشم (امير المدينة المنورة) بن الامير قاسم (أبو فليته) (امير المدينة المنورة+ امير مكة عام 571هـ) بن الامير مهنا الاعرج (امير المدينة المنورة) بن الامير الحسين (شهاب الدين ) (امير المدينة المنورة) بن الامير مهنا الأكبر ( أبو عمارة ) (امير المدينة المنورة) بن الامير داود (أبو هاشم ) (امير المدينة المنورة) بن الامير القاسم (امير المدينة المنورة) بن الامير عبيد الله (امير المدينة المنورة+ امير العقيق) بن طاهر بن يحي النسابة بن الحسن بن جعفر ( الحجة ) بن عبيد الله ( الاعرج ) بن الحسين (الأصغر) بن علي (زين العابدين) بن الحسين - رضي الله عنه - ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه –.
سبب المعركة:
هو التجاء سعيد بك إلى ديار المنتفق التي كانت تحت حكم ومشيخة الامير حمود بن ثامر السعدون في الفترة (1797 – 1826) بعد تأكده من نيات والي بغداد (عبد الله التوتنجي ) لقتله و سعيد بك هو ابن سليمان باشا الكبير الذي كان والياً على العراق للفترة من 1780 – 1802.وقد امتنع الامير حمود بن ثامر السعدون من تسليم الدخيل اليه الى الدولة العثمانية.
تفاصيل المعركة:
بعد رفض الأمير حمود بن ثامر السعدون تسليم دخيله (سعيد) للدولة العثمانية , حشد والي بغداد قواته العثمانية وأسندها بالعشائر العربية (ربيعة وعقيل والجشعم والخزاعل ) الموالية آنذاك له وأعلن أعتراف الدولة العثمانية رسميا بالأمير نجم بن عبدالله (ولد عم الأمير حمود) حاكما على امارة المنتفق , واتجه بالجنود الى امارة المنتفق لأخذ الدخيل بالقوة العسكرية ولتنصيب الأمير نجم بن عبدالله , يذكر الدكتور حميد بن حمد السعدون في كتابه امارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق و المنطقة الأقليمية 1546م – 1918م , ص: 160((( فكان مع الجيش قوات عشائر ربيعة يتقدمها الأمير-مشكور- وقوات الخزاعل ومقدمتهم الشيخ – سبتي بن محسن المحمد- وقوات عقيل يتقدمهم شيخهم – ناصر محمد الشبلي- وقوات الجشعم , مضافا اليها قوات اللاوند وأغوات الأكراد والتركمان , هذا غير قوات - نجم العبدالله- المعين من قبل الوالي – التوتنجي - أميرا للمنتفق بدلا من أميرها حمود الثامر . بحيث كان حجم الجيش والعشائر المساندة له في مسيره نحو المنتفق , من أضخم الحملات العسكرية التي شهدها العراق ))). وقعت المعركة في 10 كانون الثاني 1813 قرب نهر صغير بين الناصرية وسوق الشيوخ يسمى " اغليوين " قاد قوات امارة المنتفق فيها الشيخ برغش بن حمود بن ثامر السعدون الذي جرح في المعركة وتوفي بعدها بيومين من أثار الجراح وانتهت المعركة بانتصار قبائل المنتفق بعد الصمود البطولي الذي لا يوصف بوجه مدفعية وقوات جيش الوالي وتمكنت خيالة المنتفق بقيادة الشيخ علي بن ثامر السعدون من اسر الوالي عبد الله التوتنجي وكبار قادة جيشه فنقلوا إلى سوق الشيوخ (عاصمة أمارة المنتفق) كأسرى ثم تم قتلهم تحت أقدام سعيد بك (دخيل المنتفق) ، وبعد المعركة فرض الأمير حمود بن ثامر السعدون سطوته على الدولة العثمانية و توجه بقوات امارة المنتفق إلى بغداد واحتلها وقام بتنصيب سعيد بك والياً على بغداد بالقوة وقد اضطرت الدولة العثمانية الى أن تبلع الأهانة والأعتراف بسعيد كوالي . يذكر المؤرخ المعاصر للأحداث ابن سند دخول حمود بن ثامر ومعه سعيد الى بغداد , كتاب مطالع السعود في أخبار الوالي داوود , المقتطع من خزانة التواريخ النجدية , ص: 304 ((( ثم توجه حمود مع سعيد باشا الى بغداد , ودخلاها بالموكب والأبهة والجاه , وكاتب سعيد باشا الدولة فجاءه الفرمان بأنه والي بغداد والبصرة وشهرزور , فرجع حمود الى المنتفق , لكن سعيد باشا لايبرم صغيره ولا كبيره الا بمشورته))).
أهمية المعركة تاريخيا لأسرة السعدون (شيوخ قبائل امارة المنتفق):
معركة غليوين تعتبر من مفاخر أسرة السعدون تاريخيا وهذه المعركة وغيرها الكثير من الحملات العثمانية التي دمرتها أمارة المنتفق , تبرز قوة نفوذ آل سعدون في العراق , فبالأضافة الى أن أسرة السعدون كانت تحكم امارة المنتفق والتي تضم معظم قبائل وعشائر جنوب ووسط العراق فأنها فرضت نفوذها حتى على بغداد نفسها أحد أقوى عواصم الدولة العثمانية في الوطن العربي , ويتضح هذا النفوذ من خلال قيام الامير حمود بن ثامر السعدون بتعيين دخيله سعيد والي على بغداد وتنتفيذ ذلك بالقوة العسكرية وباحتلال بغداد واضطرار الدولة العثمانية الى ان تبلع الاهانة وتقبل بالوالي الجديد على الرغم من انه كان صغير في السن (عمره واحد وعشرين سنه) وكان ايضا غير مؤهل للولايه وبعد التعيين اصبح الامير حمود بن ثامر السعدون يدير العراق من خلال هذا الوالي ولعدة سنوات وقام الوالي سعيد باشا باعطاء الامير حمود السعدون مافي جنوب البصرة من القرى والتي يعادل ايرادها ثلث ايراد العراق وقصد الشعراء الامير حمود السعدون .
