فيلسوف عتيبة
10-05-2005, 09:35 PM
دين العجائز, عبارة تفوه بها بعض الأئمة الأعلام المشار اليهم في زمنهم, بعد أن تمرغوا في أتربة الفكر والرأي ردحاً من الزمن, تفوهوا بها بعد أن أيقنوا أن فلسفات البشر وكلامهم وارائهم للعقل, كالغبار للأنف. فمن هؤلاء؟؟ أبو بكر الخوارزمي الحنفي و
1) محمد بن موسى بن محمد, أبو بكر الخوارزمي تـ 403 هـ
شيخ الحنفية وفقيههم, انتهت إليه رياسة الحنفية ببغداد وفي الآفاق, وكان معظما عند الملوك, وقد سمع الحديث من أبي بكر الشافعي وغيره, وكان ثقة دينا حسن الصلاة, على طريقة السلف, قال الخطيب البغدادي نقلاً عن شيخه الإمام البرقاني رحمه الله: سمعته يقول ديننا دين العجائز, ولسنا من الكلام في شيء. انتهى, ويبدو انه رحمه الله أول من اطلق عبارة ((دين العجائز)) والله اعلم.
2) الإمام الكبير الشهير, إمام الحرمين, أبو المعالي الجويني الصوفي, شيخ الشافعية, واسمه عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حمويه الجويني النيسابوري, ضياءئ الدين الشافعي 419 - 478 هـ
قال الإمام المحدث المؤرخ أبو سعد السمعاني((حفيد الشخصية القادمة الإمام أبو المظفر السمعاني)) في كتابه الذيل: أخبرنا الهمذاني قال: سمعت أبا المعالي, يعني إمام الحرمين يقول: قرأت خمسين آلفا في خمسين آلفا, ثم حلبت أهل الإسلام بإسلامهم فيها, وعلومهم الظاهرة, وركبت البحر الخضم, وغصت في الذي نهى أهل الإسلام عنه, كل ذلك في طلب الحق , هرباً من التقليد, والان رجعت من العمل إلى كلمة الحق, عليكم بدين العجائز, فإن لم يدركني الحق بلطفه وأموت على دين العجائز وتختم عاقبة أمري على الحق وكلمة الإخلاص, وإلا فالويل لابن الجويني. انتهى بحروفه, رحمه الله رحمة واسعة.
وهذه القصة سمعها منه أيضاً أبو جعفر الحافظ شيخ ابو الفرج ابن الجوزي, وقد أوردها ابن الجوزي وهو معاصر لأبي السعد السمعاني في تاريخه المنتظم.
ومن روائع شعر ابي المعالي الجويني:
نهاية أقدام العقول عقال *** وغاية آراء الرجال ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا *** وغاية دنيانا أذى ووبال
قال ابن الجوزي: أنبأنا أبو زرعة عن أبيه محمد بن طاهر المقدسي قال: سمعت أبا الحسن القيرواني وكان يختلف إلى درس أبي المعالي الجويني يقرأ عليه الكلام يقول: سمعت أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو علمت أن الكلام يبلغ إلى مابلغ مااشتغلت به.
