المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حيات الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه


ابوعبدالكريم
07-11-2009, 03:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
حيات الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه
رضي الله عنه
لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه.
حديث شريف
سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري رضي الله عنه سيد الأوس في عامه الواحد والثلاثين أسلم ، واستشهد في عامه السابع والثلاثين و, بينهما قضى سعد بن معاذ زعيم الأنصار أياما شاهقة في , خدمة الله ورسوله
إسلامه
أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم , مصعب بن عمير إلى المدينة ليعلم المسلمين الأنصار الذين بايعوا الرسول في بيعة العقبة الأولى ، وليدعو غيرهم إلى الإيمان ، ويومئذ كان يجلس أسيد بن حضير وسعد بن معاذ وكانا زعيمي قومهما يتشاوران بأمر الغريب الآتي ، الذي يدعو لنبذ دين الإباء والأجداد وقال سعد اذهب: إلى هذا الرجل وازجره , وحمل أسيد حربته وذهب إلى
مصعب الذي كان في ضيافة أسعد بن زرارة وهو أحد الذين سبقوا في الإسلام ، وشرح الله صدر أسيد للإسلام ، فأسلم أسيد من غير إبطاء وسجد لله رب العالمين0
وعاد أسيد إلى سعد بن معاذ الذي قال لمن معه : أقسم ، لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به وهنا استخدم أسيد ذكاءه ليدفع بسعد إلى مجلس مصعب سفير الرسول لهم ، ليسمع ما سمع من كلام الله ، فهو يعلم بأن أسعد بن زرارة هو ابن خالة سعد بن معاذ ، فقال أسيد لسعد : لقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه ، وهم يعلمون أنه ابن خالتك , وقام سعد وقد أخذته الحمية ، فحمل الحربة وسار مسرعا إلى أسعد حيث معه مصعب والمسلمين ، ولما اقترب لم يجد ضوضاء ، وإنما سكينة تغشى الجماعة ، وآيات يتلوها مصعب في خشوع ، وهنا أدرك حيلة أسيد000
ولكن ماكاد أن يسمع القرآن حتى شرح الله صدره للإسلام ، وأضاء بصيرته ، فألقى حربته بعيدا وبسط يمينه مبايعا ، وأسلم لرب العالمين ، فلمّا أسلم قال سعد لبني عبد الأشهل : كلامُ رجالِكم ونسائِكم عليّ حرام حتى تُسلموا , فأسلموا ، فكان من أعظم الناس بركةً في الإسلام0
غزوة بدر
جمع الرسول صلى الله عليه وسلم, أصحابه المهاجرين والأنصار ليشاورهم في الأمر ، وكان يريد معرفة موقف الأنصار من الحرب ، فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله ، لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، إنا لصبر في الحرب ، صدق عند اللقاء ، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله , فسر الرسول صلى الله عليه وسلم, وقال : سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم .
غزوة الخندق
في غزوة الخندق اهتم الرسول -صلى الله عليه وسلم- برأي الأنصار بكل خطوة يخطيها لأن الأمر يجري كله بالمدينة ، فكان يستشير سعد بن معاذ سيد الأوس وسعد بن عبادة سيد الخزرج بكل الأمور التي تجد
لقد سمع الرسول
صلى الله عليه وسلم , والمسلمين بأن بني قريظة قد نقضوا عهدهم ، فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم, سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وقال لهم : انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا , فان كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه ، ولا تفتوا في أعضاد الناس ، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس , فخرجوا حتى أتوهم ، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم ، وقالوا : من رسول الله , لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد , فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه فقال له سعد بن عبادة : دع عنك مشاتمتهم ، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة ,ثم أقبلا على الرسول صلى الله عليه وسلم, فسلموا وقالوا : عضل والقارة , أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين .
تفاوض الرسول صلى الله عليه وسلم, مع زعماء غطفان فأخبر سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في ذلك فقالا له : يا رسول الله أمرا تحبه فنصنعه ، أم شيئا أمرك الله به لابد لنا من العمل به ، أم شيئا تصنعه لنا ,قال الرسول : بل شيء أصنعه لكم ، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، وكالبوكم من كل جانب ، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما, فقال له سعد بن معاذ : يا رسول الله ، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان ، لا نعبد الله ولا نعرفه ، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرىً أو بيعاً ،فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا , والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم , قال الرسول-صلى الله عليه وسلم: فأنت و ذاك , فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال : ليجهدوا علينا .
