محامي المرأة
12-29-2008, 09:15 AM
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
الإنتحار ظاهرة نسمع ونقرأ عنها بين الوقت الآخر
أخبار هنا وهناك عن أشخاص أقدموا على الإنتحار
أحياناً لأسباب ربما نتفق على تفاهتها ،،
وحتى لو كانت الأسباب قوية فالإنتحار مُحرم وغير ذلك
هو دلالة على الهروب من واقع عجزنا عن تقبله
والأخير يدل على ضعف كبير بل يدل على أن الإيمان
بالله ثم بالنفس والثقة فيها ضعيف بل غير موجود
أو تلاشى نهائياً ،،
وعندما تكون هذه الظاهرة مُنتشرة في العالم الغربي
فإننا لن نستغرب ( رُغم رفضنا لها في الغرب أو الشرق )
لأنهم يُعانون فراغاً روحياً كبيراً والفراغ الروحي
كما آرى هو من أهم الأسباب التي تدعو للأمراض النفسي
ثم الإقدام على الإنتحار بجانب الضغوطات الحياتية
يُعرف الإنتحار على أنهُ :
(( فعل يقوم بهِ شخص يائس أو مُحبط للتخلص من حياته
أو الهروب من واقعها سواءً كان ظالماً أو مؤلماً أو حزيناً ))
نعم أحبتي ،،
الإنتحار أنتشر بشكلٍ كبير هذه الأيام ،، وهذا نلاحظه ونقرأه
في صحفنا اليومية فهناك من علّق نفسه بحبل في شقته ،،
وهناك من رمى نفسه من طوابق بناية عالية ،،
(( يقال : بأن مبنى ( الأمباير ستايت ) الأمريكي منذ بنائه في العام 1931 م
بلغت حالات الإنتحار من خلال طوابقه حوالي 31 حالة ))
وتختلف أسباب وظروف كل حالة عن الآخرى ،،
فهناك من وقع في مشكلة أو مصيبة مادية مثلاً ،،
وهناك من أحس بالظلم ،،
وهناك من أقدم على الإنتحار كنوع من الإعتراض والإحتجاج على أمر ما !!
كما تُخبرنا أحد الصحف العربية قائلة :
(( أقدم ( أندرو ) على الإنتحار بإطلاق النار على نفسه إحتجاجاً على
إعادة إنتخاب ( بوش ) للمرة الثانية ))
وهذه الحادثة كانت في العام 2004 م ،،
وقضية الإنتحار كما وضحنا من خلال التعريف الخاص بها ،،
تنتج عن يائس من قِبل المُنتحر وعدم الإهتمام واللامبالاة بالحياة مُطلقاً ،،
بعضهم نتيجة أمراض نفسية كالإكتئاب مثلاً ،،
والبعض الآخر نتيجة صدمات نفسية جعلتهُ يُقدم على
فعل الإنتحار والهرب من الحياة ،،
أو ربما يقدم على الإنتحار كتضحية من أجل قضية أو مبدأ ،،
فيجد أن الحل هو القضاء على نفسه وإيقاف حياته عن طريق قتل نفسه
أيضاً أحد أسبابها ضعف الإيمان ( بل أجدهُ سبباً من الأسباب الرئيسية )
والإسلام كما قلت في البداية يُحرم قتل النفس مهما كانت الأسباب ،،
قبل كتابتي لهذا الطرح أقدمت على البحث عن حالات الإنتحار
عبر الصحف اليومية وعن طريق الأنترنت ،،
وعن طريق الكتب ،،
ولفت نظري وجود أشخاص مُثقفين أقدموا على الإنتحار !!
بصراحة تعجبتُ كثيراً وأستغربت كثيراً ،،
وتسألت مالذي يجعل هؤلاء المثقفين يقدمون على هذا العمل
الأرعن والجبان ؟؟
ولا يعني كلامي هذا أن المثقف ملاك ،،
ولكن لعلمي وإدراكي بأن المثقف إنسان واعي ومُدرك ويسعى
دائماً لإصلاح المجتمعات من خلال منظوره ورؤيته الشخصية ،،
سواءً أصاب أو أخطأ ،،
ومن يكون هذا هدفه غالباً لا يقدم على مثل هذا العمل ،،
إلا إن كانت هناك أسباب قوية دفعتهُ لهذا العمل ،،
رُغم أنني وأعتقد أن الجميع يوافقني على هذا ،،
بأنهُ مهما كانت الأسباب والمشاكل لا تستدعي الإقدام على الإنتحار ،،
فمن خلال بعض المصادر وجدت أن الأديب الأردني ( تـيـسـيـر سـبـّول ) ،،
قد أقدم على الإنتحار بعد الإنتكاسة العربية في حرب 1973 م ،،
حيث قيل أن بدايات يأسه كانت بعد حرب 67 م والهزيمة العربية فيها ،،
حيث أنهُ ذلك الوقت ( حسب ما قاله المُقربون ) ،،
بدأ بالبحث عن وجود معنى للحياة ،، وهذه ربما كانت ناتجة عن يأس شديد ،،
وقالوا : أنهُ صُُدم بالواقع العربي الضعيف والهزيمة النكراء التي ربما أنهُ لم يتوقعها
أو لنقل لم يعمل لها حساب ،،
لذى فقد كان الإنتحار هو الحل بالنسبة لهُ ،،
ولكن هل هذا هو الحل بالفعل ؟؟؟ لا يا سادة وسيدات ،،
بل هو المشكلة فبعيداً عن الدين والعقيدة والتي أكدنا أنها ترفضهُ تماماً ،،
أيضاً الواقع والحقيقة تقول أن هذا هروب هروب غير مُبرر وأحمق ،،
وأنا أنظر لهُ على أنهُ جُبن وخوف وعدم ثقة ،،
والتقاليد العربية في الماضي أصلاً ترفضه كفعل ،،
وهناك أيضاً الأديبة المصرية الشابة : ( أروى صـالـح ) ،،
والتي هي الآخرى يُقال أنها أقدمت على الإنتحار منذ فترة
من الزمن ليست بعيدة ،،
أعتقد أنها من آخر حالات الإنتحار بين المثقفين ،،
وهناك الشاعر والأديب العربي الكبير ( خــلــيــل حــــاوي ) ،،
الذي أقدم على الإنتحار في العام 1982 م حينما بدأ الجيش الأسرائيلي
يقترب من بيروت وذلك بأن أطلق النار على رأسه في شقته
الواقعة في رأس بيروت قرب الجامعة الأمريكية ،،
وكان يُعرف عن الشاعر إهتمامه بالقضايا العربية بل كان مهموماً بها ،،
وحتى باللغة العربية التي وجدها ( حسب رأيه ) تتراجع وتتقهقر للوراء ،،
بعد أن كانت تحتل المكانة العُليا ،،
يقول في رسالته الآخيرة رسالة الإنتحار :
(( تعهّرت اللغة أصبحت تُباع وتُشترى وفقدت شرف الصدق ))
ومن شدة إهتمامه بالقضايا العربية كان أغلب نظمه الشعري
في الأمة العربية وقضاياها ،،
ويُقال أن من آخر عباراته هي :
(( رباه !! كيف أستطيع تحمل هذا العار )) !!!
