قوس قزح
03-05-2009, 10:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
في عام 1269هـ هاجم الترك منطقة عسير بهجوم واسع النطاق
ومن عدة جهات . . . إلا أن هذه الحملة منيت بالفشل والانهزام
وكادت أن تفنى عن بكرة أبيها . . فقد تصدت لهذا الهجوم قبائل
عسير قاطبة بزعامة أميرهم عائض بن مرعي . . . وقد تمكنت
قوات عسير من دحرهم وإلحاق الهزيمة بهم . .
وبهذه المناسبة نظم الشاعر العالم علي بن الحسين الحفظي . .
قصيدة جميلة مدح فيها عائض بن مرعي وقبائل عسير . . .
وعرّض لآخرين تخاذلوا عن نصرتهم .. وببلاغة قلّ أن تجود
بمثلها قريحة الشعراء صور أحداث هذه المعركة . . لتحفظ لنا
جيل بعد جيل . . وهي تعد من أنفس الأشعار التي قيلت في هذا اللون . .
ولبلاغتها لم أجد بدُ من كتابتها كاملة رغم طولها . . وقد وجدتني
أحتاج إلى قراءة الحرف بالتشكيل لأتمكن من قراءته بالشكل
الصحيح .. وأن أنظر إلى هوامش القصيدة لفهم بعض معانيها
الصحيح لذلك كتبتها مشكلة وذيلتها بشرح للمعاني الغريبة . ..
أيـا أمَّ عبـدٍ مـالـكِ والتَّـشـرُدِ=ومسـراك باللَّيـل البهيـم لتبـعُـدِ
ومؤاكِ أوصـادَ الكهـوفِ توحشـاً=ومثـواكِ أفيـاءِ النصـوبِ وغَرقـدِ
وما جاوزت ساقاكِ من سفحِ رهـوةٍ=واشعافِهـا مـا بيـن عـالٍ وَوُهَّـدِ
ومسراكِ من ذاتِ العُميـق وكوثـرٍ=ونهـران مـزوَّرَ القـذالٍ الملـبّـدِ
وما السرُّ إن أُبدَلتِ قصـراً مشرَّفـا=وعرشـاً وفرشـاً بالقِـرى والتلـدُّدِ
فمـا مثـلُ هـذا منـكِ إلا لضيقـةٍ=من العيش أو من سوء أخلاقِِ مُعتدي
فقالت رويـداً يـا أبـا عبـدِ إنمـا=أضاق بنـا ذرعـاً شديـدُ التوعَّـدِ
عَرَمرَمُ جيشٍ سيق من مصرَ مُعنّفـا=يهتِـكُ أستـارَ النسـاءِ ويعـتـدي
ويسبـي ذراري الأكرميـن جبـارةً=ويُنظـم سـاداتِ الرجـال بمقـلَـدِ
فقلت لها : مـن دونكـن ودونهـم=ضـروبَ حُمـاة بالحديـدِ المهنّـدِ
وضرب يزيلُ الهامَ عما ربـت بـه=ويُظهـر مكنونـاتِ أجـوافِ أَكبُـدِ
وطعنـاً تـرى نفـذ الأسنـة لمّعـاً=من القوم يعوي جُرحُها لـم يُسـدّدِ
الغرقد : نوع من أنواع الشجر ذي الأشواك
ذات العميق ، وكوثر ، ونهران : أسماء لجبال شاهقة غرب
مدينة أبها جرت فيها معارك دامية .
