كحيلان
08-06-2005, 09:26 PM
حالة المجتمع العربي عشية البعثة النبوية
عرفت الفترة التي عاشها العرب قبل البعثة النبوية باسم (الجاهلية), وفيها كانوا يعانون حالة من الاضطراب السياسي والقلق الفكري. أما الاضطراب السياسي فتجلى بالحروب التي كانت تثيرها ظروف الحياة الطبيعية بين القبائل العربية التي كانت تعيش في بيئة ضنينة بموارد العيش.
وقد أنهكت الحروب الطاقات العربية وأوهنتها, مما أطمع الروم والفرس في بسط نفوذهما على المراكز الاستراتيجية والمناطق التجارية.
فقد دفع الروم الحبشة إلى احتلال الجنوب العربي ومن ثم احتلال المدن الواقعة على الطريق التجارية التي تصل اليمن ببلاد الشام .
وفي عام (567م) قطع الجيش الحبشي البحر الأحمر بأسطول روماني واستولى على اليمن, مهتبلا اختلاف ملوكها وأقيالها وقيام الحروب بينهم.
وفي عام (571م) يتوجه الجيش الحبشي نحو الشمال بقيادة قائده (أبرهة) لتنفيذ الخطة الاستعمارية, غير أنه لم يستطع أن يتجاوز مكة .
كشف الفرس عن هذه الخطة فأرسلوا جيشا إلى اليمن أخرج الأحباش منها وولوا عليها سيف بن ذي يزن, أحد ملوكها, وعينوا إلى جانبه حاكما فارسيا, وظلت اليمن تحت ولاء الفرس حتى أظهر الله دين الإسلام.
وقد عرف العام الذي توجه فيه الجيش الحبشي إلى مكة بعام الفيل, لأن فيلا ضخما كان يتقدم جيش الأحباش.
وتروي الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في ذلك العام.
كذلك بسط الروم والفرس نفوذهم على المناطق الفاصلة بين حدودهم وبين المناطق المتاخمة لهم من الجزيرة العربية, واصطنعوا قبائل عربية لحماية هذه الحدود من غارات الأعراب, فاصطنع الفرس قبيلة لخم اليمنية ومنحوا رؤساءها لقب (الملوك) فكان منهم ملوك المناذرة, واصطنع الروم قبيلة تنوخ العدنانية ومنحوا رؤساءها أيضا لقب (الملوك) فكان منهم ملوك غسان.
وكانت الحروب متصلة بين هؤلاء الملوك, يثيرها التعصب لأصولهم القبلية.
وكان ملوك المناذرة أكثر حضارة من ملوك غسان وأكثر اعتدادا بمظاهر الملك, وقد بلغ من اعتداد النعمان الثالث ابن المنذر أن امتنع على كسرى أبرويز حين طلب إليه أن يأتيه, فاستدرجه وقتله, فثارت حمية العرب لقتله وهاجموا الجيش الفارسي في موقع (ذي قار) وانتصروا عليه, وكان ذلك عام (610م).
وبهت الفرس لهذا النصر الذي لم يكونوا يتوقعونه, وزال بذلك الحاجز النفسي الذي كان يحجز بين العرب والفرس ليمهد الطريق إلى الفتح الإسلامي بعد زمن قريب.
وأما القلق الفكري فكان يتجلى في اضطراب العقائد والأديان.
ففي بلاد الفرس ظهرت على التوالي ثلاثة مذاهب دينية هي: الزرادشتية والمانوية والمزدكية.
أما الزرادشتية فظهرت في القرن السادس قبل الميلاد وتقوم تعاليمها على أن للعالم أصلين أو إلهين هما: إله للخير ويدعي (أهورا) أو (أهورامزدا) وهو النور, وإله للشر ويدعى (أهرمن) وهو الظلمة, وما في نزاع مستمر, وموضوع نزاعهما الإنسان, يميل مع أحدهما, وكان إله النور يتمثل بالنار ويعبد من خلالها باعتبارها رمز الطهارة.
وأما المانوية فظهرت في أوائل القرن الثالث للميلاد, وهي في جوهرها لا تخرج عن الزرادشتية من حيث وجود إلهين هما إله النور وهو الخير, وإله الظلمة وهو الشر.