نعم كان يقصد عار العروبة ،،
ولكن من خلال مرجع آخر وكان يتحدث عن صفحات مجهولة
من واقع الأدب العربي المعاصر تطرق الناقد ( رجــاء الـــنــقــاش )
رحمهُ الله ،،
إلى أن هناك سبب في الأعماق ،،
كان ينخر في علاقة الشاعر حاوي بالحياة ،،
فقد كان يعشق في القدم فتاة من ( ضيعته ) وهي تبادله الحب بحب ،،
ولكن تقاليد تلك الضيعة حرمتهُ من الإرتباط بها ،،
رُغم أنهما كانا مُتفقين على الزواج ،،
ولكن أخو الفتاة كان رافضاً هذا الأمر وأستغل خروج الشاعر
خارج الضيعة ليزوجها من قريب لهُ ،،
وعندما عاد الشاعر وجد من يحبها قد تزوجت ،،
فصُدم وتآلم كثيراً ،،
وكان السبب الآخر وأجدهُ مُرتبط بالسبب المذكور أعلاه ،،
وهو فشل إرتباطه بالأديبة الكبيرة : ( ديـــــزي الأمـــيــر ) ،،
التي كتب لها خصيصاً الإهداء في مقدمة أحد كتبه وهو كتاب :
( حــيــاة جــبــران وآثــاره ) ،،
وقد سافرت معه أثناء تحضيره للدكتوراه في كمبريدج ،،
نعم فشل إرتباطه بها وكانا متفقين على تطوير علاقة الحب إلى زواج ،،
ولكن وعلى حد قول الأديبة ديــــزي الأمـــيـــر في كتابها عن
حاوي وعنوانه (( عطاء حاوي والشك ) !! حيث قالت :
(( وخليل إذا ظنّ شيئاً صار يقيناً يستحيل تغييره ،،
أصدقاؤه أحبوه وتحملوا غضبه وقطيعته بكل حلم ومودة
لأنهم يعرفون طينته الجيدة ))
وتقول في مكان آخر من الكتاب :
(( يعللون سبب إنتحاره بتراكم الهزائم العربية نعم خليل شاعر
عروبي صادق مسؤول وطنياً ولكن ألم يكن خليل من البشر ؟؟
ألم تكن لهُ حياته الخاصة ؟؟ هل أنتحر أو حاول الإنتحار مسؤول عربي
فلما يحمل خليل على عاتقه وزر كل المسؤولين ؟؟
ومهما حاولنا التفتيش عن سبب إنتحاره وتبريره وطنياً أو شخصياً
ففي اللحظة التي قرر فيها خليل الرحيل كان وحده
هو وحده يعرف السرّ ))
تعليق :
(( نعم فالمُنتحر بالفعل يذهب وسرّه معه ،،
فسعاد حسني رحلت وسرّها معها : هل قُتلت ؟؟ أم أنتحرت ؟؟
أميل للأولى ))
وهناك أيضاً حادثة سرقة منزله في الضيعة ،،
فطبيبه الخاص قال :
(( أن منزل خليل حاوي سُرق قبل إنتحاره بعدة أيام ،،
وأن هذه الحادثة آثرت فيه كثيراً لأن السرقة تمت في المكان
الذي يحبه ويقدره كثيراً ( الضيعة ) ومن أهل الضيعة الذين طالما أحبهم
يقول الدكتور أن هذه الحادثة كانت ضربة قوية في نفسه ))
فالشاعر خليل كان في أعماقه إضطرابات كبيرة ،،
كبُرت وكبُرت وكانت آخرها الإقتحام الأسرائيلي للجنوب اللبناني
وزحفه وقربه من إقتحام بيروت وإحتلالها ،،
لتكون قضية إقتراب إسرائيل من عاصمة وطنه الرصاصة النهائية
التي قتلته ،،
وخاصةً أنهُ كان بالفعل مهموماً بقضايا العروبة
ومشاكلها وتراجعاتها وخيباتها ،،
ومهما كانت تلك الأسباب وأهميتها ففعل الإنتحار إنما هو ضعف إيمان ،،
وإنفصال تام عن الحياة بكافة أوجهها وأشكالها ،،
وإكتئاب نفسي آثر في الشخص فنتج عن ذلك الإقدام
على الإنتحار للخلاص من الحياة وهمومها ومشاكلها وصدماتها ،،
وهذا بحد ذاته ضعف كبير في التركيبة الإنسانية كما أعتقد ،،
هذه الحالة حالة ( خليل حاوي ) حالة عربية آثّرت بي كثيراً ،،
ولكن عند سفرنا لبلاد آخرى وثقافات آخرى ،،
فأننا نجد ( الــرهــبــان الــبــوذيــيــن ) يقدمون على الإنتحار وذلك بإشعال النار
في أنفسهم كنوع من الإحتجاج على أي ظلم يقع عليهم ،،
أو لتنبيه الناس لقضية عادلة ( كما يرونها ) كنوع من التضحية ،،
فهؤلاء يعتقدون أن بعملهم الإنتحاري والقضاء على أنفسهم
وقطع رباطهم بالحياة يُقرّب الناس من تغيير الظلم أو يقرب الناس
إلى الإنتباه لقضية ما مُقتنعين بأهميتها !!!
أأهذه شجاعة وتضحية ؟؟ أم ضعف وقصور في النفس ؟؟
تسألئت عندما قارنت بين ما يفعلهُ هؤلاء ،،
وما يفعلهُ رجال هذا الزمن الإستشهاديين الفلسطينيين ،،
ولكن شتّان ما بين هؤلاء وأولئك ،،،
فالفسطينيين يُقدمون على الإستشهاد دفاعاً عن الوطن والأرض ،،
ومن أجل طرد المُحتل التي عجزت القوى السياسية العربية عن
الوقوف في وجهه لتضرب لنا درساً في الشجاعة والدفاع عن الأمة ،،
أيضاً يتبادر إلى ذهني حادثة الإنتحار للأديب
والروائي الياباني ( يــوكــويــو مــيــشــيــمــا ) ،،
والذي أقدم على الإنتحار في 25 نوفمبر من العام 1970 م ،،
حيث أنهُ بعمله هذا قد أدهش العالم قبل اليابانيين أنفسهم ،،
فقد قام هو ومجموعة من رفاقه وأصدقائه بإحتلال مقر كلية الأركان
العسكرية في قلب طوكيو وقاموا بإحتجاز قائد الكلية ثم صعد
صاحبنا الأديب إلى شرفة الكلية والتي تُطل على ساحة
التدريب للجنود ،،
وألقى كلمة غاضبة وشديدة النبرة للجنود والمتدربين الشبان
وكان كلامه يتضمن دعوة منهُ لرفض خضوع اليابان لأمريكا
وطالب بتغيير الدستور السلمي الذي فرضته أمريكا على اليابان بعد
إحتلال أمريكا لليابان في العام 1945 م ،،
وطالبهم أيضاً بالعودة إلى التقاليد اليابانية وطالبهم بلهجة حادة بعدم
التأمرك وتقليد الغرب والذي لاحظه في أبناء وطنه بعد الإحتلال الأمريكي
وقد وجد السخرية من الحضور ،، ولكن هذا لم يمنعهُ ،،
من الإقدام على ما كان ينويه وهو الإنتحار بطريقة
( الــهــارا كــيــري ) أي طريقة الساموراي اليابانية ،،
فقام بغرز السيف في بطنه أمام الحضور وأخرجهُ من الجهة الآخرى
وقام أحد زملائه بقطع رأسه ليخلصهُ من الألم ،،
نعم أقدم على فعل هذا بسبب ما عاناه من هموم وطنه
الذي رأه ينحدر ويفقد أصالته بسبب الأمريكان والغرب ،،
تآلم لأن وطنه وأبناء وطنه بدأوا في الإنحلال من وطنيتهم وتقاليدهم
وعاداتهم التي ورثوها من أجدادهم وطالما ميزت تاريخهم ،،
(( المعروف عن اليابانيين أنهم يُقدمون على الإنتحار عندما تدفعهم
الحياة ومشاكلها إلى مواقع قاسية أو تضعهم في مواضع معيبة
بالنسبة لهم ،،
مواقع ومواضع لا تتفق مع قيمهم أو مثلهم الأعلى ،،
نعم الإنتحار هنا بالنسبة للياباني يُعتبر رمزاً للإصرار على تحقيق الحياة
الكريمة والمثلى بالنسبة لهم )) ،،
وأيضاً حادثة إنتحار الأديب الإيطالي ( شــيــزاره بــافــيــزه ) ،،
وهي مقاربة نوعاً ما لحالة خليل حاوي ،،
فهذا الأديب تعذب كثيراً وهو صغير من خلال معاناته مع والديه
وعدم الأمان معهم لكثرة مشاكلهم وإتهاماتهم لبعضهم وضمه هو
كواحد من الإتهامات التي يترامون بها أمامه ،،
عانى كثيراً وكان في أعماقه بركان يغلي ينتظر أن ينفجر وأنفجر
من خلال معاناته التي أعتبرها الآخيرة عندما فشل في حبه
لممثلة أمريكية ،،
وأيضاً هذا الأمر ينطبق على الشاعر الروسي ( مــايــكــوفــســكــي )
الذي أنتحر لأن حبيبته التي أحبها بعمق كبير قد رفضته ،،
وهناك الأديب الأمريكي ( أرنــســت هــمــنــغــواي ) وهو الآخر أنتحر ،،
ويقال أنهُ كان يبحث ويرغب بل كتب عن رغبته في معرفة كيفية الموت ،،
وتجريب أحاسيسه وخاصةً عن طريق طلقة نار ،،
وهذا ما حدث لهُ وأقدم عليه بيده !!