( 2 )
قفي وانظري يـا أم عبـد معاركـا=يشيب لها الولدان مـن كـل أمـردِ
وان كنت عنها في البعاد فسائلـي=ففيها اسـودٌ مـن مغيـدٍ بمرصـدِ
وفيها ليوثُ لأزدِ مـن كـل شيعـة=يصالون نار الحرب حزنـا لمفسـدِ
وفيها رئيس ( عائض ) حول وجهه=حياض المنايا أصدرت كـل مـوردِ
خليفـة عصـر للحنيفـي مُثقـفِ=لما أعوج مِنه في الحجـاز وأنجـدِ
فيالكِ من يوم ( الحفير ) وما بـدا=لِريدة من طـولِ الغمـام المُشيّـدِ
ويالك من يـوم اللحـوم سباعُـهُ=شِباعٌ ، وطير الجو تحظى لمشهـدِ
ويالك مـن أيَّـام نصـرٍ تتابعـت=بها من شُواظِ الحـرب ذاتِ التوقُّـدِ
تطامت رقـابُ (الـروم) عُيوقُهـا=كمـا عـاق دودٌ للجـراد المُقـدّدِ
فأضحى جُثاثاً في البقـاع مركّمـاً=تُزعزعـه ريـحُ العشيِـة والـغـدِ
ويالكِ من يـوم ( المـرارِ) لِـواؤه=تقنّع بالصرعـى بـه كـل مقصـدِ
كـأن تقحـام الشريـد وعُــوره=قرودٌ نحاهـا فجـأة أعسـر اليـدِ
مغيد : قبيلة من قبائل عسير
الأزد : قبيلة من أكبر قبائل قحطان
وتسكن السروات من الطائف وحتى اليمن .
عائض : يقصد به الإمام عائض بن مرعي اليزيدي .
الحفير وريدة : من معاقل آل عائض وأسلافهم وجرت فيها
معارك شديدة .
تطامت : ركب بعضها بعضً من كثرة القتلى .. وشبهها بكثرة
الدود الذي يتكاثر على الجراد الميت .
فأضحى القتلى جثثاً متناثرة في بقاع المعركة ، مركوم
بعضها فوق بعض وأشلاء تهزه الريح من أية جهة جاءت .
المرار : مكان في رجال المع بالشرفة .
شبه هزيمة الأعداء بسرب من القرود خرج عليها أعسر اليد
( النمر ) فتشردت .
( 3 )
تُخرَّمُهـا نحـرُ الهجيـر وإنـهـا=لتعهد منـه فـريَ نـابٍ ومفصـدِ
ويا عجباً مِن في ( حبضى ) ومادَنا=لوادي ( كسان) مـن قتيـلٍ مُسنَّـدِ
وفي ربوة ( الشعبين ) داهية أتـت=عليهم فما أغنـى دفـاعٌ بِعسجـدِ
ويوم ( المُقضَّى ) قد تقضَّت أمورهم=بفاقرةِ الظهـر التـي لـم تضمّـدِ
ومن قبل ذا يوم ( العزيزة ) عِزّهـم=ذليلٌ بِضـربِ المَشرَفـيَّ المُجـرَّدِ
كتائبُ فيها أضرموا ثُـمّ غـودِروا=بأشلائِهـم قانـي الدَّمـاء المكَّنـدِ
بأيدي رجالٍ مـن شنـوءةَ جِدُهـم=رقى بهم مجـداً إلـى حَـذوِ فَرقَـدِ
تداعى عليهم من صميـم أصولهـا=ثُبـاتُ وجمـعُ كالمحيـط المُزْبِـدِ
ففاخر بهم يا خاطبـاً فـوق منبـرِ=على النَّاس فاقوا بالحُسّام وسُـؤدَدِ
فليهن بنو قحطان مجـدُ فخارِهـم=مدى الدهر في نـادي بـوادٍ وأبلُـدِ
تخرمها : تمزقها . نحر الهجير : صيد الضحى
حبضى : عقبة في بلاد بني جونة بين القارية والصّلِيل . كسان : وادي
في رجال ألمع جنوب عقبة رز .
الشعبين : حاضرة رجال ألمع .
المقضى : قرية شرق بلدة السقا . فاقرة الظهر : قاصمة الظهر .
العزيزة : قرية جنوب شرقي أبها .
شنوءة : لقب عبد الله بن نصر بن الأزد ، وبه سميت جبال شنوءه وتقع
شمال مدينة أبها وتنتسب إليه قبائل عسير ، وقبائل الحجر ، وغامد
وزهران وخثعم وبني القرن وشمران وسنحان وبارق وبني الحارث وكعب .
قحطان : في الأصل كانت قبائل مذحجية متناحرة جمعوا تحت قبيلة واحدة
وأطلق عليهم ( قحطان ) نسبة إلى جدهم قحطان .
( 4 )
فيا راكبـاً إمـا لقيـت بـ( بيشـة )=وما دفعتـه مـن ضِـراب وقـد فـدِ
فسلّم على قبـر ابـن شكبـان سَالـم=فقـد كـان قُدْمـاً قادِمـاً كـل سيَّـدِ
يُحامي على التوحيد حتى عَـرَى لـه=من الحتـف كـأس جَرعـهُ ذو تـرّددِ
ومُر على أجزاع ( ضلفعٍ ) وقف بهـا=قليلاً وما يغنيك عـن ضـرب مُبْعـدِ
علـى ظهـر قيَّـا الكِلـى لا يُريُبهـا=حفـا حـزن منجـاةَ فـقـرِ مُنـكِـدِ
تَثُر الحصا بالخُـفِّ كالحـذف قبلهـا=وقـد ضـاق همّـا صدرهـا للتّعبـدِ
كما ثرّ من ( عين برمـلان ) وحشـه=يُجـفـلُـهٌ قـنّـاصّـه بالـتَّـرصُّـدِ
توسمـت ( الوسمـي ) أمّـا بُكـورُهُ=فمن ( نقأ ) ( الدهناء ) سعدانُها النّدي
وأمِّـا ثوانيـه فــإن زال طعنـهـافَمِن= ( حضن ) حتى ( الرشاء ) المُمِهِّدِ
تُعلّلُّهـا مِـنـه غــوادٍ فاشـطـأت=بُقـولِ ورمـثِ زهرهـا ذو تـطـرُّدِ
فأضحت تسامـي فـي سنـام كأنهـا=بِخدِ تليعِ ( الهضب ) عالـي التصعُّـدِ
بيشة : منطقة واسعه شمال شرقي أبها وتعد
مفتاح عسير من جهة الشرق .
سالم بن شكبان : شيخ شمل قبيلة الرمثين . والرمثين تثنية الرمث
وهم قبيلة من النخع .
ضلفع : جبل تحيط به رمال في موقع يسمى الفرشة .
رملان : أحد أودية تهامة .
نقأ : طرف صحراء الدهنا الشمالي .
ثوانية : ثواني الوسمي . حضن : جبل حضن المعروف شرق
الطائف . الرشاء : وادي بعالية نجد .
تعللها : تسقيها . غواد : السحب .
سنام : بلدة شمال القويعية . الهضب : منطقة غرب القويعية .
( 5 )
فـقـل لمـعـدٍ لا تُـغــرُّ بسـرحـهـا=فتلقـى كُمـاة الـحـي جنـبـاً بمـوعـدِ
بسُمـر العـوالـي والمـواضـي دُونـهـا=ومُبيّـض موضُـونٍ الحـديـد المـسـرَّدِ
وأمـا أجازتـك ( الدخـول) فـ(حـومـلا)=فـ(صباحا) فـ(عرض) فـ(السراديح) فاعتدي
وسُقهـا علـى نـجـدٍ يـؤمـك ليلـهـا=بنـاتٌ لنعـشٍ ، والضَّحـى فيـه تهتـدي
وإن خـلأت يـومـاً لشـحـطِ مـزارِهـا=فـأبـدل بـهـا عيـنـاء ذاتِ الـتَّـعـرُّدِ
ودعهـا عـن التَّهجـيـر حـتـى إذا رأت=وروداً بـمـاءٍ مــن صِـفَـارِ فــأورِدِ
لمعد : هو معد بن عدنان وإليه تنسب القبائل العدنانية ومنها في
نجد بنو تميم وعنزة وسيبان . ويحذر الشاعر هذه القبائل من الاعتداء
على هذه الظعينة إذ هي في مأمن ما دامت في حدود ما يتبع عسير
إذا تنتشر قبائل قحطان .
العوالي : الرماح . المواضي : السيوف . الحديد المسرد : الدروع .
الدخول ، حومل ، صبحا ، عرضا، السراديح ، أسماء لمواقع
في الهضب تتبع عسير .
بنات نعش : نجوم الدب الأكبر .
صفار : وادي في الدرعية
( 6 )
وأشرِف على وادي اليمامـة قائـلاً=ودمُعك سفَّاحاً على الخـدَّ والثـدي
سلامٌ على عبـد العزيـز وشيخـهِ=وتابـع رُشـدٍ لـلإمـام المٌـجـددِ
دعا النـاس دهـراً للهُدى فأجابـه=فِئـامٌ فمنهـم عالمـون ومُقتـدي
وقفاهُما حذْواً ( سعـود ) بسيفـه=مُميّز مُجَـوِّدِ النقـود مـن الـرَّدي
وعرَّج بها ذات اليمين وقـد هـوت=على عرصـاتٍ للريـاضِ بمقصـدِ
ونادِ بأعلى الصوتِ بُشرى لـ(فيصل)=ومن نسل ساداتِ الملـوكِ مُسـدَّدِ
إليـك نظامـاً نشـرُهُ فـي وقائـعَ=على جحفل المصريِ قد شُـدَّ باليـدِ
فعشرون ألفاً قد قضـى الله منهـمُ=فما بيـن مقتـولٍ وعـارِ مُجـرَّدِ
ولم ينجُ منهم عيـرُ قـوادٍ قومِهـم=على صافنـاتٍ فـي قليـل مُعَـوَّدِ
كأن أنيـن المومِقيـن ومـن بـهِ=جـوارحُ رمـيٍ قاصفـاتٍ لأعمُـدِ
أنينُ معيـزٍ زارهـا داؤهـا الـذيب=أكبادهـا أضنـى عليهـا ليعتـدي
أو ساكني الأمصار قد حـلِّ فيهـمُ=عِقَاصٌ فأصماهم على كُـل مرقـدِ
أتاهم بها إذْ غـاب نجـمٌ مُشعشِـعٌ=من الجوَّ في مِغرابه نحـسٌ أسْعَـدِ
فكُلُّ الـذي لاقـوه يُحسـبُ دونمـا=تَعَكَّس من حـزم الهُمـام المُعَمَّـدِ
فقـل لدليـل القـوم هـلا أفــادهُ=من العلـم أنَّ البغـي قتّـالُ مُعتـدِ
ومهمـا أعادتـهُ الأمانـي لِحََربنـا=نصبنـا لهـم أمثالهـا بالمُـجـدَّدِ
ويـا قافـلاً إمّـا ثنيـت زِمامهـا=وأقبلـت مـا استدبرتـهُ للتَّـعـوُّدِ
ولاح سُهيـلٌ ضاحكـاً لـك ثغـرهُ=وقد لمحتـهُ عينُهـا مُفَلـقَ الغـدِ
فسلَّم على الأحباب تسليـم مُوجِـدٍ=ولا تنس جيرانَ ( البُجير ) بألْحُـدِ
وآخـر قولـي وابتدائِـي فيـهـمُ=صلاةً وتسليماً علـى خيـرِ مُرشِـدِ
وآل وصحـبٍ كُلَّمـا قـال مُنشِـدٌ=أيـا أمَّ عبـدٍ مـالـكِ والتَّـشـرُّدِ
عبد العزيز : هو الامام عبد العزيز بن محمد بن سعود
. شيخه : الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي .
قفاهما : تبعهما ... سعود : هو سعود بن عبد العزيز بن محمد .
العرصات : الساحات .
فيصل : هو الإمام فيصل بن تركي ، وهو الذي أتخذ الرياض بعد والده قاعدة له .
المومق : الهالك ... قاصفات الأعمد : السلاح
يشبه أنين الجرحي بأنين الماعز التي يصيبها مرض في كبدها فلا تفلت منها .
عقاص : شدة الخوف .
نجم مشعشع : نجم أبو ذنب وكانت تتشاءم به .
الهمام : يعني عائض بن مرعي .
البجيرة : حي من أحياء الدرعية ، فيه مقبرة آل الشيخ وآل سعود .
