ابواماني
04-23-2007, 06:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السعادة هي جنة الأحلام التي ينشدها كل البشر ؛ ولكن السؤال الذي حيّر الناس من قديم : أين السعادة ؟؟
لقد طلبها الأكثرون في غير موضعها فعادوا كما يعود طالب اللؤلؤ في الصحراء صفر اليدين كسير القلب خائب الرجاء . نعم ؛ لقد جرب الناس في شتى العصور ألوان المتع المادية ، وصنوف الشهوات الحسية فما وجودوها تحقق السعادة .
لقد بحث عنها قوم في المال الوفير والعيش الرغيد فما وجودها ، وآخرون بحثوا عنها في المناصب العالية فما حصلوها ، وآخرون بحثوا عنها في الشهرة والجاه العريض فما ظفروا بها ... لماذا ؟؟؟
لأن السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان يشعر به بين جوانبه فهو أمر معنوي لا يُقاس بالكم ، ولا يشترى بالدينار والريال ، بل هي صفاء نفس وطمأنينة قلب وراحة ضمير وانشراح صدر .
ويذكر أن زوجاً قال لزوجته بغضب : لأشقينَّك . فقالت الزوجة في هدوء : لا تستطيع أن تشقيني كما لا تستطيع أن تسعدني .
فقال الزوج في حنق : وكيف لا أستطيع ؟
فقالت الزوجة في ثقة : لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني أو زينة من الحلي لحرمتني منها ، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون !
فقال الزوج في دهشة : وما هو ؟ فقالت الزوجة في يقين : إني أجد سعادتي في إيماني ، وإيماني في قلبي ، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي .
ومثل ذلك ما دوى به البحر الخضم والجبل الأشم علم الأعلام وشامخ الشام وشيخ الإسلام ابن تيمية قدّس الله روحه ونوّر ضريحه لما سجن ظلماً وعدواناً في سجن القلعة قال رحمه الله : ما يفعل أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري حيثما ذهبت فهي معي .
ويقول أحد السلف واصفاً حاله وهو في غمرة السعادة الحقيقية : إنه لتمر عليّ ساعات أقول فيها : إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي عيش رغيد .
قال ابن القيم رحمه الله ( كما في مدارج السالكين ) : في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته ، وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته وإلإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا ) .
إذا أيها الأحبة السعادة لا يمكن أن تحصل إلا بالإيمان واليقين في المقام الأول .
وديننا قد جاء بما يكفل السعادة للمسلم بل ونهى عن الحزن قال تعالى ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) وقال ( ولا تحزن عليهم ) وقال سبحانه ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا )
وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ) .
فالدين جاء لسعادة البشر ولانتفاء الشر عنهم والضرر ، وذلك في كل مناحي الحياة ، ومن تلك المناحي سعادة الأسرة فقد بناها على مقومات السعادة وهو المودة والرحمة والسكن فلا سعادة بلا مودة وسكينة وتراحم قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا .... ) الآية .
ثم إنه قد جاء بما يكون من روافد هذه السعادة وهي المرأة الصالحة فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أربع من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ، والجار الصالح ، والمركب الهنيء ) رواه ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني .
وقال صلى الله عليه وسلم ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه مسلم .
وقال تعالى ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) .
أيها الإخوة .. وإنما كان الحديث عن سعادة الأسرة لأنها نواة المجتمع فصلاحها يكون لبنة في صلاح المجتمع كما أن فسادها يكون معول هدم في صرح المجتمع .
والإسلام قد اعتنى بالأسرة غاية العناية ولعلنا نُجْمل بعض مظاهر هذه العناية في الأمور التالية :
1 ) أنه جعل قوام الزواج على الدين والأخلاق ، وهذا من أهم المظاهر للعناية بالأسرة ويعتبر إجراءً وقائياً – إن صح التعبير – لتفادي صور الانحلال والفساد الأسري . قال صلى الله عليه وسلم ( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) متفق عليه.
ليــس الفتاة بمالها وجمالها ### كلا ولا بمفاخر الآباء
لـكــنها بعفافها وبطهرها ### وصلاحها للـزوج والأبناء
وقيامها بشئون منزلها وأن ### ترعاك في السراء والضراء
ياليت شعري أين توجد هذه الـ ### فتيات تحت القبة الزرقاء
ويقول المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) رواه الترمذي وهو حديث صحيح .
2 ) ومن مظاهر عناية الإسلام بالأسرة أنه أمر بالمعاشرة بالمعروف، قال تعالى ( وعاشروهن بالمعروف ) ويقول سبحانه ( ولهن مثل الذين عليهم بالمعروف ) وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية ككلام الطيب والصحبة الجميلة ، وكف الأذى وبذل الإحسان ، وحسن المعاملة ، والصفح عن الزلات . فما أحوج بيوتنا إلى تطبيق هذه المعاشرة ، وما أجدرنا أن نعوّد ألسنتنا على الكلام الطيب في حياتنا الأسرية ، ومما يصل بالكلمة طريقة إلقائها فقد تزيد هذه الطريقة إن كانت حلوة عذبة من تأثيرها وما أجدرنا أن نعوّد عضلات وجوهنا الابتسامة التي تبسط أكثر المسائل تعقيداً ، وتمنحنا قوة في التغلب على كثير من المصاعب .
وإليكم أيها الإخوة موقفاً من بيت النبوة لأسوتكم عليه الصلاة والسلام وما كان عليه من معاشرة حسنة لأهله ، فقد روى مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه واللفظ له عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم شيء ؟ قلت : لا . قال : فإني إذا صائم ، ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيساً فقال : أدنيه فلقد أصبحت صائما فأكل .
ووصفت أعرابية زوجها وقد مات فقالت : والله لقد كان ضحوكا إذا ولج سكوتا إذا خرج آكلا ما وجد غير سائل عما فقد .
3 ) ومن المظاهر أيضا أنه نهى عن الظلم بشتى أنواعه إلا أن ظلم الأهل أشد نهيا لما بين الأهل من العلاقة الموجبة للإحسان وبذل المعروف كما تقدم .
وظلم ذوي القربى أشد مرارة ### على النفس من وقع الحسام المهند
قال صلى الله عليه وسلم ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) متفق عليه .
ومن ذلك ظلم الأولاد بتفضيل بعضهم على بعض فقد جاء في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أناه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أكُل ولدك نحلته مثل هذا ؟ ) فقال : لا قال : فأرجعه .
وفي لفظ : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال : لا قال : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم .
وفي لفظ : فأشهد على هذا غيري . ثم قال : أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء قال : نعم قال: فلا إذن.
4 ) ومن ظاهر عناية الإسلام بالأسرة أنه أعلى شأن الوالدين وجعل برّهما من آكد الحقوق ، والكلام على برّ الوالدين من الصعوبة بمكان أن يختصر في مثل هذه العجالة لما في القرآن والسنة من النصوص الكثيرة المتظافرة في شأن بر الوالدين أضف إلى ما في الواقع من إخلال بهذا الواجب العظيم ، وما من حقٍ قرنه الله بحقه بحرف العطف الواو إلا حق الوالدين بل قد جاء في المرتبة الثانية بعد الأمر بالعبادة ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ... ) الآية .
5 ) ومن المظاهر كذلك أنه أمر بالتربية الحسنة ، والأصل في التربية الحسنة من القرآن قول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنا قوا أنفسكم وأهليكم نارا .... ) قال علي رضي الله عنه : علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم .
وقال قتادة : أن يأمرهم بطاعة الله وينهاهم عن معصيته وأن يقوم عليهم بأمر الله تعالى يأمرهم به ويساعدهم عليه فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها .
والأصل في التربية الحسنة من السنة قوله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها .) الحديث متفق عليه .
- أهم أسباب التفكك الأسري :
ونعني بالتفكك انحلال روابط الأسرة واضمحلال المحبة والمودة بين أفراد البيت الواحد فلا يكون للبيت دوره الرئيس في توجيه وضبط سلوك الأولاد وإنما هو عبارة عن مأوى للنوم والأكل وما شابه ذلك فحسب ، ولا شك أن هذا أمر خطير لا بد من وضع الحلول المناسبة له ليعود البيت إلى وضعه الطبعي ولكن قبل ذلك لا بد أن نعرف بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى التفكك الأسري فمن ذلك :
1 ) عدم مراعاة أوامر الله في الحياة الأسرية .
فالمسلم ينبغي أن يسير في حياته وفق المنهج الرباني الذي أمر باتباعه قال الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) ومن أعظم أوامر الله التي يجب العناية الأكيدة بها الصلاة ، ولذا فقد نص الله على متابعة الأهل عليها في القرآن الكريم فقال سبحانه ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) فأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم ، ويصطبر عليها ويلازمها . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله تعالى أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ، ويقول لهم : الصلاة الصلاة ، ويتلو هذه الآية ( وأمر أهلك بالصلاة .) رواه مالك في الموطأ .
وقد أثنى الله على نبيه إسماعيل عليه السلام فيما أثنى عليه بقوله ( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ) ، وعن القاسم بن راشد الشيباني قال : كان زمعة نازلاً عندنا بالمحصب ، وكان له أهل وبنات ، وكان يقوم فيصلي ليلاً طويلاً فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته : أيها الركب المعرِّسون أكُلَّ الليل ترقدون ! أفلا تقومون فترحلون ؟ ، فيتواثبون فيُسمع من ههنا باك ، ومن ههنا داع ، ومن ههنا قارئ ، ومن ههنا متوضئ فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته : عند الصباح يحمد القوم السرى .
هذا هو حال القوم فما هو حالنا ؟؟!! أحوال كثير منا مزرية ولا حول ولا قوة إلا بالله فهمُّ كثير منا مع أسرته هل أكلوا هل شربوا هل لبسوا هل درسوا !!! أما هل صلوا هل أدوا ما أوجب الله عليهم ؟؟ فلا رقيب ولا حسيب بل والله أعجب من ذلك !!! ابنه يريد الصلاة في المسجد فيمنعه !! وابنه يريد الصيام في رمضان فينهاه ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ويقول تعالى كما في الآية المتقدمة (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا.... ) ووقاية ألأهل من النار لا تكون إلا إذا راعى المسلم أوامر ربه في نفسه وفي من تحت يده . قال الإمام الغزالي رحمه الله عند آداب الزوج : فإنه أمر أن يقيها ( أي الزوجة ) النار فعليه أن يلقنها اعتقاد أهل السنة ، ويزيل عن قلبها كل بدعة إن استمعت إليها ، ويخوفها بالله إن تساهلت في أمر الدين ويعلمها من أحكام الحيض والاستحاضة ما تحتاج إليه . أ . هـ
أقول : وهكذا على الرجل تجاه أولاده عليه أن يراعي أوامر الله فيهم وان يتفقد أحوالهم الدينية كما يتفقد أحوالهم الدنيوية وهذا ما يجرنا إلى العنصر الثاني من عناصر التفكك الأسري وهو :
2 ) عدم تربية الأولاد التربية الصالحة.
فبعض الناس يظن أن أمر التربية أمر مستحب وطيب ولا حرج على الإنسان لو فرط فيه ، وهو والله ظن خاطئ فأمر التربية واجب والإنسان محاسب على تفريطه ومسئول عن تساهله قال صلى الله عليه وسلم ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه والجنة ) متفق عليه .
فالأمر خطير والحساب عسير .
كما أن بعض الناس يظن أن التربية الصالحة فقط هي أن تحض الولد على الصلاة فقط وتسأله عن أدائها -مع أنها من أهم الأمور وهي رأس الأعمال الصالحة – لكن أن تتساهل في جوانب التربية الأخرى فهذا قد الصلاة نفسها للخطر فيتركها الولد إذا لم يكن هناك تكامل في جوانب التربية المختلفة .
وقد ذكر علماء التربية أن التربية الصالحة لها جوانب متعددة – لعلنا نذكر ها باختصار وإيجاز - :
1) التربية الإيمانية : وهي ربط الولد منذ تعقله بأصول الإيمان وتعويده منذ إدراكه أركان الإسلام وتعليمه من حين تمييزه مبادئ الشريعة الغراء ويدخل في ذلك الصلاة قال صلى الله عليه وسلم ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح
2) التربية الخُلقية وهي الفضائل والسلوك التي يتلقنها الطفل ويعتاد عيها منذ تمييزه إلى أن يصبح مكلفاً فبين الإيمان والأخلاق صلة وثيقة ، روى الترمذي عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ما نحل والد ولدا من نُحلٍ أفضل من أدب حسن ) والنُحل هو العطية . فلا بد من تربية الأولاد على مكارم الأخلاق من الصدق والأمانة والاستقامة واحترام الكبير وإكرام الضيف والمحبة للآخرين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ كما يمنعه عن الأخلاق الرذيلة كالكذب والسباب ونحوها
3) التربية الجسمية وهذه أمرها معروف .يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) رواه مسلم . ويقول صلى الله عليه وسلم ( كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يقوت ) رواه أبو داود .
4) التربية العقلية : والمقصود بها تكوين فكر الأولاد بكل ما هو نافع من العلوم الشرعية والثقافية والتوعية الفكرية ، فنحن في زمن قد صارت فيه الحرب حرب أفكار وقيم حتى أصبح كثير من الأعداء يحاول زعزعة ثوابت المسلمين بحجة الحوار والنقاش وهذا مرفوض رفضا قاطعا ً قال تعالى ( فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءكم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله ... ) وللأسف فإن كثيرا من المسلمين يزعزع هذه الثوابت عند أهله وهو لا يشعر وذلك ببثها في عقر بيته عن طريق القنوات الفاسدة المفسدة كما سيأتي الحديث عن ذلك بإذن الله .
5) التربية الاجتماعية وهي تربية الأولاد منذ نعومة أظفارهم على التزام الآداب الاجتماعية الفاضلة لأننا لا نعيش بمعزل عن الناس فلا بد من الاختلاط بهم فنحيي فيهم الشعور برابطة الإخوة الإسلامية قال تعالى ( إنما المؤمنون إخوة ) ويقول صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم . وكذلك يحي المربي لدى الأولاد شعور الإيثار وهو خلق رائع متقدم لا يتصف إلا الكمّل من الناس وهو تفضيل الإنسان غيرَه على نفسه في بعض المصالح الدنيوية قال تعالى ( والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم ... إلى قوله ( ويُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) وكذلك ينمي فيهم خلق العفو عن الآخرين ومراعاة حقوقهم وما إلى ذلك من الآداب الاجتماعية .
فإذا فقدت هذه الأنواع من أنواع التربية فلا شك أن هذا سيؤدي إلى تفكك بين الأسرة وإلى نفرة بين الأولاد ووالديهم وعلى حسب تكميل هذه الأنواع يكون ارتباط الأسرة وثيقاً .
