مشاهدة النسخة كاملة : .. × .. الشيخ إبن جبرين في سـٌطور .. رحمه الله .. × ..
البّدر
07-14-2009, 07:41 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.factjo.com/newsImages/5324_l.jpg
الاسم والنسب
هو عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن إبراهيم بن فهد بن حمد بن جبرين من آل رشيد وهم فخذ من عطية بن زيد وبنو زيد قبيلة مشهورة بنجد كان أصل وطنهم مدينة شقراء ثم نزح بعضهم إلى بلدة القويعية في قلب نجد وتملكوا هناك.
أسرته
هذه الأسرة منهم من له ذكر وأخبار على الألسن لكنها لم تدون في كتب التأريخ لقلة العناية بتلك الأخبار في زمنهم وقد أشتهر جده الرابع وهو حمد بن جبرين وكان في أواسط القرن الثالث عشر حيث آل إليه أمر القضاء والولاية والأمارة في مدينة القويعية وكان ذا منزلة ومكانة في قومه فهو خطيبهم وأميرهم وقاضيهم مع ما رزقه الله من السعة في العلم والمال وتملك الآبار وإحياء الموات كما تدل على ذلك وثائق الملكية التي تحمل اسمه وأسماء بنيه من بعده وقد أورث علماً جماً حيث كان له كتاب وعمال ينسخون الكتب الجديدة بالأجرة ولا يزال الكثير منها موجوداً موقوفاً عند بعض أحفاده ثم اشتهر بعده ابن ابنه إبراهيم بن فهد فتعلم العلم وأدرك الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ والشيخ عبدالله أبابطين والشيخ حمد بن معمر وقرأ ونسخ وحفظ علماً جماً وأورث بعده مخطوطات تحمل اسمه منها ما نسخه بيده ومنها ما تملكه وقد تولى الإمامة والخطابة والإفتاء والتدريس وتعليم القرآن والحديث وتوفى في آخر القرن الثالث عشر وقام بعده ابنه عبدالله الذي حفظ القرآن وقرأ على أبيه وبعض علماء بلده وغيرهم وتولى الإمامة والخطابة والتعليم في قرية مزعل التابعة للقويعية وقد نسخ كتباً بيده أوقفها بعده ومات سنة 1344هـ وتولى الإمامة والخطابة بعده ابنه محمد بن عبدالله وكان قد قرأ على أبيه ورحل في طلب العلم وحفظ الكثير من المتون ونسخ بيده كتباً ومات سنة 1355هـ وأما والد المترجم له فهو أحد طلبة العلم وحفظه القرآن ولد سنة 1321هـ وتولى الإمامة بعد أخيه ثم انتقل إلى بلدة الرين لطلب العلم على قاضيها عبدالعزيز الشثري المكنى بأبي حبيب وأقام هناك حتى أرتحل بعد وفاة الشيخ أبا حبيب إلى الرياض ومات سنة 1387هـ.
نشأته
ولد الشيخ عبدالله بن جبرين سنة 1352هـ في إحدى قرى القويعية ونشأ في بلدة الرين وابتدأ بالتعلم في عام 1359هـ وحيث لم يكن هناك مدارس مستمرة تأخر في إكمال الدراسة ولكنه أتقن القرآن وسنه إثناء عشر عاماً وتعلم الكتابة وقواعد الإملاء البدائية ثم ابتدأ في الحفظ وأكمله في عام 1367هـ وكان قد قرأ قبل ذلك في مبادئ العلوم ففي النحو على أبيه قرأ أول الآجرومية وكذا متن الرحبية في الفرائض وفي الحديث الأربعين النووية حفظاً وعمدة الأحكام بحفظ بعضها وبعد أن أكمل حفظ القرآن ابتدأ في القراءة على شيخه الثاني بعد أبيه وهو الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري المعروف بأبي حبيب وكان جل القراءة عليه في كتب الحديث ابتداء بصحيح مسلم ثم بصحيح البخاري ثم مختصر سنن أبى داود وبعض سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي وقرأ سبل السلام شرح بلوغ المرام كله وقرأ شرح ابن رجب على الأربعين المسمى جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديث من جوامع الكلم وقرأ بعض نيل الأوطار على منتقى الأخبار وقرأ تفسير ابن حرير وهو مليء بالأحاديث المسندة والأثار الموصولة وكذا تفسير ابن كثير وقرأ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد وأتقن حفظ أحاديثه وأثاره وأدلته وقرأ بعض شروحه وقرأ في الفقه الحنبلي متن الزاد حفظاً وقرا معظم شرحه وكذا قرأ في كتب أخرى في الأدب والتأريخ والتراجم واستمر إلى أول عام، أربع وسبعين حيث انتقل مع شيخه أبو حبيب إلى الرياض وانتظم طالباً في معهد إمام الدعوة العلمي فدرس فيه القسم الثانوي في أربع سنوات وحصل على الشهادة الثانوية عام 1377هـ وكان ترتيبه الثاني بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم أربعة عشر طالباً ثم انتظم في القسم العالي في المعهد المذكور ومدته أربع سنوات ومنح الشهادة الجامعية عام 1381هـ وكان ترتيبه الأول بين الطلاب الناجين البالغ عددهم أحد عشر طالباً وعدلت هذه الشهادة بكلية الشريعة. وفي عام 1388هـ انتظم في معهد القضاء العالي ودرس فيه ثلاث سنوات ومنح شهادة الماجستير عام 1390هـ بتقدير جيد جداً وبعد عشر سنين سجل في كلية الشريعة بالرياض للدكتوراه وحصل على الشهادة في عام 1407هـ بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف وأثناء هذه المدة وقبلها كان يقرأ أكابر العلماء ويحضر حلقاتهم ويناقشهم ويسأل ويستفيد من زملائه ومن مشائخهم في المذاكرة والمجالس العادية والبحوث العلمية والرحلات والاجتماعات المعتادة التي لا تخلو من فائدة أو بحث في دليل وتصحيح قول ونحوه.
الحالة الاجتماعية
تزوج بابنة عمه الشقيق رحمها الله وذلك في آخر عام 1370هـ ومع قرابتها كانت ذات دين وصلاح ونصح وإخلاص بذلت جهدها في الخدمة والقيام بحقوق ربها وبعلها وتوفيت عام 1414هـ وقد رزق منها أثنى عشر مولوداً من الذكور والإناث مات بعضهم في الصغر والموجود ثلاثة ذكور وست إناث وقد تزوج جميعهم وولد لأغلبهم أولاد من البنات والبنين ولا يزالون يغشون أباهم ويخدمونه ويقومون بالحقوق الشرعية والآداب الدينية، أما الوضع المنزلي فقد كان في أول الأمر تحت ولاية والده فكان يخدمه ويقوم بما قدر عليه عن بره وأداء حقه في نفسه وماله ولا يستبد ب**ب ولا يختص بمال ولما انتقل إلى الرياض وانتظم في معهد إمام الدعوة العلمي وكان يدفع له مكافأة شهرية فكان يدفع ما فضل عن حاجته لوالده الذي ينفق على ولده وولد ولده وبعد ثلاث سنين اضطر إلى إحضار زوجته وأولاده واستئجار منزل صغير وتأثيثه والنفقة فكانت المكافأة تكفي لذلك رغم قلتها لكن مع الاقتصار على الحاجات الضرورية وبقي يستأجر منزلاً بعد منزل لمدة ثماني سنين فبعدها أعانه الله على شراء بيت من الطين والخشب القوي فهناك استقر به النوى حيث قام فيه سبعة عشر عاماً يعيش في وسط من الحال لا إسراف فيه ولا تقتير ولم يتوسع في الكماليات والمرفهات لقلة ذات اليد ثم في عام 1402هـ انتقل إلى منزله الحالي الذي أقامه بمساعدة بنك التنمية العقارية وعاش فيه كما يعيش أمثاله في هذه الأزمنة.
عقيدته
أما العقيدة والمذهب فقد نشأ على معتقد سليم تلقاه عن الآباء والأجداد والمشايخ العلماء المخلصين فتعلم عقيدة أهل السنة والجماعة والسلف الصالح، فقرأ وحفظ ما تيسر من كتب العقائد كالواسطية للشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- وتقلى شرحها من مشائخه الذين تعلم منهم العلوم الشرعية فكانوا يفسرون غريبها ويوضحون المعاني ويبينون الدلالات من النصوص وقد نهج والحمد لله منهج مشايخنا في تدريس كتب العقيدة السلفية فقرأ عليه التلاميذ الكثير من كتب العقائد المختصرة والمبسوطة كشروح الواسطية للهراس ولابن سلمان ولابن رشيد وشرح الطحاوية ولمعة الاعتقاد وشروح كتاب التوحيد وكذا الكتب المبسوطة لشيخ الإسلام وابن القيم وحافظ الحكمي وغيرهم ممن كتب في العقيدة وناقش الأدلة وتوسع في سردها وكان في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة يدرس كتب العقيدة ويشرف على البحوث والرسائل التي تقدم للجامعة في هذا القسم ويشترك في مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه ويرشد الطلاب إلى المراجع المفيدة في الموضوع ولا زال إلى الآن يشرف على كثير من الرسائل وعلى اتصال بالجامعة زيادة على الطلاب الراغبين في هذه الدراسة في هذه الدراسة.
أما المذهب في الفروع فإن مشايخه الذين درس عليهم الفقه كانوا متخصصين في مذهب أحمد بن حنبل، لا يخرجون عنه غالباً وقد اقتصر عليه وأكثر من قراءة كتب الحنابلة والتعليق عليها ومعلوم أن مذهب أحمد هو أوسع المذاهب لكثرة الروايات فيه التي توافق المذاهب الأخرى غالباً فمن قرأ هذا المذهب وتوغل فيه أحاط بأكثر المذاهب ما عدى الافتراضات ونوادر المسائل التي يفترض الفقهاء وجودها فلا أهمية لدراستها فمتى وقعت أمكن معرفة حكمها بإلحاقها بأقرب ما يشابهها.
شيوخه
أما الشيوخ والعلماء الذين تتلمذ عليهم فأولهم والده رحمه الله تعالى فقد بدأ بتعليمه القراءة والكتابة في عام 59 ثم أكمل وهي مسقط الرأس وكان رحمه الله من طلبة العلم وأهل النصح والإخلاص والمحبة وقد أفاد كثيراً بحسن تربيته وتلقينه وحرصه على التلاميذ ليجمعوا بين العلم والعمل وقد توفى سنة 1377هـ ومن أكبر المشايخ الذين تأثر بهم شيخه الكبير عبدالعزيز بن محمد أبو حبيب الشثري الذي قرأ عليه أكثر الأمهات في الحديث وفي التفسير والتوحيد والعقيدة والفقه والأدب والنحو والفرائض وحفظ عليه الكثير من المتون وتلقى عنها شرحها والتعليق على الشروح وكان بدء الدراسة عليهم عام 1367هـ حتى توفى عام 1387هـ بالرياض رحمه الله تعالى ولكن قلت القراءة عليه بعد التخرج للانشغال والتدريس ونحوه، ومن العلماء الذين قرأ عليهم واستفاد من مجالستهم فضيلة الشيخ صالح بن مطلق الذي كان إماماً وخطيباً في إحدى القرى بالرين ثم قاضياً في حفر الباطن ثم تقاعد وسكن الرياض ومات سنة 1381هـ وكان ضرير البصر ولكن وهبه الله الحفظ والفهم القوي فقلّ أن يجالسه كبيراً أوصغيراً إلا استفاد منه وقد قرأ عليه بعض الكتب في العقيدة والحديث وحضر مجالسه التي يتعدى فيها الأكابر والعلماء ويأتي بالعجائب والغرائب وبالجملة فهو أعجوبة زمانه رحمه الله وأكرم مثواه، ومن أشهر المشايخ الذين قرأ عليهم وتابع دروسهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وهو غني عن التعريف به وقد تلقى عليه مع التلاميذ دروساً نظامية عند ما أفتتح معهد إمام الدعوة في شهر صفر عام 1374هـ وتولى تدريس القسم الذي كنت معهم في أغلب المواد الشرعية كالتوحيد والفقه والحديث والعقيدة فدرسه في الحديث بلوغ المرام مرتين في القسم الثانوي والقسم العالي وفي الفقه متن زاد المستقنع وشرحه الروض المربع مرتين أيضاً بتوسع غالباً في شرح كل جملة وهم يتابعون ويكتبون الفوائد المهمة.
وفي التوحيد والعقدية قرأ كتاب التوحيد وشرحه فتح المجيد وكتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية ومتن العقيدة الحموية والعقدية الواسطية له أيضاً وشرح الطحاوية لابن أبي العز وغيرها وقد استمر في التدريس حتى أنهو القسم العالي في آخر سنة 1381هـ حيث توقف عن التدريس وانشغل بالافتاء ورئاسة القضاء حتى توفى عام 1389هـ في رمضان رحمة الله تعالى عليه.
وقرأ في الدراسة النظامية على جملة من العلماء كالشيخ إسماعيل الأنصاري في التفسير والحديث والنحو والصرف وأصول الفقه وذلك من عام 1375هـ حتى التخرج والشيخ عبدالعزيز بن ناصر بن رشيد في الفرائض لمدة ثلاث سنوات ودرس عليه أيضاً في مرحلة الماجستير لمادة الفقه عام 1388هـ وكان رحمه الله نم فقهاء البلد وله مؤلفات مشهورة منها عدة الباحث بأحكام التوارث ومنها التنبيهات السنية شرح العقدية الواسطية وهو أول الشروح الوافية لهذه العقيدة. وقرأ أيضاً على الشيخ حماد بن مجد الأنصاري والشيخ محمد البيحاني والشيخ عبدالحميد عمار الجزائري في علوم وفنون متعددة وفي مرحلة الماجستير قرأ على الكثير من كبار العلماء **ماحة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد المتوفى سنة 1402هـ في الفقه طرق القضاء وحضر مجالسه منذ أن قدم الرياض واستفاد منه كثيراً في الأحكام والقصص والعبر والتأريخ والنصائح كما هو مشهور بذلك وقرأ على الشيخ عبدالرزاق عفيفي وهو مشهور من كبار العلماء وقد تتلمذ عليه واستفاد منه جمع غفير في هذه البلاد من القضاة والمدرسين والدعاة وغيرهم وهو ممن فتح الله عليه وألهمه من العلوم ما فاق به الكثير من علماء هذا الزمان وقد توغل في التفسير والاستنباط عن الآيات وكذا في الحديث ومعرفة الغريب منه وكذا في العلوم الجديدة وأهلها.
وكذا الشيخ مناع خليل القطان الذي درسهم في تلك المرحلة في مادة التفسير بتوسع وإيضاح وقد استفادوا كثيراً من مجالسته ومحاضراته حيث يأتي بفوائد كثيرة مستنبطة من الآيات أو الأدلة وله مؤلفات عديدة في فنون متنوعة وكذا الشيخ عمر بن مترك رحمه الله تعالى وكان من أوائل حملة الدكتوراه من السعوديين وقد قرأ عليه في مادة الفقه والحديث والتفسير وكان شديد العناية بالأدلة والتعليلات وله معرفة تامة بالمعاملات المتجددة ويتوسع في الكلام قولها وقد استفاد منه كثير، ومنهم الشيخ محمد عبدالوهاب البحيري مصري الجنسية تولى التدريس في الحديث وكان يتوسع في الشرح وذكر المسائل الخلافية ويحرص على الجمع والترجيح فأفاده في كثير من المواضع المهمة ومنهم محمد الجندي مصري أيضاً ولم يقم إلا بعض سنة حتى مرض فرجع إلى مصر وتوفى هناك رحمه الله ومنهم محمد حجازي صاحب التفسير الواضح ومنهم طه الدسوقي العربي مصري أيضاً وكان ذا معرفة واسعة واطلاع وحفظ مع فصاحة وبيان وآخرون سواهم.
وقد استفاد أيضاً من مشايخ آخرين دراسة غير نظامية وأشهرهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بذلك عبدالله بن باز -رحمه الله- الذي لازمه في أغلب الحلقات التي يقيمها في الجامع الكبير بالرياض بعد العصر وبعد الفجر والمغرب بحيث يحضره العدد الكثير ويدرس في فنون منوعة من المتون والشروح المؤلفات ويعلق على الجمل ويوضح المسائل وينبه على الأخطاء ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم المهيزع وهو من المدرسين والقضاة وكان يقيم دروساً في مسجده وفي منزله ويستفيد منه الكثير ومنهم الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن هويمل أحد قضاة الرياض قرأ عليه في المسجد وغيره وإن كان قليل التعليق لكنه يفيد على الأخطاء ويوضح بعض المسائل الخفية وفي آخر حياته ثقل سمعه وأشتد مرضه ثم توفى رحمه الله تعالى في عام 1415هـ وقد استفاد أيضاً من الزملاء والجلساء الذين سعد بالاقتران بهم وقت الدراسة ووفق بالقراءة معهم والمذاكرة في أغلب الليالي وفي أيام الاختبارات ومنهم الشيخ فهد بن حمين الفهد والشيخ عبدالرحمن محمد المقرن رحمه الله والشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن فرسان والشيخ محمد بن جابر وغيرهم ممن سبقوه بالقراءة على المشايخ وتعلموا كثيراً مما فاته فأدركه بواسطتهم فكان يقرأ عليهم الشرح ويتلقى إصلاح بعض الأخطاء اللغوية والبحث في المسائل الخلافية ومعرفة الكتب المفيدة في الموضوع وكيفية العثور على المسألة في الكتب المتقاربة في الفقه الحنبلي وكذا معرفة طرق الاستفادة من كتب اللغة واختصاص كل كتاب بنوع من المواضيع ونحو ذلك مما يفوت من يقرأ بمفرده فلذلك ينصح المبتدئ أن يقترن في المذاكرة والاستفادة بمن هم أقدم منه في الطلب ليضم ما عندهم إلى ما عنده وقد ذكرنا أن أقدم هؤلاء المشايخ هو الشيخ عبدالعزيز الشثري رحمه الله وقد بالغ في الثناء عليه ولما انتقل إلى الرياض عام 1374هـ استصحبه معه وذكر لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى بعض ما قرأ عليه وما وصل إليه مما جعل الشيخ يجعله مع أعلى التلاميذ عند تقسيمهم إلى سنوات في معهد إمام الدعوة العلمي وكان من آثار إعجابه أن طلبه ذلك العام لتولي القضاء ولكنه أعتذر بالدراسة والشوق إليها فعذره.
يتبع .............
البّدر
07-14-2009, 07:41 AM
الأعمال التي تقلدها
أولها أن بعث مع الدعاة إلى الحدود الشمالية في أول عام 1380هـ بأمر الملك سعود وإشارة لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ورئاسة الشيخ عبدالعزيز الشثري رحمهم الله تعالى مع بعض المشائخ ولمدة أربعة أشهر ابتداء من حدود الكويت على امتداد حدود العراق وحدود الأردن وحدود المملكة شمالاً وغرباً وكثير من مناطق المملكة وقاموا بالدعوة والتعليم وتوزيع النسخ المفيدة في العقيدة وأركان الإسلام حيث أن أغلب السكان من البوادي عاشوا في جهل عميق فهم لا يعرفون إلا اسم الإسلام والصلاة والصيام ونحو ذلك ويجهلون الواجبات وما تصح به الصلاة ويقعون في الكثير من وسائل الشرك وأنواعه وقد بذلت الهيئة جهداً في تعليمهم ونفع الله الكثير ممن أراد به خيراً.