منقول للفائده
في عام 1269هـ هاجم الترك منطقة عسير بهجوم واسع النطاق
ومن عدة جهات . . . إلا أن هذه الحملة منيت بالفشل والانهزام
وكادت أن تفنى عن بكرة أبيها . . فقد تصدت لهذا الهجوم قبائل
عسير قاطبة بزعامة أميرهم عائض بن مرعي . . . وقد تمكنت
قوات عسير من دحرهم وإلحاق الهزيمة بهم . .
وبهذه المناسبة نظم الشاعر العالم علي بن الحسين الحفظي . .
قصيدة جميلة مدح فيها عائض بن مرعي وقبائل عسير . . .
وعرّض لآخرين تخاذلوا عن نصرتهم .. وببلاغة قلّ أن تجود
بمثلها قريحة الشعراء صور أحداث هذه المعركة . . لتحفظ لنا
جيل بعد جيل . . وهي تعد من أنفس الأشعار التي قيلت في هذا اللون . .
ولبلاغتها لم أجد بدُ من كتابتها كاملة رغم طولها . . وقد وجدتني
أحتاج إلى قراءة الحرف بالتشكيل لأتمكن من قراءته بالشكل
الصحيح .. وأن أنظر إلى هوامش القصيدة لفهم بعض معانيها
الصحيح لذلك كتبتها مشكلة وذيلتها بشرح للمعاني الغريبة . ..
أيـا أمَّ عبـدٍ مـالـكِ والتَّـشـرُدِ=ومسـراك باللَّيـل البهيـم لتبـعُـدِ
ومؤاكِ أوصـادَ الكهـوفِ توحشـاً=ومثـواكِ أفيـاءِ النصـوبِ وغَرقـدِ
وما جاوزت ساقاكِ من سفحِ رهـوةٍ=واشعافِهـا مـا بيـن عـالٍ وَوُهَّـدِ
ومسراكِ من ذاتِ العُميـق وكوثـرٍ=ونهـران مـزوَّرَ القـذالٍ الملـبّـدِ
وما السرُّ إن أُبدَلتِ قصـراً مشرَّفـا=وعرشـاً وفرشـاً بالقِـرى والتلـدُّدِ
فمـا مثـلُ هـذا منـكِ إلا لضيقـةٍ=من العيش أو من سوء أخلاقِِ مُعتدي
فقالت رويـداً يـا أبـا عبـدِ إنمـا=أضاق بنـا ذرعـاً شديـدُ التوعَّـدِ
عَرَمرَمُ جيشٍ سيق من مصرَ مُعنّفـا=يهتِـكُ أستـارَ النسـاءِ ويعـتـدي
ويسبـي ذراري الأكرميـن جبـارةً=ويُنظـم سـاداتِ الرجـال بمقـلَـدِ
فقلت لها : مـن دونكـن ودونهـم=ضـروبَ حُمـاة بالحديـدِ المهنّـدِ
وضرب يزيلُ الهامَ عما ربـت بـه=ويُظهـر مكنونـاتِ أجـوافِ أَكبُـدِ
وطعنـاً تـرى نفـذ الأسنـة لمّعـاً=من القوم يعوي جُرحُها لـم يُسـدّدِ
الغرقد : نوع من أنواع الشجر ذي الأشواك
ذات العميق ، وكوثر ، ونهران : أسماء لجبال شاهقة غرب
مدينة أبها جرت فيها معارك دامية .