وينشأ ناشئ الفتيان منا ### على ما كان عوّده أبوه
وما دان الفتى بحجىً ولكن ### يعوّده التدين أقربوه
ولعلنا نختم هذا العنصر بهذه القصة : فقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر الولد وأنبه على عقوقه لأبيه ، فقال الولد : يا امير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟ قال : بلى . قال : فما هي ؟ قال عمر : أن ينتقي أمه ، ويحسن اسمه ، ويعلمه القرآن .
قال الولد : يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئا من ذلك ؛ أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي ، وقد سماني جعلاً ( أي خنفساء ) ولم يعلمني من القرآن حرفا واحداً !! فالتفت عمرإلى الرجل وقال : جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك .
3 ) من مظاهر التفكك الأسري إقرار المنكرات في البيوت. ولعل هذا العنصر له ارتباط وثيق بالعنصر الأول وهو مراعاة أوامر الله في الحياة الأسرية فإذا راعى الوالدان أوامر الله تلاشت المنكرات أما إذا لم يراعوا أوامر الله وقصّروا في ذلك فستشيع المنكرات في البيت وتضرب أطنابها فيه ، وينبغي أيها الإخوة أن نعلم أن للذنوب والمعاصي شؤماً على الرجل وأهل بيته يقول أحد السلف ( إني لأعصي الله فأرى أثر ذلك في خُلق زوجتي ودابتي ) وينبغي أن نعلم أن للمعاصي طالبا من الله ما لم يتب العبد منها ويستغفر وأنها سبب البلاء والشر قال تعالى( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) ويقول جل في علاه ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله يغار وغيرة الله أن تنتهك محارمه ) فكم من بيوت قد هدمها الله بسبب مبارزتهم له بالمعاصي صباح مساء بل وكم من حياة أسرية قد قوضت خيامها من أول أيام الزواج بسبب إغضابهم للجبار في حفلات الأعراس ، وإن من المتقرر في ديننا أن لا يجوز السكوت عن المنكرات أياً كانت قال صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم .
ولا شك أن الوالدين في البيت لهما سلطة التغيير باليد ولا يجوز السكوت لأن القاعدة الراضي بالمنكر كالفاعل له قال تعالى عن قاتل ناقة صالح عليه السلام ( فكذبوه فعقروها ) مع أن الذي عقرها شخص واحد لكن البقية كانوا مقرين له فكانوا سواء.
وينبغي أن نعلم أن من أنواع الغضب المحمود الغضب إذا انتهكت حرمات الله فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نُمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل قالت: فعرفت في وجهه الكراهية فقالت: يا رسول الله أتوب إلى الله إلى رسوله، ماذا أذنبت ؟ قال: ما بال هذه النمرقة ؟ فقالت اشتريتها لتقعد عليها وتتوسدها فقال : إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم . وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة. وفي زماننا هذا قد طمت منكرات البيوت وعمت وذلك بتخطيط مدروس من أعداء الملة والدين يصاحبه غفلة مطبقة من أهل الإسلام فانتشرت البلايا في البيوت في القنوات الفضائية التي لا تعرف الكلل ولا الملل في بث كل سم زعاف لأبناء المسلمين من فتن الشهوات والشبهات واستنزاف طاقاتهم بل وحتى أموالهم من خلال الشاشات أو شبكة المعلومات (الإنترنت ) ومن المنكرات أيضا تساهل كثير من الفتيات بالحجاب الشرعي ومحاكاتها للأزياء الغربية والشرقية فأصبحت تتلقف كل جديد في عالم الموضة كما يسمونها حتى أصبحت الفتاة التي ترتدي الحجاب الشرعي المنضبط بالضوابط الشرعية كأنها غريبة وما ذاك إلا بتساهل الوالدين عن منكرات بناتهم حتى لقد سمعت أحد الوالدين يقول عن ابنته المتبذلة التي تلبس ما لا يرضي الله: ما أستطيع أن أفعل لها شيئاً !!!! سبحان الله لو كانت هذه البيت مريضة بأبسط الأمراض فهل يا ترى يقول ذلك لها !!!! إذا فما باله يسعى في علاجها من مرض الأبدان ولا يسعى في علاجها من مرض القلوب وهو أخطر وأشد.
إن تهيئة الجو للمعصية في البيت له من أعظم أسباب التفكك الأسري الذي لا يرجى معه صلاح للأولاد لأن الأب لم يسلك سبيل الإصلاح فكما تدين تدان وما تزرعه اليوم تحصده غدا .
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ### إن السفينة لا تمشي على اليبس
4 ) ومن أسباب التفكك في الأسر أيضا القسوة والشدة المفرطة في التربية أو اللين الزائد عن الحد .
روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما يكون الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ) فالأصل في معاملة الإنسان الرفق واللين إلا إن كان ما يستحق الشدة فلا بأس حينئذ وتكون محمودة.
فقسى ليزدجروا ومن يك حازما #### فليقس أحيانا على من يرحم
فالقسوة الدائمة تنفر الناس من حولك ولو كنت أقرب قريب قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ( فبما رحمة من الله لنت لهم .. ) .
أيها الأحبة وكما أن القسوة تكون بالفعل بالضرب ونحوه فإنها أيضا تكون بالقول وذلك بالتوبيخ القارع والتحقير والسخرية والازدراء فكم والله فيها من تحطيم للأولاد وقتل الروح المعنوية في قلوبهم وشعورُهم أنهم لا يصلحون لشيء وهذا من أخطر الأمور في التربية لأن الأولاد في مثل هذه الحالة سيكونون عرضة لكل من يتلقفهم من شياطين الإنس وألعوبة لكل من يجرهم من السفهاء وهذا لا يرضى به الأبوان مع أنهم قد يكونوا السبب في ذلك .
ومما يذكر في كتب السير أن معاوية رضي الله عنه أرسل إلى الأحنف بن قيس يسأله عن البنين فقال : هم ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة فإن طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فأرضهم فإنهم يمنحونك ودهم ويحبونك جهدهم ، ولا تكن ثقيلا عليهم فيملوا حياتك ويتمنوا وفاتك .
وعلى العكس من ذلك اللين الزائد والتهاون يضر أكثر مما ينفع ويفسد أكثر مما يصلح فإن الأولاد سيتجرؤون على آبائهم وسيصلون إلى ما يعرف بالتدليل فكل ما يقوله الولد صحيح وكل ما يفعله حسن وكل ما يطلب يجاب إليه والخطأ منه صواب ويعيش مخدوماً آمراً وناهياً
5 ) بناء العلاقة على أساس الإتهام والشك والريبة.
الشك إذا تسلل إلى الحياة الزوجيّة أفسدها وهدّم بنيانها وصدّع فيها أركان الحب و الألفة والودّ و الرحمة
فإن توجيهات الإسلام جاءت لتبني حصناً منيعاً أمام هذه العاصفة الهوجاء فمن ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن ( ابتغاء الريبة ) وتتبع الناس بالشك ، حيث جاء في حديث أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ الأمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ في النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ».
وفي الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطال الرجل الغيبة أن يأتي أهله طروقاً . متفق عليه . وفي الرواية الأخرى: ( نهى أن يطرق أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم ).
وهكذا الأولاد لا ينبغي أن يشعروا أن أباهم يتخونهم ويشك فيهم دائما فهذا موجب للنفرة وللهروب من هذا الواقع المر في نظر الأبناء بل عليه أن يشعرهم أنهم محل ثقته وهذا لا يأتي من فراغ وإنما يكون بعد بذل الجهد فيما تقدم من أنواع التربية .
- الطريق إلى السعادة الأسرية :
أيها الإخوة إن السعادة الأسرية مطمح لكل زوجين لكنها لا تكون إلا بأسباب يمكن من خلالها أن تكون الأسرة سعيدة ومن ذلك تجنب أسباب التفكك الأسري التي تقدم ذكرها ، ومن ذلك أيضا .