غير أن الزرادشتية ترى أن هذين الإلهين ممتزجان وأن إله الخير غالب على إله الشر, وترى المانوية أن هذا الامتزاج شر يجب الخلاص منه بالزهد والرغبة عن ملاذ الحياة.
وأما المزدكية فظهرت في أواخر القرن الخامس للميلاد, وتقوم تعاليمها على الدعوة إلى الشيوعية في المال والنساء.
وفي بلاد الروم كانت النصرانية فرقا أهمها: اليعقوبية والنسطورية, وكان افتراقهما يقوم على اختلافهما في طبيعة المسيح, هل هو من طبيعة إلهية أو من طبيعة بشرية, فذهب اليعاقبة إلى القول بوحدة الطبيعة في المسيح, أي أن الله والإنسان اتحدا اتحادا حقيقيا, فالمسيح هو الله, والله هو المسيح, وذهبت النسطورية إلى القول بوجود طبيعتين في المسيح, وإن الوحدة بينهما ليست حقيقية وإنما هي معنوية, وكل من الفرقتين تكفر الأخرى.
وفي المجتمع العربي اختلطت الديانات وتزاحمت العقائد, فكان من العرب من يعبد الأوثان وهم الكثرة الغالبة, ومنهم من يعبد الشمس والقمر, ومنهم صابئة تعبد الكواكب والنجوم, ومنهم حنفاء موحدون على دين إبراهيم وهم قلة.
وقد تسربت إلى العرب مذاهب الفرس وتأثرت بها بعض قبائلهم المجاورة لهم كبني تميم, وتسربت إليهم اليهودية والنصرانية, فكانت اليهودية في يثرب واليمن, وكانت النصرانية في نجران وفي الحيرة وفي قبائل غسان, وانتشرت في القبائل التي هاجرت إلى العراق كتغلب ومضر وبكر, وكان نصارى العراق على مذهب النساطرة الذين انفصلوا عن كنيسة بيزنطة وكان نصارى الشام على مذهب اليعاقبة وهو مذهب الكنيسة البيزنطية.
وقد أوسع ملوك الفرس للنساطرة في بلادهم لمخالفتهم لليعاقبة الذين اتبع ملوك الروم مذهبهم.
منقول لكم مع التحيه
عرفت الفترة التي عاشها العرب قبل البعثة النبوية باسم (الجاهلية), وفيها كانوا يعانون حالة من الاضطراب السياسي والقلق الفكري. أما الاضطراب السياسي فتجلى بالحروب التي كانت تثيرها ظروف الحياة الطبيعية بين القبائل العربية التي كانت تعيش في بيئة ضنينة بموارد العيش.
وقد أنهكت الحروب الطاقات العربية وأوهنتها, مما أطمع الروم والفرس في بسط نفوذهما على المراكز الاستراتيجية والمناطق التجارية.
فقد دفع الروم الحبشة إلى احتلال الجنوب العربي ومن ثم احتلال المدن الواقعة على الطريق التجارية التي تصل اليمن ببلاد الشام .
وفي عام (567م) قطع الجيش الحبشي البحر الأحمر بأسطول روماني واستولى على اليمن, مهتبلا اختلاف ملوكها وأقيالها وقيام الحروب بينهم.
وفي عام (571م) يتوجه الجيش الحبشي نحو الشمال بقيادة قائده (أبرهة) لتنفيذ الخطة الاستعمارية, غير أنه لم يستطع أن يتجاوز مكة .
كشف الفرس عن هذه الخطة فأرسلوا جيشا إلى اليمن أخرج الأحباش منها وولوا عليها سيف بن ذي يزن, أحد ملوكها, وعينوا إلى جانبه حاكما فارسيا, وظلت اليمن تحت ولاء الفرس حتى أظهر الله دين الإسلام.
وقد عرف العام الذي توجه فيه الجيش الحبشي إلى مكة بعام الفيل, لأن فيلا ضخما كان يتقدم جيش الأحباش.
وتروي الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في ذلك العام.
كذلك بسط الروم والفرس نفوذهم على المناطق الفاصلة بين حدودهم وبين المناطق المتاخمة لهم من الجزيرة العربية, واصطنعوا قبائل عربية لحماية هذه الحدود من غارات الأعراب, فاصطنع الفرس قبيلة لخم اليمنية ومنحوا رؤساءها لقب (الملوك) فكان منهم ملوك المناذرة, واصطنع الروم قبيلة تنوخ العدنانية ومنحوا رؤساءها أيضا لقب (الملوك) فكان منهم ملوك غسان.