ثم تعين مدرساً في معهد إمام الدعوة في شعبان عام 1381هـ إلى عام 1395هـ قام فيه بتدريس الكثير من المواد كالحديث والفقه والتوحيد والتفسير والمصطلح والنحو والتأريخ وكتب مذكرات على أحاديث عمدة الأحكام بذكر الموضوع والمعنى الإجمالي وشرح الغريب وذكر الفوائد وكذا مذكرات على مواد الفقه والتوحيد والمصطلح لا يزال الكثير منها محفوظ عند الطلاب أو في المعاهد العلمية ثم في عام 1395هـ انتقل إلى كلية الشريعة بالرياض وتولى تدريس التوحيد للسنة الأولى وهو متن التدمرية وكتب عليه تعليقات كفهرس للمواضيع وعنوان للبحوث وكذا درس أول شرح الطحاوية ثم في عام 1402هـ انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد باسم عضو إفتاء وتولى الفتاوى الشفهية والهاتفية والكتابة على بعض الفتاوى السريعة وقسمة المسائل الفرضية وبحث فتاوى اللجنة الدائمة التي يناسب نشرها وقراءة البحوث المقدمة للمجلة فيما يصلح للنشر وما لا يصلح ومازال هكذا حتى الآن وقد انتهت مدة خدمته في دار الإفتاء، أما الأعمال الأخرى فقد تعين إماماً في مسجد آل حماد بالرياض في شهر شوال عام 1389هـ حتى هدم المسجد وهدم الحي كله في عام 1397هـ وبعد عامين عين خطيباً احتياطياً يتولى الخطبة عند الحاجة ومازال كذلك إلى الآن حيث يقوم بخطبة الجمعة وصلاتها في الكثير من الجوامع عند تخلف الخطيب أو قبل تعيينه وقد يستمر في أحد الجوامع أشهراً أو سنوات ويتولى صلاة العيد في بعض المناسبات. ويقوم أيضاً متبرعاً بالتدريس في المساجد ابتداء بدرس الفرائض في عام 1387هـ لعدد قليل ثم بتدريس التوحيد والأصول الثلاثة وكشف الشبهات والعقيدة الواسطية ونحوها لعدد كثير في مسجد آل حماد في آخر عام 1389هـ وقد حصل إقبال شديد على تلك الحلقات وكان أغلب الطلاب من مدرسة تحفيظ القرآن الذين توافدوا من جنوب المملكة ومن اليمانيين الوافدين لأجل التعلم وقد أقام تلك الدروس بعد الفجر أكثر من ساعة أو ساعتين وبعد الظهر كذلك وبعد العصر غالباً وبعد المغرب إلى العشاء واستمر ذلك حتى هدم المسجد المذكور حيث نقلت الدروس إلى مسجد الحمادي حيث توافد إليه الطلاب كثرة في أغلب الأوقات للدراسة في العلوم الشرعية كالحديث والتوحيد والفقه وأصوله والمصطلح وغيرها ثم في عام 1398هـ رغب إليه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز أن يقوم في غيبته بالصلاة في الجامع الكبير كإمام للصلوات الخمس فقام بذلك وكان يتولى الصلاة بهم إماماً كل وقت ماعدا خطبة الجمعة وصلاتها ومن ثم نقلت الدروس إلى مسجد الجامع الكبير والذي عرف بعد ذلك بجامع الإمام تركي بن عبدالله رحمه الله وفي حالة حضور سماحة الشيخ يقوم بصلاة العشائين هناك وإلقاء الدروس بينهما وبقية الأوقات ويلقي الدروس في مسجد الحمادي بعد العصر والمغرب وبعد الفجر غالباً ثم في عام 1398هـ رغب إليه بعض الشباب في درس بعد العشاء في المنزل يتعلق بالعقيدة فلبى طلبهم وابتدأ بالعقيدة التي كتبها الشيخ ابن سعدي وطبعت في مقدمة كتابه القول السديد وقد كثر عدد الطلاب وتوافدوا من بعيد ولم يزالوا إليه الآن وقد انتقل عام 1402هـ إلى منزله الحالي في السويدي فنقل الدرس هناك في ليلتين من كل أسبوع وقد قرؤا في هذه المدة نظم سلم الوصول وشرحه معارج القبول في مجلدين ورسالة الشفاعة للوادعي وكتاب التوحيد للشيخ محمد محمد بن عبدالوهاب وشرح ثلاثة الأصول له كما قرؤا في الفقه ونظم الرحبية في المواريث ومنار السبيل شرح الدليل لابن ضويان حتى كمل والحمد لله، ولما ضاق المنزل نقلوا الدرس إلى المسجد المجاوره ويعرف بمسجد البرغش كما نقول فيه الدروس الأسبوعية بعد الفجر وبعد المغرب أي بعد هدم المسجد الكبير عام 1408هـ وقد قرؤوا في هذه الأوقات كثيراً من الأمهات كالصحيحين وشرح الطحاوية وشرح الواسطية لابن سلمان ولابن رشيد وبعض زاد المعاد وجميع بلوغ المرام وزاد المستقنع وبعض سنن أبي داود والترمذي وموطأ مالك ورياض الصالحين وبعض نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار وبعض سنن الدارمي وترتيب مسند الطيالسي وشرح كامل منتقى الأخبار لأبي البركات وكتاب الدين الخالص لصديق حسن خان وفي المصطلح متن نخبة الفكر ومتن البيقونية وفي النحو متن الآجرومية وبعض ألفية ابن مالك وفي أصول الفقه متن الورفان لإمام الحرمين وغير ذلك من المتون والشروح الكثيرة.
وفي عام 1382هـ أسس بعض المحسنين مدرسة خيرية أسموها (دار العلم) فأقبل إليها العدد الكثير من الطلاب صغاراً وكباراً وتولى المترجم فيها التدريس في المواد الدينية كالحديث والتوحيد والفقه حسب مدارك الطلاب وأقام الشباب فيها نادياً أسبوعياً يستمر بعد العشاء ليلة كل جمعة لمدة ساعتين يحضره غالباً ويلقى فيه بعض الكلمات ويجيب على الأسئلة الدينية والاجتماعية وفي عام 1398هـ قام فيها بدرس أسبوعي يحضره العدد الكثير واستمر حتى هذا العام حيث نقل إلى أقرب مسجد هناك حولها ولا يزال وقد أكملوا فيه قراءة الصحيحين وابتدؤا في سنن الترمذي وتولى القراءة عليه فضيلة الشيخ إبراهيم بن عبدالله بن غيث وتركه في أول الأمر الشيخ الدكتور محمد بن ناصر السحيباني حتى انتقل إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة ثم خلفه الشيخ الدكتور فهد السلمة حتى انشغل بالتدريس في كلية الملك فهد الأمنية والطريقة أن يقرأ الباب ثم يشرحه بإيضاح مقصد المؤلف وبيان ما تدل عليه الأحاديث وفي حدود عام 1403هـ رغب إليه بعض الشباب من سكان حي العليا أن يلقى عندهم درساً أسبوعياً في العقيدة ودرساً في الحديث فابتدأ الدرس في مسجد متوسط في الحي أشهراً ثم انتقلوا إلى مسجد الملوحي مدة طويلة ثم إلى مسجد السالم حيث استمر الدرس فيه سنوات ثم انتقل بهم إلى مسجد الملك عبدالعزيز ثم إلى جامع الملك خالد وقد أكملوا في هذه المدة متن لمعة الاعتقاد والعقيدة الواسطية وكتاب التوحيد ومتن التدمرية وبعض بلوغ المرام وشرح عمدة الفقه قسم العبادات بعض الروض المربع قراءة وشرحاً وفي عام 1409هـ رغب إليه بعض الأخوان أن يقرر درساً أسبوعياً في مسجد سليمان الراجحي بحي الربوة قراءة وشرحاً وذلك أن المسجد مشهور ويحيط به أحياء واسعة مكتظة بالسكان المحبين للعلم فلبى طلبهم وابتدأ في شرح الطحاوية فأكمله وفي عمدة الأحكام في الحديث فأكملها وفي كتابه السنة للخلال ثم كتاب السنة لعبدالله بن أحمد ولا يزال يقرأ فيه ويتولى القراءة غلاباً إمام المسجد صالح بن سليمان الهبدان أو مؤذن المسجد ويختم الدرس قرب الإقامة بالإجابة على أسئلة مقدمة من الحاضرين ويتكاثر العدد في هذا الدرس فربما ذادوا على الخمسمائة ولا يتوقف إلا في أيام الاختبارات ثم يستأنف بعدها وفي عام 1409هـ رغب إليه سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن يلقي درساً في مسجد سوق الخضار بعتيقة لكثرة من يصلي فيه فلبى رغبته وأقام فيه درساً أسبوعياً لكن إنما يحضره القليل من الطلاب لانشغال أهل الأسواق بتجارتهم واستمر هذا الدرس في الفقه والتوحيد كما أنه في هذه السنين يقوم غالب الأسابيع بإلقاء محاضرات في مساجد الرياض النائية التي يكثر فيه المسلون ولا يلقى فيها دروس فيتواجد العدد الكثير غالباً في المحاضرة التي تتعلق بالعبادات والمعاملات وما يحتاج إليه الناس ويشترك أيضاً في الندوات التي تقام أسبوعياً في المسجد الجامع الكبير المعروف بجامع الإمام تركي والتي ابتدأت من أكثر من عشرين عاماً ويعلق عليها غالباً سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- والآن يعلق عليها سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله.
وهناك أعمال أخرى قام منها التدريس في المعهد للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وذلك في عام 1408هـ حيث أسند إليه درس الفقه للسنة الأولى ويسمى السياسة الشرعية وهو ما يتعلق بالمعاملات وأحكام والتبادل بمعدل درسين في الأسبوع وفي نهاية العام وضع أسئلة الاختبار وصحح الأجوبة كالمعتاد ثم في العام بعده قام بهذا الدرس ومعه درس آخر للسنة الثانية ويعرف بالأحوال الشخصية وله ثلاث حصص كل أسبوع وطريقة الإلقاء اختيار جمل من الكتاب المقرر وذكر ما فيها من الخلاف وسرد أدلة الأقوال مع الجمع والترجيح ووجه الاختيار وفي السنة بعدها اقتصرت على الدرس الأول وهو السياسة الشرعية ثم توقف بعدها عن هذا التدريس (ومنها) الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه التابعة للجامعة المذكورة وذلك طوال هذه السنين أي بعد الانتقال من الجامعة إلى رئاسة البحوث العلمية كما سبق لم يتخل عن أعمال الجامعة وذلك في كل عام يلتزم بالإشراف وعلى ثلاث رسائل وأربع يقوم بتوجيه الطالب وإرشاده إلى مراجع البحث في الأمهات حسب علمه ويقرأ ما يقدمه كل شهر من بحثه ويبين ما فيه من خطأ ونقص ويجتمع به غالباً كل أسبوع أو نحوه ويرفع عنه للجامعة تقريراً عن سيره وما يعوقه وفي النهاية يكتب عن رسالته ومدى صلاحيتها للتقديم ويحضر عند المناقشة وتقويم الرسالة كما يقوم أيضاً بمناقشة بعض الرسائل المقدمة للجامعة كعضو فيها ويبدى ما لديه من الملاحظات ويحضر تقويم الرسالة كالمعتاد (ومنها) القيام بالدعوة داخل المملكة بإلقاء محاضرات أو خطب أو إجابة على الأسئلة وذلك كل شهر أو شهرين حيث يزور البلاد القريبة الرياض فيلقي محاضرة في معهد أو مركز صيفي وفي مسجد جامع ويجتمع بالأهالي ويبحث معهم في مشاكل البلاد وعلاجها وقد تستمر الرحلة أسبوعياً أو أكثر للتجول في البلاد النائية وزيارة بعض الدوائر الحكومية للمناصحة والإرشاد فيلقى تقبلاً وتشجيعاً وترغيباً في الاستمرار وقد تكون الزيارة رسمية وتحدد المدة من مركز الدعوة أو إدارة الدعوة في الداخل (ومنها) الاشتراك في التوعية في الحج وذلك زمن إن كان تبع الجامعة حتى عام وذكر منافع الحج والعمرة وإيضاح الأهداف من هذه الأعمال وتفقد آثارها بعد إنقضائها والإجابة على الأسئلة التي تتعلق بالمقام وذلك لمدة شهر كامل وقد تعزر عليه الاشتراك في هذا بعد الالتحاق بالرئاسة بسبب الإقامة في المكتب للحاجة الماسة إليه هناك وقام في السنوات الأخيرة بالحج مع بعض الحملات الداخلية التي تجمع حجاجاً من الرياض وكان يتولى معهم الإجابة على الأسئلة وإلقاء كلمات توجيهية كل يوم مرة أو مرتين ويقوم بزيارة بعض الحملات الأخرى في الموسم فيفرحون بذلك العمل.
البّدر
07-14-2009, 07:42 AM
مؤلفاته
أولها البحث المقدم لنيل درجة الماجستير في عام 1390هـ (أخبار الآحاد في الحديث النبوي) وقد حصل على درجة الامتياز رغم إنه كتبه في مدة قصير ولم تتوفر لديه المراجع المطلوبة وقد طبع عام 1408هـ في مطابع دار طيبة ثم أعيد طبعه مرة أخرى وهو موجود مشهور ولم يتيسر له التوسع فيه قبل طبعة لاحتياجه إلى مراجعة وتكملة وقد حمله على الكتابة فيه محبة الحديث وفضله وما رأه في كتب المتكلمين والأصوليين من عدم الثقة بخبر الواحد سيما إذا كان متعلقاً بعلم العقيدة وقد رجح قبوله في الأصول كالفروع. وفي عام 1398هـ كلف بكتابة تتعلق بالمسكرات والمخدرات لتقديمها للمؤتمر الذي عقدته الجامعة الإسلامية في ذلك العام فكتبه بحثاً بعنوان (التدخين مادته وحكمه في الإسلام) وهو بحث متوسط وفيه فوائد وأحكام زائدة على ما كتبه الآخرون وقد أعجب به المشايخ المشاركون في موضوع الدخان وقد طبعته مطابع دار طيبة عدة طبعات وهو مشهور متداول وإن كان مختصراً لكن حصل به فائدة لمن أراد الله به خيراً وفي عام 1402هـ رفع إليه كلام لبعض علماء مصر ينكر فيه إثبات الصفات ويرد الأدلة ويتوهم إنها توقع في التشبيه وكذا يميل إلى الشرك بالقبور ويمدح الصوفية وقد لخص كلامه بعض الأخوان في أربع صفحات وأرسلها لمناقشتها في كتب عليه جواباً واتضحاً وتتبع شبهاته وبين ما وقع فيه من الأخطاء بعبارة واضحة ومناقشة هادئة وطبع ذلك البحث في مجلة البحوث الإسلامية العدد التاسع ثم أفرده بعض الشباب بالطبع في رسالة مستقلة بعنوان (الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق) وهو موجود متداول طبعته مؤسسة آسام للنشر وكتبه أيضاً مقالاً يتعلق بمعنى الشهادتين وما تستلزمه كل منهما وطبع في مجلة البحوث العدد السابع عشر ثم افرده بعض التلاميذ بالطبع بعنوان (الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما) وطبع في عام 1410هـ في مطابع دار طيبة في 90صفحة من القطع الصغير وقد التزم فيه وفي غيره العناية بالأحاديث للاستدلال بها وتخريجها مع ذكر درجتها باختصار. وفي عام 1391هـ قام بتدريس متن لمعة الاعتقاد لابن قدامة لطلاب المعهد العلمي وكتب عليها أسئلة وأجوبة مختصرة تتلاءم مع مقدرة أولئك الطلاب في المرحلة المتوسطة ومع ذلك فإنها مفيدة لذلك رغب إليه بعض الشباب القيام بطبعها فطبعت بعنوان (التعليقات على متن اللمعة) عام 1412هـ وفي مطبعة سفير والناشر دار العميعي للنشر والتوزيع وقد وقع فيها أخطاء تبع فيها ظاهر المتن والأدلة وقد أعيد طبعها مع إصلاح بعض الأخطاء. وقد قام فيها بتخريج الأحاديث التي استشهد بها ابن قدامة تخريجاً متوسطاً حسب بدارك التلاميذ وفي عام 1399هـ سجل في كلية الشريعة لدرجة الدكتوراه واختار (تحقيق شرح الزركشي على مختصر الخرفي) وهو أشهر شروحه التي تبلغ الثلاثمائة بعد المغني لابن قدامة واقتصر في الرسالة على أول الشرح إلى النكاح دراسة وتحقيق أو نوقشت الرسالة كما تقدم ثم كمل تحقيق الكتاب وطبع في مطابع شركة العبيكان للنشر والتوزيع في سبعة مجلدات كبار وتم توزيعه وبيعه في أغلب المكتبات الداخلية وهو موجود متداول والحمد لله.
وقد اعتنى في هذا الشرح بتخريج الأحاديث والآثار الكثيرة التي يوردها الشارح وقام بترقيمها فبلغ عددها كما في آخر المجلد السابع 3936 وإن كان فيه بعض التكرار القليل وقد بذل جهداً في هذا التخريج بمراجعة الأمهات وكتب الأسانيد التي تيسرت له للرجوع إليها وهي أغلب المطبوعات وذكر رقم الحديث إن كان الكتاب مرقى أو الجزء والصفحة وذكر اختلاف لفظ الحديث إن كان مغايراً لما ذكر الشارح وذكر من صحح الحديث من المتقدمين أو ضعفه كالترمذي والحاكم والذهبي وابن حج والهيثمي وإن كان في أحد الصحيحين لم يذكر ما قبل فيه للثقة بهما وحيث أنه بدأ درا ستة في الصغر بكتب الحديث كما تقدم فقد أورث ذلك له شوقاً إلى كتابة الحديث فحرص على اقتناء الكتب القديمة التي يهتم مؤلفوها بالأحاديث النبوية ويوردونها بأسانيدهم المتصلة كما أحب كل ما يتعلق بالحديث من كتب المصطلح وعلل الحديث وكتب الجرح والتعديل ونحوها وذلك أن هذا النوع هو الدليل الثاني للشريعة أي بعد كتاب الله تعالى ولأن علماء الأمة أولوه عناية تامة حتى قال بعضهم إن علم الحديث من العلوم التي طبخت حتى نضجت ولأن هناك من أدخل فيه ما ليس منه برواية أحاديث لا أصل لها من الصحة ولكن قبض الله لها نقادها من العلماء الذين وهبهم الله من المعرفة بالصحيح والضعيف ما تميزوا به على غيرهم وقد عرفنا بذلك جهدهم وجلدهم وصبرهم على المشقة والسفر الطويل والتعب والنفقات الكثيرة مما حملهم عليه الحرص على حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتنقيتها عما ليس منها وقد يسر الله في زماننا هذا طبع هذه الكتب وفهرستها وتقريبها بحيث تخف المؤنة ويسهل تناول الكتاب ومعرفة مواضع البحوث بدون تكلفة والحمد لله، هذا وقد كان ألقى عدة محاضرات في مواضيع متعددة وتم تسجيلها في أشرطة ثم أن بعض التلاميذ أهتم بنسخها وإعدادها للطبع وقد تم طبع رسالتين الأول بعنوان (الإسلام بين الإفراط والتفريط) في 59صفحة والثانية بعنوان (طلب العلم وفضل العلماء) في 51صفحة وكلاهما طبع عام 1313هـ في مطبع سفير والناشر دار الصميعي للنشر والتوزيع وأما التسجيل فإن التلاميذ قد أولوه عناية شديدة وذلك بتتبع الدروس والمحاضرات وتسجيلها في أشرطة ثم الاحتفاظ بها ومن ثم نسخ ما تيسر منها للتداول وللطبع وقد سجل شرح زاد المستقنع وشرح بلوغ المرام وشرح الوقات في الأصول وشرح البيقونية في المصطلح وشرح منار السبيل في الفقه وشرح الترمذي وثلاثة الأصول ومتن التدمرية وغيرها كثير، ويباع كثير من الأشرطة في التسجيلات الإسلامية في الرياض وغيرها.
أما الكتابات السريعة فكثيرة فإن هناك العديد من الطلاب يحرصون على تحصيل جواب مسألة أو فتوى في مشكلة ويرفعونها إليه وبعد كتابة الجواب وتوقيعه ينشرونه في المساجد والمكاتب والمدارس فيتداول ويحصل له تقبل وفائدة محسوسته لثقتهم بالكاتب كما إن الكثير من الشباب الذين أعطوا موهبة في العلم إذا كتب أحدهم رسالة أو كتيباً رغب إليه إن يكتب له مقدمة أو تقريظاً فيصرح باسمه عنوان الرسالة ويكون ذلك ادعى لزوجاته والإقبال عليه والاستفادة وهناك من العلماء من يساهم في بث تلك النشرات التي لها مسيس ببعض الأوقات كالمخالفات في الصلاة وأحوال الاقتداء بالإمام والمخالفات في الصيام وفي الحج وأعمال عشر ذي الحجة والمقال في التيمم ومتى يرخص فيه ونحوها فتطبع في مواسمها ويوزع منها ألوف كثيرة رجاء الانتفاع بها وهناك من العلماء من أخذ تلك النشرات وأودعها بعض مؤلفاته كالشيخ عبدالله بن جار الله رحمه الله وغيره ممن كتبوا في تلك المواضيع وضمنوها بعض ما كتبه المترجم للاستفادة، وأما العلماء الأكابر فإن المناقشين لرسالة أخبار الآحاد بعد إقرارها كتبوا عنها تقريراً مفيداً يمكن الحصول عليه من المعهد المذكور حيث كتبوه عام 1390هـ وهكذا الذين ناقشوا كتاب شرح الزركشي وهم الشيخ صالح بن محمد اللحيدان والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مع المشرف الدكتور عبدالله بن علي الركبان فقد قرروا الكتاب الذي ناقشوه من أول الشرح إلى النكاح وكتبوا عنه صلاحيته للنشر وحرصاً الأكثر على الحصول عليه قبل طبعه وتقبله أكابر العلماء وأقروا العمل الذي قام به تجاهد ومنهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وسائر هيئة كبار العلماء ويمكن مراجعتهم لتقييمها وما لوحظ علهيا وما تميزت به ولم يعرف أحداً ابدى انتقاد المانهجه في هذه الكتب المتعلقة بالحديث والمصطلح.
