شمري واحب عتيبه
07-25-2009, 08:20 PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ....
فئة من المجتمع تستحق الرعاية والاهتمام ، نسبتها في الإحصاءات عالية والاهتمام الدولي والمحلي بها ظاهرة تستحوذ على اهتمام المخططين للمستقبل بها يقاس قوة المجتمع أو ضعفه طاقتها كبيرة والمخططات لإصلاحها أو إفسادها كثيرة .هذه الفئة لها إيجابيات تستحق الإشادة والمتابعة ولها سلبيات تستوجب النظر والعلاج .
إنهم الشباب ( الفتيان والفتيات ) لفت القرآن الإشارة إليهما {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} وأصحاب الكهف {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} وجاء في السنة النبوية العناية بهما (وشاب نشأ في طاعة الله) (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)
وفي السيرة النبوية اعتمد النبي ص على الشباب في الدعوة والهجرة والجهاد وتعلم العلم وتعليمه وهل كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا شبابا أحداثاً ؟ ومصعب بن عمير ومعاذ بن جبل وعلي بن أبي طالب وأسامة بن زيد وعبد الله بن الزبير وابن عباس وابن عمر وخالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل رضي الله عنهم أجمعين نماذج لهؤلاء الشباب وفي مجالات متعددة .
إخوة الإسلام العناية بالشباب عناية بالمجتمع فهم يمثلون (نسبة كبيرة) منه ( وفاعلة ) فيه والالتفات للشباب عناية بالمستقبل فهؤلاء هم رجالاته وصانعوا تاريخه .
إن المتأمل في وضع الشباب يرصد ايجابيات تسر وتفرح ومنها الحرص على الصلاة والإقبال على المساجد والانخراط في حلق تحفيظ القرآن والبحث عن السنة ومحاولة الالتزام بها والمشاركة في الدعوة وطلب العلم ومحبة العلماء ومحاولة تقديم النموذج الأمثل للشباب والبر والصلة والإحسان والحسبة ..
وأياً ما كان إجادة الشباب أو الشابات في هذه الأمور أو غيرها أو تقصيرهم فالرغبة موجودة والدافع وإن ضعف يقوى والملاحظات وإن وردت تُعالج والجميل أن لدى الشباب استعداداً للتوجيه وقدرة على تطوير الذات..وهذه وتلك تُفرح وتسر لكن ثمة ما يحزن ويؤلم ويحتاج إلى وعي بالداء ومعرفة بوضع الدواء وصبر على المتابعة والتربية .
إنها أخطاء يقع فيها الشباب ..ممارسات سلوكية مشينه ..وفراغ قاتل وتسكع في الشوارع .. واعتداء على الآخرين .. وغيبة في الاستراحات - ولا تسأل عن موائدها - وخروج عن البيت وغيبة عن الأهل لساعات طوال لا يدري الأبوان فضلا عن الإخوان والأخوات أين يكون هذا الشاب ؟ نَهَمٌ في العكوف على الفضائيات وأي فضائيات..إنها سارقة الدين والخلق مثيرة الغرائز والفتن.. وانشغال ولساعات طوال في الشبكات العنكبوتية ولا سيما في مواقع مشبوهة ومحادثات ودردشات هابطة وإدمان على مشاهدة برامج ولعب معينه في ما يسمى( بالسني ) أو( البلاستيشن ) وما فيها من غزو للأفكار والمعتقدات .
ويسوؤك في هذه النوعية من الشباب سهرٌ مفرط – وعلى غير فائدة – بل ربما كان على أمور مشبوهة.
ونومٌ ولساعات طوال في النهار .. يفوت الصلاة المكتوبة ويكون على حساب العمل أو الدراسة ، ويشكل خطراً يهدد الصحة ويدعوا للانطواء والسلبية .. فماذا ترجو من شباب يطيل السهر أن يقدم خدمات لأهله وأسرته ؟ وربما نفعهم البعيد والقريب يغط في نوم عميق!! .
والأخطر من ذلك حين يساق الشاب إلى مجتمعات وشِلل من الشباب قلَّ دينها ، أو يغرر به في الدخول إلى نفق المخدرات والمسكرات ، إنها خسارة للفرد والمجتمع وخطرٌ وقلق على الأهل ومن سواهم .
وحين يكون الحديث عن الشباب والجوال فالحديث يطول ، مكالماتٌ تحصد الدرهم والدينار وتحصد قبل ذلك المثل الأخلاقية ورسائل تُبعث عبر بريد الرسائل يندى لها الجبين ، وصور فاضحة يتبادلها الشباب وربما الشابات عبر تقنية البلوتوث أو غيرها وتلك تثير الغرائز وربما كانت سبباً في الوقيعة في المحظور ومواعيد تربط عبر الجوال عبر أحداث وربما وقعت في فخهم فتيات أغرار فكانت الفتنة .. وَمَن يُراقب الجوال ؟
وإن شئت أن تقع على الداء فاذهب إلى محلات بيعها لترى معظم نوعية زبائنها ؟
يا أبها الشباب وحين تُهدى إليكم نصائح فاقبلوها أو على الأقل تأملوا في جدواها .
إنكم معقد أمل للأهل وللمجتمع والدولة والأمة فأين تضعون أنفسكم ؟
إن سكرة الشباب قد تلهكم ولكن النظرة بعمق لمستقبلكم توقظ مشاعركم .
يا أيها الشباب طاقتكم أمانة فارعوها وصحتكم نعمة فلا تعبثوا فيها وأوقاتكم غالية فإياكم أن تقتلوها ، ومعدنكم ومعتقدكم من الأصالة والطيب فإياكم أن تذبحوها على قارعة الطرقات والقنوات .
يا معشر الشباب لن تزول أقدامكم يوم القيامة حتى تُسألوا عن شبابكم وأعماركم فيما أفنيتموها فأعدوا للسؤال جواباً .
يا معشر الشباب أيسركم أن يكون شباب الأمم الأخرى غارقاً قي الدراسة والبحث مشاركين في بناء الحضارة ووضع لبنات المستقبل وأنتم في لهوكم غافلون وعن تطلعات بلدكم وأمتكم سادرون ؟
إن العناية بالشباب ( فتياناً كانوا أم فتيات ) ينبغي أن يستحوذ على اهتمام المربين ، تُعقد له الاجتماعات وتناقش السلبيات والإيجابيات ويخلص إلى توصيات تُتابع لا تُحفظ .
وعلى رعاية ووقاية الآباء والأمهات فهم أغلى كنزٍ وأحق من توجه له التربية ، زينة في الدنيا ، ورصيد بعد الممات ، وذكر ومفخرة للأحياء والأموات .
وعلى الجهات الدعوية والاحتسابية أن تخصهم ببرامج نوعية ومتميزة ، وتضع لهم الدورات والمسابقات ، وتُدعم بالجوائز والمحفزات .. وليس خسارة ما ينفق على هؤلاء وأولئك .
وعلى الجهات الأمنية أن تراقب وتتابع ، وتُشخص المشكلات وتقترح العلاج ، وان تعطى الجوانب التربوية والتوعية في هذه القطاعات ما عسى الله أن يفتح به على قلوب من بلي بقضايا أمنية تخل بالشرف والعرض وتخرم المروءة وتهدد المجتمع .
وعلى القطاعات المعنية بالشباب سواء كانت رسمية ( كرعاية الشباب ) أو خيرية ( كالندوة العالمية للشباب الإسلامي ) أو نحوهما أن تطور في خدماتها وتوسع دائرة مناشطها ، وتهتم بفاعلية في حل مشكلات الشباب واستثمار طاقاتهم بما يفيدهم ويفيد مجتمعهم .
