طلال السليفي
09-24-2007, 08:41 PM
كنت في فترة من الفترات قبل ما يزيد عن خمس سنوات أعمال في التجارة إليكترونيا . كنت أجلب مستلزمات و طلبات المستهلكين التي يحتاجونها من شتى بقاع العالم عن طريق تعاملي المباشر مع الشركات الأم المصنعة للمنتجات المختلفة ، و كان من بين زبائني فتاة يظهر عليها العلم و الطيبة و الذكاء و الفطنة . كانت مرة معي مثل غيرها من زبائني على ( المسنجر ) يسألون و يستفسرون عن طلباتهم ، فكان من الحديث الذي قالته لي و أخبرتني به قولها : أول استخدامي للإنترنت كان عن طريق اشتراكي في إحدى المنتديات قبل أربع سنوات . دخلت المنتدى داعية و كنت أكتب مواضيع نصح و إرشاد في مواضيع عدة ، و كنت نشيطة جدا في الدعوة كما هم بعض الأعضاء الآخرين ، كان من بين أولئك الأعضاء عضو يظهر عليه النشاط الغير عادي في الدعوة و كان من أنشطنا فيها ، استمرينا جميعا نتعاون على الخير في الإرشاد و نفيد بعضنا في طرق الدعوة و تنويعها يوما عن يوم ، استمرينا على هذا الحال أكثر من سنة ، حتى جاء ذلك اليوم الذي أرسل لي فيه ذلك الرجل النشيط في الدعوة رسالة خاصة يقول فيها : أراكِ من أنشط الفتيات في المنتدى في الدعوة كما أرى أيضا سمو أخلاقك و حسن تربيتك فيما تكتبين و إني أنوي الزواج بكِ فهل أستمر في سلوك أسباب نيله أم أبعد هذه الفكرة تماما عني ؟ ما إنِ استقبلت رسالته مع ما أرى فيه من النشاط في الإصلاح إلا و قلت في نفسي : لا يمكن أن يكون رجل داعية إلى الخير و يطلب طلبا سريعا كهذا إلا و يكون صادقا إن شاء الله. من جهتي لم أكن أستهجن أو أكره فكرة الزواج عن طريق الإنترنت و أقول : ربما تزوج اثنان بهذه الطريقة و كانا أسعد ممن تزوج بطريقة تقليدية ، و الذي جعلني لا أنكر هذا الأسلوب منه رؤيتي الخير منه فيما يكتب، كما أن علمي المسبق بأن والدي ممن قد يوافق على طريقة كهذه للزواج جعلني أرد عليه قائلة : أنت كمثلك ممن يتقدم لي للزواج مني و يأتي إلى بيتنا فأت إلى بيت أبي واسلك طريق أمثالك من الشباب ، ثم هناك يقضي الله أمرا كان في الكتاب مسطورا . إن تأكدت من عزمك فدونك هاتف أبي إن أردت لكن بعد أن أبلغه إن شاء الله بأمرك حتى يتهيأ لاستقبالك. هيأت أبي للأمر و رأيت ألا مانع عنده في ذلك كما أني استأذنته في اعطاء رقمه إلى ذلك الرجل كي يهاتفه. الوالد اقترح أن يحصل على رقم الشاب و هو من يكلمه و ينسق معه لاستقباله ، طلبت من الشاب الرقم فأعطانيه ثم اتصل عليه والدي و نسق معه و حددا موعدا لمجيئه رسميا لخطبتي. حددا موعدا معا و فعلا أتى إلى بيتنا ذاك الشاب ، أتى الشاب و معه رجل آخر وقال : هذا خالي ، والدي متوفيان رحمهما الله ، رحب بهما الوالد و أكرمهما و تحدثا شيئا من الوقت. قال الشاب : ما رأيك يا فلان أن أراها و تراني اليوم رؤية شرعية ؟ قال والدي : ما عندي أي مانع ، و لكن سأدخل و أقول لها ذلك . أتاني والدي و أخبرني بما أراده الشاب فقلت لوالدي: و الله يا والدي لعلنا نؤجل الرؤية الشرعية إلى وقت آخر ، لست متهيأة و لست مرتاحة لأمر هذه الخطوبة إن أردتني أن أكون صادقة معك. والدي سامحه الله فهم ردي هذا مني أنه حياء مني ، و رأى من الشاب أيضا لباقة و هدوءا و حسن خلق و رغبة قوية في أن يراني فجعل الشاب يراني في فناء المنزل من دون أن أشعر . رآني الشاب ثم انصرف ، أتاني والدي و أخبرني أن الخاطب سيحدد موعدا آخر معي حتى يجلس إليك و ترينه و يراك إن شاء الله. لم يخبرني أبي و لا ذلك الشاب أنه قد رآني من دون أن أشعر ، عاد الشاب إلى المنتدى و بقي على نشاطه الأول في النصح و الإرشاد و أنا استمريت كذلك ، لكن الرسائل الخاصة بيننا أصبحت أكثر يوما عن يوم ، بعضها فيما يخص المواضيع و البعض يخص أسئلة تتعلق بزيادة معرفة كل و احد منا بالآخر قبل الإقدام على أمر الملكة ، استمرينا شهورا على هذا الحال ، بعد أشهر قال: إنه سيأتي إلينا ليعقد علي فقلت له: اتصل على والدي و نسق معه هذا الأمر ، اتصل فعلا و حددا الموعد بعد شهر من تاريخ مكالمته مع والدي ، خلال هذا الشهر الذي ححد المجيء بعده إلينا طلب مني في المنتدى أن أرسل له رقم جوالي ، قال: إنه يريد أن يتعرف علي أكثر خلال هذه الفترة حتى موعد العقد ، رفضت بشده لكنه كان يلح في الطلب أكثر فأكثر حتى قلت له : يا فلان ، لا يمكن أن تنال مني رقم هاتفي حتى تعقد علي إن شاء الله ، فكان يقول : أو بعد كلما فعلت لم تتأكدي من إصراري على الزواج بك ؟ قلت: و لو كان منك ما كان ، لا أرى أنني مصيبة على إعطائك الرقم حتى تعقد علي ، كان إصراره يزيد حتى قلت في نفسي : سأخبر والدي بهذا و أرى رأيه في ذلك . قال لي والدي : ليس هناك مشكلة إن كان غرضه أن يتعرف إليك أكثر في حدود المعقول قبل أن يتقدم إلى خطبتك يا ابنتي ، أعطيت الشاب الرقم فعلا و بدأت الإتصالات بيننا في حدود التعرف على شخصيتينا فقط و لا أكثر من ذلك . بقي على موعد الملكة ثلاثة أيام ، اتصل الشاب بأبي و قال : خالي الذي أتى معي يوم الخطبة مات في حادث سيارة في المنطقة الفلانية ، لعلنا نؤجل الملكة إلى وقت آخر حتى يخف عنا ما ألم بنا ، ترحمنا على خاله ، واتصل الشاب على والدي و قال: لعلنا نجعل الموعد بعد شهر من الآن في التاريخ كذا و كذا ، وافقه والدي و مضينا ننتظر ذلك اليوم ، خلال فترة الإنتظار كان يتصل بي و أتصل به ، كان هناك أيضا من يضايقني من الشباب على هاتفي بصورة غير اعتيادية ، كل يوم رقم جديد و أرد عليهم و لا أحد يجيب ، قلت في نفسي : هؤلاء هم الشباب هذه الأيام ، يريدون أن ينالوا من الفتيات ما ينالون ، سألني ذلك الشاب يوما خلال ذلك الشهر : هل يضايقك أحد من الشباب على الهاتف ؟ فقلت له : لا ، لأنني لا أريد أن يجعله يهتم بالأمر و لم يكن زوجي بعد . فقال : إذا ضايقك أحد مستقبلا فأخبريني . استمرت مضايقات الشباب كثيرا لكني أيضا لم أشأ أن أخبره بشيء لنفس السبب الذي ذكرته . خلال فترة انتظار الملكة ، أنا أشتري أشياء أجهز نفسي بها ، والدي ووالدتي اشتريا أشياء أخرى ، عماتي خالاتي و كل عزيز عندي شاركني فرحتي التي لم تتم بعد . غرفتي كانت مليئة بكل شيء ، هذا فستان العرس هناك و تلك البلايز و التنانير هناك و تلك