أما المنهج فقد سلك في تحقيق الزركشي الخطة التي رسمت في الخطط والموجود في المقدمة وقد حرص على البحث عن الأحاديث وأنها التي يستدل بها وقابلها على أصولها كما حرص على التعليق على ما يحتاج إلى تعليق من نقل أو مخالفة أو خلاف في مسألة وأما الشروح الأخرى كشرح اللملعة القديم والبيقونية والورقات والتوحيد والبلوغ والمنتقى الخ فإنه يترحها ارتجالاً ويوضح العبارة التي في المتن بالأمثلة ويذكر الخلاف المشهور ويبين المختار عنده حتى لا يقع الطالب في حيرة ويتوسع أحياناً في الشرح بذكر ماله صلة بذلك الحديث أو تلك المسألة وقد تميزت هذه الكتب والشروح بوضوح العبارة وبذكر الأدلة ومناقشتها وبالتعليل إن وجد والحكمة من شرعية هذا الحكم والتوسع في ذكر الأمثلة فلا جرم صار عليها إقبال شديد حيث نسخ كثير من الطلاب بعض تلك الأشرطة بشرح منار السبيل وقد بلغ ما نسخوه عدة مجلدات وحرص الكثير على تصويره واقتنائه حيث وجد وافية مسائل واقعية ومعالج لبعض المشاكل المتمكنة في المجتمع وتحذير من بعض الحيل والمكائد التي يتعلها بعض المؤمنين ونحو ذلك من المميزات الكثيرة.
أما استقصاء المعلومات عند الكتابة فهذا يكون في الشرح الارتجالي كشرح أحاديث مسلم والترمذي ومنتقى الأخبار وأما الكتابة فالغالب الاقتصار على القد المطلوب في السؤال دون استقصاء وتوسع في الجواب وكذا الإملاء إذا كان الجواب ارتجالياً كما وقع في الأسئلة التي طبعت بعنوان (حوار رمضاني) الذي طبعته مؤسسة آسام للنشر عام 1312هـ في 28صفحة بقطع صغير وكذا في أسئلة متعلقة برمضان وقيامه والقراءة في القيام ودعاء الختم ونحوه حيث ألقى بعض الشباب 36سؤالاً وقد كتب عليها جواباً متوسطاً ثم قام السائل وهو سعد بن عبدالله السعدان بتحقيقها وتخريج أحاديثها وطبعت بعنوان (الإجابات البهية في المسائل الرمضانية) نشر دار العاصمة مطابع الجمعة الإلكترونية عام 1413هـ 103صفحة وبكل حال من الأحوال تختلف في الدوافع إلى الكتابة وحال المستفيد فأما الصعوبات فإن الرسالة الأولى وهي (أخبار الآحاد) كتبها في زمن قصير وكانت المراجع قليلة أو مفقودة عنده فلا جرم لقي مشقة في البحث عن مواضع المسائل واضطر إلى الاختصار رغم سؤال المشرف وغيره فأما شرح الزركشي فقد لقي أيضاً فيه صعوبة لسعة الكتاب وكثرة نقوله وندرة الكتب التي نقل عنها وعدم بعض المراجع للأحاديث التي يستشهد بها معتمداً على كتب الفقهاء التي لا تعزو الأحاديث إلى مخرجها فيحتاج إلى صعوبة في البحث في كتب الفهارس والتخريج التي تذكر المشاهير من الأدلة دون النادر منها ولكن الله أعان على الكثير وحصل التوقف في البعض الذي لم يعثر على أصوله كأول سنن سعيد بن منصور و**نن الأثرم ومسند إسحاق ونحو ذلك ولو وجد من ينقلها لكن مع قصور واختصاره وأما علم المصطلح فإن مراجعة كثيرة وكتبه متوفرة والغالب إنها متوافقة فيه وإن يوجد في بعضها زيادة خاصة فلذلك يمكن الاختصار فهيا ويمكن التوسع بذكر الأمثلة ولم يكتب فيها سوى شرح البيقونية وهو الآن يحقق وبعد للطبع وهو مجرد إيضاح للتعاريف المذكورة في النظم، وأما المشكلات التي تواجه من كتب في علم المصطلح فهي كثرة الكتب في الموضوع التي يلزم منها كثرة التعريف ووجود الطرق بينها حتى يحتار الكاتب في اختيار ما يناسب المقام ولكن الأجلاء من المحدثين قد ناقشوا التعريفات الاصطلاحية وذكروا ما يرد عليها والجواب عنه لكن قراءة ذلك كله تستدعى وقتاً طويلاً فالطلاب إذا اقتصر على المختصر التي كتبها أئمة هذا الفن كالنخبة والبيقونية والفية العراقي والسيوطي رأى في ذلك كفاية ومقنعاً. وحيث أن هذا النص قد أكثر فيه العلماء من الكتب فإن أشهر كتبه التي تحتوي على ما ويوضحه ويجلى معانيه هي الكتب الواسعة مثل تدريب الراوي شرح تقريب النووي للسيوطي ومثل توجيه النظر لبعض علماء الجزائر ومثل توضيح الأفكار للأمير العسفاني وإن كان بعضها ينقل من بعض ومن المعاصرين الشيخ صبحي الصالح فقد كتب مؤلفاً في علوم الحديث ومصطلحه وذكر أشياء زائدة على ما كتبه الأولون لوجود كثير من المراجع التي توفرت له والأدلة التي أمكنه أن يستدل بها وبكل حال فالباحث في الموضوع يحس أن يلم بكتب المتقدمين الذين وضعوا هذا الاصطلاح ثم بعدهم.
هذه سيره اراها مختصره لشيخنا الجليل الشيخ العلامه الوالد عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين
رحمه الله تعالى والا لوكان الامر تفصيليا عن حياته رحمه الله تعالى لما وفت الكتب في سرد
حياته العلميه والعمليه
اسأل الله جل وعلا ان يسكنه فسيح جناته
وان يجعل ماعمله في ميزان حسناته
وان يغفر له ويجبر مصاب اهله والامه الاسلاميه جمعاء
في وفاة هذا العالم الجليل
ابن جبرين
جمعني الله واياه والمسلمين جميعا
في جنات النعيم
منقول
البّدر
07-14-2009, 08:01 AM
http://alskran.com/up/files/dwdxa7rtwic0zvvtsjmw.gif
عزوتي عتيبه
07-14-2009, 08:05 AM
البدر
يعطيك العافيه على السيره الذاتيه لشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله واسكنه فسيح جناته
والله يجزاك خير يالبدر على هالموضوع ولا يحرمك الاجر
البّدر
07-14-2009, 08:08 AM
موقع الشيخ بن جبرين ... رحمة الله عليه ..
http://ibn-jebreen.com/
البّدر
07-14-2009, 08:09 AM
البدر
يعطيك العافيه على السيره الذاتيه لشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله واسكنه فسيح جناته
والله يجزاك خير يالبدر على هالموضوع ولا يحرمك الاجر
ولك بالمثل اخوي عزوتي ..
نسأل الله عز وجل .. ان يسكن فقيدنا فسيح جناته ..
اللهم آمين ..
ماجد االعتيبي
07-14-2009, 10:56 AM
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر************ فليس لعين لم يفض ماوها عذر
ماجد االعتيبي
07-14-2009, 11:03 AM
جزاك الله خير ..... "البدر "
قال الامام أحمد بن حنبل قولوا لأهل البدعة بيننا وبينكم يوم الجنائز .....
البّدر
07-14-2009, 10:55 PM
جزاك الله خير ..... "البدر "
قال الامام أحمد بن حنبل قولوا لأهل البدعة بيننا وبينكم يوم الجنائز .....
ولك بالمثل اخوي ماجد ..
البّدر
07-14-2009, 11:00 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العلم لا ينتزع انتزاعا ــ كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم ــ
وإنما ينتزع بموت العلماء، عزاؤنا الوحيد هو أن يكمل تلامذته نهج شيخهم،
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وطلابه والأمة الإسلامية
الصبر على هذا المصاب الجلل.
لعمرك ما الرزية فقد مال ******** ولا شاة تـموت ولا بعير
ولكن الرزية فقــد حر ******** يموت بـموته خلق كثير
إن فقد العالم ليس فقداً لشخصه ، وليس فقداً لصورته ، ولا لحمه ودمه ،
ولكنه فقد لجزء من ميراث النبوة ، إنه فقد لجزء كبير ،
بحسب ما قام به العالم من الجهد والتحقيق ،
وهكذا يختلس العلم ويقبض بقبض حملته الذين هم العلماء
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول الا مايرضي ربنا
وإن على فراقك ياشيخنا عبدالله لمحزونون
اللهم اغفرله وارحمه وعافه واعف عنه واكرم نزله واوسع مدخلة
واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا
كما ينقا الثوب الابيض من الدنس اللهم وجازه بالحسنات احسانا
وبالسيئات عفو وغفرانا
اللهم اجرنا في مصيبتنا وخلف لنا خير منها
**********************
إغلاق الشوارع وتواجد امني في ظل ازدحام المشيعين ..
جامع الإمام تركي وساحاته تمتلئ بمحبي العلامة الجبرين
امتلأت ساحات جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض بجموع
من محبي سماحة الشيخ العلامة عبدالله الجبرين الذين قدموا
للصلاة عليه وتشييعه. ولم تثن ارتفاع درجات الحرارة وعدم وجود مواقف
محبي الشيخ من الحضور والمشاركة في التشييع.
ورصدت " سبق" إغلاق الشوارع المؤدية إلى الجامع
مع تواجد امني كثيف لفك الازدحام قبل أداء الصلاة
على سماحة العلامة الجبرين .
وفي ظل تواجد مفتي عام المملكة وهيئة كبار العلماء في المقر الصيفي بالطائف ,
أم الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ ابن مفتي عام المملكة المصلين
في صلاة الظهر بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض
وصلاة الجنازة على سماحة العلامة الشيخ عبدالله الجبرين
http://www.gamesgb.com/vb/uploaded/102959_11247597793.jpg
http://www.gamesgb.com/vb/uploaded/102959_21247597793.jpg
http://www.gamesgb.com/vb/uploaded/102959_01247597892.jpg
http://www.gamesgb.com/vb/uploaded/102959_11247597892.jpg
http://www.gamesgb.com/vb/uploaded/102959_21247597892.jpg
http://www.gamesgb.com/vb/uploaded/102959_01247597934.jpg
فيديو
http://www.youtube.com/watch?v=T3mtf-fNH9M
ابوسـعد
07-14-2009, 11:03 PM
الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته,,,,أهم شيء الدعاء له وذكر محاسنه..شكر الله لكم مساعيكم يالبدر هذا النقل للشيخ الجليل ابن جبرين
البّدر
07-15-2009, 12:14 AM
"
اللهم آمين ..
جزاك الله عني كل خير اخوي ابو سعد
رايـق
07-15-2009, 04:43 AM
الله يرحمه
عالم من اكبر العلماء
هكذا الدنيا
نزول وارتحال
مُهــرة عتيبــة
07-15-2009, 08:49 PM
أخوي
البّدر
اللهم أجعل ما دونت في موازين حسانتك..
ودعواتنا للشيخ عبدالله بن جبرين بالمغفرة والرحمة..
اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ،
ولقِّه الأمن والبشرى والكرامة والزلفى ،
اللهم إن كان محسناً فزد في حسناته ،
وإن كان مسيئاً فتجاوز عن إساءته ، اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد ،
و نقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ،
اللهم وأبدله أهلاً خيراً من أهله ، وداراً خيراً من داره ، وجيراناً خيراً من جيرانه ..
اللـهـم عاملة بما انت اهله ولا تعامله بما هو اهله .
اللـهـم اجعله في بطن القبر مطمئن وعند قيام الاشهاد أمن وبجود رضوانك واثق وإلي أعلي درجاتك سابق .
اللـهـم اجعل عن يمينه نوراً حتي تبعثه اّمنً مطمئن في نور من نورك .
البّدر
07-16-2009, 03:14 AM
الله يرحمه
عالم من اكبر العلماء
هكذا الدنيا
نزول وارتحال
الله يرحمه ..
شكرا ً رايق
البّدر
07-16-2009, 03:17 AM
أخوي
البّدر
اللهم أجعل ما دونت في موازين حسانتك..
ودعواتنا للشيخ عبدالله بن جبرين بالمغفرة والرحمة..
اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ،
ولقِّه الأمن والبشرى والكرامة والزلفى ،
اللهم إن كان محسناً فزد في حسناته ،
وإن كان مسيئاً فتجاوز عن إساءته ، اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد ،
و نقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ،
اللهم وأبدله أهلاً خيراً من أهله ، وداراً خيراً من داره ، وجيراناً خيراً من جيرانه ..
اللـهـم عاملة بما انت اهله ولا تعامله بما هو اهله .
اللـهـم اجعله في بطن القبر مطمئن وعند قيام الاشهاد أمن وبجود رضوانك واثق وإلي أعلي درجاتك سابق .
اللـهـم اجعل عن يمينه نوراً حتي تبعثه اّمنً مطمئن في نور من نورك .
اللهم آمين ..
الله يتقبل منك دعائك ودعاء مسلم لفقيد الامة
بارك الله فيك يامهرة .. شكرا
خيّال الهيلا
07-16-2009, 03:18 AM
جزاك الله كل خير يالبدر والله يرحم الشيخ العلامة بن جبرين ..
ويسكنه فسيح الجنات في الفردوس الاعلى مع الانبياء والشهداء والصديقين
اللهم جازه بالحسنات أحسانا وبالسيئات عفواً وغفراناً ..
البّدر
07-16-2009, 04:57 AM
جزاك الله كل خير يالبدر والله يرحم الشيخ العلامة بن جبرين ..
ويسكنه فسيح الجنات في الفردوس الاعلى مع الانبياء والشهداء والصديقين
اللهم جازه بالحسنات أحسانا وبالسيئات عفواً وغفراناً ..
ولك بالمثل اخوي .. خيال
بنت الهيــــلا
07-16-2009, 06:35 AM
نسأل الله أن يمن عليه بالرحمة والمغفرة
وأن يجعل ماقدم في خدمة الدين والعلم نوراً له في قبره وطريقاً للجنة
كما نسأله أن يعوض الأمة خيراً في علمائها ..
جزاك الله خير البدر وبارك فيك
شيخ الشيوخـ
07-16-2009, 10:06 PM
البدر جزاك الله خير
موضوع ثري عن الاماام العلامه بن جبرين وان كان لايوفيه حقه
إذا مامات ذو علمٍ وفضلٍ .... فقد ثلمت من الاسلام ثلمه
قال النبي صلى الله عليه وسلم ....( إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ........إلى آخر الحديث ) رواه مسلم
اسئل الله ان يغفر له ويحسن مثواه ويجبر مصاب الاسلام فيه ...
كل الشكر لك اخوي البــدر
,,
البّدر
07-20-2009, 06:29 PM
نسأل الله أن يمن عليه بالرحمة والمغفرة
وأن يجعل ماقدم في خدمة الدين والعلم نوراً له في قبره وطريقاً للجنة
كما نسأله أن يعوض الأمة خيراً في علمائها ..
جزاك الله خير البدر وبارك فيك
ولك بالمثل .. اختي بنت الهيلا ..
البّدر
07-20-2009, 06:29 PM
البدر جزاك الله خير
موضوع ثري عن الاماام العلامه بن جبرين وان كان لايوفيه حقه
إذا مامات ذو علمٍ وفضلٍ .... فقد ثلمت من الاسلام ثلمه
قال النبي صلى الله عليه وسلم ....( إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ........إلى آخر الحديث ) رواه مسلم
اسئل الله ان يغفر له ويحسن مثواه ويجبر مصاب الاسلام فيه ...
كل الشكر لك اخوي البــدر
,,
العفو اخوي شيخ ..
بارك الله فيك
البّدر
07-21-2009, 06:31 PM
العلامة الزاهد ابن جبرين
عبدالملك محمد القاسم
إن العلماء ورثة الأنبياء، مصابيح الدجى وأعلام الهدى، حفظ الله بهم الدين وأنار السبيل، تضرب لهم أكباد الإبل وتطوى لأجلهم وتثنى لعلمهم الركب، قال صلى الله عليه وسلم: (العلماء ورثة الأنبياء) (رواه أحمد). وممن نفع الله بعلومهم في الأزمنة المعاصرة فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين -رحمه الله- الذي وافاه الأجل ظهر يوم الاثنين 20-7-1430هـ، فقد كان من بقية السلف الصالح، عَلَماً من أعلام الدين ورأساً من رؤوس العلم، نفع الله به البلاد والعباد عبر رحلة طويلة امتدت لأكثر من ثمان وسبعين عاماً قضاها -رحمه الله- في العلم والتعليم أخذاً ونشراً وبذلاً وعطاء، فقد كان هذا ديدنه، عازفاً عن الدنيا، زاهداً فيها لا يعرف البيع والشراء والصخب في الأسواق، بل حياته كلها منصرفة إلى العلم ونفع الإسلام والمسلمين. والشيخ - غفر الله له وأكرم نزله- ممن ترجم لنفسه ترجمة وافية كعادة كثير من العلماء، فقد ولد في عام 1352هـ في إحدى قرى القويعية وتلقى علومه الأولية في بلدته ثم لما قدم إليهم الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري -رحمه الله- قرأ عليه كثيراً من أمهات الكتب ولازمه، وأتم في معهد (إمام الدعوة) المرحلة الثانوية ومُنِحَ الشهادة الجامعية في عام 1381هـ، كان ترتيبه على الدفعة: الأول، وكان الوالد -رحمه الله- زميله الثاني على الدفعة.
وأتم مرحلة الماجستير والدكتوراه، وكان في تلك الفترة يلازم العلماء ويدرس في حلقهم، ومن أشهرهم: سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، مفتي المملكة سابقاً، وكذلك: سماحة الشيخ عبدالله بن حميد، وغيرهما من أجلاء العلماء. ولقد بذل -رحمه الله- وقته وعلمه من خلال التدريس في معهد إمام الدعوة، ثم في كلية الشريعة، وانتقل بعد إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء، حيث عمل عضواً في الإفتاء فنفع الله بعلمه كثيراً، هذا مع أن أبرز أعماله في الفترة التالية هي: إلقاء الدروس في المساجد، وله شروح على كتب كثيرة جداً، مع المحاضرات والخطب وغيرها.
وقد ذكر لي أخي الشيخ عبدالمحسن أنه رتب للشيخ عبدالله هذه الأيام دورة ستقام في المدينة -رحمه الله رحمة واسعة-.
والملاحظ في هذا أن الشيخ مع كبر سنه وتقدم عمره يحرص على الدورات الشرعية والدروس باذلاً وقته وجهده حضراً وسفراً في سبيل الله.
ولست أستقصي في هذه العجالة ما للشيخ من أعمال وجهود، ولكنك حسبك ما أعرفه شخصياً، فقد كان يقدم علينا في مكة في أشهر الصيف وذلك لمساعدة الوالد -رحمهما الله- في طبع المتبقي من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وفهارسها، فأنست بقربه صغيراً لمدة ثلاثة أشهر كل عام، وكان يأخذ بيدي ويردد بعض الأبيات المعروفة وأكررها معه ويذكر لي دائماً أنه حضر عقيقتي، ويذكر من حضرها من المشايخ. وقد قام بجهد مشكور مع العم الشيخ سعد، وذلك لإعداد ومراجعة كتاب الجد -رحمه الله- (حاشية الروض المربع)، حيث استغرق العمل أربع سنوات كاملة تتم المراجعة والتصحيح فيها بعد صلاة الفجر حتى طباعة الحاشية. وللشيخ لطف وطيب معشر وحنو على الضعفاء والمساكين وأصحاب الحاجات يَعْرِف ذلك من زاره، وقد ذكر لي الشيخ محمد العريفي نقلاً عن أحد جيران الشيخ وهو من الموسرين، قال: سكن بجوارنا رجل ليس من أهل المنطقة وكنت أراه في المسجد ثم رق قلبي لحاله وسألته عن أموره، فقال: إنها طيبة، ثم أسر إلي أنه لا يحتاج شيئاً. ولمَّا كررا الطلب لمساعدته، قال: إذا مكثت أسبوعاً يأتي رجل قبل صلاة الفجر ويضع بعض الأرزاق عند الباب ولا أعرف من هو، قال التاجر: فأردت أن أعرف من هذا المحسن الذي سبقني، فإذا به الشيخ -رحمه الله- يأتي بسيارته ويضع الأرزاق ثم يذهب.
أسأل الله أن يغفر للشيخ وأن يُجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يخلفه في عقبه في الغابرين، وأن يخلف على أمة الإسلام خيراً.