وعلى وسائل الإعلام أن تخصص برامج للشباب تكون من القوة والجاذبية بحيث تشكل بديلا ً نافعاً عن عدد من وسائل الإعلام التي فتنت الشباب إن للكلمة وقعها .. وللحوارات والمنتديات والقصة والشعر وغير ذلك من مفردات الإعلام أثراً لا يستهان به
والمهم أن نستشعر جميعاً موقع هؤلاء الشباب ، ومسؤوليتنا تجاههم ، ومع ذلك وقبله أن يستشعر الشباب موقعهم ويضعوا أنفسهم في الموقع المناسب لها حاضراً ومستقبلاً . {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (97) سورة النحل
الخطبة الثانية
الحمد لله يستحق الحمد والثناء {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }النحل53
يا معشر الفتيان والفتيات يكفي أن نُذكركم بنموذجين صالحين للشباب يمثل الذكور ( أبو جندل ) عبد الله بن سهيل بن عمرو رضي الله عنهما ويمثل الإناث ( أم كلثوم ) بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنهما وكلاهما كان أبوهما من قادة قريش ، منهم من هلك في بدر ومنهم من هو سيد المفاوضات في صلح الحديبية ، وخبرهما جاء في صحيح البخاري .
أما أبو جندل فقصته وعصاميته وولاؤه للإسلام وأهله ابتدأ قبل صلح الحديبية حيث كان من السابقين للإسلام ، وممن عذب على إسلامه فثبت وحين خرج قومه لبدر خرج معهم .. لكنه انحاز للمسلمين ، ثم أسر بعد ذلك وعذب ليرجع فثبت ، فلما كان صلح الحديبية جاء يرسف في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال أبوه ( سهيل ) : هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنَّ لم نقضي الكتاب بعد .. فأبى سهيل .. فلما أجيز للمشركين قال أبو جندل : أي معشر المسلمين أُرد إلى لمشركين وقد جئت مسلماً ؟ ألا ترون ما قد لقيت ، وقد عذب عذاباً شديداً في الله ( صحيح البخاري : الفتح 5 / 331 )
ثم استطاع أبو جندل أن يفر مع أبي بصير إلى الساحل وهناك شكلوا خطراً يهدد تجارة قريش .. حتى طلبت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم أن يردهم إليه في المدينة .
وحين فتحت مكة كان الشاب ( أبو جندل ) هو الذي استأمن لأبيه (سهيل بن عمرو ) وطلب له الجوار حتى أسلم ( سهيل ) وأخيراً شهد ( أبو جندل ) اليمامة لقتال مسيلمة ، فكان أحد شهدائها رضي الله عنه وأرضاه (سنة 11 هـ ) الإصابة : 11 / 64 – 65 ) .
وتلك صفحات ناصعة لهذا الشاب في الثبات والجهاد وعلو الهمة ، ومقاومة الكفر وأهله
أما النموذج الآخر فهي ( أم كلثوم ) بنت أحد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم البارزين ، قُتل أبوها في بدر.. وبقي إخوانها وأخواتها على الكفر أما هي ورغم ( حداثة ) سنها فقد رغبت في الإسلام وتحدت أهلها وخرجت مراغمة لهم حين أتيحت لها الفرصة ، وفي البخاري في قصة صلح الحديبية وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ – وهي عاتق – يعني شابة لم تتزوج ، فجاء أهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم فلم يرجعها حين نزل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } (10) سورة الممتحنة { البخاري : كتاب الشروط " الفتح 5 / 312 } .
أم كلثوم هذه هي التي قال عنها ابن سعد : ولا نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلى الله ورسوله إلا أم كلثوم . ( الطبقات 8 / 230 ) .
إنها نموذج آخر لصدق المرأة وثباتها رغم البلاء والمحن والصدود والإعراض والإغراء والفتن تجاوزت به أم كلثوم ضعف النساء لتُسجل في قائمة الثابتين على الحق والمهاجرين في سبيل الله .. فنعمت الهجرة إلى الله ورسوله ونعمت المرأة أم كلثوم .
يا معشر الفتيان والفتيات أين أنتم من هذه النماذج ؟ أليس مصيركم كمصيرهم؟ ماذا بقي لهؤلاء السابقين إلا الذكر الحسن .. والذكر للإنسان عمرٌ ثانٍ .
يا معشر الشباب لا بد للشمس من غروب ولا بد للشباب من المشيب هذا إن عمروا .. ويا ليتكم تتأملون قول الشاعر :
يُعمر واحد فيغرَّ قوماً ** وينس من يموت من الشباب
قال ابن الجوزي رحمه الله : يجب على كل من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعداً ، ولا يغتر بالشباب والصحة ، فإن أقل من يموت من الأشياخ وأكثر من يموت من الشباب ، ولهذا يندر من يكبر ويبلغ الشيخوخة .( متعة الحديث ص 53 ) .