1 ) الحرص على التربية بالقدوة والموعظة.
فالقدوة هي من أنجع الوسائل المؤثرة في التربية وفي صلاح الأولاد وبالتالي صلاحِ الأسرة فإذا كان المربي صادقا أمينا كريما عفيفا نشأ الولد على الصدق والأمانة والكرم والعفة ، والعكس بالعكس وقد جاءني أب وقال : لقد نصحت أبنائي بالإقلاع عن التدخين فلم يستجيبوا !! فقلت له : وأنت هل تدخن ؟ قال : نعم . قلت : فكيف تريد أن يقبلوا نصيحتك بلسانك ، وأنت تحثهم على التدخين بفعلك !!!
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ### كيما يصح به وأنت سقيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ### عار عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ### فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يُقبل ما وعظت ويقتدى ### بالعلم منك وينفع التعليم
فإذا استقام حال المربي وأصبح قدوة صالحة لولده ثم رأى من ذلك الولد خللاً وسلوكاً غير صحيح فإن عليه بالموعظة والنصيحة والتوجيه وهي من أهم الوسائل للمربي ولذلك فقد جاءت الموعظة في القرآن الكريم كثيراً فمن ذلك على سبيل المثال :
وعظ لقمان لابنه ( وإذا قال لقمان لابنه وهو يعظه ..) وقوله تعالى ( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا .. )
وقوله تعالى ( ذلكم يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر..) وقوله تعالى ( يعظكم لعلكم تذكرون ) وقوله تعالى ( إن الله نعما يعظكم به )
والموعظة كما يقول ابن منظور : النصح والتذكير بالعواقب .
2 ) ومما يكون طريقاً إلى السعادة الأسرية إيجاد البدائل للمخالفات الشرعية.
بمعنى أن المربي عندما ينهى أولاده عن المخالفات فإنه يُوجِد لهم البديل من ما أباحه الله وأحله ، وفي الحلال غنية عن الحرام وأن ما أحله الله لنا بنعمته وفضله أضعاف أضعاف ما حرمه علينا . وإيجاد البديل الشرعي قد جاءت به النصوص فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم استمعل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال رسول صلى الله عليه وسلم : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً . متفق عليه .
وهكذا بالنسبة للأسرة فقد يكون بعض الأولاد قد اتخذ صحبة لا خير عندهم فيوجه الأب الولد إلى اتخاذ الرفقاء الطيبين الصالحين الذين يدلونه على الخير ويعينوه عليه وهكذا البنت ، وقد يعج البيت بآلات المعازف والغناء فيُستبدل بالقرآن الكريم والمحاضرات المفيدة والخطب النافعة وبعض الأناشيد الطيبة التي لا تحوي على مخالفات شرعية ، وكذلك توجد في البيت قنوات فضائية هابطة تدعو للرذيلة وتشجع عليها ولسنا بحاجة إلى أن نبرهن ذلك فيستبعد الأب ذلك الشر ويستبدله بما فيه الخير والنفع ومن أفضل القنوات المشهود لها بالخير والدعوة إليه والمحافظة على الآداب الشرعية إلى حد كبير – والكمال لله وحده – قناة المجد الفضائية فهي رائدة في عالم الإعلام الإسلامي الهادف . كذلك يستبدل المجلات الهابطة التي لا نفع فيها ولا فائدة إلا إثارة الغرائز بالمجلات النافعة المفيدة كمجلة الأسرة ومجلة البيان والمجتمع والشقائق وغيرها من الإسلامية ، وهكذا يوجه ما كان سلاحاً ذا حدين إلى ما هو نافع ومفيد كجهاز الحاسب الآلي وشبكة المعلومات الإنترنت فإن فيها من الخير الشيء الكثير كما لا يخفى لكن يحتاج الأمر إلى متابعة وسؤال أهل الخبرة عن طريقة استبعاد مواقع الشر والإباحية وكذلك بالإمكان وضع مكتبة ولو صغيرة في البيت تكون مرجعاً للأسرة تحوي على أنواعا من العلوم في التفسير والحديث والفقه والعقيدة وغيرها من العلوم النافعة الأخرى وفي كل من هذه العلوم ولله الحمد كتب مختصرة يحصل بها تبسيط العلوم .
3 ) ومن طرق السعادة الأسرية إيجاد جو أسري تسوده المحبة والألفة بل والمرح أحياناً.
وهنا نطرح سؤالا: لماذا إذا دخل كثير من الأولاد إلى بيوتهم علتهم موجة من الكآبة والضيق فأصبحوا يصرخون على إخوتهم بغلظة وفظاظة وإذا خرجوا خارج البيت هشوا وبشوا وكأنهم كانوا في سجن ؟!!
لا شك أن مثل هؤلاء قد فقد الجو الأسري الممتع الذي تسوده المحبة والألفة والدعابة أحياناً وهذا منهج نبوي كريم فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداعب الحسن والحسين رضي الله عنهما فيمشي على يديه وركبتيه ويتعلقان به من الجانبين فيمشي بهما ويقول : نعم الجمل جملكما ونعم العِدلان أنتما .
بل أحيانا يكون صلى الله عليه وسلم يخطب فيقبل الحسن والحسين في يمشيان ويتعثران فيقطع حديثه ويحملهما ، وهكذا بالنسبة للأولاد الكبار فإنه يداعبهم بما يناسبهم من القصص والمناقشة والأسئلة والألغاز المفيدة وتخصيص بعض الأيام للاجتماع الأسري الذي تطرح فيه القضايا التي تهم الجميع وما إلى ذلك أو قراءة كتب نافعة ومفيدة ، فيتناقشون فيما بينهم وهذا من أفضل الأساليب وهو ما يجرنا إلى العنصر الرابع وهو :
4 ) فتح قنوات المصارحة والحوار الهادئ بعيدا عن التعنيف والاتهام.
إن قضية المصارحة بين الأولاد ووالديهم لا تحدث إلا بعد سلسلة من الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل وبناء جسور المودة المحبة وإذا وصل الأبوان إلى مرحلة المصارحة فقد فتح لهما فتحاً مبيناً فبالمصارحة يعرف الأبوان ما الذي يهم الأبناء ويتشاركوا معهم في وضع الحلول المناسبة ، وهذا لا يمكن أن يتأتى لأب قد اتخذ من أسلوب الإهانة والسخرية بالأولاد شعارا له .
وأما الحوار الهادئ فهو أنجع سبيل لحل المشاكل فقد الأولاد من الصراخ ورفع الأصوات فهلا استبدلوه بالحوار الهادئ وهذا له فوائد معنوية وصحية أيضا :
1) فهم الموضوع على وجهه الصحيح .
2) وضع الحل المناسب للمشكلة .
3) تعزيز روح الثقة بالنفس وإبداء الرأي عند الأولاد .
4) الأمن من التصرفات الغير محمودة كالضرب للأولاد وطردهم من البيت وربما يكون الأمر أهون من ذلك .
5) البعد عن المشاكل الصحية كارتفاع ضغط الدم والتهاب القولون وغير من الأمراض .