البّدر
07-21-2009, 06:32 PM
ابن جبرين عالم فقدناه
د. سعد بن محمد الفياض
من أكبر نعم الله على هذه الأمة، أن حفظ لها دينها برجالها المخلصين وهم العلماء العاملون، الذين كانوا أعلاماً يهتدى بهم، وأئمة يقتدى بهم وأقطابا تدور عليهم معارف الأمة، وأنواراً تتجلى بهم غياهب الظلمة، فهم السياج المتين يحول بين الدين وأعدائه، والنور المبين الذي تستنير به الأمة عند اشتباه الحق وخفائه، فهم ورثة الأنبياء في أممهم وأمناؤهم على دينهم، فإن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا دينارا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، وهم شهداء الله في أرضه، يشهدون أن رسله صادقون مصدقون، وأنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة. والعلماء هم أهل الخشية (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، وإن فقد العلماء في هذا الزمان مصيبة وأي مصيبة!، لأن فقد العالم ليس فقداً لشخصه! لكنه فقد لجزء من تراث النبوة الذي لا يُعوض عنه مال ولا عقار، ولا متاع ولا دينار. وإن من أعظم ما رُزئت به الأمة في يوم الاثنين الموافق 20-7-1430هـ هو فقد عالمها وعلامتها، العالم الفقيه، والإمام المحدث المحقق، صاحب المؤلفات المؤصلة علماً وضبطاً وتحقيقا، وحجة ودليلا، ذو الكرم الفياض والتواضع الجم، الذي لا يحب الظهور ولا الشهرة، الباحث عن الحق حتى ولو خالف الخلق، بغيته السنة وهدي سلف الأمة. الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن إبراهيم بن فهد بن حمد بن جبرين، بعد سيرة ونشأة عطرة الذي ولد سنة 1352هـ في إحدى قرى القويعية ونشأ في بلدة الرين وابتدأ بالتعلم في عام 1359هـ الذي أتقن القرآن وعمره اثنا عشر عاماً وتعلم الكتابة وقواعد الإملاء، ثم ابتدأ في الحفظ وأكمله في عام 1367هـ، وقد قرأ قبل ذلك في مبادئ العلوم. ففي النحو على أبيه قرأ أول الآجرومية وكذا متن الرحبية في الفرائض وفي الحديث الأربعين النووية حفظاً وعمدة الأحكام بحفظ بعضها.
وبعد أن أكمل حفظ القرآن ابتدأ في القراءة على شيخه الثاني بعد أبيه وهو الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري المعروف بأبي حبيب وكان جل القراءة عليه في كتب الحديث وقرأ أيضاً في الفقه والتفسير والأدب والتاريخ والتراجم واستمر إلى أول عام أربع وسبعين، حيث انتقل مع شيخه أبي حبيب إلى الرياض وانتظم طالباً في معهد إمام الدعوة العلمي فدرس فيه القسم الثانوي في أربع سنوات وحصل على الشهادة الثانوية عام 1377هـ وكان ترتيبه الثاني بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم أربعة عشر طالبا.
ثم انتظم في القسم العالي في المعهد المذكور ومدته أربع سنوات ومنح الشهادة الجامعية عام 1381هـ وكان ترتيبه الأول بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم أحد عشر طالباً وعدلت هذه الشهادة بكلية الشريعة. وفي عام 1388هـ انتظم في معهد القضاء العالي ودرس فيه ثلاث سنوات ومنح شهادة الماجستير عام 1390هـ بتقدير جيد جداً وفي عام 1399هـ سجل في كلية الشريعة لنيل درجة الدكتوراه واختار (تحقيق شرح الزركشي على مختصر الخرقي) وهو أشهر شروحه التي تبلغ الثلاثمائة بعد المغني لابن قدامة وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1407هـ بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.
ومن أكبر المشايخ الذين تأثر بهم كما ذكرت سابقا شيخه الكبير عبد العزيز بن محمد أبو حبيب الشثري الذي قرأ عليه أكثر الأمهات في الحديث وفي التفسير والتوحيد والعقيدة والفقه والأدب والنحو والفرائض وحفظ عليه الكثير من المتون وتلقى عنه شرحها والتعليق على الشروح، وسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبد الرزاق عفيفي وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وغيرهم كثير، نسأل الله أن يرحمهم أجمعين.
بعض الأعمال التي تولاها
تم تعيينه مدرساً في معهد إمام الدعوة في شعبان عام 1381هـ إلى عام 1395هـ.
في عام 1395هـ انتقل إلى كلية الشريعة بالرياض وتولى تدريس التوحيد للسنة الأولى.
ثم في عام 1402هـ انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد آنذاك باسم عضو إفتاء، وتولى الفتاوى الشفهية والهاتفية والكتابة على بعض الفتاوى السريعة وقسمة المسائل الفرضية وبحث فتاوى اللجنة الدائمة. وأثناء هذه المدة وقبلها كان يقرأ على أكابر العلماء ويحضر حلقاتهم ويناقشهم ويسأل ويستفيد من زملائه ومن مشائخهم في المذاكرة والمجالس العادية والبحوث العلمية والرحلات والاجتماعات المعتادة التي لا تخلو من فائدة أو بحث في دليل وتصحيح قول ونحوه.
نعم لقد أثلم في الدين ثلمة بوفاة هذا العالم الفقيه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن جبرين وقطع من الأرض طرف عظيم، بهذا المصاب الجلل، ولكن إن ما يُسلي نفوسنا ويثبت أفئدتنا ما شاهدناه وسمعناه من هذه الألسن التي لهجت بالدعاء للشيخ والجموع الغفيرة التي أدت الصلاة عليه في جامع الإمام تركي بن عبد الله، وإن مما يُسلي مصابنا في فقد شيخنا أننا وإن فقدناه جسداً وشخصاً، فانه بيننا بعلمه ومنهجه، وكتبه ومؤلفاته. فنسأل الله أن يغفر له، وأن يجزيه عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خير ما يجزي عالماً عن أمته وأن يجمعنا به في جنات عدن مع النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وأسأله سبحانه أن يجزي خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء على وقفته العظيمة والاهتمام بحالة الشيخ أثناء مرضه وفترة علاجه وهذا ليس بمستغرب على بلادنا وولاة أمرنا اهتمامهم بالعلم والعلماء، وأساله أيضاً أن يجبر مصاب الأمة في فقيدنا وأن يُحسن العزاء لأبنائه وطلابه وعلمائنا والمسلمين.
البّدر
07-21-2009, 06:33 PM
الأمير سطام لـ«الجزيرة»:
جهود ابن جبرين ستبقى خالدة في الذاكرة
الجزيرة - وهيب الوهيبي
نوه صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بالإنابة بالجهود الدعوية والعلمية التي بذلها فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله - عضو اللجنة الدائمة للافتاء سابقاً.
وقال سموه في تصريح خاص لـ(الجزيرة) عقب أدائه صلاة الميت ظهر يوم أمس الثلاثاء في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض إن هذه الجهود ستبقى خالدة في ذاكرة الجميع وشاهدة على مآثره وأعماله الجليلة في خدمة الدعوة إلى الله.
وقدم الأمير سطام تعازيه لأسرة الشيخ ابن جبرين وأبنائه سائلاً الله عز وجل أن يتغمده بالمغفرة والرحمة وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
البّدر
07-21-2009, 06:33 PM
رحم الله العلامة ابن جبرين
د. حسن بن فهد الهويمل
لا شك أن لفراق العلماء رنة حزن، وبخاصة من الخلطاء الذين يلمسون أثرهم ويشهدون فضلهم ويتضلعون من علمهم، ويتأثرون بسيرهم العطرة والعلماء ورثة الأنبياء وأطناب الأرض ومنارات الهدى ورحيلهم يترك فراغات قد لا تُسد في الوقت المناسب، وفقد العلامة ابن جبرين رحمه الله بما هو عليه من علم شرعي غزير وحضور فاعل وبذل سخي للجهد والوقت واحتضان لطلبة العلم وسعي إلى الناس في أنديتهم وأماكن تجمعهم وحَمْلٍ لهمِّ الأمة وشعور حاد بالمسؤولية لا شك أنه مؤلم، ومهما جزعنا وتألمنا فإننا لا نقول إلا ما يرضي الله {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} أملاً في الظفر بصلوات الله ورحمته وهدايته.
لقد كان رحمه الله مثال العالم الورع في تواضعه الجم وتواصله القوي وحضوره الفاعل في كافة المحافل، وإذ لم أكن من طلابه ولا من خلطائه إلا أنني أتابع نشاطه وأستمع إلى فتاواه وألقاه كلما قدم إلى المنطقة وفي كل لقاء يزداد إكباري له واحترامي لشعوره الجاد بأوضاع الأمة، ولقد لمست من خلال أحاديثه تضلعه بالمذهب الحنبلي وارتباطه الوثيق بالنص التشريعي، واستيعابه لفقه الأحكام وحرصه التام على توصيل المعلومات صافية نقية، وفوق هذا كله فهو رحمه الله يمتلك لغة الفقهاء فلم يكن متزيداً ولا فضولياً، وحياته كلها عمل متواصل، وهو خير من استثمر الوقت ووظفه لخدمة الإسلام والمسلمين ومن ثم أصبح من كبار المجاهدين بالكلمة تعليماً وإرشاداً.
وغيرته وإحساسه الديني مكَّن له من قلوب العامة حتى أصبح علماً من الأعلام، وما انتابه من مرض امتد معه لسنوات مكَّن له في القلوب، وكان الناس يتابعون حالته الصحية والدولة وفقها الله بذلت جهدها في سبيل تهيئة كافة الأجواء المناسبة لفضيلته ولكن قضاء الله نافذ ولا راد له.
نسأل الله له المغفرة ولذويه الصبر والسلوان وللمسلمين العوض، والذي نحمد الله عليه أن الأمة الإسلامية أمة ولود فإذا طُلَّ عالم قام عالم آخر يتلقى الراية باليمين ليواصل المسيرة وإذا ذهب فقد ترك علماً ينتفع به، ولن ينقطع عمله إذ هو أحد الثلاثة الذين أخبر الرسول أن عملهم لا ينقطع بموتهم، وكل الذي نتمناه أن يكون رحيله إلى الدار الآخرة عبرة لنا ولكل عالم مُسَوِّف أو مقصر فالحياة قنطرة وما كتب الخلود لأحد من الناس {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَر مِّن قَبْلكَ الْخُلْدَ أَفَإن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالدُونَ}.
ومن حزن على فراق حبيب فليذكر مصابه برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أذهل عمر بن الخطاب، ولم يع بعد الصدمة إلا من تلاوة أبي بكر لقوله تعالى وَمَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْله الرُّسُلُ
البّدر
07-21-2009, 06:34 PM
سنلتقي.. يوما ما!
د. سعد بن عبد القادر القويعي
سأرسم من الوفاء حروفا يجسده حجم رثاء، كتبتها بعباراتي قبل كلماتي، اشتياقا لك وتحية يرشح بها قلم محب. بعد أن رحلت على أثرها الأيام، وأتى الموعد على غير انتظار، وانقشعت غيوم الخبر، فعدت لحال الصحو أكثر صمودا.
لقد كنت يا ابن جبرين تمثل تواضع العقلاء، وطيبة البسطاء، وسماحة النبلاء. وكنت بحق مثيرا للجدل في عطائك، وعاصفا في بيان مرادك. لم يزدك علمك إلا تواضعا وإعجابا وعذوبات متراكمة. فلطالما أسديت المعروف والمبرات، فأكسبتك المحامد وطيب الشمائل.
أتذكر جيدا ذاك المساء حين دخلنا جناحه نتجمع لزيارته، فكانت حكاية حب تجمعنا به. وفي ذاكرتي وأنا أكتب مثل هذه الخاطرة، أن أخذ بيدي وكأنه يعرفني منذ سنين. فمر الحب كأنظف ما يراهن عليه الإنسان، وهبت ريح حياته مودعة برحيل جسده أجمل ما فيها من خير بعد أن دب المرض في جسده، لكنه لم يكن قادرا على النيل من معنوياته، وتسللت روحه دون استئذان، فطافت الذكرى بنا نسبل الدمع وتحرق القلب.
ومثلما نذكر ظباء الفلاه، وأناشيد الهوى، ومسالك الروح، وشعاب الوجدان، سنذكر رحلتك يا سماحة الشيخ راضية مرضية في بطون التاريخ، فلا يبقى من الدنيا إلا طيب الذكر، والناس شهود الله على ظهرها.
تلك هي حتمية الموت لمن أراد أن يتدبر ويتعظ، وسنجتمع للعزاء الذي لن يطول، فكلنا راحلون. ولن نبكي رحيل جسدك، بل سنبكي رحيل إرث خلفته علما وتواضعا وخلقا، وسنمسح دموع الذكريات بمناديل الشموخ. وستنطلق إلى السماء دعوات لا حصر لها، بأن يسبغ الله عليك رحمته وغفرانه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
البّدر
07-21-2009, 06:36 PM
وانفرط العقد الثمين)
كلمات في: رثاء فضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن جبرين «رحمه الله»
الحمد لله، النافذِ أمره، الغالب قهره الواجب حمده وشكره، وهو الحكيم الخبير، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له في الملك والتدبير، لا رادّ لقضائه ولا معقب لحكمه وهو على كل شيءٍ قدير سبحانه وبحمده جعل لكل أجل كتاباً وللمنايا آجالاً وأسباباً، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله الهادي البشير والسراجُ المنير، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار وصحابته الأخيار ما جنّ ليل وبزغ نهار وسلّم تسليماً كثيراً. أما بعد:
فإن لله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة والقدرة النافذة في كونه وخلقه، وإن مما كتبه الله جلّ وعلا على خلقه الموت والفناء يقول سبحانه{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}، ويقول - عز وجل-: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}
حكم المنية في البرية جاري
ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبرًا
حتى يرى خبرًا من الأخبار
وإن أعظم أنواع الفقد على النفوس وقعاً وأشدّه على الأمة لوعة وأثراً فقدُ العلماء الربانيين والأئمةِ المصلحين ذلكم؛ لأن للعلماء مكانةً عظمى ومنزلة كبرى فهم ورثة الأنبياء وخلفاءُ الرسل والأمناءُ على ميراث النبوة وهم للناس شموس ساطعة وكواكب لامعة وللأمة مصابيح دجاها وأنوار هداها بهم حُفظ الدين وبه حفظوا، وبهم رُفعت منارات الملّة وبها رفعوا {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، (فهم أهل خشية الله) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ولذلك كان فقدهم من أعظم الرزايا والبليةُ بموتهم من أعظم البلايا، وأنَّى للمدلجين في دياجير الظلمات أن يهتدوا إذا انطمست النجوم المضيئة، صحّ عند أحمد وغيره من حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنما مثل العلماء كمثل النجوم يهتدي بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة)، يقول الإمام أبوبكر الآجريُ -رحمه الله-: (فما ظنكم بطريق فيه آفات كثيرة ويحتاج الناس إلى سلوكه في ليلة ظلماء فقيض الله لهم فيه مصابيح تضيء لهم فسلكوه على السلامة والعافية، ثم جاءت فئام من الناس لابد لهم من السلوك فيه فسلكوا فبينما هم كذلك إذ طفئت المصابيح فبقوا في الظلمة فما ظنكم بهم، فهكذا العلماء في الناس)، وحسبنا في بيان فداحة هذا الخطب وعظيم مِقدار هذه النازلة قولُ المصطفى - صلى الله عليه وسلم- في الحديث النبوي الذي خرّجه الشيخان عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا، وقد قال حبر الأمةِ وترجمانُ القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}، قال: بموت علمائها وفقهائها وخيار أهلها، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تظهر الفتن ويكثر الهرج ويُقبض العلم)، فسمعه عمر يأثره عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن قبض العلم ليس شيئاً يُنتزع من صدور الرجال ولكن فناء العلماء)، وقال عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: (عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه ذهاب أهله، وقال الحسن - رحمه الله-: (موت العالم ثلمةٌ في الإسلام لايسدها شيءٌ ما اختلف الليل والنهار)، وقيل لسعيد بن جبير -رحمه الله- ما علامةُ الساعة وهلاكِ الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم، ولما مات زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال ابن عباس رضي الله عنهما: (من سرّه أن ينظر كيف ذهابُ العلم فهكذا ذهابه).
إذا ما مات ذو علم وتقوى
فقد ثلمت من الإسلام ثلمة
يقال ذلك أيها الأحبة في هذا الوقت الذي رزئت فيه أمتُنا الإسلامية بفقد عالم من علمائها ووفاةِ إمام من أئمتها، وحبر من أحبارها، ألا وهو فضيلة الإمام العلاّمة الشيخ - عبد الله بن جبرين -عليه رحمة الله- الذي كان طودًا شامخًا راسخًا في العلم والتقوى، وعلمًا بارزًا من أعلام السنة والفقه والفتوى فضائله لا تجارى ومناقبه لا تبارى، ثلمته لاتسدّ والمصيبة لفقده لاتحدّ والفجيعة لموته نازلة لا تنسى وفاجعة لا تمحى والخطب بفقده جلل والخسارة فادحة، ومهما كانت الألفاظ مكلومة والجمل مهمومة والأحرف ولهى والعبارات ثكلى فلن تستطيع جودة التعبير ولا دقة التصوير، فليست الرزية على الأمة بفقد جاه أو مال أو بموتِ شاة أو بعير كلا ثم كلا، ولكن الرزية أن يُفقد عالم يموت حين موته جم غفير وبشر كثير.
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شهم
يموت بموته بشر كثير
فموت العالم ليس موت شخص واحد، ولكنه بنيان قوم يُتهدم وحضارة أمة تتهاوى.