يا معشر الشباب أيكم صاحب القلبين : قلب يتألم به وآخر به يتأمل ؟
آلا تقدرون أن تكونوا كالنخلة :
تراها عن الأحقاد مرتفعة ** وبالطوب ترمى فتلقي أطيب الثمر
وكونوا كالنحلة أين وقعت فالعسل لا يفارقها وما يخرج من بطونها شفاءٌ للناس والتعاون والجدية والعمل ديدنها .
وهل يكون مَثَلكم عثمان رضي الله عنه فقد خطب على المنبر وقال : والله ما تغنيت ولا تمنيت ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام ، وما تركت ذلك تأثماً ولكن تركته تكرماً . ( متعة الحديث / 156 ) .
يا أيها الشاب كيف تفكر في مستقبلك ؟ وما هي طموحاتك وبرامجك ؟ ما وزن الدنيا والآخرة في نظرك ؟ وكيف تضبط جنوحك وتستثمر وقتك ؟ فكِّر ساعة واعمل مثلها ، واصبر في الساعة الثالثة تذل لك الصعاب وترقي مراقي العز والشرف ، ليكون قدوتك الشباب الجادين وإياك ومصاحبة البطالين .
كن لأبويك كالظل ، ولإخوانك كالنحل ولمجتمعك كالنخلة ، لا تكن كلاً على المجتمع ولا شغلاً لرجالات الأمن ولا مشكلة لرجالات التعليم .
أمامك مشوار طويل في الحياة وفي طريقك تحديات وأمامك فرصٌ للنجاح والفشل ، فخذ من شبابك لهرمك ، ومن فراغك لشغلك ، ومن صحتك لسقمك ، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا ما قامت القيامة وفي يدك فسيلة فاغرسها كان الله في عونك وسدد على طريق الخير خطاك ، وحفظك الله ووقاك وجعلك قرة عينٍ لوالديك وللمسلمين ..
فئة من المجتمع تستحق الرعاية والاهتمام ، نسبتها في الإحصاءات عالية والاهتمام الدولي والمحلي بها ظاهرة تستحوذ على اهتمام المخططين للمستقبل بها يقاس قوة المجتمع أو ضعفه طاقتها كبيرة والمخططات لإصلاحها أو إفسادها كثيرة .هذه الفئة لها إيجابيات تستحق الإشادة والمتابعة ولها سلبيات تستوجب النظر والعلاج .
إنهم الشباب ( الفتيان والفتيات ) لفت القرآن الإشارة إليهما {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} وأصحاب الكهف {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} وجاء في السنة النبوية العناية بهما (وشاب نشأ في طاعة الله) (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)
وفي السيرة النبوية اعتمد النبي ص على الشباب في الدعوة والهجرة والجهاد وتعلم العلم وتعليمه وهل كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا شبابا أحداثاً ؟ ومصعب بن عمير ومعاذ بن جبل وعلي بن أبي طالب وأسامة بن زيد وعبد الله بن الزبير وابن عباس وابن عمر وخالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل رضي الله عنهم أجمعين نماذج لهؤلاء الشباب وفي مجالات متعددة .
إخوة الإسلام العناية بالشباب عناية بالمجتمع فهم يمثلون (نسبة كبيرة) منه ( وفاعلة ) فيه والالتفات للشباب عناية بالمستقبل فهؤلاء هم رجالاته وصانعوا تاريخه .
إن المتأمل في وضع الشباب يرصد ايجابيات تسر وتفرح ومنها الحرص على الصلاة والإقبال على المساجد والانخراط في حلق تحفيظ القرآن والبحث عن السنة ومحاولة الالتزام بها والمشاركة في الدعوة وطلب العلم ومحبة العلماء ومحاولة تقديم النموذج الأمثل للشباب والبر والصلة والإحسان والحسبة ..
