عدنان
12-09-2007, 06:02 PM
^ المناخ هو الحرب فسمي الأجتماع للحرب مناخاً من اناخة الابل يومين أو ثلاثة في مراحها وقت المعارك خشية عليها أن تؤخذ (راجع صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من أخبار ، محمد ابن بليهد ، الجزء الثاني صفحة 114)
^ تاريخ الفاخري المتوفي 1860م (وفيها مناخ الرضيمة بين بني خالد وأتباعهم من عنزة وسبيع ، وبين مطير وأتباعهم من العجمان وغيرهم . فكانت على بني خالد وأتباعهم وانكسروا وأخذت محلّته وقتل قتلى من أعيانهم حباب بن قحيصان من مطير ، مغيلث بن هذال من الآخرين من عنزة )
^ عنوان المجد في تاريخ نجد ابن بشر المتوفي 1871م(وفي هذه السنة مناخ الرضيمة المشهور ، وهو موضع معروف في العرمة ، بين فيصل الدويش وأتباعه من مطير والعجمان وغيرهم من العربان ، وبين ماجد بن عريعر وأتباعه من بني خالد وغيرهم من عنزة وسبيع وغيرهم . ووقع بينهم مناخ طويل ، وقتال بين الخيالة والرجالة ، ثم زحفَتْ الجموع على الجموع وتضاربت الفرسان وتعانقت الشجعان ، وحصل قتال شديد يشيب من هوله الوليد ، فانهزمتْ بنو خالد وأتباعهم ، وحازوا من الأموال والحلي والأقماش والبز والأمتعة الفاخرة شيء كثير وقتل عدّة قتلى من الفريقين ، قُتل من عنزة : مغيليث ابن هذال ، وقُتل من مطير : حباب بن قحيصان رئيس البرزان جليس سعود بن عبدالعزيز )
^ مطالع السعود في أخبار داود عثمان بن سند البصري المتوفي عام1826 (ومما وقع في تلك السنة (سنة 1238هـ) ما شاع وذاع خبره من أنتصار الدويش على بني خالد بعدما ضاقت به الوهاد والفدافد وفر عنهم المرة بعد المرة وأستعفاهم فأبى ماجد الا قهره فلما علم أنهم عليه زحفوا أنهزم ليرجعوا عنه ويقفوا فلم يزالوا يقصون أثره وهو راكب هروبه وحذره حتى الجأوه الى مكان لا يمكنه الفرار الا أنه على ماء وهم على غير ماء للاغترار فما زالت الفرسان ترخي في المطاردة والعنان وتخضب من الاقران القاضب والسنان والغلبة لبني خالد في الظاهر على المطيريين فكان من قدر القادر أن الخالديين لما على غير ماء نزلوا أضر بهم العطش فتضعفوا وتزلزلوا وكانت عليهم الدبرة وتيقنوا أذ ذاك أن لا تنفع الكثرة وقد بلغني عن ثقات أن محمدا خالفه ماجد ، في رأيه يدرك خطأه الصغير فضلا عن الكبير الناقد فغنم آل مطير أموالا جمة وعظمت لهم في البادية الحرمة ولو أطاع ماجد أخاه وقبل رأيه وأرتضاه لما قهره عداه ولكن بالقدر خالفه ، ففقد تالده وطارفه لما أشتهر أن أستشارة الكبير ، وقبول رأيه حزم وتدبير وقتل في هذا اليوم المسمى بيوم الرضيمة من كبار العرب حباب أحد الفرسان من مطير وأحد سادة البرزان قتله مشعان أبن مغيلث أحد سادات آل هذال البطن المعروف من عنزة وممن قتل في ذلك اليوم مغيلث أبو مشعان ومن سادات بني خالد دجين أبن ماجد بن عريعر بسراية جراحه أصابته ذلك اليوم) كما قتل خزيم بن لحيان من السهول قتلة ماجد بن عريعر.
^ تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق ، عبد الله بن محمد البسام المتوفي 1927 (وفي رجب من هذه السنه مناخ الرضيمة الموضع المعروف في العرمة بين فيصل بن وطبان الدويش شيخ عربان مطير ومعه العجمان وغيرهم وبين ماجد بن عريعر آل حميد شيخ بني خالد ومعه عنزة وسبيع وأقاموا في مناخهم ذلك عدة ايام يغادون القتال ويراوحونه طرادا على الخيل ثم انهم مشى بعضهم على البعض واقتتلوا قتلا شديدا وصارت الهزيمة على بني خالد وأتابعهم وقتل عدة رجال من الفريقين وقتل من مشاهر عنزة في هذه الوقعة مغيلث بن هذال ومن مشاهير مطير حباب بن قحيصان شيخ البرزان)
هذي مقالات عبدالله الصالح العثيمين :
قراءة في كتاب (تاريخ قبيلة العجمان): دراسة وثائقية
عبدالله الصالح العثيمين
المقالة الاولى:1
لقد دُوّنت كتابات كثيرة عن تاريخ المملكة العربية السعودية، سواء قبل اتخاذها هذا الاسم أو بعد اتخاذها إيّاه, ومن هذه الكتابات ما تناولت تاريخ الدولة السعودية العام مركِّزة على أعمال قادتها، ومنها ما تناولت موضوعاً خاصاً من ذلك التاريخ، أو تاريخ منطقة من المناطق التي وحدتها تلك الدولة، أو تاريخ قبيلة من القبائل التي دخلت تحت حكمها, ويأتي الكتاب الذي تتحدّث عنه هذه القراءة في إطار النقطة الأخيرة مما سبق ذكره, وهو تاريخ لقبيلة من قبائل وطننا الكريمة التي لها ما لها من دور ومكانة, والتي اشتهرت بالشجاعة وقوة الشكيمة, وكان رئيسها الفارس الشاعر، راكان بن حثلين، قد بلغ أوج شهرته في العقدين الأخيرين من القرن الثالث عشر الهجري، وبلغ من إعجاب بعض الناس بفروسيته وشاعريته أن أعداداً من حاضرة الوطن بدأوا في الثلاثين سنة الماضية يسمّون أبناءهم باسمه.
صدر الكتاب عن ذات السلاسل في الكويت عام 1419ه, ويتكوّن من 184 صفحة، مشتملاً على مقدمة قصيرة، وأربعة فصول مختلفة الطول، وملاحق، وقائمة بالمصادر والمراجع, وقد وضع على غلاف الكتاب ما يفيد بأنه تأليف كل من الدكتور سلطان بن خالد بن حثلين الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الاسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والدكتور زكريا كورشون الأستاذ المشارك في التاريخ الحديث بجامعة مرمرة, غير أنه قد ورد في مقدمة الكتاب ما يضع علامة استفهام حول كون الدكتور كورشون مشاركاً في تأليفه, فقد ورد (ص 11):
وقد كان لجهود الدكتور التركي زكريا كورشون وبعض مساعديه دور كبير في استخراج العديد من الوثائق استفدنا منها في هذه الدراسة .
وورد (ص 10):
ويأتي ضمن الأسباب التي حفزت الباحث على القيام بهذه الدراسة التساؤلات العديدة التي أثيرت حول أسر الأمير راكان بن فلاح بن حثلين .
كما ورد (ص 11):
استفاد الباحث من مسودة الشيخ عبدالله بن فهد الدامر .
وختمت المقدمة بذكر اسم الدكتور سلطان بن حثلين وحده,
فهل كان الدكتور كورشون أحد مؤلفي الكتاب كما يفيد الغلاف أو كان دوره استخراج الوثائق التي استفيد منها في الدراسة من الأرشيف العثماني فقط، وأن المؤلف هو الدكتور سلطان بمفرده؟ ومن المعلوم لدى الكثيرين أن الدكتور سلطان من أسرة كريمة هي في طليعة قادة قبيلة العجمان.
وإذا كان لكل تأليف اهداف معينة فقد ذكرت ثلاثة أهداف لتأليف الكتاب الذي تتناوله هذه القراءة, أولها دفع الافتراءات والتهم التي كتبها بعض المؤرخين عن العجمان, وثانيها ما قيل من أن المصادر الحديثة (ومن الواضح أن المراد الدراسات الحديثة) اعتمدت في كتابتها عن تاريخ قبيلة العجمان على هذه المصادر، أي التواريخ التي اوردت الافتراءات والتهم كما يصفها من قال ذلك، ومن ثم أتى الكتاب المتناول هنا دراسة لإعادة كتابة تاريخ العجمان معتمدة على الوثائق التاريخية والمصادر المختلفة والرواة الثقات بهدف إبراز الحقيقة وتحري الموضوعية, وثالث الأهداف التساؤلات العديدة التي أثيرت حول أسر الأمير راكان بن فلاح بن حثلين,,, وتبين القصة الحقيقية لأسره .
وكان ممن وردت الإشادة في المقدمة بتعاونهم الدكتور عبدالله خلف العساف الأستاذ المساعد للغة العربية في كل من جامعة الملك فهد للبترول والمعادل وجامعة حلب، الذي قيل عنه بأنه: بذل جهداً كبيراً في المراجعة اللغوية للكتاب , ومن الواضح أن جهد الدكتور العساف لم يؤت الثمار المرجوة منه, ذلك أن الكتاب يشتمل على كثير من الأخطاء اللغوية: نحواً وأسلوباً، كما سيتضح من بعض العبارات التي سيرد شيء منها في هذه القراءة.
تناول الفصل الأول من الكتاب وهو مكوّن من عشر صفحات نسب قبيلة العجمان، وموقعهم الجغرافي، وصفاتهم, وفي اطار الحديث عن نسب القبيلة أوردت أسماء بطونها المتعددة، كما أشير إلى عدد من أسر الحاضرة المنتسبة إليها في بلدان نجد, ولعلّ ما يلفت النظر في هذا الجزء ورود كثير من الأسماء المنتهية بتاء تأنيث مربوطة بدون نقط، وورود بعض الأخطاء الإملائية الناشئة عن أخطاء نحوية، وبخاصة في الصفحة السابعة عشرة.
وفي الحديث عن موقع العجمان الجغرافي تُحدِّث في الكتاب عن سكنهم في نجران، ثم انتقالهم إلى نجد، فالأحساء, وفي ثنايا الكلام عن انتقالهم إلى نجد ما يحتاج إلى إعادة نظر، تعبيراً وتدقيقاً, فقد قيل (ص 21):
إن نزوح قبيلة العجمان (إلى نجد) على أرجح الأقوال في نهاية القرن الثاني عشر الهجري في عام 1130ه .
ومن الواضح أن العام المذكور بعيد عن نهاية ذلك القرن.
ثم قيل (ص 21):
ولا يمنع ذلك أن بعضاً من القبيلة قد نزح قبل القرن الثاني عشر، كما أشار إلى ذلك ابن بسام عن نزوح جماعة من العجمان، وتخلّف مطية محمد بن علي بن حدجة في عنيزة, وأقام عند بني خالد، وصار راعياً عندهم، ورزق بأربعة أبناء، وصار في غير وقت العمل دائم الجلوس عند باب بيته، فلقبوه أبا الحصين, فأقام عندهم حتى خرج منهم بأولاده، واشترى بلدة الرس من آل صفية (وصحتها صقيه) من بني غنيم (وصحتها من بني تميم), وكان ذلك في عام 970ه .
ولقد ورد في قائمة المراجع ذكر لعبدالله بن محمد بن بسام دون إيراد لعنوان كتابه وعنوان هذا الكتاب تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق وهو ما زال مخطوطا كما ورد ذكر لكتاب الدرر المفاخر في أخبار العرب الأواخر ، وقيل: إن مؤلفه عبدالله بن محمود بن بسام, والصحيح أن اسم مؤلف الكتاب الأخير هو محمد البسام.
ولم يُبيُّن في مقدمة الكتاب المقروء، هنا، أي المؤلفين أشار إلى ما ذكر وبالإضافة إلى هذا الخلل المنهجي، وعدم ذكر عنوان كتاب عبدالله بن بسام، والخطأ في ايراد اسم مؤلف الدرر المفاخر، فإن عبدالله بن بسام لم يشر إلى حادثة محمد بن حدجة عام 970ه، ومحمد البسام لم يشر إليها في كتابه.
على أن الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام قد أشار في كتابه عن علماء نجد الى الحادثة؛ وذلك في ترجمته للشيخ قرناس، رحمه الله، حين قال (ج 3، ص 765).
قال ابن عيسى: خرج آل صقيه المعروفون من بلد أشيقر سنة 950ه تقريباً، وتوجهوا الى القصيم، فأتوا الرس، وكان خراباً ليس به ساكن، فعمروه وسكنوه، وامتدوا فيه بالفلاحة, ثم إن محمد أبا الحصين من آل محفوظ من العجمان اشتراه منهم، وكان ذلك سنة 970ه تقريباً, وكان مقيماً في عنيزة، فانتقل بأولاده من عنيزة إلى الرس، وسكنوه .
فالذي أشار إلى الحادثة هو الشيخ الفاضل عبدالله بن عبدالرحمن البسام، الذي لم يذكر في قائمة مراجع كتاب تاريخ قبيلة العجمان, على أنه قال: إن أبا الحصين كان في عنيزة، وعنيزة في القرن العاشر كانت منفصلة عن الجناح مقر بني خالد، ولم يقل إنه كان راعياً عند بني خالد، ومما يلحظ أنه رغم ما ذكر في متن كتاب تاريخ قبيلة العجمان من أن ابن بسام هو الذي أشار إلى تلك الحادثة فإنه قد ذكر في الهامش بأن الاعتماد في هذا هو على حمد الحقيل.
ثم قيل (ص 21):
ويذكر سادلير بأن العجمان رحلوا إلى جهات الأحساء في آخر القرن الثاني عشر الهجري .
وأشير في الهامش إلى أن رحيلهم قد ذكر في صفحتي 21 و211 من كتاب سادلير، رحلة عبر الجزيرة العربية .
وبالرجوع إلى هذا الكتاب يتضح أن سادلير لم يذكر شيئاً عن الحادثة في الصفحتين المذكورتين, على أن ناشر كتابه الأستاذ سعود بن غانم الجمران العجمي ذكر في تعليقه على الكتاب (ص 211) ما يأتي: كانت مساكنهم (أي مساكن العجمان) مع أبناء عمومتهم يام في نجران، ثم زحفوا إلى نجد في حدود عام 1130ه هم وإخوانهم آل مرّة بن جشم بن يام، ثم اشتعلت الحرب بينهم وبين الأميرين محمد وماجد آل عريعر في معركة الرضيمة عام 1238ه، وهزموهما، وبسطوا يدهم على الاحساء منذ ذلك التاريخ .
وما قاله الأستاذ سعود عن بسط العجمان يدهم على الأحساء منذ عام 1238ه يحتاج إلى إعادة نظر, ذلك أن من الثابت تاريخياً أن الإمام تركي بن عبدالله انتزع الأحساء من زعماء بني خالد عام 1245ه؛ اي بعد معركة الرضيمة بسبع سنوات, على أن المهم، هنا، هو أن القول بأن سادلير قد ذكر رحيل العجمان إلى جهات الأحساء في آخر القرن الثاني عشر الهجري قول لا يقوم على أساس صحيح.
ـــــــــــ
قراءة في كتاب
تاريخ قبيلة العجمان : دراسة وثائقية(2)
عبدالله الصالح العثيمين
تناولت الحلقة الأولى من هذه القراءةبعض الملحوظات على ما ورد في مقدمة كتاب تاريخ قبيلة العجمان,, والفصل الأول منه, وتستمر القراءة لإبداء ملحوظات أخرى بدءا بالفصل الثاني المشتمل على سبع وعشرين صفحة والمعنون حلول العجمان في نجد وعلاقتهم بالدولة السعودية الأولى.
بدأ هذا الفصل بتكرار ما سبق ان ذكر عن وصول العجمان إلى نجد حوالي سنة 1130ه، ثم بذكر ما حدث من مواجهة بينهم وبين قادة الدولة السعودية الأولى، ثم بالحديث عن دخولهم تحت لواء هذه الدولة ودورهم في مساعدتها؛ هجوماً على خصومها ودفاعاً عنها, على ان الفصل لم يقتصر على تناول ما يدل عليه عنوانه؛ بل تحدث في آخره عن وصول العجمان إلى الأحساء واستقرارهم بها؛ وهو أمر لم تقع بعض حوادثه إلا بعد نهاية الدولة السعودية الأولى.
قيل (ص29):
إن عبدالعزيز بن محمد بن سعود علم وهو عائد من غزوته,, على سدير بأن جماعة من قبيلة العجمان تجاوزت على فريق من قبيلة سبيع التي دخلت في سلك الدعوة,, وقتلت منهم عدداً كبيراً، فدخل عبدالعزيز بن محمد في المعركة وقتل من العجمان خمسين رجلاً .
ومما يلحظ على الكلام السابق ان كلا من ابن غنام وابن بشر، وهما المصدران القريبان من اجواء تلك الحادثة، زمنا وصلة بقادة الدولة السعودية الأولى، لم يذكرا حدوث قتل عدد لا قليل ولا كثير لرجال من قبيلة سبيع على أيدي العجمان، وإنما ذكرا ان العجمان أخذوا فريقا من سبيع, وكلمة اخذوا لا تعني القتل, أما الفاخري, الذي قد يوهم إيراده في هامش الكتاب انه قد ذكر ذلك، فإنه لم يشر إطلاقا إلى ما وقع من العجمان على سبيع، لا أخذا ولا قتلاً، وإنما أشار فقط إلى قتل عبدالعزيز بن محمد لخمسين رجلاً من العجمان وأسره لمئتين وثلاثين منهم في مكان يقال له: قدلة.
وقيل (ص 29 30 ): إن الحسين (وصحة الاسم حسن) بن هبة الله المكرمي تربطه مع العجمان صلة النسب .
ومن المعروف ان هذا غير دقيق، وإنما توجد صلة نسب بين العجمان وبين قبائل يام التابعة للمكرمي حينذاك.
وقيل (ص31):
يبدو ان الهجوم المتكرر من حماة الدعوة السلفية على العجمان وغيرهم بهدف توسيع نطاق الدعوة دفعت العجمان إلى اللجوء مرة أخرى إلى رئيس نجران وطلب المساعدة منه, فلبى رئيس نجران الطلب، ودارت بعض المعارك في حائر (وصحتها الحائر)، ثم ضرمى .
وقد أشير في هامش تلك الصفحة وهامش الصفحة التالية لها أنه قد اعتمد في ذلك على ابن غنام وابن بشر, وما قيل، هنا، يفيد بأن سبب مجيء رئيس نجران إلى نجد عام 1189ه كان لجوء العجمان إليه وطلبهم المساعدة منه, فماذا قال كل من ابن غنام وابن بشر حقيقة؟
قال ابن غنام (ج2، ص88) ما ملخصه:
إن زيد بن زامل، رئيس الدلم، لما عجز عن مقاومة قادة الدولة السعودية، عام 1188ه، استنجد برئيس نجران، وإن ذلك الرئيس اشترط عليه أن يدفع إليه أموالا مقابل مساعدته، فالتزم زيد ان يدفع إليه ثلاثين ألف زر مقدما على ان يبعث الرئيس إليه رهائن من أعيان قومه, فلما وصلوا إلى الدلم جد زيد في تحصيل المال من أتباعه حتى كمل لديه,,الخ .
وقال ابن بشر (ج1، ص77) ما ملخصه:
إن زيد بن زامل أرسل إلى زعيم نجران يحثه على المسير لمحاربة الدولة السعودية، فأرسل إليه النجراني يستوضح عن مقدار ما سيبذل له مقابل ذلك، فبذل له ثلاثين ألف زر، وطلب زيد منه رهائن، فأرسل إليه رهائن من رؤساء قومه، فلما قدموا إليه قام زيد في تحصيل المال,, ثم حدث مسير زعيم نجران في السنة التالية (أي عام 1189ه) إلى نجد .