وما كان قيس هلكه هلك واحد
ولكنه بنيان قوم تهدما
وتعظم الفجيعة إذا كان من يفقد عالمًا متميز المنهج والسلوك، متوازن النظرة متماسك الشخصية معتدل الرؤى أمة وحده ونسيج بمفرده وطراز مستقل، وأستاذ أجيال، وأئمة في رجل، بقية السلف، آية في العلم والدعوة والفتيا، والبذل والشفاعة، والخير والكرم، وقضاء حوائج الناس، والزهد والتواضع، من دعاة العقيدة الصحيحة والسنة المتينة، الناصعة بالدليل والأثر والملتزم فيه بالاعتدال والوسطية والحرص على الجماعة والنصح لله ورسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، ونحسب شيخنا العلامة ابن جبرين من هذا الطراز المتميز، والنسيج المتألق، لقد شرفت بمعرفة شيخنا والتتلمذ عليه منذ أكثر من ثلاثين سنة، يوم أن دلفت إلى مقاعد الدراسة بكلية الشريعة بالرياض سنة1400هـ، وكان الشيخ - رحمه الله- يدرسنا العقيدة التدمرية، وياله من شرف عز ووسام فخار وتاج تكريم، حينما يدخل فضيلته القاعة، ويلقي السلام على طلابه، ثم يقول: سم الله يا عبد الرحمن، فاقرأ في التدمرية، فإذا سكت، قال: ما شاء الله، ولا تسأل عما تغرسه في النفس من التشجيع والإيجابية، حتى لكأني أطير فرحًا وأتيه فخرًا، وأخذ يشرح ذلك البحر المتدفق من كنوزه الشمولية، ولؤلؤه المعرفي، ومرجانه العلمي الذي لا يحده ساحل ولا يرده شاطئ -رحمه الله-.واستمرت محبته والعلاقة به حتى بعد انتقالي إلى مكة المكرمة، ولا أستطيع أن أصف تلك المشاعر التي يغمرني بها في ثناء على تلاوة، ودعاء وشكر على خطبة، وإعجاب بختمة، التي هي امتداد -بحمد الله- لمنهج مشايخنا وعلمائنا سماحة الشيخ- عبد العزيز بن باز، وسماحة الشيخ- محمد بن عثيمين -رحمهما الله-، وكذا سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وكافة كبار علمائنا ومشايخنا، وأحسب أن الشيخ ابن جبرين -رحمه الله- واسطة عقدهم، ودرة عقدهم، وكان -رحمه الله- يشرفني في زيارة لمنزلي ومكتبة محبه وتلميذه في مكة المكرمة، وفي مكتبة إمام الدعوة العلمية، وكم شرفنا به محاضرًا ومدرسًا ومقرِّظًا لإصدارات المكتبة في ثلاثة من أشهر منشوراتها العقدية والفقهية، ومن المواقف التي أعتز بها مع سماحته -رحمه الله- هو تشريفه لنا في الإفطار معنا في الحرم كل عام تقريبًا، فيخوض -رحمه الله- غمار جموع المعتمرين، ويجهد نفسه، ويكل راحته ليشرفنا في تناول تمرات معنا، وكنت أقول له: يرحمك الله يا شيخنا، الحق لك نزورك أينما كنت، فيصر -رحمه الله- على رغبته في المشاركة مع محبيه، وكنت أتجاذب أطراف الحديث معه في مسائل علمية، وقضايا واقعية، أذكر منها على سبيل المثال: موقفه المؤيد والداعم لدعاء ختم القرآن، خلافًا لما يراه بعض طلبة العلم، فكان -رحمه الله- يشجع ويشد من الأزر، وكنت أقول له: بعض طلاب العلم له رأي في المسألة، فكان يقول: دعك منهم، وسر على ما سار عليه جمهور السلف والخلف، وما سار عليه علماؤنا -رحمهم الله- كسماحة الشيخ- محمد بن إبراهيم، وسماحة الشيخ- عبد العزيز بن باز، فهم أعلم بالدليل وأشد تمسكًا بالسنة، ويقول: إني لأعجب ممن يحرم نفسه دعوة المسلمين واجتماعهم، ويصر على مخالفته، حتى إنه كان يحرص على الاطمئنان كل عام على دعاء الختم، ويقول: لا نريد إلا الشيخ عبد الرحمن، فرحمه الله، وكان من آخر لقاءاتي به في رمضان العام المنصرم، ودار الحديث على مائدة الإفطار عن الموقف الشجاع في ذلك المشروع الرائد، وهو توسعة المسعى، فكان -رحمه الله- يسألني: لعل الخلاف فيه قد انتهى، فقلت له: أبشرك أن الأمر استقر على دعمه وتشجيعه والعمل فيه من قبل ولي الأمر-حفظه الله- وكثير من أهل العلم، فقال -رحمه الله- مدافعًا: هذا هو الحق، ولكن لا يزال بعض طلاب العلم على رأيهم، فطمأنته أن الأمر هو ما عليه كثير من العلماء، ممن يحرصون على السير على مقتضى مقاصد الشريعة ونصوص الوحي والتيسير ورفع الحرج، لاسيما مع الزحام الشديد في الحرم والمشاعر، وكان آخر لقاء معه في مكة في مؤتمر الفتوى المنعقد بالرابطة، حيث أثنى على بحث قدمته في هذا المؤتمر، فرحمه الله رحمة واسعة.وإن من حسن العزاء عند فقد العلماء أن دين الله محفوظ وشريعته باقية وخيره يَفيض ولا يَغيض فأعلام الديانة مرفوعةٌ بحمد الله ولا تزال طائفة من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، كما صحّ بذلك الخبر عن سيد البشر عليه الصلاة والسلام خرّجه مسلم وغيره وأخرج أبوداود بسند جيد، والحاكم وصححه: (أن رسول الله قال: إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها)، وعِلْم هذا الدين يحمله كل من خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، ولم تُصب الأمة بمُصيبة هي أعظم من مصابها بفقد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فالمصيبة بفقد من بعده تهون مهما كان شجاها، كما أن من حسن العزاء أن هؤلاء العلماء رحمهم الله باقون بذكرهم أحياءُ بعلمهم يلهج الناس بالثناء عليهم والدعاء لهم ويجتهدون في اقتفاء آثارهم وترسم خطاهم علماً وعملاً ودعوة ومنهجاً، تشبهاً بالكرام إن لم يكونوا مثلهم، فذلك أمارةُ الفلاح وطريق الخير والصلاح، كما أن من حسن العزاء أيضاً أن علماء الشريعة ولله الحمد والمنةُ متوافرون عبر الأعصار والأمصار يُحي الخلفُ منهج السلف، وأمة الإسلام أمة معطاء زاخرة بالكفاءات ثرية بالعطاءات مليئة بالقدرات ولن يخور العزم بإذن الله ولن يضعف العطاء بحول الله بفقد عَلَم بارز ففي الأمة بحمد الله من سيحمل مشعل الهداية ورايةَ العلم والدعوة ويسدُ الثغرة وينهضُ بالمسؤولية العلمية والدعوية وما علينا إلاّ أن نسمو بهممنا وننهضَ بمهماتنا في نصرة دين الله ونفع عباد الله، وحذار من بوادر اليأس وإطلالة التشاؤم، التي قد تطفو على السطح في ميادين العلم والدعوة والحسبة والإصلاح، فإن هول الفواجع تقيض كمال الرضى بقضاء الله وقدره، وعدم الاستسلام للجزع والتسخط مع حسن التصرف في الأمور، وألا تغلب العواطف والانفعالات، فبالعلم تضبط المسيرة وتهدى الأمة ولا يأس من روح الله ولا قنوط من رحمته والخير في هذه الأمة باقٍ إلى قيام الساعة، وإننا لنرفع من العزاء أصدقه، لولاة الأمر حفظهم الله، خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، وسمو النائب الثاني -وفقهم الله- على ما وجده الشيخ - رحمه الله- من لدنهم من عناية فائقة، ولا تُنسى تلك اللحظات المؤثرة، حين زاره خادم الحرمين الشريفين شخصيًا في المستشفى التخصصي، واطمأن على صحته، امتدادًا للمنهج المحتذى منذ عهد المؤسس الملك- عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله-، وكذا كان من اهتمام خادم الحرمين -حفظه الله- التوجيه بعلاج الشيخ في ألمانيا، وما سمعناه من بيان الديوان الملكي في وفاة فضيلته -رحمه الله-، كل ذلك مما يؤكد العناق الحار بين سلطان الحكم والعلم في مملكتنا المباركة، والعزاء موصول لعلمائنا وطلاب العلم والدعاة إلى الله وأبناء الشيخ، زميلنا الفاضل د.عبد الرحمن ومحمد وسليمان وأخواتهم وأسرة الشيخ وأقاربه ومحبيه في العالم؛ لأنه -رحمه الله- عالم ملة وأمة، عالمي التأثير والنفع، ولعل ما رأيناه وسمعناه في يوم جنازته المشهودة، والصلاة عليه ودفنه، وتقاطر آلاف المحبين للمشاركة في ذلك المشهد المهيب، من عاجل بشراه - رحمه الله- وما يذكرنا بالمقولة المشهورة عن الإمام أحمد -رحمه الله-: بيننا وبين أهل البدع يوم الجنائز. وما رأيته في الحرم -خاصةً يوم وفاته- من حزن المصاب وخسارة الفقد، حيث يعزي المصلون بعضهم بعضًا، السعودي والمصري والشامي والمغربي، بل والأوربي والأفريقي، مما يدل على عالميته -رحمه الله-. وإن كان هناك من اقتراح لأبنائه ومحبيه السائرين على دربه، أن يعكف على موسوعة الشيخ- عبد الله بن جبرين العلمية، أو إنشاء مؤسسة الشيخ- عبد الله بن جبرين الخيرية، يتوارد فيها محبو الشيخ على مواصلة النفع بعلومه وإرثه المعرفي؛ أداءً لبعض حقه علينا -رحمه الله-، وأن لا يكون التأثر بموته آنيًا عاطفيًا فحسب، بل يتحول إلى برامج عملية ومشروعات إيجابية، التي يمثل أبناء الشيخ ومحبوه أهلاً لها، وكفوًا للقيام بها، سدد الله الخطى وبارك في الجهود، ورفع الله درجة شيخنا في المهديين، وأخلفه في عقبه في الغابرين، وجمعنا به ومشايخنا -كما جمعنا في هذه الدنيا على المحبة فيه، ورحم العلم الواصل بيننا- في جنات النعيم، إنه جواد كريم.كما نسأله سبحانه أن يلهمنا رشدنا وأن يغفر لمن مات من علمائنا، ويرفع درجاتهم في المهديين، ويوفق الأحياء لبيان الحق والدعوة إليه وأن يرزقهم التسديد والتأييد ويكتب لهم القبول ودوام النفع، وأن يخلف على الأمة الإسلامية خيراً ويحفظها من شرور الغير وهولِ الفواجع، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيءٍ عنده بأجل مسمى والحمد لله على قضائه وقدره وهو وحده المستعان ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }رحم الله الإمام العلامة ابن جبرين رحمة الأبرار، وأسكنه أعالي الجنان، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولائك رفيقا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
كتبه: أ.د. عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
إمام وخطيب المسجد الحرام
البّدر
07-21-2009, 06:36 PM
شيخنا ابن جبرين العالم العامل
عبدالله بن فهد العجلان
رحم الله العالم الجليل سماحة شيخنا العلامة عبدالله بن جبرين وأجزل الله له خير الجزاء لقاء ما قدم للأمة الإسلامية من علوم القرآن الكريم والسنّة المطهرة وما أفاء الله عليه من علوم الفقه التي أسهمت في إنارة بصيرة الأمة وتنقية عقيدتها من كثير من الشوائب، فجزاه الله خير الجزاء وجعل هذا الجهد الصادق والاجتهاد الواعي والبصيرة النقية في موازين أعماله، يلقى بها ربه راضياً مرضياً.
إننا ونحن نودع شيخنا الجليل ليلحق بالرفيق الأعلى إنما نشعر بخسارة كبيرة وفراغاً رحباً في ميدان الدعوة إلى الله والعلم الشرعي والفقه الذي تميز به الشيخ رحمه الله، خسارة يشعر بها إعلام الشيوخ كما يحسها عامة الناس الذين عهدوا في الشيخ أمانة الفتوى وغزارة علمه ونصاعة فقهه وحسن اجتهاده واستنباطه واستقامة منهجه وبعده عن الهوى، فقد عهدنا فيه رحمه الله ألا يفتي إلا بما يرضي الله ورسوله، سليم القصد واسع الفهم ملماً بفقه الواقع مدركاً لتطور حياة المجتمع وما استجد من أمور عصرية.
لقد ترك شيخنا بن جبرين رحمه الله علماً غزيراً ومولفات عديدة ستنتفع بها الأمة وينهل منها طلاب العلم بعد أن ساهم في نشر الدعوة الصحيحة وتصدى للرد على كثير من أعداء الإسلام فقد كان الشيخ رحمه الله حصناً من حصون الإسلام.
إن من يتتبع سيرة شيخنا بن جبرين وجهاده من أجل العلم والنهل من كبار العلماء والشيوخ في عصره والتنقل بين ربوع الوطن بحثاً عن العلم والعلماء رغم صعوبة الظروف التي كان يعيشها مجتمعنا في هذه الأزمنة، سيجد نفسه أمام عالم أصيل اجتهد في ظروف صعبة ليصبح علماً من أعلام الأمة وليقدم إليها باجتهاده وجهاده ووعيه ما ينفع الأمة وما ينقي عقيدتها من أي شوائب وما يقدم لها الإسلام في صورته الصحيحة النقية بعيداً عن البدع والخرافات التي يحاول بعض الغافلين من أبناء الأمة ترديدها بغير وعي، ودحضاً للأباطيل التي يسعى أعداء الإسلام للصقها بصحيح الدين الإسلامي أو التشكيك فيه. والله إن القلب ليحزن والعين لتدمع ولفراقك يا شيخنا لمحزنون، يا من ملأت قلوبنا بالإيمان واليقين الصادق، وأنضجت عقولنا بصحيح الدين، وأبعدت عنا البدع ووقفت مع شيوخ أجلاء نبتوا على أرض هذه البلاد المقدسة ترفعون راية الدين عالية خفاقة، تحيون القلوب، وتكافحون أحزاب الشيطان، رحمك الله يا شيخنا وأنزلك منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وسقاك الحبيب محمد بيده الشريفة شربة ماء لا تظمأ بعدها أبداً، وألهم أهلك وذويك وتلاميذك ومحبيك جميل الصبر والسلوان، وجمعنا وإياك في الفردوس الأعلى من الجنة.. وعزاؤنا للأمة الإسلامية.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
البّدر
07-21-2009, 06:37 PM
محمد بن علي البيشي
الشيخ النبيل
محمد بن علي البيشي
نعم ... لقد غيب الموت أحد أبرز العلماء الربانيين, الذين عرفوا بين الناس بحب العلم, نشرا وتدريسا وإفتاء وبحثا وتحقيقا وتدقيقا, تفوق دروسه الأربعين في الأسبوع بين حديث وفقه, تفسير وسيرة, وعلوم العربية والسياسة الشرعية, ويتحمل الشيخ على كبر سنه – شارف 80 عاما – حمل التنقل بين المساجد فمن جامع الراجحي بشبرا إلى مسجد الراجحي بالربوة, ومن مسجد محمد بن إبراهيم بالدخنة إلى جامع الملك خالد بأم الحمام, ومن جامع عتيقة إلى مسجد البرغش, صبور لا يمل العلم, وقور تعلوه هيبة العلماء, يضرب للناس – عالمهم وعاميهم – مثلا مشاهدا لسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم, وطريقة السلف الصالح.
إذن ... مات الشيخ الذي: (لعب وقفز على بيوت الطين المنتشرة بالقويعية, شرب من مياه الابار الضحلة , وجلس على أطرافها يسمع الأخبار والحكايات, لبس الملابس المتواضعة في قريته الطينية, لم يلبس الغالي والنفيس, لم يفكر في شراء أثواب كل شهر او شهرين, بل كان مثل ابناء الجزيرة العربية آنذاك يفرح بالثوب والثوبين من العيد الى العيد, عاش بين الناس الذين تقاربت مستويات معيشتهم, عاش بآمالهم, وعاش بأحلامهم, وتغنى بمستقبلهم, ضحك بين النخيل, جرى مع الطيور والعصافير يداعبها وتداعبه, وجرى مع الصبية وه يلهون بين ماء الزروع وبقايا الغنم والإبل هناك, يراه الناس وهو قد ملأ الطين رجليه وساقيه النحيلتين, ويفرح بذلك الجو البهيج, فهو يعتبر ذلك شعارا للانسان الحر النبيل).
عرفت فضيلته واعظا يتخول مساجد مدينة الدمام – وانا لا زلت في نهايات المرحلة الابتدائية – فارتسمت في ذاكرتي صورة العالم يتدافع الناس للقرب منه ونيل الحظوة بالحديث إليه ومعه, ولو بافتراض سؤال لم يقع, ثم قرت عيني برؤيته واعظا ومفتيا بالمعهد العلمي مرحلة الثانوية بالدمام, وقد تحينت الفرصة للصلاة إلى جواره بعد انتهاء كلمته لانظر صلاته, واكتسب الخشوع – كما ازعم – وأقبّل الكيان الذي ملئ علما وزهدا وصبرا.
نعم ... عرفت ابن جبرين رحمه الله تعالى في دروس الفقه والعقائد, والتي لم يزل تقرير عويص مسائلها تكييفا وترجيحا, محفوظا لدى طلابه من خلاله دروسه في الدمام والرياض, ولا زلت محتفظا بكلمته الشجية الصادقة التي داعبت مسمعي, وشحذت همتي للعلم ونيل شهادة الدراسات العليا, اذ قال : (كنت ممن درس وكتب وذاكر ونسخ الكتب الكبيرة على ضوء الشمع, واليوم – ومع وجود الكهرباء إلا أن الطلاب يتضجرون).
وقبل الختام : إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب, وان لفراقك شيخنا لمحزونون, وتسليتنا في فراقك (إن في البقية خيرا).
البّدر
07-21-2009, 06:37 PM
عاش زاهد اً وصلى على جنازة ابن باز قبل أخته
د- عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين تحدث عن والده لـ(اليوم) قائلا:
الوالد اسمه عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن ابراهيم بن حمد بن جبرين وجده الرابع (حمد) آل إليه أمر القضاء والولاية والإمارة في مدينة القويعية. نشأته- ولد الشيخ في بلدة محيرقة إحدى قرى القويعية سنة 1352هـ ونشأ في بلدة الرين وابتدأ بالتعلم سنة 1359هـ.
بداية طلبه للعلم
كان والد الشيخ أحد طلبة العلم وحفظة كتاب الله حيث طلب الشيخ عبدالله العلم على يد والده حيث قرأ عليه أول الاجرومية وكذا متن الرحبية في الفرائض وفي الحديث الأربعين النووية حفظاً وكذا عمر الأحكام وبعد أن أتم حفظ القرآن قبل بلوغه الخامسة عشرة من عمره حيث اشترط عليه الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري المعروف بأبي حبيب إذا اراد أن يطلب العلم عليه أن يحفظ القرآن الكريم فكان كذلك ثم شرع في الطلب على يد الشيخ ابي حبيب حيث قرأ عليه كتب الحديث والتفسير والتوحيد والزاد وغير ذلك.
بداية طلب العلم النظامي
حين ارتحل الشيخ ابو حبيب الشتري الى الرياض انتقل الشيخ الى الرياض والتحق بمعهد إمام الدعوة في المرحلة الثانوية عام 1377هـ وكان ترتيبه الثاني بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم اربعة عشر طالبا ثم انتظم في القسم العالي في المعهد المذكور ومدته اربع سنوات ومنح الشهادة الجامعية عام 1381هـ وكان ترتيبه الاول وفي عام 1388هـ انتظم في المعهد العالي للقضاء ودرس فيه ثلاث سنوات ومنح شهادة الماجستير عام 1390هـ بتقدير جيد جدا.
وفي عام 1407هـ نال الشيخ شهادة الدكتوراة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرق، هذه خلاصة الحياة العلمية للشيخ.
الحياة الاجتماعية
هل لكم أن تحدوثنا عن الحياة الاجتماعية لوالدكم؟.
تزوج الوالد مرتين ففي المرة تزوج بابنة عمه سنة 1370هـ وكانت امرأة صالحة وذات دين وقد رزق منها الوالد اثنى عشر مولوداً من الذكور والاناث مات بعضهم في الصغر والموجود ثلاثة ذكور وست إناث وقد توفيت زوجته عام 1414هـ ثم تزوج بزوجته الثانية.
وماذا عن تعامله معكم؟
منذ ان نشأ الوالد وهو مشغول بطلب العلم ومدارسته وتدربه ولكن ذلك لم يمنعه او يشغله عن واجب كأب فهو حريص على توجيهنا والحاقنا بمدارس تحفيظ القرآن كما أنه حريص على اختيار اصحابنا وتوجهنا إلى طلب العلم.
الاعمال التي تقلدها الشيخ
ما الاعمال التي تقلدها فضيلة والدكم؟ الشيخ عبدالرحمن
في عام 1380هـ بعث مع الدعاة الى الحدود الشمالية بأمر الملك سعود – يرحمه الله-.
في عام 1381هـ عين مدرساً في معهد إمام الدعوة.
في عام 1395هـ انتقل الى كلية الشريعة بالرياض.
في عاخم 1402هـ انتقل الى رئاسة البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد، وبقي في هذا المنصب حتى احيل للتقاعد سنة 1417هـ.
وهو بجانب عمله الرسمي يقوم بتقديم الدروس والمحاضرات والإمامة والخطابة في عدة مساجد.
وفي أواخر حياته كان متفرغاً للدعوة والإفتاء والدروس وله خمسة عشر درسا منها عشر دروس في مسجد الراجحي بالرياض وثلاثة في مساجد أخرى ودرسان في البيت. أما مؤلفات الشيخ فهي:
1- اخبار الآحاد في الحديث النبوى لنيل الماجستير عام 1390هـ.
2- التدخين مادته وحكمه في الاسلام عام 1398هـ.
3- الجواب الفائق في الرد على من بدل الحقائق عام 1402هـ.
4- الشهادتان معناهما وماتستلزمه كل منهما.
5- تحقيق شرح الزركشي على مختصر الخرقي وهي رسالة الدكتوراة هذا بجانب الرسائل والاجابات المكتوبة.
دمعة وفاء
وماذا عن علاقة الوالد بسماحة الشيخ الراحل عبدالعزيز ابن باز؟
لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز مكانة عظيمة في نفس الوالد، فالشيخ ابن باز – رحمه الله- من اشهر علماء الوالد لازمة في أغلب الحلقات التي يقيمها في الجامع الكبير بالرياض ولما توفى الشيخ ابن باز صدم الوالد كثيرا فالشيخ ابن باز يجل الوالد والوالد يجل الشيخ ويعتبره اباً ولا يرد له طلباً وفي اليوم الذي مات فيه الشيخ ابن باز توفيت عمتي اخت الوالد ومع ذلك آثر ان يذهب ويصلى على جنازة الشيخ ابن باز وحين عاد لى على اخته في قبرها.
جوانب من حياة الشيخ الزاهد
الشيخ زاهد حيث عاش فترة من الزمن في بيت ايجار بعد اشترى بيتا من الطين وبقي فيه سبع عشرة عاماً وفي عام 1402هـ انتقل الى بيته الحالي الذي اقامه بعون من الله ثم بمساعدة بنك التنمية العقاري.
سعة الصدر والحلم
يتسم الشيخ بالحلم وسعة الصدر في تعامله مع جميع الناس وخصوصاً المستفتين حتى انه قد يقف نصف ساعة وزيادة للاجابة على استفتاء السائل.
الشفاعة
الشيخ معروف بسعيه الحثيث للشفاعة الحسنة وخصوصا أصحاب الحاجات.
البّدر
07-21-2009, 06:38 PM
ابن جبرين
سعيد الحمالي
قصيدة في رثاء فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين رحمه الله
الشاعر اللي ما ارخصت دمعته لين
جاه الشديد اللي يبيّح كنينه
يقول هلي غالي الدمع ياعين
ياعين دمعك ليه ما تسكبينه
اما ذرفتي عبرتك لإبن جبرين
بالله من بعده لمن تذخرينه
مرحوم ياشيخٍ رحل يوم الإثنين
راح وخواطرنا لفقده حزينه
ياعين فقد الشيخ في ذمتي شين
وأنشهد إن فرقى المشايخ غبينة
مصيبةٍ حلّت على الناس والدين
الله يثبتنا بصبر وسكينة
له فرجةٍ في الصف وتبين بعدين
لا هاجت الأمواج تحت السفينة
قبله رحل بنّ باز وإبن العثيمين
وحكم القدر نرضى بزينه وشينه
يالله عساهم في جنان ورياحين
يسلون عن صلف الزمان وسنينه
البّدر
07-25-2009, 08:59 PM
محطات في حياة العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين
الشيخ محمد المنجد
الحمد لله القائل: « أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ، وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ » .
ونقصان أطرافها كما ذكر ابن عباس وغيره من علماء السلف: « ذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها «.
وهذا أحسن ما قيل في تفسير هذه الآية, حتى قال ابن عبد البر عن هذا القول: « تلقاه أهل العلم بالقبول «.
وكانوا يقولون: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ).
فموت العلماء من أعظم المصائب على الإطلاق, وقد فقدت الأمة الإسلامية بوفاة الشيخ عبد الله الجبرين عالماً جليلاً , ومربياً عظيماً ، وأباً حانياً ، وفقيهاً ومفسراً ، وأصولياً ، ونحوياً ، وأديباً ، وقدوةً وإماماً كبيراً .
وصل علمه إلى الآفاق, وتتلمذ على يديه وتخرج من مدرسته علماء وفقهاء وطلاب علم من شتى أنحاء العالم ، وقد دفن بوفاته علم غزير.
ها قد رحل الشيخ وقد قارب الثمانين عاماً قضاها في العلم والدعوة والعبادة ، جلس للتدريس عشرات السنين، ودوّن المؤلفات النافعة، وتولى الإفتاء ، وظهرت صنائع المعروف على يديه، فعمّ نفعه وكثر خيره..
لم يمت مَن ورّث هذا العلم الزاخر والأدب العظيم، ومن أراد الشيخ فسيجده في الكتب والدروس المسجلة والفتاوى.
لقد ولد الشيخ في بيت علم وفضل ، فكان أبوه وجده وأبو جده من حفظة كتاب الله ، وكان جده الأكبر حمد ابن جبرين ذا منزلة ومكانة في قومه، فهو خطيبهم وأميرهم وقاضيهم، مع ما رزقه الله من السعة في العلم والمال ، وله مخطوطات وشروح أورثت الشيخ عبد الله حافزاً تاريخياً ، وإرثاً عائلياً في العلم .
وقرأ الشيخ على أبيه بعض العلوم كالفرائض والنحو وبعض متون الحديث كالأربعين النووية والعمدة .
ولقد تلقى الشيخ من والده تربية إيمانية عالية ، ولقد أخبرني أن والده اعتاد القيام آخر الليل ، فكان ينام مبكراً ، ويستيقظ قبل الفجر بساعتين غالباً ، وربما ختم القرآن في ليلة واحدة.
وكان يوقظ أبناءه قبيل الفجر بنصف ساعة ليعودهم الصلاة في هذا الوقت المبارك ولو شيئاً يسيراً .
لقد كان الشيخ رحمه الله تعالى أعجوبة وآية من آيات الله في الذكاء والعلم ، وكان الشيخ عصاميا صاحب همة عالية : ففي سن السابعة عشرة من عمره طلب من قاضي البلد الشيخ أبو حبيب محمد بن عبد العزيز الشثري أن يقرأ عليه ، فاشترط عليه إتمام حفظ القرآن ، فتفرغ الشيخ لقراءة القرآن وحفظه ، وكان قد بقي عليه نحواً من 18 جزءاً ، فحفظها في نحو سبعة أشهر كما حدثني بذلك.
وكان الشيخ حريصا على المذاكرة مع الأقران، وكان يقول : « الطالب الذي لا يجلس مع من ينافسه ويسابقه يغلب عليه التكاسل والتثاقل وعدم الاهتمام ، فإذا كان هناك من ينافسه فإنه ينبعث وتقوى همته ويكثر من القراءة ومن البحث «.
وذكر لي أنه في أثناء انتقاله للرياض كان في ضيافة الشيخ الشتري لأنهم استأجروا للشيخ منزلين ، منزلاً للعوائل ، ومنزلاً للرفقاء ، قال لي الشيخ : « وفي السنة التي بعدها رأيت أنا وأحد زملائي أن نستقل في منزل صغير لكثرة من يغشى الشيخ من الزوار الذين لا نتمكن معهم من المذاكرة والمدارسة « .
وكان الشيخ مجدا في طلبه للعلم وقراءة المطولات ، وكان يقرأ كثيرا منها على شيخه أبو حبيب من بعد صلاة المغرب من كل يوم إلى أذان العشاء ، وكذلك في الضحى من بعد طلوع الشمس إلى قرابة الساعة ونصف.
وقد قرأ على شيخه في هذين الوقتين المباركين كتباً كثيرة ، كالصحيحين ومختصر سنن أبي داود ، وتفسير الطبري ، وتفسير ابن كثير ، وجامع العلوم والحكم ، وسبل السلام ، والآداب الشرعية لابن مفلح ، وشرح الزاد ، فضلا عن المتون الكثيرة.
وكان الشيخ متنوع المشارب ، فقد أخذ عن علماء بلده ، وعند انتقاله للرياض درس على كثير من المشايخ وعلى رأسهم الشيخ : محمد بن إبراهيم فقد قرأ عليه الروض المربع ، وبلوغ المرام ، وفتح المجيد ، وكتاب الإيمان والواسطية والحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية .
ودرس على الشيخ إسماعيل الأنصاري ، وحماد الأنصاري الإفريقيين ، ومحمد البيحاني من حضرموت ، وابن عمار من الجزائر، والشيخ عبد الرزاق عفيفي من مصر، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي من موريتانيا ، وغيرهم كثير .
فه كوكبة من كبار العلماء ذوي العلم الواسع في المتون المختلفة في التفسير والفرائض والفقه والحديث والعقيدة والأدب.
وكان مثابراً على طلب العلم متحملاً للمشاق في جمعه ، يذهب في الصباح الباكر مشياً على الأقدام للقراءة على شيخه ( صالح بن مطلق) في قرية مجاورة لبلده تبعد عنها نحوا من 5 كيلو أو 7 كيلو، ويرجع في المساء ماشياً ، وقد يبيت عنده أحيانا ، ويعود في اليوم الثاني.
ويتحمل المشاق في سبيل مرافقة شيخه حتى لو اضطر للركوب في صندوق السيارة .
وقد كان شيخه صالح بن مطلق أديباً مفوهاً يحفظ من النظم ما يزيد على خمسين ألف بيت ، فضلا عن الأشعار والمقامات والقصص الكثيرة ، وهو كما ذكر لي الشيخ : « ضرير البصر ، وكان يدلنا على كثير من القصائد ويحثنا على حفظها «.
وقد صحبه الشيخ ابن جبرين في سفره إلى مكة للحج مرتين، الأولى منهما كانت أول حجة للشيخ سنة (1369) وكانت في سيارة مكثوا في الطريق 5 أيام ذهاباً ، و3 أيام إياباً.
قال الشيخ ابن جبرين : « وكان الطريق صحراوياً ولا نستطيع أن نسري في الليل ، ونتوقف في وسط النهار أيضاً في القيلولة ، وفي هذه المدة نقرأ عليه في وقت القيلولة ، وكذلك في وقت الصباح قبل الركوب وبالأخص في مناسك الحج «.
وقد كان الشيخ ممن اختارهم الشيخ أبو حبيب لصحبته في رحلته للمناطق الشمالية بتكليف من الشيخ ابن إبراهيم نظرا لحاجة تلك المناطق للتعليم والتوجيه ، وقد ذكر لي الشيخ جانبا عن رحلته هذه فقال: « هذه رحلة طويلة ، وهي التي أرسلنا فيها الشيخ محمد بن إبراهيم ، وجعل رئيسنا الشيخ عبد العزيز أبو حبيب الشثري رحمه الله ، ندعو ونعلم في هذه المدة التي استغرقت ثلاثة أشهر ونصف ، ابتدأنا من أرماح، ثم مشينا على الحدود الشمالية من قرية ، والحفر ، والقيصومة ، والحدود حدود العراق ، وانتهينا إلى حدود الأردن إلى الطريف، وإلى حقل، وإلى حدود الساحل، ثم رجعنا إلى المدينة .. خيبر.. العلا .. تبوك ، وهكذا...».
وكان الشيخ يمضي وقته في الرياض في طلب العلم ، فمن بعد الفجر حتى انتشار الشمس يقرأ على الشيخ محمد بن إبراهيم ، وبعد درس الفجر للشيخ محمد بن إبراهيم ، يذهب إلى المنزل لتناول الفطور، ثم يرجع بعد ساعة ونصف لتلقي بعض الدروس في المسجد .
ومما ذكره لي الشيخ ، قال: « عندما قدمنا على الرياض في سنة (1374) رأى الشيخ الشثري رحمه الله أن يستزيد جملة من المشائخ في ليلة الجمعة مساء الخميس من كل أسبوع، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ عبد العزيز الأشقر ، فلسطيني ، وجملة من المشائخ أحياناً ابن مهيزع .
يجتمعون في بيت الشيخ بعد العشاء ولمدة ساعة ونصف ونحوها ، وكلفني أن أقرأ عليهم ، أقرأ في صحيح البخاري، ويتولى الشيخ عبد الرزاق شرح الحديث الذي نقرؤه، وكذلك أيضاً يتولى الشيخ عبد العزيز بن باز التعليق عليه ، ولا يزالون كذلك يبحثون في المسائل المتجددة التي تحتاج إلى مراجعة وما أشبهها من المسائل التي تقع ، فيستفيد الحاضرون «.
فوا أسفاه على فقدنا لعلم تلك المجالس مع هذه الكوكبة المباركة .
وكذلك كان الشيخ ابن جبرين يحضر مجالس الشيخ ابن باز ، وقد استفاد منه كثيرا .
قال الشيخ : « من سنة خمسٍ وسبعين إلى سنة ثمانين كنا نأتي إليه في بيته ، ونحضر الدروس ، وبالأخص عندما ابتدأ في تصحيح فتح الباري نحضر معهم أحياناً الذين يصححون ، كانوا قد أحضروا أربع نسخ مطبوعة ، طبعات متفرقة ، ونسخة خطية ، فكانوا يقرؤون عليه ، يقرأ عليه أحدهم والبقية يصححون .
هذا يقول : عندي فارق كلمة ، عندي نقص كلمة ، ويثبت ما رأى أنه أصح الكلمات وينبه أيضاً على بعض الغلطات كما هو في المجلدين الأولين من فتح الباري ...».
وقد وثق به الشيخ ابن باز فأوكل إليه إمامة الناس في الجامع الكبير ، وكان يحيل إليه مسائل الفرائض التي لم يحلها أحد غيره ، وكان قد برع في هذا العلم وتلقاه في أربع سنين عن شيخه عبد العزيز بن ناصر بن رشيد .
ومع ما كان يعانيه الشيخ من ضيق ذات اليد إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة طلب العلم ، فقد أخبرني عن الوضع المادي لوالده ، وأنه لم يكن له من الدخل إلا ما يرزقه الله به من الشيء اليسير من بعض الأعمال التجارية التي كان يقوم بها.
ولما انتقل الشيخ إلى الرياض عام (1373) ترك زوجته في البلد ، ولم يستطع استقدامها للرياض إلا بعد أربع سنوات في سنة (1377) ، وذلك لصعوبة حاله وظروفه.. وبقي ساكنا في بيت من حجر وطين قرابة سبع عشرة سنة .
وكان الشيخ متواضعاً ، حريصاً على الحقوق العامة للمسلمين ، من عيادة المريض، واتباع الجنازة ، ولما سمع أن جدي (لأمي) توفي حضر الصلاة عليه دون أن أخبره بذلك ، وحقق رغبتي في إمامة صلاة الجنازة لما طلبت منه ذلك .
وكان يصبر على طلابه ويترفق بهم ، وقد مر عليه وقت لا يحضر بعض دروسه إلا طالب واحد في المواريث ، وقد حضر الشيخ مرة ولم يجد إلا هذا الطالب ، فقال له : أنا وأنت وبراد الشاي ثالثنا.
وقد سألت الشيخ عن صوته ، هل كان بسبب حادثة معينة أو ظرف صحي أو أنه هكذا من القديم ؟
فقال الشيخ: « هكذا كان ، ما أذكر أنه تغير ، وكذلك الذين يعرفونني قديماً ما ذكروا أنه حصل شيء يغيره ، وهم يعرفون صوتي من صغري أنه هكذا دون أن يحصل فيه شيء من التغير» .
وذكر لي مرة في مجلس خاص أنه كان جميل الصوت ، فأصيب بالعين ، فأصبح يعاني في كلامه ، ومرض مرضاً طويلاً عانى فيه من بلع الطعام حتى شفاه الله منه في مرحلة متأخرة من حياته.
ومما لا بد أن يتنبه له: أن فتاوى الشيخ لا تدل على علمه الغزير ، ومن أراد الوقوف على علم الشيخ حقيقة ، فعليه بشروحه على الكتب ومطبوعاته ودروسه المسجلة ، ففيها يظهر عمقه العلمي وفقهه الواسع .
وقد بارك الله للشيخ في وقته فكان يقوم بالأعمال المتنوعة الكثيرة في يوم واحد بل في مجلس واحد.
فتراه في غرفة الإفتاء يرفع سماعة الهاتف والأخرى موضوعة على الطاولة ، والسائلون جلوس حوله ، وبيده أوراق يكتب عليها إجابات ، وبجانبه طالب يقرأ عليه .. فيوزع وقته بينها في تنظيم عجيب.
والشيخ سهل الاقتحام ليس عنده حجاب ولا بواب ، وفي مجلس بيته : يعقد زواجاً ، ويقسم ميراثاً ، ويكتب شفاعةً ، ويجيب هاتفاً ، ويستقبل زائراً ، ويشرح لطالب مسألة.
ولقد كانت جنازته أكبر دليل على مكانته في قلوب الناس ... فقد امتلأ الجامع الكبير كاملاً بساحاته ، وأغلقت بواباته قبل الظهر بساعة ، ثم امتلأت الساحات الخارجية وامتدت الصفوف إلى مواقف الأسواق المجاورة .. وأوقف المشيعون سياراتهم على جوانب الطرق الرئيسة ومشت الجموع كيلو مترات على أرجلها ، بالرغم من حر الظهيرة ، وفيهم من المواطنين والمقيمين ، ومن دول خليجية ومن العرب والأعاجم وأكثرهم من الشباب .
كان حب الشيخ يطغى على حر الظهيرة ، وكان دور طلبة العلم بارزاً في تنظيم الناس لإفساح الطريق للجنازة وتنبيه المصلين بعدم التقدم على الإمام خارج المسجد في صلاة الظهر.
وأعاد بعضهم صلاة الظهر بعد أداء صلاة الجنازة ، وقام بعض المحسنين بتوزيع المياه على المشيعين الذين امتلأت بها جوانب المقبرة .
ومن رأى وقائع جنازته وتابع صفحات المواقع الالكترونية ولاحظ أعداد المترحمين والمودعين للشيخ أدرك كم ترك الشيخ من الذكر الحسن في الناس... وكما قال بعض السلف لأهل البدع : بيننا وبينكم يوم الجنائز .
رحم الله الشيخ رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته ، ورفع درجته في المهديين ، وأخلف الأمة خيراً ، إنا لله وإنا إليه راجعون .
البّدر
07-25-2009, 09:00 PM
العفالق والطيار معددين مناقب الشيخ المتواضع :
ابن جبرين أفنى عمره في الدعوة والعلم ونفع الناس
فتح أبواب بيته وقلبه للطلبة والزائرين
سامي المبارك - الدمام
ابن جبرين
رحيل الاحباب وفقدهم امر تتألم له النفوس ولا تلام على ذلك غير أن اشد انواع الفقد فقد العلماء الربانيين والائمة المصلحين فرحيلهم يزلزل الافئدة ويهز المشاعر ويستدر الدموع خصوصاً إذا كان الراحل من الكبار – واي كبار- كبار العلماء ففي السنوات الماضية رزئت امتنا الاسلامية بفقد كوكبة منيرة من علمائها أمثال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين وغيرهما من علماء العالم الاسلامي وها نحن اليوم نفقد علما من اعلامنا وجهبذا من جهابذتنا وكوكبا منيرا من كواكبنا انه سماحة العلامة بقية السلف الصالح الشيخ عبد الله بن جبرين - رحمه الله - هذا العالم الذي أفنى عمره وحياته في طلب العلم وتعليمه والدعوة الى الله والافتاء والنصح والإرشاد ونفع الناس.
وعبر كثير من العلماء وطلاب العلم بل وعامة الناس عن حزنهم لموت الشيخ ورحيله.
د/عبد الله بن محمد الطيار استاذ الفقه في الدراسات العليا بجامعة القصيم تحدث قائلا : لا شك أن بموت الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين فقدت الأمة الاسلامية علماً من اعلامها وفقدت الساحة العلمية والدعوية عالماً كبيراً من علمائها كان يجوب البلاد شرقاً وغرباً من اجل الدعوة إلى الله ومن اجل إقامة الدروس العلمية والمشاركة في الدورات فهو من اكثر العلماء دروساً وتفرعاً وقل من يقوم بمثله - رحمه الله -.
والشيخ بجانب علمه فهو متواضع جداً خصوصاً مع طلابه حتى انه يقبل رؤوس بعضهم ويذكر آراءهم في دروسه وبعض مؤلفاته، فهو يقدر اهل العلم والعلماء شأنه في ذلك شأن شيخه وشيخنا عبد العزيز بن باز - رحمه الله - والشيخ له موروث علمي أتمنى ان يعتنى به من قبل اولاده وخصوصاً ابنه د.عبد الرحمن الجبرين سلمه الله فهو مؤهل ومهيأ لمثل هذا العمل وأخيرا فإنني اعزي هذه البلاد قيادة وعلماء وطلاب علم ودعاة وابناء الفقيد واخوانه واهله في هذا المصاب الجلل سائلا المولى عز وجل ان يرحمه وان يسكنه فسيح جناته.
معلم في الصباح والعصر
صاحب الفضيلة الشيخ يوسف بن عبد الرحمن العفالق القاضي بالمحكمة العامة بالدمام تحدث عن فقد الشيخ ورحيله قائلا :
لا شك ان فقد العلماء خسارة عظيمة للأمة الاسلامية خصوصاً امثال الشيخ عبد الله بن جبرين - رحمه الله - وفي الحديث (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
ويقول القائل :
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شهم
يموت بموته خلق كثير
واضاف فضيلة الشيخ يوسف العفالق قائلا : لقد عرفت الشيخ مند كنت طالباً في كلية الشريعة بالرياض فقد كان يدرسنا مادة العقيدة الاسلامية في الكلية وكنا نذهب اليه بعد العصر ويدرسنا في بيته فقد كان بيته مفتوحاً لطلاب العلم والزائرين وكان بيته متواضعا جداً في احد الاحياء الشعبية وكان يكرمنا بتقديم الشاهي والقهوة وكرم الضيافة من صفاته البارزة كما انه على علو منزلته وقدره فقد كان متواضعا مع الجميع.
والشيخ - رحمه الله - كان دائم الترحال من اجل الدعوة الى الله فهو من جيل المحتسبين ولم يقعده التقاعد عن مواصلة مسيرته العلمية والدعوة بل كان عطاؤه مستمرا حتى في مرضه وكم شرفت المنطقة الشرقية بمجيئه وكان متواصلا مع اهلها ومع قضاتها فقد كان يزور المشايخ والقضاة في احدية لقاء القضاء وكان يزور الجهات الحكومية ويدعو الى الله فيها ويستجيب لكل دعوة خير سواء للجمعيات الخيرية والمؤسسات الدعوية وغيرها. ومما تميز به الشيخ تواصله مع ولاة الامر فرحمه الله رحمة اسعة وعوض الامة الاسلامية خيراًُ بفقده.
البّدر
07-25-2009, 09:00 PM
الندوة العالمية للشباب الإسلامي تنعى العلامة الشيخ ابن جبرين
الشيخ ابن جبرين
«الاقتصادية» من الرياض
نعت الندوة العالمية للشباب الإسلامي للعالمين العربي والإسلامي وللأمة جمعاء فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عضو الإفتاء السابق، رئيس الهيئة الشرعية في الندوة العالمية للشباب الإسلامي الذي توفي ظهر الإثنين الماضي بعد صراع مع المرض، وشيع الآلاف جثمانه الثلاثاء.
