فلان_999
12-07-2006, 06:20 PM
اللسان//
إن أقسى ما يمكن أن يؤذي الإنسان به أخيه هو كلمة من فمه ربما قصد بها الإيذاء أو لم يقصد
فاللسان أحر من النار وأمضى من السيف لذلك يجب أن نكون على حذر ونحن نستخدمه لئلا نصيب به ما نندم عليه بعد ذلك
ولأن الإسلام هو دين يدعو لمكارم الأخلاق فقد زاد فيه البيان عن مكارم ومفاسد اللسان بما يتناسب مع حاجة الإنسان لهذا البيان
ففي الحديث الصحيح جاء معاذ بن جبل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم طالبا منه أن يرشده إلى عمل يدخله الجنة ويباعد بينه وبين النار فبعد أن أخبره الرسول بالأعمال قال له ........
ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله ، قال كف عليك هذا وأشار إلى لسانه ، قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم
والله سبحانه وتعالى يهتم بالتنبيه على ذلك ويبين لنا أهمية الكلمة الطيبة ويمثلها بالشجرة الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}
ثم يحذرنا من الكلمة الخبيثة التي تنمو أيضا وتنشر الخبث
{وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }
واهتمام الله بالكلمة التي تخرج من أفواه المؤمنين يتمثل أيضا في أمره للناس بالكلام الطيب ويعلمنا أن ذلك الكلام تعلو منزلته ويصعد إليه
{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ}
ويأمرنا بالإحسان في القول "وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ "، "وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً"،"َوَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً"
والرسول في الحديث الصحيح يقول
َإن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات في الجنة وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً يهوي بها في نار جهنم
ويقول لعقبة بن عامر حين سأله
يا رسول الله ! ما نجاة المؤمن ؟ قال : يا عقبة بن عامر ! أمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك
وفي الحديث الحسن
لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، ولا يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه
إن كل إنسان مسئول مسئولية كاملة عن حواسه وجوارحه وأخطرها اللسان لذلك فعلينا أن نتأكد أن لساننا بريء مما يلوثه ويعرضه لغضب الله وسخطه
فكيف نتجنب تلويث ألسنتنا؟؟؟؟؟؟؟
إن الإنسان عندما يتكلم يصعب عليه أن يحذر الوقوع في المعصية وسوف أذكر هنا بعض المعاصي التي يمكن أن تصيب المتكلم لعلها تكون تذكرة لنا حتى نحرص من الوقوع فيها :
1- الطعن
وهو التشكيك في إنسان آخر بدافع الغيرة والحقد مثل أن يشكك في كلامه أو في استحقاقه للنجاح أو في قدراته الشخصية
2- اللعن
وهو الدعاء على الناس بالطرد من رحمة الله وهو لا يتفق مع سلوك المؤمن الذي جاء ليدعو الناس للهداية وهذا اللعن قد يكون زلة لسان فقط ولكن قد يكون عادة لسان وهذا هو المنهي عنه
3- الفحش في القول
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }
4- بذاءة اللسان
فالرسول يقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
والله سبحانه وتعالى لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم
وفي النقاط الأربعة السابقة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
ليس المؤمن بالطعان ، ولا باللعان ، ولا بالفاحش ، ولا بالبذيء
5- السخرية
الكثير من الناس يتخذ المنهج الساخر دائما متصورا أنه بذلك يحظى بإعجاب الآخرين لقدرته على الاستهزاء بأي موقف أو شخص ولكنه لا ينتبه أنه قد يسخر من إنسان آخر فيسبب له أضرارا نفسية شديدة بهذه السخرية والسخرية قد تكون بالكلام أو بالمحاكاة والإشارة أو حتى بالتبسم أو الضحك
6- اللمز
واللمز إنما يكون بأن تذكر إنسانا بما يعيبه فلا يجب أن تعيب إنسانا بابتلاء ابتلاه الله به
7- التنابذ بالألقاب
وهو أن تنادي إنسانا بلقب يكرهه
والسخرية واللمز والتنابذ بالألقاب يكون الغرض منهم دائما التصغير والتحقير
وقد نهى الله سبحانه وتعالى كل من يفعل ذلك في كتابه الكريم وأمرهم بالتوبة وإلا فأولئك هم الظالمون
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
8- الكذب
والكذب فوق أنه يحط من قدر الإنسان أمام غيره فهو يحط من قدره أمام نفسه وعندما يكذب الإنسان مرة فإن الكذبة الصغيرة تجر كذبة كبيرة فأكبر
والكذب منه الحنث بالوعد وهو من آيات المنافق
ومنه قول الزور وهو من الكبائر فقد قال الرسول :
ألا أخبركم بأكبر الكبائر . قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين . حدثنا مسدد : حدثنا بشر مثله ، وكان متكئا فجلس ، فقال : ألا وقول الزور . فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت
ومنه البهتان وهو أن تنسب لشخص مالم يصدر منه
وهناك التعريض بالكذب بدون تصريح وكلاهما حرام
وهناك الافتراء وهو الادعاء بالباطل ومنه الافتراء على الله (ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا)
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محذرا من الكذب ومن عواقبه:-
إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا وعليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا
9- الظن
من ملوثات الكلام أيضا التصريح بظن السوء كأن يقول شخص أظن فلانا كان يقصد سوءا وهو لا يملك دليلا على ذلك وعلينا أن نلتمس الاعذار ولا نسيء الظن كما أمرنا الرسول في قوله :إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث
وقال عمر بن الخطاب : لا يحل لامرئ مسلم سمع من أخيه كلمة أن يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً
10- الغيبة
والغيبة هي أن تذكر امريء في غيبته بما فيه من الصفات او الأفعال مما يكرهه لو بلغه أنه قيل فيه ذلك والغيبة قد تكون بالتصريح او التعريض ويشترك المستمع الذي رضي بالكلام ولم يستنكره بلسانه أو أضعف الإيمان بقلبه أو وافق عليه ولو بالإيماء أو بالتشجيع على استكمال الحديث في الإثم
وروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : من ذب عن عرض أخيه بالغيب كان حقا على الله أن يعتقه من النار (حديث ضعيف)
وقد نبه القرآن على اجتناب الظن والغيبة في الآية التالية
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
11- الهمز
12- المشي بالنميمة
والهماز هو العياب الذي يذكر الناس دائما بما يعيبهم أما النمام فهو الذي يتكلم بغرض الوقيعة بين الناس وإيغار صدورهم على بعضهم البعض
13- ذو الوجهين
وهذا الإنسان يوافق الخصمين كل على ما يقوله رغم تعارض القولين
ويقول عنه الرسول صلى الله عليه وسلم
تجدون من شر الناس ذا الوجهين . الذي يأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه
14- الغفلة
وهي عدم الاكتراث بالدقة في الكلام مما يؤدي بالمتكلم للوقوع في العديد من الأخطاء
15- المدح :
وكما يقول الإمام الغزالي فيه ضرر على المادح وضرر على الممدوح
فعلى المادح:الإفراط في المدح يؤدي للكذب،الرياء، النفاق،أن ينال غضب الله لو مدح فاسقا
وعلى الممدوح:قد يصيبه المدح بالكبر والعجب وضعف الهمة
16- التنطع
والتنطع هو التكلف في الكلام لإبداء الفصاحة
17- إفشاء الأسرار
ولا يخفى عليكم ما في إفشاء ما دار من حديث بين اثنين من خيانة للأمانة وصدمة تصيب صاحب السر الذي إئتمن صديقه عليه
لذلك يقول الرسول إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة
18-اللدادة في الخصومة
أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم
وهو من تنسيه الخصومة نفسه فيسرف في العناد والغضب والهياج وقد يسيء أو لا يعدل
19- المراء
يقول الرسول
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه
من الصفات المذمومة أيضا التي قد يأتي بها اللسان الجدال والمراء ويتحقق بكثرة الاعتراض على كلام وتصرفات الغير بهدف إظهار العلم والفضل عند نفسه وإظهار نقصهما عند غيره
20- الخوض في الباطل
وكنا نخوض مع الخائضين
( أعظم الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل) (روي مرسلا)
ومن مساويء اللسان أيضا أن يجر الناس للحديث في الباطل مثل الحديث عن أحوال الفنانين والفنانات والراقصات والشائعات والخوض في سيرة النساء بالنسبة للرجال أو سيرة الرجال بالنسبة للنساء
ومنه أيضا الجلوس مع من يخوضون في الباطل كفرا واستهزاءا بآيات الله فنحن مامورون بأن نبتعد عن مجالستهم حتى يخوضوا في حديث غيره
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ
وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
21- كثرة المزاح والضحك
ومن مساويء اللسان أيضا كثرة المزاح بمناسبة وبدون مناسبة ومنهي في المزاح عن الكذب و كثرة الضحك تميت القلب وتسقط المهابة والوقار
22- الكلام فيما لا يعنيك
من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه
فكثرة الكلام قد يوقعني في الأخطاء السابقة لذلك من المفضل أن لا يتكلم الإنسان في كلام لا طائل منه ولا ضرورة ولو سكت عنه لن يأثم
23- الفضل من الكلام
وهو الإطالة فيما يمكن إيصاله بكلمات موجزة
وهذا يسيء إلى صورة صاحبه فيتهمونه بالثرثرة
أخيرا أسأل الله العظيم أن ينقي السنتنا مما يؤذينا او يؤذي غيرنا
منقول للفائده
__________________
إن أقسى ما يمكن أن يؤذي الإنسان به أخيه هو كلمة من فمه ربما قصد بها الإيذاء أو لم يقصد
فاللسان أحر من النار وأمضى من السيف لذلك يجب أن نكون على حذر ونحن نستخدمه لئلا نصيب به ما نندم عليه بعد ذلك
ولأن الإسلام هو دين يدعو لمكارم الأخلاق فقد زاد فيه البيان عن مكارم ومفاسد اللسان بما يتناسب مع حاجة الإنسان لهذا البيان
ففي الحديث الصحيح جاء معاذ بن جبل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم طالبا منه أن يرشده إلى عمل يدخله الجنة ويباعد بينه وبين النار فبعد أن أخبره الرسول بالأعمال قال له ........
ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله ، قال كف عليك هذا وأشار إلى لسانه ، قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم
والله سبحانه وتعالى يهتم بالتنبيه على ذلك ويبين لنا أهمية الكلمة الطيبة ويمثلها بالشجرة الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}
ثم يحذرنا من الكلمة الخبيثة التي تنمو أيضا وتنشر الخبث
{وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }
واهتمام الله بالكلمة التي تخرج من أفواه المؤمنين يتمثل أيضا في أمره للناس بالكلام الطيب ويعلمنا أن ذلك الكلام تعلو منزلته ويصعد إليه
{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ}
ويأمرنا بالإحسان في القول "وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ "، "وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً"،"َوَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً"
والرسول في الحديث الصحيح يقول
َإن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات في الجنة وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً يهوي بها في نار جهنم
ويقول لعقبة بن عامر حين سأله
يا رسول الله ! ما نجاة المؤمن ؟ قال : يا عقبة بن عامر ! أمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك
وفي الحديث الحسن
لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، ولا يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه
إن كل إنسان مسئول مسئولية كاملة عن حواسه وجوارحه وأخطرها اللسان لذلك فعلينا أن نتأكد أن لساننا بريء مما يلوثه ويعرضه لغضب الله وسخطه
فكيف نتجنب تلويث ألسنتنا؟؟؟؟؟؟؟
إن الإنسان عندما يتكلم يصعب عليه أن يحذر الوقوع في المعصية وسوف أذكر هنا بعض المعاصي التي يمكن أن تصيب المتكلم لعلها تكون تذكرة لنا حتى نحرص من الوقوع فيها :
1- الطعن
وهو التشكيك في إنسان آخر بدافع الغيرة والحقد مثل أن يشكك في كلامه أو في استحقاقه للنجاح أو في قدراته الشخصية
2- اللعن
وهو الدعاء على الناس بالطرد من رحمة الله وهو لا يتفق مع سلوك المؤمن الذي جاء ليدعو الناس للهداية وهذا اللعن قد يكون زلة لسان فقط ولكن قد يكون عادة لسان وهذا هو المنهي عنه
3- الفحش في القول
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }
4- بذاءة اللسان
فالرسول يقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
والله سبحانه وتعالى لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم
وفي النقاط الأربعة السابقة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
ليس المؤمن بالطعان ، ولا باللعان ، ولا بالفاحش ، ولا بالبذيء
5- السخرية
الكثير من الناس يتخذ المنهج الساخر دائما متصورا أنه بذلك يحظى بإعجاب الآخرين لقدرته على الاستهزاء بأي موقف أو شخص ولكنه لا ينتبه أنه قد يسخر من إنسان آخر فيسبب له أضرارا نفسية شديدة بهذه السخرية والسخرية قد تكون بالكلام أو بالمحاكاة والإشارة أو حتى بالتبسم أو الضحك
6- اللمز
واللمز إنما يكون بأن تذكر إنسانا بما يعيبه فلا يجب أن تعيب إنسانا بابتلاء ابتلاه الله به
7- التنابذ بالألقاب
وهو أن تنادي إنسانا بلقب يكرهه
والسخرية واللمز والتنابذ بالألقاب يكون الغرض منهم دائما التصغير والتحقير
وقد نهى الله سبحانه وتعالى كل من يفعل ذلك في كتابه الكريم وأمرهم بالتوبة وإلا فأولئك هم الظالمون
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
8- الكذب
والكذب فوق أنه يحط من قدر الإنسان أمام غيره فهو يحط من قدره أمام نفسه وعندما يكذب الإنسان مرة فإن الكذبة الصغيرة تجر كذبة كبيرة فأكبر
والكذب منه الحنث بالوعد وهو من آيات المنافق
ومنه قول الزور وهو من الكبائر فقد قال الرسول :
ألا أخبركم بأكبر الكبائر . قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين . حدثنا مسدد : حدثنا بشر مثله ، وكان متكئا فجلس ، فقال : ألا وقول الزور . فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت
ومنه البهتان وهو أن تنسب لشخص مالم يصدر منه
وهناك التعريض بالكذب بدون تصريح وكلاهما حرام
وهناك الافتراء وهو الادعاء بالباطل ومنه الافتراء على الله (ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا)
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محذرا من الكذب ومن عواقبه:-
إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا وعليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا
9- الظن
من ملوثات الكلام أيضا التصريح بظن السوء كأن يقول شخص أظن فلانا كان يقصد سوءا وهو لا يملك دليلا على ذلك وعلينا أن نلتمس الاعذار ولا نسيء الظن كما أمرنا الرسول في قوله :إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث
وقال عمر بن الخطاب : لا يحل لامرئ مسلم سمع من أخيه كلمة أن يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً
10- الغيبة
والغيبة هي أن تذكر امريء في غيبته بما فيه من الصفات او الأفعال مما يكرهه لو بلغه أنه قيل فيه ذلك والغيبة قد تكون بالتصريح او التعريض ويشترك المستمع الذي رضي بالكلام ولم يستنكره بلسانه أو أضعف الإيمان بقلبه أو وافق عليه ولو بالإيماء أو بالتشجيع على استكمال الحديث في الإثم
وروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : من ذب عن عرض أخيه بالغيب كان حقا على الله أن يعتقه من النار (حديث ضعيف)
وقد نبه القرآن على اجتناب الظن والغيبة في الآية التالية
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
11- الهمز
12- المشي بالنميمة
والهماز هو العياب الذي يذكر الناس دائما بما يعيبهم أما النمام فهو الذي يتكلم بغرض الوقيعة بين الناس وإيغار صدورهم على بعضهم البعض
13- ذو الوجهين
وهذا الإنسان يوافق الخصمين كل على ما يقوله رغم تعارض القولين
ويقول عنه الرسول صلى الله عليه وسلم
تجدون من شر الناس ذا الوجهين . الذي يأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه
14- الغفلة
وهي عدم الاكتراث بالدقة في الكلام مما يؤدي بالمتكلم للوقوع في العديد من الأخطاء
15- المدح :
وكما يقول الإمام الغزالي فيه ضرر على المادح وضرر على الممدوح
فعلى المادح:الإفراط في المدح يؤدي للكذب،الرياء، النفاق،أن ينال غضب الله لو مدح فاسقا
وعلى الممدوح:قد يصيبه المدح بالكبر والعجب وضعف الهمة
16- التنطع
والتنطع هو التكلف في الكلام لإبداء الفصاحة
17- إفشاء الأسرار
ولا يخفى عليكم ما في إفشاء ما دار من حديث بين اثنين من خيانة للأمانة وصدمة تصيب صاحب السر الذي إئتمن صديقه عليه
لذلك يقول الرسول إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة
18-اللدادة في الخصومة
أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم
وهو من تنسيه الخصومة نفسه فيسرف في العناد والغضب والهياج وقد يسيء أو لا يعدل
19- المراء
يقول الرسول
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه
من الصفات المذمومة أيضا التي قد يأتي بها اللسان الجدال والمراء ويتحقق بكثرة الاعتراض على كلام وتصرفات الغير بهدف إظهار العلم والفضل عند نفسه وإظهار نقصهما عند غيره
20- الخوض في الباطل
وكنا نخوض مع الخائضين
( أعظم الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل) (روي مرسلا)
ومن مساويء اللسان أيضا أن يجر الناس للحديث في الباطل مثل الحديث عن أحوال الفنانين والفنانات والراقصات والشائعات والخوض في سيرة النساء بالنسبة للرجال أو سيرة الرجال بالنسبة للنساء
ومنه أيضا الجلوس مع من يخوضون في الباطل كفرا واستهزاءا بآيات الله فنحن مامورون بأن نبتعد عن مجالستهم حتى يخوضوا في حديث غيره
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ
وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
21- كثرة المزاح والضحك
ومن مساويء اللسان أيضا كثرة المزاح بمناسبة وبدون مناسبة ومنهي في المزاح عن الكذب و كثرة الضحك تميت القلب وتسقط المهابة والوقار
22- الكلام فيما لا يعنيك
من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه
فكثرة الكلام قد يوقعني في الأخطاء السابقة لذلك من المفضل أن لا يتكلم الإنسان في كلام لا طائل منه ولا ضرورة ولو سكت عنه لن يأثم
23- الفضل من الكلام
وهو الإطالة فيما يمكن إيصاله بكلمات موجزة
وهذا يسيء إلى صورة صاحبه فيتهمونه بالثرثرة
أخيرا أسأل الله العظيم أن ينقي السنتنا مما يؤذينا او يؤذي غيرنا
منقول للفائده
__________________