المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة الأماكن وقراءة خاصة !


ريـــان
01-21-2009, 06:43 PM
السلام عليكم ورحمة الله

وقفات وتأملات سكنت في داخل وجدان الفكر وأنا استمتع بهذه التحفة الشعرية الفنية أحببت أن أنقلها لكم
***
الأماكن كلها مشتاقة لك
والعيون اللي أنرسم فيها خيالك
والحنين اللي سرى بروحي وجا لك
ما هو بس أنا حبيبي
الأماكن كلها مشتاقة لك
كل شيء حولي يذكرني بشي
حتى صوتي وضحكتي
لك فيها شي

***

بداية رائعة ولوحة غارقة في التصوير حين انطلق شاعرها
بداية ً برسم معالم القصيدة وما كـُتبت له
فانطلق من جماد الإحساس والمكان بأنه يمتلئ شوقا إلى الحبيب
فما أعذب هذا الشوق الكامن
ومن ثم بدءا بالتفصيل والتشريح لبعض ملامح هذا الاشتياق الساكن في روحه , فبدأ بإعلان اللوحة للجميع
منطلقا من العيون التي تحمل أسرار كل شيء
فوصف وجوده في عمق ذاته بان خياله أيضا قد ارتسم بوضوح في عيونه ولله در هذا التصوير
ومن بعد ذلك ينتقل شاعرها من محسوس النظر إلى شعور الروح والقلب في تزيين الحنين برحلة شوق وسفر إلى الحبيب
ويردد بأنه ليس وحده المشتاق
فكل مكان ٍ عاشا فيه سويا أيضا في اشتياق
ويعمق الشاعر نبضه بأن يخبرنا بأن كل شيء فيه ومنه يذكره بالحبيب
فتركه يمتلك كل ما حوله عمرا لا ينتهي
حتى أسكن حبيبه في صوته وضحكاته وفرحه
وهنا تكمن بلاغة الوصف
فملك عشقه كل ما يحيط به
فلله درك من شاعر


***

لو تغيب الدنيا عمرك ما تغيب
شوف حالي من تطري علي
المشاعر في غيابك
ذاب فيها ألف صوت
والليالي من عذابك
عذبت فيني السكوت
وصرت خايف لا تجيني
لحظة يذبل فيها قلبي
وكل أوراقي تموت

***

إمعان آخر من روح الشوق الساكن في روح الشاعر لمن يحب
فمثل بقوله لو تغيب الدنيا أي كل شيء يسكن حوله من محسوس وجماد فلن تغيب أيها الحبيب
فهيا تعال انظر إلي وإلى روحي المشتاقة إليك دوما
ودقق بالنظر حين يتردد ذكرك على قلبي وفكري
كيف يتولع فيّ الشوق والوله
ويؤكد بأن غيابه حُرقه ووجع يذوب فيها صوت الحرف واللسان
وتتعذب المشاعر فتغيب هي أيضا في ظلمة الليل بعذابه
حتى شكل صورة العذاب في تعذيب الصمت فيه وهذا تميز ومزيد من لفت النظر إلى شعور الشوق الذي يتزايد بغياب حبيبه
فبدءا الخوف يستوطن أنفاسه ويمتلك صوت روحه خوفا من أن يبلغ به الشوق في غيابه مرحلة لا يستطيعها
فتذبل نبضات قلبه وتتكسر أوراق الحروف على عتبة السكوت القاتل فيبكي في هذا المشهد بصمت حارق
وهذا فكر راقي من شاعرنا


***

آه لو تدري حبيبي
كيف أيامي بدونك
تسرق العمر وتفوت
الأمان وين الأمان
وأنا قلبي من رحلت
ما عرف طعم الأمان