وقالت الندوة العالمية للشباب الإسلامي في بيان لها «لقد فقدت الأمة عالماً جليلاً من أبرز علمائها، وفقيهاً كبيراً، وداعية كرّس جلَّ وقته وحياته لخدمة هذا الدين، والذود عن حياضه، وبيان المنهج الصحيح في الدعوة». وأضافت الندوة في بيانها: لقد عُرف العلامة الشيخ الجبرين - عليه رحمة الله - بعلمه الغزير، وزهده وورعه، وتلمس حاجات المسلمين، وكان له دوره الكبير في دعم ومساندة العمل الخيري، عبر فتاواه الشرعية والتأصيلية، وكتابة التزكيات للمحسنين وأهل الخير لدعم الأعمال الدعوية والخيرية. وأشارت الندوة إلى ترؤس فضيلته ـ عليه رحمة الله تعالى ـ الهيئة الشرعية في الندوة العالمية للشباب الإسلامي منذ إنشائها قبل تسع سنوات، وهي الجهة المختصة بالنظر في الأمور والمسائل الشرعية للندوة.
وأعربت الندوة في بيانها عن الحزن العميق الذي خيم على جميع العاملين في الندوة في جميع فروعها ومكاتبها في الداخل والخارج لفقد فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين - رحمه الله .
البّدر
07-25-2009, 09:01 PM
الشيخ ابن جبرين وسبع سنوات في الحج
فخالط رواة العلم واصحب خيارهم ***فصحبتهم زيـن وخلطتهم غُنم
ولا تعد عيناك عنهم فإنهم ***نجـوم إذا ما غاب نجــم بدا نجــم
فو الله لولا العلم ما اتضح الهدى ***ولا لاح من غيب الأمور لنا رسم
إن صحبة العالم في السفر وخصوصا في مناسبات عظيمة وكبيرة كالحج تثري الطالب ثراء واسعا وتزرع لديه سعة الفهم، وقوة الإدراك كيف وإذا كان ذلك العالم الرباني بحر من بحور العلم وعلاّمة مميز تميزه : دقة العبارة، وسعة الاطلاع ، وقوة الإدراك، فضلا عن سماحة التعامل، وتواضع الفعال، وطيب الأقوال، وجمال الأخلاق، ورحابة الصدر ، فرحمة الله على نجم أفل نوره، ومصباح خبئ ضوءه، وسراج انطفأت شموعه، فيارب عوض الأمة بفقده خيرا .
واجب علينا ونحن نودع هذا الهمام الإمام أن نسجل بعض الدروس المستفادة من مواقف الشيخ في الحج :
الشيخ يحج كل سنة
يدرك الجميع أن الشيخ ومع كبر سنه ، ورقة عظمه ، يستغل مناسبة الحج لكسب الأجر، واغتنام الثواب، ونفع الناس كيف لا ومناسبة الحج تجمع جميع الأطياف فمع تقدم عمر الشيخ، وهشاشة عظمه، إلا انه يتلذذ بهذه العبادة ويهتم لها ولا يفوتها في كل عام فتجد الشيخ وبعد وصوله الأراضي الطاهرة ينطلق في كل مكان واعظا ومرشدا ومفتيا فيجد الناس لدعوته قبولا ولنصحه أثرا. زيادة على تطبيقه شعائر الحج كاملة دون توكيل أو إنابة.
فكيف ببعض شبابنا ممن رزق قوة في البدن، وكمالا في العقل، وصحة في الجسم، ومع ذلك يتكاسل ويفرط في أداء ماافترضه الله عليه
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وجزاه عن الأمة خير الجزاء .
الشيخ ومدرسة التواضع
الشيخ رحمه الله مدرك لحديث ( وماتواضع عبد لله إلا رفعه الله ) فهذا العالم رفع الله قدره، ويسر أمره ، وشرح صدره، وكسب محبة الخلق.
إن خلق التواضع ليست صناعة بشرية، وليست مشهدا تمثيلا، ولا تصنعا وتميعا، بل التواضع: تعليم سماوي، ودرس نبوي، وخلق رباني ، عالمنا رحمه الله طبق هذا الخلق سلوكا عمليا ولهذا شواهد لاتحصى كثرة من أبرزها :
· الشيخ يحجز له مقعدا خاصا في الطائرة لنقله للحج نظرا لمشقة الطريق وزحامه ، فضلا عن شيبته وضعفه فيأبى الشيخ رحمه الله إلا السيارة وكأني به يريد أن يساوي ويماثل عامة الناس أو ربما يجد في طريقه ضعيفا فيسعفه، أو مسكينا فيكرمه، أو محتاجا فيعطيه، فبارك الله هذه المثل .
· في كل سنة ومع قرب موسم الحج تأتي للشيخ عروض خاصة ومغرية من حملات متميزة وراقية في مركبها، ومطعهما، ومسكنها، ومع ذلك يأبى الشيخ إلا حملة خيرية متواضعة جمعت جميع أطياف المجتمع الشريف والوضيع ، الفقير والغني، الصغير والكبير، القوي والضعيف، فضلا عن مكاتب الجاليات والمسلمين الجدد ولهذه الميزات أحب الشيخ هذه الحملة الخيرية وألفها وصار يحج معها كل عام ويجعل للشيخ فيها خيمة صغيرة متواضعة وهذا حسب رغبة الشيخ وطلبه .أراد أن يماثل الناس ويشاكلهم في كل شئ .
الشيخ وأسرة الشيخ حمد بن عبدالله اليحيا
الشيخ له علاقات مودة ومحبة مع جميع طباقات المجتمع وفئاته ، والشيخ محبوب الجميع نظرا للاطفته، وسعة حلمه، ومن بين تلك الأسر التي أحبت الشيخ وأحبها الشيخ أسرة الشيخ الكريم / الشيخ حمد بن عبدالله اليحيا - متعه الله بالصحة والعافية - فهذه الأسرة المباركة جمعت الحلم والعلم، والفضل والأدب ، لقد شارك الشيخ هذه الأسرة أفراحهم وأتراحهم وأغلب مناسباتهم لقد كانت بينهما عشرة كريمة ، وتأريخ عريق .
وحملة الشيخ الخلوق المتواضع : سليمان بن حمد اليحيى من حملات الحج الخيرية والتي شهد لها القاصي والداني هذه الحملة لها في كل عام موعد مع شيخنا الجليل عبدالله الجبرين فقهيا ومفتيا بين أفراد الحملة لقد أحب الشيخ هذه الحملة لما كسبته من الميزات السابقة.
الشيخ في طريقه لرمي الجمرات
الشيخ له مكانة واحترام في قلوب الخلق ونحن في طريق الجمرات يمشي الشيخ:
فهذا شاب يوقفه فيعانقه ، وذاك طفل يضاحكه ويداعبه، وتلك امرأة تشتكي إليه ، فسبحان من رزق الشيخ الصبر والحلم يقف معهم ويجب سؤلهم ويقضي شغلهم ، لايمل ولا يسأم ، ولا يعنف ولا يزجر، بل ابتسامة هادئة ، وسعة بال ، وتحمل مشاق ، فرحمة الله عليه .
* في زحام الجمرات وبعد العشاء نعمل حزاما بشريا لحماية الشيخ من مشقة الزحام لأن جسمه نحيل، وجسده منهك فيأبى الشيخ إلا مساواة الناس فندخل معه في زحام الجمار فيسقط شماغ الشيخ من شدة الزحام وربما ضويق من غير قصد ويتقبل ذلك بصدر رحب لأنه يعلم أن الأجر على قدر المشقة كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها ( أجرك على قدر نصبك )
الشيخ والباكستاني
وفي عودتنا من الجمرات يبصر الشيخ رجل من الباكستان وهو يحمل والدته العجوز على كتفيه فيقف الشيخ متأملا ومتأثرا بمشهد عظيم من مشاهد البر والإحسان فتدمعي عيني الشيخ لأنه تذكر بعض مشاهد العقوق من بعض أولادنا هداهم الله .
بين الشيخ الجبرين والشيخ الجزائري
بين هاذين العالمين ( بكسر اللام ) ألفة عجيبة ، ومحبة كبيرة دليلها القرآن ، ودستورها نور النبوة ، سرها وقصتها في الحج ففي كل سنة لنا موعد مع هاذين العلمين الرائعين : في أسلوبهما، وطريقة تربيتهما، هما يسكنان في خيمة واحدة لايفصل بينهما سوى شراع من القماش فيتناوبان في الوعظ والفتوى دون كلل أو ملل بل في سعادة عالية وروعة بالغة، في تبليغ الدعوة وإيصال الرسالة .
الشيخ وحارس خزانات الماء
في آخر ليلة من ليالي الحج وكنا في ليلة وداع لفراق الشيخ دخل علينا رجل كبير في السن وعليه علامات الحزن والكآبة والملل فقال الشيخ مالك ؟ قال ياشيخ فسد حجي فقال له الشيخ كيف ؟ قال ياشيخ أديت بحمد الله جميع مناسك الحج في يسر وراحة وبحكم عملي في حراسة خزانات مياه الحجاج كنت أبيت خارج منى أيام التشريق فقال لي رجل حجك غير صحيح.
تكفى ياشيخ افتني فقال له الشيخ مادام أن عملك مرتبط بهذه المصلحة العظيمة فحجك صحيح وأنت مأجور ( معنى كلام الشيخ وليس نصه ) فخرج الرجل يهلل ويكبر فرحا مسرورا ومستبشرا ومغتبطا بفتوى هذا العالم .
الشيخ بعد صلاة الفجر
بعد صلاة الفجر نستقبل أسئلة الحجاج ومشكلاتهم ونعرضها على الشيخ الغريب في الأمر أن الشيخ لايمل ولا يتضجر من كثرة الأسئلة بل تجده يجيب وهو على هيئة واحدة، وبأسلوب واحد فيطول الوقت بالشيخ ونشفق على حاله ونقول للشيخ نريد أن نتوقف وأعرف أن الشيخ يتمني أن يجيب على أسئلة الجميع ويقف على حل مشكلاتهم .
الشيخ وتقبيل الرأس
أمر الشرع الحنيف بتوقير العلماء وإجلالهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط) رواه أبو داود
قال ابن عبد البر: أنشدني يوسف بن هارون بنفسه في قصيدة له :
وأجلّه في كل عين علمه
فيرى له الإجلال كل جليلِ
وكذلك العلماء كالخلفاء عند
الناس في التعظيم والتبجيل
فمن فرط محبة الناس للشيخ وإجلالهم له وتقديرهم للعلم الذي يحمله كان الواحد من الطلاب يحرص على شرف تقبيل رأس الشيخ الذي حوى العلم والمعرفة، وجمع الأدب والأخلاق ، إلا أن الشيخ رحمه الله من فرط تواضعه يشدد على عدم تقبيل رأسه ويكتفي بالمصافحة والمعانقة فرحم الله شيخ التواضع وأستاذ العلم .
الشيخ وسلامة الصدر
في ظني الذي لايخيب أن الشيخ يملك مواصفات عالية جعلت منه شخصية محبوبة لعامة الخلق صغيرهم وكبيرهم ، نساؤهم ورجالهم، في جميع أصقاع الأرض هذا الحب لم يكن وليد الصدفة فكنز الحب لم يأتي من سعة ماله ، أو رفعة جاهه ، أو شرف مقامه ، بل نبع ذلك من إخلاص صادق ، وقلب طاهر ،وفؤاد نقي فلا يحمل في قلبه غيظا، ولا حنقا ، ولا احتقارا ، ولا بغضا، فرحمك الله أيها الإمام .
بيت الشيخ
بيت الشيخ الذي يسكنه ليس قصرا فارها ولا برجا عاجيا إنما بيت متواضع بعيد كل البعد عن التكلف والترف بيت يشع منه العلم وتنبع منه المعرفة
بيت الشيخ لم يخصص لفئة معينة بل خلية نحل يدخله الغني والفقير، والكبير والصغير ، وجميع أطياف المجتمع فلا يخرج الداخل إلا وقد حاز نورا ومسكا : إما علما تعلمه ، أو شفاعة محققه ، أو تزكية موقعة، أو مساعدة مجزية، فالشيخ رحمه الله لايرد طالبا كريم النفس سمح الطبع رحمة الله عليه .
الشيخ والفتوى
لايخفى على كل ذي لب براعة الشيخ في الفتوى فالله سبحانه وتعالى أراد بعبده الجبرين خيرا ففقهه في دينه ، ونوره بالعلم والحلم و ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) ولهذا تجد دروس الشيخ وفتاواه رصينة متينة ، مقرونة بالدليل، معزوة للأصول ، مفصلة ، مؤصلة، موضحة، ولهذا إذا قيل أفتى الشيخ ابن جبرين في كذا وكذا تجد لهذه الفتوى قبولا في قلوب الخلق . فرحم الله ذلك العبد الصادق وأسكنه جنته .
ختاما......... رحمك الله ياشيخنا ، وأسكنك فردوسه الأعلى وجمعنا بك في أعالي الجنان في مقعد صدق عند مليك مقتدر
وكتبه محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشائع
أستاذ الشريعة في المعهد العلمي في محافظة شقراء
البّدر
07-25-2009, 09:02 PM
(خواطر وذكريات من وحي جنازة العلامة ابن جبرين رحمه الله)
الدكتور سعد مطر العتيبي
للتوِّ عدتُ من منزل الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمه الله! وقد عزيت إخوته وأبناءه ومن وجدت من أحفاده..
حاولت حين عدت إلى المنزل أن أمارس حياتي الطبيعية في المكتبة، لكني وجدت الذهنَ يشرد! فقد تتالت كثير من الذكريات وأنا في طريقي إلى المنزل، فلم أجد خيارا أفضل من الاسترسال مع الذهن، وتدوين ما يمليه، دون تعكيره بتكلّف نسق ما من الكتابة! فوجدته يدفعني لأكتب ما يمليه.. فكتبت :
1) لقد رأيت جموعا كبيرة تتالى على منزل الشيخ للعزاء، ما بين رجال ونساء، وكان للدوريات حضور في تنظيم الناس، و وقوف السيارات..
ومن شاهد مسارات الناس التي تمتد خلال المنزل إلى مقرّ إخوة الشيخ وأبنائه داخل مجلس العزاء يوقن أن الحضور ليس كلهم على صلة بالشيخ أو ذويه.. والجميع يسلم ويعزي ويخرج حيث لا يسع المكان للجلوس لكثرة الناس..
وكنت حضرت مع زميلين كريمين، وكلنا له صلة بالشيخ وبعض أبنائه وبعض إخوانه؛ فالشيخ الدكتور عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله أستاذ جامعي معروف، وهو ممن عرفتهم منذ كنت طالبا في كلية الشريعة، وكانت ثم صلات عديدة.. وأما الأستاذ ناصر أخو الشيخ فهو زميل قديم، حين كنا بكلية الشريعة، وكذا الأستاذ سليمان بن الشيخ عبد الله، فهو من أقراني، و زملائي مدة دراستي في كلية الشريعة بالرياض، وعلاقتنا مستمرة من تلك الأيام ولله الحمد والمنّة..
لكن ليس كل المعزِّين في الشيخ له صلة بالشيخ و بمن يعزونه في الشيخ، شأن من حضروا صلاة الجنازة أو تبعوها وشيعوها إلى المقبرة.. فأن يعزي المَعَارف، أمر عادي، لكن أن يأتي معزون كثيرون لا معرفة لهم بمن يعزّون على الإطلاق، فتلك المنقبة لهم وللشيخ رحمه الله!
وقد اختصر أحد كبار السن - ممن يظهر عليهم أثر الوجاهة - هذا المعنى بقوله ونحن نسلم عليه عند مدخل مجلس العزاء، بقوله : كلنا نُعزّى في الشيخ، فليس العزاء خاصاً بقرابته!
قلت : صدق والله، فالشيخ شيخ أمّة!
2) وبالأمس كنت حضرت جنازة الشيخ ذاته، وانتابتني مشاعر شتى، أثارتها إضافة إلى الحدث : شجون الزمان والمكان! وهنا أترك العنان للقلم ليخفف عني شيئا من وقع فقد هذا الشيخ الجليل على النفس.. ولا سيما أنني رأيته آخر مرّة في مكان أكاد أجزم أنه لم ولن يخطر على بال قاريء! ووقع في ذات المكان ما آلمني كثيرا.. وسأذكر ذلك المكان في مناسبته من هذه المقالة إن شاء الله تعالى، وإن كنت قد لا أطيق ذكر ما آلمني حينها..
اتجهت الضحى العالي يوم الثلاثاء، في الساعة الحادية عشرة والربع تقريبا إلى جامع الإمام تركي ( الجامع الكبير بمدينة الرياض ) واتصلت في الطريق على أحد حمائم ذلك الجامع؛ لأحدد طريقة وصولي للجامع، فأخبرني أنه موجود في المسجد منذ الساعة العاشرة والنصف.. وأنه وجد صعوبة في وجود موقف لسيارته؛ ففكرت في إيقاف سيارتي والانتقال للمسجد عبر سيارة أجرة (ليموزين) - أو سيارة كِراء كما عربها المرور القطري -.. لكنني قرّرت الذهاب بالسيارة مع الابتعاد عن مواقع الزحام والضنك، ولا سيما أنني أكاد أحفظ كل طريق وزقاق في تلك المنطقة، لكثرة ترددي إليها، وتجولي في سن الصبا مع الرفاق حواليها.
واحتياطا لمثل هذه الجنازة التي كان جميع من يعرفون الشيخ يتوقعون أن يكون حضورها كبيرا مشهودا، أوقفت سيارتي ككثير من الناس قرب مسجد العيد غربا منه - أي بالقرب من المنزل الطيني الذي كان الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله يلقي فيه أوائل دروسه، التي لم يكن يحضرها - كما كان يحدِّث رحمه الله - في بعض الأحيان إلا ثلاثة : الشيخ ( ابن جبرين )، وأحد الطلبة اليمَنيين، وإبريق الشاي!! وهي مسافة تقارب خمسمائة متر عن المسجد تقريبا من الناحية الجنوبية الشرقية للجامع الكبير ( جامع الإمام تركي ) بوسط مدينة الرياض.
سرت مع جموع المشاة مرورا بمحطة الإطفاء، متجهين شمالا إلى الجامع، مرورا بموقع المنزل الذي كان يسكن فيه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قبل انتقاله إلى حي البديعة..
3) تلك الطريق التي تتخلل أسواق الديرة الشهيرة، والتي منها سوق الزل العريق، وسوق الآثار الذي يرتاده الخواجات منذ عرفته..
تلك الطريق التي طالما رأيت - وأنا بجوار والدي رحمه الله في سيارته ذاهبين إلى الندوة الأسبوعية - شيخَنا ابنَ باز رحمه الله يسير على رصيفها الغربي، قبيل الغروب متجها إلى الجامع الكبير حين كان يؤمه، ويلقي فيه دروسه! ويعلق فيه على محاضرات الجامع وندواته الشهيرة آنذاك حين كان مقدمها الشيخ عبد الجواد..
ذلك الجامع ذي المبنى العريق، الذي طالما حدثني خالي مخلد بن ضويحي عن مشاركته في بنائه وذلك حين قدم من الدوادمي صغيرا بحثا - كلداته - عن سوق العمل! فكان له نصيب من البناء مع معلّم البناء! - ذلك البناء القديم، المسقّف بأعمدة خشبية طبيعية، لتعاقب الطيور بينها وقْع في النفس يبعث على الأنس، في زمن الطفولة! كان ذلك قبل أن يُنقض البناء القديم ببضعة عشر عام، ذلك النقض المرحلي الذي أثار أشجان مؤذنه الشهير الشيخ عبد العزيز بن ماجد رحمه الله! فلم يتمالك نفسه حيث خنقته العَبرة، ثم انفجر باكيا! وذلك أثناء آخر نداء رفعه من ذلك المبنى القديم..
4) وعودا إلى خبر جنازة الشيخ عبد الله ابن جبرين رحمه الله!
سرت بجانب الطريق على ذات الرصيف الغربي، والناس تسير فيه كالسيل الجارف في جميع الطريق : وسطه وجانبيه، ولفت انتباهي : خروج أصحاب المحلات التجارية - على جانبي الطريق - أمام متاجرهم! يشاهدون الجموع بدهشة، وتلحظ تهامس الأعاجم والغرباء منهم بالسؤال : ما الحدث؟! فترى الحيرة أحيانا، وتسمع الجواب أحيانا أخرى، يتكرر ذلك أمام ناظريك - وأنت تسير نحو الجامع - بتكرر السائلين والمجيبين..
وذكرني هذا المشهد بأسئلة مشابهة كنت أطرحها مع بعض الرفاق استفسارا عن حشود رأيناها في وسط مدينة باريس قبل بضعة أشهر! فكان الجواب هناك : إنها مظاهرات رسمية، أي مرخّصة وفق قانون المظاهرات!
ولكن وجدتني أردد في نفسي : إن هذه مظاهر تعبدية.. لا مظاهرات سياسية.. وشتّان بينهما.. ومن ثم فلا تحتاج لإذن لتكون رسمية! بل قد أعدت الجهات الرسمية عدتها في التنظيم والتسيير، منعا للاختناقات المرورية، ولا سيما في جو ساخن بسخونة صيف الرياض! وإن كان الله قد أنعم علينا حينها بهواء يبدد شيئا من سكون الحرارة..
