فارس النفعه
04-19-2008, 10:38 PM
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة عتيبه الرسمية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : تذاكر جماعة فيما بينهم أخبار / معن بن زائدة وما هو عليه من وفرة الحلم ولين الجانب وأطالوا في ذلك ، فقام أعرابي وآلى على نفسه أن يغضبه ، فقالوا : إن قدرت على إغضابه فلك مائة بعير ، فإنطلق الأعرابي إلى بيته وعمد إلى شاة له فسلخها ثم إرتدى إهابها جاعلاً باطنه ظاهره ثم دخل على معن بصورته تلك ووقف أمامه طافح العينين كالخليع ، تارة ينظر إلى الأرض وتارة ينظر إلى السماء ، ثم قال :
أتذكر إذ لحافك جلد شاة
= وإذ نعليك من جلد البعير
قال معن : أذكر ذلك ولا أنساه يا أخا العرب .
فقال الأعرابي :
فسبحان الذي أعطاك ملكاً
= وعلمك الجلوس على السرير
فقال معن : سبحانه وتعالى .
وقال الأعرابي :
فلست مُسَلِّماً ما عشتُ حياً
= على معن بتسليم الأمير
قال معن : إن سلَّمت رددنا عليك السلام ، وإن تركت فلا ضير عليك .
فقال الأعرابي :
سأرحل عن بلاد أنت فيها
= ولو جار الزمان على الفقير
فقال معن : إن أقمت بنا فعلى الرحب والسعة ، وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسلامة .
فقال الأعرابي وقد أعياه حلم معن :
فجد لي يابن ناقصة بمال
= فإني قد عزمت على المسير
فقال معن : أعطوه ألف دينار .
فأخذها وقال :
قليل ما أتيتَ به وإني
= لأطمع منك بالمال الكثير
فثنِّ فقد أتاك الملك عفواً
= بلا عقل ولا رأي منير
فقال معن : أعطوه ألفاً ثانياً .
فتقدم الأعرابي إليه وقبل يديه ورجليه وقال :
سألت الله أن يبقيك ذخراً
= فما لك في البرية من نظير
فمنك الجود والإفضال
= حقاً وفيض يديك كالبحر الغزير
فقال معن : أعطيناه على هَجوِنا ألفين ، فأعطوه على مدحنا أربعة آلاف .
فقال الأعرابي :
جُعِلتُ فداك ، ما فعلت ذلك إلا لمائة بعير جُعِلَت على إغضابك .
فقال معن : لا خوف عليك ، ثم أمر له بمائتي بعير ، نصفها للرهان والنصف الآخر له .
فإنصرف الأعرابي داعياً شاكراً .
وتلك قصة تعزز المعنى السامي لفضيلة الحلم ، فالحلم هو ضبط النفس عند الغضب ، والصبر على الأذى ، من غير ضعف ولا عجز ولا خور إبتغاء وجه الله تعالى وتتفاوت قدرات الناس في ضبط النفس ، والصبر على الأذى ، فمنهم من يكون سريع الإنفعال ويقابل الأذى دون النظر في العواقب ، ومنهم من يتمالك نفسه ، ويكبح جماح غضبه ، ويتحلى بالصبر والحلم ويتلمس الأعذار والمبررات لمن أساء إليه وهذا هو الرجل الحليم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب . ودائما نسمع عن الحلم ونعرف أنه من أنبل الصفات والخصال التي يحبها الله ورسوله ومعن بن زائدة : هو معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر الشيباني ــ أبو الوليد ــ من أشهر أجواد العرب , وأحد الشجعان الفصحاء , أدرك العصرين الأموي والعباسي ’ ولي سجستان وأقام فيها مده , قتل غيلة سنة ( 151 هـ ـ 768 م ).وهو أحد أبطال الإسلام ، وعين الأجواد .وقد ولى سجستان ووثب عليه خوارج وهو يحتجم فقتلوه فقتلهم ابن أخيه يزيد بن مزيد الأمير في سنة اثنتين وخمسين ومائة وقيل : سنة ثمان وخمسين . ومن قصصه أن أهدر الخليفة المهدي- ثالث خلفاء بني العباس- دم رجل كان يعمل ضده ، وجعل الخليفة جائزة كبيرة لمن يأتي به حيا أو ميتا ، وظل هذا الرجل وقتا غير قصير خائفا مختفيا عن الأنظار . وذات مرة كان يسير في أحد شوارع مدينة بغداد متنكرا فرآه رجل كان يعرفه فأمسك به وأخبره بأن الخليفة يبحث عنه ، واجتمع بعض المارة في الطريق حوله ، وكان منهم معن بن زائدة فطلب الرجل من معن أن يجيره فأجاره ، وطلب من رجاله أن يحملوه إلى المنزل ، فغضب الرجل الذي أمسك به ، وأخبر معن بن زائدة بأن عمله هذا تحدٍّ لرغبة الخليفة ، وأنه سيخبر الخليفة فأجابه معن بأن يذهب إلى الخليفة ويخبره بأن الرجل المطلوب أجير من معن . ذهب الرجل إلى الخليفة المهدي وأخبره بما حدث ، فأرسل الخليفة رسوله ليحضر معن بن زائدة . ركب معن دابته ، ونبه على رجاله أن لا يفرطوا في الرجل وفيهم عين ترى . ولما دخل معن على الخليفة المهدي سلم ، ولكن المهدي أبى أن يرد عليه السلام وعاتبه لأنه يحمي ويجير رجلا عصى الخليفة . فرد معن بأنه كان مخلصا للخليفة في أمور كثيرة ، أفلا يكون أهلا لأن يهب له رجلا استجار به ؟ فرفع الخليفة رأسه وقال : لقد أجرنا من أجرت يا معن . وقد استدعاه المنصور العباسي لقتال الخوارج في خراسان فتبعه رجلان من خوارج حضرموت وقتلاه في الطريق ثارا لأبيهما عام 151هجريه وفي ذلك يقول / عبدالرحمن بن يونس الأجعدي شعرا عتد مقتل معن بن زائده :
يا معن أصبحت في بيداء مظلمة
= من بعد ما كنت بين الناس مختالا
حتى أتاك ابن عمرو في أطامرة
= من شربة جعلت في الصدر أنكالا
وكان معن بن زائدة معروفا بالكرم ، فلما ولي اليمن قصده الشاعر ( مروان بن أبي حفصه ) ومدحه بالقصيدة النونية المشهورة فأعطاه ألف دينار . وقدم ( معن ) عقب ذلك فدخل على المنصور ، فتجهم له المنصور ولم يرحب بمقدمه ، ودارت بينهما هذه المحاورة :
المنصور :
لقد بلغ أمير المؤمنين عنك شيء لولا مكانك عنده ورأيه فيك لغضب عليك !
معن :
وما ذاك يا أمير المؤمنين ؟
المنصور :
إعطاؤك مروان بن أبي حفصة ألف دينار لقوله فيك :
معن بن زائدة الذي زيدت به
= شرفا إلي شرف بنو شيبان
إن عد أيام الفعال فإنما
= يوماه يوم ندي ويوم طعان
معن :
والله يا أمير المؤمنين ما أعطيته ما بلغك لهذا الشعر . وإنما أعطيته لقوله :
مازلت يوم الهاشمية معلنا
= بالسبت دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وفاءه
= من وقع كل مهند وسنان
المنصور ( وقد غلبه الحياء ) إذن إنما أعطيته ما أعطيته لهذا القول !
معن :
نعم يا أمير المؤمنين ، والله لولا مخافة الشنعة عندك لأمكنته من مفاتيح بيوت الأموال وأبحته إياها .
المنصور :
لله درك من أعرابي ، ما أهون عليك ما يعز علي الرجال وأهل الحرم ! وتلك صورة مشرفة جميلة لرجال عرفوا معني الرجولة في المواقف الصعبة ، وعرفوا معني الوفاء عند الوفاء ، وعرفوا أن لكل مقام مقال . منقول بتصرف وأنت سالم وغانم والسلام .