***

تـوّجد وتأوه ثوره في الشعور و اشتعال في الشوق
ليخبر من أحب بشكوى نار آه تخترق صدره بإيلام فكأني به ينادي حبيبه كي يشعره بعظيم الألم الحاصل من وهج شوقه إليه
فيقول ليتك أنك تعرف حبيبي كيف تكون الحياة ومتمثلة في الأيام عندما تغيب حين تغدو سريعة تسرقها اللحظات الموجعة وترحل بها من حيث الأمان إلى اللا أمان
فيكرر باستفهام اليقين بان لا أمان يا حبيبي في غيابك
ويؤكد لوحة الضياع والخوف فيعلمنا بأن مركز الاستقرار في قلبه قد فقد حتى طعم الأمان والذي هو شيء من الأمان

أو ليس هذا ذكاء شاعر في الوصول إلى ما يريد ؟


****

وليه كل ما جيت أسأل
ها لمكان
اسمع الماضي يقول
ما هو بس أنا حبيبي
الأماكن كلها مشتاقة لك
الأماكن اللي مريت أنت فيها
عايشة بروحي وأبيها
بس لكن ما لقيتك
جيت قبل العطر يبرد
قبل حتى يذوب في صمتي الكلام
واحتريتك

***

وتبدأ رحلة شاعرية عميقة المعاني في تصوير إحساس الشاعر النابض فيقول
بتساؤل يثير الدهشة في عقول وقلوب من يسمع هذا القول بأنه لماذا كل ما اشتقت إليك فأسأل المكان الذي كان يجمعنا يتعالى صوت الذكريات من ماضي أيامنا سويا ً ليؤيد شوقي إليك ويرددها معي كأنه يناديك أيها الغائب أين أنت فحتى آثار المكان التي مررت فيها تناديك ولست وحدي من يشتاق إليك فكل ما فينا في اشتياق وتأكيدا من الشاعر يكرر القول بأن كل الأماكن ساكنة في قلبه وروحه لا تغادره أبدا ومع سكنها بداخله إلا انه لا يجدك لتعود إليه وهذا نوع من عتاب الغياب الذي بات جرحا عميقا في قلبه وبدءا مره أخرى بتجديد الأمل في نفسه حين قال بأنه حضر قبل أن تغيب رائحة الطيب والعطر الذي كان يفوح من عطر الحبيب في تصوير الرجاء بأن يدرك وجوده ويا لعظم الرجاء هنا
ويزيد العمق في أمل وجوده بان صور مجيئه بأنه أتى حتى قبل غياب الكلام في صمته بتأكيد الانتظار
وهذا الشوق يا شاعر

****

كنت أظن الريح جابت عطرك
يسلم علي
كنت أظن الشوق جابك
تجلس بـ جنبي شوي
كنت وكنت أظن وخاب ظني
ما بقى بالعمر شي و احتريتك
ما هو بس أنا حبيبي
الأماكن كلها مشتاقة لك

***

واستمرار الشاعر في شرح معاناته واشتياقه بأن يصور الظن في أمل الرجوع مع فقده له في الحقيقة
بان تلك الآثار من رائحة العطر قد أتت بها الرياح تقريبا للمسافة التي يرجو زوالها
فيشبه حضور هذا العطر بأنه أتى للسلام عليه رغم مسافة البعد
وتوالى التصوير الجمالي بظنه أو بمعنى أدق أمنيته بان شوقك أيها الحبيب قد دعاك لان تجيء هنا لتجاور روحي وقلبي وكلي المشتاق إليك وكرر الظن كثيرا حتى بلغ ذروة الفقد
ليقول بأنه لم يبقى في العمر الكثير ومع ذلك بقيت في انتظارك وسأضل
ويذكره قبل أن يختم نبضه بان كل شيء في اشتياق ولهفه للقائه وليس هو فحسب
وبهذا يكون الشاعر قد أبلغ المعنى حرفا وتصويرا
وهكذا يكون الشعر شاملا معنى وإتقان وجمال يرتسم فوق لوحة إبداع !

(( منقول ))