وسرت حتى انحنى الطريق، فتبيّن الجامع للناظر من بين المباني، وكانت المفاجأة أن جميع الأبواب الجانبية الجنوبية للجامع مغلقة، ما عدا الباب الأخير الذي يُدخَل منه على الساحة المكشوفة في المسجد، وإذا النّاس يتدافعون فيه دخولا، في مشهد ذكرني اندفاع الناس إلى الحرم المكي بعد الأذان من باب الفتح أو باب الملك عبد العزيز رحمه الله! ومن شهد ما شهدت يعلم أني لم أبالغ كما قد يظن بعض من لم ير المشهد!
ورأيت بعض الناس يخرجون من ذات الباب الكبير، ومن بينهم شيخ كبير يتكئ إلى عصاه، ويردد : يقولون ما فيه محل إلا في الشمس!
ومن عادتي في الزحام، أني لا أستمع إلى الناس، حتى أرى.. وما إن تخللنا من الباب حتى رأينا جميع المواقع التي لها نصيب من الظل قد امتلأت! وبقيت الساحة المكشوفة محل تردد من بعض الواقفين، لشدة الشمس وطول الوقت المتبقي! وهنا جاء فرج عاجل، بتقدم بعض الصفوف التي تلي صف الحرس الرسمي داخل المسجد، نتيجة تضييق الحرس لدائرة الحراسة، كما هو معتاد في مثل هذه الأحوال.. فدخلنا في الجزء المسقوف من الجامع، وانتظرنا الصلاة..
وقد ضجر أحد المصلين أمامي فرجع إلى الصف الذي أنا فيها، وهو يردد : الناس يحملون أحذيتهم في المسجد!! - وكأنه لم يتحمل حمل الناس لأحذيتهم -.. قلت له : يا عم! الأمر كما ترى، هذه زحام والناس تريد أن تدرك المقبرة أيضا.. فسكن وبدأ يتلو من سورة الكهف في انتظار الصلاة حتى ختمها! فخلته قد وهم في ظل الزحام أنَّ اليوم يوم جمعة! ونسي أن اليوم يوم ثلاثاء!!
وقد اتصل علي بعض الإخوة وأنا في المسجد، يسألون عن إمكانية الصلاة داخل المسجد، وكان منهم أخي يعقوب وبصحبته أخي أحمد، حيث كانا قد أوقفا سيارتهما بقرب المكان الذي أوقفت فيه سيارتي، لبعده عن مجامع الزحام المشهورة.. فأخبرته أن جوف الجامع قد امتلأ! وقد أعلمني فيما بعد أنه صلى مع الجموع الكبيرة التي بلغت في صفوفها - تحت الشمس الحارقة - قريبا من أسواق الثميري جهة الشرق!
5) صلينا الظهر، وأمّنا في الصلاة نائبُ سماحة المفتي في إمامة الجامع الكبير، زميلُنا الشيخ الصالح - نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا - الدكتور عبد الله بن عبد العزيز آل الشيخ إذ لم يتمكن سماحة المفتي العام من القدوم لمدينة الرياض مع محاولته لذلك، لالتزامه بعدد من المواعيد الرسمية السابقة في مدينة الطائف فصلى عليه صلاة الغائب بمسجد الإفتاء هناك.
ثم أعلن شخص لم يتبيّن لي من هو : أننا سنصلي على جنازة العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين، وخنقته العبرة، وتحشرجت الكلمات في مخارجها، وأكمل - بصعوبة - ذِكْرَ اسمِ جنازة أخرى لم أتبينها.. وتأخرت الصلاة بضع دقائق، وعلَت أصوات بعض المنظمين في الجامع، ولم أشاهدهم، لكني عرفت صوت أخينا إبراهيم بن عبيد، وهو من المشرفين على الجامع، حيث كان يوجه بعض الناس بالابتعاد عن الإمام ليتمكّن الإمام من الصلاة.. وبدأ بعض الناس يجهش بالبكاء، بل قد انفجر بعضهم باكيا، وتكاثرت مرتفعة بالبكاء الأصوات، وذلك من حين كبر الإمام لصلاة الجنازة، وكان بجانبي رجل من العسكر، ذو رتبة عالية، فكانت حركة اضطراب جسده وهو يحبس البكاء تشغلني عن بعض الدعاء، و كان ينحني من شدّة ما يجد! وقد ظهر صوت الإمام بالدعاء قريبا مما لو كان يجهر بالقراءة، وربما كان السبب في ذلك : كثرة الأصوات الباكية حوله..
سلّم الإمام، وبدأ الناس في الخروج من المسجد، وانتظرت اندفاع الناس، ورأيت عددا من الأحبة والمشايخ فعزيتهم، وكان منهم الشيخ عبد الله المطلق حفظه الله، وقد رأيته متأثرا تأثرا لا يستطيع إخفاءه.. ومنهم مِن خارج الرياض حبيبنا الشيخ سعد الغنام حفظه الله! وقد أخبرني أنه جاء مع جمع من الإخوة من الخرج، ليشهدوا الجنازة..
وما إن خرجت من المسجد حتى رأيت بعض أحبتنا من أهل مدينة جُدّة! فسألته بعد أن تبادلنا التعازي: منذ متى وأنتم في الرياض ولم تخبرونا؟ فأجاب : أتينا البارحة في وقت متأخر، حيث لم نتمكن من المجيء جواً، وخشينا فوات الجنازة، فأتينا بالسيارات، مع جمع من الدعاة وطلبة العلم، وذكر لي بعضهم من أعيان مدينة جدة! فحمدت الله عز وجل أن يسر لهم الوصول، والمشاركة في الصلاة على عالم لم يَرُدّ لأهل جُدّة طلبا كما يعبر أحدهم، لا طلب محاضرة، ولا دورة علمية، ولا دعوة إلى عضوية في مجلس إدارة مكتب دعوي، ولا غيره!
قلت : هذا ديدن الشيخ رحمه الله! فهو لا يرد طلبا يمكنه تحقيقه، لا لأهل جدة ولا لغيرهم! من شرق المملكة إلى غربها، ومن جنوبها إلى شمالها، وما بين ذلك! فأيّ همة تلك الهمّة! وأي توفيق ذلك التوفيق! وما أراه إلا عوناً من الله للشيخ، فلعل الله علم منه صدق النية ويسّر له العمل.. وإذا أراد الله بعبد خيرا هيأ له من أسباب الخير ما يعجز عنه غيره..
ومما لفت انتباهي : كثرة الأخوات اللاتي قدمن للصلاة على الشيخ رحمه الله! وعلمت من أخي يعقوب أن صفوف الناس كانت أكثر مما رأيت وأنا أنصرف.. وهنا تذكرت أختا اتصلت عليّ ليلة الثلاثاء، تسأل : هل يجوز أن أصلي على الشيخ صلاة الغائب! لأنني خارج الرياض؟!!
وانطلق الناس إلى المقبرة، فمنهم من وصل، ومنهم من انقطعت به السبل، لشدة الزحام، فقد تحولت بعض الطرق إلى مواقف للسيارات، وأحدث هذا نوعا من الخلل في وصول الراكبين، فسبق الراجلون الراكبين..
حقا لقد كانت جنازة الشيخ رحمه الله من الجنائز الكبيرة، في قائمة الجنائز الشهيرة في مدينة الرياض، كجنازة الشيخ حمود التويجري، والشيخ صالح الغصون رحمهما الله، وغيرهم..
6) لقد كانت هذه الجنازة الكبيرة المهيبة، رداً صارخا على من يظنون أنهم يقللون من حب الناس للعلماء، واقتداء الناس بهم، حين ينالون منهم بشكل أو آخر!
لقد كانت مقولة الإمام أحمد التي تبيّن سنة من سنن الله في وقوف الأمة الصالحة إلى جانب علماء السنة، مهما نال أهل البدعة منهم " بيننا وبينهم الجنائز ".. وهو وقوف شهادة بالديانة، وسلامة المنهج.. ومثالها في الماضين : جنازة الإمام أحمد بن حنبل ذاته التي خرج فيها أهل بغداد حبا له، لا جماهير شهرة كجنائز بعض أهل الفن، أو تغرير إعلامي كجنازة عبد الناصر مثلا.. وكثرة الحضور في الجنائز التي أشار إليها الإمام أحمد رحمه الله، ما هي إلا صورة من شهادة الأمة الصالحة ( شهداء الله ) العدول باجتماع شهادتهم.. لا شهود المشاهير.. التي تدفع إليها كوامن النفس التي تبحث عن إكمال مشاعر النقص في الاقتراب من المشاهير! أو حب الظهور معهم، ولو للذكرى في صورة أو لقطة!!
7) وأمَّا الحديث عن الشيخ العلامة عبد الله ابن جبرين فحديث ذو شجون عند من لم يلازمه مثلي، فكيف بمن لازمه وتتلمذ بين يديه دهرا؟!
الشيخ العلامة عبد الله ابن جبرين عالم أتشرف بوجود اسمه في بعض الوثائق الشخصية الرسمية الخاصة بي.. لكنني أقول بكل أسف : لم أشرف بالتتلمذ عليه، وغاية ما يمكن أن أقوله في موضوع التتلمذ عليه، هو حضوري لبعض دروسه في مُدد لا تتجاوز بمجموعها بضعة أشهر! حين كان ينوب عن شيخنا العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله في الجامع الكبير إيَّاه، وبعض حلقاته في جامع الراجحي القديم بحي الربوة..
والسبب في ذلك التزامي بنصيحة أحد شيوخي في عدم الإكثار من الشيوخ في فترة الطلب الأولى؛ لأن ذلك مما يفوّت الإفادة العلمية المطلوبة، ولا سيما في الجانب التأصيلي..
وكنت قد التزمت دروسا رئيسة لثلاثة من العلماء الكبار أيضا، وهم الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله! في دروسه بالجامع الكبير وجامع سارة ومسجد الحي - وهي الدروس التي ربطني بها شيخي الأول، أعني والدي مطر رحمه الله وقد تحدثت عن شيء من ذلك في ذكريات بدايات الطلب -؛ والشيخ عبد الله بن حسن بن قعود رحمه الله! في دروس خاصّة متخصصة منتظمة في منزله بل في مكتبته الخاصة؛ والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان حفظه الله! في دروسه بمسجد الإفتاء، ثم في درسه المتخصص بعد العشاء من مساء كل إثنين..
وقد عتبت على محرر صحيفة عكاظ بالأمس حين زعم في تقرير الصحيفة عن الشيخ رحمه الله أني أحد تلامذة الشيخ! وهو شرف لم أحظ به على الوجه الصحيح، إذ لا تكفي المدة التي قضيتها في حلقاته للزعم بأني من تلاميذه؛ فالتتلمذ ليس مجرد الحضور في الحلقة ولو لبضعة أشهر! وقلت له : أتريد أن تجعلني ممن يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا!
وكم أسفت على عجزي عن حضور دروس الشيخ المنتظمة، وإن كنت قد واسيت نفسي بالإفادة من دروس الشيخ المسجلة، ومن ذلك شرحه لمنهج السالكين ضمن الدروة العلمية المكثفة في جامع ابن المديني، فقد كررت سماعه، وأفدت منه في فرائد علمية، ومعارف ثقافية، قلّ أن تجدها في شروح الشارحين!
كما كنت أسأل الشيخ - رحمه الله - عن بعض ما يشكل عليّ من مسائل يشتد فيها الخلاف، أو يعسر فيها الترجيح.. وربما قصدته في منزله أو مسجده لأسمع منه رأيه في مسألة أو جوابه على مشكل..
ولا زلت أذكر فتح مكتبته لنا - أنا وبعض زملائي في المرحلة الثانوية - حين كلفنا أستاذ مقرر التفسير، الشيخ الدكتور يوسف عثمان جبريل رحمه الله! ببحث رجال أسانيد بعض الأحاديث الواردة في تفسير سورة (ص).. وكان هذا الأستاذ المربي قد أرشدنا إلى الاستعانة حينها بمكتبة الشيخ عبد الله رحمه الله، وهنا أتذكر مقولة أستاذنا د. يوسف حين كان يردد ضمن توجيهاته اليومية الشيقة التي لا تخلو من طرفة أو لطيفة، النافعة التي لا تخلو من رسالة، وذلك في الإذاعة المدرسية أثناء طابور الصباح، قال لنا مرة، وكررها بعدُ مراراً في مناسبات شتى : أنا جبريل السودان لا جبرين السعودية! وهي عبارة لها قصة..
أما اللقاءات به رحمه الله، فكثيرة بحمد الله، وهي لقاءات متنوعة، دورية وغير دورية، ما بين علمية وفكرية ودعوية.. وقد كان لوجود الشيخ فيها أثر كبير في نفوس من يحضرها من العلماء وطلبة العلم، فضلا عمّن تشدّه رؤية الشيخ وتثير فيه كوامن تأمّل من أمثالي..
وقد أفدت - كغيري من طلبة العلم - من فتاويه الفريدة في تحقيق مسائل خالف فيها بعض الآراء التي كانت سائدة، مما كنت أميل إلى قول الشيخ فيها نتيجة بحوث و مدارسات، كفتواه رحمه الله في جواز الرسوم في مجلات الأطفال الهادفة، وفي أفلام الكرتون النافعة، وفي المسعى حيث فتواه المدعّمة بشهادته، وهو من هو في العناية بالتاريخ والتأريخ..
لقد كان آخر لقاء جلست فيه مع الشيخ وجها لوجه مساء الإربعاء ليلة الخميس العاشر من شهر محرم من هذا العام : عام ثلاثين وأربعمائة وألف، وذلك على مائدة طعام في مطعم برج جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية! وكان ينثر درر علم حتى أثناء الأكل! بل لم يترك الاحتساب في هذه اللحظات، فقد نصح من بجانبه - بلطف عجيب - حين نطق هاتفه النقال بدعاء غير سائغ!
وكان حضور الشيخ للجامعة حضور وفاء لشيخه محمد بن إبراهيم رحمه الله! وذلك بمناسبة مناقشة رسالة الدكتوراه المقدمة من الطالب الشيخ / سليمان بن عبد الله التويجري، بعنوان: [اختيارات سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في العبادات والمعاملات عدا الطهارة].
وأخيرا، فلقد كان الشيخ رحمه الله عالم أمة! وكان قدوة في العلم والدعوة والاحتساب، وعلو الهمّة، والجَلَد في طلب العلم ثم في نشره، وكان موسوعي العلم، جَمَعَ بين علوم الشريعة وعلوم الآلة، والمعرفة بالتاريخ والأنساب، ومعارف أخرى..
لقد كان الشيخ رحمه الله من نوادر زهّاد العصر.. يهضم ذاته ليوصل رسالته! لا تهمه الجمهرة، ولا تستهويه الشهرة، ولا يقف خارج قناعاته مراعاة لأحد!
رحم الله الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، فقد كان أحد أركان الصحوة الإسلامية المباركة ورموزها الأجلاء، ومن أهل الوفاء لها : رعاية ونصحا، وتصحيحا، وذبا عنها وعن رموزها، حتى من الأجيال التي هي دونه سنا ومنزلة.. لا تكاد تجد لجنة شرعية في مؤسسة دعوية أهلية إلا وله فيها عضوية فاعلة، وفتاوى فريدة، بعضهم ينص فيها الشيخ على أنها فتوى خاصة بإقليم كذا أو بأهل البلد الفلاني لا يجوز إعمالها في غيره!! أي أنها من فتاوى السياسة الشرعية المؤقتة!!
رحم الله الشيخ العلامة ابن جبرين؛ فكم كنت أأنس لرؤيته، وكم أجد بينه وبين شيخنا عبد الله بن قعود من موافقات عجيبة، وتوافقات ليست بالغريبة..
البّدر
07-25-2009, 09:03 PM
خاطرة مُشَيِّع للعلامة الجبرين
مشيعو الأهواء والشهوات ومشيعو العلماء الأثبات
إبراهيم الأزرق
ذهبت للصلاة على فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله، وحاولت أن أبكر ممنياً نفسي بموقف سهل، ولكني لم أجد بعد نحو خمس وأربعين دقيقة من البحث المضني عن موقف بأجرة أو بدونها سوى موقف يبعد عن المسجد نحو ألف متر أو يزيد. وقد وفقني الله لدخول فناء المسجد مع انتهاء الأذان تقريباً.
وجامع الإمام تركي بن عبدالله الذي أقميت فيه صلاة الظهر ثم الجنازة على الشيخ رحمه الله وفقاً لما يُذكر في تصميمه يتسع لنحو سبعة عشر ألف مصل، ومع ذلك لم أجد لقدمي موطئاً إلاّ في فنائه حيث لا ظل وكنت محظوظاً إذ ظفرت بقطعة من فراش لم تكن لتدفع عن قدمي سخونة الأرض التي لا تغيِّر فيها شيئاً قطراتُ العرق المتصببة من الجموع، أما ما يحف الفناء الشرقي على امتداد جنباته المسقوفة فقد امتلأ بالمصلين عن بكرة أبيه، بل امتلأ الدور الأرضي لمبنى هيئة الأمر بالمعروف وما تاخمها.
وبعد أن قُضِيَت الصلاة التي لم يتمالك فيها كثير من الناس دمعه بل بعضهم –خلافاً للسنة- صوته الذي ارتفع بالبكاء، انتشرت الجموع فسدت الأفق ولم يجد كثير من تلك الجموع مع الزحام بدّاً من المشي على الأقدام إلى المقبرة في حمَّارة القيظ، في مشهد مهيب قد تعجز الكلمات عن تصويره وحسبك أن تعلم أنه يذكر صاحب الفكرة بالآخرة.
ومع وصولي المبكر نسبياً إلى المقبرة لم أتمكن من قرب القبر نظراً لشدة الزحام والتدافع الذي آثرت ألا أكون طرفاً فيه، فمكثت بعيداً بين القبور أنظر إلى تلك الجموع الهادرة الذاكرة الداعية وقلت في نفسي كان الشيخ مباركاً في حياته وهو اليوم مبارك بعد موته جاء بالخير إلى أهل القبور فكم من مُسَلِّمٍ عليهم وداع لهم ما جاء به إلاّ موت الشيخ رحمه الله، وبينما أنا كذلك إذ رعى انتباهي صوت أحدهم يرتفع قائلاً لصاحبه: الله أكبر، قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز!
فجعلت أتأمل مقالته، وورَدَ عليَّ خبرُ موت بعض المغنيين الغربيين قريباً وتأبين الألوف له، وخبر موت بعض المطربين والفسقة في دول قريبة وتشييع الجموع الغفيرة لهم... فتأملت النكتة التي ما كانت لتخفى على الأئمة، الذين قالوا: قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز، فوجدت تلك الحشود المرذولة إنما يشيعون أهواءهم وينعون بعض شهواتهم، ومن قال منهم يوماً من الدهر: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين، لم يقل لمطربه المُشَيَّع اللهم ارفع درجته في المهديين واغفر لنا وله يا رب العالمين! ولهذا تجد في تأبينهم الفسق والمجون والغناء وهذا يدلك على أن بكاءهم المرير وتأثرهم المنفعل إنما هو على شهواتهم وأهوائهم... فحق للناظر إلى جموعهم أن يقول بملء فيه:
ما أَكثَرَ الناسَ لا بَل ما أَقَلَّهُمُ اللَهُ يَعـلَمُ أَنّي لَم أَقُـل فَنَدا
إِنّي لَأَفتَحُ عَيـني حينَ أَفتَحُها عَلى كَثيرٍ وَلَكِن لا أَرى أَحَدا
وزيادة على هذا المعنى فإن يوم الجنائز لا يقتصر أمره على جموع المشيعين أو المعزين فذلك يوم يلقى فيه المرء عمله...
أما في وفاة الشيخ ابن جبرين فأنت ترى المشايخ الأثبات وطلاب العلم الثقات والصالحين والمسلمين الصادقين، تراهم قد خرجوا من أجل الدعاء للشيخ خاصة ولأموات المسلمين عامة مع قصد الاعتبار وكل ذلك أداء لبعض الواجب الشرعي وعرفاناً لبعض حق الشيخ الذي ظل يرشد الأمة ويعلمها، وينير دربها ويسهم في رفع الفتن عنها نصف قرن ونيِّف من الزمان، فكانت وفاته –رحمه الله- باب خير لهم وسبيل قربة وسنة فمن أسهم فيها بخير فقد نفع نفسه بتقديمه لآخرته، كما كانت حياته دعوة إلى الهدى ودين الحق.. ومن كانت تلك حاله فيرجى له أن يلقى ربّاً رحيماً رحمن راض غير غضبان...
انتهت الخاطرة التي جالت بالخاطر، وانتهى طلاب الشيخ ومحبيه من قبره، فوجدتني أقول: اللهم اغفر لعبدك عبدالله الجبرين، وثبته عند سؤال عبديك في القبر كما ثبته نصف قرن أو يزيد مجيباً مجيداً عن أسئلة عبيدك المؤمنين.
اللهم اغفر لعبدك عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين...
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
diamond