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة عتيبه الرسمية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : تذاكر جماعة فيما بينهم أخبار / معن بن زائدة وما هو عليه من وفرة الحلم ولين الجانب وأطالوا في ذلك ، فقام أعرابي وآلى على نفسه أن يغضبه ، فقالوا : إن قدرت على إغضابه فلك مائة بعير ، فإنطلق الأعرابي إلى بيته وعمد إلى شاة له فسلخها ثم إرتدى إهابها جاعلاً باطنه ظاهره ثم دخل على معن بصورته تلك ووقف أمامه طافح العينين كالخليع ، تارة ينظر إلى الأرض وتارة ينظر إلى السماء ، ثم قال :
أتذكر إذ لحافك جلد شاة
= وإذ نعليك من جلد البعير
قال معن : أذكر ذلك ولا أنساه يا أخا العرب .
فقال الأعرابي :
فسبحان الذي أعطاك ملكاً
= وعلمك الجلوس على السرير
فقال معن : سبحانه وتعالى .
وقال الأعرابي :
فلست مُسَلِّماً ما عشتُ حياً
= على معن بتسليم الأمير
قال معن : إن سلَّمت رددنا عليك السلام ، وإن تركت فلا ضير عليك .
فقال الأعرابي :
سأرحل عن بلاد أنت فيها
= ولو جار الزمان على الفقير
فقال معن : إن أقمت بنا فعلى الرحب والسعة ، وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسلامة .
فقال الأعرابي وقد أعياه حلم معن :
فجد لي يابن ناقصة بمال
= فإني قد عزمت على المسير
فقال معن : أعطوه ألف دينار .
فأخذها وقال :
قليل ما أتيتَ به وإني
= لأطمع منك بالمال الكثير
فثنِّ فقد أتاك الملك عفواً
= بلا عقل ولا رأي منير
فقال معن : أعطوه ألفاً ثانياً .
فتقدم الأعرابي إليه وقبل يديه ورجليه وقال :
سألت الله أن يبقيك ذخراً
= فما لك في البرية من نظير
فمنك الجود والإفضال
= حقاً وفيض يديك كالبحر الغزير
فقال معن : أعطيناه على هَجوِنا ألفين ، فأعطوه على مدحنا أربعة آلاف .
فقال الأعرابي :
جُعِلتُ فداك ، ما فعلت ذلك إلا لمائة بعير جُعِلَت على إغضابك .
فقال معن : لا خوف عليك ، ثم أمر له بمائتي بعير ، نصفها للرهان والنصف الآخر له .
فإنصرف الأعرابي داعياً شاكراً .
وتلك قصة تعزز المعنى السامي لفضيلة الحلم ، فالحلم هو ضبط النفس عند الغضب ، والصبر على الأذى ، من غير ضعف ولا عجز ولا خور إبتغاء وجه الله تعالى وتتفاوت قدرات الناس في ضبط النفس ، والصبر على الأذى ، فمنهم من يكون سريع الإنفعال ويقابل الأذى دون النظر في العواقب ، ومنهم من يتمالك نفسه ، ويكبح جماح غضبه ، ويتحلى بالصبر والحلم ويتلمس الأعذار والمبررات لمن أساء إليه وهذا هو الرجل الحليم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب . ودائما نسمع عن الحلم ونعرف أنه من أنبل الصفات والخصال التي يحبها الله ورسوله ومعن بن زائدة : هو معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر الشيباني ــ أبو الوليد ــ من أشهر أجواد العرب , وأحد الشجعان الفصحاء , أدرك العصرين الأموي والعباسي ’ ولي سجستان وأقام فيها مده , قتل غيلة سنة ( 151 هـ ـ 768 م ).وهو أحد أبطال الإسلام ، وعين الأجواد .