( 2 )
قفي وانظري يـا أم عبـد معاركـا=يشيب لها الولدان مـن كـل أمـردِ
وان كنت عنها في البعاد فسائلـي=ففيها اسـودٌ مـن مغيـدٍ بمرصـدِ
وفيها ليوثُ لأزدِ مـن كـل شيعـة=يصالون نار الحرب حزنـا لمفسـدِ
وفيها رئيس ( عائض ) حول وجهه=حياض المنايا أصدرت كـل مـوردِ
خليفـة عصـر للحنيفـي مُثقـفِ=لما أعوج مِنه في الحجـاز وأنجـدِ
فيالكِ من يوم ( الحفير ) وما بـدا=لِريدة من طـولِ الغمـام المُشيّـدِ
ويالك من يـوم اللحـوم سباعُـهُ=شِباعٌ ، وطير الجو تحظى لمشهـدِ
ويالك مـن أيَّـام نصـرٍ تتابعـت=بها من شُواظِ الحـرب ذاتِ التوقُّـدِ
تطامت رقـابُ (الـروم) عُيوقُهـا=كمـا عـاق دودٌ للجـراد المُقـدّدِ
فأضحى جُثاثاً في البقـاع مركّمـاً=تُزعزعـه ريـحُ العشيِـة والـغـدِ
ويالكِ من يـوم ( المـرارِ) لِـواؤه=تقنّع بالصرعـى بـه كـل مقصـدِ
كـأن تقحـام الشريـد وعُــوره=قرودٌ نحاهـا فجـأة أعسـر اليـدِ
مغيد : قبيلة من قبائل عسير
الأزد : قبيلة من أكبر قبائل قحطان
وتسكن السروات من الطائف وحتى اليمن .
عائض : يقصد به الإمام عائض بن مرعي اليزيدي .
الحفير وريدة : من معاقل آل عائض وأسلافهم وجرت فيها
معارك شديدة .
تطامت : ركب بعضها بعضً من كثرة القتلى .. وشبهها بكثرة
الدود الذي يتكاثر على الجراد الميت .
فأضحى القتلى جثثاً متناثرة في بقاع المعركة ، مركوم
بعضها فوق بعض وأشلاء تهزه الريح من أية جهة جاءت .
المرار : مكان في رجال المع بالشرفة .
شبه هزيمة الأعداء بسرب من القرود خرج عليها أعسر اليد
( النمر ) فتشردت .
( 3 )
تُخرَّمُهـا نحـرُ الهجيـر وإنـهـا=لتعهد منـه فـريَ نـابٍ ومفصـدِ
ويا عجباً مِن في ( حبضى ) ومادَنا=لوادي ( كسان) مـن قتيـلٍ مُسنَّـدِ
وفي ربوة ( الشعبين ) داهية أتـت=عليهم فما أغنـى دفـاعٌ بِعسجـدِ
ويوم ( المُقضَّى ) قد تقضَّت أمورهم=بفاقرةِ الظهـر التـي لـم تضمّـدِ
ومن قبل ذا يوم ( العزيزة ) عِزّهـم=ذليلٌ بِضـربِ المَشرَفـيَّ المُجـرَّدِ
كتائبُ فيها أضرموا ثُـمّ غـودِروا=بأشلائِهـم قانـي الدَّمـاء المكَّنـدِ
بأيدي رجالٍ مـن شنـوءةَ جِدُهـم=رقى بهم مجـداً إلـى حَـذوِ فَرقَـدِ
تداعى عليهم من صميـم أصولهـا=ثُبـاتُ وجمـعُ كالمحيـط المُزْبِـدِ
ففاخر بهم يا خاطبـاً فـوق منبـرِ=على النَّاس فاقوا بالحُسّام وسُـؤدَدِ
فليهن بنو قحطان مجـدُ فخارِهـم=مدى الدهر في نـادي بـوادٍ وأبلُـدِ
تخرمها : تمزقها . نحر الهجير : صيد الضحى
حبضى : عقبة في بلاد بني جونة بين القارية والصّلِيل . كسان : وادي
في رجال ألمع جنوب عقبة رز .
الشعبين : حاضرة رجال ألمع .
المقضى : قرية شرق بلدة السقا . فاقرة الظهر : قاصمة الظهر .
العزيزة : قرية جنوب شرقي أبها .
شنوءة : لقب عبد الله بن نصر بن الأزد ، وبه سميت جبال شنوءه وتقع
شمال مدينة أبها وتنتسب إليه قبائل عسير ، وقبائل الحجر ، وغامد
وزهران وخثعم وبني القرن وشمران وسنحان وبارق وبني الحارث وكعب .