وأياً ما كان إجادة الشباب أو الشابات في هذه الأمور أو غيرها أو تقصيرهم فالرغبة موجودة والدافع وإن ضعف يقوى والملاحظات وإن وردت تُعالج والجميل أن لدى الشباب استعداداً للتوجيه وقدرة على تطوير الذات..وهذه وتلك تُفرح وتسر لكن ثمة ما يحزن ويؤلم ويحتاج إلى وعي بالداء ومعرفة بوضع الدواء وصبر على المتابعة والتربية .
إنها أخطاء يقع فيها الشباب ..ممارسات سلوكية مشينه ..وفراغ قاتل وتسكع في الشوارع .. واعتداء على الآخرين .. وغيبة في الاستراحات - ولا تسأل عن موائدها - وخروج عن البيت وغيبة عن الأهل لساعات طوال لا يدري الأبوان فضلا عن الإخوان والأخوات أين يكون هذا الشاب ؟ نَهَمٌ في العكوف على الفضائيات وأي فضائيات..إنها سارقة الدين والخلق مثيرة الغرائز والفتن.. وانشغال ولساعات طوال في الشبكات العنكبوتية ولا سيما في مواقع مشبوهة ومحادثات ودردشات هابطة وإدمان على مشاهدة برامج ولعب معينه في ما يسمى( بالسني ) أو( البلاستيشن ) وما فيها من غزو للأفكار والمعتقدات .
ويسوؤك في هذه النوعية من الشباب سهرٌ مفرط – وعلى غير فائدة – بل ربما كان على أمور مشبوهة.
ونومٌ ولساعات طوال في النهار .. يفوت الصلاة المكتوبة ويكون على حساب العمل أو الدراسة ، ويشكل خطراً يهدد الصحة ويدعوا للانطواء والسلبية .. فماذا ترجو من شباب يطيل السهر أن يقدم خدمات لأهله وأسرته ؟ وربما نفعهم البعيد والقريب يغط في نوم عميق!! .
والأخطر من ذلك حين يساق الشاب إلى مجتمعات وشِلل من الشباب قلَّ دينها ، أو يغرر به في الدخول إلى نفق المخدرات والمسكرات ، إنها خسارة للفرد والمجتمع وخطرٌ وقلق على الأهل ومن سواهم .
وحين يكون الحديث عن الشباب والجوال فالحديث يطول ، مكالماتٌ تحصد الدرهم والدينار وتحصد قبل ذلك المثل الأخلاقية ورسائل تُبعث عبر بريد الرسائل يندى لها الجبين ، وصور فاضحة يتبادلها الشباب وربما الشابات عبر تقنية البلوتوث أو غيرها وتلك تثير الغرائز وربما كانت سبباً في الوقيعة في المحظور ومواعيد تربط عبر الجوال عبر أحداث وربما وقعت في فخهم فتيات أغرار فكانت الفتنة .. وَمَن يُراقب الجوال ؟
وإن شئت أن تقع على الداء فاذهب إلى محلات بيعها لترى معظم نوعية زبائنها ؟
يا أبها الشباب وحين تُهدى إليكم نصائح فاقبلوها أو على الأقل تأملوا في جدواها .
إنكم معقد أمل للأهل وللمجتمع والدولة والأمة فأين تضعون أنفسكم ؟
إن سكرة الشباب قد تلهكم ولكن النظرة بعمق لمستقبلكم توقظ مشاعركم .
يا أيها الشباب طاقتكم أمانة فارعوها وصحتكم نعمة فلا تعبثوا فيها وأوقاتكم غالية فإياكم أن تقتلوها ، ومعدنكم ومعتقدكم من الأصالة والطيب فإياكم أن تذبحوها على قارعة الطرقات والقنوات .
يا معشر الشباب لن تزول أقدامكم يوم القيامة حتى تُسألوا عن شبابكم وأعماركم فيما أفنيتموها فأعدوا للسؤال جواباً .
يا معشر الشباب أيسركم أن يكون شباب الأمم الأخرى غارقاً قي الدراسة والبحث مشاركين في بناء الحضارة ووضع لبنات المستقبل وأنتم في لهوكم غافلون وعن تطلعات بلدكم وأمتكم سادرون ؟
إن العناية بالشباب ( فتياناً كانوا أم فتيات ) ينبغي أن يستحوذ على اهتمام المربين ، تُعقد له الاجتماعات وتناقش السلبيات والإيجابيات ويخلص إلى توصيات تُتابع لا تُحفظ .
