المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لغة الدم، اللعنة، والكارثة..!؟


أحـمـد الـروقـي
01-02-2008, 10:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في بداية عصر الانقلابات العسكرية التي شهدها الوطن العربي مدشناً بثورة حسني الزعيم في سوريا، كنا نتألم، ونفجع، ونصاب بشيء من العطب - مهما كان موقفنا من الاشخاص - بأن كل ثورة تبدأ أيامها، بل ساعاتها الاولى بالاعتقالات، وزج المسؤولين السابقين بعد البلاغ الأول في السجون، والزنزانات، والأقبية، بحيث تجردهم من كل كرامة إنسانية، وتلاحق أسرهم، وربما معارفهم، وفي حالات سيئة تشكل محاكم عبثية غبية وبليدة ومضحكة لمحاكمتهم (نتذكر محكمة المهداوي!!) والحكم عليهم في جلسة لا تستغرق دقائق بالقتل شنقاً، أو رمياً بالرصاص، لا فرق، تعددت الأسباب والموت واحد..!؟
هكذا كانت ثقافة العسكر، ولا تزال وإن اختلفت الأساليب، والخطط، وتطورت الوسائل، وتعددت الطرق، بحيث لم يعد في بلدان الوطن العربي التي شهدت الانقلابات حاكماً سابقاً، أو زعيماً أسبق، أو مسؤولاً يتعاطى الحياة ولو بإشفاق، وذل، وانكسار..!؟

كل ثورة تلغي ما قبلها، تستبيح الحياة، والناس، والجغرافيا، والتاريخ، والإرث، ومقومات الإنتاج، والعطاء، والنمو، والتنمية وتعيد الزمن، والبشر إلى درك من الانحطاط، والتخلف، والرعب، والانكسار، والذل، والانشغال باتقاء الجواسيس، وتجنب دروب المعتقلات، والسجون، وأنواع التعذيب، والقهر، والموت في عيون الأطفال الذين يكبرون - إذا كبروا..!! - في حالة ذل، ورعب، وأمراض نفسية، وإعاقات جسدية بسبب نقص الغذاء، والدواء، وكل هذا يتم باسم العروبة، والنهضة العلمية، والفكرية، ومحاربة التخلف، والجهل..!؟

هكذا كانت الصورة منذ أن عرف الوطن العربي عصر انقلابات العسكر، وخروجهم من الثكنات إلى كراسي الحكم، والقرار، وتطاولهم على صناعة مستقبلات الشعوب، وصياغة واقع الإنسان.

كنا نتألم من هذا الوضع..

وكنا نمارس، ونعايش وجعاً قاتلاً، ومدمراً، إذ ليس بهذه الصورة، والسلوك، والفعل، والممارسة تُبنى الأوطان، وتصنع نهضة الأمم والشعوب، وتتحقق الطموحات، والأهداف، والأحلام بمستقبلات مشرقة تحت الشموس، وتجعل إنسان هذه الأمة منتجاً، خلاقاً مبدعاً، مشاركاً في عملية التحديث، والتطوير، والفعل النهضوي، الأمر الذي أجبر الكثير من العقول العربية على الهجرة، والبحث عن مرافئ الأمان، ومناخات الإنتاج، وفضاءات الإبداع.. والخلق. وتحقيقهم نجاحات مبهرة في مراكز البحث، والجامعات، ومعامل الابتكار العلمي، ومؤسسات صناعة القرار السياسي، والاقتصادي، والمعرفي، والتربوي في الغرب.

ومع هذا، مع هذا كله لم تتغير الأفكار..؟؟

تغيرت الأساليب..

الحوار بالدم هو ثقافة حكم العسكر في الوطن العربي.

تصفية من يعارض في الرأي، أو لديه نهج آخر في البناء، والبرامج، والرؤية. هو مسلك.

خذوا لبنان مثلاً، خذوا العراق، خذوا باكستان، لنأخذ أكثر من جغرافيا في الوطن العربي..

إنها كارثة، بل هي لعنة، لعنة حُكم، ومفاهيم، وثقافة العسكر..

واحسرتاه..!؟

( تحياتي للجميـع )