وبذلك يتضح ان سبب قدوم، زعيم نجران بقواته إلى نجد في العام المذكور كان استنجاد زامل بن زامل رئيس الدلم لا العجمان به، وان ذلك القدوم كان مقابل أموال دفعت من هذا الرئيس إلى ذلك الزعيم.
وقيل (ص32):
إن ابن غنام ذكر بأنه نتج عن هجوم سعود بن عبدالعزيز على العجمان في العرمة، سنة 1189ه، قتال شديد قتل فيه من الفريقين رجال، وإن ما ذكره يختلف عن قول ابن بشر الذي يفيد بأن العجمان قد هزموا وانه لم تقم لهم قائمة بعد ذلك.
والذي يرجع إلى ابن بشر (ج1، ص80) يجد أن كلامه لم يختلف جوهرا عن كلام ابن غنام لأن أغلب ما ذكره في تاريخه عن الدولة السعودية الأولى قد اعتمد فيه على سلفه, فقد قال ابن بشر عن هجوم سعود على العجمان في العرمة ما يأتي:
خرج سعود بالمسلمين، وعمد إلى ضرما، فأقام فيها أياما، ثم أغار على فرقان من أهل الجنوب (العجمان) في العرمة، وجرى بينهم طعان، وقتل من الفريقين رجال .
وعبارة ابن بشر وتفرق العجمان بعدها ولا قام لهم قائمة إنما قالها هذا المؤرخ بعد أن تحدث عن هزيمة النجراني وحلفائه في ضرما وتفرق من انضموا إليه ومنهم العجمان، ولم يقلها عند ذكره للمواجهة بين العجمان وسعود في العرمة، وبذلك يتبين اتفاق كل من ابن غنام وابن بشر جوهراً حول ما حدث في العرمة، وأن ما قيل عن اختلافها في ذلك قول غير دقيق, ولقد اجتهد في الرد على عبارة ابن بشر ولا قام لهم بعدها قائمة , وقيل: إن هذا غير صحيح بدليل بقاء العجمان أقوياء, ويبدو انه قد غاب عمن قال هذا القول ان ابن بشر قصد من عبارته التعبير عن أن العجمان بعد سنة 1189ه لم يعودوا يمثلون خطرا على الدولة السعودية الأولى التي كان الحديث يدور حولها,, ولم يقصدا انه لم تقم لهم قائمة إلى الأبد.
قيل (ص32):
إن عبدالعزيز بن محمد بن سعود حارب من لم يخضع لدولته من القبائل؛ ومنها العجمان وآل مرة مما أدى إلى استمرار المناوشات بين الفريقين منذ عام 1191ه حتى عام 1197ه .
وأشير في الهامش إلى انه قد اعتمد في ذلك على ابن غنام (ص 143 158).
وبالرجوع إلى ابن غنام في الموضعين المذكورين يتضح انه لم يرد فيهما ذكر للعجمان، بل إن المتتبع لابن غنام وابن بشر والفاخري من سنة 1190ه إلى سنة 1200ه لا يجد أي ذكر لمواجهة بين العجمان وقادة الدولة السعودية الأولى, ولعل إدراك العجمان لقوة هذه الدولة؛ وبخاصة بعد فشل حملة زعيم نجران الثانية، سنة 1189ه، أمام أتباعها في ضرما، ثم ما حققته من انتصارات تالية، كان من أسباب تفاديهم لأي وقوف ضدها, ولقد تأكدت قوة الدولة السعودية بعد توحيدها لمناطق نجد وبداية مساعيها لتوحيد منطقة الأحساء معها في بداية القرن الثالث عشر.
وإذا كان العجمان قد أدركوا قوة تلك الدولة بعد سنة 1189ه فإن ما ذكر من تأكد قوتها في مستهل القرن الثالث عشر الهجري كان على الأرجح من بين الأسباب التي أقنعتهم بأن يكونوا من بين القبائل التي انضوت تحت لوائها.
ويضاف إلى هذا السبب بطبيعة الحال أسباب أخرى؛ ومنها رجحان أنهم قد اقتنعوا بصحة الأسس التي قامت عليها الدولة السعودية.
قيل (ص33):
إن العجمان كانوا مع سعود بن عبدالعزيز بن محمد في فتح حائل سنة 1306ه , وأشير في الهامش إلى انه قد اعتمد في ذلك على ابن غانم (وهذا خطأ مطبعي، صحته ابن غنام).
وبالرجوع إلى ابن غنام في الموضع الذي أشير إلى انه ذكر الحادثة فيه يتبين أنه لم يقل ذلك.
وأي ملم بتاريخ الدولة السعودية الأولى يعلم أن بلدة حائل ومعها بلدان جبل شمر قد دخلت تحت الحكم السعودي عام 1201ه على يد الأمير حجيلان بن حمد امير القصيم, وقد أوضح ذلك كل من ابن غنام (ج2، ص130) وابن بشر (ج1،ص99100), وأصبح الأمير محمد بن علي أميراً على تلك المنطقة من قبل آل سعود من دخولها تحت حكمهم في التاريخ المذكور حتى قتله غدراً على أيدي قادة قوات محمد علي باشا سنة 1234ه, وكان، رحمه الله، من أعظم أمراء الدولة السعودية الأولى وقادتها الإداريين والحربيين.
وما دام قد أشير إلى غزوة لسعود في ذلك التاريخ فلعل من المناسب إيضاح ما حدث لإيضاح ما إذا كان ما قيل في كتاب تاريخ قبيلة العجمان صحيحاً أو دقيقاً,.
في عام 1205ه نفذ شريف مكة، غالب، أول حملة عسكرية ضد الدولة السعودية الأولى, وعندما توغلت في نجد اعتقدت فيما يبدو فئات من بعض القبائل التي كانت قد دخلت تحت حكم هذه الدولة ان ذلك الشريف سينتصر، فانضمت إليه, وكان من هذه الفئات فئات من شمر ومطير, وبعد أن فشل الشريف في تحقيق مآربه، وانسحب عائداً إلى الحجاز، اجتمعت هذه الفئات من القبيلتين المذكورتين في مكان يقال له العدوة، يبعد عن حائل شرقاً بحوالي سبعين كيلا، متوقعة ان يقوم سعود بإجراء ضدها,, وكان توقعها في محله؛ إذ هاجمها باتباعه من الحاضرة والبادية، وانتصر عليها وقتل من فرسانها سعود المطيري، الذي لقبته المصادر بحصان إبليس؛ ربما لخطره وشجاعته, ثم استنجد المنهزمون بمن حولهم من الأعراب مصممين على الثأر من سعود وأتباعه, وكان في مقدمة فرسان هؤلاء مسلط الجرباء، الذي كان متحمساً للمعركة لدرجة انه نذر ان يجشم فرسه صيوان سعود نفسه، فقتل دون تحقيق هدفه.
ولكن سعوداً ومن معه انتصروا على خصومهم مرة أخرى، وغنموا منهم غنائم كثيرة قدرها ابن غنام بأكثر من ستة آلاف بعير ومئة ألف من الغنم، وقدرها ابن بشر بأكثر من أحد عشر ألفا من الإبل ومئة ألف من الغنم, ومع أن هذين المصدرين قد ذكرا انه كان مع سعود أتباعه من الحاضرة والبادية؛ مما لا ينفي ان يكون العجمان من بين هذه البادية، فإنهما لم ينصا على ان العجمان كانوا فعلاً معه.
وكان من نتائج معركة العدوة مغادرة مطلق الجرباء، والد مسلط الذي قتل في تلك المعركة وأتباعه شمالي نجد إلى العراق، حيث استقروا فيما بعد بمنطقة الجزيرة العراقية, أما فئات مطير فإنها بقيت وظلت زمنا هدفا لهجمات سعود.
ففي السنة التالية؛ أي سنة 1206ه، كانت مع فئات من حرب هاجمها على مورد الشقرة قرب جبل شمر، وانتصر عليها, ومع احتمال ان العجمان كانوا معه فإن كلا من ابن غنام وابن بشر لم ينصا على انهم كانوا من بين قواته فعلاً, وعلى هذا فإن ما قيل عن اشتراكهم مع قوات سعود في تلك المعركة يحتاج إلى إثبات من المصادر.
وإلى اللقاء في حلقة أخرى إن شاء الله
ـــــــــــــ
قراءة في كتاب
تاريخ قبيلة العجمان: دراسة وثائقية( 4 )
د, عبدالله الصالح العثيمين
لم تتجاوز الحلقتان الثانية والثالثة من هذه القراءة الفصل الثاني من الكتاب، وعنوانه حلول العجمان في نجد وعلاقتهم بالدولة السعودية الأولى , ولعل السبب في عدم التجاوز هذا ان الفصل الثاني في نظر كاتب هذه السطور أكثر من غيره اشتمالا على ما ينبغي أن يعاد النظر فيه ليكون أكثر دقة وتمحيصا, ولهذا، أيضا، ستستمر هذه القراءة في التعليق على بقية ما ورد في الفصل المذكور.
رجع في الكتاب ص 134، ه 1 في ذكر تاريخ دخول منطقة الاحساء تحت حكم الدولة السعودية الأولى الى كتاب المؤلف البريطاني لونجرج أربعة قرون من تاريخ العراق, ولو فرض ان هذا المؤلف قد ذكر ذلك التاريخ فانه كاتب بعيد عن الحادثة ذاتها، زمناً وانتماء الى أهل المنطقة التي وقعت فيها تلك الحادثة, وكان الأجدر أن يرجع الى أول مصدر تاريخي مكتوب للدولة السعودية، وهو تاريخ ابن غنام، الذي كان مؤلفه من الاحساء نفسها وممن عاش ودرّس في الدرعية, فقد ذكر الحادثة بالتفصيل, وذكرها، أيضا، ابن بشر النجدي الذي تعلم في الدرعية.
قيل 34 :
واشترك العجمان في صد ثويني عام 1211ه فبعد انتصار جيش الدرعية في الاحساء ومكة وصحة التعبير: وعلى جيش مكة لأن السعوديين حينذاك لم يصلوا مكة ذاتها غضبت الدولة العثمانية وأرادت فتح جبهة أخرى ضد الدرعية، وأخرجت ثويني من معتقله وولته امارة المنتفق، وعهدت اليه بتجهيز حملة على نجد, حينئذ أمر سعود تعبئة جميع جيوش الأقاليم تعبئة عامة ليواجه التهديد الجديد، وعين محمد بن معيقل قائداً عاماً لهذا الجيش، ثم أمر الامام عبدالعزيز من دخل في طاعته من البوادي وهو مطير وسبيع والعجمان والسهول ان يسيروا بأموالهم وأولادهم وينزلوا على المياه التي بين الكويت والاحساء ويكونوا في وجه العدو, ثم دارت بعض المعارك, وسميت هذه الواقعة سبحة، ثم نزل سعود شمال الاحساء بعد أن قسم الغنائم .
أما اشتراك العجمان مع بقية أتباع الدولة السعودية الأولى من حاضرة وبادية فأمر لا غبار على صحته, ولكن الكلام الوارد في كتاب تاريخ قبيلة العجمان فيه من عدم الدقة ما فيه.
أ أشير في الهامش الى انه قد اعتمد في الحديث عن اعادة تولية ثويني الى رئاسة المنتفق والعهد اليه بتجهيز الحملة المذكورة على كتاب حسين خزعل حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب, وكان من الأجدر الاعتماد على ابن غنام المعاصر للحادثة، الذي تحدث عنها بالتفصيل في عشر صفحات، أو الى ابن بشر الذي رصد أحداثها في تسع صفحات.
ب قيل ان سعود بن عبدالعزيز أمر بتعبئة جميع جيوش الأقاليم تعبئة عامة, والصحيح ان الذي أمر بالتعبئة العامة ان استعمل هذا التعبير هو عبدالعزيز بن محمد نفسه، وقد نص على هذا كل من ابن غنام وابن بشر.
ج قيل: ان سعوداً عين محمد بن معيقل قائداً عاماً للجيش السعودي, وأشير في الهامش الى انه اعتمد في ذلك على فيلبي, والذي يفهم من كلام ابن غنام هو ان القائد العام كان سعود بن عبدالعزيز نفسه، وان سعوداً أرسل فريقا من جيشه تحت امرة محمد بن معيقل لينزلوا أطراف الصمان وكأنهم طليعة دفاعية, ثم نزل سعود نفسه بمن معه الحفر، وأرسل حسن بن مشاري آل سعود مع فرقة من الجيش الى وادي القرايا.
أما ابن بشر فقال: ان ابن معيقل بعد أن أرسله سعود سار بمن معه ونزلوا قرية الماء المعروف في الطف من ديرة بني خالد ، وان عبدالعزيز بن محمد أمر على العربان من مطير وسبيع والعجمان وقحطان والسهول وغيرهم من عربان نجد يحشدون بأهاليهم وأموالهم ويقصدون ديرة بن خالد ويتفرقون في أموالهم ويثبتون في وجوه هؤلاء الجنود، فحشدوا واجتمعوا فيها, ثم حشد سعود من الدرعية بشوكة من المسلمين, وسار بأهل العارض واستلحق غزو جميع البلدان، ونزل روضة التنهات، ثم الحفر,, وكان سعود قد أرسل جيشا من الحضر مع حسن بن مشاري، واستعمله أميراً على الجنود الذين مع ابن معيقل.
د قيل: أمر عبدالعزيز من دخل في طاعته من البوادي وهم مطير وسبيع والعجمان والسهول أن يسيروا بأموالهم وأولادهم وينزلوا على المياه التي بين الكويت والاحساء,.
هذه العبارة غير دقيقة لأنه قد يفهم منها أن البوادي التي كانت حينذاك في طاعة عبدالعزيز بن محمد هي القبائل الأربع المذكورة فقط, وهذا غير صحيح, ثم ان هناك قبائل أخرى غير هذه الأربع قد اشتركت في التجهز لصد الحملة, فقد نص ابن بشر على أن قبيلة قحطان وغيرها من عربان نجد كانوا بالاضافة الى القبائل الأربع المذكورة قد اشتركوا في التجهز, وقد نص ابن بشر، أيضا، على أن تلك الفئات القبلية قد أمرت أن تنزل ديرة بني خالد وتتفرق في أمواهها , وهو بذلك سمى الأمور بأسمائها المعروفة حينذاك، ولم يقل المياه التي بين الكويت والاحساء , ومن الواضح انه قد حدث خطأ مطبعي، اذ قيل: سميت هذه الواقعة سبحة , فالصحيح انها سميت سحبة ، أي انسحاب.
قيل ص 34 :
يتضح من ذلك أن طلائع العجمان وصلت منطقة الاحساء منذ اشتراكهم مع عبدالله بن معيقل في فتح الاحساء عام 1208ه، ثم اشتراكهم مع الجيش السعودي ضد الحملة التركية التي قادها ثويني عام 1211ه, وبعد هذه الفترة أخذ العجمان يتطلعون الى الاستقرار في هذه المنطقة .
ومما يؤخذ على الكلام السابق ما يأتي:
أ أن سعود بن عبدالعزيز نفسه هو الذي قاد الجيوش، ودخل الاحساء عام 1207ه، ووضع فيها معلمين وسرية من أتباعه, لكن لما غادر المنطقة قام بعض سكان الاحساء مع زيد بن عريعر، وقتلوا أولئك المعلمين، واضطر رجال السرية الى مغادرة البلدة, وفي العام التالي قاد سعود نفسه، أيضاً، القوات السعودية، وحاصر بلدان المنطقة حصاراً شديداً، فشفع لأهلها الزعيم الخالدي، براك بن عبدالمحسن، راجيا منه أن يرحل عنهم ومؤكداً له أنه ان فعل ذلك فإنهم سيبايعون قادة آل سعود من جديد, فرحل سعود الى الدرعية, ثم دخل براك الاحساء فيما بعد مفوضاً من أولئك القادة وأميراً لهم عليها, ولم يورد المصدران المهمان في تسجيل حوادث تلك الفترة، وهما ابن غنام وابن بشر، أي ذكر لقيادة ابن معيقل، أو نص على أسماء القبائل التي اشتركت مع سعود في حملتيه.
ب ان اشتراك العجمان مع القوات السعودية في الهجوم على منطقة الاحساء وهو الاشتراك المرجح حدوثه وان لم ينص عليه ابن غنام وابن بشر لا يصلح أن يكون تاريخاً لبداية وصولهم الى تلك المنطقة, فالاشتراك في حملة موجهة الى أي منطقة أمر مختلف عن مسألة الاستقرار فيها.
وبعد ذلك استمر الحديث في الكتاب الذي تتناوله هذه القراءة عما قام به العجمان بقية عهد الدولة السعودية الأولى، وان كان هذا الحديث غير مرتب العرض, فقد أورد قيامهم بأدوار من سنة 1226ه الى سنة 1231ه في مواجهة قوات حاكم مصر العثماني، محمد علي باشا، قبل أن يورد قيامهم بأدوار في منطقة جازان بين عامي 1215ه و1220ه.
قيل ص 35 :
ان العجمان أبلوا بلاء حسناً في معركة وادي الصفراء, وأشير في الهامش الى انه قد اعتمد في هذا القول على سادلير، ص 211 , ومن المرجح أن العجمان قد أبلوا بلاء حسناً في تلك المعركة، لكن من يرجع الى كتاب سادلير، الذي أشير الى انه قد اعتمد عليه، يجد أن من ذكر بلاءهم فيها لم يكن سادلير، وانما الأستاذ الصديق سعود الحمران العجمي، الذي علق على كتاب سادلير, والدقة العلمية تقضي بأن يسند القول الى قائله.
وقد أتى الحديث في هذا الفصل عما قام به العجمان في منطقة جازان مفصلا وان اشتمل على ما يحتاج الى توثيق، وبخاصة ما يتصل بعلاقة الشريف حمود بامام اليمن, ثم ختم الفصل الثاني بذكر بداية وصول العجمان الى منطقة الاحساء واستقرارهم فيها, على ان مما يلفت النظر في عدم التقيد في هذا الفصل بالحديث عما يفهم من عنوانه، وهو علاقة العجمان بالدولة السعودية الأولى, فقد ذكر فيه حديث موجز عن معركة الرضيمة سنة 1238ه، وهي معركة حدثت بعد نهاية تلك الدولة بخمس سنوات, ويعتمد الحديث الموجز عن المعركة المذكورة في هذا الفصل على ما قاله عنها الشيخ عبدالله الدامر، أحد نبلاء العجمان, وقد ذكر ان تلك المعركة كانت أساساً بين بني خالد والعجمان، وان هاتين القبيلتين كانتا قطبي الرحمى فيها، وفي ايجاز الشيخ عبدالله لها معلومات جديرة بالتأمل.
على ان كلاً من ابن بشر والفاخري، وهما مؤرخان محليان معاصران لتلك الحادثة، قد ذكر بأن معركة الرضيمة كانت بين فيصل الدويش، زعيم مطير، ومن تحالف معه من العجمان وغيرهم وبين زعيمي بني خالد، محمد بن عريعر وأخيه ماجد، ومن تحالف معهما من عنزة وغيرها, وقد ذكر هذا، أيضاً، المؤخى الاحسائي محمد آل عبدالقادر، ولعله اعتمد على المصدرين الأخيرين, وترجيح رواية الشيخ عبدالله الدامر العجمي أو رواية ابن بشر والفاخري المعاصرين للحادثة، ومن اعتمد عليهما فيما يبدو، أمر يحتاج الى مزيد من التدقيق, على انه ينبغي أن يؤخذ في الحسبان بأنه كان هناك تنافس، في تلك الفترة، بين والي مصر ووالي العراق، وان علاقة الدويش بالأول كانت وطيدة، وعلاقة زعيمي بني خالد بالثاني كانت جيدة.
ولقد وصفت معركة الرضيمة في هامش الكتاب الذي تتناوله القراءة ص 45 بأنها كانت نصراً حاسماً للعجمان وهزيمة ساحقة لبني خالد.
وقيل ص 51 : إن بني خالد كانوا، في عام 1244ه، ما يزالون يعانون من تلك الهزيمة، فأراد الامام تركي بن عبدالله أن يجهز عليهم قبل أن تلتئم جراحهم.
والمتتبع للمصادر يخرج بانطباع مضمونه ان عدد القتلى في معركة الرضيمة لم يكن كبيرا, فالفاخري اكتفى بقوله: فكانت على بني خالد وأتباعهم وانكسروا , ولم يشر الى قتلى كثيرين أو قليلين, وابن بشر قال: وقتل عدة قتلى من الفريقين، قتل من عنزة مغيليث بن هذال، وقتل من مطير حباب بن قحيصان رئيس البرزان جليس سعود بن عبدالعزيز, وابن سند ذكر في مطالع السعود ص 230 مقتل مغيليث وحباب، كما ذكر مقتل دجين بن ماجد بن عريعر, وكلام هذه المصادر الثلاثة، التي كان مؤلفوها معاصرين للحادثة، ليس فيه ما يرجح بأن القتلى كانوا كثيرين، وانما كسب المنتصرون غنائم كثيرة.ومن الواضح ان زعماء بني خالد بدؤوا يضعفون بعد سنة 1240ه ليس لأنهم هزموا هم وحلفاؤهم في معركة الرضيمة قبل ذلك بسنتين، بل لأن أقاليم نجد كلها، اضافة الى معظم باديتها، قد أصبحت تحت حكم الامام تركي بن عبدالله، الذي كان الزعماء الخالديون ضده حينذاك، بل ان جهات مما أصبح الآن دولة الامارات العربية المتحدة قد دخلت طوعاً تحت حكم تركي بن عبدالله سنة 1244ه, وبالاضافة الى ذلك العامل الأهم فان زعماء بني خالد كانوا يواجهون قوة رحمة بن جابر على ساحل المنطقة التي كانوا يحكمونها, وكانت قوة رحمة قوة لا يستهان بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة في كتاب
تاريخ قبيلة العجمان: دراسة وثائقية
عبدالله الصالح العثيمين
كنا قد نشرنا الحلقة الرابعة من دراسة الدكتور العثيمين قبل الحلقة الثالثة وهذا خطأ يستوجب التنويه عنه لمن يعتقد ان الحلقة الثالثة قد نشرت ولم يتسن له الاطلاع عليها الجزيرة ,
تناولت الحلقة الثانية من هذه القراءة الجزء الاكبر من الفصل الثاني للكتاب وعنوانه حلول العجمان في نجد وعلاقتهم بالدولة السعودية الاولى وتستمر القراءة في هذه الحلقة متناولة هذا الفصل.
قيل ص 33 :
أما في التوسع السعودي نحو الغرب فيذكر ابن بشر انه في عام 1208ه سار عبدالله بن محمد بن معيقل صاحب بلد شقراء بأهل الوشم وتبعه جيش من السهول ومطير وبوادي العجمان الجميع نحو ست مئة مطية، وقصدوا ناحية الحجاز، فأغاروا على قبائل من بوادي عتيبة وهم في أرض البغث الجبل المعروف في ركبة ووقع بينهم قتال شديد، وانهزم الجيش السعودي ثم دارت المعركة مرة اخرى فانتصروا وارسل عبدالله الأموال والابل، ارسل اخماسها الى الدرعية,وقد ذكر في الهامش انه قد اعتمد في ذلك على ابن بشر، وقيل: ان العجمان دخلوا في الدعوة أي دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومن ثم دخلوا تحت الحكم السعودي عام 1205ه استنادا على قول سادلير في كتابه رحلة عبر الجزيرة العربية .
ومما يؤخذ على الكلام السابق ما يأتي:
انه قد خلط بين غزوتين وأظهرتا وكأنهما غزوة واحدة وما ذكره ابن بشر هو ان عبدالله بن محمد بن معيقل صاحب بلد شقراء سار عام 1208ه، بأهل الوشم ومعه جيش من عربان السهول ومطير وبوادي العجمان الجميع ست مئة مطية، وأمرهم عبدالعزيز بن محمد بن سعود يقصدون ناحية الحجاز فأغار على عربان عتيبة وهم بأرض البغث الجبل المعروف في ارض ركبة ووقع بينهم قتال شديد فوقع في الغزو هزيمة واخذ العدو من ركابهم مئة وقتل من الغزو رجال وقتل من عتيبة عدد كبير.
والملحوظ ان ابن غنام وهو اقدم من ابن بشر وأقرب الى سير أحداث الدولة السعودية الاولى لم يذكر الحادثة وكذلك لم يذكرها الفاخري المعاصر لابن بشر.
ثم ذكر ابن بشر غزوة ثانية في عام 1208ه قائلا:
وفيها سار محمد بن معيقل بأهل الوشم وسدير ومعه كثير من عربان قحطان ومطير وبني حسين وكثير من الدواسر والسهول وغيرهم فسار محمد الى عالية نجد فأغار على عربان من بني هاجر ورئيسهم يومئذ ناصر بن شري وهم نازلون في الحزم الراقي بين الذنايب والثعل ونازلهم فوقع بينهم قتال شديد وانهزم بنو هاجر وقتل منهم عدة قتلى منهم رئيسهم ناصر واخذ جميع اموالهم من الابل والغنم والازواد ما يخرج عن العد والاحصاء وعزل محمد بن معيقل خمس الغنيمة وارسلها الى عبدالعزيز وقسم باقيها في غزوه.
وبذلك يتبين ان ابن بشر قد اشار الى غزوتين الاولى ذكر ان رئيسها عبدالله بن معيقل وكانت موجهة ضد فئات من عتيبة في ارض ركبة وكان من بين الغزاة السعوديين العجمان والثانية ذكر ان رئيسها محمد بن معيقل وكانت موجهة ضد فئات من بني هاجر بين الذنايب والثعل ونتج عنها قتل رئيسهم واخذ أموال منهم ارسل خمسها الى الدرعية ونص في هذه الغزوة على اشتراك عربان من قحطان ومطير وبني حسين والدواسر والسهول لكن لم ينص على اشتراك العجمان فيها.
على انه مما يلفت النظر ان ابن غنام الذي لم يذكر الغزوة الاولى قال عن الغزوة الثانية ما ملخصه:
وفيها أي سنة 1208ه غزا هادي بن قرملة رئيس قحطان ومعه محمد ابن معيقل واهل الوشم ومطير وعربان كثيرة من البدوان,, فصبح عربانا كثيرة من البقوم وبني هاجر,, فقتل ناصر بن شري,, وأخذ المسلمون منهم نحو ثلاثة آلاف من الابل.
وحسب قول ابن غنام هذا كان لهادي بن قرملة رئيس قحطان دور كبير في الغزوة وكان لمطير دور مهم بين فئات القبائل الاخرى والا لما نص عليها وحدها ومن المحتمل ان العجمان كانوا مع محمد بن معيقل في الغزوة الثانية لكن ابن غنام لم يذكر مشاركتهم وابن بشر الذي نص على مشاركتهم في الغزوة الاولى لم ينص على اشتراكهم في الغزوة الثانية مع انه اشار الى اشتراك قحطان ومطير وبني حسن والدواسر والسهول, ومن المحتمل انهم قد اشتركوا في هذه الغزوة وانهم داخلون ضمن المعبر عنهم بكلمة غيرهم لكن عدم النص على اشتراكهم يوحي بأن دورهم ان كانوا قد اشتركوا لم يكن مثل ادوار من نص على اشتراكهم من القبائل الاخرى.
أما ما قيل في هامش كتاب تاريخ قبيلة العجمان من انهم دخلوا في الدعوة سنة 1205ه عزوا الى قول لسادلير فانه بالرجوع الى ذلك الكتاب ص 211 يتضح ان الذي قال هذا لم يكن سادلير وانما المعلق على كتابه الاستاذ الصديق سعود بن غانم الجمران العجمي ناسبا ذلك الى كتاب لمع الشهاب دون ذكر لموضع ما قاله.
وبالرجوع الى كتاب اللمع الذي لا يعتمد على كثير مما قاله يتضح انه لم يذكر متى دخل العجمان في دعوة ابن عبدالوهاب وانما اشار فقط الى انهم كانوا مع سعود في هجومه على فئات مطير وشمر سنة 1205ه ولا يعني كونهم معه في ذلك الهجوم انهم لم يدخلوا في الدعوة الا تلك السنة.
ثم قيل ص 33 :
وفي العام نفسه 1208ه اشتركوا أي العجمان مع عبدالله بن محمد ابن معيقل في التوسع صوب الشرق وفتح الاحساء حيث سار بهم الى عالية نجد وأغاروا على بوادي بني هاجر الذين انهزموا وقتل قائدهم كما شاركوا عبدالله بن محمد بن معيقل بجيشه عند توجهه الى دومة الجندل وقرى تلك الناحية,ولا يخفى على القارئ الكريم ما في الكلام السابق من عدم دقة فهناك فرق بين جهة الشرق وعالية نجد على ان المهم هنا هو ان ابن بشر ذكر ان الهجوم على بني هاجر كان قائده محمد بن معيقل لا عبدالله وانه لم ينص على اشتراك العجمان في ذلك الهجوم وماذا عن حادثة دومة الجندل؟
قال ابن بشر عن تلك الحادثة:
وفيها اي سنة 1208ه امر عبدالعزيز على اهل الوشم والقصيم وجبل شمر ينفرون غزاة مع امرائهم فسار اهل الوشم مع محمد بن معيقل واهل القصيم مع محمد بن عبدالله آل حسن واهل الجبل مع اميرهم محمد بن علي وامرهم يسيرون الى دومة الجندل,, وامير الجميع محمد بن معيقل فسار الجميع وقصدوا الناحية، ونازلوا اهلها، وأخذوا منها ثلاث بلدان، ثم حاصروا الباقين، وقتلوا منهم عدة قتلى، فلم يزالوا محاصرين لها حتى بايعوا على دين الله ورسوله والسمع والطاعة وقتل من الغزو رجال منهم عمهوج المعرقب من مطير.
ذلك ما قاله ابن بشر ومن الواضح انه قد ذكر بأن الغزوة الموجهة الى دومة الجندل الجوف كانت بقيادة محمد بن معيقل لا عبدالله، وانه لم يشر الى اشتراك العجمان فيها وقد أشار ابن غنام الى تلك الغزوة، لكنه قال: وفيها أي سنة 1208ه غزا محمد بن معيقل مع اهل الوشم واهل القصيم واهل الجبل,, الخ وظاهر كلامه انه لم يكن للبادية دور يذكر في تلك الغزوة, وكان مما اختلف فيه مع ابن بشر انه نص على ان بني سراح من اهل الجوف لم ينقادوا لطاعة آل سعود في الغزوة المذكورة.
ثم قيل ص 33 34 :
واستمر العجمان في مساعدة سعود بن عبدالعزيز في توسيع نطاق الدعوة الاصلاحية ففي عام 1209ه غزا سعود بن عبدالعزيز اطراف الحجاز عندما جهز الشريف غالب جيشا بقيادة الشريف فهيد، وهاجم هادي بن قرملة رئيس بوادي قحطان الموالية للدرعية وانهزم جيش ابن قرملة، فأرسلت الدرعية عدة جيوش متحدة من عدة قبائل مثل عتيبة ومطير والدواسر والسهول وسبيع والعجمان وغيرهم لمناصرة هادي بن قرملة, واجتمعت تلك البوادي والجنود قرب الماء المعروف بالجمانية في عالية نجد لمقاتلة ناصر الشريف الذي سار بالجموع والعساكر العظيمة ونزل الجمانية واجتمع عليه كثير من بوادي الحجاز بأموالها واهلها، فالتقت الجموع واقتتلوا قتالا شديدا، وانهزم ناصر الشريف ومن معه.
واشير في الهامش الى انه اعتمد في ذلك على ابن بشر ولمع الشهاب ص 97.
اما مؤلف لمع الشهاب فلم يشر في الموضع الذي ذكر الى الحادثة، وانما أشار فيه الى غزوة الشريف الاولى لنجد عام 1205ه واما ابن بشر فماذا قال؟
قال ابن بشر- بعد ان ذكر غزو سعود بجنوده من نواحي نجد وعربانها للظفير وغيرهم في الحجرة وعودته من هناك في شعبان سنة 1209ه ان سعودا سار بتلك الجنود في ذي القعدة وقصد الحجاز ونازل اهل بلد تربة,, ثم صالحه بعض اهل البلد وقفل راجعا.
ذلك ما قاله ابن بشر عن غزو سعود في السنة التاسعة بعد المئتين ومع انه ذكر بأنه قد كان مع سعود جنوده من نواحي نجد وعربانها مما لا ينفي ان العجمان كانوا من بين اولئك العربان فانه لم ينص على اشتراكهم كما لم ينص على اشتراك اي قبيلة اخرى بعينها.
والقارىء للكلام المعلق عليه هنا قد يفهم بأن غزو سعود لاطراف الحجاز سنة 1209ه كان نتيجة للغزوة التي جهزها الشريف غالب بقيادة الشريف فهيد لغزو نجد اذ وردت فيه عبارة ففي عام 1209ه غزا سعود بن عبدالعزيز اطراف الحجاز عندما جهز الشريف غالب جيشا بقيادة الشريف فهيد ومن المعلوم تاريخيا ان الغزوة التي جهزها غالب بقيادة فهيد ضد نجد كانت سنة 1210ه, ولعل من المستحسن الاشارة بايجاز الى ما حدث بين اتباع الدولة السعودية الاولى واتباع الشريف غالب سنة 1210ه.
وجه الشريف غالب في تلك السنة حملة، بقيادة الشريف فهيد، الى نجد فهاجمت هادي بن قرملة واتباعه في ماسل بعالية نجد وانهزم ابن قرملة ومن معه وطبقا لما ذكره ابن بشر فان الشريف غالبا بعث في السنة ذاتها حملة اخرى الى نجد بقيادة الشريف ناصر بن يحيى فلما علم بذلك عبدالعزيز بن محمد آل سعود امر على محمد بن ربيعان ومن تبعه من عتيبة، وفيصل الدويش ومن تبعه من مطير، وامر ايضا على عربان السهول وعربان سبيع وعربان العجمان وغيرهم من بوادي نجد ينزلون على ابن قرملة ثم امر على ربيع بن زيد امير جميع الدواسر الحاضرة والبادية ان ينزل على ابن قرملة ايضا فنزلت كل تلك البوادي قرب مورد الجمانية حيث دارت بينهم وبين الشريف ناصر واتباعه معركة كان النصر المؤزر فيها حليف القوات التابعة لآل سعود, وكان من النتائج المهمة لتلك المعركة ان تحول اشراف مكة من موقع الهجوم الى موقع الدفاع في علاقتهم مع القادة السعوديين.
والى اللقاء في حلقة اخرى
ـــــــــــ
قراءة في كتاب
تاريخ قبيلة العجمان: دراسة وثائقية 5
د, عبدالله الصالح العثيمين
كانت الحلقات الثانية والثالثة والرابعة من هذه القراءة مركّزة على الفصل الثاني من الكتاب وهو الذي خص أكثره للحديث عن علاقة العجمان بالدولة السعودية الأولى, وفي هذه الحلقة تتناول القراءة الفصل الثالث؛ وعنوانه (الدولة السعودية الثانية والعجمان).
قيل (ص 51):
في عام 1245ه خرج محمد بن عريعر وأخاه (وصحتها وأخوه) ماجد بن عريعر من الأحساء بأتباعهم وقبائلهم من بني خالد، وقصدوا نجد (وصحتها نجداً) لمحاربة الإمام تركي, فلما علم الإمام تركي بذلك سار بجيشه مع ابنه فيصل ومعهم من البوادي سبيع والعجمان وغيرهم، ودارت معركة السبية، وانتصر الإمام تركي, ثم دخلوا الأحساء وهرب بني (وصحتها بنو) خالد وخاصة الرؤساء .
وأشير في الهامش إلى أنه أعتُمد في ذلك على ابن بشر، وآل عبدالقادر، والعثيمين, وما قاله ابن بشر وهو المصدر لكل من آل عبدالقادر والعثيمين عن تلك الحادثة هو:
سار محمد بن عريعر وأخوه ماجد بأتباعهم من بني خالد وغيرهم لمحاربة الإمام تركي في نجد، وسار معهم فهيد الصييفي رئيس سبيع ومعه جملة من عربانه، ومعهم أيضاً فدغم بن لامي وفراج بن شبلان ورؤساء المقالدة من مطير وكثير من عربانهم وضويحي الفغم رئيس الصهبة من مطير وعربانه، ومعهم مزيد بن مهلهل بن هذَّال وجملة من عنزة، ومطلق بن نخيلان رئيس بني حسين وعربانه وغيرهم من أخلاط البوادي,, فلما بلغ تركي بن عبدالله خبرهم أمر أتباعه من أهل العارض والجنوب والوشم وسدير والقصيم وجبل شمَّر ووادي الدواسر، واستنفرهم مع ابنه فيصل، وأمر أتباعه من العربان بأن يغزوا معه؛ ومنهم مطلق المصخ وأتباعه من سبيع وعساف ابو اثنين وأتباعه من سبيع أيضا وضويحي بن حزيم بن لحيان رئيس السهول وأتباعه ومحمد بن هادي بن قرملة وأتباعه من قحطان وغيدان وأتباعه من آل شامر والعجمان وسلطان بن قويد رئيس الدواسر وأتباعه, فسار بهم فيصل حتى تقاتل مع خصومه, وفي أثناء المعركة مات ماجد بن عريعر، فأرسل فيصل إلى أبيه يبشره بذلك، فركب تركي مع شرذمة من خدمه ورجاله، واستنفر ابن وريك رئيس آل عاصم من قحطان، ووصل إلى ابنه حيث ضرب خيمته قبالة خيمة محمد بن عريعر, فوقع الفشل في صفوف محمد ومن معه، ثم انهزموا, ولما فرغ تركي من تقسيم الغنائم توجه إلى الأحساء، وحاصر محمد بن عريعر في قصرها حتى خرج منه مستسلماً، وعامله الإمام بلطف, وبذلك عادت الأحساء مرة أخرى إلى الحكم السعودي.
وهكذا يتضح من كلام ابن بشر المفصَّل حجم القوات التي كانت مع زعيمي بني خالد وتنوّع انتمائها القبلي، كما يتضح حجم القوات التي كانت مع فيصل بن تركي؛ حاضرة وبادية, وهذا لا يتفق مع ما ذكر في كتاب تاريخ قبيلة العجمان، الذي تتناوله هذه القراءة, وبالاضافة الى ذلك فإنه يفهم مما قيل في هذا الكتاب أن القوات التابعة للإمام تركي انطلقت بقيادته هو لصد حملة بني خالد.
وهذا غير صحيح؛ إذ كانت بقيادة ابنه فيصل, وقيل: هرب رؤساء بني خالد من الاحساء, وبما أنه قد ذكر اسما اثنين من هؤلاء الرؤساء؛ وهما محمد بن عريعر وأخوه ماجد، فإن ما قيل غير دقيق, فماجد قد مات والمعركة دائرة بين الطرفين ومحمد استسلم لفيصل، وعومل بلطف.
قيل (ص 52، ه 1):
استغل داود باشا والي العراق ضعف الدولة السعودية وانشغالهم (والأصح انشغالها) برد الغزو المصري فاستولى على الأحساء, ونجح في الحيلولة دون تعرُّض المصريين للأحساء بعد أن استحصل مرسوماً من السلطان ببقاء الأحساء تحت سيطرته, إلا أن السعوديين لم يلبثوا أن استعادوا شيئاً من قوتهم، فحاولوا استرداد الأراضي التي فقدوها, وقد نجحوا في عام 1246ه في عهد الأمير تركي في استعادة الأحساء وانتزاعها من المماليك).
وأشير إلى أنه قد اعتُمد في ذلك على حسن السوداني في كتابه العلاقات .
ومما يلفت النظر هنا:
أ أنه أشير إلى استخدام كتاب السوداني هنا، لكن لم يوضع في قائمة المراجع آخر الكتاب.
ب يفهم من أول الكلام السابق أن داود باشا قد استولى على الأحساء حين انشغال الدولة السعودية الأولى بصدّ حملة محمد علي باشا؛ أي قبل نهاية تلك الدولة, وهذا غير صحيح.
ج مع أن داود باشا قد أسندت إليه مهمِّة المحافظة على منطقة الأحساء فقد كان حكامها عملياً وحقاً زعماء بني خالد، وتركي بن عبدالله استردها من أولئك الزعماء، ولو كان داود يحكمها فعلاً لكان من الممكن أن ترد الدولة العثمانية عسكرياً على ذلك الانتزاع.
د أنه قيل: إن داود نجح في الحيلولة دون تعرّض المصريين للأحساء, وهنا تجاوز في التسمية, فالجيش الذي انطلق من مصر في تلك الفترة كان قادته والموجه له غير مصريين, على أن الأهم من هذا هو أن أحد القادة التابعين لإبراهيم باشا قدم إلى الأحساء بعد الاستيلاء على الدرعية، وقتل عدداً من أتباع الدرعية؛ وبخاصة من اشتهروا بنشاطهم الديني، كما صادر ما وجده من أموال تابعة للدولة السعودية الأولى, فالقول بأن داود باشا حال دون تعرّض المصريين أو بالأصح قوات محمد علي باشا للأحساء قول لا ينطبق مع ما وقع.
قيل (ص 54):
وفد على الإمام فيصل في الأحساء بعد انسحابه من الرياض إلى هناك سنة 1253ه رؤساء القبائل من مطير والعجمان وسبيع وغيرهم, ثم أخذ يحشد جيشاً يتألف من هذه القبائل, وقد قامت هذه القوات بهزيمة قوات خالد بن سعود في الدلم .
وأشير في الهامش إلى أنه قد اعتُمد في ذلك على ابن بشر, وبالرجوع إلى ابن بشر وغيره من المصادر الموثوقة يتضح أنه لم تكن هناك معركة بين قوات الإمام فيصل وقوات خالد بن سعود في الدلم، وأن هزيمة قوات هذا الأخير كانت على أيدي أهل الحريق والحوطة والحلوة, وقد دارت المعركة وفيصل في الأحساء، فكانت بشارة خير بالنسبة له، ثم توجه من هناك، إلى الخرج حيث التحق به أولئك المنتصرون وغيرهم، وأخذ يحاصر خالد بن سعود ومن معه في الرياض, وبذلك يتضح أن ما قيل في الكتاب الذي تتناوله هذه القراءة عن ذلك الموضوع قول بعيد عن الدقة.
ثم قيل بعد ذلك مباشرة (ص 54):
ودارت عدة معارك بين العساكر المصرية مع إسماعيل أغا وخالد بن سعود وبين أهل الرياض, وعندما علم الإمام فيصل بهزيمة الأتراك في الرياض وهو في الاحساء توجه إلى هناك وحاصر الرياض, وعقدت مشاورات بين فيصل والترك ولم تفلح هذه المشاورات, والتحم الفريقان في قتال عنيف فقتل من الفريقين عدة قتلى، وقتل من أصحاب فيصل بداح الفارس المشهور من آل حبيش من العجمان .
مما يؤخذ على الكلام السابق ما يأتي:
أ أنه يشار، مرة، إلى القوات القادمة من مصر مع خالد بن سعود بالعساكر المصرية أو المصريين، ومرة أخرى بالأتراك.
ب العبارة الأولى من الكلام تفيد بأنه كان هناك عدة معارك بين العساكر التي مع إسماعيل وخالد وبين أهل الرياض, والصحيح أن أهل الرياض كانوا مع القائدين المذكورين لا ضدهما.
ج قيل إن مشاورات عقدت بين فيصل والترك, والاتصالات للصلح كما ذكر ابن بشر كانت بين فيصل وخالد.
ولعلَّ مما يلفت النظر فيما ذكره ابن بشر عن سير الأمور حينذاك هو (إقبال فهيد الصييفي رئيس سبيع ومعه عربان سبيع ورؤساؤهم فزعاً لخالد وأتباعه وحرباً لفيصل، والتحاق قاسي بن عضيب وعربانه من قحطان بالصييفي أيضا, وهو أمر يوحي بانقسام القبائل بين الفريقين المتنافسين أحياناً.
ولقد تُحدِّث في بقية الفصل الثالث من الكتاب، عن علاقة العجمان بعبدالله ابن ثنيّان والإمام فيصل في فترة حكمه الثانية, وفي زمن أبنائه من بعده, وهذا الحديث جيّد في مجمله.
على أنه قيل (ص 86): (تؤكد الوثائق على أن العجمان شاركوا في القتال ضد قوات ابن رشيد في معارك القصيم,, وأنهم أول من وقف إلى جانب عبدالرحمن بن فيصل في الاشتباكات التي وقعت في القصيم وكانت حصيلتها أربعة آلاف قتيل).
وإذا صحّت قراءة هذه الوثائق من قِبَل من كتب الكلام السابق فإن المعلومات الواردة فيه غير صحيحة, أما أن العجمان وقفوا إلى جانب عبدالرحمن بن فيصل فأمر مسلَّم بصحته, لكن عبدالرحمن وأتباعه لم يصلوا الى القصيم حتى يكون هناك احتمال لمشاركتهم في الاشتباكات بين أهل ذلك الاقليم وابن رشيد, وهذا أمر أشار إليه من كتب الكلام السابق نفسه (ص 85), والمعركة المشهورة التي دارت بين أهل القصيم وابن رشيد، عام 1308ه كانت معركة المليداء, والمصادر الموثوقة ترجح أن القتلى كانوا في حدود الألف، لا اربعة آلاف.
ويتناول الفصل الرابع من الكتاب وهو الفصل الأخير منه تاريخ العجمان في عهد الملك عبدالعزيز, وهو لا يقلّ جودة عن أكثر ما في الفصل الثالث, ولا ينقص كماله إلا بعض الهفوات اللغوية التي يقلّ أن تخلو منها مؤلفات كثيرة في هذه الأيام.
أما بعد كل ما سبق، فإن الجهد المبذول في كتاب تاريخ قبيلة العجمان جهد يستحق الشكر، ويبعث على الأمل في ان تكون الكتابات المستقبلية لمن كتبه اكثر عمقا وتمحيصا؛ وبخاصة إذا كانت عن هذه القبيلة، التي يكنّ لها كاتب هذه السطور كما يكنّ لغيرها من القبائل العربية الكريمة كل مودّة وتقدير.
والله ولي التوفيق.
وجهة نظر في قراءة الدكتور العثيمين لكتابي (تاريخ قبيلة العجمان: دراسة وثائقية)
رد....د: سلطان بن خالد بن حثلين :
اطلعت على سلسلة المقالات التي كتبها د, عبدالله الصالح العثيميين ذات العنوان التالي: (قراءة في كتاب تاريخ قبيلة العجمان) وهو عنوان الكتاب الذي اصدرته قبل سنتين.
وقد سعدت باهتمام المؤرخ العثيمين به، وأوجه له الشكر عبر جريدة الجزيرة, ولكن الشكر لا يعني أني اتفق معه في كل ماكتبه وسأحاول عبر جريدة الجزيرة أن ارد على بعض الاستفسارات التي اثارها وأبيّن النقاط التي لا اتفق معه فيها:
1 بداية الامر احب ان اشير الى ان اي عمل يعتريه النقص والخطأ وقد ذكرت ذلك في مقدمة الكتاب وطلبت من كل مَن لديه نقد أو يريد أن يضيف شيئاً أو يبيّن خطأ ان يراسلني على العنوان البريدي المكتوب في المقدمة المشار إليها ولكن د, العثيمين اراد ان يتم النقد عبر صفحات الجزيرة، وله الحق في اختيار مايراه مناسباً.
2 وضع د, العثيمين علامة استفهام حول مشاركة (د, زكريا كور شون) في تأليف الكتاب، وعلل هذا التساؤل لأن مقدمة الكتاب كُتبت بصيغة المفرد (الباحث) وختمت باسم (د, سلطان بن حثلين) بدلا من كتابتها بصيغة المثنى, وايضاحاً للامر فانه عندما تم الإعداد للكتاب وجمع المادة العلمية كان لا بد من الاستفادة من جهود كاتب متخصص في التاريخ العثماني، وبخاصة فيما يتعلق بوثائق الارشيف العثماني, و(د, زكريا كورشون) استاذ مشارك في التاريخ الحديث في جامعة مرمرة تتركز اهتماماته البحثية على تاريخ الدولة العثمانية، وعلاقتها بالجزيرة العربية, واضافة الى جهوده في استخراج الوثائق من الارشيف العثماني، فقد وافق مشكوراً على المشاركة في هذه الدراسة، وكتب فصلاً من اربع وخمسين صفحة تتناول فترة الاستيلاء العثماني على المنطقة الشرقية وما تلاها من احداث تضمن الكتاب منها حوالي ثلاث وعشرين صفحة تمثل خمسة عشرة بالمائة من حجم الكتاب, وكان من باب الامانة العلمية ورد الفضل لأهله وضعُ اسمه على الكتاب.
3 أغفل د, العثيمين عند نقده لبعض فقرات الكتاب بعض الحقائق التي كان يجب ان تذكر، وأورد بعض النصوص التي استشهد بها بصورة تدعم رأيه وتقوي حجته واقتصر في بعض الاحيان على المصادر التي تؤيد وجهة نظره، وهذا فيه إخلال بالمنهج العلمي للنقد, ويتضح ذلك في الامثلة التالية:
في تعليق د, العثيمين على ماورد في الكتاب ص 29.
وعند الحديث عن معركة (قذلة) يقول: (ومما يُلحظ على الكلام السابق ان كلا من ابن غنام وابن بشر وهما المصدران القريبان من اجواء تلك الحادثة زمناً وصلة بقادة الدولة السعودية الاولى لم يذكرا حدوث قتل عدد لا قليل ولا كثير لرجال من قبيلة سبيع على ايدي العجمان، وانما ذكر ان العجمان اخذوا فريقا من سبيع، وكلمة اخذوا لا تعني القتل، اما الفاخري الذي قد يوهم ايراده في هامش الكتاب انه قد ذكر ذلك، فإنه لم يشر اطلاقا الى ما وقع من العجمان على سبيع لا اخذا ولا قتلا وانما اشار الى قتل عبدالعزيز بن محمد لخمسين رجلاً من العجمان,,,) انتهى, هنا نجد ان د, العثيمين يعتقد بان ذكر حادثة القتل في الكتاب لا تعتمد على مرجع يستند اليه وكأن هذا القول منتحل بالرغم من ان هناك اربعة مصادر اعتمد عليها في نقل احداث معركة (قذلة) هذه المصادر هي: الفاخري، فلبي، خزعل، ابن غنام, وبالتالي فإن هذه المعركة تم ذكرها في تلك المصادر والمراجع مع الاختلاف في الروايات.
والسؤال الآن: هل تلك المراجع جميعها لم تشر الى حادثة القتل تلك ام ان د, العثيمين اغفل بعضها؟ لقد اشار حسين خزعل في كتابه (حياة محمد بن عبدالوهاب) ص248 كما هو موجود في هامش الكتاب ونقله عنه ايضاً ابو عبدالرحمن بن عقيل في كتابه العجمان وزعيمهم راكان ص50 الى تلك الحادثة وكان نصه كما يلي: فانه لما عاد الامير عبدالعزيز من غزوته التي قام بها على سدير وعند وصوله الى رغبة وردته انباء بأن جماعة من قبيلة العجمان المنتسبة الى يام من همدان من قحطان قد تجاوزت على فريق من سبيع التي دخلت في سلك الدعوة وآمنت بها وأوسعتها قتلاً ونهباً,, انتهى, أليس الأولى ان يذكر د, العثيمين ذلك وينسب الخطأ الى كتاب حسين خزعل ان كان هذا خطأ اساساً؟
المثال الآخر: يقول د, العثيمين في الحلقة الرابعة عند تعليقه على معركة الرضيمة التي وقعت سنة 1238ه: يعتمد الحديث الموجز عن المعركة المذكورة في هذا الفصل على ماقاله عنها الشيخ عبدالله الدامر احد نبلاء العجمان وقد ذكر ان تلك المعركة كانت اساساً بين يدي خالد والعجمان وان هاتين القبيلتين كانتا قطبي الرحى فيها,,, ثم يضيف قائلاً: على ان كلاً من ابن بشر والفاخري وهما مؤرخان محليان معاصران لتلك الحادثة قد ذكرا بان معركة الرضيمة كانت بين فيصل الدويش زعيم مطير ومن تحالف معه من العجمان وغيرهم، وبين زعيمي بني خالد محمد بن عريعر واخيه ماجد ومن تحالف معهما من عنزة وغيرها.
ثم يتوقف د, العثيمين في مسألة اي الروايتين اصح وان كان من خلال كتابته يميل الى ترجيح رواية ابن بشر والفاخري لأنه على حد قوله: (يجب ان يؤخذ في الحسبان التنافس الذي كان قائما في تلك الفترة بين والى مصر ووالي العراق وان علاقة الدويش بالاول وطيدة وعلاقة زعيمي بني خالد بالثاني كانت جيدة) انتهى,.
وفي هذا السياق تبرز لنا عدة تساؤلات:
اولها: هل حقاً تم ذكر معركة مناخ الرضيمة في الكتاب بإيجاز وان الشيخ عبدالله الدامر ذكر ان تلك المعركة كانت اساساً بين العجمان وبني خالد كما قال د, العثيمين؟
والإجابة عن ذلك هي الإشارة الى النص في الكتاب من ص45 الى ص46 التي تقول: (,,,,وقع التصادم بين العجمان وبني خالد في عام 1238ه في معركة مناخ الرضيمة التي كانت بين العجمان وحلفائهم من القبائل الاخرى مثل مطير والدواسر وغيرهم من ناحية، وبين ماجد بن عريعر واتباعه من بني خالد ومن تبعهم,,)
ثم ذكرت رواية الشيخ عبدالله الدامر سبب القتال واستعانة العجمان بالإمام تركي بن عبدالله واعتذاره عن ذلك وكتابته الى الدويش امير مطير لمساعدة العجمان في قتالهم ضد بني خالد، وقد انضم الى الحلف الامير سلطان بن قويد من امراء الدواسر و معه ابن وثيلة من شيوخ الوادي وانضم اليهم السهول، وذكرت الشروط التي طلبها كل من الدويش وابن قويد للاشتراك في المعركة كما ذكرت الرواية مشاركة كل من مغيليث بن هذال وبرجس ابن مجلاد من امراء عنيزة ومسلم بن مجفل امير الصملة من سبيع في حلف ابن عريعر, وانتهت الرواية بذكر انتصار العجمان وحلفائهم, مما سبق يتبين لنا ان رواية الشيخ عبدالله الدامر لم تكن موجزة وانها لم تذكر بأن قطبي الرحى هما العجمان، وبنو خالد بل اشارت بكل وضوح الى خلاف ماذكره د, العثيمين الذي لم يشر ايضاً الى ان هذه المعلومات قد وردت في الكتاب؟
الامر الآخر هو لماذا لم يرجح د, العثيمين رواية الشيخ عبدالله الدامر، ولماذا جعل رواية ابن بشر والفاخري هي الاقرب الى التصديق؟؟ ألم يكن بوسع المؤرخ د, العثيمين ان يتصل بأحد الرواة الثقات من قبائل الجزيرة مثل مطير او الدواسر او بني خالد او العجمان او عنزة او سبيع فتلك القبائل هي التي خاضت المعارك ورواتها اعلم الناس بتفاصيلها.
ان معركة مناخ الرضيمة من بدهيات تاريخ القبائل العربية، ورواية الشيخ عبدالله الدامر هي رواية متواترة ذكرها العديد من الرواة الثقات، وأكتفي بما ذكره عبدالعزيز بن سعد السّناح المطيري في كتابه الخيل والابل عند قبيلة مطير ص161 عند ذكره لاستيطان مطير في شرقي نجد:
(استوطنوا شرقي نجد بعد مناصرتهم للعجمان ضد ابن عريعر في مناخ الرضيمة سنة 1238ه، قال ابن فردوس العجمي مانصه (كان ابن عريعر في ذلك الوقت حاكماً لجميع القبائل والعجمان طلبوا النجدة من الدويش، وكان بالارطاوية فشرط الدويش على العجمان بان يعطوه الطوال وهي اللهابة والقرى واللصافة واعطوه ما اراد,,,)
وكما ان الشعر هو ديوان العرب فقد أرخ لهذه المعركة شاعر العجمان يوم الرضيمة (فهيد الخفيف) وهو ممن حضر احداثها وتداعياتها، حيث قال:
تسعين ليل والملايا معقله=من الجوع والهزلى تثنت رقابها
ولكن طرحان المناعير بيننا=جذوع نخل قطعت من عقابها
رحنا وجينا بالدويش المسمى=له ركضة عند الضحى ينحكى بها
وجينا بخطلان اليدين آل زايد=ربع ترابع في الأحدة ركابها
ورحنا وجينا بالسهول وخلطهم=برايزة بالضيق تروى حرابها
وجانا من العبر المسمى مخيلة=مخيلة ياسعد من هو عدابها
واولاد مرزوق هل المدح والثنى=يصالون ضو الحرب يوم التهابها
إن حصر تاريخ الجزيرة العربية في بعض المصادر فقط وجعلها هي المرجعية الرئيسية للتاريخ هو نوع من الوصاية والحجر الذي لا يتفق مع المنهج العلمي حتى لو كانت هذه المصادر في حجم ابن بشر وابن غنام او من المؤرخين المعاصرين كابن عثيمين، لأن المصادر التاريخية يعتريها النقص والخطأ كما انها تخضع عند كتابتها لتأويل المؤرخ وتفسيره للأحداث بحسب ميوله وانتمائه للقوى السياسية والاجتماعية المؤثرة في عصره مهما بلغت نزاهته، فالحيادية في كتابة التاريخ امر قد لا يتفق عليه اثنان.
إن كتابة تاريخ قبائل الجزيرة العربية هو جزء هام من تاريخ هذا الوطن الغالي، وأعلم الناس بتاريخ هذه القبائل هم رواتها الثقات الذين نقلوا احداثها وتاريخها جيلاً بعد جيل حتى إن اعترى هذه الروايات بعض النقص والخطأ فانه لا يمكن ابداً اغفالها، كما انه لا يمكن الاستغناء عن المصادر التاريخية المكتوبة كابن بشر وابن غنام وغيرهما.
إن النقد الموضوعي واختلاف الآراء يثري الساحة العلمية والثقافية، ويدل على نضج المثقفين والمجتمع ككل مالم يكن الهدف من وراء ذلك النقد الضجيج الإعلامي او تزييف الحقائق او التجريح وهذا الأمر أُنزِّه عنه د, العثيمين وامثاله من الاكاديميين الذين نعتز بمكانتهم العلمية، ولكن لانقدس آراءهم او اقوالهم.وكما يشمل كتاب تاريخ قبيلة العجمان على بعض الأخطاء فكذلك احتوت سلسلة المقالات النقدية للدكتور العثيمين على بعض الأخطاء، وضعف المنطق العلمي وهذا لا يقلل من الأهمية العلمية للكتاب او لمقالاته, واختلاف الرأي لا يغير من الحق شيئاً، ولا يفسد للود جانباً.