وعلى رعاية ووقاية الآباء والأمهات فهم أغلى كنزٍ وأحق من توجه له التربية ، زينة في الدنيا ، ورصيد بعد الممات ، وذكر ومفخرة للأحياء والأموات .
وعلى الجهات الدعوية والاحتسابية أن تخصهم ببرامج نوعية ومتميزة ، وتضع لهم الدورات والمسابقات ، وتُدعم بالجوائز والمحفزات .. وليس خسارة ما ينفق على هؤلاء وأولئك .
وعلى الجهات الأمنية أن تراقب وتتابع ، وتُشخص المشكلات وتقترح العلاج ، وان تعطى الجوانب التربوية والتوعية في هذه القطاعات ما عسى الله أن يفتح به على قلوب من بلي بقضايا أمنية تخل بالشرف والعرض وتخرم المروءة وتهدد المجتمع .
وعلى القطاعات المعنية بالشباب سواء كانت رسمية ( كرعاية الشباب ) أو خيرية ( كالندوة العالمية للشباب الإسلامي ) أو نحوهما أن تطور في خدماتها وتوسع دائرة مناشطها ، وتهتم بفاعلية في حل مشكلات الشباب واستثمار طاقاتهم بما يفيدهم ويفيد مجتمعهم .
وعلى وسائل الإعلام أن تخصص برامج للشباب تكون من القوة والجاذبية بحيث تشكل بديلا ً نافعاً عن عدد من وسائل الإعلام التي فتنت الشباب إن للكلمة وقعها .. وللحوارات والمنتديات والقصة والشعر وغير ذلك من مفردات الإعلام أثراً لا يستهان به
والمهم أن نستشعر جميعاً موقع هؤلاء الشباب ، ومسؤوليتنا تجاههم ، ومع ذلك وقبله أن يستشعر الشباب موقعهم ويضعوا أنفسهم في الموقع المناسب لها حاضراً ومستقبلاً . {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (97) سورة النحل
الخطبة الثانية
الحمد لله يستحق الحمد والثناء {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }النحل53
يا معشر الفتيان والفتيات يكفي أن نُذكركم بنموذجين صالحين للشباب يمثل الذكور ( أبو جندل ) عبد الله بن سهيل بن عمرو رضي الله عنهما ويمثل الإناث ( أم كلثوم ) بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنهما وكلاهما كان أبوهما من قادة قريش ، منهم من هلك في بدر ومنهم من هو سيد المفاوضات في صلح الحديبية ، وخبرهما جاء في صحيح البخاري .
أما أبو جندل فقصته وعصاميته وولاؤه للإسلام وأهله ابتدأ قبل صلح الحديبية حيث كان من السابقين للإسلام ، وممن عذب على إسلامه فثبت وحين خرج قومه لبدر خرج معهم .. لكنه انحاز للمسلمين ، ثم أسر بعد ذلك وعذب ليرجع فثبت ، فلما كان صلح الحديبية جاء يرسف في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال أبوه ( سهيل ) : هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنَّ لم نقضي الكتاب بعد .. فأبى سهيل .. فلما أجيز للمشركين قال أبو جندل : أي معشر المسلمين أُرد إلى لمشركين وقد جئت مسلماً ؟ ألا ترون ما قد لقيت ، وقد عذب عذاباً شديداً في الله ( صحيح البخاري : الفتح 5 / 331 )
ثم استطاع أبو جندل أن يفر مع أبي بصير إلى الساحل وهناك شكلوا خطراً يهدد تجارة قريش .. حتى طلبت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم أن يردهم إليه في المدينة .
وحين فتحت مكة كان الشاب ( أبو جندل ) هو الذي استأمن لأبيه (سهيل بن عمرو ) وطلب له الجوار حتى أسلم ( سهيل ) وأخيراً شهد ( أبو جندل ) اليمامة لقتال مسيلمة ، فكان أحد شهدائها رضي الله عنه وأرضاه (سنة 11 هـ ) الإصابة : 11 / 64 – 65 ) .