3) الإمام العلامة المحدث المؤرخ أبي المظفر السمعاني, واسمه منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي, السمعاني المروزي الحنفي فـ الشافعي, مفتي خراسان وشيخ الشافعية 426 - 489 هـ
من أهل مرو, تفقه على أبيه أبي منصور على مذهب أبي حنيفة حتى برع في الفقه وبرز على أقرانه من الشبان ثم ورد بغداد في سنة 461 هـ وسمع الحديث الكثير بها واجتمع بأبي إسحاق الشيرازي وأبي نصر بن الصباغ ثم انتقل إلى مذهب الشافعي فلما رجع إلى بلده, اضطرب أهل بلده, وجلب عليه العوام وقالوا طريقة ناظر عليها أكثر من ثلاثين سنة ((يقصدون المذهب الحنفي)) ثم تَحوَّل عنها. ففر إلى طوس, ثم قصد نيسابور, ووعظ وصنف التفسير والبرهان و الاصطلام وكتاب القواطع في أصول الفقه وكتاب الانتصار في الحديث وغير ذلك, وأملى الحديث وكان يقول: ما حفظت شيئًا فنسيته. وسئل عن أخبار الصفات فقال: عليكم بدين العجائز وسئل عن قوله: {الرحمن على العرش استوى} فقال:
جئتماني لتعلما سِرَّ سعدى تجداني بسر سُعدى شحيحا
إن سُعدى لمنية المتمني جمعت عفة ووجها صبيحا
توفي بـ مرو رحمه الله رحمة واسعة. وننتقل الآن من القرن الخامس الى القرن السابع مع الشيخ الفقيه الشهير تقي الدين ابن دقيق العيد:
4) الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد, واسمه, محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المنفلوطي المصري المالكي فـ الشافعي 625 – 702 هـ
هو الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد, أحد الأعلام وقاضي القضاة. قال الصفدي في الوافي بالوفيات: أنشدني إجازة الشيخ ناصر الدين بن شافع قال: من نظم الشيخ تقي الدين قوله:
تجاوزت حد الأكثرين إلى العلى *** وسافرت واستبقيتهم في المفاوز
وخضت بحاراً ليس يعرف قدرها *** وألقيت نفسي في فسيح المفاوز
ولججت في الأفكار ثم تراجع *** اختياري إلى استحسان دين العجائز
يذكر أن فيلسوف ألمانيا الكبير, فريدريك نيتشة, وفي لحظة هدوء وتفكير صاف سليم, قد ((ضرب نافوخه)) فّجُن, حيث وقف وقفة صادقة مع نفسه, متسائلاً وهو ذلك الذي عاش متديناً منذ مولده وفق تعاليم الكنيسة, وقال للقساوسة, إذا كنتم تقولون أن الرب قد مات, فإنه لايوجد رب. وأصيب بعد ذلك بالجنون حتى مات, أرجوا أن يغفر الله له, فقد أمسك بطرف الخيط, وهو بهذا التساؤل أقرب للتوحيد من المعتزلة, ولكن العقل سيصاب بالمس إذا لم يعرف ربه من خلال النقل, عندما خارت الأمة المسؤولة عن هذه المهمة, حينما كسر سيف الرعاع القلم وتغلب عليه, فلا أحد ينكر عبر مسيرة التاريخ أن السيوف عادة بيد الجهلاء والأقلام بيد العلماء.
ويصبح التاريخ على مرارة, وتقبلوا فائق التحية ورمضان كريم
فيلسوف عتيبة
1) محمد بن موسى بن محمد, أبو بكر الخوارزمي تـ 403 هـ
شيخ الحنفية وفقيههم, انتهت إليه رياسة الحنفية ببغداد وفي الآفاق, وكان معظما عند الملوك, وقد سمع الحديث من أبي بكر الشافعي وغيره, وكان ثقة دينا حسن الصلاة, على طريقة السلف, قال الخطيب البغدادي نقلاً عن شيخه الإمام البرقاني رحمه الله: سمعته يقول ديننا دين العجائز, ولسنا من الكلام في شيء. انتهى, ويبدو انه رحمه الله أول من اطلق عبارة ((دين العجائز)) والله اعلم.
2) الإمام الكبير الشهير, إمام الحرمين, أبو المعالي الجويني الصوفي, شيخ الشافعية, واسمه عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حمويه الجويني النيسابوري, ضياءئ الدين الشافعي 419 - 478 هـ
قال الإمام المحدث المؤرخ أبو سعد السمعاني((حفيد الشخصية القادمة الإمام أبو المظفر السمعاني)) في كتابه الذيل: أخبرنا الهمذاني قال: سمعت أبا المعالي, يعني إمام الحرمين يقول: قرأت خمسين آلفا في خمسين آلفا, ثم حلبت أهل الإسلام بإسلامهم فيها, وعلومهم الظاهرة, وركبت البحر الخضم, وغصت في الذي نهى أهل الإسلام عنه, كل ذلك في طلب الحق , هرباً من التقليد, والان رجعت من العمل إلى كلمة الحق, عليكم بدين العجائز, فإن لم يدركني الحق بلطفه وأموت على دين العجائز وتختم عاقبة أمري على الحق وكلمة الإخلاص, وإلا فالويل لابن الجويني. انتهى بحروفه, رحمه الله رحمة واسعة.