د: سلطان بن خالد بن حثلين : رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
منقول للفائدة
^ تاريخ الفاخري المتوفي 1860م (وفيها مناخ الرضيمة بين بني خالد وأتباعهم من عنزة وسبيع ، وبين مطير وأتباعهم من العجمان وغيرهم . فكانت على بني خالد وأتباعهم وانكسروا وأخذت محلّته وقتل قتلى من أعيانهم حباب بن قحيصان من مطير ، مغيلث بن هذال من الآخرين من عنزة )
^ عنوان المجد في تاريخ نجد ابن بشر المتوفي 1871م(وفي هذه السنة مناخ الرضيمة المشهور ، وهو موضع معروف في العرمة ، بين فيصل الدويش وأتباعه من مطير والعجمان وغيرهم من العربان ، وبين ماجد بن عريعر وأتباعه من بني خالد وغيرهم من عنزة وسبيع وغيرهم . ووقع بينهم مناخ طويل ، وقتال بين الخيالة والرجالة ، ثم زحفَتْ الجموع على الجموع وتضاربت الفرسان وتعانقت الشجعان ، وحصل قتال شديد يشيب من هوله الوليد ، فانهزمتْ بنو خالد وأتباعهم ، وحازوا من الأموال والحلي والأقماش والبز والأمتعة الفاخرة شيء كثير وقتل عدّة قتلى من الفريقين ، قُتل من عنزة : مغيليث ابن هذال ، وقُتل من مطير : حباب بن قحيصان رئيس البرزان جليس سعود بن عبدالعزيز )
^ مطالع السعود في أخبار داود عثمان بن سند البصري المتوفي عام1826 (ومما وقع في تلك السنة (سنة 1238هـ) ما شاع وذاع خبره من أنتصار الدويش على بني خالد بعدما ضاقت به الوهاد والفدافد وفر عنهم المرة بعد المرة وأستعفاهم فأبى ماجد الا قهره فلما علم أنهم عليه زحفوا أنهزم ليرجعوا عنه ويقفوا فلم يزالوا يقصون أثره وهو راكب هروبه وحذره حتى الجأوه الى مكان لا يمكنه الفرار الا أنه على ماء وهم على غير ماء للاغترار فما زالت الفرسان ترخي في المطاردة والعنان وتخضب من الاقران القاضب والسنان والغلبة لبني خالد في الظاهر على المطيريين فكان من قدر القادر أن الخالديين لما على غير ماء نزلوا أضر بهم العطش فتضعفوا وتزلزلوا وكانت عليهم الدبرة وتيقنوا أذ ذاك أن لا تنفع الكثرة وقد بلغني عن ثقات أن محمدا خالفه ماجد ، في رأيه يدرك خطأه الصغير فضلا عن الكبير الناقد فغنم آل مطير أموالا جمة وعظمت لهم في البادية الحرمة ولو أطاع ماجد أخاه وقبل رأيه وأرتضاه لما قهره عداه ولكن بالقدر خالفه ، ففقد تالده وطارفه لما أشتهر أن أستشارة الكبير ، وقبول رأيه حزم وتدبير وقتل في هذا اليوم المسمى بيوم الرضيمة من كبار العرب حباب أحد الفرسان من مطير وأحد سادة البرزان قتله مشعان أبن مغيلث أحد سادات آل هذال البطن المعروف من عنزة وممن قتل في ذلك اليوم مغيلث أبو مشعان ومن سادات بني خالد دجين أبن ماجد بن عريعر بسراية جراحه أصابته ذلك اليوم) كما قتل خزيم بن لحيان من السهول قتلة ماجد بن عريعر.
^ تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق ، عبد الله بن محمد البسام المتوفي 1927 (وفي رجب من هذه السنه مناخ الرضيمة الموضع المعروف في العرمة بين فيصل بن وطبان الدويش شيخ عربان مطير ومعه العجمان وغيرهم وبين ماجد بن عريعر آل حميد شيخ بني خالد ومعه عنزة وسبيع وأقاموا في مناخهم ذلك عدة ايام يغادون القتال ويراوحونه طرادا على الخيل ثم انهم مشى بعضهم على البعض واقتتلوا قتلا شديدا وصارت الهزيمة على بني خالد وأتابعهم وقتل عدة رجال من الفريقين وقتل من مشاهر عنزة في هذه الوقعة مغيلث بن هذال ومن مشاهير مطير حباب بن قحيصان شيخ البرزان)
هذي مقالات عبدالله الصالح العثيمين :
قراءة في كتاب (تاريخ قبيلة العجمان): دراسة وثائقية
عبدالله الصالح العثيمين
المقالة الاولى:1
لقد دُوّنت كتابات كثيرة عن تاريخ المملكة العربية السعودية، سواء قبل اتخاذها هذا الاسم أو بعد اتخاذها إيّاه, ومن هذه الكتابات ما تناولت تاريخ الدولة السعودية العام مركِّزة على أعمال قادتها، ومنها ما تناولت موضوعاً خاصاً من ذلك التاريخ، أو تاريخ منطقة من المناطق التي وحدتها تلك الدولة، أو تاريخ قبيلة من القبائل التي دخلت تحت حكمها, ويأتي الكتاب الذي تتحدّث عنه هذه القراءة في إطار النقطة الأخيرة مما سبق ذكره, وهو تاريخ لقبيلة من قبائل وطننا الكريمة التي لها ما لها من دور ومكانة, والتي اشتهرت بالشجاعة وقوة الشكيمة, وكان رئيسها الفارس الشاعر، راكان بن حثلين، قد بلغ أوج شهرته في العقدين الأخيرين من القرن الثالث عشر الهجري، وبلغ من إعجاب بعض الناس بفروسيته وشاعريته أن أعداداً من حاضرة الوطن بدأوا في الثلاثين سنة الماضية يسمّون أبناءهم باسمه.
صدر الكتاب عن ذات السلاسل في الكويت عام 1419ه, ويتكوّن من 184 صفحة، مشتملاً على مقدمة قصيرة، وأربعة فصول مختلفة الطول، وملاحق، وقائمة بالمصادر والمراجع, وقد وضع على غلاف الكتاب ما يفيد بأنه تأليف كل من الدكتور سلطان بن خالد بن حثلين الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الاسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والدكتور زكريا كورشون الأستاذ المشارك في التاريخ الحديث بجامعة مرمرة, غير أنه قد ورد في مقدمة الكتاب ما يضع علامة استفهام حول كون الدكتور كورشون مشاركاً في تأليفه, فقد ورد (ص 11):
وقد كان لجهود الدكتور التركي زكريا كورشون وبعض مساعديه دور كبير في استخراج العديد من الوثائق استفدنا منها في هذه الدراسة .
وورد (ص 10):
ويأتي ضمن الأسباب التي حفزت الباحث على القيام بهذه الدراسة التساؤلات العديدة التي أثيرت حول أسر الأمير راكان بن فلاح بن حثلين .
كما ورد (ص 11):
استفاد الباحث من مسودة الشيخ عبدالله بن فهد الدامر .
وختمت المقدمة بذكر اسم الدكتور سلطان بن حثلين وحده,
فهل كان الدكتور كورشون أحد مؤلفي الكتاب كما يفيد الغلاف أو كان دوره استخراج الوثائق التي استفيد منها في الدراسة من الأرشيف العثماني فقط، وأن المؤلف هو الدكتور سلطان بمفرده؟ ومن المعلوم لدى الكثيرين أن الدكتور سلطان من أسرة كريمة هي في طليعة قادة قبيلة العجمان.
وإذا كان لكل تأليف اهداف معينة فقد ذكرت ثلاثة أهداف لتأليف الكتاب الذي تتناوله هذه القراءة, أولها دفع الافتراءات والتهم التي كتبها بعض المؤرخين عن العجمان, وثانيها ما قيل من أن المصادر الحديثة (ومن الواضح أن المراد الدراسات الحديثة) اعتمدت في كتابتها عن تاريخ قبيلة العجمان على هذه المصادر، أي التواريخ التي اوردت الافتراءات والتهم كما يصفها من قال ذلك، ومن ثم أتى الكتاب المتناول هنا دراسة لإعادة كتابة تاريخ العجمان معتمدة على الوثائق التاريخية والمصادر المختلفة والرواة الثقات بهدف إبراز الحقيقة وتحري الموضوعية, وثالث الأهداف التساؤلات العديدة التي أثيرت حول أسر الأمير راكان بن فلاح بن حثلين,,, وتبين القصة الحقيقية لأسره .
وكان ممن وردت الإشادة في المقدمة بتعاونهم الدكتور عبدالله خلف العساف الأستاذ المساعد للغة العربية في كل من جامعة الملك فهد للبترول والمعادل وجامعة حلب، الذي قيل عنه بأنه: بذل جهداً كبيراً في المراجعة اللغوية للكتاب , ومن الواضح أن جهد الدكتور العساف لم يؤت الثمار المرجوة منه, ذلك أن الكتاب يشتمل على كثير من الأخطاء اللغوية: نحواً وأسلوباً، كما سيتضح من بعض العبارات التي سيرد شيء منها في هذه القراءة.
تناول الفصل الأول من الكتاب وهو مكوّن من عشر صفحات نسب قبيلة العجمان، وموقعهم الجغرافي، وصفاتهم, وفي اطار الحديث عن نسب القبيلة أوردت أسماء بطونها المتعددة، كما أشير إلى عدد من أسر الحاضرة المنتسبة إليها في بلدان نجد, ولعلّ ما يلفت النظر في هذا الجزء ورود كثير من الأسماء المنتهية بتاء تأنيث مربوطة بدون نقط، وورود بعض الأخطاء الإملائية الناشئة عن أخطاء نحوية، وبخاصة في الصفحة السابعة عشرة.
وفي الحديث عن موقع العجمان الجغرافي تُحدِّث في الكتاب عن سكنهم في نجران، ثم انتقالهم إلى نجد، فالأحساء, وفي ثنايا الكلام عن انتقالهم إلى نجد ما يحتاج إلى إعادة نظر، تعبيراً وتدقيقاً, فقد قيل (ص 21):
إن نزوح قبيلة العجمان (إلى نجد) على أرجح الأقوال في نهاية القرن الثاني عشر الهجري في عام 1130ه .
ومن الواضح أن العام المذكور بعيد عن نهاية ذلك القرن.
ثم قيل (ص 21):
ولا يمنع ذلك أن بعضاً من القبيلة قد نزح قبل القرن الثاني عشر، كما أشار إلى ذلك ابن بسام عن نزوح جماعة من العجمان، وتخلّف مطية محمد بن علي بن حدجة في عنيزة, وأقام عند بني خالد، وصار راعياً عندهم، ورزق بأربعة أبناء، وصار في غير وقت العمل دائم الجلوس عند باب بيته، فلقبوه أبا الحصين, فأقام عندهم حتى خرج منهم بأولاده، واشترى بلدة الرس من آل صفية (وصحتها صقيه) من بني غنيم (وصحتها من بني تميم), وكان ذلك في عام 970ه .
ولقد ورد في قائمة المراجع ذكر لعبدالله بن محمد بن بسام دون إيراد لعنوان كتابه وعنوان هذا الكتاب تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق وهو ما زال مخطوطا كما ورد ذكر لكتاب الدرر المفاخر في أخبار العرب الأواخر ، وقيل: إن مؤلفه عبدالله بن محمود بن بسام, والصحيح أن اسم مؤلف الكتاب الأخير هو محمد البسام.
ولم يُبيُّن في مقدمة الكتاب المقروء، هنا، أي المؤلفين أشار إلى ما ذكر وبالإضافة إلى هذا الخلل المنهجي، وعدم ذكر عنوان كتاب عبدالله بن بسام، والخطأ في ايراد اسم مؤلف الدرر المفاخر، فإن عبدالله بن بسام لم يشر إلى حادثة محمد بن حدجة عام 970ه، ومحمد البسام لم يشر إليها في كتابه.
على أن الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام قد أشار في كتابه عن علماء نجد الى الحادثة؛ وذلك في ترجمته للشيخ قرناس، رحمه الله، حين قال (ج 3، ص 765).
قال ابن عيسى: خرج آل صقيه المعروفون من بلد أشيقر سنة 950ه تقريباً، وتوجهوا الى القصيم، فأتوا الرس، وكان خراباً ليس به ساكن، فعمروه وسكنوه، وامتدوا فيه بالفلاحة, ثم إن محمد أبا الحصين من آل محفوظ من العجمان اشتراه منهم، وكان ذلك سنة 970ه تقريباً, وكان مقيماً في عنيزة، فانتقل بأولاده من عنيزة إلى الرس، وسكنوه .
فالذي أشار إلى الحادثة هو الشيخ الفاضل عبدالله بن عبدالرحمن البسام، الذي لم يذكر في قائمة مراجع كتاب تاريخ قبيلة العجمان, على أنه قال: إن أبا الحصين كان في عنيزة، وعنيزة في القرن العاشر كانت منفصلة عن الجناح مقر بني خالد، ولم يقل إنه كان راعياً عند بني خالد، ومما يلحظ أنه رغم ما ذكر في متن كتاب تاريخ قبيلة العجمان من أن ابن بسام هو الذي أشار إلى تلك الحادثة فإنه قد ذكر في الهامش بأن الاعتماد في هذا هو على حمد الحقيل.
ثم قيل (ص 21):
ويذكر سادلير بأن العجمان رحلوا إلى جهات الأحساء في آخر القرن الثاني عشر الهجري .
وأشير في الهامش إلى أن رحيلهم قد ذكر في صفحتي 21 و211 من كتاب سادلير، رحلة عبر الجزيرة العربية .
وبالرجوع إلى هذا الكتاب يتضح أن سادلير لم يذكر شيئاً عن الحادثة في الصفحتين المذكورتين, على أن ناشر كتابه الأستاذ سعود بن غانم الجمران العجمي ذكر في تعليقه على الكتاب (ص 211) ما يأتي: كانت مساكنهم (أي مساكن العجمان) مع أبناء عمومتهم يام في نجران، ثم زحفوا إلى نجد في حدود عام 1130ه هم وإخوانهم آل مرّة بن جشم بن يام، ثم اشتعلت الحرب بينهم وبين الأميرين محمد وماجد آل عريعر في معركة الرضيمة عام 1238ه، وهزموهما، وبسطوا يدهم على الاحساء منذ ذلك التاريخ .
وما قاله الأستاذ سعود عن بسط العجمان يدهم على الأحساء منذ عام 1238ه يحتاج إلى إعادة نظر, ذلك أن من الثابت تاريخياً أن الإمام تركي بن عبدالله انتزع الأحساء من زعماء بني خالد عام 1245ه؛ اي بعد معركة الرضيمة بسبع سنوات, على أن المهم، هنا، هو أن القول بأن سادلير قد ذكر رحيل العجمان إلى جهات الأحساء في آخر القرن الثاني عشر الهجري قول لا يقوم على أساس صحيح.
ـــــــــــ
قراءة في كتاب
تاريخ قبيلة العجمان : دراسة وثائقية(2)
عبدالله الصالح العثيمين
تناولت الحلقة الأولى من هذه القراءةبعض الملحوظات على ما ورد في مقدمة كتاب تاريخ قبيلة العجمان,, والفصل الأول منه, وتستمر القراءة لإبداء ملحوظات أخرى بدءا بالفصل الثاني المشتمل على سبع وعشرين صفحة والمعنون حلول العجمان في نجد وعلاقتهم بالدولة السعودية الأولى.
بدأ هذا الفصل بتكرار ما سبق ان ذكر عن وصول العجمان إلى نجد حوالي سنة 1130ه، ثم بذكر ما حدث من مواجهة بينهم وبين قادة الدولة السعودية الأولى، ثم بالحديث عن دخولهم تحت لواء هذه الدولة ودورهم في مساعدتها؛ هجوماً على خصومها ودفاعاً عنها, على ان الفصل لم يقتصر على تناول ما يدل عليه عنوانه؛ بل تحدث في آخره عن وصول العجمان إلى الأحساء واستقرارهم بها؛ وهو أمر لم تقع بعض حوادثه إلا بعد نهاية الدولة السعودية الأولى.
قيل (ص29):
إن عبدالعزيز بن محمد بن سعود علم وهو عائد من غزوته,, على سدير بأن جماعة من قبيلة العجمان تجاوزت على فريق من قبيلة سبيع التي دخلت في سلك الدعوة,, وقتلت منهم عدداً كبيراً، فدخل عبدالعزيز بن محمد في المعركة وقتل من العجمان خمسين رجلاً .
ومما يلحظ على الكلام السابق ان كلا من ابن غنام وابن بشر، وهما المصدران القريبان من اجواء تلك الحادثة، زمنا وصلة بقادة الدولة السعودية الأولى، لم يذكرا حدوث قتل عدد لا قليل ولا كثير لرجال من قبيلة سبيع على أيدي العجمان، وإنما ذكرا ان العجمان أخذوا فريقا من سبيع, وكلمة اخذوا لا تعني القتل, أما الفاخري, الذي قد يوهم إيراده في هامش الكتاب انه قد ذكر ذلك، فإنه لم يشر إطلاقا إلى ما وقع من العجمان على سبيع، لا أخذا ولا قتلاً، وإنما أشار فقط إلى قتل عبدالعزيز بن محمد لخمسين رجلاً من العجمان وأسره لمئتين وثلاثين منهم في مكان يقال له: قدلة.
وقيل (ص 29 30 ): إن الحسين (وصحة الاسم حسن) بن هبة الله المكرمي تربطه مع العجمان صلة النسب .
ومن المعروف ان هذا غير دقيق، وإنما توجد صلة نسب بين العجمان وبين قبائل يام التابعة للمكرمي حينذاك.
وقيل (ص31):
يبدو ان الهجوم المتكرر من حماة الدعوة السلفية على العجمان وغيرهم بهدف توسيع نطاق الدعوة دفعت العجمان إلى اللجوء مرة أخرى إلى رئيس نجران وطلب المساعدة منه, فلبى رئيس نجران الطلب، ودارت بعض المعارك في حائر (وصحتها الحائر)، ثم ضرمى .
وقد أشير في هامش تلك الصفحة وهامش الصفحة التالية لها أنه قد اعتمد في ذلك على ابن غنام وابن بشر, وما قيل، هنا، يفيد بأن سبب مجيء رئيس نجران إلى نجد عام 1189ه كان لجوء العجمان إليه وطلبهم المساعدة منه, فماذا قال كل من ابن غنام وابن بشر حقيقة؟
قال ابن غنام (ج2، ص88) ما ملخصه:
إن زيد بن زامل، رئيس الدلم، لما عجز عن مقاومة قادة الدولة السعودية، عام 1188ه، استنجد برئيس نجران، وإن ذلك الرئيس اشترط عليه أن يدفع إليه أموالا مقابل مساعدته، فالتزم زيد ان يدفع إليه ثلاثين ألف زر مقدما على ان يبعث الرئيس إليه رهائن من أعيان قومه, فلما وصلوا إلى الدلم جد زيد في تحصيل المال من أتباعه حتى كمل لديه,,الخ .
وقال ابن بشر (ج1، ص77) ما ملخصه:
إن زيد بن زامل أرسل إلى زعيم نجران يحثه على المسير لمحاربة الدولة السعودية، فأرسل إليه النجراني يستوضح عن مقدار ما سيبذل له مقابل ذلك، فبذل له ثلاثين ألف زر، وطلب زيد منه رهائن، فأرسل إليه رهائن من رؤساء قومه، فلما قدموا إليه قام زيد في تحصيل المال,, ثم حدث مسير زعيم نجران في السنة التالية (أي عام 1189ه) إلى نجد .
وبذلك يتضح ان سبب قدوم، زعيم نجران بقواته إلى نجد في العام المذكور كان استنجاد زامل بن زامل رئيس الدلم لا العجمان به، وان ذلك القدوم كان مقابل أموال دفعت من هذا الرئيس إلى ذلك الزعيم.
وقيل (ص32):
إن ابن غنام ذكر بأنه نتج عن هجوم سعود بن عبدالعزيز على العجمان في العرمة، سنة 1189ه، قتال شديد قتل فيه من الفريقين رجال، وإن ما ذكره يختلف عن قول ابن بشر الذي يفيد بأن العجمان قد هزموا وانه لم تقم لهم قائمة بعد ذلك.
والذي يرجع إلى ابن بشر (ج1، ص80) يجد أن كلامه لم يختلف جوهرا عن كلام ابن غنام لأن أغلب ما ذكره في تاريخه عن الدولة السعودية الأولى قد اعتمد فيه على سلفه, فقد قال ابن بشر عن هجوم سعود على العجمان في العرمة ما يأتي:
خرج سعود بالمسلمين، وعمد إلى ضرما، فأقام فيها أياما، ثم أغار على فرقان من أهل الجنوب (العجمان) في العرمة، وجرى بينهم طعان، وقتل من الفريقين رجال .
وعبارة ابن بشر وتفرق العجمان بعدها ولا قام لهم قائمة إنما قالها هذا المؤرخ بعد أن تحدث عن هزيمة النجراني وحلفائه في ضرما وتفرق من انضموا إليه ومنهم العجمان، ولم يقلها عند ذكره للمواجهة بين العجمان وسعود في العرمة، وبذلك يتبين اتفاق كل من ابن غنام وابن بشر جوهراً حول ما حدث في العرمة، وأن ما قيل عن اختلافها في ذلك قول غير دقيق, ولقد اجتهد في الرد على عبارة ابن بشر ولا قام لهم بعدها قائمة , وقيل: إن هذا غير صحيح بدليل بقاء العجمان أقوياء, ويبدو انه قد غاب عمن قال هذا القول ان ابن بشر قصد من عبارته التعبير عن أن العجمان بعد سنة 1189ه لم يعودوا يمثلون خطرا على الدولة السعودية الأولى التي كان الحديث يدور حولها,, ولم يقصدا انه لم تقم لهم قائمة إلى الأبد.
قيل (ص32):
إن عبدالعزيز بن محمد بن سعود حارب من لم يخضع لدولته من القبائل؛ ومنها العجمان وآل مرة مما أدى إلى استمرار المناوشات بين الفريقين منذ عام 1191ه حتى عام 1197ه .
وأشير في الهامش إلى انه قد اعتمد في ذلك على ابن غنام (ص 143 158).
وبالرجوع إلى ابن غنام في الموضعين المذكورين يتضح انه لم يرد فيهما ذكر للعجمان، بل إن المتتبع لابن غنام وابن بشر والفاخري من سنة 1190ه إلى سنة 1200ه لا يجد أي ذكر لمواجهة بين العجمان وقادة الدولة السعودية الأولى, ولعل إدراك العجمان لقوة هذه الدولة؛ وبخاصة بعد فشل حملة زعيم نجران الثانية، سنة 1189ه، أمام أتباعها في ضرما، ثم ما حققته من انتصارات تالية، كان من أسباب تفاديهم لأي وقوف ضدها, ولقد تأكدت قوة الدولة السعودية بعد توحيدها لمناطق نجد وبداية مساعيها لتوحيد منطقة الأحساء معها في بداية القرن الثالث عشر.
وإذا كان العجمان قد أدركوا قوة تلك الدولة بعد سنة 1189ه فإن ما ذكر من تأكد قوتها في مستهل القرن الثالث عشر الهجري كان على الأرجح من بين الأسباب التي أقنعتهم بأن يكونوا من بين القبائل التي انضوت تحت لوائها.
ويضاف إلى هذا السبب بطبيعة الحال أسباب أخرى؛ ومنها رجحان أنهم قد اقتنعوا بصحة الأسس التي قامت عليها الدولة السعودية.
قيل (ص33):
إن العجمان كانوا مع سعود بن عبدالعزيز بن محمد في فتح حائل سنة 1306ه , وأشير في الهامش إلى انه قد اعتمد في ذلك على ابن غانم (وهذا خطأ مطبعي، صحته ابن غنام).
وبالرجوع إلى ابن غنام في الموضع الذي أشير إلى انه ذكر الحادثة فيه يتبين أنه لم يقل ذلك.
وأي ملم بتاريخ الدولة السعودية الأولى يعلم أن بلدة حائل ومعها بلدان جبل شمر قد دخلت تحت الحكم السعودي عام 1201ه على يد الأمير حجيلان بن حمد امير القصيم, وقد أوضح ذلك كل من ابن غنام (ج2، ص130) وابن بشر (ج1،ص99100), وأصبح الأمير محمد بن علي أميراً على تلك المنطقة من قبل آل سعود من دخولها تحت حكمهم في التاريخ المذكور حتى قتله غدراً على أيدي قادة قوات محمد علي باشا سنة 1234ه, وكان، رحمه الله، من أعظم أمراء الدولة السعودية الأولى وقادتها الإداريين والحربيين.
وما دام قد أشير إلى غزوة لسعود في ذلك التاريخ فلعل من المناسب إيضاح ما حدث لإيضاح ما إذا كان ما قيل في كتاب تاريخ قبيلة العجمان صحيحاً أو دقيقاً,.
في عام 1205ه نفذ شريف مكة، غالب، أول حملة عسكرية ضد الدولة السعودية الأولى, وعندما توغلت في نجد اعتقدت فيما يبدو فئات من بعض القبائل التي كانت قد دخلت تحت حكم هذه الدولة ان ذلك الشريف سينتصر، فانضمت إليه, وكان من هذه الفئات فئات من شمر ومطير, وبعد أن فشل الشريف في تحقيق مآربه، وانسحب عائداً إلى الحجاز، اجتمعت هذه الفئات من القبيلتين المذكورتين في مكان يقال له العدوة، يبعد عن حائل شرقاً بحوالي سبعين كيلا، متوقعة ان يقوم سعود بإجراء ضدها,, وكان توقعها في محله؛ إذ هاجمها باتباعه من الحاضرة والبادية، وانتصر عليها وقتل من فرسانها سعود المطيري، الذي لقبته المصادر بحصان إبليس؛ ربما لخطره وشجاعته, ثم استنجد المنهزمون بمن حولهم من الأعراب مصممين على الثأر من سعود وأتباعه, وكان في مقدمة فرسان هؤلاء مسلط الجرباء، الذي كان متحمساً للمعركة لدرجة انه نذر ان يجشم فرسه صيوان سعود نفسه، فقتل دون تحقيق هدفه.
ولكن سعوداً ومن معه انتصروا على خصومهم مرة أخرى، وغنموا منهم غنائم كثيرة قدرها ابن غنام بأكثر من ستة آلاف بعير ومئة ألف من الغنم، وقدرها ابن بشر بأكثر من أحد عشر ألفا من الإبل ومئة ألف من الغنم, ومع أن هذين المصدرين قد ذكرا انه كان مع سعود أتباعه من الحاضرة والبادية؛ مما لا ينفي ان يكون العجمان من بين هذه البادية، فإنهما لم ينصا على ان العجمان كانوا فعلاً معه.
وكان من نتائج معركة العدوة مغادرة مطلق الجرباء، والد مسلط الذي قتل في تلك المعركة وأتباعه شمالي نجد إلى العراق، حيث استقروا فيما بعد بمنطقة الجزيرة العراقية, أما فئات مطير فإنها بقيت وظلت زمنا هدفا لهجمات سعود.
ففي السنة التالية؛ أي سنة 1206ه، كانت مع فئات من حرب هاجمها على مورد الشقرة قرب جبل شمر، وانتصر عليها, ومع احتمال ان العجمان كانوا معه فإن كلا من ابن غنام وابن بشر لم ينصا على انهم كانوا من بين قواته فعلاً, وعلى هذا فإن ما قيل عن اشتراكهم مع قوات سعود في تلك المعركة يحتاج إلى إثبات من المصادر.
وإلى اللقاء في حلقة أخرى إن شاء الله
ـــــــــــــ
قراءة في كتاب
تاريخ قبيلة العجمان: دراسة وثائقية( 4 )
د, عبدالله الصالح العثيمين
لم تتجاوز الحلقتان الثانية والثالثة من هذه القراءة الفصل الثاني من الكتاب، وعنوانه حلول العجمان في نجد وعلاقتهم بالدولة السعودية الأولى , ولعل السبب في عدم التجاوز هذا ان الفصل الثاني في نظر كاتب هذه السطور أكثر من غيره اشتمالا على ما ينبغي أن يعاد النظر فيه ليكون أكثر دقة وتمحيصا, ولهذا، أيضا، ستستمر هذه القراءة في التعليق على بقية ما ورد في الفصل المذكور.
رجع في الكتاب ص 134، ه 1 في ذكر تاريخ دخول منطقة الاحساء تحت حكم الدولة السعودية الأولى الى كتاب المؤلف البريطاني لونجرج أربعة قرون من تاريخ العراق, ولو فرض ان هذا المؤلف قد ذكر ذلك التاريخ فانه كاتب بعيد عن الحادثة ذاتها، زمناً وانتماء الى أهل المنطقة التي وقعت فيها تلك الحادثة, وكان الأجدر أن يرجع الى أول مصدر تاريخي مكتوب للدولة السعودية، وهو تاريخ ابن غنام، الذي كان مؤلفه من الاحساء نفسها وممن عاش ودرّس في الدرعية, فقد ذكر الحادثة بالتفصيل, وذكرها، أيضا، ابن بشر النجدي الذي تعلم في الدرعية.
قيل 34 :
واشترك العجمان في صد ثويني عام 1211ه فبعد انتصار جيش الدرعية في الاحساء ومكة وصحة التعبير: وعلى جيش مكة لأن السعوديين حينذاك لم يصلوا مكة ذاتها غضبت الدولة العثمانية وأرادت فتح جبهة أخرى ضد الدرعية، وأخرجت ثويني من معتقله وولته امارة المنتفق، وعهدت اليه بتجهيز حملة على نجد, حينئذ أمر سعود تعبئة جميع جيوش الأقاليم تعبئة عامة ليواجه التهديد الجديد، وعين محمد بن معيقل قائداً عاماً لهذا الجيش، ثم أمر الامام عبدالعزيز من دخل في طاعته من البوادي وهو مطير وسبيع والعجمان والسهول ان يسيروا بأموالهم وأولادهم وينزلوا على المياه التي بين الكويت والاحساء ويكونوا في وجه العدو, ثم دارت بعض المعارك, وسميت هذه الواقعة سبحة، ثم نزل سعود شمال الاحساء بعد أن قسم الغنائم .
أما اشتراك العجمان مع بقية أتباع الدولة السعودية الأولى من حاضرة وبادية فأمر لا غبار على صحته, ولكن الكلام الوارد في كتاب تاريخ قبيلة العجمان فيه من عدم الدقة ما فيه.
أ أشير في الهامش الى انه قد اعتمد في الحديث عن اعادة تولية ثويني الى رئاسة المنتفق والعهد اليه بتجهيز الحملة المذكورة على كتاب حسين خزعل حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب, وكان من الأجدر الاعتماد على ابن غنام المعاصر للحادثة، الذي تحدث عنها بالتفصيل في عشر صفحات، أو الى ابن بشر الذي رصد أحداثها في تسع صفحات.
ب قيل ان سعود بن عبدالعزيز أمر بتعبئة جميع جيوش الأقاليم تعبئة عامة, والصحيح ان الذي أمر بالتعبئة العامة ان استعمل هذا التعبير هو عبدالعزيز بن محمد نفسه، وقد نص على هذا كل من ابن غنام وابن بشر.
ج قيل: ان سعوداً عين محمد بن معيقل قائداً عاماً للجيش السعودي, وأشير في الهامش الى انه اعتمد في ذلك على فيلبي, والذي يفهم من كلام ابن غنام هو ان القائد العام كان سعود بن عبدالعزيز نفسه، وان سعوداً أرسل فريقا من جيشه تحت امرة محمد بن معيقل لينزلوا أطراف الصمان وكأنهم طليعة دفاعية, ثم نزل سعود نفسه بمن معه الحفر، وأرسل حسن بن مشاري آل سعود مع فرقة من الجيش الى وادي القرايا.
أما ابن بشر فقال: ان ابن معيقل بعد أن أرسله سعود سار بمن معه ونزلوا قرية الماء المعروف في الطف من ديرة بني خالد ، وان عبدالعزيز بن محمد أمر على العربان من مطير وسبيع والعجمان وقحطان والسهول وغيرهم من عربان نجد يحشدون بأهاليهم وأموالهم ويقصدون ديرة بن خالد ويتفرقون في أموالهم ويثبتون في وجوه هؤلاء الجنود، فحشدوا واجتمعوا فيها, ثم حشد سعود من الدرعية بشوكة من المسلمين, وسار بأهل العارض واستلحق غزو جميع البلدان، ونزل روضة التنهات، ثم الحفر,, وكان سعود قد أرسل جيشا من الحضر مع حسن بن مشاري، واستعمله أميراً على الجنود الذين مع ابن معيقل.
د قيل: أمر عبدالعزيز من دخل في طاعته من البوادي وهم مطير وسبيع والعجمان والسهول أن يسيروا بأموالهم وأولادهم وينزلوا على المياه التي بين الكويت والاحساء,.
هذه العبارة غير دقيقة لأنه قد يفهم منها أن البوادي التي كانت حينذاك في طاعة عبدالعزيز بن محمد هي القبائل الأربع المذكورة فقط, وهذا غير صحيح, ثم ان هناك قبائل أخرى غير هذه الأربع قد اشتركت في التجهز لصد الحملة, فقد نص ابن بشر على أن قبيلة قحطان وغيرها من عربان نجد كانوا بالاضافة الى القبائل الأربع المذكورة قد اشتركوا في التجهز, وقد نص ابن بشر، أيضا، على أن تلك الفئات القبلية قد أمرت أن تنزل ديرة بني خالد وتتفرق في أمواهها , وهو بذلك سمى الأمور بأسمائها المعروفة حينذاك، ولم يقل المياه التي بين الكويت والاحساء , ومن الواضح انه قد حدث خطأ مطبعي، اذ قيل: سميت هذه الواقعة سبحة , فالصحيح انها سميت سحبة ، أي انسحاب.
قيل ص 34 :
يتضح من ذلك أن طلائع العجمان وصلت منطقة الاحساء منذ اشتراكهم مع عبدالله بن معيقل في فتح الاحساء عام 1208ه، ثم اشتراكهم مع الجيش السعودي ضد الحملة التركية التي قادها ثويني عام 1211ه, وبعد هذه الفترة أخذ العجمان يتطلعون الى الاستقرار في هذه المنطقة .
ومما يؤخذ على الكلام السابق ما يأتي:
أ أن سعود بن عبدالعزيز نفسه هو الذي قاد الجيوش، ودخل الاحساء عام 1207ه، ووضع فيها معلمين وسرية من أتباعه, لكن لما غادر المنطقة قام بعض سكان الاحساء مع زيد بن عريعر، وقتلوا أولئك المعلمين، واضطر رجال السرية الى مغادرة البلدة, وفي العام التالي قاد سعود نفسه، أيضاً، القوات السعودية، وحاصر بلدان المنطقة حصاراً شديداً، فشفع لأهلها الزعيم الخالدي، براك بن عبدالمحسن، راجيا منه أن يرحل عنهم ومؤكداً له أنه ان فعل ذلك فإنهم سيبايعون قادة آل سعود من جديد, فرحل سعود الى الدرعية, ثم دخل براك الاحساء فيما بعد مفوضاً من أولئك القادة وأميراً لهم عليها, ولم يورد المصدران المهمان في تسجيل حوادث تلك الفترة، وهما ابن غنام وابن بشر، أي ذكر لقيادة ابن معيقل، أو نص على أسماء القبائل التي اشتركت مع سعود في حملتيه.
ب ان اشتراك العجمان مع القوات السعودية في الهجوم على منطقة الاحساء وهو الاشتراك المرجح حدوثه وان لم ينص عليه ابن غنام وابن بشر لا يصلح أن يكون تاريخاً لبداية وصولهم الى تلك المنطقة, فالاشتراك في حملة موجهة الى أي منطقة أمر مختلف عن مسألة الاستقرار فيها.
وبعد ذلك استمر الحديث في الكتاب الذي تتناوله هذه القراءة عما قام به العجمان بقية عهد الدولة السعودية الأولى، وان كان هذا الحديث غير مرتب العرض, فقد أورد قيامهم بأدوار من سنة 1226ه الى سنة 1231ه في مواجهة قوات حاكم مصر العثماني، محمد علي باشا، قبل أن يورد قيامهم بأدوار في منطقة جازان بين عامي 1215ه و1220ه.
قيل ص 35 :
ان العجمان أبلوا بلاء حسناً في معركة وادي الصفراء, وأشير في الهامش الى انه قد اعتمد في هذا القول على سادلير، ص 211 , ومن المرجح أن العجمان قد أبلوا بلاء حسناً في تلك المعركة، لكن من يرجع الى كتاب سادلير، الذي أشير الى انه قد اعتمد عليه، يجد أن من ذكر بلاءهم فيها لم يكن سادلير، وانما الأستاذ الصديق سعود الحمران العجمي، الذي علق على كتاب سادلير, والدقة العلمية تقضي بأن يسند القول الى قائله.
وقد أتى الحديث في هذا الفصل عما قام به العجمان في منطقة جازان مفصلا وان اشتمل على ما يحتاج الى توثيق، وبخاصة ما يتصل بعلاقة الشريف حمود بامام اليمن, ثم ختم الفصل الثاني بذكر بداية وصول العجمان الى منطقة الاحساء واستقرارهم فيها, على ان مما يلفت النظر في عدم التقيد في هذا الفصل بالحديث عما يفهم من عنوانه، وهو علاقة العجمان بالدولة السعودية الأولى, فقد ذكر فيه حديث موجز عن معركة الرضيمة سنة 1238ه، وهي معركة حدثت بعد نهاية تلك الدولة بخمس سنوات, ويعتمد الحديث الموجز عن المعركة المذكورة في هذا الفصل على ما قاله عنها الشيخ عبدالله الدامر، أحد نبلاء العجمان, وقد ذكر ان تلك المعركة كانت أساساً بين بني خالد والعجمان، وان هاتين القبيلتين كانتا قطبي الرحمى فيها، وفي ايجاز الشيخ عبدالله لها معلومات جديرة بالتأمل.
على ان كلاً من ابن بشر والفاخري، وهما مؤرخان محليان معاصران لتلك الحادثة، قد ذكر بأن معركة الرضيمة كانت بين فيصل الدويش، زعيم مطير، ومن تحالف معه من العجمان وغيرهم وبين زعيمي بني خالد، محمد بن عريعر وأخيه ماجد، ومن تحالف معهما من عنزة وغيرها, وقد ذكر هذا، أيضاً، المؤخى الاحسائي محمد آل عبدالقادر، ولعله اعتمد على المصدرين الأخيرين, وترجيح رواية الشيخ عبدالله الدامر العجمي أو رواية ابن بشر والفاخري المعاصرين للحادثة، ومن اعتمد عليهما فيما يبدو، أمر يحتاج الى مزيد من التدقيق, على انه ينبغي أن يؤخذ في الحسبان بأنه كان هناك تنافس، في تلك الفترة، بين والي مصر ووالي العراق، وان علاقة الدويش بالأول كانت وطيدة، وعلاقة زعيمي بني خالد بالثاني كانت جيدة.
ولقد وصفت معركة الرضيمة في هامش الكتاب الذي تتناوله القراءة ص 45 بأنها كانت نصراً حاسماً للعجمان وهزيمة ساحقة لبني خالد.