وكانت الحروب متصلة بين هؤلاء الملوك, يثيرها التعصب لأصولهم القبلية.
وكان ملوك المناذرة أكثر حضارة من ملوك غسان وأكثر اعتدادا بمظاهر الملك, وقد بلغ من اعتداد النعمان الثالث ابن المنذر أن امتنع على كسرى أبرويز حين طلب إليه أن يأتيه, فاستدرجه وقتله, فثارت حمية العرب لقتله وهاجموا الجيش الفارسي في موقع (ذي قار) وانتصروا عليه, وكان ذلك عام (610م).
وبهت الفرس لهذا النصر الذي لم يكونوا يتوقعونه, وزال بذلك الحاجز النفسي الذي كان يحجز بين العرب والفرس ليمهد الطريق إلى الفتح الإسلامي بعد زمن قريب.
وأما القلق الفكري فكان يتجلى في اضطراب العقائد والأديان.
ففي بلاد الفرس ظهرت على التوالي ثلاثة مذاهب دينية هي: الزرادشتية والمانوية والمزدكية.
أما الزرادشتية فظهرت في القرن السادس قبل الميلاد وتقوم تعاليمها على أن للعالم أصلين أو إلهين هما: إله للخير ويدعي (أهورا) أو (أهورامزدا) وهو النور, وإله للشر ويدعى (أهرمن) وهو الظلمة, وما في نزاع مستمر, وموضوع نزاعهما الإنسان, يميل مع أحدهما, وكان إله النور يتمثل بالنار ويعبد من خلالها باعتبارها رمز الطهارة.
وأما المانوية فظهرت في أوائل القرن الثالث للميلاد, وهي في جوهرها لا تخرج عن الزرادشتية من حيث وجود إلهين هما إله النور وهو الخير, وإله الظلمة وهو الشر.
غير أن الزرادشتية ترى أن هذين الإلهين ممتزجان وأن إله الخير غالب على إله الشر, وترى المانوية أن هذا الامتزاج شر يجب الخلاص منه بالزهد والرغبة عن ملاذ الحياة.
وأما المزدكية فظهرت في أواخر القرن الخامس للميلاد, وتقوم تعاليمها على الدعوة إلى الشيوعية في المال والنساء.
وفي بلاد الروم كانت النصرانية فرقا أهمها: اليعقوبية والنسطورية, وكان افتراقهما يقوم على اختلافهما في طبيعة المسيح, هل هو من طبيعة إلهية أو من طبيعة بشرية, فذهب اليعاقبة إلى القول بوحدة الطبيعة في المسيح, أي أن الله والإنسان اتحدا اتحادا حقيقيا, فالمسيح هو الله, والله هو المسيح, وذهبت النسطورية إلى القول بوجود طبيعتين في المسيح, وإن الوحدة بينهما ليست حقيقية وإنما هي معنوية, وكل من الفرقتين تكفر الأخرى.
وفي المجتمع العربي اختلطت الديانات وتزاحمت العقائد, فكان من العرب من يعبد الأوثان وهم الكثرة الغالبة, ومنهم من يعبد الشمس والقمر, ومنهم صابئة تعبد الكواكب والنجوم, ومنهم حنفاء موحدون على دين إبراهيم وهم قلة.
وقد تسربت إلى العرب مذاهب الفرس وتأثرت بها بعض قبائلهم المجاورة لهم كبني تميم, وتسربت إليهم اليهودية والنصرانية, فكانت اليهودية في يثرب واليمن, وكانت النصرانية في نجران وفي الحيرة وفي قبائل غسان, وانتشرت في القبائل التي هاجرت إلى العراق كتغلب ومضر وبكر, وكان نصارى العراق على مذهب النساطرة الذين انفصلوا عن كنيسة بيزنطة وكان نصارى الشام على مذهب اليعاقبة وهو مذهب الكنيسة البيزنطية.
وقد أوسع ملوك الفرس للنساطرة في بلادهم لمخالفتهم لليعاقبة الذين اتبع ملوك الروم مذهبهم.
منقول لكم مع التحيه