وقد ولى سجستان ووثب عليه خوارج وهو يحتجم فقتلوه فقتلهم ابن أخيه يزيد بن مزيد الأمير في سنة اثنتين وخمسين ومائة وقيل : سنة ثمان وخمسين . ومن قصصه أن أهدر الخليفة المهدي- ثالث خلفاء بني العباس- دم رجل كان يعمل ضده ، وجعل الخليفة جائزة كبيرة لمن يأتي به حيا أو ميتا ، وظل هذا الرجل وقتا غير قصير خائفا مختفيا عن الأنظار . وذات مرة كان يسير في أحد شوارع مدينة بغداد متنكرا فرآه رجل كان يعرفه فأمسك به وأخبره بأن الخليفة يبحث عنه ، واجتمع بعض المارة في الطريق حوله ، وكان منهم معن بن زائدة فطلب الرجل من معن أن يجيره فأجاره ، وطلب من رجاله أن يحملوه إلى المنزل ، فغضب الرجل الذي أمسك به ، وأخبر معن بن زائدة بأن عمله هذا تحدٍّ لرغبة الخليفة ، وأنه سيخبر الخليفة فأجابه معن بأن يذهب إلى الخليفة ويخبره بأن الرجل المطلوب أجير من معن . ذهب الرجل إلى الخليفة المهدي وأخبره بما حدث ، فأرسل الخليفة رسوله ليحضر معن بن زائدة . ركب معن دابته ، ونبه على رجاله أن لا يفرطوا في الرجل وفيهم عين ترى . ولما دخل معن على الخليفة المهدي سلم ، ولكن المهدي أبى أن يرد عليه السلام وعاتبه لأنه يحمي ويجير رجلا عصى الخليفة . فرد معن بأنه كان مخلصا للخليفة في أمور كثيرة ، أفلا يكون أهلا لأن يهب له رجلا استجار به ؟ فرفع الخليفة رأسه وقال : لقد أجرنا من أجرت يا معن . وقد استدعاه المنصور العباسي لقتال الخوارج في خراسان فتبعه رجلان من خوارج حضرموت وقتلاه في الطريق ثارا لأبيهما عام 151هجريه وفي ذلك يقول / عبدالرحمن بن يونس الأجعدي شعرا عتد مقتل معن بن زائده :
يا معن أصبحت في بيداء مظلمة
= من بعد ما كنت بين الناس مختالا
حتى أتاك ابن عمرو في أطامرة
= من شربة جعلت في الصدر أنكالا
وكان معن بن زائدة معروفا بالكرم ، فلما ولي اليمن قصده الشاعر ( مروان بن أبي حفصه ) ومدحه بالقصيدة النونية المشهورة فأعطاه ألف دينار . وقدم ( معن ) عقب ذلك فدخل على المنصور ، فتجهم له المنصور ولم يرحب بمقدمه ، ودارت بينهما هذه المحاورة :
المنصور :
لقد بلغ أمير المؤمنين عنك شيء لولا مكانك عنده ورأيه فيك لغضب عليك !
معن :
وما ذاك يا أمير المؤمنين ؟
المنصور :
إعطاؤك مروان بن أبي حفصة ألف دينار لقوله فيك :
معن بن زائدة الذي زيدت به
= شرفا إلي شرف بنو شيبان
إن عد أيام الفعال فإنما
= يوماه يوم ندي ويوم طعان
معن :
والله يا أمير المؤمنين ما أعطيته ما بلغك لهذا الشعر . وإنما أعطيته لقوله :
مازلت يوم الهاشمية معلنا
= بالسبت دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وفاءه
= من وقع كل مهند وسنان
المنصور ( وقد غلبه الحياء ) إذن إنما أعطيته ما أعطيته لهذا القول !
معن :
نعم يا أمير المؤمنين ، والله لولا مخافة الشنعة عندك لأمكنته من مفاتيح بيوت الأموال وأبحته إياها .
المنصور :
لله درك من أعرابي ، ما أهون عليك ما يعز علي الرجال وأهل الحرم ! وتلك صورة مشرفة جميلة لرجال عرفوا معني الرجولة في المواقف الصعبة ، وعرفوا معني الوفاء عند الوفاء ، وعرفوا أن لكل مقام مقال . منقول بتصرف وأنت سالم وغانم والسلام .