بالفعل أحبتي ،،
مهما علمنا وعرفنا عن هؤلاء الأدباء والمثقفين ،،
وأسرار وأسباب إنتحارهم ،،
فهذا ليس مُبرر لإنهاء حياتهم وقتل أنفسهم ،،
وكما قلت حين تحدث هذه الفعلة بين أقوام غير المسلمين ،،
فأنني لا أستغربها كثيراً ،،،
ولكن من بين المسلمين وأيضاً العرب الذين عٌرفوا برفضهم لهذا العمل
في تقاليدهم وعاداتهم فهذا ما يدعوني للذهول ،،
والإسلام يرفض الإنتحار ،،
ناهيك عن أنهُ عمل يجلب غضب الله سبحانه وتعالى ،،
وعلماء النفس يذهبون في هذه القضية إلى القول :
(( بأن النزعة الإنتحارية كامنة في أعماق الإنسان ،،
وتبرز في أوقات التأزم والأخطار والمهانات ))
لا أميل لهذا الرأي
ولكن أعود للتأكيد بأنها حالة قد تُرافق الضعفاء
وضعيفيّ الإيمان والذين لا يقوون على شيء ،،
إلى الهرب وإرتكاب الحماقات ،،
فأنا أعتبر الإنتحار نوع من الحماقة ،،
أخيراً وليس آخراً الإنسان في حياته مُعرض للضغوطات
ومُعرض للصدمات ومُعرض للنكسات ،،
ولكن كل هذا لا يدعوه لإقتراف عمل بشع ومرفوض
من الدين والعقيدة وأيضاً مرفوض عرفياً وإنسانياً ،،
والإنسان الذي يُفكر بهكذا عمل هو ضعيف وعديم الإيمان
فالإنسان المؤمن لا يُقدم على الإنتحار مهما كانت الظروف
ومن يؤمن بالله والقدر خيره وشره لا ينتحر ولا يُقدم
على أعمال حمقاء كهذا العمل .
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
(( مُـــداخــلــه مُـــهــــمـــه ))
(( يقال أن النساء أقل إقداماً على للإنتحار من
الرجال ،، لأن عواطفهن متينة مع الحياة ولذى فهن عُرفن
منذ القدم بأنهن المؤوسسات للحضارات ،،
والمرأة بالفعل أكثر قدرة وقوة على التمسك بالحياة ومقاومة الصدمات
ولذلك فهي دائماً الأقدر على تربية الرجل وتدريبه ومحاولة
الإمساك بهِ حين تجدهُ يترامى للأرض ويتمايل للسقوط ))
ولذى فأحد شعراء سوريا وهو الدكتور محمد شادي كسكين
يقول في قصيدته الموجهه لحبيبته :
(( شادت بطرف خمارها عن معصمي ،، صرحاً يُطيح بعاليات الأنجمِ ،،
وتقول لي : لا وقت قم فلقد بغى الباغي وعربد مجرمي ،،
وتهزني ،، وتحثني ،، إياك أن تذُل وتنثني ،، وتقول لي : ضمّد جراحك يا أخي ،،
وتحثني ،، وتشدني ،،، وتصيح : ( يا الــلــه ) وأنا تثبطني الجراح كأنني ،،
طيرٌ يتوقُ إلى الحياةِ وإنما سجنٌ يحيط برقبتي ويلفني ،، في حنانٍ ضمني ،،
فلكم جرت أنهار دمعي تارةً ،، أو سال بعد الدمع شلاّل الدمِ ،،
وأنا هنا وأرى ( فـتـاتـي ) كالجبال بعزمها ،،،
تتحطم الدنيا هنا ولم تتحطمي )) .
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
( تـــعـــجّـــب ثـــقـــافـــي ) !!
يقال أن أبو حيان التوحيدي أقدم على إنتحار من نوع آخر
وهو الإنتحار الثقافي !!
وذلك بأن أقدم على حرق كتبه والتي تُعتبر الشيء الوحيد الذي يبقيه
في ذاكرة الناس !!!
فُعرف عنهُ أن تصوّف وأعتزل الفكر والفلسفة ،،
وهو الذي لُقب بـــ ( فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة ) ،،،
وهناك الناقد المصري ( أنور المعداوي ) الذي عاش عزلة
إنتحارية حتى وفاته وذلك لأنهُ حسب ما يعتقد عجز عن التلاؤم
مع الواقع الأدبي والإجتماعي وعجزه ،،
أيضاً عن إقامة علاقة طبيعية مع المرأة ،،
وهناك غيرهم من يُعلن توقفه عن الكتابة
دون مُبررات ودون أسباب ،،
كنوع من الإنتحار الكتابي والثقافي
وهذه مُشكلة كبيرة جداً .
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
( مــــداعــــبــــة ثـــقــــافـــيـــــة )
(( أقدمت كتب ( الــجــاحــظ ) على عملية إغتيال خطيرة
ضد مؤلفها نتجت عن قتله ))
السؤال :
هل هذه ثورة ضد من يؤلفها ؟؟ أم نوع من التنبيه لقضية
ركنها في الرفوف الذي يؤلمها كثيراً ؟؟
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
ملاحظة :
(( هذا موضوع مُبسط ودراسة بسيطة لا أكثر ،،
أتمنى ان تنال رضاكم وتكون على قدر رقيكم
ورقي المكان ))
المراجع :
1 : كتاب ( إنتحار المثقفين العرب ) للدكتور مــحــمــد جــابــر الأنــصــاري .
2 : كتاب ( صفحات مجهولة من الأدب العربي المعاصر ) للناقد رجــاء الــنــقــاش .
3 : كتاب ( عــطــاء حــاوي والــشــك ) للأديبة ديــزي الأمــيــر .
4 : صحيفة ( الــمــســتــقــبــل ) اللبنانية مجموعة من أعدادها قديم وجديد .
5 : صحيفة ( الـــنـــهــار ) اللبنانية مجموعة من أعدادها أيضاً .
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
( نــــــفـــــق إلــــــى الــــذاكــــــرة )
يقول مــاثــيــو هــنــري :
( أعطني الحرية أو أمنحني الموت )
يقول أحـــمـــد شـــوقــي :
( قف دون رأيك في الحياة مجاهداً * إن الحياة عقيدةٌ وجهادُ )
يقول مـــحــمــود تــيــمـــور :
( أحمدك يارب أن وهبتني الحياة فما الحياة إلا نعمةٌ تهبها عبادك
سبيلاً إلى عملٍ صالح ووسيلة لبلوغ هدفٍ رفيع )
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
كونوا بالجوار ،،
تقبوا تحيتي ممزوجة لكم بأعذب وأرق عطور الياسمين ،،،
أخوكم المحب :
محامي الحب والمرأة ......... سعود العتيبي
الإنتحار ظاهرة نسمع ونقرأ عنها بين الوقت الآخر
أخبار هنا وهناك عن أشخاص أقدموا على الإنتحار
أحياناً لأسباب ربما نتفق على تفاهتها ،،
وحتى لو كانت الأسباب قوية فالإنتحار مُحرم وغير ذلك
هو دلالة على الهروب من واقع عجزنا عن تقبله
والأخير يدل على ضعف كبير بل يدل على أن الإيمان
بالله ثم بالنفس والثقة فيها ضعيف بل غير موجود
أو تلاشى نهائياً ،،
وعندما تكون هذه الظاهرة مُنتشرة في العالم الغربي
فإننا لن نستغرب ( رُغم رفضنا لها في الغرب أو الشرق )
لأنهم يُعانون فراغاً روحياً كبيراً والفراغ الروحي
كما آرى هو من أهم الأسباب التي تدعو للأمراض النفسي
ثم الإقدام على الإنتحار بجانب الضغوطات الحياتية
يُعرف الإنتحار على أنهُ :
(( فعل يقوم بهِ شخص يائس أو مُحبط للتخلص من حياته
أو الهروب من واقعها سواءً كان ظالماً أو مؤلماً أو حزيناً ))
نعم أحبتي ،،
الإنتحار أنتشر بشكلٍ كبير هذه الأيام ،، وهذا نلاحظه ونقرأه
في صحفنا اليومية فهناك من علّق نفسه بحبل في شقته ،،
وهناك من رمى نفسه من طوابق بناية عالية ،،
(( يقال : بأن مبنى ( الأمباير ستايت ) الأمريكي منذ بنائه في العام 1931 م
بلغت حالات الإنتحار من خلال طوابقه حوالي 31 حالة ))
وتختلف أسباب وظروف كل حالة عن الآخرى ،،
فهناك من وقع في مشكلة أو مصيبة مادية مثلاً ،،
وهناك من أحس بالظلم ،،
وهناك من أقدم على الإنتحار كنوع من الإعتراض والإحتجاج على أمر ما !!
كما تُخبرنا أحد الصحف العربية قائلة :
(( أقدم ( أندرو ) على الإنتحار بإطلاق النار على نفسه إحتجاجاً على
إعادة إنتخاب ( بوش ) للمرة الثانية ))
وهذه الحادثة كانت في العام 2004 م ،،
وقضية الإنتحار كما وضحنا من خلال التعريف الخاص بها ،،
تنتج عن يائس من قِبل المُنتحر وعدم الإهتمام واللامبالاة بالحياة مُطلقاً ،،
بعضهم نتيجة أمراض نفسية كالإكتئاب مثلاً ،،
والبعض الآخر نتيجة صدمات نفسية جعلتهُ يُقدم على
فعل الإنتحار والهرب من الحياة ،،
أو ربما يقدم على الإنتحار كتضحية من أجل قضية أو مبدأ ،،
فيجد أن الحل هو القضاء على نفسه وإيقاف حياته عن طريق قتل نفسه
أيضاً أحد أسبابها ضعف الإيمان ( بل أجدهُ سبباً من الأسباب الرئيسية )
والإسلام كما قلت في البداية يُحرم قتل النفس مهما كانت الأسباب ،،
قبل كتابتي لهذا الطرح أقدمت على البحث عن حالات الإنتحار
عبر الصحف اليومية وعن طريق الأنترنت ،،
وعن طريق الكتب ،،
ولفت نظري وجود أشخاص مُثقفين أقدموا على الإنتحار !!
بصراحة تعجبتُ كثيراً وأستغربت كثيراً ،،
وتسألت مالذي يجعل هؤلاء المثقفين يقدمون على هذا العمل
الأرعن والجبان ؟؟
ولا يعني كلامي هذا أن المثقف ملاك ،،
ولكن لعلمي وإدراكي بأن المثقف إنسان واعي ومُدرك ويسعى
دائماً لإصلاح المجتمعات من خلال منظوره ورؤيته الشخصية ،،
سواءً أصاب أو أخطأ ،،
ومن يكون هذا هدفه غالباً لا يقدم على مثل هذا العمل ،،
إلا إن كانت هناك أسباب قوية دفعتهُ لهذا العمل ،،
رُغم أنني وأعتقد أن الجميع يوافقني على هذا ،،
بأنهُ مهما كانت الأسباب والمشاكل لا تستدعي الإقدام على الإنتحار ،،
فمن خلال بعض المصادر وجدت أن الأديب الأردني ( تـيـسـيـر سـبـّول ) ،،
قد أقدم على الإنتحار بعد الإنتكاسة العربية في حرب 1973 م ،،
حيث قيل أن بدايات يأسه كانت بعد حرب 67 م والهزيمة العربية فيها ،،
حيث أنهُ ذلك الوقت ( حسب ما قاله المُقربون ) ،،
بدأ بالبحث عن وجود معنى للحياة ،، وهذه ربما كانت ناتجة عن يأس شديد ،،
وقالوا : أنهُ صُُدم بالواقع العربي الضعيف والهزيمة النكراء التي ربما أنهُ لم يتوقعها
أو لنقل لم يعمل لها حساب ،،
لذى فقد كان الإنتحار هو الحل بالنسبة لهُ ،،
ولكن هل هذا هو الحل بالفعل ؟؟؟ لا يا سادة وسيدات ،،
بل هو المشكلة فبعيداً عن الدين والعقيدة والتي أكدنا أنها ترفضهُ تماماً ،،
أيضاً الواقع والحقيقة تقول أن هذا هروب هروب غير مُبرر وأحمق ،،
وأنا أنظر لهُ على أنهُ جُبن وخوف وعدم ثقة ،،
والتقاليد العربية في الماضي أصلاً ترفضه كفعل ،،
وهناك أيضاً الأديبة المصرية الشابة : ( أروى صـالـح ) ،،
والتي هي الآخرى يُقال أنها أقدمت على الإنتحار منذ فترة
من الزمن ليست بعيدة ،،
أعتقد أنها من آخر حالات الإنتحار بين المثقفين ،،
وهناك الشاعر والأديب العربي الكبير ( خــلــيــل حــــاوي ) ،،
الذي أقدم على الإنتحار في العام 1982 م حينما بدأ الجيش الأسرائيلي
يقترب من بيروت وذلك بأن أطلق النار على رأسه في شقته
الواقعة في رأس بيروت قرب الجامعة الأمريكية ،،
وكان يُعرف عن الشاعر إهتمامه بالقضايا العربية بل كان مهموماً بها ،،
وحتى باللغة العربية التي وجدها ( حسب رأيه ) تتراجع وتتقهقر للوراء ،،
بعد أن كانت تحتل المكانة العُليا ،،
يقول في رسالته الآخيرة رسالة الإنتحار :
(( تعهّرت اللغة أصبحت تُباع وتُشترى وفقدت شرف الصدق ))
ومن شدة إهتمامه بالقضايا العربية كان أغلب نظمه الشعري
في الأمة العربية وقضاياها ،،
ويُقال أن من آخر عباراته هي :
(( رباه !! كيف أستطيع تحمل هذا العار )) !!!
نعم كان يقصد عار العروبة ،،
ولكن من خلال مرجع آخر وكان يتحدث عن صفحات مجهولة
من واقع الأدب العربي المعاصر تطرق الناقد ( رجــاء الـــنــقــاش )
رحمهُ الله ،،
إلى أن هناك سبب في الأعماق ،،
كان ينخر في علاقة الشاعر حاوي بالحياة ،،
فقد كان يعشق في القدم فتاة من ( ضيعته ) وهي تبادله الحب بحب ،،
ولكن تقاليد تلك الضيعة حرمتهُ من الإرتباط بها ،،
رُغم أنهما كانا مُتفقين على الزواج ،،
ولكن أخو الفتاة كان رافضاً هذا الأمر وأستغل خروج الشاعر
خارج الضيعة ليزوجها من قريب لهُ ،،
وعندما عاد الشاعر وجد من يحبها قد تزوجت ،،
فصُدم وتآلم كثيراً ،،
وكان السبب الآخر وأجدهُ مُرتبط بالسبب المذكور أعلاه ،،
وهو فشل إرتباطه بالأديبة الكبيرة : ( ديـــــزي الأمـــيــر ) ،،
التي كتب لها خصيصاً الإهداء في مقدمة أحد كتبه وهو كتاب :
( حــيــاة جــبــران وآثــاره ) ،،
وقد سافرت معه أثناء تحضيره للدكتوراه في كمبريدج ،،
نعم فشل إرتباطه بها وكانا متفقين على تطوير علاقة الحب إلى زواج ،،
ولكن وعلى حد قول الأديبة ديــــزي الأمـــيـــر في كتابها عن
حاوي وعنوانه (( عطاء حاوي والشك ) !! حيث قالت :
(( وخليل إذا ظنّ شيئاً صار يقيناً يستحيل تغييره ،،
أصدقاؤه أحبوه وتحملوا غضبه وقطيعته بكل حلم ومودة
لأنهم يعرفون طينته الجيدة ))
وتقول في مكان آخر من الكتاب :
(( يعللون سبب إنتحاره بتراكم الهزائم العربية نعم خليل شاعر
عروبي صادق مسؤول وطنياً ولكن ألم يكن خليل من البشر ؟؟
ألم تكن لهُ حياته الخاصة ؟؟ هل أنتحر أو حاول الإنتحار مسؤول عربي
فلما يحمل خليل على عاتقه وزر كل المسؤولين ؟؟
ومهما حاولنا التفتيش عن سبب إنتحاره وتبريره وطنياً أو شخصياً
ففي اللحظة التي قرر فيها خليل الرحيل كان وحده
هو وحده يعرف السرّ ))
تعليق :
(( نعم فالمُنتحر بالفعل يذهب وسرّه معه ،،
فسعاد حسني رحلت وسرّها معها : هل قُتلت ؟؟ أم أنتحرت ؟؟
أميل للأولى ))
وهناك أيضاً حادثة سرقة منزله في الضيعة ،،
فطبيبه الخاص قال :
(( أن منزل خليل حاوي سُرق قبل إنتحاره بعدة أيام ،،
وأن هذه الحادثة آثرت فيه كثيراً لأن السرقة تمت في المكان
الذي يحبه ويقدره كثيراً ( الضيعة ) ومن أهل الضيعة الذين طالما أحبهم
يقول الدكتور أن هذه الحادثة كانت ضربة قوية في نفسه ))
فالشاعر خليل كان في أعماقه إضطرابات كبيرة ،،
كبُرت وكبُرت وكانت آخرها الإقتحام الأسرائيلي للجنوب اللبناني
وزحفه وقربه من إقتحام بيروت وإحتلالها ،،
لتكون قضية إقتراب إسرائيل من عاصمة وطنه الرصاصة النهائية
التي قتلته ،،
وخاصةً أنهُ كان بالفعل مهموماً بقضايا العروبة
ومشاكلها وتراجعاتها وخيباتها ،،
ومهما كانت تلك الأسباب وأهميتها ففعل الإنتحار إنما هو ضعف إيمان ،،
وإنفصال تام عن الحياة بكافة أوجهها وأشكالها ،،
وإكتئاب نفسي آثر في الشخص فنتج عن ذلك الإقدام
على الإنتحار للخلاص من الحياة وهمومها ومشاكلها وصدماتها ،،
وهذا بحد ذاته ضعف كبير في التركيبة الإنسانية كما أعتقد ،،
هذه الحالة حالة ( خليل حاوي ) حالة عربية آثّرت بي كثيراً ،،
ولكن عند سفرنا لبلاد آخرى وثقافات آخرى ،،
فأننا نجد ( الــرهــبــان الــبــوذيــيــن ) يقدمون على الإنتحار وذلك بإشعال النار
في أنفسهم كنوع من الإحتجاج على أي ظلم يقع عليهم ،،
أو لتنبيه الناس لقضية عادلة ( كما يرونها ) كنوع من التضحية ،،
فهؤلاء يعتقدون أن بعملهم الإنتحاري والقضاء على أنفسهم
وقطع رباطهم بالحياة يُقرّب الناس من تغيير الظلم أو يقرب الناس
إلى الإنتباه لقضية ما مُقتنعين بأهميتها !!!
أأهذه شجاعة وتضحية ؟؟ أم ضعف وقصور في النفس ؟؟
تسألئت عندما قارنت بين ما يفعلهُ هؤلاء ،،
وما يفعلهُ رجال هذا الزمن الإستشهاديين الفلسطينيين ،،
ولكن شتّان ما بين هؤلاء وأولئك ،،،
فالفسطينيين يُقدمون على الإستشهاد دفاعاً عن الوطن والأرض ،،
ومن أجل طرد المُحتل التي عجزت القوى السياسية العربية عن
الوقوف في وجهه لتضرب لنا درساً في الشجاعة والدفاع عن الأمة ،،
أيضاً يتبادر إلى ذهني حادثة الإنتحار للأديب
والروائي الياباني ( يــوكــويــو مــيــشــيــمــا ) ،،
والذي أقدم على الإنتحار في 25 نوفمبر من العام 1970 م ،،
حيث أنهُ بعمله هذا قد أدهش العالم قبل اليابانيين أنفسهم ،،
فقد قام هو ومجموعة من رفاقه وأصدقائه بإحتلال مقر كلية الأركان
العسكرية في قلب طوكيو وقاموا بإحتجاز قائد الكلية ثم صعد
صاحبنا الأديب إلى شرفة الكلية والتي تُطل على ساحة
التدريب للجنود ،،
وألقى كلمة غاضبة وشديدة النبرة للجنود والمتدربين الشبان
وكان كلامه يتضمن دعوة منهُ لرفض خضوع اليابان لأمريكا
وطالب بتغيير الدستور السلمي الذي فرضته أمريكا على اليابان بعد
إحتلال أمريكا لليابان في العام 1945 م ،،
وطالبهم أيضاً بالعودة إلى التقاليد اليابانية وطالبهم بلهجة حادة بعدم
التأمرك وتقليد الغرب والذي لاحظه في أبناء وطنه بعد الإحتلال الأمريكي
وقد وجد السخرية من الحضور ،، ولكن هذا لم يمنعهُ ،،
من الإقدام على ما كان ينويه وهو الإنتحار بطريقة
( الــهــارا كــيــري ) أي طريقة الساموراي اليابانية ،،
فقام بغرز السيف في بطنه أمام الحضور وأخرجهُ من الجهة الآخرى
وقام أحد زملائه بقطع رأسه ليخلصهُ من الألم ،،
نعم أقدم على فعل هذا بسبب ما عاناه من هموم وطنه
الذي رأه ينحدر ويفقد أصالته بسبب الأمريكان والغرب ،،
تآلم لأن وطنه وأبناء وطنه بدأوا في الإنحلال من وطنيتهم وتقاليدهم
وعاداتهم التي ورثوها من أجدادهم وطالما ميزت تاريخهم ،،
(( المعروف عن اليابانيين أنهم يُقدمون على الإنتحار عندما تدفعهم
الحياة ومشاكلها إلى مواقع قاسية أو تضعهم في مواضع معيبة
بالنسبة لهم ،،
مواقع ومواضع لا تتفق مع قيمهم أو مثلهم الأعلى ،،
نعم الإنتحار هنا بالنسبة للياباني يُعتبر رمزاً للإصرار على تحقيق الحياة
الكريمة والمثلى بالنسبة لهم )) ،،
وأيضاً حادثة إنتحار الأديب الإيطالي ( شــيــزاره بــافــيــزه ) ،،
وهي مقاربة نوعاً ما لحالة خليل حاوي ،،
فهذا الأديب تعذب كثيراً وهو صغير من خلال معاناته مع والديه
وعدم الأمان معهم لكثرة مشاكلهم وإتهاماتهم لبعضهم وضمه هو
كواحد من الإتهامات التي يترامون بها أمامه ،،
عانى كثيراً وكان في أعماقه بركان يغلي ينتظر أن ينفجر وأنفجر
من خلال معاناته التي أعتبرها الآخيرة عندما فشل في حبه
لممثلة أمريكية ،،
وأيضاً هذا الأمر ينطبق على الشاعر الروسي ( مــايــكــوفــســكــي )
الذي أنتحر لأن حبيبته التي أحبها بعمق كبير قد رفضته ،،
وهناك الأديب الأمريكي ( أرنــســت هــمــنــغــواي ) وهو الآخر أنتحر ،،
ويقال أنهُ كان يبحث ويرغب بل كتب عن رغبته في معرفة كيفية الموت ،،
وتجريب أحاسيسه وخاصةً عن طريق طلقة نار ،،
وهذا ما حدث لهُ وأقدم عليه بيده !!
بالفعل أحبتي ،،
مهما علمنا وعرفنا عن هؤلاء الأدباء والمثقفين ،،
وأسرار وأسباب إنتحارهم ،،
فهذا ليس مُبرر لإنهاء حياتهم وقتل أنفسهم ،،
وكما قلت حين تحدث هذه الفعلة بين أقوام غير المسلمين ،،
فأنني لا أستغربها كثيراً ،،،
ولكن من بين المسلمين وأيضاً العرب الذين عٌرفوا برفضهم لهذا العمل
في تقاليدهم وعاداتهم فهذا ما يدعوني للذهول ،،
والإسلام يرفض الإنتحار ،،
ناهيك عن أنهُ عمل يجلب غضب الله سبحانه وتعالى ،،
وعلماء النفس يذهبون في هذه القضية إلى القول :
(( بأن النزعة الإنتحارية كامنة في أعماق الإنسان ،،
وتبرز في أوقات التأزم والأخطار والمهانات ))
لا أميل لهذا الرأي
ولكن أعود للتأكيد بأنها حالة قد تُرافق الضعفاء
وضعيفيّ الإيمان والذين لا يقوون على شيء ،،
إلى الهرب وإرتكاب الحماقات ،،
فأنا أعتبر الإنتحار نوع من الحماقة ،،
أخيراً وليس آخراً الإنسان في حياته مُعرض للضغوطات
ومُعرض للصدمات ومُعرض للنكسات ،،
ولكن كل هذا لا يدعوه لإقتراف عمل بشع ومرفوض
من الدين والعقيدة وأيضاً مرفوض عرفياً وإنسانياً ،،
والإنسان الذي يُفكر بهكذا عمل هو ضعيف وعديم الإيمان
فالإنسان المؤمن لا يُقدم على الإنتحار مهما كانت الظروف
ومن يؤمن بالله والقدر خيره وشره لا ينتحر ولا يُقدم
على أعمال حمقاء كهذا العمل .
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
(( مُـــداخــلــه مُـــهــــمـــه ))
(( يقال أن النساء أقل إقداماً على للإنتحار من
الرجال ،، لأن عواطفهن متينة مع الحياة ولذى فهن عُرفن
منذ القدم بأنهن المؤوسسات للحضارات ،،
والمرأة بالفعل أكثر قدرة وقوة على التمسك بالحياة ومقاومة الصدمات
ولذلك فهي دائماً الأقدر على تربية الرجل وتدريبه ومحاولة
الإمساك بهِ حين تجدهُ يترامى للأرض ويتمايل للسقوط ))
ولذى فأحد شعراء سوريا وهو الدكتور محمد شادي كسكين
يقول في قصيدته الموجهه لحبيبته :
(( شادت بطرف خمارها عن معصمي ،، صرحاً يُطيح بعاليات الأنجمِ ،،
وتقول لي : لا وقت قم فلقد بغى الباغي وعربد مجرمي ،،
وتهزني ،، وتحثني ،، إياك أن تذُل وتنثني ،، وتقول لي : ضمّد جراحك يا أخي ،،
وتحثني ،، وتشدني ،،، وتصيح : ( يا الــلــه ) وأنا تثبطني الجراح كأنني ،،
طيرٌ يتوقُ إلى الحياةِ وإنما سجنٌ يحيط برقبتي ويلفني ،، في حنانٍ ضمني ،،
فلكم جرت أنهار دمعي تارةً ،، أو سال بعد الدمع شلاّل الدمِ ،،
وأنا هنا وأرى ( فـتـاتـي ) كالجبال بعزمها ،،،
تتحطم الدنيا هنا ولم تتحطمي )) .
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
( تـــعـــجّـــب ثـــقـــافـــي ) !!
يقال أن أبو حيان التوحيدي أقدم على إنتحار من نوع آخر
وهو الإنتحار الثقافي !!
وذلك بأن أقدم على حرق كتبه والتي تُعتبر الشيء الوحيد الذي يبقيه
في ذاكرة الناس !!!
فُعرف عنهُ أن تصوّف وأعتزل الفكر والفلسفة ،،
وهو الذي لُقب بـــ ( فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة ) ،،،
وهناك الناقد المصري ( أنور المعداوي ) الذي عاش عزلة
إنتحارية حتى وفاته وذلك لأنهُ حسب ما يعتقد عجز عن التلاؤم
مع الواقع الأدبي والإجتماعي وعجزه ،،
أيضاً عن إقامة علاقة طبيعية مع المرأة ،،
وهناك غيرهم من يُعلن توقفه عن الكتابة
دون مُبررات ودون أسباب ،،
كنوع من الإنتحار الكتابي والثقافي
وهذه مُشكلة كبيرة جداً .
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
( مــــداعــــبــــة ثـــقــــافـــيـــــة )
(( أقدمت كتب ( الــجــاحــظ ) على عملية إغتيال خطيرة
ضد مؤلفها نتجت عن قتله ))
السؤال :
هل هذه ثورة ضد من يؤلفها ؟؟ أم نوع من التنبيه لقضية
ركنها في الرفوف الذي يؤلمها كثيراً ؟؟
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
ملاحظة :
(( هذا موضوع مُبسط ودراسة بسيطة لا أكثر ،،
أتمنى ان تنال رضاكم وتكون على قدر رقيكم
ورقي المكان ))
المراجع :
1 : كتاب ( إنتحار المثقفين العرب ) للدكتور مــحــمــد جــابــر الأنــصــاري .
2 : كتاب ( صفحات مجهولة من الأدب العربي المعاصر ) للناقد رجــاء الــنــقــاش .
3 : كتاب ( عــطــاء حــاوي والــشــك ) للأديبة ديــزي الأمــيــر .
4 : صحيفة ( الــمــســتــقــبــل ) اللبنانية مجموعة من أعدادها قديم وجديد .
5 : صحيفة ( الـــنـــهــار ) اللبنانية مجموعة من أعدادها أيضاً .
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
( نــــــفـــــق إلــــــى الــــذاكــــــرة )
يقول مــاثــيــو هــنــري :
( أعطني الحرية أو أمنحني الموت )
يقول أحـــمـــد شـــوقــي :
( قف دون رأيك في الحياة مجاهداً * إن الحياة عقيدةٌ وجهادُ )
يقول مـــحــمــود تــيــمـــور :
( أحمدك يارب أن وهبتني الحياة فما الحياة إلا نعمةٌ تهبها عبادك
سبيلاً إلى عملٍ صالح ووسيلة لبلوغ هدفٍ رفيع )
http://www.matlaalshams.com/gallery/data/media/14/graphi21.gif
كونوا بالجوار ،،
تقبوا تحيتي ممزوجة لكم بأعذب وأرق عطور الياسمين ،،،
أخوكم المحب :
محامي الحب والمرأة ......... سعود العتيبي