وختاما أيها الإخوة هذا جهد مقل ولا أدعي أني أحطت الموضوع من جميع جوانبه بل هي إشارات أردت منها التنبيه على هذه القضية المهمة التي نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا إليها وإن يسعدنا وإياكم في الدنيا والآخرة وأن نعيش عيش السعداء ونموت موت الشهداء ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
مـــــــــــــــنـــــــــــقـــــــــــــول لــــــــلفــــــــــــــــائـــــــــــــده
السعادة هي جنة الأحلام التي ينشدها كل البشر ؛ ولكن السؤال الذي حيّر الناس من قديم : أين السعادة ؟؟
لقد طلبها الأكثرون في غير موضعها فعادوا كما يعود طالب اللؤلؤ في الصحراء صفر اليدين كسير القلب خائب الرجاء . نعم ؛ لقد جرب الناس في شتى العصور ألوان المتع المادية ، وصنوف الشهوات الحسية فما وجودوها تحقق السعادة .
لقد بحث عنها قوم في المال الوفير والعيش الرغيد فما وجودها ، وآخرون بحثوا عنها في المناصب العالية فما حصلوها ، وآخرون بحثوا عنها في الشهرة والجاه العريض فما ظفروا بها ... لماذا ؟؟؟
لأن السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان يشعر به بين جوانبه فهو أمر معنوي لا يُقاس بالكم ، ولا يشترى بالدينار والريال ، بل هي صفاء نفس وطمأنينة قلب وراحة ضمير وانشراح صدر .
ويذكر أن زوجاً قال لزوجته بغضب : لأشقينَّك . فقالت الزوجة في هدوء : لا تستطيع أن تشقيني كما لا تستطيع أن تسعدني .
فقال الزوج في حنق : وكيف لا أستطيع ؟
فقالت الزوجة في ثقة : لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني أو زينة من الحلي لحرمتني منها ، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون !
فقال الزوج في دهشة : وما هو ؟ فقالت الزوجة في يقين : إني أجد سعادتي في إيماني ، وإيماني في قلبي ، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي .
ومثل ذلك ما دوى به البحر الخضم والجبل الأشم علم الأعلام وشامخ الشام وشيخ الإسلام ابن تيمية قدّس الله روحه ونوّر ضريحه لما سجن ظلماً وعدواناً في سجن القلعة قال رحمه الله : ما يفعل أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري حيثما ذهبت فهي معي .
ويقول أحد السلف واصفاً حاله وهو في غمرة السعادة الحقيقية : إنه لتمر عليّ ساعات أقول فيها : إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي عيش رغيد .
قال ابن القيم رحمه الله ( كما في مدارج السالكين ) : في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته ، وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته وإلإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا ) .
إذا أيها الأحبة السعادة لا يمكن أن تحصل إلا بالإيمان واليقين في المقام الأول .
وديننا قد جاء بما يكفل السعادة للمسلم بل ونهى عن الحزن قال تعالى ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) وقال ( ولا تحزن عليهم ) وقال سبحانه ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا )
وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ) .
فالدين جاء لسعادة البشر ولانتفاء الشر عنهم والضرر ، وذلك في كل مناحي الحياة ، ومن تلك المناحي سعادة الأسرة فقد بناها على مقومات السعادة وهو المودة والرحمة والسكن فلا سعادة بلا مودة وسكينة وتراحم قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا .... ) الآية .
ثم إنه قد جاء بما يكون من روافد هذه السعادة وهي المرأة الصالحة فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أربع من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ، والجار الصالح ، والمركب الهنيء ) رواه ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني .
وقال صلى الله عليه وسلم ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه مسلم .
وقال تعالى ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) .
أيها الإخوة .. وإنما كان الحديث عن سعادة الأسرة لأنها نواة المجتمع فصلاحها يكون لبنة في صلاح المجتمع كما أن فسادها يكون معول هدم في صرح المجتمع .
والإسلام قد اعتنى بالأسرة غاية العناية ولعلنا نُجْمل بعض مظاهر هذه العناية في الأمور التالية :
1 ) أنه جعل قوام الزواج على الدين والأخلاق ، وهذا من أهم المظاهر للعناية بالأسرة ويعتبر إجراءً وقائياً – إن صح التعبير – لتفادي صور الانحلال والفساد الأسري . قال صلى الله عليه وسلم ( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) متفق عليه.
ليــس الفتاة بمالها وجمالها ### كلا ولا بمفاخر الآباء
لـكــنها بعفافها وبطهرها ### وصلاحها للـزوج والأبناء
وقيامها بشئون منزلها وأن ### ترعاك في السراء والضراء
ياليت شعري أين توجد هذه الـ ### فتيات تحت القبة الزرقاء
ويقول المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) رواه الترمذي وهو حديث صحيح .
2 ) ومن مظاهر عناية الإسلام بالأسرة أنه أمر بالمعاشرة بالمعروف، قال تعالى ( وعاشروهن بالمعروف ) ويقول سبحانه ( ولهن مثل الذين عليهم بالمعروف ) وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية ككلام الطيب والصحبة الجميلة ، وكف الأذى وبذل الإحسان ، وحسن المعاملة ، والصفح عن الزلات . فما أحوج بيوتنا إلى تطبيق هذه المعاشرة ، وما أجدرنا أن نعوّد ألسنتنا على الكلام الطيب في حياتنا الأسرية ، ومما يصل بالكلمة طريقة إلقائها فقد تزيد هذه الطريقة إن كانت حلوة عذبة من تأثيرها وما أجدرنا أن نعوّد عضلات وجوهنا الابتسامة التي تبسط أكثر المسائل تعقيداً ، وتمنحنا قوة في التغلب على كثير من المصاعب .
وإليكم أيها الإخوة موقفاً من بيت النبوة لأسوتكم عليه الصلاة والسلام وما كان عليه من معاشرة حسنة لأهله ، فقد روى مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه واللفظ له عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم شيء ؟ قلت : لا . قال : فإني إذا صائم ، ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيساً فقال : أدنيه فلقد أصبحت صائما فأكل .
ووصفت أعرابية زوجها وقد مات فقالت : والله لقد كان ضحوكا إذا ولج سكوتا إذا خرج آكلا ما وجد غير سائل عما فقد .
3 ) ومن المظاهر أيضا أنه نهى عن الظلم بشتى أنواعه إلا أن ظلم الأهل أشد نهيا لما بين الأهل من العلاقة الموجبة للإحسان وبذل المعروف كما تقدم .
وظلم ذوي القربى أشد مرارة ### على النفس من وقع الحسام المهند
قال صلى الله عليه وسلم ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) متفق عليه .
ومن ذلك ظلم الأولاد بتفضيل بعضهم على بعض فقد جاء في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أناه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أكُل ولدك نحلته مثل هذا ؟ ) فقال : لا قال : فأرجعه .
وفي لفظ : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال : لا قال : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم .
وفي لفظ : فأشهد على هذا غيري . ثم قال : أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء قال : نعم قال: فلا إذن.
4 ) ومن ظاهر عناية الإسلام بالأسرة أنه أعلى شأن الوالدين وجعل برّهما من آكد الحقوق ، والكلام على برّ الوالدين من الصعوبة بمكان أن يختصر في مثل هذه العجالة لما في القرآن والسنة من النصوص الكثيرة المتظافرة في شأن بر الوالدين أضف إلى ما في الواقع من إخلال بهذا الواجب العظيم ، وما من حقٍ قرنه الله بحقه بحرف العطف الواو إلا حق الوالدين بل قد جاء في المرتبة الثانية بعد الأمر بالعبادة ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ... ) الآية .
5 ) ومن المظاهر كذلك أنه أمر بالتربية الحسنة ، والأصل في التربية الحسنة من القرآن قول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنا قوا أنفسكم وأهليكم نارا .... ) قال علي رضي الله عنه : علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم .
وقال قتادة : أن يأمرهم بطاعة الله وينهاهم عن معصيته وأن يقوم عليهم بأمر الله تعالى يأمرهم به ويساعدهم عليه فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها .
والأصل في التربية الحسنة من السنة قوله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها .) الحديث متفق عليه .
- أهم أسباب التفكك الأسري :
ونعني بالتفكك انحلال روابط الأسرة واضمحلال المحبة والمودة بين أفراد البيت الواحد فلا يكون للبيت دوره الرئيس في توجيه وضبط سلوك الأولاد وإنما هو عبارة عن مأوى للنوم والأكل وما شابه ذلك فحسب ، ولا شك أن هذا أمر خطير لا بد من وضع الحلول المناسبة له ليعود البيت إلى وضعه الطبعي ولكن قبل ذلك لا بد أن نعرف بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى التفكك الأسري فمن ذلك :
1 ) عدم مراعاة أوامر الله في الحياة الأسرية .
فالمسلم ينبغي أن يسير في حياته وفق المنهج الرباني الذي أمر باتباعه قال الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) ومن أعظم أوامر الله التي يجب العناية الأكيدة بها الصلاة ، ولذا فقد نص الله على متابعة الأهل عليها في القرآن الكريم فقال سبحانه ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) فأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم ، ويصطبر عليها ويلازمها . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله تعالى أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ، ويقول لهم : الصلاة الصلاة ، ويتلو هذه الآية ( وأمر أهلك بالصلاة .) رواه مالك في الموطأ .
وقد أثنى الله على نبيه إسماعيل عليه السلام فيما أثنى عليه بقوله ( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ) ، وعن القاسم بن راشد الشيباني قال : كان زمعة نازلاً عندنا بالمحصب ، وكان له أهل وبنات ، وكان يقوم فيصلي ليلاً طويلاً فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته : أيها الركب المعرِّسون أكُلَّ الليل ترقدون ! أفلا تقومون فترحلون ؟ ، فيتواثبون فيُسمع من ههنا باك ، ومن ههنا داع ، ومن ههنا قارئ ، ومن ههنا متوضئ فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته : عند الصباح يحمد القوم السرى .
هذا هو حال القوم فما هو حالنا ؟؟!! أحوال كثير منا مزرية ولا حول ولا قوة إلا بالله فهمُّ كثير منا مع أسرته هل أكلوا هل شربوا هل لبسوا هل درسوا !!! أما هل صلوا هل أدوا ما أوجب الله عليهم ؟؟ فلا رقيب ولا حسيب بل والله أعجب من ذلك !!! ابنه يريد الصلاة في المسجد فيمنعه !! وابنه يريد الصيام في رمضان فينهاه ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ويقول تعالى كما في الآية المتقدمة (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا.... ) ووقاية ألأهل من النار لا تكون إلا إذا راعى المسلم أوامر ربه في نفسه وفي من تحت يده . قال الإمام الغزالي رحمه الله عند آداب الزوج : فإنه أمر أن يقيها ( أي الزوجة ) النار فعليه أن يلقنها اعتقاد أهل السنة ، ويزيل عن قلبها كل بدعة إن استمعت إليها ، ويخوفها بالله إن تساهلت في أمر الدين ويعلمها من أحكام الحيض والاستحاضة ما تحتاج إليه . أ . هـ
أقول : وهكذا على الرجل تجاه أولاده عليه أن يراعي أوامر الله فيهم وان يتفقد أحوالهم الدينية كما يتفقد أحوالهم الدنيوية وهذا ما يجرنا إلى العنصر الثاني من عناصر التفكك الأسري وهو :
2 ) عدم تربية الأولاد التربية الصالحة.
فبعض الناس يظن أن أمر التربية أمر مستحب وطيب ولا حرج على الإنسان لو فرط فيه ، وهو والله ظن خاطئ فأمر التربية واجب والإنسان محاسب على تفريطه ومسئول عن تساهله قال صلى الله عليه وسلم ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه والجنة ) متفق عليه .
فالأمر خطير والحساب عسير .
كما أن بعض الناس يظن أن التربية الصالحة فقط هي أن تحض الولد على الصلاة فقط وتسأله عن أدائها -مع أنها من أهم الأمور وهي رأس الأعمال الصالحة – لكن أن تتساهل في جوانب التربية الأخرى فهذا قد الصلاة نفسها للخطر فيتركها الولد إذا لم يكن هناك تكامل في جوانب التربية المختلفة .
وقد ذكر علماء التربية أن التربية الصالحة لها جوانب متعددة – لعلنا نذكر ها باختصار وإيجاز - :
1) التربية الإيمانية : وهي ربط الولد منذ تعقله بأصول الإيمان وتعويده منذ إدراكه أركان الإسلام وتعليمه من حين تمييزه مبادئ الشريعة الغراء ويدخل في ذلك الصلاة قال صلى الله عليه وسلم ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح
2) التربية الخُلقية وهي الفضائل والسلوك التي يتلقنها الطفل ويعتاد عيها منذ تمييزه إلى أن يصبح مكلفاً فبين الإيمان والأخلاق صلة وثيقة ، روى الترمذي عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ما نحل والد ولدا من نُحلٍ أفضل من أدب حسن ) والنُحل هو العطية . فلا بد من تربية الأولاد على مكارم الأخلاق من الصدق والأمانة والاستقامة واحترام الكبير وإكرام الضيف والمحبة للآخرين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ كما يمنعه عن الأخلاق الرذيلة كالكذب والسباب ونحوها
3) التربية الجسمية وهذه أمرها معروف .يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) رواه مسلم . ويقول صلى الله عليه وسلم ( كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يقوت ) رواه أبو داود .
4) التربية العقلية : والمقصود بها تكوين فكر الأولاد بكل ما هو نافع من العلوم الشرعية والثقافية والتوعية الفكرية ، فنحن في زمن قد صارت فيه الحرب حرب أفكار وقيم حتى أصبح كثير من الأعداء يحاول زعزعة ثوابت المسلمين بحجة الحوار والنقاش وهذا مرفوض رفضا قاطعا ً قال تعالى ( فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءكم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله ... ) وللأسف فإن كثيرا من المسلمين يزعزع هذه الثوابت عند أهله وهو لا يشعر وذلك ببثها في عقر بيته عن طريق القنوات الفاسدة المفسدة كما سيأتي الحديث عن ذلك بإذن الله .
5) التربية الاجتماعية وهي تربية الأولاد منذ نعومة أظفارهم على التزام الآداب الاجتماعية الفاضلة لأننا لا نعيش بمعزل عن الناس فلا بد من الاختلاط بهم فنحيي فيهم الشعور برابطة الإخوة الإسلامية قال تعالى ( إنما المؤمنون إخوة ) ويقول صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم . وكذلك يحي المربي لدى الأولاد شعور الإيثار وهو خلق رائع متقدم لا يتصف إلا الكمّل من الناس وهو تفضيل الإنسان غيرَه على نفسه في بعض المصالح الدنيوية قال تعالى ( والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم ... إلى قوله ( ويُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) وكذلك ينمي فيهم خلق العفو عن الآخرين ومراعاة حقوقهم وما إلى ذلك من الآداب الاجتماعية .
فإذا فقدت هذه الأنواع من أنواع التربية فلا شك أن هذا سيؤدي إلى تفكك بين الأسرة وإلى نفرة بين الأولاد ووالديهم وعلى حسب تكميل هذه الأنواع يكون ارتباط الأسرة وثيقاً .
وينشأ ناشئ الفتيان منا ### على ما كان عوّده أبوه
وما دان الفتى بحجىً ولكن ### يعوّده التدين أقربوه
ولعلنا نختم هذا العنصر بهذه القصة : فقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر الولد وأنبه على عقوقه لأبيه ، فقال الولد : يا امير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟ قال : بلى . قال : فما هي ؟ قال عمر : أن ينتقي أمه ، ويحسن اسمه ، ويعلمه القرآن .
قال الولد : يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئا من ذلك ؛ أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي ، وقد سماني جعلاً ( أي خنفساء ) ولم يعلمني من القرآن حرفا واحداً !! فالتفت عمرإلى الرجل وقال : جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك .
3 ) من مظاهر التفكك الأسري إقرار المنكرات في البيوت. ولعل هذا العنصر له ارتباط وثيق بالعنصر الأول وهو مراعاة أوامر الله في الحياة الأسرية فإذا راعى الوالدان أوامر الله تلاشت المنكرات أما إذا لم يراعوا أوامر الله وقصّروا في ذلك فستشيع المنكرات في البيت وتضرب أطنابها فيه ، وينبغي أيها الإخوة أن نعلم أن للذنوب والمعاصي شؤماً على الرجل وأهل بيته يقول أحد السلف ( إني لأعصي الله فأرى أثر ذلك في خُلق زوجتي ودابتي ) وينبغي أن نعلم أن للمعاصي طالبا من الله ما لم يتب العبد منها ويستغفر وأنها سبب البلاء والشر قال تعالى( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) ويقول جل في علاه ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله يغار وغيرة الله أن تنتهك محارمه ) فكم من بيوت قد هدمها الله بسبب مبارزتهم له بالمعاصي صباح مساء بل وكم من حياة أسرية قد قوضت خيامها من أول أيام الزواج بسبب إغضابهم للجبار في حفلات الأعراس ، وإن من المتقرر في ديننا أن لا يجوز السكوت عن المنكرات أياً كانت قال صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم .
ولا شك أن الوالدين في البيت لهما سلطة التغيير باليد ولا يجوز السكوت لأن القاعدة الراضي بالمنكر كالفاعل له قال تعالى عن قاتل ناقة صالح عليه السلام ( فكذبوه فعقروها ) مع أن الذي عقرها شخص واحد لكن البقية كانوا مقرين له فكانوا سواء.
وينبغي أن نعلم أن من أنواع الغضب المحمود الغضب إذا انتهكت حرمات الله فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نُمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل قالت: فعرفت في وجهه الكراهية فقالت: يا رسول الله أتوب إلى الله إلى رسوله، ماذا أذنبت ؟ قال: ما بال هذه النمرقة ؟ فقالت اشتريتها لتقعد عليها وتتوسدها فقال : إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم . وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة. وفي زماننا هذا قد طمت منكرات البيوت وعمت وذلك بتخطيط مدروس من أعداء الملة والدين يصاحبه غفلة مطبقة من أهل الإسلام فانتشرت البلايا في البيوت في القنوات الفضائية التي لا تعرف الكلل ولا الملل في بث كل سم زعاف لأبناء المسلمين من فتن الشهوات والشبهات واستنزاف طاقاتهم بل وحتى أموالهم من خلال الشاشات أو شبكة المعلومات (الإنترنت ) ومن المنكرات أيضا تساهل كثير من الفتيات بالحجاب الشرعي ومحاكاتها للأزياء الغربية والشرقية فأصبحت تتلقف كل جديد في عالم الموضة كما يسمونها حتى أصبحت الفتاة التي ترتدي الحجاب الشرعي المنضبط بالضوابط الشرعية كأنها غريبة وما ذاك إلا بتساهل الوالدين عن منكرات بناتهم حتى لقد سمعت أحد الوالدين يقول عن ابنته المتبذلة التي تلبس ما لا يرضي الله: ما أستطيع أن أفعل لها شيئاً !!!! سبحان الله لو كانت هذه البيت مريضة بأبسط الأمراض فهل يا ترى يقول ذلك لها !!!! إذا فما باله يسعى في علاجها من مرض الأبدان ولا يسعى في علاجها من مرض القلوب وهو أخطر وأشد.
إن تهيئة الجو للمعصية في البيت له من أعظم أسباب التفكك الأسري الذي لا يرجى معه صلاح للأولاد لأن الأب لم يسلك سبيل الإصلاح فكما تدين تدان وما تزرعه اليوم تحصده غدا .
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ### إن السفينة لا تمشي على اليبس
4 ) ومن أسباب التفكك في الأسر أيضا القسوة والشدة المفرطة في التربية أو اللين الزائد عن الحد .
روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما يكون الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ) فالأصل في معاملة الإنسان الرفق واللين إلا إن كان ما يستحق الشدة فلا بأس حينئذ وتكون محمودة.
فقسى ليزدجروا ومن يك حازما #### فليقس أحيانا على من يرحم
فالقسوة الدائمة تنفر الناس من حولك ولو كنت أقرب قريب قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ( فبما رحمة من الله لنت لهم .. ) .
أيها الأحبة وكما أن القسوة تكون بالفعل بالضرب ونحوه فإنها أيضا تكون بالقول وذلك بالتوبيخ القارع والتحقير والسخرية والازدراء فكم والله فيها من تحطيم للأولاد وقتل الروح المعنوية في قلوبهم وشعورُهم أنهم لا يصلحون لشيء وهذا من أخطر الأمور في التربية لأن الأولاد في مثل هذه الحالة سيكونون عرضة لكل من يتلقفهم من شياطين الإنس وألعوبة لكل من يجرهم من السفهاء وهذا لا يرضى به الأبوان مع أنهم قد يكونوا السبب في ذلك .
ومما يذكر في كتب السير أن معاوية رضي الله عنه أرسل إلى الأحنف بن قيس يسأله عن البنين فقال : هم ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة فإن طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فأرضهم فإنهم يمنحونك ودهم ويحبونك جهدهم ، ولا تكن ثقيلا عليهم فيملوا حياتك ويتمنوا وفاتك .
وعلى العكس من ذلك اللين الزائد والتهاون يضر أكثر مما ينفع ويفسد أكثر مما يصلح فإن الأولاد سيتجرؤون على آبائهم وسيصلون إلى ما يعرف بالتدليل فكل ما يقوله الولد صحيح وكل ما يفعله حسن وكل ما يطلب يجاب إليه والخطأ منه صواب ويعيش مخدوماً آمراً وناهياً
5 ) بناء العلاقة على أساس الإتهام والشك والريبة.
الشك إذا تسلل إلى الحياة الزوجيّة أفسدها وهدّم بنيانها وصدّع فيها أركان الحب و الألفة والودّ و الرحمة
فإن توجيهات الإسلام جاءت لتبني حصناً منيعاً أمام هذه العاصفة الهوجاء فمن ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن ( ابتغاء الريبة ) وتتبع الناس بالشك ، حيث جاء في حديث أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ الأمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ في النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ».
وفي الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطال الرجل الغيبة أن يأتي أهله طروقاً . متفق عليه . وفي الرواية الأخرى: ( نهى أن يطرق أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم ).
وهكذا الأولاد لا ينبغي أن يشعروا أن أباهم يتخونهم ويشك فيهم دائما فهذا موجب للنفرة وللهروب من هذا الواقع المر في نظر الأبناء بل عليه أن يشعرهم أنهم محل ثقته وهذا لا يأتي من فراغ وإنما يكون بعد بذل الجهد فيما تقدم من أنواع التربية .
- الطريق إلى السعادة الأسرية :
أيها الإخوة إن السعادة الأسرية مطمح لكل زوجين لكنها لا تكون إلا بأسباب يمكن من خلالها أن تكون الأسرة سعيدة ومن ذلك تجنب أسباب التفكك الأسري التي تقدم ذكرها ، ومن ذلك أيضا .
1 ) الحرص على التربية بالقدوة والموعظة.
فالقدوة هي من أنجع الوسائل المؤثرة في التربية وفي صلاح الأولاد وبالتالي صلاحِ الأسرة فإذا كان المربي صادقا أمينا كريما عفيفا نشأ الولد على الصدق والأمانة والكرم والعفة ، والعكس بالعكس وقد جاءني أب وقال : لقد نصحت أبنائي بالإقلاع عن التدخين فلم يستجيبوا !! فقلت له : وأنت هل تدخن ؟ قال : نعم . قلت : فكيف تريد أن يقبلوا نصيحتك بلسانك ، وأنت تحثهم على التدخين بفعلك !!!
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ### كيما يصح به وأنت سقيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ### عار عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ### فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يُقبل ما وعظت ويقتدى ### بالعلم منك وينفع التعليم
فإذا استقام حال المربي وأصبح قدوة صالحة لولده ثم رأى من ذلك الولد خللاً وسلوكاً غير صحيح فإن عليه بالموعظة والنصيحة والتوجيه وهي من أهم الوسائل للمربي ولذلك فقد جاءت الموعظة في القرآن الكريم كثيراً فمن ذلك على سبيل المثال :
وعظ لقمان لابنه ( وإذا قال لقمان لابنه وهو يعظه ..) وقوله تعالى ( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا .. )
وقوله تعالى ( ذلكم يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر..) وقوله تعالى ( يعظكم لعلكم تذكرون ) وقوله تعالى ( إن الله نعما يعظكم به )
والموعظة كما يقول ابن منظور : النصح والتذكير بالعواقب .
2 ) ومما يكون طريقاً إلى السعادة الأسرية إيجاد البدائل للمخالفات الشرعية.
بمعنى أن المربي عندما ينهى أولاده عن المخالفات فإنه يُوجِد لهم البديل من ما أباحه الله وأحله ، وفي الحلال غنية عن الحرام وأن ما أحله الله لنا بنعمته وفضله أضعاف أضعاف ما حرمه علينا . وإيجاد البديل الشرعي قد جاءت به النصوص فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم استمعل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال رسول صلى الله عليه وسلم : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً . متفق عليه .
وهكذا بالنسبة للأسرة فقد يكون بعض الأولاد قد اتخذ صحبة لا خير عندهم فيوجه الأب الولد إلى اتخاذ الرفقاء الطيبين الصالحين الذين يدلونه على الخير ويعينوه عليه وهكذا البنت ، وقد يعج البيت بآلات المعازف والغناء فيُستبدل بالقرآن الكريم والمحاضرات المفيدة والخطب النافعة وبعض الأناشيد الطيبة التي لا تحوي على مخالفات شرعية ، وكذلك توجد في البيت قنوات فضائية هابطة تدعو للرذيلة وتشجع عليها ولسنا بحاجة إلى أن نبرهن ذلك فيستبعد الأب ذلك الشر ويستبدله بما فيه الخير والنفع ومن أفضل القنوات المشهود لها بالخير والدعوة إليه والمحافظة على الآداب الشرعية إلى حد كبير – والكمال لله وحده – قناة المجد الفضائية فهي رائدة في عالم الإعلام الإسلامي الهادف . كذلك يستبدل المجلات الهابطة التي لا نفع فيها ولا فائدة إلا إثارة الغرائز بالمجلات النافعة المفيدة كمجلة الأسرة ومجلة البيان والمجتمع والشقائق وغيرها من الإسلامية ، وهكذا يوجه ما كان سلاحاً ذا حدين إلى ما هو نافع ومفيد كجهاز الحاسب الآلي وشبكة المعلومات الإنترنت فإن فيها من الخير الشيء الكثير كما لا يخفى لكن يحتاج الأمر إلى متابعة وسؤال أهل الخبرة عن طريقة استبعاد مواقع الشر والإباحية وكذلك بالإمكان وضع مكتبة ولو صغيرة في البيت تكون مرجعاً للأسرة تحوي على أنواعا من العلوم في التفسير والحديث والفقه والعقيدة وغيرها من العلوم النافعة الأخرى وفي كل من هذه العلوم ولله الحمد كتب مختصرة يحصل بها تبسيط العلوم .
3 ) ومن طرق السعادة الأسرية إيجاد جو أسري تسوده المحبة والألفة بل والمرح أحياناً.
وهنا نطرح سؤالا: لماذا إذا دخل كثير من الأولاد إلى بيوتهم علتهم موجة من الكآبة والضيق فأصبحوا يصرخون على إخوتهم بغلظة وفظاظة وإذا خرجوا خارج البيت هشوا وبشوا وكأنهم كانوا في سجن ؟!!
لا شك أن مثل هؤلاء قد فقد الجو الأسري الممتع الذي تسوده المحبة والألفة والدعابة أحياناً وهذا منهج نبوي كريم فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداعب الحسن والحسين رضي الله عنهما فيمشي على يديه وركبتيه ويتعلقان به من الجانبين فيمشي بهما ويقول : نعم الجمل جملكما ونعم العِدلان أنتما .
بل أحيانا يكون صلى الله عليه وسلم يخطب فيقبل الحسن والحسين في يمشيان ويتعثران فيقطع حديثه ويحملهما ، وهكذا بالنسبة للأولاد الكبار فإنه يداعبهم بما يناسبهم من القصص والمناقشة والأسئلة والألغاز المفيدة وتخصيص بعض الأيام للاجتماع الأسري الذي تطرح فيه القضايا التي تهم الجميع وما إلى ذلك أو قراءة كتب نافعة ومفيدة ، فيتناقشون فيما بينهم وهذا من أفضل الأساليب وهو ما يجرنا إلى العنصر الرابع وهو :
4 ) فتح قنوات المصارحة والحوار الهادئ بعيدا عن التعنيف والاتهام.
إن قضية المصارحة بين الأولاد ووالديهم لا تحدث إلا بعد سلسلة من الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل وبناء جسور المودة المحبة وإذا وصل الأبوان إلى مرحلة المصارحة فقد فتح لهما فتحاً مبيناً فبالمصارحة يعرف الأبوان ما الذي يهم الأبناء ويتشاركوا معهم في وضع الحلول المناسبة ، وهذا لا يمكن أن يتأتى لأب قد اتخذ من أسلوب الإهانة والسخرية بالأولاد شعارا له .
وأما الحوار الهادئ فهو أنجع سبيل لحل المشاكل فقد الأولاد من الصراخ ورفع الأصوات فهلا استبدلوه بالحوار الهادئ وهذا له فوائد معنوية وصحية أيضا :
1) فهم الموضوع على وجهه الصحيح .
2) وضع الحل المناسب للمشكلة .
3) تعزيز روح الثقة بالنفس وإبداء الرأي عند الأولاد .
4) الأمن من التصرفات الغير محمودة كالضرب للأولاد وطردهم من البيت وربما يكون الأمر أهون من ذلك .
5) البعد عن المشاكل الصحية كارتفاع ضغط الدم والتهاب القولون وغير من الأمراض .
وختاما أيها الإخوة هذا جهد مقل ولا أدعي أني أحطت الموضوع من جميع جوانبه بل هي إشارات أردت منها التنبيه على هذه القضية المهمة التي نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا إليها وإن يسعدنا وإياكم في الدنيا والآخرة وأن نعيش عيش السعداء ونموت موت الشهداء ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
مـــــــــــــــنـــــــــــقـــــــــــــول لــــــــلفــــــــــــــــائـــــــــــــده