ينقل الدكتور علي الوردي عن ابن سند البصري , كتاب لمحات من تاريخ العراق الحديث , ج1 ص : 218
((( ان امر سعيد باشا صار بيد حمود شيخ المنتفق كالطفل في يد وصيه , وقد أعطاه سعيد باشا مافي جنوب البصرة من القرى جميعها وهو مايقارب ثلث ايراد العراق , وضحك لآل المنتفق الزمان ,وأطاعهم الحاضر والبادي , وقصدهم الشعراء من جميع النواحي , وأجازوا بجوائز تفوق جوائز بني العباس , وكنت لاتسمع في المجالس الا صفاتهم ومدحهم بما هو زائد عن حدهم , بل عن حد الملوك .)))
يقول ماكس فرايهير فون أوبنهايم في كتابه البدو , ج3 , ص: 285 ((( فدخل حمود الى بغداد مع سعيد الذي كان في حمايته , وكان هذا نصرا لآل سعدون لا مثيل له . لم يكن سعيد مؤهلا لمنصبه , فلم يكن عمره سوى واحد وعشرين عاما ولم تكن لديه أي خبره في ادارة شؤون الدولة ))).
يقول حمد بن لعبون في كتابه تاريخ ابن لعبون ص:660 ((( وجرح برغش بن حمود . ثم : أنه مات وقتلوا عبدالله باشا وسار حمود وجه أسعد لبغداد , وملك العراق ورجع ))).
يقول سليمان فائق بك (وهو عدو للمنتفق و أحد كبار موظفين الدولة العثمانية ) في كتابه عشائر المنتفق , ص:35 ((( وبناء على هذه الوقعة الكبيرة نالت عشائر المنتفق الشهرة العظيمة , وانتشر خبر حمود الثامر في كل الأطراف , وهابته العشائر , ولقبته بسلطان البر . وبدأوا يسمونه سلطان حمود الثامر ))).
.........................
وهذه قصيدة الشيخ الشريف/ علي بن ثامر السعدون في رثاء أخيه الشيخ الشريف /عبدالمحسن بن ثامر السعدون, وذكر انتصارهم في معركة (غليوين) على والي بغداد عبدالله باشا سنة 1813م حماية لدخيلهم سعيد باشا, وقد قامت المنتفق بقتل الوالي القديم, واحتلوا بغداد,ونصبوا سعيد باشا والياً عليها:
الورق يلعي فوق عالي قصورها
حمايمٍ، ويطربن الغنا من فجورها
تغنّت بصافي النوح عندي, وانا الذي
من البعد والفرقا أصالي مرورها
أيا أيها الورق الذي أنت ساهر
لك النوح شطرٍ من معالم شطورها
آه وا عضيدي راح.. ما عاد يرجع
باللحد ثاوي في مطاوي قبورها
(أبا برك) زبن الجاذيات ابن ثامر
وان همّلوا عصمان الايدي سيورها
أيا ليت (ابو براك) بالكون حاضر
به صولةٍ جتنا. كفى الله شرورها
لفتنا: ربيعة وابن جشعم ولامها
معا.. عسكر الدولة، وجملة حضورها
ومعهم عقيلٍ، والقبايل جميعها
واللي بقلبه حسفةٍ.. جا.. يدورها
واشاروا علينا بالقطيعة، وذبحنا
والاطواب تكفي في ملاهي زمورها
دعونا الصبح, واحنا نلملم جموعنا
وحاروا، وداروا.. كيف حالٍ ندورها
و(صالح) نهار الكون زيزوم حربنا
عزنا، وزبن رجالنا عن عقورها
وانا على قبّاً.. قحومٍ وعندلٍ
رفوعٍ، وشعوى لى تمثنت وعورها
ركضنا عليهم ركضةٍ (هاشميّة)
وراحت تناحي بالعوالي صدورها
غدا ذاك مذبوح, والاخر مخلاّ
وهذاك حقٍّ للحدا مع نسورها
وليناهم, وطابت بهم نفس لابتي
ليا عاد (ابو برغش) حماها، وسورها
لمن خاب ذاك اليوم منّا، ومنهم
رايات سودٍ تنتشر في نشورها
(ورد نص الخطاب في كتاب تاريخ المنتفق لسليمان فائق).
أيها الأمراء والرؤساء والمشايخ:
أخاطبكم اليوم لعلمي أنكم الممثلون للعرب، وأعلم أيضاً أن قد تجسمت فيكم الشهامة والغيرة والحمية، وبما أنكم أمراء ورؤساء القبائل أخاطبكم بخطاب يليق بكم، فليكن معلومكم أيها الأجلاء العظام والسادة الكرام...أن دخيلنا (سعيد بك) لما علم أن حياته بخطر، وأن الداعي كنت المتفق الخاص لوالده التجأ إلينا كي يتمكن من المحافظة على حياته المهددة بالخطر، ووقع دخيلاً عندنا،وها هو هذا: تعرفونه وتعرفون أباه، وتعرفون منزلة أبيه وهو من ذوي البيوت لا من العتقاء والسوقة، وإني قد تعهدت وتكفلت بحمايته حماية مطلقة، وأنه الدخيل عندي، ولم تظهر له أدنى مظاهرة تشغل الحكومة بل ولم يتحرك بحركة مخالفة لرضاء الدولة، وكررت هذه الكيفية للولاية مراراً فلم تفد جميع مراجعاتي واسترحاماتي. ولذا لم يبق للحكومة حق إن خالفتها وعصيتها لأني قد اخترت جواب السلب، وأمرتنا الولاية بهذا الأمر الذي قرأته عليكم بتسليم الدخيل، فإن لم نسلمه تأخذه الحكومة من عندنا قسراً بقوة السلاح، وهذا تهديدهم كما سمعتموه. و قد حاكمت نفسي مراراً بكيفية تسليم الدخيل، فأبت نفسي وشيمتي العربية تسليم الدخيل كتسليم الشاة إلى القصاب، وجزمت وعزمت على أن أقاوم وأدافع الحكومة بكل مجهودي وقوتي لآخر نفس، فإن عجزت عن المقاومة أكون مجبوراً على ترك أولادي وعيالي وآخذ دخيلي، وأهرب به إلى الديار النجدية حفظاً لناموسي وشرفي،فمن كان منكم يكره هذه الحالة فليعتزل إلى جنب، واعتقدوا أني لا أجبر ولا أكره أحداً على أن يكون معي. فكل منكم مختار برأيه حيث أن هذه المسألة خاصة بنفسي، وعائدة علي، ولا شك أن هذا ناموسي وشرفي، ولا أقبل أن يدنس أو يكون فيه العار، وتسليم الدخيل هو أكبر عار علينا، ولهذا لا بد أن أهرق آخر قطرة من دمي للمحافظة على الناموس، واعلموا جميعاً أني لا أكلف أحداً منكم بتكليف لا يطيقه.فردوا عليه بالموافقة، ومما قالوا له:
ألم نكن نحن مثلك عرب ومن العرب؟.