وقيل ص 51 : إن بني خالد كانوا، في عام 1244ه، ما يزالون يعانون من تلك الهزيمة، فأراد الامام تركي بن عبدالله أن يجهز عليهم قبل أن تلتئم جراحهم.
والمتتبع للمصادر يخرج بانطباع مضمونه ان عدد القتلى في معركة الرضيمة لم يكن كبيرا, فالفاخري اكتفى بقوله: فكانت على بني خالد وأتباعهم وانكسروا , ولم يشر الى قتلى كثيرين أو قليلين, وابن بشر قال: وقتل عدة قتلى من الفريقين، قتل من عنزة مغيليث بن هذال، وقتل من مطير حباب بن قحيصان رئيس البرزان جليس سعود بن عبدالعزيز, وابن سند ذكر في مطالع السعود ص 230 مقتل مغيليث وحباب، كما ذكر مقتل دجين بن ماجد بن عريعر, وكلام هذه المصادر الثلاثة، التي كان مؤلفوها معاصرين للحادثة، ليس فيه ما يرجح بأن القتلى كانوا كثيرين، وانما كسب المنتصرون غنائم كثيرة.ومن الواضح ان زعماء بني خالد بدؤوا يضعفون بعد سنة 1240ه ليس لأنهم هزموا هم وحلفاؤهم في معركة الرضيمة قبل ذلك بسنتين، بل لأن أقاليم نجد كلها، اضافة الى معظم باديتها، قد أصبحت تحت حكم الامام تركي بن عبدالله، الذي كان الزعماء الخالديون ضده حينذاك، بل ان جهات مما أصبح الآن دولة الامارات العربية المتحدة قد دخلت طوعاً تحت حكم تركي بن عبدالله سنة 1244ه, وبالاضافة الى ذلك العامل الأهم فان زعماء بني خالد كانوا يواجهون قوة رحمة بن جابر على ساحل المنطقة التي كانوا يحكمونها, وكانت قوة رحمة قوة لا يستهان بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة في كتاب
تاريخ قبيلة العجمان: دراسة وثائقية
عبدالله الصالح العثيمين
كنا قد نشرنا الحلقة الرابعة من دراسة الدكتور العثيمين قبل الحلقة الثالثة وهذا خطأ يستوجب التنويه عنه لمن يعتقد ان الحلقة الثالثة قد نشرت ولم يتسن له الاطلاع عليها الجزيرة ,
تناولت الحلقة الثانية من هذه القراءة الجزء الاكبر من الفصل الثاني للكتاب وعنوانه حلول العجمان في نجد وعلاقتهم بالدولة السعودية الاولى وتستمر القراءة في هذه الحلقة متناولة هذا الفصل.
قيل ص 33 :
أما في التوسع السعودي نحو الغرب فيذكر ابن بشر انه في عام 1208ه سار عبدالله بن محمد بن معيقل صاحب بلد شقراء بأهل الوشم وتبعه جيش من السهول ومطير وبوادي العجمان الجميع نحو ست مئة مطية، وقصدوا ناحية الحجاز، فأغاروا على قبائل من بوادي عتيبة وهم في أرض البغث الجبل المعروف في ركبة ووقع بينهم قتال شديد، وانهزم الجيش السعودي ثم دارت المعركة مرة اخرى فانتصروا وارسل عبدالله الأموال والابل، ارسل اخماسها الى الدرعية,وقد ذكر في الهامش انه قد اعتمد في ذلك على ابن بشر، وقيل: ان العجمان دخلوا في الدعوة أي دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومن ثم دخلوا تحت الحكم السعودي عام 1205ه استنادا على قول سادلير في كتابه رحلة عبر الجزيرة العربية .
ومما يؤخذ على الكلام السابق ما يأتي:
انه قد خلط بين غزوتين وأظهرتا وكأنهما غزوة واحدة وما ذكره ابن بشر هو ان عبدالله بن محمد بن معيقل صاحب بلد شقراء سار عام 1208ه، بأهل الوشم ومعه جيش من عربان السهول ومطير وبوادي العجمان الجميع ست مئة مطية، وأمرهم عبدالعزيز بن محمد بن سعود يقصدون ناحية الحجاز فأغار على عربان عتيبة وهم بأرض البغث الجبل المعروف في ارض ركبة ووقع بينهم قتال شديد فوقع في الغزو هزيمة واخذ العدو من ركابهم مئة وقتل من الغزو رجال وقتل من عتيبة عدد كبير.
والملحوظ ان ابن غنام وهو اقدم من ابن بشر وأقرب الى سير أحداث الدولة السعودية الاولى لم يذكر الحادثة وكذلك لم يذكرها الفاخري المعاصر لابن بشر.
ثم ذكر ابن بشر غزوة ثانية في عام 1208ه قائلا:
وفيها سار محمد بن معيقل بأهل الوشم وسدير ومعه كثير من عربان قحطان ومطير وبني حسين وكثير من الدواسر والسهول وغيرهم فسار محمد الى عالية نجد فأغار على عربان من بني هاجر ورئيسهم يومئذ ناصر بن شري وهم نازلون في الحزم الراقي بين الذنايب والثعل ونازلهم فوقع بينهم قتال شديد وانهزم بنو هاجر وقتل منهم عدة قتلى منهم رئيسهم ناصر واخذ جميع اموالهم من الابل والغنم والازواد ما يخرج عن العد والاحصاء وعزل محمد بن معيقل خمس الغنيمة وارسلها الى عبدالعزيز وقسم باقيها في غزوه.
وبذلك يتبين ان ابن بشر قد اشار الى غزوتين الاولى ذكر ان رئيسها عبدالله بن معيقل وكانت موجهة ضد فئات من عتيبة في ارض ركبة وكان من بين الغزاة السعوديين العجمان والثانية ذكر ان رئيسها محمد بن معيقل وكانت موجهة ضد فئات من بني هاجر بين الذنايب والثعل ونتج عنها قتل رئيسهم واخذ أموال منهم ارسل خمسها الى الدرعية ونص في هذه الغزوة على اشتراك عربان من قحطان ومطير وبني حسين والدواسر والسهول لكن لم ينص على اشتراك العجمان فيها.
على انه مما يلفت النظر ان ابن غنام الذي لم يذكر الغزوة الاولى قال عن الغزوة الثانية ما ملخصه:
وفيها أي سنة 1208ه غزا هادي بن قرملة رئيس قحطان ومعه محمد ابن معيقل واهل الوشم ومطير وعربان كثيرة من البدوان,, فصبح عربانا كثيرة من البقوم وبني هاجر,, فقتل ناصر بن شري,, وأخذ المسلمون منهم نحو ثلاثة آلاف من الابل.
وحسب قول ابن غنام هذا كان لهادي بن قرملة رئيس قحطان دور كبير في الغزوة وكان لمطير دور مهم بين فئات القبائل الاخرى والا لما نص عليها وحدها ومن المحتمل ان العجمان كانوا مع محمد بن معيقل في الغزوة الثانية لكن ابن غنام لم يذكر مشاركتهم وابن بشر الذي نص على مشاركتهم في الغزوة الاولى لم ينص على اشتراكهم في الغزوة الثانية مع انه اشار الى اشتراك قحطان ومطير وبني حسن والدواسر والسهول, ومن المحتمل انهم قد اشتركوا في هذه الغزوة وانهم داخلون ضمن المعبر عنهم بكلمة غيرهم لكن عدم النص على اشتراكهم يوحي بأن دورهم ان كانوا قد اشتركوا لم يكن مثل ادوار من نص على اشتراكهم من القبائل الاخرى.
أما ما قيل في هامش كتاب تاريخ قبيلة العجمان من انهم دخلوا في الدعوة سنة 1205ه عزوا الى قول لسادلير فانه بالرجوع الى ذلك الكتاب ص 211 يتضح ان الذي قال هذا لم يكن سادلير وانما المعلق على كتابه الاستاذ الصديق سعود بن غانم الجمران العجمي ناسبا ذلك الى كتاب لمع الشهاب دون ذكر لموضع ما قاله.
وبالرجوع الى كتاب اللمع الذي لا يعتمد على كثير مما قاله يتضح انه لم يذكر متى دخل العجمان في دعوة ابن عبدالوهاب وانما اشار فقط الى انهم كانوا مع سعود في هجومه على فئات مطير وشمر سنة 1205ه ولا يعني كونهم معه في ذلك الهجوم انهم لم يدخلوا في الدعوة الا تلك السنة.
ثم قيل ص 33 :
وفي العام نفسه 1208ه اشتركوا أي العجمان مع عبدالله بن محمد ابن معيقل في التوسع صوب الشرق وفتح الاحساء حيث سار بهم الى عالية نجد وأغاروا على بوادي بني هاجر الذين انهزموا وقتل قائدهم كما شاركوا عبدالله بن محمد بن معيقل بجيشه عند توجهه الى دومة الجندل وقرى تلك الناحية,ولا يخفى على القارئ الكريم ما في الكلام السابق من عدم دقة فهناك فرق بين جهة الشرق وعالية نجد على ان المهم هنا هو ان ابن بشر ذكر ان الهجوم على بني هاجر كان قائده محمد بن معيقل لا عبدالله وانه لم ينص على اشتراك العجمان في ذلك الهجوم وماذا عن حادثة دومة الجندل؟
قال ابن بشر عن تلك الحادثة:
وفيها اي سنة 1208ه امر عبدالعزيز على اهل الوشم والقصيم وجبل شمر ينفرون غزاة مع امرائهم فسار اهل الوشم مع محمد بن معيقل واهل القصيم مع محمد بن عبدالله آل حسن واهل الجبل مع اميرهم محمد بن علي وامرهم يسيرون الى دومة الجندل,, وامير الجميع محمد بن معيقل فسار الجميع وقصدوا الناحية، ونازلوا اهلها، وأخذوا منها ثلاث بلدان، ثم حاصروا الباقين، وقتلوا منهم عدة قتلى، فلم يزالوا محاصرين لها حتى بايعوا على دين الله ورسوله والسمع والطاعة وقتل من الغزو رجال منهم عمهوج المعرقب من مطير.
ذلك ما قاله ابن بشر ومن الواضح انه قد ذكر بأن الغزوة الموجهة الى دومة الجندل الجوف كانت بقيادة محمد بن معيقل لا عبدالله، وانه لم يشر الى اشتراك العجمان فيها وقد أشار ابن غنام الى تلك الغزوة، لكنه قال: وفيها أي سنة 1208ه غزا محمد بن معيقل مع اهل الوشم واهل القصيم واهل الجبل,, الخ وظاهر كلامه انه لم يكن للبادية دور يذكر في تلك الغزوة, وكان مما اختلف فيه مع ابن بشر انه نص على ان بني سراح من اهل الجوف لم ينقادوا لطاعة آل سعود في الغزوة المذكورة.
ثم قيل ص 33 34 :
واستمر العجمان في مساعدة سعود بن عبدالعزيز في توسيع نطاق الدعوة الاصلاحية ففي عام 1209ه غزا سعود بن عبدالعزيز اطراف الحجاز عندما جهز الشريف غالب جيشا بقيادة الشريف فهيد، وهاجم هادي بن قرملة رئيس بوادي قحطان الموالية للدرعية وانهزم جيش ابن قرملة، فأرسلت الدرعية عدة جيوش متحدة من عدة قبائل مثل عتيبة ومطير والدواسر والسهول وسبيع والعجمان وغيرهم لمناصرة هادي بن قرملة, واجتمعت تلك البوادي والجنود قرب الماء المعروف بالجمانية في عالية نجد لمقاتلة ناصر الشريف الذي سار بالجموع والعساكر العظيمة ونزل الجمانية واجتمع عليه كثير من بوادي الحجاز بأموالها واهلها، فالتقت الجموع واقتتلوا قتالا شديدا، وانهزم ناصر الشريف ومن معه.
واشير في الهامش الى انه اعتمد في ذلك على ابن بشر ولمع الشهاب ص 97.
اما مؤلف لمع الشهاب فلم يشر في الموضع الذي ذكر الى الحادثة، وانما أشار فيه الى غزوة الشريف الاولى لنجد عام 1205ه واما ابن بشر فماذا قال؟
قال ابن بشر- بعد ان ذكر غزو سعود بجنوده من نواحي نجد وعربانها للظفير وغيرهم في الحجرة وعودته من هناك في شعبان سنة 1209ه ان سعودا سار بتلك الجنود في ذي القعدة وقصد الحجاز ونازل اهل بلد تربة,, ثم صالحه بعض اهل البلد وقفل راجعا.
ذلك ما قاله ابن بشر عن غزو سعود في السنة التاسعة بعد المئتين ومع انه ذكر بأنه قد كان مع سعود جنوده من نواحي نجد وعربانها مما لا ينفي ان العجمان كانوا من بين اولئك العربان فانه لم ينص على اشتراكهم كما لم ينص على اشتراك اي قبيلة اخرى بعينها.
والقارىء للكلام المعلق عليه هنا قد يفهم بأن غزو سعود لاطراف الحجاز سنة 1209ه كان نتيجة للغزوة التي جهزها الشريف غالب بقيادة الشريف فهيد لغزو نجد اذ وردت فيه عبارة ففي عام 1209ه غزا سعود بن عبدالعزيز اطراف الحجاز عندما جهز الشريف غالب جيشا بقيادة الشريف فهيد ومن المعلوم تاريخيا ان الغزوة التي جهزها غالب بقيادة فهيد ضد نجد كانت سنة 1210ه, ولعل من المستحسن الاشارة بايجاز الى ما حدث بين اتباع الدولة السعودية الاولى واتباع الشريف غالب سنة 1210ه.
وجه الشريف غالب في تلك السنة حملة، بقيادة الشريف فهيد، الى نجد فهاجمت هادي بن قرملة واتباعه في ماسل بعالية نجد وانهزم ابن قرملة ومن معه وطبقا لما ذكره ابن بشر فان الشريف غالبا بعث في السنة ذاتها حملة اخرى الى نجد بقيادة الشريف ناصر بن يحيى فلما علم بذلك عبدالعزيز بن محمد آل سعود امر على محمد بن ربيعان ومن تبعه من عتيبة، وفيصل الدويش ومن تبعه من مطير، وامر ايضا على عربان السهول وعربان سبيع وعربان العجمان وغيرهم من بوادي نجد ينزلون على ابن قرملة ثم امر على ربيع بن زيد امير جميع الدواسر الحاضرة والبادية ان ينزل على ابن قرملة ايضا فنزلت كل تلك البوادي قرب مورد الجمانية حيث دارت بينهم وبين الشريف ناصر واتباعه معركة كان النصر المؤزر فيها حليف القوات التابعة لآل سعود, وكان من النتائج المهمة لتلك المعركة ان تحول اشراف مكة من موقع الهجوم الى موقع الدفاع في علاقتهم مع القادة السعوديين.
والى اللقاء في حلقة اخرى
ـــــــــــ
قراءة في كتاب
تاريخ قبيلة العجمان: دراسة وثائقية 5
د, عبدالله الصالح العثيمين
كانت الحلقات الثانية والثالثة والرابعة من هذه القراءة مركّزة على الفصل الثاني من الكتاب وهو الذي خص أكثره للحديث عن علاقة العجمان بالدولة السعودية الأولى, وفي هذه الحلقة تتناول القراءة الفصل الثالث؛ وعنوانه (الدولة السعودية الثانية والعجمان).
قيل (ص 51):
في عام 1245ه خرج محمد بن عريعر وأخاه (وصحتها وأخوه) ماجد بن عريعر من الأحساء بأتباعهم وقبائلهم من بني خالد، وقصدوا نجد (وصحتها نجداً) لمحاربة الإمام تركي, فلما علم الإمام تركي بذلك سار بجيشه مع ابنه فيصل ومعهم من البوادي سبيع والعجمان وغيرهم، ودارت معركة السبية، وانتصر الإمام تركي, ثم دخلوا الأحساء وهرب بني (وصحتها بنو) خالد وخاصة الرؤساء .
وأشير في الهامش إلى أنه أعتُمد في ذلك على ابن بشر، وآل عبدالقادر، والعثيمين, وما قاله ابن بشر وهو المصدر لكل من آل عبدالقادر والعثيمين عن تلك الحادثة هو:
سار محمد بن عريعر وأخوه ماجد بأتباعهم من بني خالد وغيرهم لمحاربة الإمام تركي في نجد، وسار معهم فهيد الصييفي رئيس سبيع ومعه جملة من عربانه، ومعهم أيضاً فدغم بن لامي وفراج بن شبلان ورؤساء المقالدة من مطير وكثير من عربانهم وضويحي الفغم رئيس الصهبة من مطير وعربانه، ومعهم مزيد بن مهلهل بن هذَّال وجملة من عنزة، ومطلق بن نخيلان رئيس بني حسين وعربانه وغيرهم من أخلاط البوادي,, فلما بلغ تركي بن عبدالله خبرهم أمر أتباعه من أهل العارض والجنوب والوشم وسدير والقصيم وجبل شمَّر ووادي الدواسر، واستنفرهم مع ابنه فيصل، وأمر أتباعه من العربان بأن يغزوا معه؛ ومنهم مطلق المصخ وأتباعه من سبيع وعساف ابو اثنين وأتباعه من سبيع أيضا وضويحي بن حزيم بن لحيان رئيس السهول وأتباعه ومحمد بن هادي بن قرملة وأتباعه من قحطان وغيدان وأتباعه من آل شامر والعجمان وسلطان بن قويد رئيس الدواسر وأتباعه, فسار بهم فيصل حتى تقاتل مع خصومه, وفي أثناء المعركة مات ماجد بن عريعر، فأرسل فيصل إلى أبيه يبشره بذلك، فركب تركي مع شرذمة من خدمه ورجاله، واستنفر ابن وريك رئيس آل عاصم من قحطان، ووصل إلى ابنه حيث ضرب خيمته قبالة خيمة محمد بن عريعر, فوقع الفشل في صفوف محمد ومن معه، ثم انهزموا, ولما فرغ تركي من تقسيم الغنائم توجه إلى الأحساء، وحاصر محمد بن عريعر في قصرها حتى خرج منه مستسلماً، وعامله الإمام بلطف, وبذلك عادت الأحساء مرة أخرى إلى الحكم السعودي.
وهكذا يتضح من كلام ابن بشر المفصَّل حجم القوات التي كانت مع زعيمي بني خالد وتنوّع انتمائها القبلي، كما يتضح حجم القوات التي كانت مع فيصل بن تركي؛ حاضرة وبادية, وهذا لا يتفق مع ما ذكر في كتاب تاريخ قبيلة العجمان، الذي تتناوله هذه القراءة, وبالاضافة الى ذلك فإنه يفهم مما قيل في هذا الكتاب أن القوات التابعة للإمام تركي انطلقت بقيادته هو لصد حملة بني خالد.
وهذا غير صحيح؛ إذ كانت بقيادة ابنه فيصل, وقيل: هرب رؤساء بني خالد من الاحساء, وبما أنه قد ذكر اسما اثنين من هؤلاء الرؤساء؛ وهما محمد بن عريعر وأخوه ماجد، فإن ما قيل غير دقيق, فماجد قد مات والمعركة دائرة بين الطرفين ومحمد استسلم لفيصل، وعومل بلطف.
قيل (ص 52، ه 1):
استغل داود باشا والي العراق ضعف الدولة السعودية وانشغالهم (والأصح انشغالها) برد الغزو المصري فاستولى على الأحساء, ونجح في الحيلولة دون تعرُّض المصريين للأحساء بعد أن استحصل مرسوماً من السلطان ببقاء الأحساء تحت سيطرته, إلا أن السعوديين لم يلبثوا أن استعادوا شيئاً من قوتهم، فحاولوا استرداد الأراضي التي فقدوها, وقد نجحوا في عام 1246ه في عهد الأمير تركي في استعادة الأحساء وانتزاعها من المماليك).