وتلك صفحات ناصعة لهذا الشاب في الثبات والجهاد وعلو الهمة ، ومقاومة الكفر وأهله
أما النموذج الآخر فهي ( أم كلثوم ) بنت أحد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم البارزين ، قُتل أبوها في بدر.. وبقي إخوانها وأخواتها على الكفر أما هي ورغم ( حداثة ) سنها فقد رغبت في الإسلام وتحدت أهلها وخرجت مراغمة لهم حين أتيحت لها الفرصة ، وفي البخاري في قصة صلح الحديبية وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ – وهي عاتق – يعني شابة لم تتزوج ، فجاء أهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم فلم يرجعها حين نزل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } (10) سورة الممتحنة { البخاري : كتاب الشروط " الفتح 5 / 312 } .
أم كلثوم هذه هي التي قال عنها ابن سعد : ولا نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلى الله ورسوله إلا أم كلثوم . ( الطبقات 8 / 230 ) .
إنها نموذج آخر لصدق المرأة وثباتها رغم البلاء والمحن والصدود والإعراض والإغراء والفتن تجاوزت به أم كلثوم ضعف النساء لتُسجل في قائمة الثابتين على الحق والمهاجرين في سبيل الله .. فنعمت الهجرة إلى الله ورسوله ونعمت المرأة أم كلثوم .
يا معشر الفتيان والفتيات أين أنتم من هذه النماذج ؟ أليس مصيركم كمصيرهم؟ ماذا بقي لهؤلاء السابقين إلا الذكر الحسن .. والذكر للإنسان عمرٌ ثانٍ .
يا معشر الشباب لا بد للشمس من غروب ولا بد للشباب من المشيب هذا إن عمروا .. ويا ليتكم تتأملون قول الشاعر :
يُعمر واحد فيغرَّ قوماً ** وينس من يموت من الشباب
قال ابن الجوزي رحمه الله : يجب على كل من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعداً ، ولا يغتر بالشباب والصحة ، فإن أقل من يموت من الأشياخ وأكثر من يموت من الشباب ، ولهذا يندر من يكبر ويبلغ الشيخوخة .( متعة الحديث ص 53 ) .
يا معشر الشباب أيكم صاحب القلبين : قلب يتألم به وآخر به يتأمل ؟
آلا تقدرون أن تكونوا كالنخلة :
تراها عن الأحقاد مرتفعة ** وبالطوب ترمى فتلقي أطيب الثمر
وكونوا كالنحلة أين وقعت فالعسل لا يفارقها وما يخرج من بطونها شفاءٌ للناس والتعاون والجدية والعمل ديدنها .
وهل يكون مَثَلكم عثمان رضي الله عنه فقد خطب على المنبر وقال : والله ما تغنيت ولا تمنيت ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام ، وما تركت ذلك تأثماً ولكن تركته تكرماً . ( متعة الحديث / 156 ) .
يا أيها الشاب كيف تفكر في مستقبلك ؟ وما هي طموحاتك وبرامجك ؟ ما وزن الدنيا والآخرة في نظرك ؟ وكيف تضبط جنوحك وتستثمر وقتك ؟ فكِّر ساعة واعمل مثلها ، واصبر في الساعة الثالثة تذل لك الصعاب وترقي مراقي العز والشرف ، ليكون قدوتك الشباب الجادين وإياك ومصاحبة البطالين .
كن لأبويك كالظل ، ولإخوانك كالنحل ولمجتمعك كالنخلة ، لا تكن كلاً على المجتمع ولا شغلاً لرجالات الأمن ولا مشكلة لرجالات التعليم .
أمامك مشوار طويل في الحياة وفي طريقك تحديات وأمامك فرصٌ للنجاح والفشل ، فخذ من شبابك لهرمك ، ومن فراغك لشغلك ، ومن صحتك لسقمك ، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا ما قامت القيامة وفي يدك فسيلة فاغرسها كان الله في عونك وسدد على طريق الخير خطاك ، وحفظك الله ووقاك وجعلك قرة عينٍ لوالديك وللمسلمين ..