أما نحن الذين قبلناك رئيساً علينا لعلمنا أنك الرجل الوحيد بل الشريف الغيور الفريد المنصف بهذه الديار؟،
فكما أن شيمتك العربية تأبى تسليم الدخيل فشيمتنا وغيرتنا العربية تأبى أيضاً أن نعتزل عنك بمثل هذا اليوم الأسود، وكيف تقبل شيمتنا الاعتزال عنك فلا نبقيك أنت ودخيلك مادام فينا دم الحياة؟،
وها نحن حاضرون نفدي أنفسنا وأرواحنا ومالنا في سبيل تخليص دخيلك.
بعض الاقوال في اسرة السعدون وامارة المنتفق من 1530م إلى 1918 م:
لم تظهر على مسرح الحوادث في تاريخ العراق الحديث أسرة نبيلة تولت الامارة، وتحكمت في مقدرات العراق ومصائره دهرا طويلا من الزمن مثل أسره السعدون المعروفة.فقد بسطت نفوذها على القسم الأعظم من العراق الجنوبي مدة تناهز الأربع مئة سنة، وتولى شيخة قبائل المنتفك وإمارتها ما يزيد على العشرين شيخا من أبنائها البارزين .
وقد كانت هذه الأسرة العربية الكريمة أول من بعث الفكرة العربية من مرقدها في العراق الحديث ،وحمل راية النضال من أجلها بالدم والحديد في وجه الأتراك والايرانين،بعد أن دثرت وانطمست مآثرها على أيدي المغول الأثيمة. والحق أن تاريخ العثمانيين في العراق ،خلال الحقبة الطويلة التي حكموا فيها ، كان تاريا حافلا بالغزوات والحملات التي كان يجردها الباشوات المتعاقبون في بغداد لتأديب الثائرين من آل سعدون في الجنوب والمتمردين من آل بابان في الشمال . وان دل هذا على شي فانه يدل على أن العنصرين الكبيرين الذين يتألف منهما العراق في يومنا هذا كانا يقفان أبدا ودوما في وجه الحكم الأجنبي والتسلط الغريب.
وقد كان العثمانيون يشعرون بثقل العبء الملقي على عاتقهم في هذا الشان ، ولذلك كانت تصرفا تهم وخططهم التي رسمت خلال مدة حكمهم كلها ،ولا سيما في عهودهم الأخيرة ،تستهدف ضعضعة الأسرة السعدونية القوية والقضاء عليها بالحركات العسكرية والتدابير الادارية ،والعمل على انقسامها فيما بينها .
(جعفر الخياط - صور من تاريخ العراق في العصور المظلمة)
مامن قبيلة عراقية تضاهي المنتفق في الأهمية ولا عائلة شيوخ تضاهي عائلة سعدون - شبيب التي أسست في أواخر القرن السابع عشر مملكة المنتفق على الفرات الأدنى والتي جلبت في الحرب العالمية الأولى - عندما كانت تلك المملكة قد سقطت - لاسم المنتفق الفخر والاعتزاز مرة أخرى.
(ماكس فرايهير فون أوبنهايم - البدو ج3 )
ليس بخاف على من له اطلاع على تاريخ آل سعدون ، ذوي الشرف الباذخ والعز الأثيل أنهم جعلوا من (اتحاد) المنتفق قدوة للعشائر والقبائل ، حاربوا به العثمانيين والفرس وأنزلزا بهم الهزائم ...
(يعقوب سركيس - مباحث عراقية -ق 3)
آل السعدون أصلهم من الحجاز فقد هاجروا الى العراق في أوائل القرن العاشر وحكموا المنتفق , وهم ينتسبون الى جدهم الأعلى سعدون بن الشريف محمد وينتهي نسبهم الى الأمام علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-....كانت لهم امارة انتشرت رقعتها ونفوذها حتى اصطدمت هي والنفوذ العثماني مرات عديدة... ومن أطرف مايذكر عن آل السعدون أنهم أول من فكر في تأسيس حكومة عربية تعيد مجد العرب, ولآل السعدون فضل في رد الفرس عن العراق أكثر من مرة, كما حارب آل السعدون الأحتلال الانكليزي بقيادة أعجمي السعدون .... وآل السعدون كانت لهم أمارة كبيرة تضم السماوة والمنتفق وأبو الخصيب والعمارة والبصرة .
(القبائل والبيوتات الهاشمية في العراق) لمؤلفه : يونس الشيخ ابراهيم السامرائي.
آل سعدون هم عائلة شريفة هبطت العراق في أوائل القرن العاشر للهجرة وأسسوا فيه إمارة كبرى دامت أربعمائة سنة تقريباً وقد تولى المشيخة منهم شيوخ كثيرون. وهم قوم يرجعون بأنفسهم إلى الحجاز وبأنسابهم إلى أشارف الحجاز وأمرائه فهم قرشيون هاشميون علويون.
(تاريخ السعدون - المؤرخ عبدالله الناصر)
فان المنطقة الممتدة من القرنة الى الناصرية , ومافيها من مستنقعات وأهوار الشلب وبساتين النخيل والبادية , تسكنها الآن حوالي خمسين قبيلة ذات أصل مختلف كانت كل منها تؤلف في وقت من الأوقات جزءا من مجموعة قبائل المنتفك في ظل الأسرة الحجازية الجبارة, أسرة السعدون.
(المس بيل - فصول من تاريخ العراق القريب)
لقد أستطاع الشريف حسن , ومن بعده أبنائه واحفاده , من انشاء أتحاد عشائري ضخم سمي " المنتفق " أو " المنتفج " تحت رئاسة وقيادة آل سعدون , أستمر حتى أيام مدحت باشا سنة 1871 مستقلا يتمتع بنفوذ ذاتي لا علاقة له تقريبا بالحكم العثماني أن النزعة الأستقلالية لعموم العراق لم تكن خافية على أحد , ولم يكن آل سعدون يترددون من الأعلان عن عزمهم على تحقيق استقلال العراق . رغم أن الظروف والضرورة ألجأت بعض القادة من آل سعدون إلى التعامل مع السلطات العثمانية في اطار من التعاون والتحالف للقيام ببعض المهمات العسكرية المشتركة.
(حليم حسن الأعرجي - كتاب (آل الأعرجي _أحفاد عبيدالله الأعرج).)
فمن أجل عشائرها عشيرة المنتفك – وهي ذات كثرة وتفرع الى عدة قبائل , فمن قبائلها : بنو مالك , والأجود , وبنوسعيد , وبنو ركاب , والخفاجة , والطوينات , والشويلات , والطوكبة , والبدور , والشريفات , والجمعيات , والماجد وآل صالح , والزهيرية , وشمر الزوابع , وشمر العبيدات وبنو سكين , وبنو تميم , والسليمات , والعيايشة , والبراجقة , والغزيوي , والعوينات , والفضيلة , وبنو نهد , وعبوده , والمجاوعة , وخرسان , وأمارة وربيعة , وكويش , وسراج , وآل دراج . وغير ذلك من القبيلة الكثيرة التي يطول بيانها . وكذا في جهة الغراف قبائل كثيرة للمنتفك يطول بيانها . وأنما اقتصرنا على بعضها ليعرف عظم عشائر المنتفك وأكابرهم آل شبيب وأكابر آل شبيب آل سعدون , وهم شيوخ المنتفك في عصرنا .
(عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد – ابراهيم فصيح الحيدري)
قد كان لأسرة السعدون أثر واضح في تاريخ العراق ،وهم أول من فكر في تأسيس حكومة عربية تعيد مجد العرب.
(القاضي أحمد نور الأنصاري - النصرة في أخبار البصره)
إن اتحاد المنتفق ،أقوى الاتحادات العراقية وأكثرها عددا... وفي مقدوره أن يقدم إلى ساحة المعركة مايقارب من (50,000) ألف مقاتل ،بفضل اتحاد قبائله ورؤسائه من آل شبيب ... (إنه) اتحاد مخيف ، بل مرعب لقوى الدولة وللقوى الأخرى ، طالما جرع الكثيرين هزائم لا تنكر ...
(الكسندر أداموف - ولاية البصره في ماضيها وحاضرها)
في ظل الأسرة الحجازية الجبارة ، أسرة السعدون والتي لعبت دورآ لا يستهان به في تاريخ المنطقة الحافل ، قبائل المنتفق تشكل دومآ مصدر إزعاج للسلطات البريطانية ، وخصوصآ وأنهم رؤوا أمراءهم السابقين (السعدون ) متمسكين بكبرياء وتقاليدهم القتالية التي جعلتهم في معزل عن أي مساهمة أخرى في حكم البلاد ، مما قوى دعاويهم، ولم يسهل أمرنا في أراضي المنتفق حتى عام 1919 ....
(المس بيل - فصول من تاريخ العراق القريب)
إيجاد الفكرة العربية وبث القضية من مرقدها ومحاولة استرجاع الدولة العربية التي كانت معرسة في هذا القطر فإن أول من استفز للقضية بعد أن درت ومزقتها أعمال المغول والتتار والأتراك والفرس هم آل سعدون فأول ساع للبعث وأول دماغ حمل الفكرة الصالحة وهو دماغ الشيخ ثويني العبد الله فسعى لعقد حلف عربي يتكون من أضلاع ثلاثة عقيل وخزاعة والمنتفق تكون غايته طرد الأتراك من العراق وتأسيس دولة عربية
(المؤرخ عبدالله الناصر - تاريخ السعدون -((قسم مآثر آل سعدون))-)
عندما يترعرع الصبي يعلم الرماية والفروسية ويعود على احتمال المشاق ومواجهة المخاطر والصعوبات ويلقن استهجان الموت الطبيعي والاستخفاف به وقد بلغ منهم هذا أنه إذا أصيب الصبي بجرح وجيء به لأهله مضرجا بالدماء يقابله أهله وذووه بقولهم (عريس عريس) وتتعالى الزغاريد وتقام الأفراح والولائم.
(المؤرخ عبدالله الناصر - تاريخ السعدون -((قسم تقاليد آل سعدون وعاداتهم الأجتماعية))-)
وماكاد يحل القرن الثاني عشر حتى انتشرت الفوضى في نجد وعم الانقسام , وتوسعت الفرقة , وتفرقت الكلمة , وتعددت الامارة والمشيخات ,فكانت الأمارة في العيينة لآل معمر , وفي الدرعية لآل سعود , وفي الرياض لآل دواس , وفي الأحساء لبني خالد , وفي نجران لآل هزال , وفي حائل لآل علي , وفي القصيم لآل حجيلان , وفي حدود نجد الشمالية وجنوب العراق لآل شبيب.
(حسين خلف الشيخ خزعل – تاريخ الجزيرة العربية , ج1)
بعض المصادر التي ذكرت معركة غليوين :
1- كتاب لمحات من تاريخ العراق الحديث للدكتور علي الوردي , ج1 ص :217-218.
2-تاريخ ابن لعبون , ص:659- 660 .
3- كتاب البدو , ماكس فرايهير فون أوبنهايم , ج 3 , ص: 285 , 601 .
4- عنوان المجد , ابن بشر ,ج 1, ص: 336 - 337 .
5- التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية , ص:414 – 417 .
6- امارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق والمنطقة الأقليمية , د. حميد حمد السعدون ,ص: 159 – 163.
مقدمة:
في هذا الموضوع نذكر نص خطاب ألقاه الامير الشريف/ حمود بن ثامر السعدون شيخ مشايخ قبائل أمارة المنتفق أمام عدد من شيوخ عشائر وقبائل امارة المنتفق قبيل مواجهته للجيش العثماني و لوالي بغداد عبدالله باشا سنة 1813م في معركة (غليوين) التي انتهت بانتصار قوات امارة المنتفق, ومقتل الوالي, ودخول جيش المنتفق شوارع بغداد ظافراً, وتسليمه مقاليد الولاية لدخيلهم (سعيد بن سليمان باشا) الذي لجأ إليهم محتمياً من بطش الوالي السابق عبدالله باشا ومساعده طاهر آغا. وقد رفض الأمير حمود السعدون تسليم دخيله للدولة العثمانية مما أدى الى حشد الدولة العثمانية لحملة عسكرية كبيره ضده .
أطراف المعركة:
1- الدولة العثمانية : ممثلة بوالي بغداد (عبدالله باشا التوتنجي) من المماليك والذي حشد في هذه المعركة قبائل ربيعة والجشعم وقوات عقيل المتحضرة من أهل نجد, والمرافقين له بالإضافة إلى عسكر الدوله العثمانية وقوات اللاوند وأغوات الأكراد والتركمان والكثير من أبناء الحاضرة لحرب المنتفق.
2- أمارة المنتفق : والتي كانت دولة تضم معظم قبائل وعشائر جنوب ووسط العراق حضر وبادية, سنة وشيعة , مسلمين وغير مسلمين (الصابئة واليهود والمسيحيين في جنوب العراق). الأسرة الحاكمة : أسرة السعدون.
التعريف بحاكم امارة المنتفق الأمير حمود بن ثامر السعدون:
الامير حمود (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير ثامر (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الأمير سعدون (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الأمير محمد (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) الامير مانع الثاني(شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير شبيب الثاني(شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير ما نع الاول (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الاميرشبيب الاول (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الشريف حسن ( مؤسس امارة المنتفق) بن الشريف مانع بن مالك بن سعدون الأول بن إبراهيم (أحمر العينين) بن الامير كبش (امير المدينة المنورة) بن الامير منصور (امير المدينة المنورة) بن الامير جماز (امير المدينة المنورة + امير مكة المكرمة 687هـ) بن الامير شيحة (امير المدينة المنورة+امير مكة المكرمة عام 637هـ) بن الامير هاشم (امير المدينة المنورة) بن الامير قاسم (أبو فليته) (امير المدينة المنورة+ امير مكة عام 571هـ) بن الامير مهنا الاعرج (امير المدينة المنورة) بن الامير الحسين (شهاب الدين ) (امير المدينة المنورة) بن الامير مهنا الأكبر ( أبو عمارة ) (امير المدينة المنورة) بن الامير داود (أبو هاشم ) (امير المدينة المنورة) بن الامير القاسم (امير المدينة المنورة) بن الامير عبيد الله (امير المدينة المنورة+ امير العقيق) بن طاهر بن يحي النسابة بن الحسن بن جعفر ( الحجة ) بن عبيد الله ( الاعرج ) بن الحسين (الأصغر) بن علي (زين العابدين) بن الحسين - رضي الله عنه - ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه –.
سبب المعركة:
هو التجاء سعيد بك إلى ديار المنتفق التي كانت تحت حكم ومشيخة الامير حمود بن ثامر السعدون في الفترة (1797 – 1826) بعد تأكده من نيات والي بغداد (عبد الله التوتنجي ) لقتله و سعيد بك هو ابن سليمان باشا الكبير الذي كان والياً على العراق للفترة من 1780 – 1802.وقد امتنع الامير حمود بن ثامر السعدون من تسليم الدخيل اليه الى الدولة العثمانية.
تفاصيل المعركة:
بعد رفض الأمير حمود بن ثامر السعدون تسليم دخيله (سعيد) للدولة العثمانية , حشد والي بغداد قواته العثمانية وأسندها بالعشائر العربية (ربيعة وعقيل والجشعم والخزاعل ) الموالية آنذاك له وأعلن أعتراف الدولة العثمانية رسميا بالأمير نجم بن عبدالله (ولد عم الأمير حمود) حاكما على امارة المنتفق , واتجه بالجنود الى امارة المنتفق لأخذ الدخيل بالقوة العسكرية ولتنصيب الأمير نجم بن عبدالله , يذكر الدكتور حميد بن حمد السعدون في كتابه امارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق و المنطقة الأقليمية 1546م – 1918م , ص: 160((( فكان مع الجيش قوات عشائر ربيعة يتقدمها الأمير-مشكور- وقوات الخزاعل ومقدمتهم الشيخ – سبتي بن محسن المحمد- وقوات عقيل يتقدمهم شيخهم – ناصر محمد الشبلي- وقوات الجشعم , مضافا اليها قوات اللاوند وأغوات الأكراد والتركمان , هذا غير قوات - نجم العبدالله- المعين من قبل الوالي – التوتنجي - أميرا للمنتفق بدلا من أميرها حمود الثامر . بحيث كان حجم الجيش والعشائر المساندة له في مسيره نحو المنتفق , من أضخم الحملات العسكرية التي شهدها العراق ))). وقعت المعركة في 10 كانون الثاني 1813 قرب نهر صغير بين الناصرية وسوق الشيوخ يسمى " اغليوين " قاد قوات امارة المنتفق فيها الشيخ برغش بن حمود بن ثامر السعدون الذي جرح في المعركة وتوفي بعدها بيومين من أثار الجراح وانتهت المعركة بانتصار قبائل المنتفق بعد الصمود البطولي الذي لا يوصف بوجه مدفعية وقوات جيش الوالي وتمكنت خيالة المنتفق بقيادة الشيخ علي بن ثامر السعدون من اسر الوالي عبد الله التوتنجي وكبار قادة جيشه فنقلوا إلى سوق الشيوخ (عاصمة أمارة المنتفق) كأسرى ثم تم قتلهم تحت أقدام سعيد بك (دخيل المنتفق) ، وبعد المعركة فرض الأمير حمود بن ثامر السعدون سطوته على الدولة العثمانية و توجه بقوات امارة المنتفق إلى بغداد واحتلها وقام بتنصيب سعيد بك والياً على بغداد بالقوة وقد اضطرت الدولة العثمانية الى أن تبلع الأهانة والأعتراف بسعيد كوالي . يذكر المؤرخ المعاصر للأحداث ابن سند دخول حمود بن ثامر ومعه سعيد الى بغداد , كتاب مطالع السعود في أخبار الوالي داوود , المقتطع من خزانة التواريخ النجدية , ص: 304 ((( ثم توجه حمود مع سعيد باشا الى بغداد , ودخلاها بالموكب والأبهة والجاه , وكاتب سعيد باشا الدولة فجاءه الفرمان بأنه والي بغداد والبصرة وشهرزور , فرجع حمود الى المنتفق , لكن سعيد باشا لايبرم صغيره ولا كبيره الا بمشورته))).