إصابته
وشهدت المدينة حصارا رهيبا ، ولبس المسلمون لباس الحرب وخرج سعد بن معاذ حاملا سيفه ورمحه ، فعن السيدة عائشة أنها كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق ، وكانت أم سعد بن معاذ معها في الحصن ، وذلك قبل أن يُضرب الحجاب عليهن ، فمرّ سعد وعليه درعٌ مقلّصة قد خرجت منها ذراعه وفي يده حربة وهو يقول : لبِّث قليلاً يَلْحَقِ الهَيْجَا حَمَـلْ,لا بأس بالموتِ إذا حانَ الأجـلْ , فقالت أم سعد : الْحَقْ يا بُنيّ قدْ واللـه أخرت , فقالت عائشة : يا أم سعد لوددتُ أنّ درعَ سعد أسبغ ممّا هي , فخافت عليه حين أصيب السهم منه0
وفي إحدى الجولات أصابه سهم في ذراعه من المشركين ، من رجل يُقال له ابن العَرِقة ، وتفجر الدم من وريده وأسعف سريعا ، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم, أن يحمل إلى المسجد وأن تنصب له خيمة ليكون قريبا منه أثناء تمريضه ، ورفع سعد بصره للسماء وقال :( اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجهادهم من قوم أذوا رسولك ، وكذبوه وأخرجوه ، وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فاجعل ما أصابني اليوم طريقا للشهادة ، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة , وكان بنو قريظة مواليه وحلفاءَ ه في الجاهلية0
الرسول يحكم سعد في بني قريظة
وأتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بني قريظة بعد الخندق مباشرة ، وحاصرهم خمساً وعشرين ليلة ، ثم حكّم الرسول صلى الله عليه وسلم- سعد بن معاذ ببني قريظة ، فأتاه قومه ( الأوس ) فحملوه وأقبلوا معه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم, وهم يقولون : يا أبا عمرو ، أحسن في مواليك فإن الرسول إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم , حتى دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال : قدْ آنَ لي أن لا أبالي في الله لَوْمَةَ لائِمٍ ,
فلما أتوا الرسول صلى الله عليه وسلم- قال الرسول : قوموا إلى سيدكم , فقاموا إليه فقالوا : يا أبا عمرو ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قد ولاك أمر مواليـك لتحكم فيهم , فقال سعد : عليكم بذلك عهد اللـه وميثاقه أن الحكم فيهم لما حكمـت , قالوا : نعـم قال : وعلى مـن هـاهنـا , في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو معرض عن رسول الله إجلالا له ، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم : نعم قال سعد : فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى الذراري والنساء, قال الرسـول صلى اللـه عليه وسلم : لقد حكمت فيهم بحكم اللـه من فوق سبعة أرقعة , ونفذ الرسول الكريم حكم سعد بن معاذ فيهم0
وفاة سعد
فلما انقضى أمر بني قريظة انفجر بسعد جرحه ، واحتضنه رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم, فجعلت الدماء تسيل على رسول اللـه ، فجاء أبو بكر فقال : وانكسارَ ظَهْراهْ, فقال الرسـول صلى الله عليه وسلم : مَهْ فقال عمر :( إنا لله وإنا إليه راجعون )
وقد نزل جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( يا نبيّ الله مَنْ هذا الذي فُتِحَتْ له أبواب السماء واهتزَّ له العرش) فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم, مسرعاً يجرّ ثوبه ، فوجد سعداً قد قَبِضَ.
الجنازة
فمات سعد شهيداً بعد شهر من إصابته ، ويروى أن سعدا كان رجلا بادناً ، فلما حمله الناس وجدوا له خفة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن له حملة غيركم ، والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد ، واهتز له العرش, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفاً ما وطئوا الأرض قبلُ ) كما يقول : أبو سعيـد الخدري, رضي اللـه عنه : كنت ممـن حفر لسعـد قبره ، وكنا كلما حفرنا طبقة مـن تراب ، شممنا ريح المسك حتى انتهينا إلى اللحد ,
ولمّا انتهوا إلى قبر سعد نزل فيه أربعة نفر ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم, واقفٌ على قدميه ، فلمّا وُضع في قبره تغيّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسبّح ثلاثاً ، فسبّح المسلمون ثلاثاً حتى ارتجّ البقيع ، ثم كبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثلاثاً ، وكبّر أصحابه ثلاثاً حتى ارتجّ البقيع بتكبيره ، فسُئِلَ رسول الله , صلى الله عليه وسلم , عن ذلك فقيل : يا رسول الله رأينا بوجهك تغيّراً وسبّحت ثلاثاً,قال : تضايق على صاحبكم قبره وضُمَّ ضمةً لو نَجا منها أحدٌ لنَجا سعدٌ منها ، ثم فرّج الله عنه .
فضل سعد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, عندما رأى ثوب ديباج : والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا , وقد قال شرحبيل بن حسنة : أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك ,هذا وصلوا وسلموا على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم , وعلى أصحابه البررة الكرام وزوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين والتابعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين .