ملكة الأحساس
01-25-2009, 02:52 AM
:11612_1214555751:
http://www.albetaqa.com/cards/data/media/22/aebadat-metnawe0013.jpg
إن الإنسان خُلق في هذه الحياة ليعمل، ثم يبعث يوم القيامة ليجزي بعمله؛ فهو لم يخلق عبثاً، ولن يترك سُدىً. والسعيد من قدم لنفسه خيراً يجده عند الله ذخراً، والشقي من قدم لنفسه شراً تكون عاقبته خسراً .
فانظروا في اعمالكم، وحاسبوا أنفسكم قبل انقضاء آجالكم فإن الموت نهاية العمل وبداية الجزاء، والموت قريبة لا تدرون متى نزوله، والحساب دقيق لا تدرون متى حلوله. والشيب نذير الموت فاستعدوا له، وموت الأقران علامة على قرب موت الإنسان .
فتذكروا الموت واعملوا لما بعده مما أنتم قادمون عليه ومقيمون فيه، ولا تنشغلوا عنه بما أنتم راحلون عنه وتاركوه، ولا تغرنكم الآمال الطوال وتنسوا حلول الآجال فكم من مؤمل أملاً لا يدركه، وكم من مصبح في يوم لا يدرك غروبه، ومُمسٍ في ليل لا يدرك صباحه، وكم من مُتَمَنٍّ عند الموت أن يترك قليلاً ليصلح ما أفسد، ويستدرك ما ضيع، فيقال له : هيهات، إن ما تتمنى قد فات، قد حذرناك قبل ذالك وأنذرناك بألا رجوع هناك، قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ .
إن كل إنسان ينتهي عمله عند حلول أجله. وهناك أعمال عملها في حياته واستمر نفعها بعد مماته، فما دام نفعها مستمراً فإن أجرها يجري لصاحبها مهما طالت مدتها. وهي كل مشروع خيري ينتفع به الناس والبهائم؛ كالأوقاف الخيرية، والأشجار النافعة المثمرة، وسقايات المياه، وبناء المساجد والمدارس، والذرية الصالحة، وتعليم العلم النافع وإخراج الكتب المفيدة .
في الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" فهذا الحديث يدل على انقطاع عمل الإنسان بموته، وأن محل العمل هو مدة حياته .
فيجب على المسلم أن يحذر من الغفلة والإضاعة، وأن يبادر بفعل الطاعات قبل الموت، ولا يؤخر ذلك إلى وقت قد لا يدركه، والنصوص التي وردت بالحث على استباق الخيرات، والمسارعة إلى الطاعات، والمبادرة بالأعمال نصوص كثيرة، مما يدل على أنها إذا لم يبادر إليها فاتت .
كما يدل الحديث على استثناء الأعمال الخيرية التي يستمر نفعها بعد موت صاحبها أنها لا تنقطع بموته بل يستمر أجرها ما دام ينتفع بشيء منها ولو طال بقاؤها، وأنها يتجدد ثوابها بتجدد نفعها، وهذه الأشياء هي :
أولاً : الصدقة الجارية :
وقد فسرها العلماء بالوقف الخيري، كوقف العقارات والمساجد والمدارس وبيوت السكنى والنخيل والمصاحف والكتب المفيدة ووقف سقايات المياه من آبار وبرك وبرادات وغيرها. وفي هذا دليل على مشروعية الوقف النافع والحث عليه وأنه من افضل الأعمال التي يقدمها الإنسان لنفسه في الآخرة. وهذا بإمكان العلماء والعوام .
ثانياً : العلم النافع :
وذلك بأن يقوم الإنسان في حياته بتعليم الناس أمور دينهم، وهذا خاص بالعلماء الذين قاموا بنشر العلم بالتعليم وتاليف الكتب ونسخها. وبإمكان العامي أيضاً أن يشارك في ذلك بطبع الكتب النافعة أو شرائها وتوزيعها أو وقفها، وشراء المصاحف وتوزيعها على المحتاجين أو جعلها في المساجد؛ وهذا فيه حث على تعلم العلم وتعليمه ونشره ونشر كتبه لينتفع بذلك الناس في حياته وبعد موته .
والعلم يبقى نفعه ما دام في الأرض مسلم وصل إليه هذا لاعلم، فكم من عالم مات من مئات السنين وعلمه باق ينتفع به بواسطة كتبه التي ألفها وتداولتها الأجيال تلو الأجيال من بعده وباسطة طلابه وطِّلاب طابه. وكلما ذكره المسلمون دعوا له وترحموا عليه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وكم أنقذ الله بعالم مصلح أجيالاً من الناس من الضلالة، وناله مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة .
ثالثاً : الولد الصالح :
من ذكر وأنثى وولد الصُّلب وولد الولد يجري نفعهم لآبائهم بدعواتهم الصالحة المستجابة لآبائهم، وبصدقاتهم عنهم وحجهم لهم، حتى دعاء من أحسن إليهم هؤلاء الأولاد من الناس فكثيراً ما يقول الناس للمحسنين : رحم الله آباءكم وغفر لهم .
وفي هذا حث على التزوج لطلب الأولاد الصالحين، ونهي عن كراهية كثرة الأولاد؛ فإن بعض الناس قد يتأثر بالدعايات المضللة فصار يكره كثرة الأولاد ويحاول تحديد النسل ويدعو إليه، وهذا من جهلهم بأمور دينهم ومن جهلهم بالعواقب ومن ضعف إيمانهم .
وفي هذا الحديث أيضاً الحث على تربية الأولاد على الصلاح وتنشئتهم على الدين والصلاح ليكونوا خلفاً صالحاً لآبائهم يدعون لهم بعد موتهم ويستمر نفع عملهم بعد انقطاع أعمالهم. وكثير من الناس اليوم قد أهمل هذا الجانب فلم يهتم بتربية أولاده؛ يربي أولاده على الفساد ولا يحاول إصلاحهم، يراهم يفعلون المحرمات ويتركون الواجبات، ويضيعون الصلاة فلا يأمرهم ولا ينهاهم، يراهم يهيمون في الشوارع ويجلسون مع الاشرار وربما يذهبون إلى أمكنة الفساد ولا يهمه ذلك، بينما لو أتلفوا شيئاً من ماله أو نقصوا شيئاً من دنياه لكان منه الرجل الحازم والمؤدب الشجاع والبطل المغوار، يغار لدنياه ولا يغار على دينه، يهتم بإصلاح ماله ولا يهتم بصلاح أولاده في حياتهم فكيف بعد مماتهم ؟!!!
فاتقوا الله أيها الآباء في أولادكم ليكونوا ذخراً لكم ولا يكونوا خسارة عليكم، واعلموا أن صلاح الأولاد لا يأتي عفواً بدون بذل أسباب وصبر واحتساب .
ويدل هذا الحديث ايضاً على مشروعية دعاء الأولاد لآبائهم مع دعائهم لأنفسهم في الصلوات وخارجها، وهذا من البر الذي يبقى بعد وفاة الآباء .
وهذه الأمور المذكورة في هذا الحديث هي مضمون قوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ فما قدموا هو ما بشروا فعله في حياتهم من الأعمال الحسنة والسيئة. وآثارهم : ما يترتب على أعمالهم بعد موتهم من خير أو شر .
وما يصل إلى العبد من آثار عمله بعد موته ثلاثة أشياء :
الأول : أمور عملها غيره بعد موته بسببه وبدعوته وتوجيهه إليها قبل موته .
الثاني : أمور انتفع بها الغير من مشاريع نافعة أقامها الميت قبل موته أو أوقاف أوقفها في حياته فصارت تغل بعد موته .
الثالث : أمور عملها الحي وأهداها إلى الميت من دعاء وصدقة وغير ذلك من أعمال البر .
روى ابن ماجة : "إنما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته : علم نشره، أو ولد صالح تركه، أو مصحف ورثه، أو مسجد بناه، أو بيت لابن لاسبيل بناه، أو نهر أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته" .
فاحرصوا رحمكم الله على بذل الأسباب النافعة وتقديم الأعمال النافعة التي يستمر نفعها ويجري عليكم أجرها بعد وفاتكم، قال تعالى الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً .
إلهي.. ربي ومليكي..
إني لأعلم بأنه لا يتحرك متحرك إلا بإذنك
ولا يسكن ساكن إلا بعلمك
فاجعل اللهم تحركنا بإذنك إليك
ووجهتنا لك، وقصدنا إياك، وطلبنا رضاك..
اللهم.. واجعلنا من السابقين للخيرات...
الفائزين بها...
اللهم .. اجعل همنا وهمتنا في مرضاتك والفوز بجناتك..
وأصلح لنا اللهم نياتنا...
اللهم آمين
نعم الوقتُ أنفسُ ما عنيتَ بحفظه *** وأراهُ أسهلَ ما عليكَ يضيعُ
ويقول ابن الجوزي : "ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته ، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل "
تزوَّد من التقوى فإنك لا تدري *** إن جنَّ ليــلٌ هـل تعـيشُ إلى الفجـرِ
فكم من سليمٍ مات من غير عِلَّةٍ *** وكم من سقيمٍ عاش حِيناً من الدهرِ
وكم من فتىً يمسي ويصبح آمناً *** وقــد نُسجتْ أكفانُه وهــــو لا يــدري
http://up.4pnc.com/uploads/f10393fc76.gif
:11612_1214555796:
http://www.albetaqa.com/cards/data/media/22/aebadat-metnawe0013.jpg
إن الإنسان خُلق في هذه الحياة ليعمل، ثم يبعث يوم القيامة ليجزي بعمله؛ فهو لم يخلق عبثاً، ولن يترك سُدىً. والسعيد من قدم لنفسه خيراً يجده عند الله ذخراً، والشقي من قدم لنفسه شراً تكون عاقبته خسراً .