قحطان : في الأصل كانت قبائل مذحجية متناحرة جمعوا تحت قبيلة واحدة
وأطلق عليهم ( قحطان ) نسبة إلى جدهم قحطان .
( 4 )
فيا راكبـاً إمـا لقيـت بـ( بيشـة )=وما دفعتـه مـن ضِـراب وقـد فـدِ
فسلّم على قبـر ابـن شكبـان سَالـم=فقـد كـان قُدْمـاً قادِمـاً كـل سيَّـدِ
يُحامي على التوحيد حتى عَـرَى لـه=من الحتـف كـأس جَرعـهُ ذو تـرّددِ
ومُر على أجزاع ( ضلفعٍ ) وقف بهـا=قليلاً وما يغنيك عـن ضـرب مُبْعـدِ
علـى ظهـر قيَّـا الكِلـى لا يُريُبهـا=حفـا حـزن منجـاةَ فـقـرِ مُنـكِـدِ
تَثُر الحصا بالخُـفِّ كالحـذف قبلهـا=وقـد ضـاق همّـا صدرهـا للتّعبـدِ
كما ثرّ من ( عين برمـلان ) وحشـه=يُجـفـلُـهٌ قـنّـاصّـه بالـتَّـرصُّـدِ
توسمـت ( الوسمـي ) أمّـا بُكـورُهُ=فمن ( نقأ ) ( الدهناء ) سعدانُها النّدي
وأمِّـا ثوانيـه فــإن زال طعنـهـافَمِن= ( حضن ) حتى ( الرشاء ) المُمِهِّدِ
تُعلّلُّهـا مِـنـه غــوادٍ فاشـطـأت=بُقـولِ ورمـثِ زهرهـا ذو تـطـرُّدِ
فأضحت تسامـي فـي سنـام كأنهـا=بِخدِ تليعِ ( الهضب ) عالـي التصعُّـدِ
بيشة : منطقة واسعه شمال شرقي أبها وتعد
مفتاح عسير من جهة الشرق .
سالم بن شكبان : شيخ شمل قبيلة الرمثين . والرمثين تثنية الرمث
وهم قبيلة من النخع .
ضلفع : جبل تحيط به رمال في موقع يسمى الفرشة .
رملان : أحد أودية تهامة .
نقأ : طرف صحراء الدهنا الشمالي .
ثوانية : ثواني الوسمي . حضن : جبل حضن المعروف شرق
الطائف . الرشاء : وادي بعالية نجد .
تعللها : تسقيها . غواد : السحب .
سنام : بلدة شمال القويعية . الهضب : منطقة غرب القويعية .
( 5 )
فـقـل لمـعـدٍ لا تُـغــرُّ بسـرحـهـا=فتلقـى كُمـاة الـحـي جنـبـاً بمـوعـدِ
بسُمـر العـوالـي والمـواضـي دُونـهـا=ومُبيّـض موضُـونٍ الحـديـد المـسـرَّدِ
وأمـا أجازتـك ( الدخـول) فـ(حـومـلا)=فـ(صباحا) فـ(عرض) فـ(السراديح) فاعتدي
وسُقهـا علـى نـجـدٍ يـؤمـك ليلـهـا=بنـاتٌ لنعـشٍ ، والضَّحـى فيـه تهتـدي
وإن خـلأت يـومـاً لشـحـطِ مـزارِهـا=فـأبـدل بـهـا عيـنـاء ذاتِ الـتَّـعـرُّدِ
ودعهـا عـن التَّهجـيـر حـتـى إذا رأت=وروداً بـمـاءٍ مــن صِـفَـارِ فــأورِدِ
لمعد : هو معد بن عدنان وإليه تنسب القبائل العدنانية ومنها في
نجد بنو تميم وعنزة وسيبان . ويحذر الشاعر هذه القبائل من الاعتداء
على هذه الظعينة إذ هي في مأمن ما دامت في حدود ما يتبع عسير
إذا تنتشر قبائل قحطان .
العوالي : الرماح . المواضي : السيوف . الحديد المسرد : الدروع .
الدخول ، حومل ، صبحا ، عرضا، السراديح ، أسماء لمواقع
في الهضب تتبع عسير .