أهمية المعركة تاريخيا لأسرة السعدون (شيوخ قبائل امارة المنتفق):
معركة غليوين تعتبر من مفاخر أسرة السعدون تاريخيا وهذه المعركة وغيرها الكثير من الحملات العثمانية التي دمرتها أمارة المنتفق , تبرز قوة نفوذ آل سعدون في العراق , فبالأضافة الى أن أسرة السعدون كانت تحكم امارة المنتفق والتي تضم معظم قبائل وعشائر جنوب ووسط العراق فأنها فرضت نفوذها حتى على بغداد نفسها أحد أقوى عواصم الدولة العثمانية في الوطن العربي , ويتضح هذا النفوذ من خلال قيام الامير حمود بن ثامر السعدون بتعيين دخيله سعيد والي على بغداد وتنتفيذ ذلك بالقوة العسكرية وباحتلال بغداد واضطرار الدولة العثمانية الى ان تبلع الاهانة وتقبل بالوالي الجديد على الرغم من انه كان صغير في السن (عمره واحد وعشرين سنه) وكان ايضا غير مؤهل للولايه وبعد التعيين اصبح الامير حمود بن ثامر السعدون يدير العراق من خلال هذا الوالي ولعدة سنوات وقام الوالي سعيد باشا باعطاء الامير حمود السعدون مافي جنوب البصرة من القرى والتي يعادل ايرادها ثلث ايراد العراق وقصد الشعراء الامير حمود السعدون .
ينقل الدكتور علي الوردي عن ابن سند البصري , كتاب لمحات من تاريخ العراق الحديث , ج1 ص : 218
((( ان امر سعيد باشا صار بيد حمود شيخ المنتفق كالطفل في يد وصيه , وقد أعطاه سعيد باشا مافي جنوب البصرة من القرى جميعها وهو مايقارب ثلث ايراد العراق , وضحك لآل المنتفق الزمان ,وأطاعهم الحاضر والبادي , وقصدهم الشعراء من جميع النواحي , وأجازوا بجوائز تفوق جوائز بني العباس , وكنت لاتسمع في المجالس الا صفاتهم ومدحهم بما هو زائد عن حدهم , بل عن حد الملوك .)))
يقول ماكس فرايهير فون أوبنهايم في كتابه البدو , ج3 , ص: 285 ((( فدخل حمود الى بغداد مع سعيد الذي كان في حمايته , وكان هذا نصرا لآل سعدون لا مثيل له . لم يكن سعيد مؤهلا لمنصبه , فلم يكن عمره سوى واحد وعشرين عاما ولم تكن لديه أي خبره في ادارة شؤون الدولة ))).
يقول حمد بن لعبون في كتابه تاريخ ابن لعبون ص:660 ((( وجرح برغش بن حمود . ثم : أنه مات وقتلوا عبدالله باشا وسار حمود وجه أسعد لبغداد , وملك العراق ورجع ))).
يقول سليمان فائق بك (وهو عدو للمنتفق و أحد كبار موظفين الدولة العثمانية ) في كتابه عشائر المنتفق , ص:35 ((( وبناء على هذه الوقعة الكبيرة نالت عشائر المنتفق الشهرة العظيمة , وانتشر خبر حمود الثامر في كل الأطراف , وهابته العشائر , ولقبته بسلطان البر . وبدأوا يسمونه سلطان حمود الثامر ))).
.........................
وهذه قصيدة الشيخ الشريف/ علي بن ثامر السعدون في رثاء أخيه الشيخ الشريف /عبدالمحسن بن ثامر السعدون, وذكر انتصارهم في معركة (غليوين) على والي بغداد عبدالله باشا سنة 1813م حماية لدخيلهم سعيد باشا, وقد قامت المنتفق بقتل الوالي القديم, واحتلوا بغداد,ونصبوا سعيد باشا والياً عليها:
الورق يلعي فوق عالي قصورها
حمايمٍ، ويطربن الغنا من فجورها
تغنّت بصافي النوح عندي, وانا الذي
من البعد والفرقا أصالي مرورها
أيا أيها الورق الذي أنت ساهر
لك النوح شطرٍ من معالم شطورها
آه وا عضيدي راح.. ما عاد يرجع
باللحد ثاوي في مطاوي قبورها
(أبا برك) زبن الجاذيات ابن ثامر
وان همّلوا عصمان الايدي سيورها
أيا ليت (ابو براك) بالكون حاضر
به صولةٍ جتنا. كفى الله شرورها
لفتنا: ربيعة وابن جشعم ولامها
معا.. عسكر الدولة، وجملة حضورها
ومعهم عقيلٍ، والقبايل جميعها
واللي بقلبه حسفةٍ.. جا.. يدورها
واشاروا علينا بالقطيعة، وذبحنا
والاطواب تكفي في ملاهي زمورها
دعونا الصبح, واحنا نلملم جموعنا
وحاروا، وداروا.. كيف حالٍ ندورها
و(صالح) نهار الكون زيزوم حربنا
عزنا، وزبن رجالنا عن عقورها
وانا على قبّاً.. قحومٍ وعندلٍ
رفوعٍ، وشعوى لى تمثنت وعورها
ركضنا عليهم ركضةٍ (هاشميّة)
وراحت تناحي بالعوالي صدورها
غدا ذاك مذبوح, والاخر مخلاّ
وهذاك حقٍّ للحدا مع نسورها
وليناهم, وطابت بهم نفس لابتي
ليا عاد (ابو برغش) حماها، وسورها
لمن خاب ذاك اليوم منّا، ومنهم
رايات سودٍ تنتشر في نشورها
(ورد نص الخطاب في كتاب تاريخ المنتفق لسليمان فائق).