فانظروا في اعمالكم، وحاسبوا أنفسكم قبل انقضاء آجالكم فإن الموت نهاية العمل وبداية الجزاء، والموت قريبة لا تدرون متى نزوله، والحساب دقيق لا تدرون متى حلوله. والشيب نذير الموت فاستعدوا له، وموت الأقران علامة على قرب موت الإنسان .
فتذكروا الموت واعملوا لما بعده مما أنتم قادمون عليه ومقيمون فيه، ولا تنشغلوا عنه بما أنتم راحلون عنه وتاركوه، ولا تغرنكم الآمال الطوال وتنسوا حلول الآجال فكم من مؤمل أملاً لا يدركه، وكم من مصبح في يوم لا يدرك غروبه، ومُمسٍ في ليل لا يدرك صباحه، وكم من مُتَمَنٍّ عند الموت أن يترك قليلاً ليصلح ما أفسد، ويستدرك ما ضيع، فيقال له : هيهات، إن ما تتمنى قد فات، قد حذرناك قبل ذالك وأنذرناك بألا رجوع هناك، قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ .
إن كل إنسان ينتهي عمله عند حلول أجله. وهناك أعمال عملها في حياته واستمر نفعها بعد مماته، فما دام نفعها مستمراً فإن أجرها يجري لصاحبها مهما طالت مدتها. وهي كل مشروع خيري ينتفع به الناس والبهائم؛ كالأوقاف الخيرية، والأشجار النافعة المثمرة، وسقايات المياه، وبناء المساجد والمدارس، والذرية الصالحة، وتعليم العلم النافع وإخراج الكتب المفيدة .
في الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" فهذا الحديث يدل على انقطاع عمل الإنسان بموته، وأن محل العمل هو مدة حياته .
فيجب على المسلم أن يحذر من الغفلة والإضاعة، وأن يبادر بفعل الطاعات قبل الموت، ولا يؤخر ذلك إلى وقت قد لا يدركه، والنصوص التي وردت بالحث على استباق الخيرات، والمسارعة إلى الطاعات، والمبادرة بالأعمال نصوص كثيرة، مما يدل على أنها إذا لم يبادر إليها فاتت .
كما يدل الحديث على استثناء الأعمال الخيرية التي يستمر نفعها بعد موت صاحبها أنها لا تنقطع بموته بل يستمر أجرها ما دام ينتفع بشيء منها ولو طال بقاؤها، وأنها يتجدد ثوابها بتجدد نفعها، وهذه الأشياء هي :
أولاً : الصدقة الجارية :
وقد فسرها العلماء بالوقف الخيري، كوقف العقارات والمساجد والمدارس وبيوت السكنى والنخيل والمصاحف والكتب المفيدة ووقف سقايات المياه من آبار وبرك وبرادات وغيرها. وفي هذا دليل على مشروعية الوقف النافع والحث عليه وأنه من افضل الأعمال التي يقدمها الإنسان لنفسه في الآخرة. وهذا بإمكان العلماء والعوام .
ثانياً : العلم النافع :
وذلك بأن يقوم الإنسان في حياته بتعليم الناس أمور دينهم، وهذا خاص بالعلماء الذين قاموا بنشر العلم بالتعليم وتاليف الكتب ونسخها. وبإمكان العامي أيضاً أن يشارك في ذلك بطبع الكتب النافعة أو شرائها وتوزيعها أو وقفها، وشراء المصاحف وتوزيعها على المحتاجين أو جعلها في المساجد؛ وهذا فيه حث على تعلم العلم وتعليمه ونشره ونشر كتبه لينتفع بذلك الناس في حياته وبعد موته .
والعلم يبقى نفعه ما دام في الأرض مسلم وصل إليه هذا لاعلم، فكم من عالم مات من مئات السنين وعلمه باق ينتفع به بواسطة كتبه التي ألفها وتداولتها الأجيال تلو الأجيال من بعده وباسطة طلابه وطِّلاب طابه. وكلما ذكره المسلمون دعوا له وترحموا عليه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وكم أنقذ الله بعالم مصلح أجيالاً من الناس من الضلالة، وناله مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة .
ثالثاً : الولد الصالح :
من ذكر وأنثى وولد الصُّلب وولد الولد يجري نفعهم لآبائهم بدعواتهم الصالحة المستجابة لآبائهم، وبصدقاتهم عنهم وحجهم لهم، حتى دعاء من أحسن إليهم هؤلاء الأولاد من الناس فكثيراً ما يقول الناس للمحسنين : رحم الله آباءكم وغفر لهم .
وفي هذا حث على التزوج لطلب الأولاد الصالحين، ونهي عن كراهية كثرة الأولاد؛ فإن بعض الناس قد يتأثر بالدعايات المضللة فصار يكره كثرة الأولاد ويحاول تحديد النسل ويدعو إليه، وهذا من جهلهم بأمور دينهم ومن جهلهم بالعواقب ومن ضعف إيمانهم .
وفي هذا الحديث أيضاً الحث على تربية الأولاد على الصلاح وتنشئتهم على الدين والصلاح ليكونوا خلفاً صالحاً لآبائهم يدعون لهم بعد موتهم ويستمر نفع عملهم بعد انقطاع أعمالهم. وكثير من الناس اليوم قد أهمل هذا الجانب فلم يهتم بتربية أولاده؛ يربي أولاده على الفساد ولا يحاول إصلاحهم، يراهم يفعلون المحرمات ويتركون الواجبات، ويضيعون الصلاة فلا يأمرهم ولا ينهاهم، يراهم يهيمون في الشوارع ويجلسون مع الاشرار وربما يذهبون إلى أمكنة الفساد ولا يهمه ذلك، بينما لو أتلفوا شيئاً من ماله أو نقصوا شيئاً من دنياه لكان منه الرجل الحازم والمؤدب الشجاع والبطل المغوار، يغار لدنياه ولا يغار على دينه، يهتم بإصلاح ماله ولا يهتم بصلاح أولاده في حياتهم فكيف بعد مماتهم ؟!!!
فاتقوا الله أيها الآباء في أولادكم ليكونوا ذخراً لكم ولا يكونوا خسارة عليكم، واعلموا أن صلاح الأولاد لا يأتي عفواً بدون بذل أسباب وصبر واحتساب .
ويدل هذا الحديث ايضاً على مشروعية دعاء الأولاد لآبائهم مع دعائهم لأنفسهم في الصلوات وخارجها، وهذا من البر الذي يبقى بعد وفاة الآباء .
وهذه الأمور المذكورة في هذا الحديث هي مضمون قوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ فما قدموا هو ما بشروا فعله في حياتهم من الأعمال الحسنة والسيئة. وآثارهم : ما يترتب على أعمالهم بعد موتهم من خير أو شر .
وما يصل إلى العبد من آثار عمله بعد موته ثلاثة أشياء :
الأول : أمور عملها غيره بعد موته بسببه وبدعوته وتوجيهه إليها قبل موته .
الثاني : أمور انتفع بها الغير من مشاريع نافعة أقامها الميت قبل موته أو أوقاف أوقفها في حياته فصارت تغل بعد موته .
الثالث : أمور عملها الحي وأهداها إلى الميت من دعاء وصدقة وغير ذلك من أعمال البر .
روى ابن ماجة : "إنما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته : علم نشره، أو ولد صالح تركه، أو مصحف ورثه، أو مسجد بناه، أو بيت لابن لاسبيل بناه، أو نهر أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته" .
فاحرصوا رحمكم الله على بذل الأسباب النافعة وتقديم الأعمال النافعة التي يستمر نفعها ويجري عليكم أجرها بعد وفاتكم، قال تعالى الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً .
إلهي.. ربي ومليكي..
إني لأعلم بأنه لا يتحرك متحرك إلا بإذنك
ولا يسكن ساكن إلا بعلمك
فاجعل اللهم تحركنا بإذنك إليك
ووجهتنا لك، وقصدنا إياك، وطلبنا رضاك..
اللهم.. واجعلنا من السابقين للخيرات...
الفائزين بها...
اللهم .. اجعل همنا وهمتنا في مرضاتك والفوز بجناتك..
وأصلح لنا اللهم نياتنا...
اللهم آمين
نعم الوقتُ أنفسُ ما عنيتَ بحفظه *** وأراهُ أسهلَ ما عليكَ يضيعُ
ويقول ابن الجوزي : "ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته ، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل "
تزوَّد من التقوى فإنك لا تدري *** إن جنَّ ليــلٌ هـل تعـيشُ إلى الفجـرِ
فكم من سليمٍ مات من غير عِلَّةٍ *** وكم من سقيمٍ عاش حِيناً من الدهرِ
وكم من فتىً يمسي ويصبح آمناً *** وقــد نُسجتْ أكفانُه وهــــو لا يــدري
http://up.4pnc.com/uploads/f10393fc76.gif
:11612_1214555796: