المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأمل هذا المقال قليلا لو سمحت


مغلي الوطن
12-05-2008, 08:45 PM
لو أننا رجعنا إلى القرآن الكريم , والأحاديث النبوية لوجدنا الجانب الاجتماعي يأخذ

أهميته ومكانته بعد العقيدة في كثيرا من الآيات والأحاديث بل وفي المسيرة التاريخية

للتشريع الإسلامي :

فمن الآيات قوله تعالى:
[ أرأيت الذي يكذب بالدين . فذلك الذي يدع اليتيم . ولا

يحض على طعام المسكين . فويل للمصلين . الذين هم عن صلاتهم ساهون

. والذين هم يراءون . ويمنعون الماعون ]وهي تقرر في آياتها الأولى أن الذي

يزجر اليتيم وينهره , ويهمل المسكين الذي أذلته الحاجة وعضه الفقر والبؤس ......

هو إنسان كافر بلقاء الله وحسابه وجزائه , ولو آمن بالله وجزائه وكتابه لا ندفع بقلب

مليء بالرحمة حريص على النجاة من عذاب الله وغضبه , فأكرم اليتيم , وأعطى

المحتاج مما أنعم الله عليه .

والسورة في آياتها الأخيرة تفضح المتظاهرين بالصلاح , والمتشدقين بالتدين فتصب

عليهم الويل والهلاك والشقاء الأبدي , لأنهم إن صلوا كانت صلاتهم رياء يريدون

بها أن يقنعوا الذين يرونهم بأنهم من المصلين المحافظين على شعائر الدين , فإن لم

يرهم أحد فهم غافلون عن الصلاة مضيعون لها .

ثم يبين الله لنا ا، الدليل على خرابهم النفسي وظلامهم الباطني أنك لا تجد لصلاتهم

أثرا في حياتهم الاجتماعية , بل الآثار تدل على فساد قلوبهم , لأنهم يمنعون خيرهم

عن المحتاجين إلى معونتهم ومساعدتهم ولا يقومون نحوهم بما يجب على صاحب

العقيدة الإسلامية أن يقوم به من المساعدة والإعانة لإخوانه في العقيدة والدين

والإنسانية . فأي رباط أقوى من هذا الرباط بين العقيدة السليمة والواجبات

الاجتماعية المشروعة ؟ وفي أي مذهب من مذاهب التشريعات الأرضية جعلت

الرحمة الاجتماعية , والتعاون الإنساني , والحرص على نفع الآخرين أساسا يبني

عليه تقويم الإنسان وجزاؤه ؟ ..........

إن الإسلام وحده ولا شيء سواه الذي كرم الإنسان وأنصفه . وأسبغ عليه فيوض

الرحمة قال تعالى مبين مصير من يأخذ كتابه بشماله يوم القيامة: [ خذوه فغلوه , ثم

الجحيم صلوه , _ ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه , إنه كان لا

يؤمن بالله العظيم , ولا يحض على طعام المسكين ]
........................................


ألست ترى ذلك الذي أخذ إلى جهنم في سلسلة عظيمة ثقيلة , وصبت عليه جميع

أسباب الإهانة والمذلة لم يذكر في حيثيات الحكم عليه إلا أمران ؟

1_ إنه كان لا يؤمن بالله العظيم .

2_ ولا يحض على طعام المسكين .

وعدم الإيمان بالله هو في الحكم الإسلام أكبر ذنب وأعظم جريمة , فإذا قرن به ذنب

آخر علم أن هذا الذنب مرتبته تلي مرتبة الكفر وعدم الإيمان . والذنب الذي قرن

بالكفر هنا هو: عدم الحض على طعام المسكين .....

وإنه لذنب عظيم أن تبيت الأمة وتصبح وقد ملئت من شبع بطونها , وتفنن في أنواع

الطعام والشراب مترفوها وأغنياؤها ...... وفي الأمة الإسلامية مسكين تلتهب أمعاؤه

من شدة الجوع وطوله , ويتيم ضائع لا يجد من يرعاه ويرحمه , وفقير يلملم ثوبه
الممزق ليستر به عورته , وأرملة فقدت عائلها فصارت تتغذى بدموعها , وتكتسي

بهمومها , وتنظر بعينين زائغتين لعلها تجد إنسانا تهزه إنسانيته فيرعاها , فإذا بها

تجد ذئابا تعوي لتمزقها وتقضي عليها !!!

أليس الجزاء من جنس العمل ؟ ........................... أليس هؤلاء الذين يموتون من

شدة الشبع وإنفاق الأموال ببذخ على شهواتهم بينما البطون من حولهم تعوي ,

والأجساد تتعرى , والبؤس يخيم على طائفة من الناس , هم إخوانهم في الإنسانية

وفي العقيدة ................... أليسوا يستحقون هذا الجزاء الإلهي العادل ؟ ........ إنهم

أشقوا الناس بشحهم وبخلهم فأشقاهم الله وما ظلمهم الله شيئا ولكن كانوا أنفسهم

يظلمون ..... وكما تدين تدان إنها روعة القرآن وهو يرفع من شأن الواجبات

الاجتماعية , ويجعل رتبتها تلي رتبة الإيمان , وكل ذلك الشقاء الاجتماعي حدث لأن

الإيمان قد غاب وأبعد عن خط الإصلاح .

[ فلا اقتحم العقبة . وما أدراك ما العقبة ؟ . فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة .

يتيما ذا مقربة . أو مسكينا ذا متربة . ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر

وتواصوا بالمرحمة . أولئك أصحاب الميمنة ]
هنا نجد القرآن الكريم يضع الإنسان أمام اخطر عقبة تسد عليه الطريق , وتحجبه

عن جميع أسباب النعيم والعفو والتكريم . والمعروف أن أخطر العقبات وأعصاها هو

الكفر , فالمفروض حينئذ أن يذكر القرآن الإيمان كأول بند من بنود النجاة وتخطي

هذه العقبة , ولكن الذي حدث أن القرآن لم يقدم هنا قضية الإيمان , لأنها قضية

معلوم أن شيئا غيرها لا يقبله الله تعالى حتى تتحقق هي , كما أن تقديم غيرها عليها

فيه ما يشعر بأن هذا الغير الذي ذكر كطريق للنجاة هو هدف يجب أن يقصد , وأن

نرمي بثقلنا عليه , وأن نشعر بأهميته وخطورته كما نشعر بخطورة الإيمان تماما .

والذي ذكر على أنه سبب النجاة وعصامها هو : فك رقبة " ا] تحريرها وإنقاذها من

ملكية البشر والعبودية لهم أو إطعام في يوم ذي مسغبة . يتيما ذا مقربة . أو مسكينا ذا

متربة
إن ذكر الرقبة المملوكة وإتباعها بذكر اليتيم والمسكين فيه من التناسق والتوافق مالا

يمكن أن تجده إلا في القرآن فقط ... كتاب الإعجاز والروائع الفذة فالحقيقة إن اليتم

نوع من الضعف إذا استغله القساة الظلمة , فإنه حينئذ لن يكون اقل تعذيبا لليتيم من

تملكه ...... ومثل ذلك يقال في المسكين الذي ضاقت الحياة في وجهه ومن ورائه

امرأة تتلوى عريا وجوعا , وصبيان يتساقطون كأوراق الخريف إعياء وضعفا

وصفرة وجه وغشيه مرض , والدنيا حولهم تموج بالخيرات والأرزاق ..........إن

المجتمع كله يعتبر مستعبدا لهذا المسكين ولأسرته ..... مفهوم ؟؟؟

ثم يأتي الإيمان بعد ذلك يفتح الباب أمام الأعمال والمساعدات الاجتماعية بين

المسلمين حتى يقبلها الله تعالى , وليوضح الله لعباده أن الإيمان الصادق هو الدافع

الوحيد لإنقاذ الضعفاء والمستعبدين والمحرومين ولذا يدفع المؤمنين أن يتواصوا

بالصبر على تحمل المشاق في سبيل عمل التوازن الاجتماعي المطلوب وتواصوا

بالمرحمة .. أولئك هم أصحاب الميمنة وقال تعالى مبينا حال المؤمنين الصادقين [

والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ] فإذا تفتح الإنسان بالإيمان مشاعره

, فإن له شأن آخر في المجتمع الإسلامي ....... إنه سخي اليد , رحيم بالسائل

والمحروم , مشفق من عذاب ربه فيجب أن نعرف ماهو حق اليتيم والفقير

والمسكين من المسلمين في أي مكان وبقعة مادام الرابط لا إله إلا الله محمد رسول

الله ............. مفهوم ؟؟؟