أيها الأمراء والرؤساء والمشايخ:
أخاطبكم اليوم لعلمي أنكم الممثلون للعرب، وأعلم أيضاً أن قد تجسمت فيكم الشهامة والغيرة والحمية، وبما أنكم أمراء ورؤساء القبائل أخاطبكم بخطاب يليق بكم، فليكن معلومكم أيها الأجلاء العظام والسادة الكرام...أن دخيلنا (سعيد بك) لما علم أن حياته بخطر، وأن الداعي كنت المتفق الخاص لوالده التجأ إلينا كي يتمكن من المحافظة على حياته المهددة بالخطر، ووقع دخيلاً عندنا،وها هو هذا: تعرفونه وتعرفون أباه، وتعرفون منزلة أبيه وهو من ذوي البيوت لا من العتقاء والسوقة، وإني قد تعهدت وتكفلت بحمايته حماية مطلقة، وأنه الدخيل عندي، ولم تظهر له أدنى مظاهرة تشغل الحكومة بل ولم يتحرك بحركة مخالفة لرضاء الدولة، وكررت هذه الكيفية للولاية مراراً فلم تفد جميع مراجعاتي واسترحاماتي. ولذا لم يبق للحكومة حق إن خالفتها وعصيتها لأني قد اخترت جواب السلب، وأمرتنا الولاية بهذا الأمر الذي قرأته عليكم بتسليم الدخيل، فإن لم نسلمه تأخذه الحكومة من عندنا قسراً بقوة السلاح، وهذا تهديدهم كما سمعتموه. و قد حاكمت نفسي مراراً بكيفية تسليم الدخيل، فأبت نفسي وشيمتي العربية تسليم الدخيل كتسليم الشاة إلى القصاب، وجزمت وعزمت على أن أقاوم وأدافع الحكومة بكل مجهودي وقوتي لآخر نفس، فإن عجزت عن المقاومة أكون مجبوراً على ترك أولادي وعيالي وآخذ دخيلي، وأهرب به إلى الديار النجدية حفظاً لناموسي وشرفي،فمن كان منكم يكره هذه الحالة فليعتزل إلى جنب، واعتقدوا أني لا أجبر ولا أكره أحداً على أن يكون معي. فكل منكم مختار برأيه حيث أن هذه المسألة خاصة بنفسي، وعائدة علي، ولا شك أن هذا ناموسي وشرفي، ولا أقبل أن يدنس أو يكون فيه العار، وتسليم الدخيل هو أكبر عار علينا، ولهذا لا بد أن أهرق آخر قطرة من دمي للمحافظة على الناموس، واعلموا جميعاً أني لا أكلف أحداً منكم بتكليف لا يطيقه.فردوا عليه بالموافقة، ومما قالوا له:
ألم نكن نحن مثلك عرب ومن العرب؟.
أما نحن الذين قبلناك رئيساً علينا لعلمنا أنك الرجل الوحيد بل الشريف الغيور الفريد المنصف بهذه الديار؟،
فكما أن شيمتك العربية تأبى تسليم الدخيل فشيمتنا وغيرتنا العربية تأبى أيضاً أن نعتزل عنك بمثل هذا اليوم الأسود، وكيف تقبل شيمتنا الاعتزال عنك فلا نبقيك أنت ودخيلك مادام فينا دم الحياة؟،
وها نحن حاضرون نفدي أنفسنا وأرواحنا ومالنا في سبيل تخليص دخيلك.
بعض الاقوال في اسرة السعدون وامارة المنتفق من 1530م إلى 1918 م:
لم تظهر على مسرح الحوادث في تاريخ العراق الحديث أسرة نبيلة تولت الامارة، وتحكمت في مقدرات العراق ومصائره دهرا طويلا من الزمن مثل أسره السعدون المعروفة.فقد بسطت نفوذها على القسم الأعظم من العراق الجنوبي مدة تناهز الأربع مئة سنة، وتولى شيخة قبائل المنتفك وإمارتها ما يزيد على العشرين شيخا من أبنائها البارزين .
وقد كانت هذه الأسرة العربية الكريمة أول من بعث الفكرة العربية من مرقدها في العراق الحديث ،وحمل راية النضال من أجلها بالدم والحديد في وجه الأتراك والايرانين،بعد أن دثرت وانطمست مآثرها على أيدي المغول الأثيمة. والحق أن تاريخ العثمانيين في العراق ،خلال الحقبة الطويلة التي حكموا فيها ، كان تاريا حافلا بالغزوات والحملات التي كان يجردها الباشوات المتعاقبون في بغداد لتأديب الثائرين من آل سعدون في الجنوب والمتمردين من آل بابان في الشمال . وان دل هذا على شي فانه يدل على أن العنصرين الكبيرين الذين يتألف منهما العراق في يومنا هذا كانا يقفان أبدا ودوما في وجه الحكم الأجنبي والتسلط الغريب.
وقد كان العثمانيون يشعرون بثقل العبء الملقي على عاتقهم في هذا الشان ، ولذلك كانت تصرفا تهم وخططهم التي رسمت خلال مدة حكمهم كلها ،ولا سيما في عهودهم الأخيرة ،تستهدف ضعضعة الأسرة السعدونية القوية والقضاء عليها بالحركات العسكرية والتدابير الادارية ،والعمل على انقسامها فيما بينها .
(جعفر الخياط - صور من تاريخ العراق في العصور المظلمة)
مامن قبيلة عراقية تضاهي المنتفق في الأهمية ولا عائلة شيوخ تضاهي عائلة سعدون - شبيب التي أسست في أواخر القرن السابع عشر مملكة المنتفق على الفرات الأدنى والتي جلبت في الحرب العالمية الأولى - عندما كانت تلك المملكة قد سقطت - لاسم المنتفق الفخر والاعتزاز مرة أخرى.
(ماكس فرايهير فون أوبنهايم - البدو ج3 )
ليس بخاف على من له اطلاع على تاريخ آل سعدون ، ذوي الشرف الباذخ والعز الأثيل أنهم جعلوا من (اتحاد) المنتفق قدوة للعشائر والقبائل ، حاربوا به العثمانيين والفرس وأنزلزا بهم الهزائم ...
(يعقوب سركيس - مباحث عراقية -ق 3)
آل السعدون أصلهم من الحجاز فقد هاجروا الى العراق في أوائل القرن العاشر وحكموا المنتفق , وهم ينتسبون الى جدهم الأعلى سعدون بن الشريف محمد وينتهي نسبهم الى الأمام علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-....كانت لهم امارة انتشرت رقعتها ونفوذها حتى اصطدمت هي والنفوذ العثماني مرات عديدة... ومن أطرف مايذكر عن آل السعدون أنهم أول من فكر في تأسيس حكومة عربية تعيد مجد العرب, ولآل السعدون فضل في رد الفرس عن العراق أكثر من مرة, كما حارب آل السعدون الأحتلال الانكليزي بقيادة أعجمي السعدون .... وآل السعدون كانت لهم أمارة كبيرة تضم السماوة والمنتفق وأبو الخصيب والعمارة والبصرة .
(القبائل والبيوتات الهاشمية في العراق) لمؤلفه : يونس الشيخ ابراهيم السامرائي.
آل سعدون هم عائلة شريفة هبطت العراق في أوائل القرن العاشر للهجرة وأسسوا فيه إمارة كبرى دامت أربعمائة سنة تقريباً وقد تولى المشيخة منهم شيوخ كثيرون. وهم قوم يرجعون بأنفسهم إلى الحجاز وبأنسابهم إلى أشارف الحجاز وأمرائه فهم قرشيون هاشميون علويون.