بنات نعش : نجوم الدب الأكبر .
صفار : وادي في الدرعية
( 6 )
وأشرِف على وادي اليمامـة قائـلاً=ودمُعك سفَّاحاً على الخـدَّ والثـدي
سلامٌ على عبـد العزيـز وشيخـهِ=وتابـع رُشـدٍ لـلإمـام المٌـجـددِ
دعا النـاس دهـراً للهُدى فأجابـه=فِئـامٌ فمنهـم عالمـون ومُقتـدي
وقفاهُما حذْواً ( سعـود ) بسيفـه=مُميّز مُجَـوِّدِ النقـود مـن الـرَّدي
وعرَّج بها ذات اليمين وقـد هـوت=على عرصـاتٍ للريـاضِ بمقصـدِ
ونادِ بأعلى الصوتِ بُشرى لـ(فيصل)=ومن نسل ساداتِ الملـوكِ مُسـدَّدِ
إليـك نظامـاً نشـرُهُ فـي وقائـعَ=على جحفل المصريِ قد شُـدَّ باليـدِ
فعشرون ألفاً قد قضـى الله منهـمُ=فما بيـن مقتـولٍ وعـارِ مُجـرَّدِ
ولم ينجُ منهم عيـرُ قـوادٍ قومِهـم=على صافنـاتٍ فـي قليـل مُعَـوَّدِ
كأن أنيـن المومِقيـن ومـن بـهِ=جـوارحُ رمـيٍ قاصفـاتٍ لأعمُـدِ
أنينُ معيـزٍ زارهـا داؤهـا الـذيب=أكبادهـا أضنـى عليهـا ليعتـدي
أو ساكني الأمصار قد حـلِّ فيهـمُ=عِقَاصٌ فأصماهم على كُـل مرقـدِ
أتاهم بها إذْ غـاب نجـمٌ مُشعشِـعٌ=من الجوَّ في مِغرابه نحـسٌ أسْعَـدِ
فكُلُّ الـذي لاقـوه يُحسـبُ دونمـا=تَعَكَّس من حـزم الهُمـام المُعَمَّـدِ
فقـل لدليـل القـوم هـلا أفــادهُ=من العلـم أنَّ البغـي قتّـالُ مُعتـدِ
ومهمـا أعادتـهُ الأمانـي لِحََربنـا=نصبنـا لهـم أمثالهـا بالمُـجـدَّدِ
ويـا قافـلاً إمّـا ثنيـت زِمامهـا=وأقبلـت مـا استدبرتـهُ للتَّـعـوُّدِ
ولاح سُهيـلٌ ضاحكـاً لـك ثغـرهُ=وقد لمحتـهُ عينُهـا مُفَلـقَ الغـدِ
فسلَّم على الأحباب تسليـم مُوجِـدٍ=ولا تنس جيرانَ ( البُجير ) بألْحُـدِ
وآخـر قولـي وابتدائِـي فيـهـمُ=صلاةً وتسليماً علـى خيـرِ مُرشِـدِ
وآل وصحـبٍ كُلَّمـا قـال مُنشِـدٌ=أيـا أمَّ عبـدٍ مـالـكِ والتَّـشـرُّدِ
عبد العزيز : هو الامام عبد العزيز بن محمد بن سعود
. شيخه : الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي .
قفاهما : تبعهما ... سعود : هو سعود بن عبد العزيز بن محمد .
العرصات : الساحات .
فيصل : هو الإمام فيصل بن تركي ، وهو الذي أتخذ الرياض بعد والده قاعدة له .
المومق : الهالك ... قاصفات الأعمد : السلاح
يشبه أنين الجرحي بأنين الماعز التي يصيبها مرض في كبدها فلا تفلت منها .
عقاص : شدة الخوف .
نجم مشعشع : نجم أبو ذنب وكانت تتشاءم به .
الهمام : يعني عائض بن مرعي .
البجيرة : حي من أحياء الدرعية ، فيه مقبرة آل الشيخ وآل سعود .
منقول للفائده