وأشير إلى أنه قد اعتُمد في ذلك على حسن السوداني في كتابه العلاقات .
ومما يلفت النظر هنا:
أ أنه أشير إلى استخدام كتاب السوداني هنا، لكن لم يوضع في قائمة المراجع آخر الكتاب.
ب يفهم من أول الكلام السابق أن داود باشا قد استولى على الأحساء حين انشغال الدولة السعودية الأولى بصدّ حملة محمد علي باشا؛ أي قبل نهاية تلك الدولة, وهذا غير صحيح.
ج مع أن داود باشا قد أسندت إليه مهمِّة المحافظة على منطقة الأحساء فقد كان حكامها عملياً وحقاً زعماء بني خالد، وتركي بن عبدالله استردها من أولئك الزعماء، ولو كان داود يحكمها فعلاً لكان من الممكن أن ترد الدولة العثمانية عسكرياً على ذلك الانتزاع.
د أنه قيل: إن داود نجح في الحيلولة دون تعرّض المصريين للأحساء, وهنا تجاوز في التسمية, فالجيش الذي انطلق من مصر في تلك الفترة كان قادته والموجه له غير مصريين, على أن الأهم من هذا هو أن أحد القادة التابعين لإبراهيم باشا قدم إلى الأحساء بعد الاستيلاء على الدرعية، وقتل عدداً من أتباع الدرعية؛ وبخاصة من اشتهروا بنشاطهم الديني، كما صادر ما وجده من أموال تابعة للدولة السعودية الأولى, فالقول بأن داود باشا حال دون تعرّض المصريين أو بالأصح قوات محمد علي باشا للأحساء قول لا ينطبق مع ما وقع.
قيل (ص 54):
وفد على الإمام فيصل في الأحساء بعد انسحابه من الرياض إلى هناك سنة 1253ه رؤساء القبائل من مطير والعجمان وسبيع وغيرهم, ثم أخذ يحشد جيشاً يتألف من هذه القبائل, وقد قامت هذه القوات بهزيمة قوات خالد بن سعود في الدلم .
وأشير في الهامش إلى أنه قد اعتُمد في ذلك على ابن بشر, وبالرجوع إلى ابن بشر وغيره من المصادر الموثوقة يتضح أنه لم تكن هناك معركة بين قوات الإمام فيصل وقوات خالد بن سعود في الدلم، وأن هزيمة قوات هذا الأخير كانت على أيدي أهل الحريق والحوطة والحلوة, وقد دارت المعركة وفيصل في الأحساء، فكانت بشارة خير بالنسبة له، ثم توجه من هناك، إلى الخرج حيث التحق به أولئك المنتصرون وغيرهم، وأخذ يحاصر خالد بن سعود ومن معه في الرياض, وبذلك يتضح أن ما قيل في الكتاب الذي تتناوله هذه القراءة عن ذلك الموضوع قول بعيد عن الدقة.
ثم قيل بعد ذلك مباشرة (ص 54):
ودارت عدة معارك بين العساكر المصرية مع إسماعيل أغا وخالد بن سعود وبين أهل الرياض, وعندما علم الإمام فيصل بهزيمة الأتراك في الرياض وهو في الاحساء توجه إلى هناك وحاصر الرياض, وعقدت مشاورات بين فيصل والترك ولم تفلح هذه المشاورات, والتحم الفريقان في قتال عنيف فقتل من الفريقين عدة قتلى، وقتل من أصحاب فيصل بداح الفارس المشهور من آل حبيش من العجمان .
مما يؤخذ على الكلام السابق ما يأتي:
أ أنه يشار، مرة، إلى القوات القادمة من مصر مع خالد بن سعود بالعساكر المصرية أو المصريين، ومرة أخرى بالأتراك.
ب العبارة الأولى من الكلام تفيد بأنه كان هناك عدة معارك بين العساكر التي مع إسماعيل وخالد وبين أهل الرياض, والصحيح أن أهل الرياض كانوا مع القائدين المذكورين لا ضدهما.
ج قيل إن مشاورات عقدت بين فيصل والترك, والاتصالات للصلح كما ذكر ابن بشر كانت بين فيصل وخالد.
ولعلَّ مما يلفت النظر فيما ذكره ابن بشر عن سير الأمور حينذاك هو (إقبال فهيد الصييفي رئيس سبيع ومعه عربان سبيع ورؤساؤهم فزعاً لخالد وأتباعه وحرباً لفيصل، والتحاق قاسي بن عضيب وعربانه من قحطان بالصييفي أيضا, وهو أمر يوحي بانقسام القبائل بين الفريقين المتنافسين أحياناً.
ولقد تُحدِّث في بقية الفصل الثالث من الكتاب، عن علاقة العجمان بعبدالله ابن ثنيّان والإمام فيصل في فترة حكمه الثانية, وفي زمن أبنائه من بعده, وهذا الحديث جيّد في مجمله.
على أنه قيل (ص 86): (تؤكد الوثائق على أن العجمان شاركوا في القتال ضد قوات ابن رشيد في معارك القصيم,, وأنهم أول من وقف إلى جانب عبدالرحمن بن فيصل في الاشتباكات التي وقعت في القصيم وكانت حصيلتها أربعة آلاف قتيل).
وإذا صحّت قراءة هذه الوثائق من قِبَل من كتب الكلام السابق فإن المعلومات الواردة فيه غير صحيحة, أما أن العجمان وقفوا إلى جانب عبدالرحمن بن فيصل فأمر مسلَّم بصحته, لكن عبدالرحمن وأتباعه لم يصلوا الى القصيم حتى يكون هناك احتمال لمشاركتهم في الاشتباكات بين أهل ذلك الاقليم وابن رشيد, وهذا أمر أشار إليه من كتب الكلام السابق نفسه (ص 85), والمعركة المشهورة التي دارت بين أهل القصيم وابن رشيد، عام 1308ه كانت معركة المليداء, والمصادر الموثوقة ترجح أن القتلى كانوا في حدود الألف، لا اربعة آلاف.
ويتناول الفصل الرابع من الكتاب وهو الفصل الأخير منه تاريخ العجمان في عهد الملك عبدالعزيز, وهو لا يقلّ جودة عن أكثر ما في الفصل الثالث, ولا ينقص كماله إلا بعض الهفوات اللغوية التي يقلّ أن تخلو منها مؤلفات كثيرة في هذه الأيام.
أما بعد كل ما سبق، فإن الجهد المبذول في كتاب تاريخ قبيلة العجمان جهد يستحق الشكر، ويبعث على الأمل في ان تكون الكتابات المستقبلية لمن كتبه اكثر عمقا وتمحيصا؛ وبخاصة إذا كانت عن هذه القبيلة، التي يكنّ لها كاتب هذه السطور كما يكنّ لغيرها من القبائل العربية الكريمة كل مودّة وتقدير.
والله ولي التوفيق.
وجهة نظر في قراءة الدكتور العثيمين لكتابي (تاريخ قبيلة العجمان: دراسة وثائقية)
رد....د: سلطان بن خالد بن حثلين :
اطلعت على سلسلة المقالات التي كتبها د, عبدالله الصالح العثيميين ذات العنوان التالي: (قراءة في كتاب تاريخ قبيلة العجمان) وهو عنوان الكتاب الذي اصدرته قبل سنتين.
وقد سعدت باهتمام المؤرخ العثيمين به، وأوجه له الشكر عبر جريدة الجزيرة, ولكن الشكر لا يعني أني اتفق معه في كل ماكتبه وسأحاول عبر جريدة الجزيرة أن ارد على بعض الاستفسارات التي اثارها وأبيّن النقاط التي لا اتفق معه فيها:
1 بداية الامر احب ان اشير الى ان اي عمل يعتريه النقص والخطأ وقد ذكرت ذلك في مقدمة الكتاب وطلبت من كل مَن لديه نقد أو يريد أن يضيف شيئاً أو يبيّن خطأ ان يراسلني على العنوان البريدي المكتوب في المقدمة المشار إليها ولكن د, العثيمين اراد ان يتم النقد عبر صفحات الجزيرة، وله الحق في اختيار مايراه مناسباً.
2 وضع د, العثيمين علامة استفهام حول مشاركة (د, زكريا كور شون) في تأليف الكتاب، وعلل هذا التساؤل لأن مقدمة الكتاب كُتبت بصيغة المفرد (الباحث) وختمت باسم (د, سلطان بن حثلين) بدلا من كتابتها بصيغة المثنى, وايضاحاً للامر فانه عندما تم الإعداد للكتاب وجمع المادة العلمية كان لا بد من الاستفادة من جهود كاتب متخصص في التاريخ العثماني، وبخاصة فيما يتعلق بوثائق الارشيف العثماني, و(د, زكريا كورشون) استاذ مشارك في التاريخ الحديث في جامعة مرمرة تتركز اهتماماته البحثية على تاريخ الدولة العثمانية، وعلاقتها بالجزيرة العربية, واضافة الى جهوده في استخراج الوثائق من الارشيف العثماني، فقد وافق مشكوراً على المشاركة في هذه الدراسة، وكتب فصلاً من اربع وخمسين صفحة تتناول فترة الاستيلاء العثماني على المنطقة الشرقية وما تلاها من احداث تضمن الكتاب منها حوالي ثلاث وعشرين صفحة تمثل خمسة عشرة بالمائة من حجم الكتاب, وكان من باب الامانة العلمية ورد الفضل لأهله وضعُ اسمه على الكتاب.
3 أغفل د, العثيمين عند نقده لبعض فقرات الكتاب بعض الحقائق التي كان يجب ان تذكر، وأورد بعض النصوص التي استشهد بها بصورة تدعم رأيه وتقوي حجته واقتصر في بعض الاحيان على المصادر التي تؤيد وجهة نظره، وهذا فيه إخلال بالمنهج العلمي للنقد, ويتضح ذلك في الامثلة التالية:
في تعليق د, العثيمين على ماورد في الكتاب ص 29.
وعند الحديث عن معركة (قذلة) يقول: (ومما يُلحظ على الكلام السابق ان كلا من ابن غنام وابن بشر وهما المصدران القريبان من اجواء تلك الحادثة زمناً وصلة بقادة الدولة السعودية الاولى لم يذكرا حدوث قتل عدد لا قليل ولا كثير لرجال من قبيلة سبيع على ايدي العجمان، وانما ذكر ان العجمان اخذوا فريقا من سبيع، وكلمة اخذوا لا تعني القتل، اما الفاخري الذي قد يوهم ايراده في هامش الكتاب انه قد ذكر ذلك، فإنه لم يشر اطلاقا الى ما وقع من العجمان على سبيع لا اخذا ولا قتلا وانما اشار الى قتل عبدالعزيز بن محمد لخمسين رجلاً من العجمان,,,) انتهى, هنا نجد ان د, العثيمين يعتقد بان ذكر حادثة القتل في الكتاب لا تعتمد على مرجع يستند اليه وكأن هذا القول منتحل بالرغم من ان هناك اربعة مصادر اعتمد عليها في نقل احداث معركة (قذلة) هذه المصادر هي: الفاخري، فلبي، خزعل، ابن غنام, وبالتالي فإن هذه المعركة تم ذكرها في تلك المصادر والمراجع مع الاختلاف في الروايات.
والسؤال الآن: هل تلك المراجع جميعها لم تشر الى حادثة القتل تلك ام ان د, العثيمين اغفل بعضها؟ لقد اشار حسين خزعل في كتابه (حياة محمد بن عبدالوهاب) ص248 كما هو موجود في هامش الكتاب ونقله عنه ايضاً ابو عبدالرحمن بن عقيل في كتابه العجمان وزعيمهم راكان ص50 الى تلك الحادثة وكان نصه كما يلي: فانه لما عاد الامير عبدالعزيز من غزوته التي قام بها على سدير وعند وصوله الى رغبة وردته انباء بأن جماعة من قبيلة العجمان المنتسبة الى يام من همدان من قحطان قد تجاوزت على فريق من سبيع التي دخلت في سلك الدعوة وآمنت بها وأوسعتها قتلاً ونهباً,, انتهى, أليس الأولى ان يذكر د, العثيمين ذلك وينسب الخطأ الى كتاب حسين خزعل ان كان هذا خطأ اساساً؟
المثال الآخر: يقول د, العثيمين في الحلقة الرابعة عند تعليقه على معركة الرضيمة التي وقعت سنة 1238ه: يعتمد الحديث الموجز عن المعركة المذكورة في هذا الفصل على ماقاله عنها الشيخ عبدالله الدامر احد نبلاء العجمان وقد ذكر ان تلك المعركة كانت اساساً بين يدي خالد والعجمان وان هاتين القبيلتين كانتا قطبي الرحى فيها,,, ثم يضيف قائلاً: على ان كلاً من ابن بشر والفاخري وهما مؤرخان محليان معاصران لتلك الحادثة قد ذكرا بان معركة الرضيمة كانت بين فيصل الدويش زعيم مطير ومن تحالف معه من العجمان وغيرهم، وبين زعيمي بني خالد محمد بن عريعر واخيه ماجد ومن تحالف معهما من عنزة وغيرها.
ثم يتوقف د, العثيمين في مسألة اي الروايتين اصح وان كان من خلال كتابته يميل الى ترجيح رواية ابن بشر والفاخري لأنه على حد قوله: (يجب ان يؤخذ في الحسبان التنافس الذي كان قائما في تلك الفترة بين والى مصر ووالي العراق وان علاقة الدويش بالاول وطيدة وعلاقة زعيمي بني خالد بالثاني كانت جيدة) انتهى,.
وفي هذا السياق تبرز لنا عدة تساؤلات:
اولها: هل حقاً تم ذكر معركة مناخ الرضيمة في الكتاب بإيجاز وان الشيخ عبدالله الدامر ذكر ان تلك المعركة كانت اساساً بين العجمان وبني خالد كما قال د, العثيمين؟
والإجابة عن ذلك هي الإشارة الى النص في الكتاب من ص45 الى ص46 التي تقول: (,,,,وقع التصادم بين العجمان وبني خالد في عام 1238ه في معركة مناخ الرضيمة التي كانت بين العجمان وحلفائهم من القبائل الاخرى مثل مطير والدواسر وغيرهم من ناحية، وبين ماجد بن عريعر واتباعه من بني خالد ومن تبعهم,,)
ثم ذكرت رواية الشيخ عبدالله الدامر سبب القتال واستعانة العجمان بالإمام تركي بن عبدالله واعتذاره عن ذلك وكتابته الى الدويش امير مطير لمساعدة العجمان في قتالهم ضد بني خالد، وقد انضم الى الحلف الامير سلطان بن قويد من امراء الدواسر و معه ابن وثيلة من شيوخ الوادي وانضم اليهم السهول، وذكرت الشروط التي طلبها كل من الدويش وابن قويد للاشتراك في المعركة كما ذكرت الرواية مشاركة كل من مغيليث بن هذال وبرجس ابن مجلاد من امراء عنيزة ومسلم بن مجفل امير الصملة من سبيع في حلف ابن عريعر, وانتهت الرواية بذكر انتصار العجمان وحلفائهم, مما سبق يتبين لنا ان رواية الشيخ عبدالله الدامر لم تكن موجزة وانها لم تذكر بأن قطبي الرحى هما العجمان، وبنو خالد بل اشارت بكل وضوح الى خلاف ماذكره د, العثيمين الذي لم يشر ايضاً الى ان هذه المعلومات قد وردت في الكتاب؟
الامر الآخر هو لماذا لم يرجح د, العثيمين رواية الشيخ عبدالله الدامر، ولماذا جعل رواية ابن بشر والفاخري هي الاقرب الى التصديق؟؟ ألم يكن بوسع المؤرخ د, العثيمين ان يتصل بأحد الرواة الثقات من قبائل الجزيرة مثل مطير او الدواسر او بني خالد او العجمان او عنزة او سبيع فتلك القبائل هي التي خاضت المعارك ورواتها اعلم الناس بتفاصيلها.
ان معركة مناخ الرضيمة من بدهيات تاريخ القبائل العربية، ورواية الشيخ عبدالله الدامر هي رواية متواترة ذكرها العديد من الرواة الثقات، وأكتفي بما ذكره عبدالعزيز بن سعد السّناح المطيري في كتابه الخيل والابل عند قبيلة مطير ص161 عند ذكره لاستيطان مطير في شرقي نجد:
(استوطنوا شرقي نجد بعد مناصرتهم للعجمان ضد ابن عريعر في مناخ الرضيمة سنة 1238ه، قال ابن فردوس العجمي مانصه (كان ابن عريعر في ذلك الوقت حاكماً لجميع القبائل والعجمان طلبوا النجدة من الدويش، وكان بالارطاوية فشرط الدويش على العجمان بان يعطوه الطوال وهي اللهابة والقرى واللصافة واعطوه ما اراد,,,)
وكما ان الشعر هو ديوان العرب فقد أرخ لهذه المعركة شاعر العجمان يوم الرضيمة (فهيد الخفيف) وهو ممن حضر احداثها وتداعياتها، حيث قال:
تسعين ليل والملايا معقله=من الجوع والهزلى تثنت رقابها
ولكن طرحان المناعير بيننا=جذوع نخل قطعت من عقابها
رحنا وجينا بالدويش المسمى=له ركضة عند الضحى ينحكى بها
وجينا بخطلان اليدين آل زايد=ربع ترابع في الأحدة ركابها
ورحنا وجينا بالسهول وخلطهم=برايزة بالضيق تروى حرابها
وجانا من العبر المسمى مخيلة=مخيلة ياسعد من هو عدابها
واولاد مرزوق هل المدح والثنى=يصالون ضو الحرب يوم التهابها
إن حصر تاريخ الجزيرة العربية في بعض المصادر فقط وجعلها هي المرجعية الرئيسية للتاريخ هو نوع من الوصاية والحجر الذي لا يتفق مع المنهج العلمي حتى لو كانت هذه المصادر في حجم ابن بشر وابن غنام او من المؤرخين المعاصرين كابن عثيمين، لأن المصادر التاريخية يعتريها النقص والخطأ كما انها تخضع عند كتابتها لتأويل المؤرخ وتفسيره للأحداث بحسب ميوله وانتمائه للقوى السياسية والاجتماعية المؤثرة في عصره مهما بلغت نزاهته، فالحيادية في كتابة التاريخ امر قد لا يتفق عليه اثنان.
إن كتابة تاريخ قبائل الجزيرة العربية هو جزء هام من تاريخ هذا الوطن الغالي، وأعلم الناس بتاريخ هذه القبائل هم رواتها الثقات الذين نقلوا احداثها وتاريخها جيلاً بعد جيل حتى إن اعترى هذه الروايات بعض النقص والخطأ فانه لا يمكن ابداً اغفالها، كما انه لا يمكن الاستغناء عن المصادر التاريخية المكتوبة كابن بشر وابن غنام وغيرهما.
إن النقد الموضوعي واختلاف الآراء يثري الساحة العلمية والثقافية، ويدل على نضج المثقفين والمجتمع ككل مالم يكن الهدف من وراء ذلك النقد الضجيج الإعلامي او تزييف الحقائق او التجريح وهذا الأمر أُنزِّه عنه د, العثيمين وامثاله من الاكاديميين الذين نعتز بمكانتهم العلمية، ولكن لانقدس آراءهم او اقوالهم.وكما يشمل كتاب تاريخ قبيلة العجمان على بعض الأخطاء فكذلك احتوت سلسلة المقالات النقدية للدكتور العثيمين على بعض الأخطاء، وضعف المنطق العلمي وهذا لا يقلل من الأهمية العلمية للكتاب او لمقالاته, واختلاف الرأي لا يغير من الحق شيئاً، ولا يفسد للود جانباً.
د: سلطان بن خالد بن حثلين : رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
منقول للفائدة