(تاريخ السعدون - المؤرخ عبدالله الناصر)
فان المنطقة الممتدة من القرنة الى الناصرية , ومافيها من مستنقعات وأهوار الشلب وبساتين النخيل والبادية , تسكنها الآن حوالي خمسين قبيلة ذات أصل مختلف كانت كل منها تؤلف في وقت من الأوقات جزءا من مجموعة قبائل المنتفك في ظل الأسرة الحجازية الجبارة, أسرة السعدون.
(المس بيل - فصول من تاريخ العراق القريب)
لقد أستطاع الشريف حسن , ومن بعده أبنائه واحفاده , من انشاء أتحاد عشائري ضخم سمي " المنتفق " أو " المنتفج " تحت رئاسة وقيادة آل سعدون , أستمر حتى أيام مدحت باشا سنة 1871 مستقلا يتمتع بنفوذ ذاتي لا علاقة له تقريبا بالحكم العثماني أن النزعة الأستقلالية لعموم العراق لم تكن خافية على أحد , ولم يكن آل سعدون يترددون من الأعلان عن عزمهم على تحقيق استقلال العراق . رغم أن الظروف والضرورة ألجأت بعض القادة من آل سعدون إلى التعامل مع السلطات العثمانية في اطار من التعاون والتحالف للقيام ببعض المهمات العسكرية المشتركة.
(حليم حسن الأعرجي - كتاب (آل الأعرجي _أحفاد عبيدالله الأعرج).)
فمن أجل عشائرها عشيرة المنتفك – وهي ذات كثرة وتفرع الى عدة قبائل , فمن قبائلها : بنو مالك , والأجود , وبنوسعيد , وبنو ركاب , والخفاجة , والطوينات , والشويلات , والطوكبة , والبدور , والشريفات , والجمعيات , والماجد وآل صالح , والزهيرية , وشمر الزوابع , وشمر العبيدات وبنو سكين , وبنو تميم , والسليمات , والعيايشة , والبراجقة , والغزيوي , والعوينات , والفضيلة , وبنو نهد , وعبوده , والمجاوعة , وخرسان , وأمارة وربيعة , وكويش , وسراج , وآل دراج . وغير ذلك من القبيلة الكثيرة التي يطول بيانها . وكذا في جهة الغراف قبائل كثيرة للمنتفك يطول بيانها . وأنما اقتصرنا على بعضها ليعرف عظم عشائر المنتفك وأكابرهم آل شبيب وأكابر آل شبيب آل سعدون , وهم شيوخ المنتفك في عصرنا .
(عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد – ابراهيم فصيح الحيدري)
قد كان لأسرة السعدون أثر واضح في تاريخ العراق ،وهم أول من فكر في تأسيس حكومة عربية تعيد مجد العرب.
(القاضي أحمد نور الأنصاري - النصرة في أخبار البصره)
إن اتحاد المنتفق ،أقوى الاتحادات العراقية وأكثرها عددا... وفي مقدوره أن يقدم إلى ساحة المعركة مايقارب من (50,000) ألف مقاتل ،بفضل اتحاد قبائله ورؤسائه من آل شبيب ... (إنه) اتحاد مخيف ، بل مرعب لقوى الدولة وللقوى الأخرى ، طالما جرع الكثيرين هزائم لا تنكر ...
(الكسندر أداموف - ولاية البصره في ماضيها وحاضرها)
في ظل الأسرة الحجازية الجبارة ، أسرة السعدون والتي لعبت دورآ لا يستهان به في تاريخ المنطقة الحافل ، قبائل المنتفق تشكل دومآ مصدر إزعاج للسلطات البريطانية ، وخصوصآ وأنهم رؤوا أمراءهم السابقين (السعدون ) متمسكين بكبرياء وتقاليدهم القتالية التي جعلتهم في معزل عن أي مساهمة أخرى في حكم البلاد ، مما قوى دعاويهم، ولم يسهل أمرنا في أراضي المنتفق حتى عام 1919 ....
(المس بيل - فصول من تاريخ العراق القريب)
إيجاد الفكرة العربية وبث القضية من مرقدها ومحاولة استرجاع الدولة العربية التي كانت معرسة في هذا القطر فإن أول من استفز للقضية بعد أن درت ومزقتها أعمال المغول والتتار والأتراك والفرس هم آل سعدون فأول ساع للبعث وأول دماغ حمل الفكرة الصالحة وهو دماغ الشيخ ثويني العبد الله فسعى لعقد حلف عربي يتكون من أضلاع ثلاثة عقيل وخزاعة والمنتفق تكون غايته طرد الأتراك من العراق وتأسيس دولة عربية
(المؤرخ عبدالله الناصر - تاريخ السعدون -((قسم مآثر آل سعدون))-)
عندما يترعرع الصبي يعلم الرماية والفروسية ويعود على احتمال المشاق ومواجهة المخاطر والصعوبات ويلقن استهجان الموت الطبيعي والاستخفاف به وقد بلغ منهم هذا أنه إذا أصيب الصبي بجرح وجيء به لأهله مضرجا بالدماء يقابله أهله وذووه بقولهم (عريس عريس) وتتعالى الزغاريد وتقام الأفراح والولائم.
(المؤرخ عبدالله الناصر - تاريخ السعدون -((قسم تقاليد آل سعدون وعاداتهم الأجتماعية))-)
وماكاد يحل القرن الثاني عشر حتى انتشرت الفوضى في نجد وعم الانقسام , وتوسعت الفرقة , وتفرقت الكلمة , وتعددت الامارة والمشيخات ,فكانت الأمارة في العيينة لآل معمر , وفي الدرعية لآل سعود , وفي الرياض لآل دواس , وفي الأحساء لبني خالد , وفي نجران لآل هزال , وفي حائل لآل علي , وفي القصيم لآل حجيلان , وفي حدود نجد الشمالية وجنوب العراق لآل شبيب.
(حسين خلف الشيخ خزعل – تاريخ الجزيرة العربية , ج1)
بعض المصادر التي ذكرت معركة غليوين :
1- كتاب لمحات من تاريخ العراق الحديث للدكتور علي الوردي , ج1 ص :217-218.
2-تاريخ ابن لعبون , ص:659- 660 .
3- كتاب البدو , ماكس فرايهير فون أوبنهايم , ج 3 , ص: 285 , 601 .
4- عنوان المجد , ابن بشر ,ج 1, ص: 336 - 337 .
5- التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية , ص:414 – 417 .
6- امارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق والمنطقة الأقليمية , د. حميد حمد السعدون ,ص: 159 – 163.