وهذه القصة سمعها منه أيضاً أبو جعفر الحافظ شيخ ابو الفرج ابن الجوزي, وقد أوردها ابن الجوزي وهو معاصر لأبي السعد السمعاني في تاريخه المنتظم.
ومن روائع شعر ابي المعالي الجويني:
نهاية أقدام العقول عقال *** وغاية آراء الرجال ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا *** وغاية دنيانا أذى ووبال
قال ابن الجوزي: أنبأنا أبو زرعة عن أبيه محمد بن طاهر المقدسي قال: سمعت أبا الحسن القيرواني وكان يختلف إلى درس أبي المعالي الجويني يقرأ عليه الكلام يقول: سمعت أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو علمت أن الكلام يبلغ إلى مابلغ مااشتغلت به.
3) الإمام العلامة المحدث المؤرخ أبي المظفر السمعاني, واسمه منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي, السمعاني المروزي الحنفي فـ الشافعي, مفتي خراسان وشيخ الشافعية 426 - 489 هـ
من أهل مرو, تفقه على أبيه أبي منصور على مذهب أبي حنيفة حتى برع في الفقه وبرز على أقرانه من الشبان ثم ورد بغداد في سنة 461 هـ وسمع الحديث الكثير بها واجتمع بأبي إسحاق الشيرازي وأبي نصر بن الصباغ ثم انتقل إلى مذهب الشافعي فلما رجع إلى بلده, اضطرب أهل بلده, وجلب عليه العوام وقالوا طريقة ناظر عليها أكثر من ثلاثين سنة ((يقصدون المذهب الحنفي)) ثم تَحوَّل عنها. ففر إلى طوس, ثم قصد نيسابور, ووعظ وصنف التفسير والبرهان و الاصطلام وكتاب القواطع في أصول الفقه وكتاب الانتصار في الحديث وغير ذلك, وأملى الحديث وكان يقول: ما حفظت شيئًا فنسيته. وسئل عن أخبار الصفات فقال: عليكم بدين العجائز وسئل عن قوله: {الرحمن على العرش استوى} فقال:
جئتماني لتعلما سِرَّ سعدى تجداني بسر سُعدى شحيحا
إن سُعدى لمنية المتمني جمعت عفة ووجها صبيحا
توفي بـ مرو رحمه الله رحمة واسعة. وننتقل الآن من القرن الخامس الى القرن السابع مع الشيخ الفقيه الشهير تقي الدين ابن دقيق العيد:
4) الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد, واسمه, محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المنفلوطي المصري المالكي فـ الشافعي 625 – 702 هـ
هو الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد, أحد الأعلام وقاضي القضاة. قال الصفدي في الوافي بالوفيات: أنشدني إجازة الشيخ ناصر الدين بن شافع قال: من نظم الشيخ تقي الدين قوله:
تجاوزت حد الأكثرين إلى العلى *** وسافرت واستبقيتهم في المفاوز
وخضت بحاراً ليس يعرف قدرها *** وألقيت نفسي في فسيح المفاوز
ولججت في الأفكار ثم تراجع *** اختياري إلى استحسان دين العجائز
يذكر أن فيلسوف ألمانيا الكبير, فريدريك نيتشة, وفي لحظة هدوء وتفكير صاف سليم, قد ((ضرب نافوخه)) فّجُن, حيث وقف وقفة صادقة مع نفسه, متسائلاً وهو ذلك الذي عاش متديناً منذ مولده وفق تعاليم الكنيسة, وقال للقساوسة, إذا كنتم تقولون أن الرب قد مات, فإنه لايوجد رب. وأصيب بعد ذلك بالجنون حتى مات, أرجوا أن يغفر الله له, فقد أمسك بطرف الخيط, وهو بهذا التساؤل أقرب للتوحيد من المعتزلة, ولكن العقل سيصاب بالمس إذا لم يعرف ربه من خلال النقل, عندما خارت الأمة المسؤولة عن هذه المهمة, حينما كسر سيف الرعاع القلم وتغلب عليه, فلا أحد ينكر عبر مسيرة التاريخ أن السيوف عادة بيد الجهلاء والأقلام بيد العلماء.
ويصبح التاريخ على مرارة, وتقبلوا فائق التحية ورمضان كريم
فيلسوف عتيبة