العطور في ذلك الركن و تلك الهدايا على الطاولة هناك ، أنتظر و أهلي بفارغ الصبر اليوم الذي يحل علي فيه فارس أحلامي في بيتي. بقي على موعد الملكة يومان ، كان الوقت ليلا و أردت تصفح المنتدى و قسم الرسائل الخاصة . دخلت قسم الرسائل الخاصة و رأيت رسالة منه ، فرحت كثيرا لوجودها قبل أن أقرأها ، فتحتها فوجدت فيها منه ما قال : بقي على موعد الملكة يومان ، لكنني لن آتي ، لن آتي في ذلك الموعد و لن آتي أبدا ، كنت أظن أني سأحصل منك على شيء و لم أقدر . الشباب الذين كانوا يضايقونك في الهاتف هم أصدقائي ، كنت أظن أنهم سيقدرون على ما لم أقدر على الحصول عليه منك ، الشخص الذي أتى معي إلى الخطبة لم يكن خالي بل كان أحد أصدقائي ، و لم يمت أحد من أهلي أبدا ، كما أني قد رأيتك ذلك اليوم من حيث لا تشعرين و كنت فعلا جميلة ، لكنك كنت ممتنعة و لم أستطع استدراجك أبدا ، إلى اللقاء . رأيت الرسالة و لم تصدق عيناي الذي قرأت ، رأيتها و وددت لو أني أموت ذلك الوقت ، أصابني ألم شديد في رأسي ، صرخت صرخة قوية سمعها أهلي جميعهم و أتوا إلي و قد و جدوني مرمية على الأرض و قد فقدت الوعي تماما . ذهبوا بي إلى المستشفى فمكثت أتعالج فيه من هول الصدمة ثلاث سنوات ، ثلاثة أشهر على السرير متواصلة لا أتحرك أبدا ، و سنتان و تسعة أشهر أراجع العيادات النفسية حتى تعافيت تدريجيا و خرجت مما أنا فيه . أعطيت جوالي إلى والدي ، و مكثت أدعوا على ذلك الشباب و على رفاقه ثلاث سنوات ، في قيامي و قعودي و حركتي و سكوني و كثيرا في صلاتي ، بعد ثلاث سنوات أصبحت في حال متحسنة كثيرا عن السابق فأردت من والدي أن يأتي لي برقم جوال جديد ، فما كان من والدي إلا أن يصر على الرقم القديم و ألا أغيره ، كان يريد أن يبعث في نفسي الثقة و أن يخبرني بطريقة غير مباشرة أنه يثق في و ألا يد لي فيما حصل بتاتا. أخذت الرقم القديم ، و في أول يوم اتصل علي رقم لا أعرفه و رددت عليه ، فإذا به ذلك الشاب ، لكن أول ما سمعت منه بكاؤه الذي جعلني لا أغلق الجوال بسرعة ، و قال لي : اسمعي مني كلمتين ثم سأغلق الهاتف أنا و ليس أنت . لي ثلاث سنوات أحاول الإتصال بك كي تسامحينني لكن هاتفك مغلق . بعد أسبوع فقط من تاريخ آخر رسالة مني إليك صدمت بسيارتي سيارة أخرى فشللت شللا رباعيا . و بعدها بفترة مات أحد الذين كانوا يضايقونك في حادث آخر . و أحد الذين كانوا يضايقونك احترق محله التجاري و ضاع كل ما يملك و هو يتعالج في مصحة نفسية . أرجوك سامحيني ، لم أقل كلمة واحدة ، غلبتني دموعي و أغلقت الهاتف و أخرجت الشريحة و قطعتها ، وقلت في نفسي ، اللهم أني أشهدك أني قد سامحتهم فاعف عنهم ، اللهم اخلفني خيرا . ليعلم أي شاب يحاول أن يخترق أعراض الشريفات المؤمنات أن دعوة ستصيبه تنكد عليه عيش ما بقي من حياته ، ستصيبه دعوة من الفتاة أو والديها أو المسلمين و إن فلت من دعاء سيصيبه آخر و لا محاله .
منقول للعبرة اللهم أحمي أخواتنا المؤمنات من الفتن ماظهر منها ومابطن000
منقول للعبرة اللهم أحمي أخواتنا المؤمنات من الفتن ماظهر منها ومابطن000